المجموع : 11
يا سراةَ البِلاد يَكفي البِلادا
يا سراةَ البِلاد يَكفي البِلادا / ماأَذابَ القُلوبَ وَالأَكبادا
اِنتِداب أَحدُّ مِن شفرة السَي / ف وَأَورى مِن المَنايا زِنادا
وَعَد بَلفور دَكّها فَلِماذا / تَجعَلون الأَنقاض مِنها رَمادا
ما الَّذي تَفعَلون وَالجَو مربد / د وَهَذي الأَعداء تَقضي المُرادا
أَفرغتم مِن كُل أَمرٍ سِوى المَج / لس يَحتاج همَةً وَجِهادا
أَحبط اللَه سَعيكُم أَلِحبِّ الذ / ذا قُمتم تَهيّئونَ العِتادا
تنبذون الأَوطان في طَلَب المَن / صب وَالدين وَالهُدى وَالرَشادا
إِن في المَوطن العَزيز سِواه / أَلف شغل فَأَوسعوها اِجتِهادا
وَطن بائس يُباع وَأَنتُم / لا تَزالون تَخدَعون العِبادا
مثخن بِالجِراح أَبرَأه ال / لَه فَهلا كُنتُم لَهُ عوّادا
كَيفَ يَلقى مِن هادِميه بِناةً / كَيفَ يَرجو مِن جارِحيه ضمادا
يا جُناة عَلى البِلاد بِدَعوى ال / خَير وِالبر لا نَعمتم رقادا
قامَ مِن بَينكُم سَماسرة السو / ء فَهَل تَشتَكون ثُم اِقتِصادا
في غَدٍ يَنشأ الصِغار فَيبغو / ن تلاداً وَما تَرَكتُم تلادا
بعتموه إِلى العَدو فَمِن أَي / ن يُلاقون مَلجأ وَمهادا
أَنتُم اليَوم تَزرَعون فَساداً / وَغَداً سَوف يُثمر اِستعبادا
يا سَماء اِنقضّي وَيا أَرض ميدي / قَتلت أُمَةً وَبادَت بِلادا
كَيفَ أَغوَيتني وَأَمعَنت صَدا
كَيفَ أَغوَيتني وَأَمعَنت صَدا / يا حَبيبياً أَعطى قَليلاً وَأَكدى
وَدَّ قَلبي لَو يَجهل الحُب لَما / أَن رَآه يَحول سَقماً وَوَجدا
وَشَكَت أَضلُعي مِن القَلب ناراً / هَل عَهدن الهَوى سَلاماً وَبَردا
طَلَعَ الفَجر باسِماً فَتَأمل / بِنُجوم الدُجى تَرنّحُ سهدا
هِيَ مثلي حيرى وَعَما قَريب / تَتَوارى مَع الظَلام وَتَهدا
لَكَ حَمّلتها رِسالة شَوقٍ / وَعِتاب أَظنها لا تَؤدى
قُلت للطَير حينض أَصبَحَ يَشدو / أَيُّها الطَير عَم صَباحاً فَردّا
ثُمَ غَنى أُنشودة عَن حَبيب / لَم يَكُن ظالِماً وَلا خان عَهدا
أَضرم الذكريات بي ثُمَ وَلى / لا رَماكَ الصَياد أَسرفت جدا
جَمعَ اللَهُ في مَحيا حَبيبي / أُقحواناً وَياسميناً وَوَردا
وَاِبتِساماً لا يَهجر الثَغر إِلّا / عِندَ قَولي لَهُ أَتنجز وَعدا
لا عَرَفتُ الوَفا وَلا كانَ وَعدٌ / يَجعَل البَسمة الوَديعة حِقدا
لي بِالحَياة تَعلق وَتَشدد
لي بِالحَياة تَعلق وَتَشدد / وَالعُمر ما بَعدَ المَدى فَسينفد
نَفسٌ أُردده وَأَعلم أَنَّهُ / لِلمَوت بَينَ جَوانِحي يَتَرَدد
وَيَلمُّ بي أَلم أُخاتله بِما / يَصف الطَبيبُ فَيَستَكين وَيَخمَد
وَيسرني أَني نَجَوتُ مِن الأَذى / وَيلي كَأَني إِن نَجَوت مخلد
وَكَأَنَّني ضَلّلتُ سَيرَ مَنيتي / إِن الطَريق إِلى الفَناء معبّد
هَيهات لَستُ بِخادع عَينُ الرَدى / عَين الرَدى يَقظى وَعَينك تَرقد
أَنا أَنتَ بَعد المَوت لا مُستعبد / حرّاً فَأَحقره وَلا مُستعبَد
وَرَأَيت خَزاف الحَياة يَذلها / فَيَدوسها وَيعزّها فَينضد
هَل كانَ سَعد كَما علمت مِن الوَرى / فَيَموت كلا إِن سَعدَ لأَوحَد
هَبَت عَواصف نَعيه مصريةً / فَإِذا بِها شَرقية تَتَمَرد
وَطَفقت أَسأل يَومه فَإِذا بِهِ / يَومٌ لَعمر المَوت أَبكم أَسوَد
وَأَرتبت في الأَقدار لَيلة نَعيه / وَلحدت ريبي يَوم قيل سَيُلحد
فُجِعت بَنو مَصر بِفَقد زَعيمها / اللَهُ أَكبر أَي أَروَع تَفقد
يا سَعد يا ابن النيل رَنَّقَ ماءه / ثكلُ البَنين وَهَل كَسَعدِ يولد
مصر الَّتي فَقدتك قَلب خافق / وَالشَرق أَضلعه الَّتي تتَوقَد
وَكَأَنَّها كَبد يَصرّعها الأَسى / وَكَأَنَّهُ لَمّا تَعلقها يَد
عَبدتك مصر وَأَنتَ باعث مَجدها / إِن البُطولة مُنذُ كانَت تعبد
رَب البُطولة عَبدَها قَذَفت بِهِ / شَمل الخُطوب يَبيدها وَيبدد
يَلقى الخُطوب وَقَد طَغى تَيارها / فَإِذا بِهِ صَخر هُنالك جَلمد
وَإِذا بِها لجج تَدافع موجها / فَيصدها فَتحورُ عَنهُ وَيَصمد
وَإِذا بِهِ فَوقَ الأَكُفِّ مُكَلل / بِالغار يَكبره الوَرى وَيمجد
وَإِذا بِهِ تَحتَ الصَفيح بِمعبد / وَالكَعبة الغَراء حَيث المَعبد
وَإِذا بِهِ عَينُ الخُلود وَسره / تَعنو لَهُ حر الوجوه وَتَسجد
يا سَعد شَأنك وَالبُطولَةَ أَنَّها / تَجثو لَديك وَأَنتَ أَنتَ السَيد
اللَهُ في سَبع وَستين اِنطَوت / وَالمَوت مَضاء العَزيمة يَطرد
نَصب الحَبائل جمة فَتَقَطَعَت / وَعهدته يَرمي السِهام فَيقصد
ما كانَ في المَنفى بِأَخفق مِنهُ في / مصر يَريشُ سِهامه وَيسدد
وَرَأى بطولتك الَّتي صَمدت لَهُ / وَكَأَنَّها درع عَليك مسرَّد
فَرَمى حَبائِله وَحَطم قَوسه / وَأَتى سَريرك خائِفاً يَتَرصَد
فَسَقاك خَمرةَ كَأسِهِ فَعَرفتها / وَجرعتها وَأَنا اِنتَهَيت تردد
نعم اِنتَهيتَ وَإِنما تِلكَ القوى / نور يَفيض وَجذوة لا تَهمد
فَهَدت سَبيل الشَرق في ظَلماته / فَجَرى يَغوّر في الحياة وَينجد
وَهَوَت بِكلكلها عَلى أَعدائِها / وَتَفَرَغَت مَصرٌ لِمَن يَتَنَمرَد
الفرقد الهادي يحجبّه الثَرى / فَمَتى يَؤوب وَأَينَ يَطَلَع فَرقد
يا حَسرَتاه عَلى البِلاد يَقيمها / غَدر المَنية بِالرَئيس وَيَقعد
زَفراتها زَفَراتُ مَصر تَصدَعَت / مِن هولهن قُلوبنا وَالأَكبد
عيبال مُنذ تَزَلزَلَت أَركانَه / ما اِنفَك يَسعده نَداك وَيَسعد
عَزَّيته بِمصابه وَوَصلته / حَسبي عَزاؤك نَعمةً لا تَجحد
جود خَتَمت بِهِ الحَياة وَإِنَّهُ / لختام أَلف صَنيعة لَكَ تَحمد
وَلَقَد نَعيت لَهُ فَباتَ وَحُزنه / عَين تَسيل بِهِ وَعَين تَجمد
هَذا ثَرى مَصرَ الَّتي أَحببتها / نَم هادِئاً يا سَعدُ طابَ المرقد
تَفديك أَفئِدَة تَود لَو أَنَّها / أَمسَت هِيَ الرَمس الَّذي تَتَوسد
وَتَود لَو أَن الأَزاهير الَّتي / قَد كَللوك بِها عُيون تَسهد
الروح وَالريحان خَير تَحية / وَالسَلسَبيل وَلَست تَظمأ مَورد
لَم يَخل مِنكَ الذكر في وَطَن وَما / بَرِحَت لِذكرك لَوعة تَتَجَدَد
أعيدي إلى المضنى وإنْ بَعُد المدى
أعيدي إلى المضنى وإنْ بَعُد المدى / بُلَهْنِيَةَ العيشِ الذي كان أرغْدا
تبارك هذا الوجهُ ما أوْضَحَ السَّنى / وما أطيبَ المفْتَرَّ والمتورِّدا
فقدتكِ فقْدانَ الصبا وهل امرؤٌ / توَّلى صِباه اليومَ يرجعه غدا
فقدتكِ لكنِّي فقدتُ ثلاثةً / سواك فؤادي والأمانيَّ والهدى
وأبقيتِ لي غيرَ القنوط ثلاثةً / هواك وسقمي الحنينَ المؤَّيدا
أيا وادي الرمان لا طِبْتَ وادياً / إذا هي لم تنعم بظلِّك سرمدا
ويا وادي الرمان لا ساغ طعمُهُ / إذاً أنا لم أْمدُدْ لذاك الجنى يدا
ويا وادي الرمان واهاً وعندهم / حرامٌ على المحزون أنْ يتنهَّدا
كأنيَ لم أنزلْ دياركَ مرة / ولم ألقَ في أهليك حباً ولا ندى
ولم تَسقني كأسَ المدام حبيبةٌ / وردتُ ثناياها مع الكأسِ موردا
ولم تُوحِ لي شعراً ولا قمتُ منشداً / ولم يَرْوِ شعري عندليبُكَ منشدا
أخي وحبيبي كنتُ أرجوكَ مسعداً / يسامحك الرّحمن لم تَكُ مسعدا
ألم ترني في مصر أطلب شافياً / وراعك إشفائي على هوَّة الردى
ألم ترني في مضجعي متقلّباً / أُقَلَّبُ في الأفلاك طرفاً مُسهَّدا
ومن عجبٍ أنَّا شبيهان في الهوى / بِمنْ أنت تهوى هل أطَقتَ تجّلدا
أنا ساعةُ الرجل العتيدِ
أنا ساعةُ الرجل العتيدِ / أنا ساعةُ البأسِ الشديدِ
أنا ساعةُ الموت المشر / رف كلَّ ذي فعلٍ مجيدِ
بطَلي يُحطَّمُ قيدَهُ / رمزاً لتحطيم القيودِ
زاحمتُ مَنْ قَبْلي لأْس / بقَها إلى شَرَفِ الخلود
وقَدحتُ في مُهجِ الشبا / بِ شرارةَ العزمِ الوطيد
هيهاتَ يُخدَعُ بالوعودِ / وأن يُخدَّرَ بالعهود
قسماً بروحِ محمدٍ / تَلْقى الردى حُلْوَ الورودِ
قسماً بأُمَّكَ عند مو / تِكَ وهي تهتف بالنَّشيد
وترى العزاءَ عَنْ ابنِها / في صيتِهِ الحسنِ البعيدِ
ما نال مَنْ خدمَ البلادَ / أَجلَّ من أجْرِ الشهيدِ
أَغمدان ما يُبكيكَ يا كَعبةَ الهُدى
أَغمدان ما يُبكيكَ يا كَعبةَ الهُدى / وَفيم الأَسى يا هَيكل الفَضلِ وَالنَدى
عذرتُكَ لَو أَصبَحتَ وَحدَكَ مُبتلىً / أَغمدان صَبراً لَست بِالخَطب أَوحَدا
لَئن ماتَ يا غَمدان جبرٌ فَشدَّما / أَعدَّ رِجالاً للحياةِ وَجنّدا
أَتَبكي عَلى جَبر وَحَولك جنده / عَزاؤك فيمن راحَ حَولك وَاِغتَدى
لِبانيك روحٌ ما يَزال يمدُّهُم / وَظلُّك مَمدود عَلى الدَهرِ سرمدا
وَيا مَن رَأى أَركانَكَ الشمَّ في الرُبى / تَبَوّأنَ مِن جَناتِ لبنان مقعدا
حنوتَ عَلى أُمِّ اللُغات فَصُنتَها / وَكُنتُ لَها الصرحَ المَنيعَ الممرَّدا
وَكانَ لَها جبرٌ أَميناً وَحامياً / إِذا ما بَغى الباغي عَلَيها أَو اِعتَدى
وَللعلم في لُبنان شيدت مَعاهِدٌ / فَلَم تبقِ أَيدي الجَهلِ مِنهن مَعهَدا
وَأَقبحُ مِما قَد جَنَوهُ اِعتذارهم / فَقالوا يَضيعُ المالُ في رفعِها سُدى
وَقَد زَعموها تُنفِدُ المالَ كَثرةً / فَهَل ترَكوا مالاً هُناكَ فَينفدا
مَصابيحُ إِن هم أَطفَأوها فَإِنَّها / حَباحبُ شؤمٍ كَم أَضلّت مَن اِهتَدى
وَما لَهفي إِلّا عَلى ساعَةٍ بِها / صدقنا العدا لا باركَ اللَهُ في العِدا
فَكَم مِن يَدٍ بَيضاءَ للعَرب عِندَهُم / وَمن لكَ بِالحَرّ الَّذي يَحفظ اليَدا
لَئن خلّفوا لُبنان يخبط في الدُجى / فَغمدان يا لُبنان ما اِنفَكَّ فَرَقَدا
طَريقُ الرَدى مَهما يَطل يَلقه الرَدى / قَصيراً وَإِن يَوعُر يَجِدهُ ممهدا
وَمَوت الفَتى تَحني الثمانون ظَهرَه / كَمَوت الفَتى في ميعةِ العُمر أَمرَدا
حَياتك يا إِنسان شَتّى ضروبها / تَحيط بِها شَتى ضُروب مِن الرَدى
وَما قَهَرَ المَوتَ القَويَّ سِوى امرئٍ / يَخلِّفُ بَينَ الناس ذكراً مخلّدا
يخلّف طيبَ الذكر لا كَالَّذي قَضى / وَخلّف وَعداً في فَلسطين أَنكَدا
فَأَبكى بِهِ قَوماً وَأَضحك أُمة / أَبى اللَهُ إِلّا أَن تَهيمَ تَشَرُّدا
وَلَكنَّ خَيرَ الناسِ مِن كَفَّ شَرَّه / عَن الناس أَو أَغنى الحَياةَ وَأَسعَدا
كَجَبرٍ وَعبد اللَه طابَ ثَراهُما / وَلا زالَ فَوّاح الشَذى ريِّق النَدى
عَلى خَير ما نَرجوه كانَ كِلاهُما / جِهاداً وَإِسعاداً وَغَيباً وَمَشهَدا
وَهاما هياماً في هَوى مَضرية / كَما اِنقَطَعا دَهراً لَها وَتَجَرَّدا
فَكَم نَشَرا مِن ذَلِكَ الحُسن ما اِنطَوى / وَكَم آيةٍ في ذَلِكَ السحر جَدَّدا
بَلاغَتها اِفتنّت بجبرٍ وَآثرت / فَصاحتها البُستانَ ظلاً وَموردا
إِذا لُغَةٌ عَزَّت وَلَو ضيم أَهلها / فَقَد أَوشَك اِستقلالهم أَن يَوطّدا
لجبرٍ يَدٌ عِندي تَأَلَّقُ كَالضُحى / وَقَلَّ لَها شكراً رثائيكَ مُنشِدا
غَشيتك في دارٍ بِبَيروت لِلنَدى / وَلِلأَدب العالي فِناءً وَمُنتَدى
وَحفَّ ذَويكَ البشرُ مِن كُلِ جانِبٍ / وَبَينَ أَسارير الوُجوه تَرَدَّدا
وَآنستَ بي مِن فَيض نورك لَمحةً / فَأَعليتَ مِن شَأني مَعيناً وَمرشدا
لَقَد كُنتَ بي بَرّاً فيا بِرَّ والدٍ / توسّمَ خَيراً في ابنه فَتَعَهّدا
وَيا حسرتا أَضحي بِنعماكَ نائِحاً / وَكُنتُ بِها مِن قبل حينٍ مغرِّدا
عَجبتُ لَها مِن همةٍ كانَ مُنتَهى / حَياتك فيها حافِلاً مثلَ مبتدا
فَيا لُغتي تيهي بجبرٍ عَلى اللُغى / وَيا وَطَني ردِّد بآثاره الصَدى
عهدَ الجدود سقاك صوبُ عهادِ
عهدَ الجدود سقاك صوبُ عهادِ / ورجعت للأحفاد بالاسعادِ
ماضٍ تحصنت البلاد بظّله / من كيد منتدب وصولة عاد
المشرفية في الوغى خطباؤه / تعلو منابر من متون جياد
وشبا الأسنة فيه ألسنَةٌ إذا / نطقت فمنطق سؤددٍ وسداد
وطنية إن يكن عُرِف اسمُها / لم يَخفَ جوهرها على الأجدادِ
وتحرّجوا أن لا يمس حروفها / قلمُ الجبان يخطُّها بمداد
حمراء أوردها الدماءَ حفاظهم / كدراء لم تنفض غبار جهاد
سائل بها عزّون كيف تخضبت / بدم الفرنجة عند جوف الوادي
دعت الرجال ولم تكد حتى مشت / هِمم إلى الهيجاء كالأطواد
ثم التقوا تحت السيوف وبينهم / كأس الحتوف تقول هل من صاد
كسروا من النسر الكبير جناحه / ذي التاج والأَعلام والأجناد
تركوه يجمع في الشعاب فلوله / ويصب لعنته على القوادِ
رجع الأَباة الظافرون وليس من / متبجحٍ فيهم يصيح بلادي
هل أهلكت فروّخ الاَّ نخوة / منّا لعسف فيه واستبداد
لمَ يا دعاة السوء يطمس فضل من / أضحى غداة الظلم أول فادي
ثارت بصالح نخوة قذفت به / في وجه اقبح ظالم متمادِ
ومضت به صُعداً إلى كرسيه / والموت في يده وراء زناد
ألقى به وبظلمهَ من حالقٍ / متضرجين بحمرة الفرصاد
هل عهد إبراهيم غير صحيفة / قد أشرقت بالعِلْيَة الأَمجادِ
أهل الفعال الغر من انجاده / وذوي الحفاظ المر من أنداد
كرمت نحيزتهم فيهم نبلاء في / أهوائهم نبلاء في الأحقاد
قالوا أتمدح قلت أهل فضائل / وفواضل من آل عبد الهادي
أصفيتكم ودّي وأعلم أنه / ثقل على اللؤماء من حسّادي
لم يبتهج قلبي كبهجته بكم / لما تجمّع شمل هذا النادي
شمخت بطارف مجدكم أركانه / وتوطدت منكم بخير تلادِ
ليت لي من جماعة السَّار قوماً
ليت لي من جماعة السَّار قوماً / يتفانون في خلاص البلادِ
أو كإيمانهم رسوخاً وعمقاً / ثابت الأَصل في قرار الفؤادِ
مثل هذا الإيمان يَضْمَنُ / للأوطان عزّاً ومثل هذا التفادي
لا كإيمان من ترى / في فلسطين قصيرِ المدى كليلِ الزناد
يتداعى إذا تسلَّط وعدٌ / أو وعيد عليه عند العودي
أو قطوبٌ تخيب منه المساعي / وابتسامٌ تذوب فيه المبادي
لا تلمني إن لم أجد من وميضٍ / لرجاءٍ ما بين هذا السوادِ
من كان ينكر نوحاً أو سفينَتَه
من كان ينكر نوحاً أو سفينَتَه / فإن نوحاً بأمر الله قد عادا
حلَّ الوبالُ بعيبالٍ فمالَ به / يا هيبةَ الله إبراقاً وإرعادا
في جارفٍ كعجيج البحر ظاغيةَ / أمواجُهُ تحمل الأسواقَ امدادا
ولا تزالُ من الزلزال باقيةٌ / تذكارُها يوقد الأُكبادَ إيقادا
منذ احتللتم وشؤْمُ العيش يرهقنا / فقراً وجوْراَ وإتْعاساً وإفسادا
بفضلكم قد طغى طوفانُ هجرتهم / وكان وعداً تلقَّيناه إيعاداً
واليوم من شؤْمكم نُبلى بكارثةٍ / هذا هو الطَّينُ والماءُ الذي زادا
أَيُّها المَوت أَيّ مَجلس أنسٍ
أَيُّها المَوت أَيّ مَجلس أنسٍ / وَوَقارٍ عَطّلتَ بَعد سَعيدِ
أدبٌ كَالرِياض في الحسن وَالطي / ب قَريبٌ جَناه لِلمُستَفيدِ
وَكَأَنّي بِعلمه البحر عمقاً / وَاِتِساعاً تَغشاه عَذب الوُرودِ
وَنُفوس الجلّاس تَأنف إِلّا / عِندَه أَن تَكون رَهن القُيودِ
بِغَزير مِن علمه وَمُفيدٍ / وَقَريب مِن حفظه وَبَعيد
وَغَريبٍ مِن أُنسِهِ وَعَجيبٍ / وَطَريفٍ مِن ظَرفه وَتَليد
جامع الفَضل في الرِواية وَالشع / ر إِلى الأَصمَعيّ طَبع الوَليدِ
سلف صالح بَقية قَومٍ / بارك اللَهُ عَهدَهُم في العُهودِ
عَرَفوا الخَير أَكرَموا فَاعليه / جَهلوا اللؤم جَهلهم للجُحودِ
وَإِذا ما تَجَرَّدوا لِعِداءٍ / وَقَفوا بِالعداء عِندَ حُدودِ
لَيتَ قَومي تَخلّقوا بِكَريم الخل / ق هَذا عِندَ الخِصام الشَديدِ
ما أَشَدَّ اِفتِقارنا لسموّ ال / خلق في هَذِهِ اللَيالي السودِ
ما لَكُم بَعضَكُم يمزق بَعضاً / أَفرَغتُم مِن العَدوّ اللدودِ
إِذهَبوا في البِلاد طولاً وَعَرضاً / وَاِنظُروا ما لِخَصمكم مِن جُهودِ
وَالمَسوا بِاليدين صَرحاً مَنيعاً / شادَ أَركانه بِعَزم وَطيدِ
شادَهُ فَوق مَجدكم وَبَناه / مشمخراً عَلى رُفات الجُدودِ
كُل هَذا اِستَفاده بَينَ فَوضى / وَشقاق وَذُلة وَهجودِ
وَاِشتِغالٍ بِالتُرَهاتِ وَحُبِّ الذ / ذات عَن نافع عَميم مَجيدِ
شهد اللَه أَن تِلكَ حَياة / فُضِّلَت فَوقَها حَياة العَبيدِ
أَصبَح المَوت نعمةً يُحسَدُ المي / تُ عَلَيها موسّداً في الصَعيدِ
وَسَعيد مَن نالَ مثل سَعيدٍ / بَعد دار الفَناء دار الخُلودِ
فَهَنيئاً لَكَ النَعيم مُقيماً / أَنتَ فيهِ جارُ العَزيز الحَميدِ
بِلادَ الحِجاز إِلَيك هَفا
بِلادَ الحِجاز إِلَيك هَفا / فُؤادي وَهامَ بِحُبّ النَبي
وَيا حَبَّذا زَمزمٌ وَالصَفا / وَيا طيبَ ذاكَ الثَرى الطَيّبِ
ذِكرى الهادي وَالأَمجادِ / ملءُ الوادي وَالأَنجادِ
أَثر الهِمَم مُنذُ القِدَم / حَول الحَرَم أَبَداً بادِ
بِلادَ الكِرامِ / شُموس الهُدى
عَلَيك سَلامي / مَدىً سَرمدا
هَنيئاً لِمَن حَضر المَشهَدا / وَطافَ بِكَعبة ذاكَ الحَرَم
وَمِن قَبّل الحَجَرَ الأَسوَدا / وَظَلّله الرُكنُ لَمّا اِستَلَم
بِروحي رُبوعُ النَبي الأَمين / وَصحبُ النَبي هداةُ المَلا
وَمُشرقُ نور الكِتاب المُبين / عِمادِ الحَياة وِرُكنِ العلا
ذِكرى الهادي وَالأَمجادِ / ملءُ الوادي وَالأَنجادِ
أَثر الهِمَم مُنذُ القِدَم / حَول الحَرَم أَبَداً بادِ
بِلاد الكِرامِ / شُموسِ الهُدى
عَلَيك سَلامي / مَدىً سَرمدا