المجموع : 5
عجبتُ لِهَرجٍ من زمانٍ مُضلَّلِ
عجبتُ لِهَرجٍ من زمانٍ مُضلَّلِ / ورأي لألباب الرجال مُغَيّرِ
ومن حِقبةٍ عوجاء غول تلبّست / على الناس جِلدَ الأربد المتنمّرِ
فلا يعرفُ المعروف فيه لأهله / وان قيل فيه مُنكرٌ لم يُنكّرِ
لحارثةَ المُهدي الخَنَى ليَ ظالماً / ولم أر مثلي يَدّري صَيد مُدّري
أحارِ بن بدر قد اتتني مقالةٌ / فما بالُ نكرٍ قيل في غير مُنكرِ
أيروي عليكَ الناس ما لا تقولُه / فتُعذِرَ أم أنت امرؤ غير مُعذِر
فان يكُ حقًّا ما يقال فلا يكُ / دبيباً وجاهِرني فما من تستُّر
أُقلّدكَ ان كنت امرأً حان عرضهُ / قوافيَ من بقاي الكلام المُشهّرِ
وقد كنتَ قبل اليوم جرّبتَ أنني / أشقُّ على ذي الشعر والمتشعّر
وإن لساني بالقصائد ماهرٌ / تَعنُّ غُرُّ القوافي وتَنبري
أصادفُها حيناً يسيراً وابتغي / لها مَرّةً شزراَ إِذا لم تَيَسَّرِ
تَنَاوَلُني بالشتم في غير كنههِ / فمهلاً ابا الخيماء وابن المُعذّر
هجوتَ وقد ساماك في الشعر خطة / الذليل ولم يفعل كأفعال مُنكرِ
وعوراءَ من قِيل امرىءٍ قد رددتُها
وعوراءَ من قِيل امرىءٍ قد رددتُها / بسالمة العينين طالبةٍ عُذرا
ولو أنه إِذ قالها قلتُ مِثلها / واكثرَ منها أورثت بيننا غِمرا
فأعرضتُ عنه وانتظرتُ به غداً / لعلّ غداً يُبدي لمؤتمرٍ أمرا
لأنزعَ ضيماً ثاوياً في فؤادهِ / وأقلِمَ أظفاراً أطال بها الحفرا
أحارِ بنَ بدر باكرِ الرّاحَ إِنّها
أحارِ بنَ بدر باكرِ الرّاحَ إِنّها / تُنسّيك ما قدَّمتَ في سالف الدهرِ
تنسّيك أسباباً عظاماً ركبتَها / وأَنت على عَمياءَ في سَننٍ تجري
أتذكرً ما أَسديتَ واخترت فعلة / وجئت من المكروه والشر والنُّكْرِ
إِذا قلتُ مهلاً نلتَ عِرضي فما الذي / تعيبُ على مثلي هبلتَ أَبا عَمْرو
أليسَ عظيماَ أن تكايدَ حُرَّةً / مُهَفهَفةَ الكَشحين طيبةَ النَّشر
فإن كنت قد أَزمعتَ بشرَك بالذي / عُرفت به إذ أنت تُخْزى ولا تَدري
فَدع عنك شُربَ الخمرِ وارجع إِلى التي / بها يرتضي أهلُ النَّباهةِ والذكرِ
عليك نبيذَ التَّمر إِنْ كنتَ شارباً / فانّ نبيذَ التَّمر خيرٌ من الخمرِ
ألا إِنَّ شُربَ الخمر يُزْري بِذي الحِجا / ويُذهبُ بالمالِ التّلادِ وبالوَفرِ
فصبراً عن الصَّهباء واعلم بأنني / نصيحٌ وأني قد كبرت عن الزجرِ
وأنك إِنْ كفكفْتَني عن نصيحة / تركتُك يا حارِ بن بدرٍ إِلى الحشرِ
أأبذلُ نُصحي ثم تَعصي نصيحتي / وتهجرني عنها هُبِلتَ أبا بَدْرِ
أُهانُ وأقصى ثم تنتَصِحونَني
أُهانُ وأقصى ثم تنتَصِحونَني / وأَيّ امرِىءٍ يُعطي نَصيحتَه قَسْرا
رأيتُ أَكفَّ المُصلتين عليكمُ / مِلاءً وكفّي من عَطاياكُمُ صِفْرا
فإِن تَسْأَلوني ما عليّ وتمنعوا الـ / ـذي ليَ لا أَسْطِعْ على ذلِكُمْ صَبْرا
فحمداً صَرفتُ الناس عما يُريبُكُم / ولو شئتُ قد أَغْليتُ في حَربِكُم قِدْرا
رأَيتكُمُ تُعطونَ من ترهَبونَهُ / زَرابِيةً قد وُشِّحَتْ حَلَقاً صُفرا
وإِنّي مع الساعي عليكُم بِسَيفِهِ / إذا عَظْمُكُم يوماً رأيتُ بِهِ كَسْرا
ألم ترني خُيّرت والأُمر واقعٌ
ألم ترني خُيّرت والأُمر واقعٌ / فما كنت لما قُلتُ بالمتخيِّرِ
رِضاكَ على شيء سواه ومن يكُن / إذا اختار ذا حزمٍ من الأمر يَظفرِ
قعدت لترضى عن جهاد وصاحب / شفيقٍ قديمِ الوُدِّ كان مُؤَمّري
على أحد الثغرين ثم تركته / وقد كنت في تأميرهِ غير مُمتري
فأمسكتُ عن سَلمٍ لساني وصحبتي / ليعرف وجه العذر قبل التعذُّرِ
فإِن كنت لمّا تدْرِ ما هي شيمَتي / فسَل بيَ أَكفائي وسَل بيَ مَعشَري
ألست مع الإِحسان والجود ذا غنىً / وبأسِ إِذا ما كُفّروا في التستُّر
ورائي وقد أَعصي الهوى خشية الردى / وأعرف غِبَّ الأمر قبل التدبُّر
وما كنتُ لولا ذاك ترتدَّ بُغْيَتي / عليّ ارتدادَ المُظلمِ المُتحيّرِ