المجموع : 12
وَما أَحَدٌ مِن أَلسُنِ الناسِ سالِما
وَما أَحَدٌ مِن أَلسُنِ الناسِ سالِما / وَلَو أَنَّهُ ذاكَ النَبِيُّ المُطَهَّرُ
فَإِن كانَ مِقداماً يَقولونَ أَهوَج / وَإِن كانَ مِفضالاً يَقولونَ مُبذِرُ
وَإِن كانَ سِكّيتاً يَقولونَ أَبكَم / وَإِن كانَ مِنطيقاً يَقولونَ مِهذَرُ
وَإِن كانَ صَوّاماً وَبِاللَيلِ قائِماً / يَقولونَ زَرّافٌ يُرائي وَيَمكُرُ
فَلا تَحتَفِل بِالناسِ في الذَمِّ وَالثَنا / وَلا تَخشَ غَيرَ اللَهِ فَاللَهُ أَكبَرُ
لَيسَ المُقَصِّرُ وانِياً كَالمُقصرِ
لَيسَ المُقَصِّرُ وانِياً كَالمُقصرِ / حُكمُ المُعَذَّرِ غَيرُ حُكمِ المُعذرِ
لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ لَحظَكِ موبِقي / لَحَذَرتُ مِن عَينَيكِ ما لَم أَحذَرِ
لا تَحسَبي دَمعي تَحَدَّرَ إِنَّما / نَفسي جَرَت في دَمعِيَ المُتَحَدِّرِ
خَبَري خُذيهِ عَن الضَنى وَعَنِ البُكا / لَيسَ اللِسانُ وَإِن تَلِفتُ بِمُخبِرِ
وَلَقَد نَظَرتُ فَرَدَّ طَرفي خاسِئاً / حَذَرُ العِدى وَبَهاءُ ذاكَ المَنظَرِ
يَأسي يُحَسِّنُ لي التَسَتُّرَ فَاِعلَمي / لَو كُنتُ أَطمَعُ فيكِ لَم أَتَسَتَّرِ
أَقولُ لِوَرقاوَينِ في فَرعِ نَخلَةٍ
أَقولُ لِوَرقاوَينِ في فَرعِ نَخلَةٍ / وَقَد طَفَّلَ الإِمساءُ أو جَنَّحَ العَصرُ
وَقَد بَسَطَت هاتا لِتِلكَ جَناحَها / وَمالَ عَلى هاتيكَ مِن هَذِهِ النَحرُ
لِيَهنَكُما أَن لَم تُراعا بِفُرقَةٍ / وَما دَبَّ في تَشتيتِ شَملِكُما الدَهرُ
فَلَم أَرَ مِثلي قَطَّعَ الشَوقُ قَلبَهُ / عَلى أَنّه يَحكي قَساوَتَهُ الصَخرُ
إِنَّ الَّذي أَبقَيتَ مِن جَسمِهِ
إِنَّ الَّذي أَبقَيتَ مِن جَسمِهِ / يا مُتلِفَ الصَبِّ وَلَم يَشعُرِ
صبابَةً لَو أَنَّها دَمعَةٌ / تَجولُ في جَفنِكَ لَم تَقطُرِ
رُبَّ لَيلٍ أَطالَهُ أَلَمُ الشَو
رُبَّ لَيلٍ أَطالَهُ أَلَمُ الشَو / قِ وَفَقدُ الرُقادِ وَهوَ قَصيرُ
راعَ فيهِ الكَرى تَباريحُ شَوقٍ / وَخَيالٌ جُنحَ الظَلامِ يَزورُ
راقَهُ مَنظَرٌ أَنارَ فَأَورى / لِسَناهُ ضَوء الصَباحِ المُنيرُ
رَشَأٌ يَقتُلُ الأُسودَ غَريرٌ / كَيفَ يُردي الأُسودَ ظَبيٌ غَريرُ
جامٌ يَكونُ مِنَ العَقيقِ الأَحمَرِ
جامٌ يَكونُ مِنَ العَقيقِ الأَحمَرِ / فُرِشَت قَرارَتُهُ بِمِسكٍ أَذفَرِ
خَرَطَ الرَبيعُ مِثالَهُ فَأَقامَهُ / بَينَ الرِياضِ عَلى قَضيبٍ أَخضَرِ
وَالريحُ تَتَركُهُ إِذا هَبَّت بِهِ / كَالطافِحِ المُتَمائلِ المُتَكَسِّرِ
فَتَراهُ يَركَعُ ثُمَّ يَرفَعُ رَأسَهُ / مُتَمائِلاً كَالعاشِقِ المُتَحَيِّرِ
بِنَفسي ثَرىً ضاجَعتَ في بَيتِهِ البِلى
بِنَفسي ثَرىً ضاجَعتَ في بَيتِهِ البِلى / لَقَد ضَمَّ مِنكَ الغَيثَ وَاللَيثَ وَالبَدرا
فَلَو أَنَّ حَيّاً كانَ قَبراً لِمَيِّتٍ / لَصَيَّرتُ أَحشائي لِأَعظُمِهِ قَبرا
وَلَو أَنَّ عُمري كانَ طَوعَ إِرادَتي / وَساعَدَني المَقدورُ قاسَمتُكَ العُمرا
وَما خِلتُ قَبراً وَهوَ أَربَعُ أَذرُعٍ / يَضُمُّ ثِقالَ المُزنِ وَالطَود وَالبَحرا
مُناويكَ في بَذلِ النَوالِ وَإِنَّهُ
مُناويكَ في بَذلِ النَوالِ وَإِنَّهُ / لَيَعجزُ عَن أَدنى مَداكَ وَيَحسُرُ
عَداني عَن حَظّي الَّذي لا أَبيعُهُ / بِأَنفَسَ ما يَحظى بِهِ المُتَخَيّرُ
لُمِ الغَيثَ وَاِعذِر مَن لِقاؤُكَ عِندَهُ / يُعادِلُ نَيلَ الخُلدِ بَل هُوَ أَكبَرُ
يا أَكرَمَ الناسِ آباءً وَمُفتَخَرا
يا أَكرَمَ الناسِ آباءً وَمُفتَخَرا / وَأَلأَمَ الناسِ مَبلُوّاً وَمُختَبَرا
ثَوبُ الشَبابِ عَلَيَّ اليَومَ بَهجَتُهُ
ثَوبُ الشَبابِ عَلَيَّ اليَومَ بَهجَتُهُ / فَسَوفَ تَنزَعُهُ عَنّي يَدُ الكِبَرِ
أَنا اِبنُ عِشرينَ لا زادَت وَلا نَقُصَت / إِنَّ اِبنَ عِشرينَ مِن شَيبٍ عَلى خَطَرِ
يا سائِلاً عمّا يُذَكَّرُ في الفَتى
يا سائِلاً عمّا يُذَكَّرُ في الفَتى / لا غَيرهُ عَن صادِقٍ لَكَ يُخبِرُ
رَأسُ الفَتى وَجَبينُهُ وَمَقذُّهُ / وَالثَغرُ مِنهُ وَأَنفُهُ وَالمِنخَرُ
وَالبَطنُ وَالفَمُ ثُمَّ ظُفرٌ بَعدَهُ / نابٌ وَخَدٌّ بِالحَياءِ مُعَصفَرُ
وَالثَديُ وَالشِبرُ المَديدُ وَناجِذٌ / وَالباعُ وَالذقنُ الَّذي لا يُنكَرُ
هَذي الجَوارِحُ لا تُؤَنِّثها فَما / فيهِ لَها حَظٌّ إِذا ما تُذكَرُ
وَهَذي ثَماني جارِحاتٍ عَدَدتُها
وَهَذي ثَماني جارِحاتٍ عَدَدتُها / تُؤَنَّثُ أَحياناً وَحيناً تُذَكَّرُ
لِسانُ الفَتى وَالعُنقُ وَالإِبطُ وَالقَفا / وَعاتِقُهُ وَالمَتنُ وَالضِرسُ يُذكَرُ
وَعِندَ ذِراعِ المَرءِ تَمَّ حِسابُها / فَأَنِّث وَذَكِّر أَنتَ في ذا مُخَيَّرُ
كَذا كُلُّ نَحوِيٍّ حَكى في كِتابِهِ / سِوى سيبَوَيهِ فَهوَ عَنهُم مُؤَخَّرُ
يَرى أَنَّ تَأنيثَ الذِراعِ هُوَ الَّذي / أَتى وَيَرى التَذكيرَ في ذاكَ مُنكَرُ