المجموع : 61
سَعِدَت غَربَةُ النَوى بِسُعادِ
سَعِدَت غَربَةُ النَوى بِسُعادِ / فَهيَ طَوعُ الإِتهامِ وَالإِنجادِ
فارَقَتنا وَلِلمَدامِعِ أَنوا / ءٌ سَوارٍ عَلى الخُدودِ غَوادِ
كُلَّ يَومٍ يَسفَحنَ دَمعاً طَريفاً / يَمتَري مُزنَهُ بِشَوقٍ تَلادِ
واقِعاً بِالخُدودِ وَالحِرُّ مِنهُ / واقِعٌ بِالقُلوبِ وَالأَكبادِ
وَعَلى العيسِ خُرَّدٌ يَتَبَسَّم / نَ عَنِ الأَشنَبِ الشَتيتِ البُرادِ
كانَ شَوكَ السَيالِ حُسناً فَأَمسى / دونَهُ لِلفِراقِ شَوكُ القَتادِ
شابَ رَأسي وَما رَأَيتُ مَشيبَ ال / رَأسِ إِلّا مِن فَضلِ شَيبِ الفُؤادِ
وَكَذاكَ القُلوبُ في كُلِّ بُؤسٍ / وَنَعيمٍ طَلائِعُ الأَجسادِ
طالَ إِنكارِيَ البَياضَ وَإِن عُم / مِرتُ حيناً أَنكَرتُ لَونَ السَوادِ
نالَ رَأسي مِن ثُغرَةِ الهَمِّ ما لَم / يَستَنِلهُ مِن ثُغرَةِ الميلادِ
زارَني شَخصُهُ بِطَلعَةِ ضَيمٍ / عَمَّرَت مَجلِسي مِنَ العُوّادِ
يا أَبا عَبدَ اللَهِ أَورَيتَ زَنداً / في يَدي كانَ دائِمَ الإِصلادِ
أَنتَ جُبتَ الظَلامَ عَن سُبُلِ الآ / مالِ إِذ ضَلَّ كُلُّ هادٍ وَحادِ
فَكَأَنَّ المُغِذَّ فيها مُقيمٌ / وَكَأَنَّ الساري عَلَيهِنَّ غادِ
وَضِياءُ الآمالِ أَفسَحُ في الطَر / فِ وَفي القَلبِ مِن ضِياءِ البِلادِ
كانَ في الأَجفَلى وَفي النَقَرى عُر / فُكَ نَضرَ العُمومِ نَضرَ الوِحادِ
وَمِنَ الحَظِّ في العُلى خُضرَةُ المَعرو / فِ في الجَمعِ مِنهُ وَالإِفرادِ
كُنتُ عَن غَرسِهِ بَعيداً فَأَدنَت / ني إِلَيهِ يَداكَ عِندَ الجِدادِ
ساعَةً لَو تَشاءُ بِالنِصفِ فيها / لَمَنَعتَ البِطاءَ خَصلَ الجِيادِ
لَزِموا مَركَزَ النَدى وَذَراهُ / وَعَدَتنا عَن مِثلِ ذاكَ العَوادي
غَيرَ أَنَّ الرُبى إِلى سُبُلِ الأَنوا / ءِ أَدنى وَالحَظُّ حَظُّ الوِهادِ
بَعدَما أَصلَتَ الوُشاةُ سُيوفاً / قَطَعَت فِيَّ وَهيَ غَيرُ حِدادِ
مِن أَحاديثَ حينَ دَوَّختَها بِالرَأ / يِ كانَت ضَعيفَةَ الإِسنادِ
فَنَفى عَنكَ زُخرُفَ القَولِ سَمعٌ / لَم يَكُن فُرصَةً لِغَيرِ السَدادِ
ضَرَبَ الحِلمُ وَالوَقارُ عَلَيهِ / دونَ عورِ الكَلامِ بِالأَسدادِ
وَحَوانٍ أَبَت عَلَيها المَعالي / أَن تُسَمّى مَطِيَّةَ الأَحقادِ
وَلَعَمري أَن لَو أَصَختُ لِأَقدَم / تُ لِحَتفي ضَغينَةَ الحُسّادِ
حَمَلَ العِبءَ كاهِلٌ لَكَ أَمسى / لِخُطوبِ الزَمانِ بِالمِرصادِ
عاتِقٌ مُعتَقٌ مِنَ الهونِ إِلّا / مِن مُقاساةِ مَغرَمٍ أَو نِجادِ
لِلحَمالاتِ وَالحَمائِلِ فيهِ / كَلُحوبِ المَوارِدِ الأَعدادِ
مُلِّئَتكَ الأَحسابُ أَيُّ حَياءٍ / وَحَيا أَزمَةٍ وَحَيَّةِ وادِ
لَو تَراخَت يَداكَ عَنها فُواقاً / أَكَلَتها الأَيّامُ أَكلَ الجَرادِ
أَنتَ ناضَلتَ دونَها بِعَطايا / رائِحاتٍ عَلى العُفاةِ غَوادي
فَإِذا هُلهِلَ النَوالُ أَتَتنا / ذاتَ نَيرَينِ مُطبِقاتُ الأَيادي
كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذا عادَ وَال / مَعروفُ غَثٌّ ما كانَ غَيرَ مُعادِ
كادَتِ المَكرُماتُ تَنهَدُّ لَولا / أَنَّها أُيِّدَت بِخَيرِ أَيادِ
عِندَهُم فُرجَةُ اللَهيفِ وَتَص / ديقُ ظُنونِ الزُوّارِ وَالرُوّادِ
بِأَحاظي الجُدودِ لا بَل بِوَش / كِ الجِدِّ لا بَل بِسُؤدَدِ الأَجدادِ
وَكَأَنَّ الأَعناقَ يَومَ الوَغى أَو / لى بِأَسيافِهِم مِنَ الأَغمادِ
فَإِذا ضَلَّتِ السُيوفُ غَداةَ الرَو / عِ كانَت هَوادِياً لِلهَوادي
قَد بَثَثتُم غَرسَ المَوَدَّةِ وَالشَح / ناءِ في قَلبِ كُلِّ قارٍ وَبادِ
أَبغَضوا عِزَّكُم وَوَدّوا نِداكُم / فَقَرَوكُم مِن بِغضَةٍ وَوِدادِ
لا عَدَمتُم غَريبَ مَجدٍ رَبَقتُم / في عُراهُ نَوافِرَ الأَضدادِ
سَقى عَهدَ الحِمى سَبَلُ العِهادِ
سَقى عَهدَ الحِمى سَبَلُ العِهادِ / وَرَوَّضَ حاضِرٌ مِنهُ وَبادِ
نَزَحتُ بِهِ رَكِيَّ العَينِ لَمّا / رَأَيتُ الدَمعَ مِن خَيرِ العَتادِ
فَيا حُسنَ الرُسومِ وَما تَمَشّى / إِلَيها الدَهرُ في صُوَرِ البُعادِ
وَإِذ طَيرُ الحَوادِثِ في رُباها / سَواكِنُ وَهيَ غَنّاءُ المَرادِ
مَذاكي حَلبَةٍ وَشُروبُ دَجنٍ / وَسامِرُ فِتيَةٍ وَقُدورُ صادِ
وَأَعيُنُ رَبرَبٍ كُحِلَت بِسِحرٍ / وَأَجسادٌ تُضَمَّخُ بِالجَسادِ
بِزُهرٍ وَالحُذاقِ وَآلِ بُردٍ / وَرَت في كُلِّ صالِحَةٍ زِنادي
وَإِن يَكُ مِن بَني أُدَدٍ جَناحي / فَإِنَّ أَثيثَ ريشي مِن إِيادِ
غَدَوتُ بِهِم أَمَدَّ ذَوِيَّ ظِلّاً / وَأَكثَرَ مَن وَرائي ماءَ وادِ
هُمُ عُظمى الأَثافي مِن نِزارٍ / وَأَهلُ الهَضبِ مِنها وَالنِجادِ
مُعَرَّسُ كُلِّ مُعضِلَةٍ وَخَطبٍ / وَمَنبِتُ كُلِّ مَكرُمَةٍ وَآدِ
إِذا حُدُثُ القَبائِلِ ساجَلوهُم / فَإِنَّهُمُ بَنو الدَهرِ التِلادِ
تُفَرَّجُ عَنهُمُ الغَمَراتُ بيضٌ / جِلادٌ تَحتَ قَسطَلَةِ الجِلادِ
وَحَشوُ حَوادِثِ الأَيّامِ مِنهُم / مَعاقِلُ مُطرَدٍ وَبَنو طِرادِ
لَهُم جَهلُ السِباعِ إِذا المَنايا / تَمَشَّت في القَنا وَحُلومُ عادِ
لَقَد أَنسَت مَساوِئَ كُلِّ دَهرٍ / مَحاسِنُ أَحمَدَ بنِ أَبي دُوادِ
مَتى تَحلُل بِهِ تَحلُل جَناباً / رَضيعاً لِلسَواري وَالغَوادي
تُرَشَّحُ نِعمَةُ الأَيّامِ فيهِ / وَتُقسَمُ فيهِ أَرزاقُ العِبادِ
وَما اِشتَبَهَت طَريقُ المَجدِ إِلّا / هَداكَ لِقِبلَةِ المَعروفِ هادِ
وَما سافَرتُ في الآفاقِ إِلّا / وَمِن جَدواكَ راحِلَتي وَزادي
مُقيمُ الظَنِّ عِندَكَ وَالأَماني / وَإِن قَلِقَت رِكابي في البِلادِ
مَعادُ البَعثِ مَعروفٌ وَلَكِن / نَدى كَفَّيكَ في الدُنيا مَعادي
أَتاني عائِرُ الأَنباءِ تَسري / عَقارِبُهُ بِداهِيَةٍ نَآدِ
نَثا خَبَرٌ كَأَنَّ القَلبَ أَمسى / يُجَرُّ بِهِ عَلى شَوكِ القَتادِ
كَأَنَّ الشَمسَ جَلَّلَها كُسوفٌ / أَوِ اِستَتَرَت بِرِجلٍ مِن جَرادِ
بِأَنّي نِلتُ مِن مُضَرٍ وَخَبَّت / إِلَيكَ شَكِيَّتي خَبَبَ الجَوادِ
وَما رَبعُ القَطيعَةِ لي بِرَبعٍ / وَلا نادي الأَذى مِنّي بِنادِ
وَأَينَ يَجورُ عَن قَصدٍ لِساني / وَقَلبي رائِحٌ بِرِضاكَ غادِ
وَمِمّا كانَتِ الحُكَماءُ قالَت / لِسانُ المَرءِ مِن خَدَمِ الفُؤادِ
فَقُد ما كُنتُ مَعسولَ الأَماني / وَمَأدومَ القَوافي بِالسَدادِ
لَقَد جازَيتُ بِالإِحسانِ سوءاً / إِذاً وَصَبَغتُ عُرفَكَ بِالسَوادِ
وَسِرتُ أَسوقُ عيرَ اللُؤمِ حَتّى / أَنَختُ الكُفرَ في دارِ الجِهادِ
فَكَيفَ وَعَتبُ يَومٍ مِنكَ فَذٍّ / أَشَدُّ عَلَيَّ مِن حَربِ الفَسادِ
وَلَيسَت رَغوَتي مِن فَوقِ مَذقٍ / وَلا جَمري كَمينٌ في الرَمادِ
وَكانَ الشُكرُ لِلكُرَماءِ خَصلاً / وَمَيداناً كَمَيدانِ الجِيادِ
عَلَيهِ عُقِّدَت عُقَدي وَلاحَت / مَواسِمُهُ عَلى شِيَمي وَعادي
وَغَيري يَأكُلُ المَعروفَ سُحتاً / وَتَشحُبُ عِندَهُ بيضُ الأَيادي
تَثَبَّت إِنَّ قَولاً كانَ زوراً / أَتى النُعمانَ قَبلَكَ عَن زِيادِ
وَأَرَّثَ بَينَ حَيِّ بَني جُلاحٍ / سَنا حَربٍ وَحَيِّ بَني مَصادِ
وَغادَرَ في صُروفِ الدَهرِ قَتلي / بَني بَدرٍ عَلى ذاتِ الإِصادِ
فَما قِدحاكَ لِلباري وَلَيسَت / مُتونُ صَفاكَ مِن نُهَزِ المُرادي
وَلَو كَشَّفتَني لَبَلَوتَ خَرقاً / يُصافي الأَكرَمينَ وَلا يُصادي
جَديراً أَن يَكُرَّ الطَرفَ شَزراً / إِلى بَعضِ المَوارِدِ وَهُوَ صادي
إِلَيكَ بَعَثتُ أَبكارَ المَعاني / يَليها سائِقٌ عَجِلٌ وَحادي
جَوائِرَ عَن ذَنابى القَومِ حَيرى / هَوادِيَ لِلجَماجِمِ وَالهَوادي
شِدادَ الأَسرِ سالِمَةَ النَواحي / مِنَ الإِقواءِ فيها وَالسِنادِ
يُذَلِّلُّها بِذِكرِكَ قَرنُ فِكرٍ / إِذا حَزَنَت فَتَسلَسُ في القِيادِ
لَها في الهاجِسِ القَدحُ المُعَلّى / وَفي نَظمِ القَوافي وَالعِمادِ
مُنَزَّهَةٌ عَنِ السَرَقِ المُوَرّى / مُكَرَّمَةً عَنِ المَعنى المُعادِ
تَنَصَّلَ رَبُّها مِن غَيرِ جُرمٍ / إِلَيكَ سِوى النَصيحَةِ وَالوِدادِ
وَمَن يَأذَن إِلى الواشينَ تُسلَق / مَسامِعُهُ بِأَلسِنَةٍ حِدادِ
أَيَسلُبُني ثَراءَ المالِ رَبّي
أَيَسلُبُني ثَراءَ المالِ رَبّي / وَأَطلُبُ ذاكَ مِن كَفٍّ جَمادِ
زَعَمتُ إِذاً بِأَنَّ الجودَ أَمسى / لَهُ رَبٌّ سِوى اِبنِ أَبي دُوادِ
أَرَأَيتَ أَيُّ سَوالِفٍ وَخُدودِ
أَرَأَيتَ أَيُّ سَوالِفٍ وَخُدودِ / عَنَّت لَنا بَينَ اللِوى فَزَرودِ
أَترابُ غافِلَةِ اللَيالي أَلَّفَت / عُقَدَ الهَوى في يارَقِ وَعُقودِ
بَيضاءُ يَصرَعُها الصِبا عَبَثَ الصَبا / أُصُلاً بِخوطِ البانَةِ الأُملودِ
وَحشِيَّةٌ تَرمي القُلوبَ إِذا اِغتَدَت / وَسنى فَما تَصطادُ غَيرَ الصيدِ
لا حَزمَ عِندَ مُجَرِّبٍ فيها وَلا / جَبّارُ قَومٍ عِندَها بِعَنيدِ
مالي بِرَبعٍ مِنهُمُ مَعهودُ / إِلّا الأَسى وَعَزيمَةُ المَجلودِ
إِن كانَ مَسعودٌ سَقى أَطلالَهُم / سَبَلَ الشُؤونِ فَلَستُ مِن مَسعودِ
ظَعَنوا فَكانَ بُكايَ حَولاً بَعدَهُم / ثُمَّ اِرعَوَيتُ وَذاكَ حُكمُ لَبيدِ
أَجدِر بِجِمرَةِ لَوعَةٍ إِطفاؤُها / بِالدَمعِ أَن تَزدادَ طولَ وُقودِ
لا أُفقِرُ الطَرَبَ القِلاصَ وَلا أُرى / مَع زيرِ نِسوانٍ أَشُدُّ قُتودي
شَوقٌ ضَرَحتُ قَذاتَهُ عَن مَشرَبي / وَهَوىً أَطَرتُ لِحاءَهُ عَن عودي
عامي وَعامُ العيسِ بَينَ وَديقَةٍ / مَسجورَةٍ وَتَنوفَةٍ صَيخودِ
حَتّى أُغادِرَ كُلَّ يَومٍ بِالفَلا / لِلطَيرِ عيداً مِن بَناتِ العيدِ
هَيهاتَ مِنها رَوضَةٌ مَحمودَةٌ / حَتّى تُناخَ بِأَحمَدَ المَحمودِ
بِمُعَرَّسِ العَرَبِ الَّذي وَجَدَت بِهِ / أَمنَ المَروعِ وَنَجدَةَ المَنجودِ
حَلَّت عُرا أَثقالِها وَهُمومَها / أَبناءُ إِسماعيلَ فيهِ وَهودِ
أَمَلٌ أَناخَ بِهِم وُفوداً فَاِغتَدَوا / مِن عِندِهُ وَهُمُ مُناخُ وُفودِ
بَدَأَ النَدى وَأَعادَهُ فيهِم وَكَم / مِن مُبدِئٍ لِلعُرفِ غَيرُ مُعيدِ
يا أَحمَدَ بنَ أَبي دُوادٍ حُطتَني / بِحِياطَتي وَلَدَدتَني بِلُدودي
وَمَنَحتَني وُدّاً حَمَيتُ ذِمارَهُ / وَذِمامَهُ مِن هِجرَةٍ وَصُدودِ
وَلَكَم عَدُوٍّ قالَ لي مُتَمَثِّلاً / كَم مِن وَدودٍ لَيسَ بِالمَودودِ
أَضجَت إِيادٌ في مَعَدٍّ كُلِّها / وَهُمُ إِيادُ بِنائِها المَمدودِ
تَنميكَ في قُلَلِ المَكارِمِ وَالعُلى / زُهرٌ لِزُهرِ أُبُوَّةٍ وَجُدودِ
إِن كُنتُمُ عادِيَّ ذاكَ النَبعِ إِن / نَسَبوا وَفَلقَةَ ذَلِكَ الجُلمودِ
وَشَرِكتُموهُم دونَنا فَلَأَنتُمُ / شُرَكاؤُنا مِن دونِهِم في الجودِ
كَعبٌ وَحاتَمٌ اللَذانِ تَقَسَّما / خُطَطَ العُلى مِن طارِفٍ وَتَليدِ
هَذا الَّذي خَلَفَ السَحابَ وَماتَ ذا / في المَجدِ ميتَةَ خِضرِمٍ صِنديدِ
إِلّا يَكُن فيها الشَهيدَ فَقَومُهُ / لا يَسمَحونَ بِهِ بِأَلفِ شَهيدِ
ما قاسَيا في المَجدِ إِلّا دونَ ما / قاسَيتَهُ في العَدلِ وَالتَوحيدِ
فَاِسمَع مَقالَةَ زائِرٍ لَم تَشتَبِه / آراؤُهُ عِندَ اِشتِباهِ البيدِ
يَستامُ بَعضَ القَولِ مِنكَ بِفِعلِهِ / كَمَلاً وَعَفوَ رِضاكَ بِالمَجهودِ
أَسرى طَريداً لِلحَياءِ مِنَ الَّتي / زَعَموا وَلَيسَ لِرَهبَةٍ بِطَريدِ
كُنتَ الرَبيعَ أَمامَهُ وَوَراءَهُ / قَمَرُ القَبائِلِ خالِدِ بنِ يَزيدِ
فَالغَيثُ مِن زُهرٍ سَحابَةُ رَأفَةٍ / وَالرُكنُ مِن شَيبانَ طَودُ حَديدِ
وَغَداً تَبَيَّنُ ما بَراءَةُ ساحَتي / لَو قَد نَفَضتَ تَهائِمي وَنُجودي
هَذا الوَليدُ رَأى التَثَبُّتَ بَعدَما / قالوا يَزيدُ بنُ المُهَلَّبِ مودِ
فَتَزَعزَعَ الزورُ المُؤَسَّسُ عِندَهُ / وَبِناءُ هَذا الإِفكِ غَيرُ مَشيدِ
وَتَمَكَّنَ اِبنُ أَبي سَعيدٍ مِن حِجا / مَلِكٍ بِشُكرِ بَني المُلوكِ سَعيدِ
ما خالِدٌ لي دونَ أَيّوبٍ وَلا / عَبدُ العَزيزِ وَلَستُ دونَ وَليدِ
نَفسي فِداؤُكَ أَيَّ بابٍ مُلِمَّةٍ / لَم يُرمَ فيهِ إِلَيكَ بِالإِقليدِ
لِمُقارِفِ البُهتانِ غَيرُ مُقارِفٍ / وَمِنَ البَعيدِ الرَهطِ غَيرُ بَعيدِ
لَمّا أَظَلَّتني غَمامُكَ أَصبَحَت / تِلكَ الشُهودُ عَلَيَّ وَهِيَ شُهودي
مِن بَعدِ أَن ظَنّوا بِأَن سَيَكونُ لي / يَومٌ بِبَغيِِهِم كَيَومِ عَبيدِ
أُمنِيَّةٌ ما صادَفوا شَيطانَها / فيها بِعِفريتٍ وَلا بِمَريدِ
نَزَعوا بِسَهمِ قَطيعَةٍ يَهفو بِهِ / ريشُ العُقوقِ فَكانَ غَيرَ سَديدِ
وَإِذا أَرادَ اللَهُ نَشرَ فَضيلَةٍ / طُوِيَت أَتاحَ لَها لِسانَ حَسودِ
لَولا اِشتِعالُ النارِ فيما جاوَرَت / ما كانَ يُعرَفُ طيبُ عَرفِ العودِ
لَولا التَخَوُّفَ لِلعَواقِبِ لَم تَزَل / لِلحاسِدِ النُعمى عَلى المَحسودِ
خُذها مُثَقَّفَةَ القَوافي رَبُّها / لِسَوابِغِ النَعماءِ غَيرُ كَنودِ
حَذّاءُ تَملَأُ كُلَّ أُذنٍ حِكمَةً / وَبَلاغَةً وَتُدَرُّ كُلَّ وَريدِ
كَالطَعنَةِ النَجلاءِ مِن يَدِ ثائِرٍ / بِأَخيهِ أَو كَالضَربَةِ الأُخدودِ
كَالدُرِّ وَالمَرجانِ أُلِّفَ نَظمُهُ / بِالشَذرِ في عُنُقِ الفَتاةِ الرودِ
كَشَقيقَةِ البُردِ المُنَمنَمِ وَشيُهُ / في أَرضِ مَهرَةَ أَو بِلادِ تَزيدِ
يُعطي بِها البُشرى الكَريمُ وَيَحتَبي / بِرِدائِها في المَحفَلِ المَشهودِ
بُشرى الغَنِيِّ أَبي البَناتِ تَتابَعَت / بُشَراؤُهُ بِالفارِسِ المَولودِ
كَرُقى الأَساوِدِ وَالأَراقِمِ طالَما / نَزَعَت حُماتَ سَخائِمٍ وَحُقودِ
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ / وَإِنَّ مَصابَ المُزنِ حَيثُ تُريدُ
فَلا تَبعُدَنَ مِنّي قَريباً فَطالَما / طُلِبتَ فَلَم تَبعُد وَأَنتَ بَعيدُ
أَصِخ تَستَمِع حُرَّ القَوافي فَإِنَّها / كَواكِبُ إِلّا أَنَّهُنَّ سُعودُ
وَلا تُمكِنِ الإِخلاقَ مِنها فَإِنَّما / يَلَذُّ لِباسُ البُردِ وَهُوَ جَديدُ
هِيَ فُرقَةٌ مِن صاحِبٍ لَكَ ماجِدِ
هِيَ فُرقَةٌ مِن صاحِبٍ لَكَ ماجِدِ / فَغَداً إِذابَةُ كُلِّ دَمعٍ جامِدِ
فَاِفزَع إِلى ذُخرِ الشُؤونِ وَغَربِهِ / فَالدَمعُ يُذهِبُ بَعضَ جَهدِ الجاهِدِ
وَإِذا فَقَدتَ أَخاً وَلَم تَفقِد لَهُ / دَمعاً وَلا صَبراً فَلَستَ بِفاقِدِ
أَعَلِيُّ يا بنَ الجَهمِ إِنَّكَ دُفتَ لي / سَمّاً وَخَمراً في الزُلالِ البارِدِ
لا تَبعَدَن أَبَداً وَلا تَبعُد فَما / أَخلاقُكَ الخُضرُ الرُبا بِأَباعِدِ
إِن يُكدُ مُطَّرَفُ الإِخاءِ فَإِنَّنا / نَغدو وَنَسري في إِخاءٍ تالِدِ
أَو يَختَلِف ماءُ الوِصالِ فَماؤُنا / عَذبٌ تَحَدَّرَ مِن غَمامٍ واحِدِ
أَو يَفتَرِق نَسَبٌ يُؤَلِّفُ بَينَنا / أَدَبٌ أَقَمناهُ مُقامَ الوالِدِ
لَو كُنتَ طَرفاً كُنتَ غَيرَ مُدافَعٍ / لِلأَشقَرِ الجَعدِيِّ أَو لِلذائِدِ
أَو قَدَّمَتكَ السِنُّ خِلتُ بِأَنَّهُ / مِن لَفظِكَ اِشتُقَّت بَلاغَةُ خالِدِ
أَو كُنتُ يَوماً بِالنُجومِ مُصَدِّقاً / لَزَعَمتُ أَنَّكَ أَنتَ بِكرُ عُطارِدِ
صَعبٌ فَإِن سومِحتَ كُنتَ مُسامِحاً / سَلِساً جَريرُكَ في يَمينِ القائِدِ
أُلبِستَ فَوقَ بَياضِ مَجدِكَ نِعمَةً / بَيضاءَ حَلَّت في سَوادِ الحاسِدِ
وَمَوَدَّةً لا زَهَّدَت في راغِبٍ / يَوماً وَلا هِيَ رَغَّبَت في زاهِدِ
غَنّاءُ لَيسَ بِمُنكَرٍ أَن يَغتَدي / في رَوضِها الراعي أَمامَ الرائِدِ
ما أَدَّعي لَكَ جانِباً مِن سُؤدُدٍ / إِلّا وَأَنتَ عَلَيهِ أَعدَلُ شاهِدِ
طَلَلَ الجَميعِ لَقَد عَفَوتَ حَميدا
طَلَلَ الجَميعِ لَقَد عَفَوتَ حَميدا / وَكَفى عَلى رُزئي بِذاكَ شَهيدا
دِمَنٌ كَأَنَّ البَينَ أَصبَحَ طالِباً / دَمِناً لَدى آرامِها وَحُقودا
قَرَّبتَ نازِحَةَ القُلوبِ مِنَ الجَوى / وَتَرَكتَ شَأوَ الدَمعِ فيكَ بَعيدا
خَضِلاً إِذا العَبَراتُ لَم تَبرَح لَها / وَطَناً سَرى قَلِقَ المَحَلِّ طَريدا
أَمَواقِفَ الفِتيانِ تَطوي لَم تَزُر / شَرَفاً وَلَم تَندُب لَهُنَّ صَعيدا
أَذكَرتَنا المَلِكَ المُضَلَّلَ في الهَوى / وَالأَعشَيَينِ وَطَرفَةً وَلَبيدا
حَلّوا بِها عُقَدَ النَسيبِ وَنَمنَموا / مِن وَشيِها حُلَلاً لَها وَقَصيدا
راحَت غَواني الحَيِّ عَنكَ غَوانِياً / يَلبَسنَ نَأياً تارَةً وَصُدودا
مِن كُلِّ سابِغَةِ الشَبابِ إِذا بَدَت / تَرَكَت عَميدَ القَريَتَينِ عَميدا
أولِعنَ بِالمُردِ الغَطارِفِ بُدَّنا / غيداً أَلِفنَهُمُ لِداناً غيدا
أَحلى الرِجالِ مِنَ النِساءِ مَواقِعاً / مَن كانَ أَشبَهَهُم بِهِنَّ خُدودا
فَاُطلُب هُدوءاً بِالتَقَلقُلِ وَاِستَثِر / بِالعيسِ مِن تَحتِ السُهادِ هُجودا
مِن كُلِّ مُعطِيَةٍ عَلى عَلَلِ السُرى / وَخداً يَبيتُ النَومُ مِنهُ شَريدا
تَخدي بِمُنصَلِتٍ يَظَلُّ إِذا وَنى / ضُرَباؤُهُ حِلساً لَها وَقُتودا
جَعَلَ الدُجى جَمَلاً وَوَدَّعَ راضِياً / بِالهونِ يَتَّخِذُ القُعودَ قَعودا
طَبَلَت رَبيعَ رَبيعَةَ المُهمي لَها / فَوَرَدنَ ظِلَّ رَبيعَةَ المَمدودا
بَكرِيِّها عَلَوِيَّها صَعبِيَّها ال / حِصنِيِّ شَيبانِيَّها الصِنديدا
ذَهلِيَّها مُرِّيَّها مَطَرِيَّها / يُمنى يَدَيها خالِدَ بنَ يَزيدا
نَسَبٌ كَأَنَّ عَلَيهِ مِن شَمسِ الضُحى / نوراً وَمِن فَلَقِ الصَباحِ عَمودا
عُريانُ لا يَكبو دَليلٌ مِن عَمىً / فيهِ وَلا يَبغي عَلَيهِ شُهودا
شَرَفٌ عَلى أولى الزَمانِ وَإِنَّما / خَلَقُ المَناسِبَ أَن يَكونَ جَديدا
لَو لَم تَكُن مِن نَبعَةٍ نَجدِيَّةٍ / عَلوِيَّةٍ لَظَنَنتُ عودَكَ عودا
مَطَرٌ أَبوكَ أَبو أَهِلَّةِ وائِلِ / مَلَأَ البَسيطَةَ عُدَّةً وَعَديدا
أَكفاءَهُ تَلِدُ الرِجالُ وَإِنَّما / وَلَدَ الحُتوفُ أَساوِداً وَأُسودا
رُبداً وَمَأسَدَةً عَلى أَكتادِها / لِبَدٌ تَخالُ فَليلَهُنَّ لُبودا
وَرِثوا الأُبُوَّةَ وَالحُظوظَ فَأَصبَحوا / جَمَعوا جُدوداً في العُلى وَجُدودا
وُقُرُ النُفوسِ إِذا كَواكِبُ قَعضَبٍ / أَردَينَ عِفريتَ الوَغى المَرّيدا
زُهراً إِذا طَلَعَت عَلى حُجُبِ الكُلى / نَحَسَت وَإِن غابَت تَكونُ سُعودا
ما إِن تَرى إِلّا رَئيساً مُقصَداً / تَحتَ العَجاجِ وَعامِلاً مَقصودا
فَزِعوا إِلى الحَلَقِ المُضاعَفِ وَاِرتَدوا / فيها حَديداً في الشُؤونِ حَديدا
وَمَشَوا أَمامَ أَبي يَزيدَ وَخَلفَهُ / مَشياً يَهُدُّ الراسِياتِ وَئيدا
يَغشَونَ أَسفَحَهُم مَذانِبَ طَعنَةٍ / سَيحٍ وَأَشنَعَ ضَربَةٍ أُخدودا
ما إِن تَرى الأَحسابَ بيضاً وُضَّحاً / إِلّا بِحَيثُ تَرى المَنايا سودا
لَبِسَ الشَجاعَةَ إِنَّها كانَت لَهُ / قِدماً نَشوغاً في الصِبا وَلَدودا
بَأساً قَليلِيّاً وَبَأسَ تَكَرُّمٍ / جَمٍّ وَبَأسَ قَريحَةِ مَولودا
وَإِذا رَأَيتَ أَبا يَزيدٍ في نَدىً / وَوَغىً وَمُبدِئَ غارَةٍ وَمُعيدا
يَقري مُرَجّيهِ مُشاشَةَ مالِهِ / وَشَبا الأَسِنَّةِ ثُغرَةً وَوَريدا
أَيقَنتَ أَنَّ مِنَ السَماحِ شَجاعَةً / تُدمي وَأَنَّ مِنَ الشَجاعَةِ جودا
وَإِذا سَرَحتَ الطَرفَ حَولَ قِبابِهِ / لَم تَلقَ إِلّا نِعمَةً وَحَسودا
وَمَكارِماً عُتُقَ النِجارِ تَليدَةً / إِن كانَ هَضبُ عَمايَتَينِ تَليدا
وَمَتى حَلَلتَ بِهِ أَنالَك جُهدَهُ / وَوَجَدتَ بَعدَ الجُهدِ فيهِ مَزيدا
مُتَوَقِّدٌ مِنهُ الزَمانُ وَرُبَّما / كانَ الزَمانُ بآخَرينَ بَليدا
أَبقى يَزيدُ وَمَزيَدُ وَأَبوهُما / وَأَبوكَ رُكنَكَ في الفَخارِ شَديدا
سَلَفوا يَرَونَ الذِكرَ عَقباً صالِحاً / وَمَضَوا يَعُدّونَ الثَناءَ خُلودا
إِنَّ القَوافِيَ وَالمَساعِيَ لَم تَزَل / مِثلَ النِظامِ إِذا أَصابَ فَريدا
هِيَ جَوهَرٌ نَثرٌ فَإِن أَلَّفتَهُ / بِالشِعرِ صارَ قَلائِداً وَعُقودا
في كُلِّ مُعتَرَكٍ وَكُلِّ مَقامَةٍ / يَأخُذنَ مِنهُ ذِمَّةً وَعُهودا
فَإِذا القَصائِدُ لَم تَكُن خُفَراءَها / لَم تَرضَ مِنها مَشهَداً مَشهودا
مِن أَجلِ ذَلِكَ كانَتِ العَرَبُ الأُلى / يَدعونَ هَذا سُؤدُداً مَحدودا
وَتَنَدُّ عِندَهُمُ العُلى إِلّا عُلىً / جُعِلَت لَها مُرَرُ القَصيدِ قُيودا
ما لِكَثيبِ الحِمى إِلى عَقِدِه
ما لِكَثيبِ الحِمى إِلى عَقِدِه / ما بالُ جَرعائِهِ إِلى جَرَدِه
ما خَطبُهُ ما دَهاهُ ما غالَهُ / ما نالَهُ في الحِسانِ مِن خُرُدِه
السالِباتِ اِمرَءاً عَزيمَتَهُ / بِالسِحرِ وَالنافِثاتِ في عُقَدِه
لَبِسنَ ظِلَّينِ ظِلَّ أَمنٍ مِنَ الدَه / رِ وَظِلّاً مِن لَهوِهِ وَدَدِه
فَهُنَّ يُخبِرنَ عَن بُلَهنِيَّةِ العَيشِ / وَيَسأَلنَ مِنهُ عَن جَحَدِه
وَرُبَّ أَلمى مِنهُنَّ أَشنَبَ قَد / رَشَفتُ مالا يَذوبُ مِن بَرَدِه
قَلتاً مِنَ الريقِ ناقِعَ الذَوبِ / إِلّا أَنَّ بَردَ الأَكبادِ في جَمَدِه
كَالخوطِ في القَدِّ وَالغَزالَةِ في البَه / جَةِ وَاِبنِ الغَزالِ في غَيَدِه
وَما حَكاهُ وَلا نَعيمَ لَهُ / في جيدِهِ بَل حَكاهُ في جَيَدِه
فَالرَبعُ قَد عَزَّني عَلى جَلَدي / ما مَحَّ مِن سَهلِهِ وَمِن جَلَدِه
لَم يُبقِ شَرُّ الفِراقِ مِنهُ سِوى / شَرَّيهِ مِن نُؤيِهِ وَمِن وَتِدِه
سَأَخرُقُ الخَرقَ بِاِبنِ خَرقاءَ كَال / هَيقِ إِذا ما اِستَحَمَّ في نَجَدِه
مُقابَلٍ في الجِديلِ صُلبَ القَرا / لوحِكَ مِن عَجبِهِ إِلى كَتَدِه
تامِكِهِ نَهدِهِ مُداخَلِهِ / مَلمومِهِ مُحزَئِلِّهِ أَجُدِه
إِلى المُفَدّى أَبي يَزيدَ الَّذي / يَضِلُّ غَمرُ المُلوكِ في ثَمَدِه
ظِلُّ عُفاةٍ يُحِبُّ زائِرَهُ / حُبَّ الكَبيرِ الصَغيرَ مِن وَلَدِه
إِذا أَناخوا بِبابِهِ أَخَذوا / حُكمَيهِمُ مِن لِسانِهِ وَيَدِه
مِن كُلِّ لَهفانَ زِدتَ في أَوَدِ ال / أَموالِ حَتّى أَقَمتَ مِن أَوَدِه
مُستَمطَرٌ حَلَّ مِن بَني مَطَرٍ / بِحَيثُ حَلَّ الطِرافُ مِن عَمَدِه
قَومٌ غَدا طارِفُ المَديحِ لَهُم / وَوَسمُهُم لائِحٌ عَلى تُلُدِه
فَهُم يَميسونَ البَختَرِيَّةَ في / بُرودِهِ وَالأَنامُ في بُرَدِه
لا يَندُبونَ القَتيلَ أَو يَأتِيَ الحَو / لُ لَهُم كامِلاً عَلى قَوَدِه
إِناءُ مَجدٍ مَلآنُ بورِكَ في / صَريحِهِ لِلعُلى وَفي زَبَدِه
وَهَضبِ عِزٍّ تَجري السَماحَةُ في / حَدورِهِ وَالإِباءُ في صُعُدِه
يَزيدُ وَالمَزيدانِ في الحَربِ وَال / زائِدَتانِ الطَودانِ مِن مُصُدِه
نِعمَ لِواءُ الخَميسِ أُبتَ بِهِ يَو / مَ خَميسٍ عالي الضُحى أَفِدِه
خِلتَ عُقاباً بَيضاءَ في حُجُراتِ ال / مُلكِ طارَت مِنهُ وَفي سُدَدِه
فَشاغَبَ الجَوَّ وَهوَ مَسكَنُهُ / وَقاتَلَ الريحَ وَهيَ مِن مَدَدِه
وَمَرَّ تَهفو ذُؤابَتاهُ عَلى / أَسمَرَ مَتناً يَومَ الوَغى جَسَدِه
مارِنِهِ لَدنِهِ مُثَقَّفِهِ / عَرّاصِهِ في الأَكُفِّ مُطَّرِدَه
تَخفِقُ أَفياؤُهُ عَلى مَلِكٍ / يَرى طِرادَ الأَبطالِ مِن طَرَدِه
نالَ بِعاري القَنا وَلابِسِهِ / مَجداً تَبيتُ الجَوزاءُ عَن أَمدِه
يَعلَمُ أَن لَيسَ لِلعُلى لَقَمٌ / قَصدٌ لِمَن لَم يَطَأ عَلى قِصَدِه
يا فَرحَةَ الثَغرِ بِالخَليفَةِ مِن / يَزيدِهِ المُرتَضى وَمِن أَسَدِه
تُضرَمُ ناراهُ قِرىً وَوَغىً / مِن حَدِّ أَسيافِهِ وَمِن زُنُدِه
مُمتَلِئُ الصَدرِ وَالجَوانِحِ مِن / رَحمَةِ مَملوئِهِنَّ مِن حَسَدِه
يَأخُذُ مِن راحَةٍ لِشُغلٍ وَيَس / تَبقي لِيُبسِ الزَمانِ مِن ثَأَدِه
فَهوَ لَوِ اِستَطاعَ عِندَ أَسعُدِهِ / لَحَزَّ عُضواً مِن يَومِهِ لِغَدِه
إِذ مِنهُمُ مَن يَعُدُّ ساعَتَهُ الطَ / لقَ عَتاداً لَهُ عَلى أَبَدِه
أَلوى كَثيرَ الأَسى عَلى سُؤدَدِ ال / عَيشِ قَليلَ الأَسى عَلى رَغَدِه
قَريحَةُ العَقلِ مِن مَعاقِلِهِ / وَالصَبرُ في النائِباتِ مِن عُدَدِه
يا مُضغِناً خالِداً لَكَ الثُكلُ إِن / خَلَّدَ حِقداً عَلَيكَ في خَلَدِه
إِلَيكَ عَن سَيلِ عارِضٍ خَضِلِ الشُ / ؤُبوبِ يَأتي الحِمامُ مِن نَضَدِه
مُسِفِّهِ ثَرِّهِ مُسَحسِحِهِ / وابِلِهِ مُستَهِلِّهِ بَرِدِه
وَهَل يُساميكَ في العُلى مَلِكٌ / صَدرُكَ أَولى بِالرُحبِ مِن بَلَدِه
أَخلاقُكَ الغُرُّ دونَ رَهطِكَ أَث / رى مِنهُ في رَهطِهِ وَفي عَدَدِه
كَأَنَّما مُبرَمُ القَضاءِ بِهِ / مِن رُسلِهِ وَالمَنونُ مِن رَصَدِه
أُرِّثَ مِن خالِدٍ بِمُنصَلِتِ ال / إِقدامِ يَومَ الهِياجِ مُنجَرِدِه
كَالبَدرِ حُسناً وَقَد يُعاوِدُهُ / عُبوسُ لَيثِ العَرينِ في عَبَدِه
كَالسَيفِ يُعطيكَ مِلءَ عَينَيكَ مِن / فِرِندِهِ تارَةً وَمِن رُبَدِه
تَاللَهِ أَنسى دِفاعَهُ الزورَ مِن / عَوراءِ ذي نَيرَبٍ وَمِن فَنَدِه
وَلا تَناسى أَحياءُ ذي يَمَنٍ / ما كانَ مِن نَصرِهِ وَمِن حَشَدِه
جِلَّةُ أَنمارِهِ وَهَمدانِهِ وَالشُ / مُّ مِن أَزدِهِ وَمِن أُدَدِه
آثَرَني إِذ جَعَلتُهُ سَنَداً / كُلُّ اِمرِئٍ لاجِئٌ إِلى سَنَدِه
في غُلَّةٍ أَوقَدَت عَلى كَبِدِ ال / سائِلِ ناراً تُعيِي عَلى كَبِدِه
إيثارَ شَزرِ القُوى يَرى جَسَدَ ال / مَعروفِ أَولى بِالطِبِّ مِن جَسَدِه
وَجِئتُهُ زائِراً فَجاوَزَ بِيَ ال / أَخلاقَ مِن مالِهِ إِلى جُدُدِه
فَرُحتُ مِن عِندِهِ وَلي رِفدٌ / يَنالُها المُعتَفونَ مِن رِفَدِه
وَهَل يَرى العُسرَ عِذرَةً رَجَلٌ / خالِدٌ المَزيَدِيُّ مِن عُدَدِه
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا / عِمارَةَ رَحلي مِن طَريفٍ وَتالِدِ
أَصادَفتَ كَنزاً أَم صَبَحتَ بِغارَةٍ / ذَوي غِرَّةٍ حاميهُمُ غَيرُ شاهِدِ
فَقُلتُ لَهُم لا ذا وَلا ذاكَ دَيدَني / وَلَكِنَّني أَقبَلتُ مِن عِندِ خالِدِ
جَذَبتُ نَداهُ غُدوَةَ السَبتِ جَذبَةً / فَخَرَّ صَريعاً بَينَ أَيدي القَصائِدِ
فَأُبتُ بِنُعمى مِنهُ بَيضاءَ لَدنَةٍ / كَثيرَةِ قَرحٍ في قُلوبِ الحَواسِدِ
هِيَ الناهِدُ الرَيا إِذا نِعمَةُ اِمرِئٍ / سُواهُ غَدَت مَمسوحَةً غَيرَ ناهِدِ
فَزَعتُ عِقابَ الأَرضِ وَالشِعرِ مادِحاً / لَهُ فَاِرتَقى بي في عِقابِ المَحامِدِ
فَأَلبَسَني مِن أُمَّهاتِ تِلادِهِ / وَأَلبَستُهُ مِن أُمَّهاتِ قَلائِدي
لَأَشكُرَنَّكَ إِن لَم أوتَ مِن أَجَلي
لَأَشكُرَنَّكَ إِن لَم أوتَ مِن أَجَلي / شُكراً يُوافيكَ عَنّي آخِرَ الأَبَدِ
وَإِن تَوَرَّدتُ مِن بَحرِ البُحورِ نَدىً / وَلَم أَنَل مِنهُ إِلّا غُرفَةً بِيَدي
أَروَيتَ ظَمآنَ الصَعيدِ الهامِدِ
أَروَيتَ ظَمآنَ الصَعيدِ الهامِدِ / وَمَلَأتَ مِن جِزعَيكَ عَينَ الرائِدِ
وَلَقَد أَتَيتُكَ صادِياً فَكَرَعتُ في / شِيَمٍ أَلَذَّ مِنَ الزُلالِ البارِدِ
مَهَّدتُ لِاِسمِكَ مَنزِلاً وَمَحِلَّةً / في الشِعرِ بَينَ نَوادِرٍ وَشَواهِدِ
فَهُوَ المُراحُ لِكُلِّ مَعنىً عازِبٍ / وَهوَ العِقالُ لِكُلِّ بَيتٍ شارِدِ
كَم نِعمَةٍ زَيَّنَتَني بِسُموطِها / كَالعِقدِ في عُنُقِ الكِعابِ الناهِدِ
غادَرتَها كَالسورِ عولي سَمكُهُ / مَضروبَةً بَيني وَبَينَ الحاسِدِ
فَاِشدُد يَدَيكَ عَلى يَدَيَّ وَتَلافَني / مِن مَطلَبٍ كَدِرِ المَوارِدِ راكِدِ
أَصبَحتُ في طُرُقاتِهِ وَوُجوهِهِ / أَعمى وَلَكِنّي نَبيلُ القائِدِ
تِلكَ القَليبُ مُباحَةً أَرجاؤُها / وَالحَوضُ مُنتَظِرٌ وُرودَ الوارِدِ
وَالدَلوُ بالِغَةُ الرِشاءِ مَليئَةٌ / بِالرِيِّ إِن وُصِلَت بِباعٍ واحِدِ
يا بُعدَ غايَةِ دَمعِ العَينِ إِن بَعُدوا
يا بُعدَ غايَةِ دَمعِ العَينِ إِن بَعُدوا / هِيَ الصَبابَةُ طولَ الدَهرِ وَالسُهُدُ
قالوا الرَحيلُ غَداً لا شَكَّ قُلتُ لَهُم / اليَومَ أَيقَنتُ أَنَّ اِسمَ الحِمامِ غَدُ
كَم مِن دَمٍ يُعجِزُ الجَيشَ اللُهامَ إِذا / بانوا سَتَحكُمُ فيهِ العِرمِسُ الأُجُدُ
ما لِاِمرِئٍ خاضَ في بَحرِ الهَوى عُمُرٌ / إِلّا وَلِلبَينِ مِنهُ السَهلُ وَالجَلَدُ
كَأَنَّما البَينُ مِن إِلحاحِهِ أَبَداً / عَلى النُفوسِ أَخٌ لِلمَوتِ أَو وَلَدُ
تَداوَ مِن شَوقِكَ الأَعصى بِما فَعَلَت / خَيلُ اِبنِ يوسُفَ وَالأَبطالُ تَطَّرِدُ
ذاكَ السُرورُ الَّذي آلَت بَشاشَتُهُ / أَلّا يُجاوِرَها في مُهجَةٍ كَمَدُ
لَقيتَهُم وَالمَنايا غَيرُ دافِعَةٍ / لِما أَمَرتَ بِهِ وَالمُلتَقى كَبَدُ
في مَوقِفٍ وَقَفَ المَوتُ الزُعافُ بِهِ / فَالمَوتُ يوجَدُ وَالأَرواحُ تُفتَقَدُ
في حَيثُ لا مَرتَعُ البيضِ الرِقاقِ إِذا / أُصلِتنَ جَدبٌ وَلا وِرَدُ القَنا ثَمَدُ
مُستَصحِباً نِيَّةً قَد طالَ ما ضَمِنَت / لَكَ الخُطوبُ فَأَوفَت بِالَّذي تَعِدُ
وَرُحبَ صَدرٍ لَوَ أَنَّ الأَرضَ واسِعَةٌ / كَوُسعِهِ لَم يَضِق عَن أَهلِها بَلَدُ
صَدَعتَ جِريَتَهُم في عُصبَةٍ قُلُلٍ / قَد صَرَّحَ الماءُ عَنها وَاِنجَلى الزَبَدُ
مِن كُلِّ أَروَعَ تَرتاعُ المَنونُ لَهُ / إِذا تَجَرَّدَ لا نَكسٌ وَلا جَحِدُ
يَكادُ حينَ يُلاقي القِرنَ مِن حَنَقٍ / قَبلَ السِنانِ عَلى حَوبائِهِ يَرِدُ
قَلّوا وَلَكِنَّهُم طابوا فَأَنجَدَهُم / جَيشٌ مِنَ الصَبرِ لا يُحصى لَهُ عَدَدُ
إِذا رَأَوا لِلمَنايا عارِضاً لَبِسوا / مِنَ اليَقينِ دُروعاً ما لَها زَرَدُ
نَأَوا عَنِ المَصرَخِ الأَدنى فَلَيسَ لَهُم / إِلّا السُيوفَ عَلى أَعدائِهِم مَدَدُ
وَلّى مُعاوِيَةٌ عَنهُم وَقَد حَكَمَت / فيهِ القَنا فَأَبى المِقدارُ وَالأَمَدُ
نَجّاكَ في الرَوعِ ما نَجّى سَمِيَّكَ في / صِفّينَ وَالخَيلُ بِالفُرسانِ تَنجَرِدُ
إِن تَنفَلِت وَأُنوفُ المَوتِ راغِمَةٌ / فَاِذَهب فَأَنتَ طَليقُ الرَكضِ يا لُبَدُ
لا خَلقَ أَربَطُ جَأشاً مِنكَ يَومَ تَرى / أَبا سَعيدٍ وَلَم يَبطِش بِكَ الزُؤُدُ
أَما وَقَد عِشتَ يَوماً بَعدَ رُؤيَتِهِ / فَاِفخَر فَإِنَّكَ أَنتَ الفارِسُ النَجُدُ
لَو عايَنَ الأَسَدُ الضِرغامُ رُؤيَتَهُ / ما ليمَ أَن ظَنَّ رُعباً أَنَّهُ الأَسَدُ
شَتّانَ بَينَهُما في كُلِّ نازِلَةٍ / نَهجُ القَضاءِ مُبينٌ فيهِما جَدَدُ
هَذا عَلى كَتِفَيهِ كُلُّ نازِلَةٍ / تُخشى وَذاكَ عَلى أَكتافِهِ اللِبَدُ
أَعيا عَلَيَّ وَما أَعيا بِمُشكِلَةٍ / بِسَندَبايا وَيَومُ الرَوعِ مُحتَشِدُ
مَن كانَ أَنكَأَ حَدّاً في كَتائِبِهِم / أَأَنتَ أَم سَيفُكَ الماضي أَمِ الأَحَدُ
لا يَومَ أَكثَرُ مِنهُ مَنظَراً حَسَناً / وَالمَشرَفِيَّةُ في هاماتِهِم تَخِدُ
أَنهَبتَ أَرواحَهُ الأَرماحَ إِذ شُرِعَت / فَما تُرَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ عَنهُ يَدُ
كَأَنَّها وَهيَ في الأَوداجِ والِغَةٌ / وَفي الكُلى تَجِدُ الغَيظَ الَّذي نَجِدُ
مِن كُلِّ أَزرَقَ نَظّارٍ بِلا نَظَرٍ / إِلى المَقاتِلِ ما في مَتنِهِ أَوَدُ
كَأَنَّهُ كانَ تِربَ الحُبِّ مُذ زَمَنٍ / فَلَيسَ يُعجِزُهُ قَلبٌ وَلا كَبِدُ
تَرَكتَ مِنهُم سَبيلَ النارِ سابِلَةً / في كُلِّ يَومٍ إِلَيها عُصبَةٌ تَفِدُ
كَأَنَّ بابَكَ بِالبَذَّينِ بَعدَهُمُ / نُؤيٌ أَقامَ خِلافَ الحَيِّ أَو وَتِدُ
بِكُلِّ مُنعَرَجٍ مِن فارِسٍ بَطَلٍ / جَناجِنٌ فِلَقٌ فيها قَناً قِصَدُ
لَمّا غَدا مُظلِمَ الأَحشاءِ مِن أَشَرٍ / أَسكَنتَ جانِحَتَيهِ كَوكَباً يَقِدُ
وَهارِبٍ وَدَخيلُ الرَوعِ يَجلُبُهُ / إِلى المَنونِ كَما يُستَجلَبُ النَقَدُ
كَأَنَّما نَفسُهُ مِن طولِ حَيرَتِها / مِنها عَلى نَفسِهِ يَومَ الوَغى رَصَدُ
تَاللَهِ نَدري أَالإِسلامُ يَشكُرُها / مِن وَقعَةٍ أَم بَنو العَبّاسِ أَم أُدَدُ
يَومٌ بِهِ أَخَذَ الإِسلامُ زينَتَهُ / بِأَسرِها وَاِكتَسى فَخراً بِهِ الأَبَدُ
يَومٌ يَجيءُ إِذا قامَ الحِسابُ وَلَم / يَذمُمهُ بَدرٌ وَلَم يُفضَح بِهِ أُحُدُ
وَأَهلُ موقانَ إِذ ماقوا فَلا وَزَرٌ / أَنجاهُمُ مِنكَ في الهَيجا وَلا سَنَدُ
لَم تَبقَ مُشرِكَةٌ إِلّا وَقَد عَلِمَت / إِن لَم تَتُب أَنَّهُ لِلسَيفِ ما تَلِدُ
وَالبَبرُ حينَ اِطلَخَمَّ الأَمرُ صَبَّحَهُم / قَطرٌ مِنَ الحَربِ لَمّا جاءَهُم خَمَدوا
كادَت تُحَلُّ طُلاهُم مِن جَماجِمِهِم / لَو لَم يَحُلّوا بِبَذلِ الحُكمِ ما عَقَدوا
لَكِن نَدَبتَ لَهُم رَأيَ اِبنِ مُحصَنَةٍ / يَخالُهُ السَيفُ سَيفاً حينَ يَجتَهِدُ
في كُلِّ يَومٍ فُتوحٌ مِنكَ وارِدَةٌ / تَكادُ تَفهَمُها مِن حُسنِها البُرُدُ
وَقائِعٌ عَذُبَت أَنباؤُها وَحَلَت / حَتّى لَقَد صارَ مَهجوراً لَها الشُهُدُ
إِنَّ اِبنَ يوسُفَ نَجّى الثَغرَ مِن سَنَةٍ / أَعوامُ يوسُفَ عَيشٌ عِندَها رَغَدُ
آثارُ أَموالِكَ الأَدثارِ قَد خَلُقَت / وَخَلَّفَت نِعَماً آثارُها جُدُدُ
فَاِفخَر فَما مِن سَماءٍ لِلنَدى رُفِعَت / إِلّا وَأَفعالُكَ الحُسنى لَها عَمَدُ
وَاِعذِر حَسودَكَ فيما قَد خُصِصتَ بِهِ / إِنَّ العُلى حَسَنٌ في مِثلِها الحَسَدُ
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ / وَعادَ قَتاداً عِندَها كُلُّ مَرقَدِ
وَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّهُ / صُدودُ فِراقٍ لا صُدودُ تَعَمُّدِ
فَأَجرى لَها الإِشفاقُ دَمعاً مُوَرَّداً / مِنَ الدَمِ يَجري فَوقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
هِيَ البَدرُ يُغنيها تَوَدُّدُ وَجهِها / إِلى كُلِّ مَن لاقَت وَإِن لَم تَوَدَّدِ
وَلَكِنَّني لَم أَحوِ وَفراً مُجَمَّعاً / فَفُزتُ بِهِ إِلّا بِشَملٍ مُبَدَّدِ
وَلَم تُعطِني الأَيّامُ نَوماً مُسَكَّناً / أَلَذُّ بِهِ إِلّا بِنَومٍ مُشَرَّدِ
وَطولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ / لِديباجَتَيهِ فَاِغتَرِب تَتَجَدَّدِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ زيدَت مَحَبَّةً / إِلى الناسِ أَن لَيسَت عَلَيهِم بِسَرمَدِ
حَلَفتُ بِرَبِّ البيضِ تَدمى مُتونُها / وَرَبِّ القَنا المُنآدِ وَالمُتَقَصَّدِ
لَقَد كَفَّ سَيفُ الصامِتِّيِ مُحَمَّدٍ / تَباريحَ ثَأرِ الصامِتِيِّ مُحَمَّدِ
رَمى اللَهُ مِنهُ بابَكاً وَوُلاتَهُ / بِقاصِمَةِ الأَصلابِ في كُلِّ مَشهَدِ
بِأَسمَحَ مِن غُرِّ الغَمامِ سَماحَةً / وَأَشجَعَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَأَنجَدِ
إِذا ما دَعَوناهُ بِأَجلَحَ أَيمَنٍ / دَعاهُ وَلَم يَظلِم بِأَصلَعَ أَنكَدِ
فَتىً يَومَ بَذِّ الخُرَّمِيَّةِ لَم يَكُن / بِهَيّابَةٍ نِكسٍ وَلا بِمُعَرِّدِ
قِفا سَندَبايا وَالرِماحُ مُشيحَةٌ / تُهَدّى إِلى الروحِ الخَفِيِّ فَتَهتَدي
عَدا اللَيلُ فيها عَن مُعاوِيَةَ الرَدى / وَما شَكَّ رَيبُ الدَهرِ في أَنَّهُ رَدي
لَعَمري لَقَد حَرَّرتَ يَومَ لَقيتَهُ / لَوَ اِنَّ القَضاءَ وَحدَهُ لَم يُبَرِّدِ
فَإِن يَكُنِ المِقدارُ فيهِ مُفَنِّدا / فَما هُوَ في أَشياعِهِ بِمُفَنِّدِ
وَفي أَرشَقِ الهَيجاءِ وَالخَيلُ تَرتَمي / بِأَبطالِها في جاحِمٍ مُتَوَقِّدِ
عَطَطتَ عَلى رَغمِ العِدا عَزمَ بابِكٍ / بِصَبرِكَ عَطَّ الأَتحَمِيِّ المُعَضَّدِ
فَإِلّا يَكُن وَلّى بِشِلوٍ مُقَدَّدٍ / هُناكَ فَقَد وَلّى بِعَزمٍ مُقَدَّدِ
وَقَد كانَتِ الأَرماحُ أَبصَرنَ قَلبَهُ / فَأَرمَدَها سِترُ القَضاءِ المُمَدَّدِ
وَموقانَ كانَت دارَ هِجرَتِهِ فَقَد / تَوَرَّدتَها بِالخَيلِ أَيَّ تَوَرُّدِ
حَطَطتَ بِها يَومَ العَروبَةِ عِزَّهُ / وَكانَ مُقيماً بَينَ نَسرٍ وَفَرقَدِ
رَآكَ سَديدَ الرَأيِ وَالرُمحِ في الوَغى / تَأَزَّرُ بِالإِقدامِ فيهِ وَتَرتَدي
وَلَيسَ يُجَلّي الكَربَ رَأيٌ مُسَدَّدٌ / إِذا هُوَ لَم يُؤنَس بِرُمحٍ مُسَدَّدِ
فَمَرَّ مُطيعاً لِلعَوالي مُعَوَّداً / مِنَ الخَوفِ وَالإِحجامِ ما لَم يُعَوَّدِ
وَكانَ هُوَ الجَلدَ القُوى فَسَلَبتَهُ / بِحُسنِ الجِلادِ المَحضِ حُسنَ التَجَلُّدِ
لَعَمري لَقَد غادَرتَ حِسيَ فُؤادِهِ / قَريبَ رِشاءٍ لِلقَنا سَهلَ مَورِدِ
وَكانَ بَعيدَ القَعرِ مِن كُلِّ ماتِحٍ / فَغادَرتَهُ يُسقى وَيُشرَبُ بِاليَدِ
وَلِلكَذَجِ العُليا سَمَت بِكَ هِمَّةٌ / طَموحٌ يَروحُ النَصرُ فيها وَيَغتَدي
وَقَد خَزَمَت بِالذُلِّ أَنفَ اِبنِ خازِمٍ / وَأَعيَت صَياصيها يَزيدَ بنَ مَزيَدِ
فَقَيَّدتَ بِالإِقدامِ مُطلَقَ بَأسِهِم / وَأَطلَقتَ فيهِم كُلَّ حَتفٍ مُقَيَّدِ
وَبِالهَضبِ مِن أَبرِشتَويمَ وَدَروَذٍ / عَلَت بِكَ أَطرافُ القَنا فَاِعلُ وَاِزدَدِ
أَفادَتكَ فيها المُرهَفاتُ مَآثِراً / تُعَمَّرُ عُمرَ الدَهرِ إِن لَم تُخَلَّدِ
وَلَيلَةَ أَبلَيتَ البَياتَ بَلاءَهُ / مِنَ الصَبرِ في وَقتٍ مِنَ الصَبرِ مُجحِدِ
فَيا جَولَةً لا تَجحَديهِ وَقارَهُ / وَيا سَيفُ لا تَكفُر وَيا ظُلمَةُ اِشهَدي
وَيا لَيلُ لَو أَنّي مَكانَكَ بَعدَها / لَما بِتُّ في الدُنيا بِنَومٍ مُسَهَّدِ
وَقائِعُ أَصلُ النَصرِ فيها وَفَرعُهُ / إِذا عُدِّدَ الإِحسانُ أَو لَم يُعَدَّدِ
فَمَهما تَكُن مِن وَقعَةٍ بَعدُ لا تَكُن / سِوى حَسَنٍ مِمّا فَعَلتَ مُرَدَّدِ
مَحاسِنُ أَصنافِ المُغَنّينَ جَمَّةٌ / وَما قَصَباتُ السَبقِ إِلّا لِمَعبَدِ
جَلَوتَ الدُجى عَن أَذرَبيجانَ بَعدَما / تَرَدَّت بِلَونٍ كَالغَمامَةِ أَربَدِ
وَكانَت وَلَيسَ الصُبحُ فيها بِأَبيَضٍ / فَأَمسَت وَلَيسَ اللَيلُ فيها بِأَسوَدِ
رَأى بابَكٌ مِنكَ الَّتي طَلَعَت لَهُ / بِنَحسٍ وَلِلدينِ الحَنيفِ بِأَسعُدِ
هَزَزتَ لَهُ سَيفاً مِنَ الكَيدِ إِنَّما / تُجَذُّ بِهِ الأَعناقُ ما لَم يُجَرَّدِ
يَسُرُّ الَّذي يَسطو بِهِ وَهُوَ مُغمَدٌ / وَيَفضَحُ مَن يَسطو بِهِ غَيرَ مُغمَدِ
وَإِنّي لَأَرجو أَن تُقَلِّدَ جيدَهُ / قِلادَةَ مَصقولِ الذُبابِ مُهَنَّدِ
مُنَظَّمَةً بِالمَوتِ يَحظى بِحَليِها / مُقَلِّدُها في الناسِ دونَ المُقَلَّدِ
إِلَيكَ هَتكَنا جُنحِ لَيلٍ كَأَنَّهُ / قَدِ اِكتَحَلَت مِنهُ البِلادُ بِإِثمِدِ
تَقَلقَلُ بي أُدمُ المَهارى وَشومُها / عَلى كُلِّ نَشزٍ مُتلَئِبٍّ وَفَدفَدِ
تُقَلِّبُ في الآفاقِ صِلاً كَأَنَّما / يُقَلِّبُ في فَكَّيهِ شِقَّةَ مِبرَدِ
تَلافى جَداكَ المُجتَدينَ فَأَصبَحوا / وَلَم يَبقَ مَذخورٌ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
إِذا ما رَحىً دارَت أَدَرتَ سَماحَةً / رَحى كُلِّ إِنجازٍ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
أَتَيتُكَ لَم أَفزَع إِلى غَيرِ مَفزَعٍ / وَلَم أَنشُدِ الحاجاتِ في غَيرِ مَنشَدِ
وَمَن يَرجُ مَعروفَ البَعيدِ فَإِنَّما / يَدي عَوَّلَت في النائِباتِ عَلى يَدي
أَظُنُّ دُموعَها سَنَنَ الفَريدِ
أَظُنُّ دُموعَها سَنَنَ الفَريدِ / وَهى سِلكاهُ مِن نَحرٍ وَجيدِ
لَها مِن لَوعَةِ البَينِ اِلتِدامٌ / يُعيدُ بَنَفسَجاً وَردَ الخُدودِ
حَمَتنا الطَيفَ مِن أُمِّ الوَليدِ / خُطوبٌ شَيَّبَت رَأسَ الوَليدِ
رَآنا مُشعَري أَرَقٍ وَحُزنٍ / وَبُغيَتُهُ لَدى الرَكبِ الهُجودِ
سُهادٌ يَرجَحِنُّ الطَرفُ مِنهُ / وَيولِعُ كُلَّ طَيفٍ بِالصُدودِ
بِأَرضِ البَذِّ في خَيشومِ حَربٍ / عَقيمٍ مِن وَشيكِ رَدىً وَلودِ
تَرى قَسَماتِنا تَسوَدُّ فيها / وَما أَخلاقُنا فيها بِسودِ
تُقاسِمُنا بِها الجُردُ المَذاكي / سِجالَ الكَرِّ وَالدَأبِ العَنيدِ
فَتُمسي في سَوابِغَ مُحكَماتٍ / وَتُمسي في السُروجِ وَفي اللُبودِ
حَذَوناها الوَجى وَالأَينَ حَتّى / تَجاوَزَتِ الرُكوعَ إِلى السُجودِ
إِذا خَرَجَت مِنَ الغَمَراتِ قُلنا / خَرَجتِ حَبائِساً إِن لَم تَعودي
فَكَم مِن سُؤدُدٍ أَمكَنتِ مِنهُ / بِرُمَّتِهِ عَلى أَن لَم تَسودي
أَهانَكِ لِلطِرادِ وَلَم تَهوني / عَلَيهِ وَلِلقِيادِ أَبو سَعيدِ
بَلاكِ فَكُنتِ أَرشِيَةَ الأَماني / وَبُردَ مَسافَةِ المَجدِ البَعيدِ
فَتىً هَزَّ القَنا فَحَوى سَناءً / بِها لا بِالأَحاظي وَالجُدودِ
إِذا سَفَكَ الحَياءَ الرَوعُ يَوماً / وَقى دَمَ وَجهِهِ بِدَمِ الوَريدِ
قَضى مِن سَندَبايا كُلَّ نَحبٍ / وَأَرشَقَ وَالسُيوفَ مِنَ الشُهودِ
وَأَرسَلَها عَلى موقانَ رَهواً / تُثيرُ النَقعَ أَكدَرَ بِالكَديدِ
رَآهُ العِلجُ مُقتَحِماً عَلَيهِ / كَما اِقتَحَمَ الفَناءُ عَلى الخُلودِ
فَمَرَّ وَلَو يُجاري الريحَ خيلَت / لَدَيهِ الريحُ تَرسُفُ في القُيودِ
شَهِدتُ لَقَد أَوى الإِسلامُ مِنهُ / غَدائِتِذٍ إِلى رُكنٍ شَديدِ
وَلِلكَذَجاتِ كُنتَ لِغَيرِ بُخلٍ / عَقيمَ الوَعدِ مِنتاجَ الوَعيدِ
غَدَت غيرانُهُم لَهُمُ قُبوراً / كَفَت فيهِم مَؤوناتِ اللُحودِ
كَأَنَّهُمُ مَعاشِرُ أُهلِكوا مِن / بَقايا قَومٍ عادِ أَو ثَمودِ
وَفي أَبرِشتَويمَ وَهَضبَتَيها / طَلَعتَ عَلى الخِلافَةِ بِالسُعودِ
بِضَربٍ تَرقُصُ الأَحشاءُ مِنهُ / وَتَبطُلُ مُهجَةُ البَطَلِ النَجيدِ
وَبَيَّتَّ البَياتَ بِعَقدِ جَأشٍ / أَشَدُّ قُوىً مِنَ الحَجَرِ الصَلودِ
رَأَوا لَيثَ الغَريفَةِ وَهوَ مُلقٍ / ذِراعَيهِ جَميعاً بِالوَصيدِ
عَليماً أَن سَيَرفُلُ في المَعالي / إِذا ما باتَ يَرفُلُ في الحَديدِ
وَيَومَ التَلِّ تَلِّ البَذِّ أُبنا / وَنَحنُ قِصارُ أَعمارِ الحُقودِ
قَسَمناهُم فَشَطرٌ لِلعَوالي / وَآخَرُ في لَظىً حَرِقِ الوَقودِ
كَأَنَّ جَهَنَّمَ اِنضَمَّت عَلَيهِم / كِلاها غَيرَ تَبديلِ الجُلودِ
وَيَومَ اِنصاعَ بابَكُ مُستَمِرّاً / مُباحَ العُقرِ مُجتاحَ العَديدِ
تَأَمَّلَ شَخصَ دَولَتِهِ فَعَنَّت / بِجِسمٍ لَيسَ بِالجِسمِ المَديدِ
فَأَزمَعَ نِيَّةً هَرَباً فَحامَت / حُشاشَتُهُ عَلى أَجَلٍ بَليدِ
تَقَنَّصَهُ بَنو سِنباطَ أَخذاً / بِأَشراكِ المَواثِقِ وَالعُهودِ
وَلَولا أَنَّ ريحَكَ دَرَّبَتهُم / لَأَحجَمَتِ الكِلابُ عَنِ الأُسودِ
وَهِرجاماً بَطَشتَ بِهِ فَقُلنا / خِيارُ البَزِّ كانَ عَلى القَعودِ
وَقائِعُ قَد سَكَبتَ بِها سَواداً / عَلى ما اِحمَرَّ مِن ريشِ البَريدِ
لَئِن عَمَّت بَني حَوّاءَ نَفعاً / لَقَد خَصَّت بَني عَبدِ الحَميدِ
أَقولُ لِسائِلي بِأَبي سَعيدٍ / كَأَن لَم يَشفِهِ خَبَرُ القَصيدِ
أَجِل عَينَيكَ في وَرَقي مَلِيّاً / فَقَد عايَنتَ عامَ المَحلِ عودي
لَبِستُ سِواهُ أَقواماً فَكانوا / كَما أَغنى التَيَمُّمُ بِالصَعيدِ
وَتَركي سُرعَةَ الصَدَرِ اِغتِباطاً / يَدُلُّ عَلى مُوافَقَةِ الوُرودِ
فَتىً أَحيَت يَداهُ بَعدَ يَأسٍ / لَنا المَيتَينِ مِن كَرَمٍ وَجودِ
كُشِفَ الغِطاءُ فَأَوقِدي أَو أَخمِدي
كُشِفَ الغِطاءُ فَأَوقِدي أَو أَخمِدي / لَم تَكمَدي فَظَنَنتِ أَن لَم يَكمَدِ
يَكفيكَهُ شَوقٌ يُطيلُ ظَماءَهُ / فَإِذا سَقاهُ سَقاهُ سَمَّ الأَسوَدِ
عَذَلَت غُروبُ دُموعِهِ عُذّالَهُ / بِسَواكِبٍ فَنَّدنَ كُلَّ مُفَنِّدِ
أَتَتِ النَوى دونَ الهَوى فَأَتى الأَسى / دونَ الأُسى بِحَرارَةٍ لَم تَبرُدِ
جارى إِلَيهِ البَينُ وَصلَ خَريدَةٍ / ماشَت إِلَيهِ المَطلَ مَشيَ الأَكبَدِ
عَبِثَ الفِراقُ بِدَمعِهِ وَبِقَلبِهِ / عَبَثاً يَروحُ الجِدُّ فيهِ وَيَغتَدي
يا يَومَ شَرَّدَ يَومَ لَهوي لَهوُهُ / بِصَبابَتي وَأَذَلَّ عِزَّ تَجَلُّدي
ما كانَ أَحسَنَ لَو غَبَرتَ فَلَم نَقُل / ما كانَ أَقبَحَ يَومَ بُرقَةِ مُنشِدِ
يَومٌ أَفاضَ جَوىً أَغاضَ تَعَزِّياً / خاضَ الهَوى بَحرَي حِجاهُ المُزبِدِ
عَطَفوا الخُدورَ عَلى البُدورِ وَوَكَّلوا / ظُلَمَ السُتورِ بِحورِ عينٍ نُهَّدِ
وَثَنَوا عَلى وَشيِ الخُدودِ صِيانَةً / وَشيَ البُرودِ بِمُسجَفٍ وَمُمَهَّدِ
أَهلاً وَسَهلاً بِالإِمامِ وَمَرحَباً / سَهُلَت حُزونَةُ كُلِّ أَمرٍ قَردَدِ
غَلَّ المَرَوراةَ الصَحاصِحَ عَزمُهُ / بِالعيسِ إِن قَصَدَت وَإِن لَم تَقصِدِ
مُتَجَرِّدٌ ثَبتُ المَواطِىءِ حَزمُهُ / مُتَجَرِّدٌ لِلحادِثِ المُتَجَرِّدِ
فَاِنتاشَ مِصرَ مِنَ اللُتَيّا وَالَّتي / بِتَجاوُزٍ وَتَعَطُّفٍ وَتَغَمُّدِ
في دَولَةٍ لَحَظَ الزَمانُ شُعاعَها / فَاِرتَدَّ مُنقَلِباً بِعَينَي أَرمَدِ
مَن كانَ مَولِدُهُ تَقَدَّمَ قَبلَها / أَو بَعدَها فَكَأَنَّهُ لَم يولَدِ
اللَهُ يَشهَدُ أَنَّ هَديَكَ لِلرِضا / فينا وَيَلعَنُ كُلَّ مَن لَم يَشهَدِ
أَوَلِيَّ أُمَّةِ أَحمَدٍ ما أَحمَدٌ / بِمُضيعِ ما أَولَيتَ أُمَّةَ أَحمَدِ
أَمّا الهُدى فَقَدِ اِقتَدَحتَ بِزَندِهِ / في العالَمينَ فَوَيلُ مَن لَم يَهتَدِ
نَحنُ الفِداءُ مِنَ الرَدى لِخَليفَةٍ / بِرِضاهُ مِن سُخطِ اللَيالي نَفتَدي
مَلِكٌ إِذا ما ذيقَ مُرُّ المُبتَلي / عِندَ الكَريهَةِ عَذبُ ماءِ المَحتِدِ
هَدَمَت مَساعيهِ المَساعي وَاِبتَنَت / خِطَطَ المَكارِمِ في عِراضِ الفَرقَدِ
سَبَقَت خُطا الأَيّامُ عُمرَيّاتُها / وَمَضَت فَصارَت مُسنَداً لِلمُسنَدِ
مازالَ يَمتَحِنُ العُلى وَيَروضُها / حَتّى اِتَّقَتهُ بِكيمِياءِ السُؤدُدِ
وَكَأَنَّما ظَفِرَت يَداهُ بِالمُنى / أَسراً إِذا طَفِرَت يَداهُ بِمُجتَدي
سَخِطَت لَهاهُ عَلى جَداهُ سَخطَةً / فَاِستَرفَدَت أَقصى رِضا المُستَرفِدِ
صَدَمَت مَواهِبُهُ النَوائِبَ صَدمَةً / شَغَبَت عَلى شَغَبِ الزَمانِ الأَنكَدِ
وَطِئَت حُزونَ الأَرضِ حَتّى خِلتَها / فَجَرَت عُيوناً في مُتونِ الجَلمَدِ
وَأَرى الأُمورَ المُشكِلاتِ تَمَزَّقَت / ظُلُماتُها عَن رَأيِكَ المُتَوَقِّدِ
عَن مِثلِ نَصلِ السَيفِ إِلّا أَنَّهُ / مُذ سُلَّ أَوَّلَ سَلَّةٍ لَم يُغمَدِ
فَبَسَطتَ أَزهَرَها بِوَجهٍ أَزهَرٍ / وَقَبَضتَ أَربَدَها بِوَجهٍ أَربَدِ
مازِلتَ تَرغَبُ في العُلى حَتّى بَدَت / لِلراغِبينَ زَهادَةٌ في العَسجَدِ
لَو يَعلَمُ العافونَ كَم لَكَ في النَدى / مِن لَذَّةٍ وَقَريحَةٍ لَم تُحمَدِ
وَكَأَنَّما نافَستَ قَدرَكَ حَظَّهُ / وَحَسَدتَ نَفسَكَ حينَ أَن لَم تُحسَدِ
فَإِذا بَنَيتَ بِجودِ يَومِكَ مَفخَراً / عَصَفَت بِهِ أَرواحُ جودِكَ في غَدِ
وَبَلَغتَ مَجهودَ الخَلائِقِ آخِذاً / فيها بِشَأوِ خَلائِقٍ لَم تُجهَدِ
فَلَوَيتَ بِالمَوعودِ أَعناقَ الوَرى / وَحَطَمتَ بِالإِنجازِ ظَهرَ المَوعِدِ
خابَ اِمرُؤٌ نَحِسَ الزَمانُ بِسَعيِهِ / فَأَقامَ عَنكَ وَأَنتَ سَعدُ الأَسعَدِ
ذاكَ الَّذي قَرِحَت بُطونُ جُفونِهِ / مَرَهاً وَتُربَةُ أَرضِهِ مِن إِثمِدِ
هَذا أَمينَ اللَهِ آخِرُ مَصدَرٍ / شَجِيَ الظَماءُ بِهِ وَأَوَّلُ مَورِدِ
وَوَسيلَتي فيها إِلَيكَ طَريفَةٌ / شامٍ يَدينُ بِحُبِّ آلِ مُحَمَّدِ
نيطَت قَلائِدُ عَزمِهِ بِمُحَبِّرٍ / مُتَكَوِّفٍ مُتَدَمشِقٍ مُتَبَغدِدِ
حَتّى لَقَد ظَنَّ الغُواةُ وَباطِلٌ / أَن قَد تَجَسّمَ فِيَّ روحُ السَيِّدِ
وَمُزَحزَحاتي عَن ذَراكِ عَوائِقٌ / أَصحَرنَ بي لِلعَنقَفيرِ المُؤيِدِ
وَمَتى يُخَيِّم في اللِقاءِ عَناؤُها / فَعَناؤُها يَطوي المَراحِلَ في اليَدِ
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ / أَقايَضتِ حورَ العينِ بِالعونِ وَالرُبدِ
إِذا شِئنَ بِالأَلوانِ كُنَّ عِصابَةً / مِنَ الهِندِ وَالآذانِ كُنَّ مِنَ الصُغدِ
لَعُجنا عَلَيكِ العيسَ بَعدَ مَعاجِها / عَلى البيضِ أَتراباً عَلى النُؤيِ وَالوَدِّ
فَلا دَمعَ ما لَم يَجرِ في إِثرِهِ دَمٌ / وَلا وَجدَ ما لَم تَعيَ عَن صِفَةِ الوَجدِ
وَمَقدودَةٍ رُؤدٍ تَكادُ تَقُدُّها / إِصابَتُها بِالعَينِ مِن حَسَنِ القَدِّ
تُعَصفِرُ خَدَّيها العُيونُ بِحُمرَةٍ / إِذا وَرَدَت كانَت وَبالاً عَلى الوَردِ
إِذا زَهَّدَتني في الهَوى خيفَةُ الرَدى / جَلَت لِيَ عَن وَجهٍ يُزَهِّدُ في الزُهدِ
وَقَفتُ بِها اللَذّاتِ في مُتَنَفَّسٍ / مِنَ الغَيثِ يَسقي رَوضَةً في ثَرىً جَعدِ
وَصَفراءَ أَحدَقنا بِها في حَدائِقٍ / تَجودُ مِنَ الأَثمارِ بِالثَعدِ وَالمَعدِ
بِقاعِيَّةٍ تَجري عَلَينا كُؤوسُها / فَنُبدي الَّذي تُخفي وَنُخفي الَّذي تُبدي
بِنَصرِ بنِ مَنصورِ بنِ بَسّامٍ اِنفَرى / لَنا شَظَفُ الأَيّامِ عَن عيشَةٍ رَغدِ
أَلا لا يَمُدَّ الدَهرُ كَفّاً بِسَيِّئٍ / إِلى مُجتَدي نَصرٍ فَتُقطَع مِنَ الزَندِ
بِسَيبِ أَبي العَبّاسِ بُدِّلَ أَزلُنا / بِخَفضٍ وَصِرنا بَعدَ جَزرٍ إِلى مَدِّ
غَنيتُ بِهِ عَمَّن سِواهُ وَحُوِّلَت / عِجافُ رِكابي عَن سُعَيدٍ إِلى سَعدِ
لَهُ خُلُقٌ سَهلٌ وَنَفسٌ طِباعُها / لَيانٌ وَلَكِن عِرضُهُ مِن صَفاً صَلدِ
رَأَيتُ اللَيالي قَد تَغَيَّرَ عَهدُها / فَلَمّا تَراءى لي رَجَعنَ إِلى العَهدِ
أَسائِلَ نَصرٍ لا تَسَلهُ فَإِنَّهُ / أَحَنُّ إِلى الإِرفادِ مِنكَ إِلى الرَفدِ
فَتىً لا يُبالي حينَ تَجتَمِعُ العُلى / لَهُ أَن يَكونَ المالُ في السُحقِ وَالبُعدِ
فَتىً جودُهُ طَبعٌ فَلَيسَ بِحافِلٍ / أَفي الجَورِ كانَ الجودُ مِنهُ أَمِ القَصدِ
إِذا طَرَقَتهُ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ / مَخَضنَ سِقاءً مِنهُ لَيسَ بِذي زُبدِ
وَنَبَّهنَ مِثلَ السَيفِ لَو لَم تَسُلَّهُ / يَدانِ لَسَلَّتهُ ظَباهُ مِنَ الغِمدِ
سَأَحمَدُ نَصراً ما حَيِيتُ وَإِنَّني / لَأَعلَمُ أَن قَد جَلَّ نَصرٌ عَنِ الحَمدِ
تَجَلّى بِهِ رُشدي وَأَثرَت بِهِ يَدي / وَفاضَ بِهِ ثَمدي وَأَورى بِهِ زَندي
فَإِن يَكُ أَربى عَفوُ شُكري عَلى نَدى / أُناسٍ فَقَد أَربى نَداهُ عَلى جُهدي
وَمازالَ مَنشوراً عَلَيَّ نَوالُهُ / وَعِندي حَتّى قَد بَقيتُ بِلا عِندي
وَقَصَّرَ قَولي مِن بَعدِ ما أَرى / أَقولُ فَأُشجي أُمَّةً وَأَنا وَحدي
بَغَيتُ بِشِعري فَاِعتَلاهُ بِبَذلِهِ / فَلا يَبغِ في شِعرٍ لَهُ أَحَدٌ بَعدي
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ / وَإِن هِيَ لَم تَسمَع لِنَشدانِ ناشِدِ
لَقَد أَطرَقَ الرَبعُ المُحيلُ لِفَقدِهِم / وَبَينِهِم إِطراقَ ثَكلانَ فاقِدِ
وَأَبقَوا لِضَيفِ الحُزنِ مِنِّيَ بَعدَهُم / قِرىً مِن جَوىً سارٍ وَطَيفِ مُعاوِدِ
سَقَتهُ ذُعافاً عادَةُ الدَهرِ فيهِمِ / وَسَمُّ اللَيالي فَوقَ سَمِّ الأَساوِدِ
بِهِ عِلَّةٌ لِلبَينِ صَمّاءُ لَم تُصِخ / لِبُرءٍ وَلَم توجِب عِيادَةَ عائِدِ
وَفي الكِلَّةِ الوَردِيَّةِ اللَونِ جُؤذُرٌ / مِنَ الإِنسِ يَمشي في رِقاقِ المَجاسِدِ
رَمَتهُ بِخُلفٍ بَعدَ أَن عاشَ حِقبَةً / لَهُ رَسَفانٌ في قُيودِ المَواعِدِ
غَدَت مُغتَدى الغَضبى وَأَوصَت خَيالَها / بِحَرّانَ نِضوِ العيسِ نِضوِ الخَرائِدِ
وَقالَت نِكاحُ الحُبِّ يُفسِدُ شَكلَهُ / وَكَم نَكَحوا حُبّاً وَلَيسَ بِفاسِدِ
سَآوي بِهَذا القَلبِ مِن لَوعَةِ الهَوى / إِلى ثَغَبٍ مِن نُطفَةِ اليَأسِ بارِدِ
وَأَروَعَ لا يُلقي المَقالِدَ لِاِمرِئٍ / فَكُلُّ اِمرِئٍ يُلقي لَهُ بِالمَقالِدِ
لَهُ كِبرِياءُ المُشتَري وَسُعودُهُ / وَسَورَةُ بَهرامٍ وَظَرفُ عُطارِدِ
أَغَرُّ يَداهُ فُرصَتا كُلِّ طالِبٍ / وَجَدواهُ وَقفٌ في سَبيلِ المَحامِدِ
فَتىً لَم يَقُم فَرداً بِيَومِ كَريهَةٍ / وَلا نائِلٍ إِلّا كَفى كُلَّ قاعِدِ
وَلا اِشتَدَّتِ الأَيّامُ إِلّا أَلانَها / أَشَمُّ شَديدُ الوَطءِ فَوقَ الشَدائِدِ
بَلَوناهُ فيها ماجِداً ذا حَفيظَةٍ / وَما كانَ رَيبُ الدَهرِ فيها بِماجِدِ
غَدا قاصِداً لِلحَمدِ حَتّى أَصابَهُ / وَكَم مِن مُصيبٍ قَصدَهُ غَيرُ قاصِدِ
هُمُ حَسَدوهُ لا مَلومينَ مَجدَهُ / وَما حاسِدٌ في المَكرُماتِ بِحاسِدِ
قَراني اللُهى وَالوُدَّ حَتّى كَأَنَّما / أَفادَ الغِنى مِن نائِلي وَفَوائِدي
فَأَصبَحَ يَلقاني الزَمانُ مِنَ اِجلِهِ / بِإِعظامِ مَولودٍ وَرَأفَةِ والِدِ
يَصُدُّ عَنِ الدُنيا إِذا عَنَّ سُؤدُدٌ / وَلَو بَرَزَت في زِيِّ عَذراءَ ناهِدِ
إِذا المَرءُ لَم يَزهَد وَقَد صُبِغَت لَهُ / بِعُصفُرِها الدُنيا فَلَيسَ بِزاهِدِ
فَواكَبِدي الحَرّى وَواكَبِدَ النَدى / لِأَيّامِهِ لَو كُنَّ غَيرَ بَوائِدِ
وَهَيهاتَ ما رَيبُ الزَمانِ بِمُخلِدٍ / غَريباً وَلا رَيبُ الزَمانِ بِخالِدِ
مُحَمَّدُ يا بنِ الهَيثَمِ بنِ شُبانَةٍ / أَبي كُلَّ دَفّاعٍ عَنِ المَجدِ ذائِدِ
هُمُ شَغَلوا يَومَيكَ بِالبَأسِ وَالنَدى / وَآتَوكَ زَنداً في العُلى غَيرَ خامِدِ
فَإِن كانَ عامٌ عارِمُ المَحلِ فَاِكفِهِ / وَإِن كانَ يَومٌ ذو جِلادٍ فَجالِدِ
إِذا السوقُ غَطَّت آنُفَ السوقِ وَاِغتَدَت / سَواعِدُ أَبناءِ الوَغى في السَواعِدِ
فَكَم لِلعَوالي فيكُمُ مِن مُنادِمٍ / وَلِلمَوتِ صِرفاً مِن حَليفٍ مُعاقِدِ
لِتُحلِفكُمُ النَعماءُ ريشَ جَناحِها / فَما الواحِدُ المَحمودُ مِنكُم بِواحِدِ
لَكُم ساحَةٌ خَضراءُ أَنّى اِنتَجَعتُها / غَدا فارِطي فيها صَدوقاً وَرائِدي
فَما قُلُبي فيها لِأَوَّلِ نازِحٍ / وَلا سَمُري فيها لِأَوَّلِ عاضِدِ
أَذابَت لِيَ الدُنيا يَمينُكَ بَعدَما / وَقَفتُ عَلى شُخبٍ مِنَ العَيشِ جامِدِ
وَنادَتنِيَ التَثويبَ لا أَنَّني اِمرُؤٌ / سَلاكَ وَلا اِستَثنى سِواكَ بِرافِدِ
وَلَكِنَّها مِنّي سَجايا قَديمَةٌ / إِذا لَم يُجَأجَأ بي فَلَستُ بِوارِدِ
وَكَم دِيَةٍ تِمٍّ غَدَوتَ تَسوقُها / لَها أَثَرٌ في تالِدي غَيرُ تالِدِ
وَلَيسَت دِياتٍ مِن دِماءٍ هَرَقتَها / حَراماً وَلَكِن مِن دِماءِ القَصائِدِ
وَلِلَّهِ أَنهارٌ مِنَ الناسِ شَقَّها / لِيَشرَعَ فيها كُلُّ مُقوٍ وَواجِدِ
مَوائِدُ رِزقٍ لِلعِبادِ خَصيبَةٌ / وَأَنتَ لَهُم مِن خَيرِ تِلكَ المَوائِدِ
أَفَضتَ عَلى أَهلِ الجَزيرَةِ نِعمَةً / إِذا شُهِدَت لَم تُخزِهِم في المَشاهِدِ
جَعَلتَ صَميمَ العَدلِ ظِلّاً مَدَدتَهُ / عَلى مَن بِها مِن مُسلِمٍ أَو مُعاهِدِ
فَقَد أَصبَحوا بِالعُرفِ مِنكَ إِلَيهِمُ / وَكُلٌّ مُقِرٌّ مِن مُقِرٍّ وَجاحِدِ
سَأَجهَدُ حَتّى أُبلِغَ الشِعرَ شَأوَهُ / وَإِن كانَ لي طَوعاً وَلَستُ بِجاهِدِ
فَإِن أَنا لَم يَحمَدكَ عَنِّيَ صاغِراً / عَدُوُّكَ فَاِعلَم أَنَّني غَيرُ حامِدِ
بِسَيّاحَةٍ تَنساقُ مِن غَيرِ سائِقٍ / وَتَنقادُ في الآفاقِ مِن غَيرِ قائِدِ
جَلامِدُ تَخطوها اللَيالي وَإِن بَدَت / لَها موضِحاتٌ في رُؤوسِ الجَلامِدِ
إِذا شَرَدَت سَلَّت سَخيمَةَ شانِئٍ / وَرَدَّت عُزوباً مِن قُلوبٍ شَوارِدِ
أَفادَت صَديقاً مِن عَدُوٍّ وَغادَرَت / أَقارِبَ دُنيا مِن رِجالٍ أَباعِدِ
مُحَبَّبَةً ما إِن تَزالُ تَرى لَها / إِلى كُلِّ أُفقٍ وافِداً غَيرَ وافِدِ
وَمُحلِفَةً لَمّا تَرِد أُذنَ سامِعٍ / فَتَصدُرَ إِلّا عَن يَمينٍ وَشاهِدِ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ / وَدَع حِسيَ عَينٍ يَحتَلِب ماءَها الوَجدُ
إِذا اِنصَرَفَ المَحزونُ قَد فَلَّ صَبرَهُ / سُؤالُ المَغاني فَالبُكاءُ لَهُ رِدُّ
بَدَت لِلنَوى أَشياءُ قَد خِلتُ أَنَّها / سَيَبدَأُني رَيبُ الزَمانِ إِذا تَبدو
نَوىً كَاِنقِضاضِ النَجمِ كانَت نَتيجَةً / مِنَ الهَزلِ يَوماً إِنَّ هَزلَ الهَوى جِدُّ
فَلا تَحسَبا هِنداً لَها الغَدرُ وَحدَها / سَجِيَّةَ نَفسٍ كُلُّ غانِيَةٍ هِندُ
وَقالوا أُسىً عَنها وَقَد خَصَمَ الأُسى / جَوانِحُ مُشتاقٍ إِذا خاصَمَت لُدُّ
وَعَينٌ إِذا هَيَّجتَها عادَتِ الكَرى / وَدَمعٌ إِذا اِستَنجَدتَ أَسرابَهُ نَجدُ
وَما خَلفَ أَجفاني شُؤونٌ بَخيلَةٌ / وَلا بَينَ أَضلاعي لَها حَجَرٌ صَلدُ
وَكَم تَحتَ أَرواقِ الصَبابَةِ مِن فَتىً / مِنَ القَومِ حُرٍّ دَمعُهُ لِلهَوى عَبدُ
وَما أَحَدٌ طارَ الفِراقُ بِقَلبِهِ / بِجَلدٍ وَلَكِنَّ الفِراقَ هُوَ الجَلدُ
وَمَن كانَ ذا بَثٍّ عَلى النَأيِ طارِفٍ / فَلي أَبَداً مِن صَرفِهِ حُرَقٌ تُلدُ
فَلا مَلِكٌ فَردُ المَواهِبِ وَاللُهى / يُجاوِزُ بي عَنهُ وَلا رَشَأٌ فَردُ
مُحَمَّدُ يا بنَ الهَيثَمِ اِنقَلَبَت بِنا / نَوىً خَطَأٌ في عَقبِها لَوعَةٌ عَمدُ
وَحِقدٌ مِنَ الأَيّامِ وَهيَ قَديرَةٌ / وَشَرُّ السَجايا قُدرَةٌ جارُها حِقدُ
إِساءَةَ دَهرٍ أَذكَرَت حُسنَ فِعلِهِ / إِلَيَّ وَلَولا الشَريُ لَم يُعرَفِ الشُهدُ
أَما وَأَبي أَحداثِهِ إِنَّ حادِثاً / حَدا بِيَ عَنكَ العيسَ لَلحادِثُ الوَغدُ
مِنَ النَكباتِ الناكِباتِ عَنِ الهَوى / فَمَحبوبُها يَحبو وَمَكروهُها يَعدو
لَيالِيَنا بِالرَقَّتَينِ وَأَهلِها / سَقى العَهدَ مِنكِ العَهدُ وَالعَهدُ وَالعَهدُ
سَحابٌ مَتى يَسحَب عَلى النَبتِ ذَيلَهُ / فَلا رَجِلٌ يَنبو عَلَيهِ وَلا جَعدُ
ضَرَبتُ لَها بَطنَ الزَمانِ وَظَهرَهُ / فَلَم أَلقَ مِن أَيّامِها عِوَضاً بَعدُ
لَدى مَلِكٍ مِن أَيكَةِ الجودِ لَم يَزَل / عَلى كَبِدِ المَعروفِ مِن فِعلِهِ بَردُ
رَقيقِ حَواشي الحِلمِ لَو أَنَّ حِلمَهُ / بِكَفَّيكَ ما مارَيتَ في أَنَّهُ بُردُ
وَذو سَورَةٍ تَفري الفَرِيَّ شَباتُها / وَلا يَقطَعُ الصَمّامُ لَيسَ لَهُ حَدُّ
وَداني الجَدا تَأتي عَطاياهُ مِن عَلٍ / وَمَنصِبُهُ وَعرٌ مَطالِعُهُ جُردُ
فَقَد نَزَلَ المُرتادُ مِنهُ بِماجِدٍ / مَواهِبُهُ غَورٌ وَسُؤدُدُهُ نَجدُ
غَدا بِالأَماني لَم يُرِق ماءَ وَجهِهِ / مِطالٌ وَلَم يَقعُد بِآمالِهِ الرَدُّ
بِأَوفاهُمُ بَرقاً إِذا أَخلَفَ السَنا / وَأَصدَقِهِم رَعداً إِذا كَذَبَ الرَعدُ
أَبَلِّهِم ريقاً وَكَفّاً لِسائِلٍ / وَأَنضَرِهِم وَعداً إِذا صَوَّحَ الوَعدُ
كَريمٌ إِذا أَلقى عَصاهُ مُخَيِّماً / بِأَرضٍ فَقَد أَلقى بِها رَحلَهُ المَجدُ
بِهِ أَسلَمَ المَعروفُ بِالشامِ بَعدَما / ثَوى مُنذُ أَودى خالِدٌ وَهوَ مُرتَدُّ
فَتىً لا يَرى بُدّاً مِنَ البَأسِ وَالنَدى / وَلا شَيءَ إِلّا مِنهُ غَيرَهُما بُدٌّ
حَبيبٌ بَغيضٌ عِندَ راميكَ عَن قِلىً / وَسَيفٌ عَلى شانيكَ لَيسَ لَهُ غِمدٌ
وَكَم أَمطَرَتهُ نَكبَةٌ ثُمَّ فُرِّجَت / وَلِلَّهِ في تَفريجِها وَلَكَ الحَمدُ
وَكَم كانَ دَهراً لِلحَوادِثِ مُضغَةً / فَأَضحَت جَميعاً وَهيَ عَن لَحمِهِ دُردُ
تُصارِعُهُ لَولاكَ كُلُّ مُلِمَّةٍ / وَيَعدو عَلَيهِ الدَهرُ مِن حَيثُ لا يَعدو
تَوَسَّطتَ مِن أَبناءِ ساسانَ هَضبَةً / لَها الكَنَفُ المَحلولُ وَالسَنَدُ النَهدُ
بِحَيثُ اِنتَمَت زُرقُ الأَجادِلِ مِنهُمُ / عُلُوّاً وَقامَت عَن فَرائِسِها الأُسدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الجَفرَ جَفرَكَ في العُلى / قَريبُ الرِشاءِ لا جَرورٌ وَلا ثَمدُ
إِذا صَدَرَت عَنهُ الأَعاجِمُ كُلُّها / فَأَوَّلُ مَن يُروى بِهِ بَعدَها الأَزدُ
لَهُم بِكَ فَخرٌ لا الرِبابُ تُرِبُّهُ / بِدَعوى وَلَم تَسعَد بِأَيّامِهِ سَعدُ
وَكَم لَكَ عِندي مِن يَدٍ مُستَهِلَّةٍ / عَلَيَّ وَلا كُفرانَ عِندي وَلا جَحدُ
يَدٌ يُستَذَلُّ الدَهرُ في نَفَحاتِها / وَيَخضَرُّ مِن مَعروفِها الأُفقُ الوَردُ
وَمِثلِكَ قَد خَوَّلتُهُ المَدحَ جازِياً / وَإِن كُنتَ لا مِثلٌ إِلَيكَ وَلا نِدُّ
نَظَمتُ لَهُ عِقداً مِنَ الشِعرِ تَنضُبُ ال / بِحارُ وَما داناهُ مِن حَليِها عِقدُ
تَسيرُ مَسيرَ الشَمسِ مُطَّرَفاتُها / وَما السَيرُ مِنها لا العَنيقُ وَلا الوَخدُ
تَروحُ وَتَغدو بَل يُراحُ وَيُغتَدى / بِها وَهيَ حَيرى لا تَروحُ وَلا تَغدو
تُقَطِّعُ آفاقَ البِلادِ سَوابِقاً / وَما اِبتَلَّ مِنها لا عِذارٌ وَلا خَدُّ
غَرائِبُ ما تَنفَكُّ فيها لُبانَةٌ / لِمُرتَجِزٍ يَحدو وَمُرتَجِلٍ يَشدو
إِذا حَضَرَت ساحَ المُلوكِ تُقُبِّلَت / عَقائِلُ مِنها غَيرُ مَلموسَةٍ مُلدُ
أُهينَ لَها ما في البُدورِ وَأُكرِمَت / لَدَيهِم قَوافيها كَما يُكرَمُ الوَفدُ
جُعِلتُ فِداكَ عَبدَ اللَهِ عِندي
جُعِلتُ فِداكَ عَبدَ اللَهِ عِندي / بِعَقبِ الهَجرِ مِنهُ وَالبِعادِ
لَهُ لُمَةٌ مِنَ الكُتّابِ بيضٌ / قَضَوا حَقَّ الزِيارَةِ وَالوِدادِ
وَأَحسِبُ يَومَهُم إِن لَم تَجُدهُم / مُصادِفَ دَعوَةٍ مِنهُم جَمادِ
فَكَم نَوءٍ مِنَ الصَهباءِ سارٍ / وَآخَرَ مِنكَ بِالمَعروفِ غادِ
فَهَذا يَستَهِلُّ عَلى غَليلي / وَهَذا يَستَهِلُّ عَلى تِلادي
وَيَسقي ذا مَذانِبَ كُلِّ عِرقٍ / وَيُترِعُ ذا قَرارَةَ كُلِّ وادِ
دَعَوتُهُمُ عَلَيكَ وَكُنتَ مِمَّن / نُعَيِّنُهُ عَلى العُقَدِ الجِيادِ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ / وُقيتَ رَزايا ما يَروحُ وَما يَغدو
وَطابَت بِلادٌ أَنتَ فيها فَأَصبَحَت / وَمَربَعُها غَورٌ وَمُصطافُها نَجدُ
فَإِن تَكُ قَد نالَتكَ أَطرافُ وَعكَةٍ / فَلا عَجَبٌ أَن يوعَكَ الأَسَدُ الوَردُ
سَلِمتَ وَإِن كانَت لَكَ الدَعوَةُ اِسمُها / وَكانَ الَّذي يَحظى بِإِنجاحِها السَعدُ
فَقَد أَصبَحَت مِن صُفرَةٍ في وُجوهِها / وَراياتِها سِيّانِ غَمّاً بِكَ الأَزدُ
بِنا لا بِكَ الشَكوى فَلَيسَ بِضائِرٍ / إِذا صَحَّ نَصلُ السَيفِ ما لَقِيَ الغِمدُ