المجموع : 13
واحَرَبا في الثُّغور من بلدٍ
واحَرَبا في الثُّغور من بلدٍ / يضحك حُسْناً كأَنه ثَغَرُ
ترى قصوراً كأَنها بِيَعٌ / ناطقة في خِلالها الصُّورُ
هالات طاقاتِهن آهلةٌ / يَبْسِم في كلّ هالةٍ قمرُ
سَوافرٌ كلّما شَعَرْنَ بنا / بَرْقَعهنّ الحَياءُ والخَفَرُ
مِن كلّ وجهٍ كأَنّ صورتَه / بدرٌ ولكنّ ليلَه شَعَرُ
فهو إِذا ما السُلُوّ حاربَهُ / كان لتلك الضفائِر الظَفَرُ
فيا عَذولي فيهن دعْ كَلَفي / وانظر إِلى الشمس هل لها طُررُ
وكُنْ مُعيني على ذوي خُدَعٍ / إِن سالم القلبُ حارب النظرُ
سِرْتُ وخَلَّفْتُ في ديارهُمُ / قلباً تمنّيت أَنَّهُ بصرُ
ولم أَزل أَغْبَطُ المُقيمَ بها / للقرب حتى غَبِطَت مَن أُسِروا
كم بالكنائِس مِنْ مُبَتَّلَةٍ
كم بالكنائِس مِنْ مُبَتَّلَةٍ / مثل المَهاةِ يَزينُها الخَفَرُ
مِنْ كلِّ ساجدةٍ لصورتها / لو أَنصفت سجدتْ لها الصُوَر
قدّيسَةٌ في حبل عاتقها / طولٌ وفي زُنّارها قِصَر
غَرَسَ الحياءُ بصحن وَجْنَتِها / وَرْداً سقى أَغصانه النَّظرُ
وتكلّمت عنها الجُفون فلوْ / حاورتَها لأَجابك الحَوَر
وحَكَتْ مدارِعُها غدائرَها / فأَراك ضعفيْ ليلةٍ قمرُ
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري / وفي سبيل الهوي ما شابَ من شَعَري
طال الوُقوف على ضَحْضاحِ نائلكم / وغُلَّة الصّدر بين الوِرد والصَّدرِ
كم قد أَماتَ الهوى شوقي وأَنشره / عن يأْس منتظِرٍ أضو وعد منتظَر
بمُهْجتي وبصَحْبي كلُّ آنسةٍ / تبيت نافرةً منّي ومِنْ نَفَري
أَما ترى سُنَّةَ الأَقمار مُشْرقةً / في لِمَّتي فبياض الليل للقمر
هَبْني أُخلِّصُ جسمي من مُعَذِّبه / فمن يخلّص قلبي من يَدَيْ نظري
فيا نسيم الخُزامى هُبَّ لي سَحَراً / لعلَّ نَشْرك مَطْوِيٌّ على خَبَر
واحذر لسان دُموعي أَنْ تَنِمَّ به / فإِنَّ سرّيَ من دمعي على خَطَر
أَما وكأْسٍ تَشِفُّ عن ثَغَرِ
أَما وكأْسٍ تَشِفُّ عن ثَغَرِ / يَبْسِمُ عُجْباً بوَرْدَتَيْ خَفَرِ
يحميهما صارمٌ مضاربهُ / مِنْ كَحَلٍ والفِرَنْدُ مِنْ حَوَرِ
لقد عصيتُ المَلام في رشإٍ / مَلَّكَه القلبَ طاعةُ البصر
تُنافِسُ الخيزُرانَ قامَتُهُ / ليناً ولوناً في اللّمس والنظر
دِقّةُ كَشْحٍ وبَرْدُ مُرْتَشَفٍ / فوا غرامي بالخَصْر والخَصَرِ
وذي سهام تُصْمي بغير يدٍ / على قِسِيٍّ ترمي بلا وَتَرِ
وكيف تُخْطى القلوبَ مُرهَفةٌ / تُراش بين القضاءِ والقَدَرِ
نوافذٌ تُنْهِر الفُتوقَ دماً / ولا تَرى للجراح مِن أَثرِ
يا مُسْهِري واصِلاً ومُجْتَنِباً / والصبُّ ما بين ليلتيْ سَهَر
إِذْ لا ترى العين فرقَ بينِهما / إِلاّ بطُول السُّهادِ والقِصر
لا عَذَلٌ فيك بات لي سَمَراً / يا حبَّذا العذْلُ فيك من سَمَر
عن خاطري نبأ الخيالِ الخاطرِ
عن خاطري نبأ الخيالِ الخاطرِ / فأعجب لزورةِ واصلٍ من هاجرِ
لم يعْدُ أَنْ جعل الرُّقاد وسيلةً / فأَتى الجوانحَ من سَواد النّاظر
ولقد علمتُ على تباريح الجوى / أَنّ السُّلُوَّ خرابُ قلبٍ عامر
وإِذا استقلّ عن الفؤاد قطينهُ / لم يبق منه سوى محلٍ داثر
أَرضى اليسيرَ وما رِضاكَ يَسيرُ
أَرضى اليسيرَ وما رِضاكَ يَسيرُ / أَنا في الهوى غِرٌّ وأَنت غريرُ
ولو اقتصرت على حُشاشة مُغْرمٍ / وافاك من مأْسورك الميسور
ما أَذعنتْ لك في فؤادي طاعةٌ / إِلاّ وأَنتَ على القلوب أَمير
ضمنتْ ثناياك العذابُ مَخافتي / فهل الثّغور الضاحكات ثُغور
يا هندُ مَنْ لأخي غرامٍ ما جرى
يا هندُ مَنْ لأخي غرامٍ ما جرى / بَرْقُ الثّغور لطرفه إِلاّ جرى
أَبكته شَيْبتُه وهل من عارضٍ / شِمْتُ البوارقَ فيه إِلاّ أَمطرا
لا تنكري وَضَحاً لَبِسْتُ قتيرَه / رَكْضُ الزمان أَثار العِثْيَرا
أَتراك عن وَتْرٍ وعن وَتَرِ
أَتراك عن وَتْرٍ وعن وَتَرِ / ترمي القلوبَ بأَسهم النظرِ
كيف السبيلُ إِلى طِلاب دمي / والثأْر عند معاقل الحَوَر
هي وَقعة الحَدَق المِراض فمِن / جُرحٍ جبارٍ أَو دمٍ هَدِر
تمضي العزائِم حيث لا وَزَر / وَتُفَلُّ دون معاقِد الأُزَُر
يا صاحِ راجعْ نظرةً أَمماً / فقدِ اتّهمت على المها بصري
بكَرتْ تطاعننا لواحظُها / فتنوب أَعيننا عن الثُّغَرِ
وتُرِي مباسمها معاصمها / مَجْلُوَّةً في لؤلؤ الثَّغَرِ
لا لائم العشّاق إِنَّهمُ / لَيَرَوْن ذنبك غيرَ مُغتفَر
أَوما علمتَ بأَنها صور / جادتْ بأَنفسها على الصُّور
ومُدامة كالنار مطفِئها / غرضٌ لها ترميه بالشَّرر
يجري الحَباب على جاجتها / والتّبرُ خيْرُ مراكبِ الدُّرَر
كالجمر تلفح كف حاملها / فتظنُّه منها على خطر
والكأْس والساقي إِذا اقترنا / فانظر إلى المرّيخ والقمر
عَذَلا على طربي بجائرةٍ / لولا مجير الدين لم تَجُر
إِلاّ يكنْ قد هَوِيتُه بشراً
إِلاّ يكنْ قد هَوِيتُه بشراً / فإِنّه فتنةٌ على البشرِ
واحَرَبا من بياض وَجْنته / تراكضتْ فيه ظُلْمَةُ الشَّعَرِ
حين تبدّى سَوادُ عارضه / كما تبدّى الكسوفُ بالقمر
أَين مضاءُ الصّارمِ الباتِر
أَين مضاءُ الصّارمِ الباتِر / من لحظاتِ الفاتن الفاتِر
وأَين ما يُؤْثَر عن بابلٍ / مِنْ فعلِ هذا الناظر الساحر
ظبْيٌ إِذا لوّح منه الهوى / بواصلٍ صرّح عن هاجر
يوهمني في قوله باطناً / والحُكْم محمولٌ على الظاهر
نام وأَغرى الوجدَ بي فانظُروا / ما أَولعَ النائمَ بالسّاهرِ
ثم اغتدى يقنِصُني نافراً / يا عَجَباً لِلْقانص النّافر
عاتبتُه في عَبْرتي زاجراً / خوفاً على الأَسرار زاجر
فاعتذرَتْ عيني إِلى عينِه / معذرَة الوافي إِلى الغادر
أَضنى الهوى قلبي ليطوي به / مسافةَ البيْنِ على ضامر
وطار فانقضّ عليه الجوى / بكاسِر الجفن على كاسر
وقهوةٍ تحسب كاساتِها / كواكباً في فلك دائِر
رَعَتْ بها لَيْلَ الهوى فانجلى / عن شمس هذا الزّمن الناضر
وأَبعَدَ الأَخْطارَ تقريبُها / مؤيَّدَ الدُّوْلةِ من خاطري
كيف قلتُمْ ما عندَ عينيْه ثارُ
كيف قلتُمْ ما عندَ عينيْه ثارُ / وبخدَّيْه من دمي آثارُ
لو شهدتم إِعْراضَه وخُضوعي / لم يكنْ في قضيّتي إِنكار
يا لَقومي وكيف تُنْكر قتلي / لَحَظاتٌ جُحودُها إِقرار
إِن تطلّبتُمُ من الطرْف / والوجْنة عُذري ففيهما أَعذار
أضو سأَلتُمْ أَيُّ البديعيْن أَذْكى / جُلَّ ناري فذلك الجُلَّنار
ما أَراني ليلي بغير نهارٍ / غيرُ ليلٍ يلوح فيه نهارُ
زاد إِراقُ وجهه بين صُدغيْه / وفي الليل تُشْرق الأَقمار
لا تسلْني عن الهوى فهو في / الأَجفان ماءٌ وفي الجوانح نار
ويظنّ العذولُ أَنّ مشيبي / ضاحكٌ عنه لِمَّةٌ وعِذار
لم أَشِب غير أَنّ نار فؤادي / أُلهبت فاعتلى الدُّخان شرارُ
إِنّ الأُلى جمعتْهُمْ والنَّوى دارُ
إِنّ الأُلى جمعتْهُمْ والنَّوى دارُ / جارُوا فهل أَنت لي من ظلمهم جارُ
ساروا على أَنهم قرباً كبعدهم / فما أُبالي أَقام الحيُّ أَم سارُوا
عندي على الوجد فيهم كلُّ لائمةٍ / وعندهم للهوى العُذرِيِّ أَعذارُ
ففي الصُّدور صَباباتٌ وَمَوْجِدَةٌ / وفي الخُدور لُباناتٌ وأَوطار
قد أَنكر الناس من دمعي ومن حُرَقي / هوىً تهادَن فيه الماءُ والنار
إِلامَ اُعلن أَسراري وأَكتمُها / وآيةُ الشوق إِعلان وإِسرار
دَيْنٌ على عبراتي أَنْ تُقِرَّ به / وإِنما غايةُ الإنكار إِقرار
لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها
لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها / حُبي منك صَدْراً ضاق عن هَمِّه الصَّدْرُ
وأَنك نورَ الدين مُذْ زُرتَ أَرضها / سمتْ بك حتى انحطّ نَسرها النسر
هي الثَّغْر أَمسى بالكراديس عابساً / وأَصبح عن باب الفراديس يَفْتَرّ
فإِمّا وقفت الخيل ناقعة الصَّدى / على بردى من فوقها الوَرَق النَّصْر
فمن بعد ما أَوردتها حَوْمةَ الوغى / وأَصدرتها والبيض من عَلَقٍ حُمْر
وجلّلتها نقعاً أَضاع شِياتِها / فلا شُهْبُها شهب ولا شُقْرها شقر
علا النهرُ لما كاثَرَ القصب القنا / مكاثرةً في كل نَحْرٍ لها نَحْرُ
وقد شرِقتْ أَجْرافه بدم العِدى / إِلى أَن جرى العاصي وضحضاحه غَمر
صدعْتَهمُ صَدْعَ الزُّجاجة لا يدٌ / لجابرها ما كلُّ كسرٍ له جَبْر
فلا ينتحل من بعدها الفخرَ دائلٌ / فمن بارز الإِبرنز كان له الفخر
ومَنْ بزّ أَنطاكية مِنْ مليكها / أَطاعته أَلحاظُ المُؤلّلَةِ الخُزْر
أَتى رأسه ركضاً وغودر شِلْوُهُ / وليس سوى عافي النسور له قبر
كما أَهدتِ الأَقدارُ للقمص أَسْرَهُ / وأَسْعَدُ قِرنٍ من حواه لك الأَسْر
فأَلْقتْ بأَيديها إِليك حصونُه / ولو لم تُجِبْ طوعاً لجاء بها القَسْر
وأَمستْ عَزاز كاسمها بك عِزَّةً / تشُقّ على النَّسريْن لو أَنها الوَكْر
فسِرْ تملإِ الدُّنيا ضياءً وبَهْجةً / فبالأُفُق الداجي إِلى ذا السَّنا فَقْر
كأَني بهذا العزم لا فُلّ حَدُّه / وأَقصاه بالأَقصى وقد قُضِيَ الأَمر
وقد أَصبح البيت المقدَّسُ طاهراً / وليس سوى جاري الدماء له طُهْر
وإِن تتيمَّمْ ساحِل البحر مالكاً / فلا عجبٌ أَن يملِك الساحلَ البحر
سللتَ سيوفاً أَثكلت كلَّ بلدة / بصاحبها حتى تخوفك البدر
إِذا سار نور الدين في عَزَماته / فقُولا لِلَيْلِ الإِفك قد طلَع الفجر
هُمامٌ متى هَزَّت مواضي سيوفه / لها ذكراً زُفّت له قَلْعةٌ بِكْر
خلعتَ على الأَيّام من حُلَلِ العُلى / ملابِس من أَعلامها الحمد والشكرُ
فلا تفتخر مصرٌ علينا بنيلها / فيمناكَ نيلٌ كلُّ مِصْرٍ به مِصْرُ