عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذ عَوى
عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذ عَوى / وَصَوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطيرُ
يَرى اللَهُ إِنّي لِلأَنيسِ لَكارِهٌ / وَتُبغِضُهُم لي مُقلَةٌ وَضَميرُ
فَلِلَّيلِ إِن واراني اللَيلُ حكمُهُ / وَلِلشَمسِ إِن غابَت عَلَيَّ نُذورُ
وَإِنّي لَأستَحيي مِنَ اللَهِ أَن أُرى / أُجَرِّرُ حَبلاً لَيسَ فيهِ بَعيرُ
وَأَن أَسأَلَ المَرءَ اللَئيمَ بَعيرَهُ / وَبَعرانُ رَبّي في البِلادِ كَثيرُ
لَئِن طالَ لَيلي بِالعِراقِ لَرُبَّما / أَتى لِيَ لَيلٌ بِالشَآمِ قَصيرُ
مَعي فِتيَةٌ بيضُ الوُجوهِ كَأَنَّهُم / عَلى الرَحلِ فَوقَ الناعِجاتِ بُدورُ
أَيا نَخلاتِ الكَرمِ لا زالَ رائِحاً / عَلَيكُنَّ مُنهَلُّ الغَمامِ مَطيرُ
سُقيتُنَّ ما دامَت بِكَرمانَ نَخلَةٌ / عَوامِرَ تَجري بَينَكُنَّ بُحورُ
سُقيتُنَّ ما دامَت بِنجدٍ وَشيجَةٍ / وَلا زالَ يَسعى بَينَكُنَّ غَديرُ
أَلا حَبِّذا الماء الَّذي قابَلَ الحِمى / وَمُرتَبِعٌ مَن أَهلِنا وَمَصيرُ
وَأَيّامُنا بِالمالِكِيَّةِ إِنَّني / لَهُنَّ عَلى العَهدِ القَديمِ ذَكورُ
وَيا نَخلاتِ الكَرخِ لا زالَ ماطِرٌ / عَلَيكُنَّ مُستَنُّ الرِياحِ ذَرورُ
وَما زالَتِ الأَيّامُ حَتّى رَأَيتُني / بِدَورَقَ مُلقىً بَينَهُنَّ أَدورُ
تُذَكِّرُني أَظلالُكُنَّ إِذا دَجَت / عَلَيَّ ظِلالَ الدَومِ وَهيَ هَجيرُ
وَقَد كُنتُ رَملِياً فَأَصبَحتُ ثاوِياً / بِدَورَقَ مُلقى بَينَهُنَّ أَدورُ
وَقَد كُنتُ ذا قُربٍ فَأَصبَحتُ نازِحاً / بِكَرمانَ مُلقى بَينَهُنَّ أَدورُ
وَنُبِّئتُ أَنَّ الحَيَّ سَعداً تَخاذَلوا / حَماهُم وَهُم لَو يَعصِبونَ كَثيرُ
أَطاعوا لِفِتيانِ الصَباحِ لِئامَهُم / فَذوقوا هَوانَ الحَربِ حَيثُ تَدورُ
خَلا الجَوفُ مِن قُتّالِ سَعدٍ فَما بِها / لِمُستَصرِخٍ يَدعو الثُبورَ نَصيرُ
نَظَرتُ بِقصرِ الأَبرَشِيَّةِ نَظرَةً / وَطَرفي وَراءَ الناظِرينَ بَصيرُ
فَرَدَّ عَلَيَّ العَينَ أَن أَنظُرَ القُرى / قُرى الجَوفِ نَخلٌ مُعرِضٌ وَبُحورُ
وَتَيهاءُ يَزوَرُّ القَطا عَن فَلاتها / إِذا عَسبَلَت فَوقَ المِتانِ حَرورُ
كَفى حَزَناً أنَّ الحِمارَ بنَ بَحدَلٍ / عَلَيَّ بِأَكنافِ السَتّارِ أَميرُ
وَأَنَّ اِبنَ موسى بائِعَ البَقلِ بِالنَوى / لَهُ بَينَ بابٍ وَالسِتارِ خَطيرُ
وَإِنّي أَرى وَجهَ البُغاةِ مُقاتِلاً / أُدَيرَةَ يَسدي أَمرَنا وَيُنيرُ
هَنيئاً لِمَحفوظٍ عَلى ذاتِ بَينِنا / وَلِاِبنِ لَزازٍ مَغنَمٌ وَسُرورُ
أَناعيمُ يَحويهِنَّ بِالجَرَعِ الغَضا / جَعابيبُ فيها رِثَّةٌ وَدُثورُ