المجموع : 29
هَذي يَدي إِنَّ الكَواكبَ لا تَدي
هَذي يَدي إِنَّ الكَواكبَ لا تَدي / أفَتهتدي إِن كنتَ ممَّن يهتَدي
كم مِن دمٍ هَدرِ بغيرِ جنايةٍ / سفكتهُ مقلةُ قاتلٍ مُتعمِّدِ
خُذ جانباً عن وصلِ سَلمى في الهوَى / تَسلمُ وحِد عن حيِّ سُعدَى تَسعدِ
واستجلِها مشن كفِّ ظامي الخصرِ مَع / سُولِ اللَّمى خَصِرِ المراشِف أَغيدِ
شفقيِّ خدِّ أحمرٍ صبُحيِّ ثَغ / رِ أبيضِ ليليِّ خالٍ أسودِ
يسطُو على عُشَّاقهِ مِن قَدِّهِ / ولِحاظِهِ بمثقَّفٍ ومهنَّدِ
قالت لنارِ صبابتي وجَناتُهُ / لكِ أُسوتي لا تخمُدي وتوقَّدي
حمراءُ عاصِرُها قديمٌ عصرهُ / بقيت على مرَّ الزَّمانِ السَّرمدِ
هيَ جوهرٌ محضٌ إليهِ تنتهي / وبهِ إذا فكَّرتَ فيها تَبتَدي
نَشرت على قُضبِ الزُّمرُّدِ فَاحِما / نَسَجت عليهِ لها سُجوفَ زَبرجَدِ
وتعنَّست في خدرِها لمَّا انجلَت / فرأت لحاظَ العينِ منها في اليدِ
ياقوتهُ في دُرَّةٍ قد رُصِّعت / بمُجمَّعِ مِن لُؤلؤِ ومنضَّدِ
راحٌ تروحُ الرُّوحُ واجدةً بها / وَجدا وتفقِدُ كلَّ رُوحٍ مُكمدِ
يُمسي المديرُ لها يطوفُ بجامدٍ / مِن فضَّةٍ وبذائبٍ من عَسجَدِ
عَجباً لِمَن يومَ النَّوى يَتجلَّدُ
عَجباً لِمَن يومَ النَّوى يَتجلَّدُ / وغَرامهُ وَقفٌ عليهِ مُخَلَّدُ
تَسري الرِّكابُ بِمن يحبُّ وَلمَ يمُت / أَتُرَى حَديُدٌ قلبَهُ أَم جلمَدُ
ما نَفعهُ ببقائهِ وشَقاؤهُ / مُتضاعفٌ وَعناؤهُ مُتجدِّدُ
هيَ مهجةٌ لا بدَّ مشنها فَليجدُ / عَجلاً بهَا إِن كانَ ممَّن يُسعدُ
بأبي الرَّكائبَ إِنَّ فوقَ حُدُوجها / كِللاً تُزَرُّ على البُدورِ وتُعقدُ
لا تَشتكي عيِسٌ تسيرُ بمِثلها / كلاً ولا يَنأى علَيها فَدفدُ
شَجرٌ تَميلث على طلائحَ رُزَّحِ / وَثمارُهَا هِيفٌ كَواعبُ نُهَّد
من كلِّ زائدةِ الجَمالِ وَوَجهُهَا / لِضيائهِ الشَّمسُ الُمنيرةُ تَسجُدُ
حَسُنَت فمَلَّكها الجَمالَ مُخَلخَلٌ / وَمُسوَّرق وُمدَملجٌ ومُقلَّدُ
قَمَرُ السَّماءِ الُمستنيرُ إذَا بدَت / وإذَا رنَت ظَبيُ الكِناسِ الأَغيدُ
نَقضت عُهودَ مَواثقي وأَحالَها ال / إِعراضُ عَمَّا كُنتُ مِنها أَعهدُ
ما ذاكَ إلاَّ أَنَّ غُصنَ قَوامِها / نَضِرٌ بأَنفَاسِ الصبِّا يَتأوَّدُ
وعَقيلةٍ مِن حَيِّ ذُهلٍ ساءَها / كَوني يَقومُ بِيَ الزَّمانُ وَيقعُدُ
قالَت إلى كَم ذا السُّرى وإلى مَتى / يَجري بِعزمتِكَ الذًَّميل وَيَركدُ
قُلتُ اتركيني والبلادَ فَلَم أَضِف / إلاَّ على مَن يُستَماحُ وَيُقصَدُ
قَالت وَهل في الأرضِ إِن عُدمَ النَّدى / مَن عِندهُ بَذلُ الرَّغائبِ يوجدُ
مَن ذا يُجيرُ مِنَ الخُطوبِ وجَورِها / فأَجَبتُها الَمِلكُ العَزيزُ مُحمَّدُ
الظَّاهريُّ مَناقِباً لا تَنطَوي / والنَّاصرِيُّ مَآثراً لا تُجحدُ
أَحللت آمالي بهِ مُسترفِداً / بِراً فَغادرَني أَبرُّ وأَرفِدُ
وَقصدتهُ أَبغي مَواهبَ كفِّهِ / فَغدوتُ في سامي ذَرَاهُ أُقصدُ
ودنوتُ مِنهُ في الخَسِيسِ مَكانتَي / واليَومَ مِن دوِني السُّها والفَرقدُ
كُنتُ الوَحيدَ فَردَّني وكأَنَّني / قَد عاشَ جَدَّي خالدٌ أَو مَزيَد
أَمنَ الضَّلالَ الُمستضيءُ بنورهِ / وثَنَى أَعادِيهُ بهِ الُمستنجِدُ
وَحَوَى الَمعالي الُمقتفِي آثارَهَ / ونَجَا بصائبِ رَأيهِ الُمسترشدُ
عَطِّل ركابكَ أيُّها السّاري فلا
عَطِّل ركابكَ أيُّها السّاري فلا / كَفٌّ تُرَى لنَدىً ولاَ وجُهٌ نَدِ
واللهِ لاَ فرحَ الزَّمانُ وأَهلهُ / بِمُؤمَّلٍ بعدَ العزيزش مُحمَّدِ
إن كانَ وصلُكَ لا أراهُ عائدا
إن كانَ وصلُكَ لا أراهُ عائدا / فابعث خيالَكَ في الكَرى لي عائِدا
يا مُضرماً نارَ الأسى بجَفاهُ في / كَبدي لِوجدي لا تبيتُ مُكابدا
ما بالُ فاتر مُقلتيكَ يصدُّ عن / قلبي الصَّدي ذاكَ الرُّضابَ الباردا
وحِدادُ بيضِ مُهنَّداتِ سُيوفِها / عن إثم ثَغرِك غادرتني حائِدا
ليسَ الُمقبَّلُ منكَ إلاَّ قِبلةً / يا فوزُ من أَمسى إليها ساجدا
سُبحانَ من أعطاكَ طَرفاً ساجياً / يكسو القُلوبَ شجىً وفرعاً واردا
لَحظٌ وشَعرق لا تَرى مِن ذا وذا / إلاَّ أُسودَ كريهةِ وأَساودِا
إن كنتَ ترضَى يا مُعذِّبَ مُهجتي / سَهَري فلا أُعطيتَ طرفاً راقدا
قَتيلُ حبُبِّكَ معدودٌ من الشُّهدا
قَتيلُ حبُبِّكَ معدودٌ من الشُّهدا / فهاتِ لا تُبقِ لي صَبراً ولا جَلدا
عدمِتُ جسميَ إن ذَمَّ النُّحولَ فقد / رَضيتُه لي وقَلبي إن شكى الكَمدا
لِلعشقِ قدرٌ عظيمٌ ليسَ يعرفهُ / إلاَّ مُكابِدُ وجدٍ يحرقُ الكَبِدا
غَيٌّ رَشَادي وَهتكي عندَ عاذلَتي / صِيانةٌ وضَلالي في هواكَ هُدَى
واللهِ لا قلتُ هل ممَّا بُليتُ به / لي من خَلاصِ ولا أضمرتُه أبدا
لا كانَ من أسكرتهُ خَمرُ لوعتِهِ / في يومِه ثمَّ يرجو أن يُفيقَ غدا
يا مُولعاً بِدَمِ العُشَّاقِ يَسفكهُ / عَمداً ولا دِيةً يخشى ولا قوَدا
أغمِد لِحاظكَ في أجفانِها فلقد / أريتنا كيفَ يسبي الشَّادنُ الأسَدا
لو لم تظلَّ بِهذا الحُسن مُنفرداً / ما بتُّ فيك بهذا الحُزنِ مُنفردا
على دُموعي وصبري كنتُ مُعتمدا / مدامعي فَنيت والصَّبرُ قد نَفِدا
أماناً من الألحاظِ يا صعدةَ القدِّ
أماناً من الألحاظِ يا صعدةَ القدِّ / لعلي بلِثمي أجتني وَردةَ الخدِّ
وفَضا لذاكَ الخَتمِ يا مِسكةَ اللَّمى / لأَرشُفَ ما في ذلكَ الثغرِ من شُهدِ
عَذولي هَداكَ اللهُ إِن كنتَ عازماً / على نزعِ قلبي من غرامٍ ومنَ وَجدِ
فصُن ناظري أَو عنه صُن مسرحَ الظبَّا / وإِلاَّ فهذا اللَّومُ والعَتبُ ما يجدي
نظرتُ بطَرفيِ يومَ نُعمانَ نظرَةً / على غِرةٍ منِّي عدِمتُ بها رُشدي
تَملّكَ منها رِقَّ قلبي وحازَهُ / هنالِكَ قاسٍ لا يرِقُّ على عَبدِ
رَشيقُ قوامِ القدِّ يَثني إِذا انثنَى / حشَى مُهجتي للجزرِ والدَّمعَ للمدِّ
يُغازِلُ عن ريمٍ وينظرُ عَن مَهاً / ويسفرُ عن بَدرٍ ويَبسِمُ عن عِقدِ
جَفاني فلم تبرَح جُفوني بِهجعةٍ / وأُنسيتُ نَومي حينَ طالَ به عهدي
لئنِ قيضَت لي طَيفَه سِنَةُ الكَرى / فأيُّ يدٍ مشكورةٍ للكَرَى عندي
أَتلكُ قُدودٌ أَم غصونٌ مَوائدُ
أَتلكُ قُدودٌ أَم غصونٌ مَوائدُ / ونَورُ نضيدٌ فوقَها أم قلائدُ
وهاتيكَ غيدٌ آنساتٌ نواعمُ / بدت أَم ظباءٌ نافراتٌ شَواردُ
خَليليَّ ما ملَّت سَقامي عَوائدي / لَوَ انَّ اللَّيالي السَّالفاتِ عوائدُ
وبالجِزعِ من ميثاءَ دونَ مُحجَّرٍ / رُسومٌ نأىَ عَهدي بها ومَعاهدُ
وملعبُ ريمٍ رامَ رامي جُفونهِ / هَلاكي فَأضحى القدُّ وهو مُساعدُ
مَريضُ مجَالِ الطَّرفِ أمَّا لحاظهُ / أُسودُ وأمَّا شَعرهُ فأساودُ
يزيدُ به سُقمي ودمعيَ جعفَرٌ / وَيحيى به حُزني ووجدَي خالدُ
أفاضحَ بَدرِ التِّمِّ والبَدرُ مُشرقٌ / ومُخجلَ غُصنِ البانِ والغُصنُ مائدُ
بحقِّ الهوَى إِلاَّ رثيتَ لعاشقٍ / تُقسمُه الأَفكارُ والنَّجمُ شاهدُ
لهُ أضُلعٌ حرَّى عليكَ وأدمعٌ / مُورَّدةٌ في الخدِّ منها مَواردُ
وصارمِ عينيكَ الصَّقيلِ الُمهنَّدِ
وصارمِ عينيكَ الصَّقيلِ الُمهنَّدِ / لقد هَزَّني لومُ العَذولِ الُمفنِّدِ
يُفَوقُ لي ممَّا يُزخرفُ أسهمُاً / مُسددَّةً عن غير رَأيٍ مُسدَّدِ
ضَلالاً لسارٍ ضَلَّ في ظلمةِ الدُّجى / فظنَّ بشيءٍ غيرِ وَجهكَ يُهتدي
يصولُ بخدِّ مثلِ دمعيَ أحمرٍ / عليهِ وشَعرٍ مثلِ حَظَّيَ أسودِ
بحقِّ الهوَى إلاَّ رثيتَ لعاشقٍ / حليفِ ضنَى إن لم يمت فكأن قدِ
تَرفَّق فما أبقيتَ غيرَ حُشاشةٍ / إذا نهضَت قالَ الغرامُ لها اقعُدي
أعلِّلُ نفسي بالتعاليلِ في غدٍ / وأَعجبُ شيءٍ أن أعيشَ إلى غدِ
أراكَ فأُغضي هيبةً وجلالةً / فما النَّفعُ في مجموعِ شملٍ مبدَّدِ
دَرَى خدُّكَ الورديُّ أنَّكَ ظافرٌ / فأغناكَ عن لامِ العِذارِ الُمزرَّدِ
كفاكَ بأنِّي مذ عرفتُكَ أنكرت / جُفوني الكَرى والجنبُ أنكرَ مَرقدي
توكِّلُ طرفي في دُجا الليلِ بالسُّها / وهيهاتَ أَن يرثي السُّها للمُسهَّدِ
وتُتلفُ عيني بالدُّموع وبالبُكا / ومهجةَ قلبي بالأَسى المتوقِّدِ
تُعذِّبُ قلبي قلتُ طَرفُكَ مُشرِكٌ / فَما العذرُ في تعذيبِ قلبِ المُوحِّدِ
إن هامَ قلبي بهذا الشَّادنِ الشَّادي
إن هامَ قلبي بهذا الشَّادنِ الشَّادي / فلا تَلُمني فهذا عينُ إرشادي
رَنا بطرفٍ مريضِ الجَفنِ مُنكسرٍ / فمن رأى جُؤذُرا يلهو بآساد
جَفنٌ رَوى عنه ما يرويه من سَقمٍ / جسمي فصحَّ بهِ نَقلي وإسنادي
في ثغرهِ والقَوامِ اللَّدنِ ألفُ غنىً / عن أبرقِ الجزعِ بل عن بانة الوادي
سُبحانَ مُطلعِ بدرِ التَّمِّ منهُ على / غُصنِ رطيبٍ منَ الأغصانِ ميادِ
سَكرتُ من نشوةٍ في مُقلتيهِ صَحا / منها وزادَ ضلالي وجهُه الهادي
يزدادُ قلبي بثغر منهُ مبتسم / رَّياً وإنِّي إلى تقبيلهِ صادي
ما ضرَّني ما أُقاسي فيه من سَقَمٍ / ومن ضنىً لو غدا من بعضِ عُوَّادي
يا نظرةً بعدَ عزِّي قد ذَللتُ بها / حتَّى غدوتُ أسيراً ليسَ لي فادي
بَدا فغادرَ طرفي من مهابتهِ / وحُسنهِ بينَ إصدارٍ وإيرادِ
شُغلتُ فيه به عمَّن سِواهُ فَلا / أبكي الدِّيارَ ولا أستوقفُ الحادي
قَالَت لِطَيفِ خَيالٍ زارَني ومَضى
قَالَت لِطَيفِ خَيالٍ زارَني ومَضى / صِف ما رأَيت ولا تُنقِص ولا تزدِ
فقالَ أبصرتهُ لو ماتَ من ظمأً / وقُلتِ قِف عن ورُودِ الماءِ لا يَرِدِ
قالت صَدَقتَ الوفا في الحُبِّ عادَتُهُ / يا بَردَ ذاكَ الذي قالَت على كَبِدي
ما بالُ قَلبكَ مُولَعٌ بزَرُودِ
ما بالُ قَلبكَ مُولَعٌ بزَرُودِ / أَصبابَةً نحوض الظبَّاءِ الغِيدِ
إن فاحَ في طَيِّ النَّسيم مُعطراً / نَشرٌ كَخُوطِ البانَةِ الأُملودِ
أَتعلُّلٌ بلوى العَقيقِ وبَانِهِ / وبِرندِهِ وبِظلِّهِ الَممدودِ
تِه فالهَوَى أَحلى إِذا ما ذُقتهُ / مِن كُلِّ مَالٍ طارِفٍ وَتَليدِ
لَولا الهَوَى ما راحَ آسُ حَديقَةٍ / كَسَوالِفٍ وَغُصوُنُها كَقُدودِ
من ماتَ بالبيضِ الصِّفاحِ وَلم يَمُت / باللَّحظِ ظُلماً لم يكُن بشَهيدِ
وأُلذُّ ما أَلفَ الُمحبُّ صَبابةً / بِمدامِعٍ في الهَجرِ بالتَّسهيدِ
وإذا هَويتَ ولم يرِقَّ من الضَّنى / لكَ في الصَّبابَةٍ قلبُ كلِّ حسودٍ
فَدَعِ الهَوَى لأُهليهِ فَذَليلُهُ / كَعزيزهِ وَشَقيُّهُ كَسَعيدِ
زُر مُحِبَّاً صارَ في حُبِّ
زُر مُحِبَّاً صارَ في حُبِّ / كَ مِن بَعضِ العَبيدِ
لا تَدَعها بَيضةَ الدِّ / يكِ عَلَى رَغمِ الحَسودِ
إِنها أَضحَت تُنادي / هَل لِهذا مِن مَزيدِ
أَلا يا خليلي أبرقٌ تبدَّى
أَلا يا خليلي أبرقٌ تبدَّى / لنا بالثَّنيَّةِ أَم دارُ سعدي
أضاءَ وقد بَسَمتَ موهناص / فقُدَّ قميصُ دُجى اللَّيلِ قدا
فللَّهِ ثَغرٌ يُرينا إذا / تبسمَ من ذلك الدُرِّ عقدا
حمت رشفهُ ظبيةٌ كالهِلالِ / جَبيناً ووجهاص وكَالغُصنِ قداَّ
هي السَّهمُ إن رُمتَ تَقريبَهُ / إِلى منزِلِ القَلبِ يزدادُ بُعدا
سَقى اللهُ معهَدهَا وابِلاً / مُلثاً وإن هيَ لم تَرعَ عَهدا
إلى كم أُكابدث في حُبِّها / شُجوناً وفَرطَ غرام ووجدا
أأُعرضُ عن دارها بالحمَى / ضلالاً وعنها بمن حلَّ نجدا
بفيها رُضابٌ يزيدُ القُلوبَ / صَدىً وظماً كُلَّما زادَ بردا
فيا سَهمَ أَلحاظِها ما أَسَدَّ / ويا سُقمَ جِسمي بِهاما ما أَشداَّ
لَو أُنجزَت لصبِّهِ وُعُودهُ
لَو أُنجزَت لصبِّهِ وُعُودهُ / لَما ذوي من الصُّدودِ عودُهُ
ولو رثى للمُشَتكي مَجهودَهُ / ما لَجَّ في إبعادهِ مَجهودهُ
يزعُمُ أنَّ نهرَ وجدي خالدٌ / ولو بِفرطِ هَجرهِ يَزيدهُ
أَما وَصبري خانَني في حُبِّهِ / أَمينُهُ لمَّا غَوى رَشيدُهُ
إِنَّ فُؤادي فيهِ لا يقوى على / جَمرِ هوىً حميمُه جليدهُ
فديتهُ من معرضٍ برز في / وزنِ عَروضِ فعلهِ تجويدهُ
فَوَصلُهُ سريعُهُ خفُيفُه / وَهجرهُ طويلُهُ مديدهُ
مالي أرى أَجفانهُ قاهِرتي / حيثُ عزيزُ وَجنَتي صَعيدهُ
يا حاكماً قَضى بأَن يَقضي لنا / قلبي بنيرانِ الهوَى شُهودهُ
دريتُ جِسمي حينً كانَ شامِلاً / ضَناهُ إذ غيرَكَ لا يعُيدهُ
حاشاكَ أن تحملَ بالصَدِّ على / قَلبٍ غدا مُنكسراً عميدهُ
إلى كم أستَردُّ حديثَ سُعدي
إلى كم أستَردُّ حديثَ سُعدي / وقد نقضَت سُعادُ العهدَ بعدي
وكم أصبو إلى لَمعانِ بَرقٍ / يمُرُّ على الرُّبا من أرضِ نَجدِ
وكَم أستنشقُ الأرياحَ هبَّت / وفيها العِطرُ من شيحٍ وَرندِ
أُعلِّلُ بالمُنى قلبي ضلالاً / وإن كانَ التَّعليلُ غَيرَ مُجدِ
خليلي احبِسا رفقا قليلاً / قُلوصكُما على أطلالِ هِندِ
وخُصوُّها التَّحيَّةَ ثُمَّ حيُّوا / عُيونَ ظِبائهِ للأُسدِ تُردي
وإِن أَبدى السَّنا لَكُما غَزالاً / ضِياءُ جَبينهِ كالصُّبحِ يهدي
فبُثَّا ما بدا لكُما وقولا / لهُ إن كانَ يَرعى حقَّ عهديَّ
بِما في القَدِّ من هيفٍ ولينٍ / وما في الثَّغرِ من بردٍ وبَردِ
أَجِر من مُرِّ هجرِكَ مُستهاماً / جَوارحُهُ الخَوافِقُ ذاتُ وَقدِ
يُحَلأُ من رُضابِكَ عن رَحيقٍ / وَيُحرقُ من هَواكَ بنارِ وَجدِ
صِف لأحبابي بِنَجدٍ
صِف لأحبابي بِنَجدٍ / يا بُريقَ الشِّعبِ وَجدي
واشرحِ الشوقَ وخبر / أنهُم سؤلي وقصدي
قُل لهمُ يا برقُ إِنِّي / هائِمٌ في الحُبِّ وحدي
قد براني الشوقُ حتى / صرتُ نضواً تحتَ بُردِي
قِف بذاتِ الضَّالِ وهناص / بينَ باناتٍ ورَندِ
وأسأَلِ البانات عنهُم / وابكِهِم إن كان يُجدي
يا وُلاةَ القَلبِ أَنتُم / في النَّوى والقُربِ عندي
عَلِّلوا قَلباً عَليلاً / قانعاً منكُم بوَعدِ
وامنحُوهُ اليومَ وصَلاً / بعدَ هجرانٍ وَصَد
عاشِقٌ لولا هَواكُم / لَم يَهِم يوماً بنَجدِ
ما عندَ سُكَّانٍ بنَجدِ
ما عندَ سُكَّانٍ بنَجدِ / شَوقي الذي ألقى ووجدي
يا جيرةً بلوى النَّقا / هل نلتَقي من بَعدِ بُعدِ
أقوى لبُعدِكُم الحِمَى / وَذُرا الأَراكِ وَلَيسَ يُجدي
وشكَت حمائمُ دَوحِهِ / ما قَد شَكَا للِدَّمعِ خَدِّي
وَبَكى لفقدكُمُ أَسىً / ما فيهِ من بانٍ وَرَندِ
كُنتُم لهُ الأُنسَ الذي / عندَ التَّداني كانَ عِندي
أصبحَتُ من كَلفي بِكُم / والفَخرُ لي كَأقلِّ عبدِ
علقت بكُم روحي هوىً / يا ليتها ظَفِرَت بِسَعدِ
عُودوا فإِن حالَ الزَّمَا / نُ فَعلِّلوا قَلبي بِوَعدِ
فَمَتى ذَكرتُ سِواكُمُ / يوماً فأَنتمُ جُلُّ قَصدي
بَاكرِ دَمَ الزِّقِّ بالنَّايات وَالعُودِ
بَاكرِ دَمَ الزِّقِّ بالنَّايات وَالعُودِ / واشرب فقد ضاعَ منها مَندَلُ العَودِ
أَما تراهُ بِنَحرِ الزِّقِّ مُنبجساً / يُجري بعرقٍ من الراووقِ مَفصودِ
والدِّيكُ قد نبَّهَ النُّوَّامَ من طَربٍ / إلى الصَّباحِ بِتَصفيقِ وتَغريدِ
وَعَسكرُ الصُّبحِ قَد غَارَت طلائِعُهُ / شُهباً على أَدهمِ للَّيلِ مَطرودِ
والكأسُ قد قَهقَهَ الإِبريقُ فابتسمَت / عن لُؤلُؤٍ من حَبابِ الماءِ مَنضودِ
قوموا بنَا نحو ديرِ القَسِّ نطرقُهُ / فَقَد ظِمئنا إلى ماءِ العَنَاقيدِ
نَستَقِهِ شَمسةً ممَّا قَدِ ادَّخرَت / مِنها القَواويسُ أعيادَ الَمواليدِ
مِنَ التي عظَّم الرُّهبانُ حُرمَتها / وقرَّب القِسُّ منها كلَّ معمودِ
من عَنستُ في دَنِّها حِقَباً / كانَت وما آدمٌ يوماً بموجودِ
كادَت من الَمكثِ لولا طِيبُ عُنصُرِها / تَضحي كَوَهم من الأَوهامِ مَفقودِ
أَثوابُها عِندَ يَومِ الفِصحِ تَحمِلُها / أيدي القُسُوسِ فَكَانَت بهجَةَ العيدِ
وَزَحفوا حَولَها الإِنجيلَ مِن فَرحٍ / بِها وَطافوا بِتَعظيم وَتَمجيدِ
صَلُّوا عَلَيها وطَافوا حَولَ حانتِها / دَهراً طويلاً بِتَلحينٍ وَتَرديدِ
فَإِن سَقَونا شَرِبنا مِن مُدامَتهِم / كأساً تَقولُ لأَيَّامِ الصِّبا عودي
هذا الُمورَّدُ خَدٌّ
هذا الُمورَّدُ خَدٌّ / أَم جُلَّنارٌ وَوَردُ
تلكَ السَّوالفُ آسٌ / أذَلكَ الخَالُ نَدُّ
في فِيكَ يا بَدرُ راحٌ / أَم فيهِ مِسكٌ وَشَهدُ
لي عِندَ خَدَّيكَ عَهدٌ / مِن أَينَ للوردِ عَهدُ
نَثَرت دَمعي بِثَغرٍ / فيهِ منَ الدُّرِّ عِقدُ
ما سَلَّ لَحظُكَ سيفاً / إلاَّ وقلبيَ غِمدُ
من لي بغُصنِ أَراكِ / قَد قُدَّ لي منهُ قدُّ
يا ظالِماً قَد بَراني / شَوقٌ إِليهِ وَوَجدُ
وَمُعرضاً خَدَّ قَلبي / مِنهُ عِذارٌ وَخدُّ
أَما لِصَدِّكَ عَنِّي / يا مُنيَةَ النَّفسِ صَدُّ
وَمَا لِفَرطِ ظَماءِ / من ريقكَ العَذبِ وردُ
عندي إِلَيكَ اشتِياقٌ / وَوَحشَةٌ لا تُحَدُّ
أَما وَساعَةٍ وَصلٍ / يا طِيبَها لَو تُردُّ
لَولاَكَ يا ظبي الصَّريمِ لما غَدا
لَولاَكَ يا ظبي الصَّريمِ لما غَدا / قَلبي وطر في هائماً ومُسهدَّا
كلاَّ ولا راحَ النَّسيمُ مُحدثاً / خبراً رواهُ عن الصبَّابِة مُسنَدا
من أجلِ عطفكَ يا غَزالُ ومُقلةٍ / لك قد هَويتُ مُثقَّفاً ومُهنَّدا
وأهيمُ إِن واجَهتُ بدراً طالِعاً / وأُجَنُّ إن عاينَتُ ظَبياً أَغيدا
ويشوقُني في الدَّوح نَشرٌ عابقٌ / عطراً يُرنِّحُ غُصنَ بان أَملدا
إن كانَ فرعُكَ قد أضَلَّ مُتيَّماً / فَعلى النَّوى صبُحُ الثَّنِيَّةِ قد هَدى
أدعوتَ قلباً قد أَجابَكَ طائِعاً / وَصَددتَ عنهُ فَما عَدا ممَّا بدَا
ما زالَ يَمنحُهُ هواكَ صَبابَةً / أَبداً تُحرِّكُهُ وَما هذا سُدَى
وأَسرتَ قلبي حَيثُ دَمعي مُطلقٌ / فارحمَ لديكَ مُسلسَلاً ومُقيَّدا
صيَّرتني خبراً لا كانَ من الضنَّى / والُمنتهَى بي في الغَرامِ الُمبتَدا