القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد نسيم الكل
المجموع : 28
بهر الزمان بمجده وفخاره
بهر الزمان بمجده وفخاره / فالدهر طوع يمينه ويسارهِ
أرياض يا كهف العفاة وذخرهم / ومن استمد الغيث من مدراره
أوليتني العرف الجميل فلذ لي / حلو الثناء عليك في تكراره
جاد الوزير وما مدحت لانني / فرحان بالاحسان أو اكثاره
لكنَّ عِيّاً أن يجود ولم أفه / بمديحه المأثور عن آثاره
وافي الرسول بما منحت فزدتني / شرفاً أرى الجوزاء بعض شعاره
أولانيَ البر الذي أسديته / فحمدت صاحبه ورب نثاره
ولكم جعلت الشعر روضاً يانعاً / كان الثناء عليك بعض ثماره
وأراك كالمأمون عند رحابه ال / علماء والشعراء حول دياره
فليفخر القطر الخصيب بناظر / يربي بحكمته على نظاره
أحييت فيه العلم بعد عفائه / من أرض مصر وكنت من أنصاره
فاسلم على طول الزمان لأمة / ترجوك مثل البدر في إسفاره
يبقى القريض بذكر فضلك خالداً / حتى يعدَّ الدهر من اعماره
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا
أولئك الصيد إن غابوا وإن حضروا / فليس الا عليك المجد يقتصرُ
يا ابن الذين بنوا بالبيض ملكهم / فلا يفاخرهم بالملك مفتخر
قوم تضيئ بنور العدل أوجههم / لولا العقائد قلنا انها سور
مضوا ومن جل ان يُسمى لهم خلف / فالملك ما دام باق ليس يندثر
مملك تاقت الدنيا لرؤيته / كأنه الغيث يستسقى وينتظر
والواضع السيف في جيد وفي عنق / حتى يراق على الأرض الدم الهدر
يوم به خفقت للملك ألوية / بها تلونت الاسوار والجدر
فأحمرٌ قانئٌ او أبيضٌ يققٌ / او اصفرٌ فاقعٌ أو أخضرٌ نِضر
قد قام فيه الى العلياء مقتدر / تجري بما يشتهي الايام والقدر
يا أيها الاصيد المحيي لامته / ذكرا من المجد يطوي الصيد ان ذكروا
لبتك في الحرب آساد دعوتهم / فاقبلوا زُمَرا في إثرها زُمَر
كل يهون عليه بذل مهجته / في كل معترك يودى به الخطر
والحرب قائمة من كل معتقل / سمر الرماح وما في باعه قصر
وللقنابل فوق الخصم معمعة / كانما فوقهم من نارها سقر
والخيل تلعب بالقتلى سنابكها / فهي الصوالج والقتلى لها أكر
والسيف انجع من تأثير موعظة / يوم الضراب لمن لم تنهه العبر
وفيك من شيم ابن الغيل صولته / والبيض مشرعة والسمر تشتجر
وقد رزقت من الرحمن نصرته / في موقف حاطه التأييد والظفر
سعت اليك عتاق الخيل معلمة / تحت الكماة وما في عطفها زَور
فلا برحت مليك الناس قاطبة / يشق هام العدى صمصامك الذكر
عزذَت بك الدولة العظمى بوارجها / فالكاب فالهند فالسودان فالجُزرُ
وكاد تاجك يأبى أن نضارعه / بالشمس لم لم يكن في حجمه صغر
يا سعد قوم قيام حول بهرته / في ظل ملك مديد ليس ينحسر
فيهم وفود ملوك الارض ما لهمُ / الا التعجب من إجلال ما نظروا
يستخبرون عن الدنيا وزينتها / ويسألون من العلياء ما الخبر
تاج قد انبعثت منه أشعته / فكاد يخطف من لألائها البصر
يا حظ عين رأته في توهجه / رأد الضحى وبصيص الدر يزدهر
كأنه وهو مزدان بصاحبه / زهر النجوم تجلى بينها القمر
أراه أولى بوصف فيه أبدعه / لو أدركت وصفه الأوهام والفكر
وكيف يفصح لي وصف لدى ملك / تعشى العيون على تيجانه الدرر
والدير أعجب ما فيه تماوجه / من الشعوب بخلق ليس ينحصر
به المصابيح فوضى في جوانبه / كأنه الافق وهي الأنجم الزُّهرُ
وأنت فيه مهيب القدر مكتنف / بدولة قشعت عن دستها الغِيَر
فكيف تقوى على نطق أساقفة / من الجلا عراها العي والحصر
أذكرتنا من الفاروق ما ذكرت / عدالة بثها في قومه عُمر
علمت قومي فيك المدح فابتكروا / لك المعاني بشعر كله غرر
أحب شعر إلى نفسي وأصدقه / شعر بمدحك في الآفاق منتشر
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار
ما بال دمعك لاهامٍ ولا جار / هل اكتفيت بما في القلب من نارِ
جفت دموعك من عينيك واستترت / فيها لواعج أحزان وأكدار
ضاع الصواب ونفس المرء ساهمة / ما بين أقضية تجري وأقدار
بينا الفتى يطأ النيا بأخمصه / صبحاً اذا هو أمسى رهن أحجار
يا طائر البين لا قرّبت من سكن / ولا هدأت بأفنان وأوكار
نعيت خير فتى كنا نؤمله / يوم الرجاء لاوطان وأوطار
فاخلع علينا جناح منك نلبسه / حزناً على صادق العزمات مغوارد
أودى الهزبر فهل من بعد أسد / عبل الذراعين يحمى حوزة الدار
ليت المنون التي اصمته ما علقت / الا بكل خؤون العهد غدار
فليمرح الذئب ما شاءت مهانته / فقد عفت عنه عين الضيغم الضاري
لا أيَّد اللَه أعداءً أذلهمُ / حتى أقاموا بدار الذل والعار
إن يشمتوا فكؤس الموت دائرة / يأتي على الناس ساقيها بأدوار
يا بائع الصبر ان الناس في جزع / فبع لهم كل مثقال بدينار
لا كان يومٌ دفنَّا عند مغربه / بدر السناء خبا من بعد إسفار
ما زال يدأب حتى خانه قدر / ألقى اليه عصا دأب وتسيار
أبدى الاطباء ما أخفت ضمائرهم / خوف الهلوع وباحوا بعد إضمار
قالوا براه سُرىً أدمى حشاشته / فعاد منه طريحاً نضو أسفار
نعم براه رقيُّ الصعب يوم جرى / يسابق الشمس في بيد وامصار
فلم يجد منبراً الا أسرَّ له / ما بالجوانح من شجو واسرار
ولم يجد معركا الا أناف به / والموت ما بين إقبال وإدبار
وكم تهاون بالأيام تدفعه / الى مواقف أهوال وأخطار
وكم أهاب وكف الدهر صائلة / على العباد بعزم غير خوار
فما تراجع حتى فلَّ مقولُهُ / حسامَ كل عنيد الرأي جبار
له اليراع الذي كانت تجرده / كف الزمان لإيراد وإصدار
خذ عنه رأي بني التاميز فاطبة / محافظين ذوي حقد وأحرار
وسل جراي يخبر أنه قلم / قد كاد يصرعه في كل إنذار
تكفي الشهادة في الدنيا لطالبها / من معشر عرفوه بعد إنكار
فان ضحي ظله أحبت محامدَه / آثارُ ابلج بزّت كلَّ آثار
أعزز على حامليه فوق أعينهم / أن يرجعوا بأكف منه أصفار
كأنما النعش عرش زانه ملك / يمشي الهوينا باجلال وإكبار
كأنما العلم المصريُّ جلله / دم ترقرق فوق المنصل العاري
كأنما الراية الخضراء خافقة / جناح جبريل يغشى صاحب الغار
كأنم ذاك السواد الجون مرتفعاً / سحمٌ من الطير حطت فوق أشجار
كأنما الناس حول النعش مائجة / أمواج مضطرب الآذىّ زخار
فلو يعدون ما أوفى بهم عدد / كصيب القطر لا يحصى بمقدار
كأن أدمعهم تنهل واكفة / تهطال غيث ملث الودق مدرار
كأن أعينهم والحزن يقرحها / من البكاء زناد القادح الواري
كأنما لجب الباكين من هلع / هزيم رعد أجش الصوت هدار
كأنما السهل طرس فيه قد نظمت / من الهموم صفوف مثل أسطار
كأنما الارض قد سدت طرائقها / بالناس من ثابت فيها وسيار
قبر كاملَ بالصحراء وجهتهم / يبدو لهم بين أضواء وأنوار
أم حجرة المصطفى من يثربَ انتقلت / والناس ما بين طوّاف وزوَّار
يا من لبست من العلياء أنفسها / كيف ارتضيت بأسمال وأطمار
وكيف خلفت شوط المجد ينهبه / قوم شأوتهمُ في كل مضمار
وكيف أصحرت في بيداء بلقعة / نزلتها بين إمحال وإقفار
شلت يد الموت ما أقساه مفترساً / أنحي عليك بأنياب وأظفار
إنَّا أمنا من الأيام غائلها / ومن حتوف الليالي خوض اغمار
هيهات يثأر ريب الدهر من أحد / سودَ الثياب ولم تعبأ بأنظار
رأين أنَّ دموع القوم حائلة / فلم يقفن حياءً خلف أستار
وقد ظننت السحاب الجود منهمرا / حتى التفت فكان المدمع الجاري
نم هادئ الطرف واترك كل معضلة / من الأمور لأعوان وأنصار
فقد غرست بوادي النيل نابتة / علمّها كيف تأتينا بأثمار
غادرت أجفانهم مذ غبت ساهدة / كأن أهدابها شدّت بأثمار
كأن صبغ الدجى حبات أفئدة / ذابت لفقدك أو أحداق أبصار
في ذمة اللَه يا من حين أذكره / تجري الدموع دماً في كل تذكار
خذ من رياض القوافي كل عاطرة / تغنى ضريحك عن باقات أزهار
لك الفراديس فانزل من أرائكها / في ظل دانية الاغصان معطار
وقف عليك رثاء لا سواك له / أنت الشريف وهذا دمع مهيار
هو الحب لا تخفى عليك ظواهره
هو الحب لا تخفى عليك ظواهره / شحوب ودمع ما تصان بوادرُه
أحاجيك أيّ العاشقين اذا قضى / عليه الهوى لا تستشف ضمائره
المياء رفقا بالفؤاد فانه / على غصنك المياد رفرف طائره
وفيم التجافي والفتى رق حاله / فلم يدر بعد العذل من هو عاذره
بكيت فلا قلَّ الولوع بمهجتي / ولا هدأت بين الضلوع ثوائره
كأن بعيني عقد دمع منظم / قد انتثرت فوق الخدود جواهره
وأحيى دجى الظلماء قلبيَ وحده / وما معه الا الغرام يسامره
كأن الهوى جمر يسعره القلى / وتلك القلوب الذائبات مجامره
كأن فؤاد الصب من حرّ وجده / تلاشى بخاراً قطرته محاجره
تقصى عن لبيك حتى كأنني / مهين لديها ليس تقضى أوامره
وتنظرني عجلى وفي العين مدمع / تساقط مثل المعصرات مواطره
وأحسن بنا والخد بالخد يلتقى / بخدر رحيب لا يروّع زائره
عدمت الكرى إن لم أفز بخيالها / لديَّ ومسدول من الليل ساتره
وكائن لها من كاس صد جرعتها / وجام دلال لا برحت أعاقره
وقد زعمت أني سلوت ادكارها / فلا أنا مطره ولا انا ذاكره
بنا أنت من محبوبة عبثت / وغالبنا من حبها ما نخاطره
بأنا هواها في حب عذرها / واوقعنا المقدار فيما نحاذره
وكيف يسيغ الهجر قلب كأنه / من الوجد مسحور ولحظك ساحره
سأثني إن أستعصي السلوُّ صبابتي / اليك ويرضيني من الود فاتره
لسرعان ما حنت جوانح مغرم / يساوره جيش الهوى ويغاوره
كأن لم يكن في الحيّ غيرك ظبية / اذا ذكرت آرامه وجآذره
جزتك جوازى الخير لا كان حبنا / ولا عاش إلا أنت للعهد غادره
رويدكِ في غدرٍ عليك ذنوبه / وجهدكِ في وجد عليَّ جرائره
ثَلَثتِ ضياء الأزهرين بمشرق / ينوب مناب الشمس والبدر زاهره
أرى النيل روضاً قد تفتح نوره / فلم يبق إلا أن يغرد شاعره
أعباس يا ابن الاكرمين تحية / لهذا الذي فوق الكماة مغافره
أزرت الحيا مصرا فأخصب جدبها / وكيف ووبل من يمينك ماطره
وضاءت بك الأيام فانجاب ليلها / على أن رأس الليل وحفٌ غدائره
وكيف يرجى الليل بقني سواده / وعند طلوع الشمس تمحى دياجره
تنقلت في السودان كالبدر طالعا / فرقت حواشيه وأورق ناضره
بلاد رأيت العدل مدَّ جناحه / على أهلها والجور شقت مرائره
وجدت بها عهد الطغاة قد انقضى / ومرَّ ولم يذكر من العهد غابره
ذوى ملك عبد الله وانقض رشه / ومن لا يخاف اللَه فاللَه قاهره
زمان تقضى وانتهت / فيا بئس ماضيه ويا نعم حاضره
لأنت الذي لم يعدم النصر في الوغى / اذا احتشدت يوم الطراد عساكره
لهامٌ كأن البرق فوق رؤوسه / اذا لمعت بين العجاج واتره
يصولون والتأييد يلقى جرانه / اليهم ولم يهدأ من النقع ثائره
هو الملك الثبت الذي بات ملكه / على هامة الجوزاء تسمو مفاخره
تبدّى فكل الخلق مغتبط به / وكل لسان ينطق الضاد شاره
ومن ذا الذي يزهى بموكبه الذي / تخف جواريه وتعدو ضوامره
يخوض الوغى برا وبحرا ففلكه / ميامنه والعاديات مياسره
وفوق يباب الارض تعدو جياده / وفوق عباب البحر تجري مواخره
وما فوق وجه الارض إلا بلاده / ولا بين موج البحر إلا جزائره
أقام صوى عدل تألق نوره / ولاحت بأقصى المشرقين منائره
فلا زال في الدنيا مليكاً مؤيداً / تخوض الوغى فرسانه ومساعره
ولا زال يُطرَى من قريحة شاعر / شوارده مشهورة وسوائره
أرى اللآمهات يلمن العذارى
أرى اللآمهات يلمن العذارى / إلى الرجلين عليهن عار
وهذي البنات على ما لهنَّ / احق من الامهات انتصارا
فتربية الطفل من لعبه / تبين وتصدر عنهُ اضطرارا
هي الأم تحنو على بنتها / إلى أن تعد الحنو افتخارا
وما هو إلَّا احتقار لها / ورب افتخار يجر احتقارا
هل البنت تعرف من نفسها / اذا ازيَّنت ان تطيل الازارا
وتحسن في وجهها صبغة / تزيد بها وجنتيها احمرارا
ومن علمَّ البنت وقت الشراب / أن تخلع البنت فيه العذارا
تنادم هذا وتسكر ذاك / وتشرب نخبا على القوام دارا
وتعجب طوراً فتظهر قرطاً / وتفخر حينا فتبدى سوارا
وتخطر لابسة حليها / فآناً لجيناً وآناً نضارا
وتزهى بأصناف تلك الحلىّ / ولو قدرت جعلتها نثارا
ألم تكن الأمُّ أصل البلاءِ / وبئس بلاءٌ يكون اختياىا
ويا آنسات كفاكنَّ زهواً / وأصلحن حالاً تجرُّ البوارا
فان لفى الزهو داءً عضالاً / وإن لفى اللهو جرحاً جبارا
نسيم وأنت الذي لا يجارى
نسيم وأنت الذي لا يجارى / علام بشعرك تطرى العذارى
أراك انتصرت لهنَّ ولو / علمت لكنا أحق انتصارا
ولو كان حد ملامي حادا / فحد انتصارك أمضى شفارا
تقول هي الأُم أصل البلاء / وأي بلاء يكون اختيارا
ولكن هي البنت لا ترعوى / اليَّ اذا رمت منها الوقارا
وكم هددتني بقول صريح / بامر يجر اليَّ الشنارا
اذا لم أتمم لها مقصدا / غدت وهي تضمر في النفس عارا
وما خوف أمٍّ على بنتها / سوى أن تُعِفَّ عليها الأزارا
ومثلك يفهم مغزى كلامي / فأنت الأريب الذي لا يبارى
وكم لطمتني بكف عيانا / وكم قذفتني بهجر جهارا
تتوق الى الزهو توق امرئ / نبته الديار فتاق الديارا
هي البنت تعجب آناً بقرط / وتغضب حيناً فتبكي سوارا
وأية بنت عليها خمار / فقالت لها الأمُّ ألق الخمارا
وأية أمٍّ أباحت لها / من الكاس نخبا على القوم دارا
هي البنت ترنو إلى غيرها / فتأخذ عنها التحلي افتخارا
وما هو إلا احتقار لها / وربّ افتخار يجرّ احتقارا
وتعرف من مثلها صبغة / تزيد بها وجنتيها احمرارا
نسيمُ كفاك انتصارا لهنّ / فلو كنت تدري لعفت العذارى
لست تخشى أن تركب الاخطارا
لست تخشى أن تركب الاخطارا / فقل الحق ما استطعت جهارا
رب قول أحد من حد عضب / يضع الحرب عنده الاوزارا
أمة النيل قد هجاها مريبٍ / بات فيها على الخلائق عارا
ربَّ غاوٍ تلفظ قولاً / عدَّ ما بين قومهِ ثرثارا
كنت يا مصرُ مسكنا لحماة / شابهوا الاسدَ هيبة ووقارا
كان فيك الكماة ينضون للخط / ب حساماً وذابلا خطارا
كنتِ يا مصر موطنا لملوك / بلغوا النجم سؤدداً وفخارا
موطناً كان للمعارف بيتا / مثلما كان للشجاعة دارا
أنت أنجبت للحروب رجالا / قد أبوا فيها ذلةً وانكسارا
وثبوا في الخطوب وثبة قوم / فتحوا بالمهند الاقطارا
واذا هم مشوا على هام صِيدٍ / خففوا الوطءَ عنهم استكبارا
حاش لِلّه لم نكن كقطيع / خشية الموت يرهب الجزارا
لا ولا كان عرض مصر مهانا / بيد الظالمين ليل نهارا
جرعة الموت في صيانة عرض / هي عند المصريّ تحكى العقارا
تلك آثارهُ تدل عليهِ / أنهُ أضخم الورى آثارا
اتقوا اللَه يا غواة قليلا / واخلعوا العار عنكمُ والشنارا
تنسبون المصريّ للعار جهلا / وهو أسمى من العقاب مزارا
جئتمُ داره ضيوفا عراة / فكساكم من الثراءِ دثارا
تنفقون النضارا في طلب الفخ / ر وفي العلم تكنزون النضارا
وأحق الأقوام بالشكر أقوا / مٌ يقيمون للنهى تذكارا
أيها المشتري بهجوك حظا / هجوك القوم قابل استنكارا
نمقِ النثر في مقاصد تجاري / تلف حمد الورى عليك نثارا
وقائلة لك البشرى فقومي
وقائلة لك البشرى فقومي / على الاهرام شنوا كل غاره
فقلت وكيف صاحبها فقالت / أهانوه فقلت كفى بشاره
ألا قل للدعاة قفوا قليلاً
ألا قل للدعاة قفوا قليلاً / فليس أخو الجهالة كالخبير
هُمو جمعوا من البهتان حزباً / فبدَّدَ شمله صدق الأمير
طال السكوت فما لهذا الشاعر
طال السكوت فما لهذا الشاعر / وضع اليراع وماله من عاذر
مرت عليه الحادثات فخالها / في مرها مثل السحاب العابر
يا طائراً في روض شعرك بلبلا / هل سجعة تزرى بسجع الطائر
فاشهر يراعك بعد طول غموده / وافلل به حد الحسام الباتر
واستجل من آيات فكرك غادة / يدعونها في الغيد بنت الخاطر
ماذا ترجى من أديب لم يزل / يحيى لياليهُ بطرف ساهر
أسفاً على ماضي الزمان وخشية / مما يجيء وحسرة في الحاضر
والقوم ليس بهم نصير عندما / تسطو الحوادث كالهزبر الكاسر
فاذا وفيت إلى صديق منهمُ / أخلصت في ود له وسرائر
عد الوفاء ذريعة تبغى بها / ممن صحبت بلوغ حظ وافر
يجفو ويعبس ان قصدت رحابه / متبوئاً منها مكان الزائر
فاذا أفدت لهى يديه بدا به / ملل ينم عن الوداد الفاتر
حتى ينغصك النوال وتبتغي / لو عدت في النعمى بصفقة خاسر
أين الأولى كانوا اذا مدوا يدا / هطلت كشؤبوب السحاب الماطر
هاتيكم الايدي التي لا ينقضى / مدح الأديب لها وشكر الشاكر
درجوا وها أنا بعدهم في معشر / جاروا عليّ مع الزمان الجائر
ان بحت بالشكوى هتكت سريرتي / فيهم ورحت حليف جد عاثر
واذا سكت اكاد أقضي حسرة / من كل همّ في الفؤاد مخامر
واذا عتبت خشيت كسر قلوبهم / عند العتاب وما لها من جابر
ويذود عنهم مقولي بشوارد / في جيدهم كاللؤلؤ المتناثر
ولربما يشكو الحزين فلم ينل / الا الشمات من العدو الكاشر
جيل سواسية وشعب عنده / ان الوفيَّ بعهده كالغادر
ولكم صبرت وللحوادث مرهف / ان سل يوماً فلّ عزم الصابر
يبغون مني أن اثير عزائمي / واهز في كفي يراع الثائر
ليقال احمد يا له من ناظم / جم البيان ويا له من ناثر
ماذا ينسق في زمان لقبوا / فيه الجبان بليث غاب خادر
ودعوا الذي يدري الكتابة فاضلا / وربيب أقلام وخدن محابر
فاذا تعلم بعضٍ ما يرضى النهى / سموه مفضالاً ورب مفاخر
واذا تهدج في الخطابة صوته / سموه منطيقا وحلف منابر
واذا تبين حذقه فخروا به / ودُعي بنابغة الزمان النادر
انظر إلى شعراء قد يدعونهم / في كل ناد بالفضائل عامر
هذا الأمير وذا الكبير وآخر / رب الفصاحة والبيان الساحر
والشعر يبكي عصره مستعدياً / منهم إلى اللَه العزيز القادر
ولغيرهم القاب علم أصبحت / تعلو وتهبط مثل قدح الياسر
والعلم يشهد انهم نقلوا لنا / ما في صحائف كل سفر داثر
وسطوا على ما دونته يد الأولى / كدوا وجدوا في الزمان الغابر
ولمعشر رتب العلاء تظنها / جاءت اليهم كابراً عن كابر
هذا السريّ وذا الوجيه وآخر / رغم الضلال شريف بيت طاهر
والمجد يشهد أنها رتب لهم / فرحوا بها فرح الصغير القاصر
وأجلهم قدراً وأموجهم غنى / ما بين سكير وبين مقامر
وأذلهم ذاك الشريف اذا أتى / يوم الحساب بوجه جان باسر
يعزى إلى بيت النبيّ وحقه / يعزى إلى النمرود أو للسامري
ولقد ترى الألقاب في أسمائهم / مما يكل لها لسان الحاصر
والصحف ما زالت تجود لهم بها / والعقل يرمقها بعين الساخر
فلتتق الرحمن في ألقابها / تلك الكبار وفي الثناء العاطر
كثرت علينا حيث لا تحصى ولا / ندري لها من أول أو آخر
عبَّاد ألقاب اذا هم ازهقوا / من دونها الأرواح ليس بضائر
هم كالممثل في الثياب فسافل / في نفسه ومملك في الظاهر
عمون لا ادعو سواك أخا نهى / ضافى الجلال ورب فضل باهر
حسبي من الحكماء أنك بينهم / ترنو إلى الدنيا بأصدق ناظر
كلمات صدق أشبهت نجم الهدى / ان لاح بين حنادس ودياجر
قد خطها قلمي الضعيف وفاتها / للناشئين منار عصر زاهر
لما بين وعظ للعباد وعبرة / للناس أو مثل شرود سائر
حكم تُبلّ النفس من أدواءها / وتريهمُ حذق الطبيب الماهر
جاءت كما يبغي حجاك لآلئا / أقبلت أهديها لبحر زاخر
فاليك ازجيها فانت كفيلها / وأجلّ مرجو وأفضل ناصر
ذكر الرجال مخلد بفعالهم / والشعر في التاريخ أصدق ذاكر
أرى العلم في صدر الكريم يزينه
أرى العلم في صدر الكريم يزينه / ويحجب في صدر اللئيم ويستر
كمصباح بلّور تشعشع نوره / وآخر من خزف به الضوء أغبر
أيا أمة المجد في الغابر
أيا أمة المجد في الغابر / إلى م خمولك في الحاضر
وما كان يعزى اليك الخمو / ل ولا كان يخطر بالخاطر
منيت بناس أرى ذكرهم / يعد شناراً على الذاكر
فمن خائن يستحق الردى / اذا عاقبوه ومن غادر
وكل طموح إلى غاية / تراقب بالقلب والناظر
قعدت وما فيك من ناهض / ونمت وما فيك من ساهر
أرى الشرق يرجو شفاء له / وما فيه من نطس ماهر
أزيحوا الغشاوة عن عينه / فليس له اليوم من عاذر
مشى الغرب يختال في برده / ويسحب ذيل فتى قادر
يجود الفرنج لأبنائه / بجود كصوب الحيا ماطر
وأدناهمُ مثل أعلاهمُ / وأولهم فيه كالآخر
فيا غرب مالك من خاذل / ويا شرق مالك من ناصر
تمر الحوادث لا نرعوى / ولا تسمع الاذن للزاجر
وكم فيك يا شرق من كاتب / أراك الرشاد ومن شاعر
إلى م تغرُّ بدنيا عفت / وتخنع للزمن الجائر
كأنا نيامٌ وأحداثه / تمرّ كطيف له زائر
لقد كنت يا مصر فيما مضى / مدرّبة البطل الثائر
وكم من عرين غداة الوغى / يصان بليث به خادر
لقد أخذوك على غرة / فسرت بخد لهم صاغر
ولما رأيت العدى حلقوا / رجعت إلى صفقة الخاسر
وضلَّ زعيمك من جهله / فطوّح بالبلد الزاهر
وسار المهاجم في سيره / وحلق في الجو كالطائر
أرى الدهر في الشرق من عجبه / غدا واقفاً وقفة الحائر
ترى أمةً بين أجنادها / تصول بعضب لها باتر
وتحمي البلاد بأنيابها / وتزأر كالاسد الكاسر
وتقهر بالعلم اعداءها / وليس سوى العلم من قاهر
وهامدة قد ضحى ظلها / وأخرى مشت مشية العاثر
ورازحة تحت اثقالها / تنوح على سؤدد داثر
بنى مصر لا تقطعوا ودها / مقاطعة الصب بالهاجر
ولا تكسروا بالأذى قلبها / فما للزجاجة من جابر
وحضوا على العلم ابناءها / فليس لها العلم بالضائر
وأن كتاباً يضم النهى / لأرخصُ من خرمة العاصر
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا / أدار هوى بين الجوانح مضمرا
فؤاد جوىّ كلما هبت الصبا / تذكر من ماضي ما تذكرا
ولم أنس يوم البين وقفة نازح / عن الدار غطى وجهه وتأزرا
ولم ألق كالأحداج يوم وداعه / بعينيَّ لولا البين احسن منظرا
صفوف صفوف من جمال واينق / يمالئن قوماً دارعين وحسرا
غرام تلظى بي فاذرف عبرتي / وما خلتها لولاه ان تتحدرا
حببتك دنيا القلب والحب جذوة / اذا لمست جلمود صخر تسعرا
تعرض لي قوم يقولون قد اتى / بشعر جرير لائما ومعيرا
فهاتوا جريراً ثم ثوبوا الى الهدى / ولِلّه في الغفران ان يتخيرا
ارى الحسد المطويّ يملى عليكمُ / اذا كنت في سوق التفاضل اشعرا
وحسبي فخاراً ان أقاس بمفلق / رقى بين مداح الخلائف منبرا
عهدتكمُ ادنى البرية محتدا / واخبث خلق اللَه نفساً وعنصرا
فلا تبتغوا شأوى فلست بمدرك / ولا تحرجوا في الخيس اغلب قسورا
وفيم ملامي رهط ديني ومعشري / اذا قلت جاء الشيخ إدّا ومنكرا
ترامى إلى حب الكعاب ضلالة / فيا ليته قبل الضلال تبصرا
ومن غيه والغيّ أخشن مركبا / يرى فرعه اسمى قبيلا ومعشرا
افق يا ابن يسى من ضلالك في الهوى / فمثلك احرى ان يفيق فيبصرا
رآك ابوها ارذل القوم عنده / واسقط نفساً في العباد واحقرا
فخلت الهدايا تسترق فؤاده / فارسلت تهديها السوار المجوهرا
ولم ينهك الاعراض حتى كسوتها / رداء من الخز النفيس محبرا
ولست وايم اللَه كفؤاً لمثلها / ولو بت أغنى العالمين وايسرا
ولست الذي يرضى لؤياً وغالبا / ولو فات كسرى في الفخار وقيصرا
ركبت المخازي وامتطيت متونها / وقد كنت أدرى بالمآل وأخبرا
ذممت حماة الدين والشرع بعدما / أذاقوك سما رغم انفك ممقرا
ومن يذمم الشرع الحنيف وقومه / فقد ذم طه والكتاب المطهرا
خرقت سياج الطهر وهو ممنع / وجست فناء بالعفاف مسورا
لأنت الذي سودت للفضل وجهه / وقد كان قبل اليوم أبيض أزهرا
وأنت الذي يأباه دين محمد / ولم يرضه عيسى اذا ما تنصرا
أيهذا الخزان نلت الفخارا
أيهذا الخزان نلت الفخارا / وكساك الذي بناك الوقارا
هذه مصر ترتجيك زمانا / فقدت أرضها بهِ الامطارا
يذهل الفكر في مبانيك رغما / وتروق العيون والابصارا
قد تركت الثرى خصيباً وبالما / ء ملأت الفجاج والاقطارا
ليس بدعا اذا أسلتَ لجينا / بدل الماءِ أو اسلت نضارا
أمة المجد شيدتك بقطر / بلغت في احتلاله الاوطارا
وأحق الاقوام بالمدح قوم / ركبوا في سبيلها الاخطارا
فخليق لمثل مصر بان تع / جب حتى تفاخر الامصارا
أولاة الزمان هبوا قليلا / إن في رقدة الخمول لعارا
فالعظيم الذي يحاول بالج / د جلالاً وعزَّة واقتدارا
والذي لو توعد الشمس ادجت / وإذا هدد العرمرم غارا
والذي ان تبوأ الملك يختا / لُ بعصر يفاخر الاعصارا
حتام هذا الجؤذر
حتام هذا الجؤذر / يجفو المحب ويهجر
رشأ أسيل خده / أحوى المباسم احور
ومن العجائب شادن / يعنو لديه القسور
يا أخت مقتحم الوغى / يعلوه نقع اكدر
هل تنعمين بزروة / فيها يعف المئزر
او ترفقين بمهجة / بين الجوانح تصهر
ارجو نداك وبالندى / رب الاريكة اجدر
سمح كأن يمينه / في الجود غيث ممطر
وكأن عيد جلوسه / للناس عيد أكبر
عيد العزيز ومن به / آي الثناء تحبر
قد قلَّ عنه تبع / في مجده والمنذر
شمل الجناة بعفوه / والعفو حظ اوفر
أمنوا الشقاء فكلهم / يطرى الامير ويشكر
لا غرو فهو مملك / يمحو الذنوب ويغفر
طلق اليدين كانه / يوم الرغائب جعفر
وضح الجبين كأنه / قمر تألق مبدر
في موكب تخذ السهى / أرضاً عليها يعبر
ضخم الجلال كأنما / كسرى به أو قيصر
حفت بموكبه فوا / رس دارعون وحسر
مثل السيول اذا جرت / من شاهق تتحدر
وترى العتاق كأنها / ظبيات قاع ضمر
تطوى السهوب وخلفها / ريح الصبا تستحسر
نهد أغر وأدهم / يطأ الهواء وأشقر
ركب يتوق لمثله / رمسيس والاسكندر
عيد ابان لخاطري / كيف الخيال يصور
فالازبكية حولها / سُرُج تنير وتزهر
روض اضاء كأنه / فلك منير مقمر
فكأنما هو جنة ال / فردوس اوهو انضر
فيه الحمائم جثم / تخشى المصاد وتحذر
رأت الضياء كأنه / صبح تلألأ مسفر
فتنبهت بعد الكرى / بين الارائك تهدر
ترجو الهجوع بأيكها / فيروعها من يزجر
وترى البيارق تارة / تطوى وطورا تنشر
فكأنما هي أعقب / قد رفرفت أو أنسر
وترى المشاعل تلتوى / مثل الاسنة تشهر
أو كالاراقم سربت / من وكرها تتسور
رقش تثور وما بها / الا اللظى المتسعر
متها الكواكب طلع / آنا وآنا غوّر
يغشو الغريب لضوءها / والطارق المتنور
يقق يروق وازرق / صافي الاديم واصفر
او احمر متوهج / يطفو عليه الاخضر
فكأنما هي جوهر / في نثرها متخير
وكأنها صوب الحيا / في قطره او أغزر
وترى الظلام كراهب / في برده يتعثر
او بنت حام فوقها / أبهى اللآلئ ينثر
ماذا اقول ووصفها / عنه البلاغة تقصر
واريكة يشدو بها / حلو الضروب مؤثر
فكأنما هو واعظ / وكأنما هي منبر
شاد يداعب عوده / ويُسِرّه ما يضمر
وذوى غرام حوله / مثلَ العرمرم يزخر
من كل ذي شغف على / مضض الهوى لا يصبر
او عاشق يشكو الجوى / او وامق يتذكر
يا عيد اسعد شاعراً / بجلال قدرك يشعر
لا زال ربك سيداً / ينهى العباد ويامر
هتكت من الغيد اخدارها
هتكت من الغيد اخدارها / ومزقت بالهتك أستارها
وكانت عرى الطهر معقودة / ففكك جهلك أزرارها
نبذت الفضيلة نبذ النوى / وعفّيت في القوم آثارها
بنيت الاماني على غرة / وقد قوض الدهر أسوارها
ذهبت ولكن الى هضبة / سلكت الى البغي أوعارها
قريب مزار الشريفة لكن / لمن غرّروها فيا دارها
فلا تشرئب الى نيلها / وتنسى من الغي أخطارها
صغرت لدى أمة خنتها / وسائل اذا شئت خمارها
ودنست انساب اهلى العلى / ولوثت بالفحش أخيارها
اجدك لا تك دون الورى / جحود العوارف كفّارها
نظيرك لا يرتجى للبلاد / ولو بات ميتاً لما ضارها
ومن كان انجس ذيلاً عليها / فكيف يطهر اوضارها
وكيف يقابل يوم المعاد / اله البرايا وجبارها
وكيف يقابل في خزيه / رسول العباد ومختارها
غداة يقاد الى حفرة / يؤجج خزّانها نارها
فيختلس اللمح من مقلة / تغض على الذل أشفارها
فليت المنون لك استجمعت / وقد أنشبت فيك اظفارها
هجوت الشريعة في حكمها / وهددت بالعزل احبارها
فحتى م ترمي الشريعة جهلا / ومثلك يجهل اسفارها
وحتى م تجرع للطيش كأسا / تسوّغ للشَّرب اكدارها
وحتى م تصبو الى ذلة / وتكسب نفسك إصغارها
وفيك الكفاءة معدومة / فخل المعالي واصهارها
وبشر صديقك من لم يجرب / مراس الخطوب وأضرارها
يحاول اخفاء آثامه / ونحن نحاول اظهارها
رويدك ان بها شاعراً / حليف القوافي ومكثارها
اذا قال ارهف صمصامها / وثقف بالجزل خطارها
فيا قوم هبوا معي هبة / لنقضيَ للنفس اوطارها
ونثأر بالشعر من عصبة / تشد على الشر أكوارها
لقد أصبحت أحقر من عليها
لقد أصبحت أحقر من عليها / فلا تطمح الى الشرف الخطيرِ
اذا ذَكرت قريش في المعالي / فلا في العير انت ولا النفير
هل ذاك ليل مقمرُ
هل ذاك ليل مقمرُ / أم وجه ليلى مسفرُ
وقوام بان مائس / أم قدها متبخترُ
هي ظبية لكنها / لمحبها تتنمرُ
وهي التي قد غادرت / عقلى يغيب ويحضر
والوجد هتاك الفتى / لكنني متستر
وكأن قلبي منزل / بسوى الهوى لا يعمر
يهوى بمصر ظباءها / ويحب من يتمصر
قل للتي مرت على / قدم الشبيبة تخطر
لو قدمت نحوي الهوى / فالقلب لا يتأخر
يا اخت مقتحم الوغى / وبه العجاج الاكدر
القلب فيك متيم / وبأن يساعد اجدر
انا والهوى كلف الى / وصف الكواعب اصور
فانظر تجد قبعاته / ن على الخمائل تؤثر
فالورد زاه فوقها / وسط الكمائم أحمر
والزهر أبيض ناصع / فيها وآخر أصفر
والياسمين زها بها / وكذلك النيلوفر
فكأنها روض على / وشى الغدائر مزهر
والريش ما بين الزهو / ر معسجد ومعصفر
فكأن طيراً فوقها / تطوى الجناح وتنشر
والقرط في آذانه / ن مذهب ومجوهر
كالقلب في خفقانه / لكنه لا يشعر
وحواجب من فوقها / يزهو الجبين الازهر
وعيونهن نواعس ترمي / الخلى فيسهر
ولها فعال في الحشا / فوق الذي يتصور
وخدودهن بها لظى / في مهجتي يتسعر
لو كان من ورد الخدو / د طلا فمنها يعصر
وقناعهن مثقب / والوشي فيه مشجر
فكأنه شرك به / من كل خود جؤذر
والجيد فيه قلائد / فوضي جلاها الجوهر
فكأنها في نظمها / عبرات عين تنثر
وخصورهن تدق عن / درك العيون وتصغر
والبند يحكى خاتما / والخصر فيه الخنصر
روحي فداءُ خريدة / في الحسن رئم أحور
فتانة من دونها / سمر القنا تتكسر
والاسد حول كناسها / ربضت وباتت تزأر
لم أنس يوم فراقها / يا ليتها تتذكر
في ليلة كنا بها / نبدي الغرام ونضمر
ولنا الجزيرة قد خلت / أنا والغزال الاعفر
والنيل يجري هادئاً / حينا وحينا يزخرُ
فكأنني في جنة / قد فاض فيها الكوثر
ولقد نسيت بقربها / دهري ومثلي يعذر
وصفا الزمان مع التي / هي كالهلال وأبهر
حتى رأت بين الدجى / شبحاً يغيب ويظهر
قالت رقيب مختف / او صاحب متنكر
وبدت تودعني وفي / اذيالها تتعثر
ونأت بها دراجة / لمثال ذلك تدخر
دراجة من حسنها / فيها السراج ينورُ
كالنجم يسطع في الظلا / م ومن بعيد يبصر
تعدو فلم يسمع لها / الا نفير يزمر
فكأنها في عدوها / طير يطير ويصفر
لا تشتكي ظمأ بها / ابداً ولا تتضور
جوالة من خلفها / ريح الصبا تستحسر
سيارة عن سبقها / تعيي العتاق الضمر
واذا تقضى منظر / لم يبق الا مخبر
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا
طلع الهلال فأنجدوا وأغاروا / وبدا النبيّ فكبر الانصار
القوا عصا التسيار حيث تبلجت / للمهتدين وللهدى أنوار
يا أسعد الايام فيك تثبتت / للمصطفى قدم وقر قرار
فيك اطمأَن على الهداية معشر / درجوا على نهج الرشاد وساروا
وأقيم للدين الحنيف دعائم / فيها من الشم الطوال وقار
انا نطالع غرة ميمونة / لك تجتلي أنوارها الاقطار
فانشر صحيفتك الجريرة علها / تنبي بما أوحى به المقدار
يا عام ان قدومك استبشار / ألديك عما نبتغي اسرار
خبر بما تدري فان قلوبنا / ظمآى الى يوم الجلاء حرار
خبر بما تدري لعلك ذاكر / أملا تنال بذكره الاوطار
انظر الى هذي الخلائق نظرة / تنبئك كيف تجمع الاحرار
اليوم تجمعنا المآرب والمنى / ويحفنا الاجلال والاكبار
جادت بلاديَ بالرفاهة ديمة / وهمي عليها بالعلي مدرار
نعم الشعور ونعم ود خالص / هو للرجال المخلصين شعار
مرت بنا السنوات حالكة الدجى / حتى جلاها منكم الاسفار
فطلعتمُ والخطب ساج ليله / متهللين كأنكم اقمار
بكم الدهور تفاخرت وبمثلكم / تزهى الدهور وتعجب الاعصار
ذودوا عن الدار التي تحويكم / جدرانها حتى تصان الدار
وابنوا الرجال على أشم موطد / يبقى البناءُ وتحمد الآثار
اليوم نغرس كل غرس يانع / يرجي له الافراخ والاثمار
لا تكتموا بين الجوانح مبدأ / أحرى به الاعلان لا الاسرار
أسمى المبادئ ما تبلج نوره / كالصبح لا شك ولا انكار
ايا كمُ كيد العدو فانه / مذق اللسان مذبذب خوار
ما انفك يبغي ان يشتت شملكم / غاو مضل مارق غدار
لا تتركوه على الضلال فبئسما / شاعت بسيء ذكره الاخبار
ما زال يبتدع الصغائر ضلة / حتى احتوته مذلة وصغار
ان المهانة في الحياة جزاؤه / وعقابه بعد الممات النار
فليحذر السرحان في غلوائه / من ان يثور الضيغم الهصار
وعليكم الانحاء يوم حسابه / وعليَّ يوم هجائه الاشعار
واذا نكثت ولم أقم بهجائه / باتت مطلقة لدي نوار
ما للعداة تجول في طغيانها / جول السكيت اذا خلال المضمار
عابوا علينا ان نناضل وافتروا / انا على الوطن المحبب عار
قالوا لكم حزب عرته هزة / أخذت لها اركانه تنهار
اللَه لو نظروا القضاء يصونه / بيمينه وتحوطه الاقدار
ما كانت الغوغاء من أعوانه / كلا ولا عبثت به الاغمار
هي امة رجت المعاليَ فانبرى / منها صغار للعلى وكبار
عجزوا فقالوا أزمة نزلت بنا / فتساقطت نوب وحل دمار
وتقولوا أنا نحاول ثورة / تهتز فيها للسيوف شفار
قالوا سخرتم بالصليب وخنتمُ / عهد الجوار فليس ثم جوار
قالوا دعوتم للتعصب دعوة / هلعت لهول سماعها الامصار
قالوا نهضتم نهضة قال الورى / فيها أتلكم نهضة أم ثار
قالوا نكثتم بالامير وانه / خير امرئ يرعى لديه ذمار
قالوا وقالوا كل شيءٍ مفترى / املت به الاحقاد والاوغار
حتى لقد صرنا مظنة كيدهم / ان كان يكو بالامير قطار
وهو الذي تثب القلوب لصونه / وتجله الاسماع والابصار
قد صورونا للاجانب صورة / إما بدت تقذي لها الانظار
قد صورونا جحفلا متأهباً / في إثره الاهوال والاخطار
قد مثلونا في التعصب مثلما / قد شاءت الآثام والاوزار
كذب قد ابتدعوه حتى مالهم / في مصر الا الكيد والاضرار
بان الضلال من الهدى وبدا لنا / في منهج الحق القويم منار
يا أمة ثبتت على كيد العدى / لا تجزعي ان الثبات فخار
سيري الى طلب الجلاء ولا تني / نمنح من العلياء ما نختار
أفريد لا تخذل بلادك بعدما / جمعت لديك اولئك الانصار
هذي الشبيبة قل لها لا تحجمي / ما في ثبات المقدمين شنار
لك من يراع الكاتبين صوارم / ولديك منهم جحفل جرار
ترمي العداة اليك سهم سمومها / ويذود عنك الواحد القهار
دعهم كما شاؤوا ليوم حسابهم / فلهم كما شاء الهوى اطوار
إنا قد اخترناك خير مدافع / يرضى به الرحمن والمختار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار
يا نازل السجن محفوفاً باكبار / هون عليك فما في السجن من عار
ما أنت بالمرء يأبى سجنه وجلا / أو يرهب الموت أو يخشى الردى الجاري
اذا الفتى منح الاوطان مهجته / اذابها بين اهوال واخطار
يا منقذ الشعب من نار مسعرة / من يمسس النار لا ينجو من النار
ان يحجوك فان الشمس ما حجبت / في السحب الا وعادت ذات انوار
أو يحبسوك فما راعوا ولا حبسوا / من القلوب شعور النشأة الساري
او يشمتوا فصروف الدهر سائرة / يأتي على الناس ساقيها بادوار
كل من الخلق في اطوار عيشته / رهن لأقضية تجري وأقدار
نرضى بسجنك ان هم سلموا جدلا / أن الائمة كانوا غير احرار
لأنت في السجن كالصدّيق مختفياً / خوف العداة وقد آذوه في الغار
عبد العزيز ولا ادعو سوى يقظ / ما زال أسبقهم في كل مضمار
الشعب خلفك مدفوع بغيرته / كما تدفع تيار بتيار
فاصبر على السجن لا سارت ركائبه / اليك فاللَه يجزي كل صبار

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025