المجموع : 21
يا مَن لِصَبٍّ نَأى في الحُبِّ عَن رَشَدِه
يا مَن لِصَبٍّ نَأى في الحُبِّ عَن رَشَدِه / فَلَيسَ بِالمُنتَهي بِاللَومِ عَن فَنَدِه
أَثارَ صَيداً فَصادَتهُ حَبائِلُهُ / يا وَيحَهُ باحِثاً عَن حَتفِهِ بِيَدِه
صَيداً أَعادَ الَّذي أَبداهُ قانِصُهُ / مِن خَتلِهِ يَومَ وافاهُ وَمِن طَرَدِه
هُوَ القَتيلُ الَّذي لَم تُخطِ مُقلَتُهُ / عَمداً وَقاتِلُهُ لَم يَخشَ مِن قَوَدِه
رَماهُ ريمٌ رَنا بِاللَحظِ مُختَلِساً / فَأَثبَتَ الريمُ سَهمَ اللَحظِ في كَبِدِه
يَلومُهُ فارِغٌ مِمّا أُصيبَ بِهِ / في الحُبِّ ما عِندَهُ ما فيهِ مِن جَلَدِه
يُدِلُّ بِالجيدِ مَن بِالجيدِ تَيَّمَني / كَأَنَّهُ ناحِلي بِالحُسنِ مِن جَيَدِه
يا واضِحَ الثَّغرِ كَم بِالثَّغرِ تَقتُلُ مَن / أَصماهُ حَرُّ الهَوى شَوقاً إِلى بَرَدِه
يا حَبَّذا فِعلُهُ إِن كانَ يَفعَلُ بي / في الحُبِّ فِعلَ الَّذي يُبديهِ مِن غَيَدِه
حُرِمتُ مِن لُؤلُؤَيهِ ما أَهيمُ بِهِ / مِن حُسنِ مَنظومِهِ الغالي وَمِن بَدَدِه
تَشي الوُشاةُ بِنا عِندَ الفِراقِ فَإِن / نَحنُ اِفتَرَقنا فَكُلُّ القَومِ مِن رَصَدِه
مازالَ في مَنعِ ما أَحبَبتُهُ مَعَهُم / وَلَم يَكُن راثِياً يَوماً لِمُضطَهِدِه
يا لَيتَ في الدَهرِ رُوحَينا قَدِ التَقَيا / بِالوُدِّ في جَسَدي أَو لا فَفي جَسَدِه
إِلَيكَ المَطايا أَعنَقَت يا مُحَمَّدُ
إِلَيكَ المَطايا أَعنَقَت يا مُحَمَّدُ / إِلى خَيرِ مَن يُسعى إِلَيهِ وَيُحفَدُ
إِلى الذُروَةِ العَلياءِ مِن سِرِّ هاشِمِ / عَلَيهِم سَلامي كُلَّ وَقتٍ يُرَدَّدُ
تَرَدُّدَ أَنفاسي الَّتي لا أَمَلُّها / وَلا أَنتَهي مِنها وَلا أَتَبَلَّدُ
كَأَنَّ دُموعي لاشتِياقي لَآلِئٌ / فَمِن بَينِ أَصدافِ الجُفونِ تُبَدَّدُ
قَطَعنَ إِلَيكَ البيدَ كَالبَحرِ آلها / وظرّانُها مِن تَحتِهِ يَتَوَقَّدُ
وَرَكبٍ عَلى أَكوارِهِنَّ كَأَنَّهُم / سِهامٌ بِأَكبادِ القِسِيِّ تَشَدَّدُ
وَكُلٌّ إِذا ما هَزَّ سوطاً كَأَنَّما / تَخِبُّ بِهِ بَينَ النَّعامِ خَفَيدَدُ
إِلى أَن أَناخوها إِلى جَنبِ حُجرَةٍ / لَهيبَتِهِ مِنها الفَرائِصُ تُرعَدُ
إِلَيكَ رَسولَ اللَهِ مِنّي أَلوكَةً / حَنانَيكَ قَد يَحنو عَلى العَبدِ سَيِّدُ
أُوَمِّلُ مِن خَيرِ الأَنامِ شَفاعَةً / بِها في نَعيمٍ بِالجنانِ أُخَلَّدُ
فَأَنتَ رَسولُ اللَهِ وَهيَ شهادَةٌ / أُقِرُّ بِها حَتّى المعادَ وَأَشهَدُ
وَدِدتُ بِأَنّي زُرتُ قَبرَكَ راجِلاً / وَقَبَّلتُ تُرباً أَنتَ فيها مُوَسَّدُ
وَمَرَّغتُ خَدّي عِندَ قَبرِكَ ضارِعاً / بِأَرضٍ حَصاها لُؤلُؤٌ وَزَبَرجَدُ
وَذاكَ ضَريحٌ يَحسُدُ المِسكُ تُربَهُ / وَكُلُّ شَريفِ القَدرِ لا شَكَّ يُحسَدُ
بِهِ حَلَّ كُلُّ الجُودِ وَالمَجدِ وَالنَدى / وَفَضلٌ وَمَعروفٌ وَعِزٌّ وَسُؤدَدُ
إِذا حُدِيَت عَنسٌ بِذِكرِك أَسرَعَت / كَأَن لَم يَمَسَّ الأَرضَ رَجُلٌ وَلا يَدُ
وَخَلَّت سُهَيلاً طالِعاً مِن وَرائِها / وَقابَلَها نَسرٌ وَجَديٌ وَفَرقَدُ
وَصاحَ بِها الحادونَ فَاِندَفَعَت بِهِم / تُؤَوِّبُ في الأَرضِ القِواءِ وَتُسئِدُ
وَقَد مَدَّتِ الأَعناقَ تَطوي مَهامِهاً / تَغورُ بِها تَحتَ الرِحالِ وَتُنجِدُ
شَواحِبُ أَلوانٍ بَراها لُغوبُها / بِفَيفاءَ فيها الأَبيَضُ اللَّونِ أَسوَدُ
وَإِنّي لَذو شَوقٍ إِلَيكَ مُضاعَف / بَواعِثُهُ لا تَأتَلي تَتَجَدَّدُ
إِلى الحُجرَةِ البَيضاءِ وَالجَدَثِ الَّذي / بِهِ الخَيرُ في الدّارَينِ يُرجى وَيُقصَدُ
أَلا أَيُّها الزُوّارُ بِاللَهِ بَلِّغوا / سَلامي إِلَيهِ وَاِرفُقوا وَتَأَيَّدوا
وَقولوا لَهُ فِتيان يَشكو صَبابَةً / إِلَيكَ وَوَجداً حَرُّهُ لَيسَ يَبرُدُ
يُرَجّى غداً تَبريدَ غُلَّتِهِ إِذا / شَفَعتَ لَهُ في الحَشرِ وَالحَوضُ مورِدُ
مَن مُبلِغٌ نَجداً وَمَن بِنَجد
مَن مُبلِغٌ نَجداً وَمَن بِنَجد / سَلامَ مَيتِ الصَبرِ حَيِّ الوَجدِ
يَبكي مَتَى شامَ بَريقاً بِالحِمى / وَقَلَّ ما يُغني البُكا أَو يُجدي
يُلصِقُ بِالصَعيدِ قَلباً خافِقاً / ظَمآنَ طالَ عَهدُهُ بِالوِردِ
يَنشُرُهُ الشَوقُ وَيَطويهِ كَما / يُعيدُهُ غَرامُهُ وَيُبدي
ذابَ مِنَ الشَوقِ فَلَو فُتِّشَ عَن / هُ بردُه لَم يُرَ غَيرُ البُردِ
تَقرفُ أَظفارُ الأَسى قُروحَهُ / بِقَلبِهِ لا لَحمِهِ وَالجِلدِ
أَفدي عريباً بِالحِمى عِندَهُمُ / قَلبي وَتَبريحُ الغَرامِ عِندي
تَكادُ تُلقي كَبِدي أَفلاذها / مِن لَهَفي عَلى الكَثيبِ الفَردِ
فَاِعجَب لِحُرٍّ ذلَّ بَعدَ عِزَّةٍ / فَاِقتادَهُ الهَوى اِقتِيادَ العَبدِ
دَعنِي وَنعمانَ الأَراكِ أَبكِهِ / فَكَم زَجَرتُ فيهِ طَيرَ سَعدي
أَيام غُصني مُثمِرٌ وَلمَّتي / مُسوَدَّةٌ وَالبيضُ تَرعى عَهدي
وَفي الشِفاهِ خَمرَتي وَفي العيو / نِ نَرجِسي وَفي الخُدودِ وَردي
أَيام كنتُ وَالَّذي أُحِبُّهُ / لا فَرقَ بَينَ خَدِّهِ وَخَدّي
حينَ شَبابي ما هُريقَ ماؤُهُ / وَلا كَبا عِندَ الحِسانِ زَندي
وَالآنَ بي مِن زَمَني ضَمانَةٌ / ضامِنَةٌ لِلكاشِحينَ فَقدي
إِن لَم تَدارَكني أَيادي الملكِ ال / ظاهِرِ خَيرُ مُنجِدٍ وَمُعدي
فَها أَنا الآنَ عَلى دَهري إِلى / مَعروفِهِ وَعَدلِهِ أَستَعدي
مَلكٌ مِنَ الدَهرِ يُجيرُ ناسَهُ / وَلا يُجارُ مِنهُ غُلبُ الأسدِ
لَو كانَ يَومَ الدارِ غازي شاهِداً / عُثمانَ رَدَّ عَنهُ كُلَّ حَدِّ
وَلَم يَكُن جَرى الَّذي قَبلُ جَرى / بَينَ أَبي السبطَينِ وَاِبنِ هِندِ
مَلكٌ إِذا نارُ الهياجِ اِحتَدَمَت / في مَأزِقِ الحَربِ الشَديدِ الوَقدِ
يَوماً تَرى فيهِ القَنا رَواعِفاً / وَالخَيلُ تَردي وَالكُماةُ تُردي
وَالنَّقعُ فيهِ كَالغَمامِ وَالظُّبى / بُروقُهُ وَالرَّكضُ صَوتُ الرَعدِ
هُناكَ يُلفى سَيفُهُ بِكَفِّهِ / صَلتاً وَمِن دَمِ العِدا في غِمدِ
يَركَعُ في الهامِ فَتَهوي سُجَّداً / مِن كُلِّ مَن لَم يَتلُ آيَ الحَمدِ
فَمن هُناكَ عَنتَرٌ وَعامِرٌ / لَدَيهِ في الإِقدامِ وَاِبنُ مَعدِي
هَيبَتُهُ تَكادُ تَغنيهِ لَدى ال / رَوعِ عَنِ اِستِظهارِهِ بِالجُندِ
كَأَنَّما المُلوكُ عِقدٌ وَهوَ في / جِيدِ العُلى واسِطَةٌ لِلعِقدِ
يَضرَعُ خَدُّ كُلّ جَبّارٍ لَهُ / وَيصرَعُ الهَزلَ بِجِدِّ الجِدِّ
أَكسَبَهُ فِعالُهُ بَينَ الوَرى / أَجَدَّ مَدحٍ وَأَجَلَّ حَمدِ
تَقاعَسَ المُلوكُ دونَ شَأوِهِ / عَن غايَتَي سُؤدَدِهِ وَالمَجدِ
يُسَرُّ بِالوَفدِ مَتى ما أَمَّهُ / فَهوَ بِبَذلِ الرِّفدِ مُغني الوَفدِ
ما أَمَّهُ في دَهرِنا مِن قاصِدٍ / فَشَدَّ عَنساً بَعدَها لِقَصدِ
فاقَ المُلوكَ في المَعالي مِثلَ ما / فاقَت أَياديهِ اِنحِصارَ العَدِّ
كَأَنَّما صِفاتُهُ في العَدلِ وَال / إِحسانِ وَالفَضلِ صِفاتُ المَهدي
يا أَيُّها المَلكُ الَّذي يَهتَزُّ لِل / مَدحِ اِهتِزازَ السَيفِ ذي الفِرِندِ
خُذ مِدحَةً وافَتكَ مِن مُفَوَّهٍ / بِالأَفوَهِ الأَودِيِّ جاءَت تُودي
رَدَّت لَبيداً كَالبَليدِ وَاِنثَنى / عَنها عَبيدٌ في ثِيابِ عَبدِ
لا يَكنِدُ الكِندِيُّ فَضلَ مِثلِها / أَعني اِمرَأَ القَيسِ بنَ حُجرِ الكِندي
أَهدَيتُها عَذراءَ غَيرَ فارِكٍ / لَكِنَّها مَسرورَةٌ بِالقَصدِ
كَفيئَةً تُهدى لِأَكفى مَلِكٍ / حازَ العُلى بِمَهرِها وَالنَقدِ
لا بَرِحَ الظاهِرُ مَلكاً ظاهِراً / عَلى الأَعادي بِعُلُوِّ الجَدِّ
ما هَبَّ مُعتَلُّ النَسيمِ سحرَةً / وَما شَدَت حَمائِمٌ في الرَّندِ
يا صاحِ أَيقِظ راقِدَ العودِ
يا صاحِ أَيقِظ راقِدَ العودِ / وَيا لُيَيلاتِ الحِمى عُودي
وَيا غُصونَ البانِ ميلي عَلى ال / أَغصانِ بِالأَقمارِ أَو مِيدي
وَيا عَذولي خَلِّ تَكرارَكَ ال / دُروسَ في لَومي وَتَفنيدي
إِنّي لَصَوّامٌ عَنِ العذلِ تَع / ييدِيَ في تَركِيَ تَعييدي
هَل حَدَق الغزلانِ غازَلنَنا / أَم لَحَظاتُ الخُرَّدِ الغيدِ
بيضٌ وَسُمرٌ حُمِيَت بِالحِمى / بِالبيضِ وَالسُمرِ الأَماليدِ
جُد بِأَياديكَ أَيا ديكُ فَاِن / سَخ آيَةَ النَّومِ بِتَسهيدِ
وَهُبَّ يا صاحِ فَقَد صاحَ وا / عِدٌ بِإِنجازِ المَواعيدِ
وَصِل صَبوحاً بِغَبوقٍ فَما / مَوجودُ عَيشٍ مِثلُ مَفقودِ
أرعِف خَياشيمَ أَباريقِنا / مِن دَمِ أَوداجِ العَناقيدِ
وَأَجرِ مِن خُرطومِ راووقِنا / تامورَهُ في بَحرِ ناجودِ
وَاعرُك بِراحِ الرَّاحِ في الصدر آ / ذانَ هُمومٍ ذات تَنكيدِ
وَاِركَب كُمَيتاً راضها أَشهَبٌ / فَاقَا عِتاقَ الضُمَّرِ القُودِ
فَالهَمُّ لَيلٌ وَهيَ صُبحٌ وَما / لَيلٌ بِلا صُبحٍ بِمَطرودِ
أَطافَ ساقينا عَلَينا بِقِن / ديلٍ مُضيءٍ أَم بِقِنديدِ
ما مَلأَ الكَأسَ بِتَفريغِهِ ال / كِيسَ سِوَى ذي الكَيسِ وَالجودِ
نَظَّمَ بِالتَبديدِ شَملَ العُلا / وَالمَجدُ مِن نَظمٍ وَتَبديدِ
وَأَنتَ يا مُطرِبُ غَرِّد فَما / تَرغيدُ عَيشي غَيرَ تَغريدِ
اجلُ العَجوز البِكرَ بَينَ الندا / مَى بِالمَزاميرِ وَداوودِ
مُشرِقَةً كَالشَمسِ مَودودَةً / كَخلقِ بَدرِ الدينِ مَودودِ
ساسَ أُمورَ الناسِ في الرَأيِ وَال / بَأسِ بِتَشديدٍ وَتَسديدِ
فَغيضَ سَيلُ الظُلمِ ثُمَّ اِستَوَت / سَفينَةُ الجُودِ عَلى الجودي
صَنيعُهُ الجَيِّدُ في دَهرِهِ / صيغَ لَهُ كَالعِقدِ في الجيدِ
فَالمَجدُ ذو قَلبٍ لِأَمراضِهِ / مُرتَمِضٍ بِالهَمِّ مَزؤودِ
فَعافِهِ اللَهُمَّ مِمّا بِهِ / فَبَرؤُهُ عافِيَةُ الجودِ
صُنِ اللَيالي البيضَ مِن نورِ بَد / رِ الدينِ عَن أَضدادِهِ السّودِ
لَو كانَ يُفدى من أَذىً أَو رَدى / بُشِّرَ في الدُنيا بِتَخليدِ
قامَت بَراهينُ عَلى فَضلِهِ / فَمَدحُهُ لَيسَ بِتَقليدِ
لا عَدِمَ المَجدُ عُلاهُ فَما / نَظيرُهُ يَوماً بِمَوجودِ
بَحرُ نَدىً سَيفُ رَدىً باتكٌ / نَحرَ عدىً نَصرَةُ مَنجودِ
بِفَتحِهِ ثَغرَ العِدا لَم يَدَع / لِلسِلمِ ثَغراً غَيرَ مَسدودِ
كَم فَكَّ من عانٍ وَكَم كَفَّ مِن / عاتٍ بِإِطلاقٍ وَتَقييدِ
وَكَم لَهُ مِن مَكرُماتٍ مَتى / عُدَّت تَعَدَّت كُلَّ مَعدودِ
إِلى نَداهُ وَإِلى مَدحِهِ / نَضرِبُ آباطَ المَقاحيدِ
تَعنو لَهُ الصيدُ الصَّناديدُ في ال / رَوعِ اِرتِياعاً كَالرَعاديدِ
إِبلالهُ وَالعيدُ جاءا مَعاً / فَليَهنِنا عيدانِ في عيدِ
لا زالَ في ظِلٍّ مِنَ السَّعدِ وا / رِفٍ مَدى الأَيّامِ مَمدودِ
وَرَدَ الوَردُ سافِراً عَن خُدودِ
وَرَدَ الوَردُ سافِراً عَن خُدودِ / أَقبَلَت لِلتَقبيلِ بَعدَ الصُدودِ
قائِلاً وَالمَقالُ يُفهَمُ عَنهُ / بِلِسانِ التَسبيحِ وَالتَمجيدِ
بادروا لَذَّةَ الزَّمانِ فَما فا / تَ مِنَ العَيشِ لَيسَ بِالمَردودِ
بادِروا فَاِقَتَضُوا بَناتِ كُرُومٍ / وَالعَجوزَ البِكرَ اِبنَةَ العُنقُودِ
إِنَّ فَصلَ الرَبيعِ بورِكَ فَصلاً / طيبٌ نَشرُهُ قَشيبُ البُرودِ
حَيثُما دُرتَ لا تَرى غَيرَ ديبا / جٍ أَنيقٍ بِهِ وَدُرٍّ نَضيدِ
يَتَمنّى كُلُّ الزَمانِ بِأَن كا / نَ رَبيعاً لِفَضلِهِ المَشهودِ
وَكَذا كُلُّ سَيِّدٍ يَتَمَنّى / أَنَّهُ مِثلُ سَيِّدي مَودُودِ
مَلِكٌ لَم تَزَل أَياديهِ بيضاً / فاتكاتٍ بِالنائِباتِ السودِ
صادَ بِالمَكرُماتِ غُرَّ اللَيالي / وَشَأى سائِرَ المُلوكِ الصيدِ
إِنَّ أَيّامَهُ لأَعيادنا بَل / كُلَّ يَومٍ لَنا بِهِ أَلفُ عيدِ
هُوَ بَدرُ الدينِ الَّذي بِسطاهُ / ذَلَّ أَهلُ التَثليثِ لِلتَوحيدِ
دامَ في العِزِّ مُرغِماً لِلحَسودِ / في صُعودٍ إِلى مَراقي السُعودِ
مَرِضتُ لِطيفٍ كانَ مِنهُ صُدود
مَرِضتُ لِطيفٍ كانَ مِنهُ صُدود / عَسى طَيفُ سُعدى أَن يَعودَ يَعودُ
وَكَيفَ يَعودُ الطَّيفُ من بِفُؤادِهِ / وفودٌ لِنيرانِ الهَوى وَوَقودُ
وَبِالعَلَمِ الفردِ الَّذي تعلمانه / ظِباءٌ حَمَتها بِالظُباةِ أُسودُ
وَبِيضٌ لَها البِيضُ الرِقاقُ لَواحِظٌ / وَسُمرٌ لَها السُمرُ الرِشاقُ قُدودُ
لَقَد بَعُدَت مِنّي زَرودٌ وَأَينَ مِن / كَئيبٍ بِأَبوابِ البَريدِ زَرودُ
وَبي غادَةٌ جيداءُ لمياءُ لَدنَةُ ال / مَعاطِفِ غَرثاءُ المَراشِفِ رُودُ
مُهَفهَفَةٌ رَيّا المُخَلخَلِ فَعمَةُ ال / مُؤَزَّرِ غَرثى الخَصرِ فَهوَ جَهيدُ
بِوَجنَتِها خمرٌ وَجمرٌ فَما لذا / جُمودٌ وَلا في حَرِّ ذاكَ خُمودُ
إِذا ما مَشَت يَنسابُ في التُربِ خَلفَها / أَساوِدُ من تِلكَ الضَفائِرِ سُودُ
وَما ظَبيَةٌ أَدماءُ تَزجي شُوَيدِناً / أَغَنَّ فَعَنهُ ما تَكادُ تَحيدُ
أَتاحَت لَهُ الأَقدارُ سَهماً مُقَذَّذاً / فَلِلنَصلِ مِن حَبلِ الوَريدِ ورودُ
فَمَرَّت عَلى خَوفٍ وَثُكلٍ وَجيدُهُ / عَقيرٌ بِمَسفوحِ الدِّماءِ يَجودُ
بِأَوجَعَ مِنّي يَوم كاظِمَةٍ وَقَد / ظعنتُ فَقالَ الرَكبُ أَينَ تُريدُ
فَلَو قيلَ لي ماذا تَمَنّى وَقَد خَدَت / بي العرمِسُ الوَجناءُ قُلتُ أَعودُ
يا نَجمُ كَم أَدنو إِلَيكَ وَتُبعِدُ
يا نَجمُ كَم أَدنو إِلَيكَ وَتُبعِدُ / حَتّى كَأَنَّكَ في السَماءِ الفَرقَدُ
تَكوي بِنارِ الهَجرِ قَلبِيَ عامِداً / فَإِلامَ قَلبي صابِرٌ يَتَجَلَّدُ
ما في الشَريعَةِ قَتلُ صَبٍّ مُغرَمٍ / تَاللَهِ ما يَرضى بِذاكَ مُحَمَّدُ
أَجفانُكَ المَرضى بِها أَمرَضتَني / عِدني وَعُدني مَلَّ مِنّي العُوَّدُ
في القَلبِ مِنكَ صَبابَةٌ وَكَآبَةٌ / كِلتاهُما النارُ الَّتي لا تَخمُدُ
فَالظَبيُ وَالغُصنُ المُرَنَّحُ في النَقا / وَالشَمسُ في رَأدِ الضُحى لَكَ حُسَّدُ
أَنتَ الَّذي بَهَرَ المِلاحَ بِحُسنِهِ / وَجَمالِهِ فَنَظيرُهُ لا يوجَدُ
يا ناعِسَ الطَرفِ الَّذي مِن هَجرِهِ / أَجفانُ عَينِ مُحِبِّهِ ما تَرقُدُ
بِالنَجمِ في ظُلَمِ الدَياجي تَهتَدي / وَضَلالَتي في الحُبِّ لَيسَت تُرشَدُ
ما لي إِذا ما كُنتَ عَنّي غائِباً / إِلّا الدُموعُ عَلى غَرامي مُسعِدُ
مَن لي بِوَصلِكَ وَالمُدامَةُ بَينَنا / في كَأَسِها مِنها الفَرائِضُ تُرعَدُ
وَاللَونُ مِنها في الكُؤوسِ مُوَرَّدٌ / وَكَذاكَ دَمعي في الجُفونِ مُوَرَّدُ
قَد قابَلَت في فيكَ نَظمَ حَبابِها / وَرَأَت رُضابَكَ وَهوَ مِنها أَجوَدُ
ما بالُ قَلبِكَ لا يَلينُ وَأَنتَ ذو / لينٍ تَكادُ بِهِ تُحَلُّ وَتُعقَدُ
كَيفَ الفِرارُ وَلَحظ طَرفِكَ أَسهُمٌ / وَالقَدُّ رَمحٌ وَالجُفونُ مُهَنَّدُ
وَالقَوسُ حاجِبكَ الَّذي مِن غَمزِهِ / عِندي وَحاشاكَ المُقيمُ المُقعِدُ
ذو العِشقِ يُعميهِ الهَوى وَيُصِمُّهُ / فَيَصيرُ فيهِ العَبدُ وَهوَ السَيِّدُ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يَكونَ اللَيثُ في / حُكمِ الهَوى يَسبيهِ ظَبيٌ أَغيَدُ
أَهلاً بِطَيفٍ زائِرٍ مَرقَدي
أَهلاً بِطَيفٍ زائِرٍ مَرقَدي / أَنّى اِهتَدى أَفديهِ من مُهتَدي
أَنّى اِهتَدى لَيلاً إِلى عاشِقٍ / يخفَى مِنَ السُقمِ عَلى العُوَّدِ
فَخِلتُ أَنَّ الخالَ في خَدِّهِ / نُقطَةُ نَدٍّ فَوقَ وردٍ نَدي
وَاِفتَرَّ لي عَن بَرَدٍ جامِدٍ / غُلَّةُ قَلبي مِنهُ لَم تَبرُدُ
قُلتُ لَهُ كَم تَعتَدي في الهَوى / ظُلماً عَلى عَبدِكَ يا سَيِّدي
فَقالَ إِذ ذاكَ من المُعتَدي / قُلتُ الَّذي قالَ من المُعتَدي
هَل دَهرُنا الماضي يَعودُ
هَل دَهرُنا الماضي يَعودُ / وَيَصُدُّ عَنّا ذا الصُدودُ
بِنتُم فَنَومِيَ عَن جُفو / ني بَعدَ بُعدِكُم شَريدُ
دَمعي يَكادُ عَلى يَزي / دَ إِذا تَذَكَّرَكُم يَزيدُ
فَالمَوتُ عِندي وَالنَّوى / سِيّانِ مَن لي أَن تَعودوا
كانَت لَيالينا بِكُم / بيضاً وَهُنَّ الآنَ سودُ
قَد كانَ فَصلُ الوَردِ يُط / رِبُني إِذا وَرَدَ الوُرودُ
إِذ كانَ يُخجِلُهُ مِنَ ال / أَحبابِ بِاللَّونِ الخُدودُ
في مَجلِسٍ فيهِ الأَكُف / فُ بِهِنَّ مَنثورٌ نَضيدُ
وَالنَّرجِسُ الرَيّانُ في / قُضُبِ الزَّبَرجَدِ ما يَميدُ
بِنتُم فَذَلِكَ كُلُّهُ / عِندي قَبيحٌ ما يُفيدُ
وا خَيبَتي حَزِنَ الوَلِي / يُ بِما بِهِ سُرَّ الحَسودُ
كانَ الزَمانُ يَطيبُ لي / وَأَحِبَّتي فيهِ شُهودُ
فَأَتى الزَّمانُ بِجَورِهِ / فَالصَبرُ بَعدَهُمُ فَقيدُ
عَجَباً لِمَن سَكَنَ الفُؤا / دُ وَشَخصُهُ عَنّي بَعيدُ
لي زَفرَةٌ كَالنارِ يَن / فُثُ حَرَّها قَلبي العَميدُ
فَأَنا الشَقِيُّ وَكانَ لي / حَظٌّ بِوَصلِهِم سَعيدُ
أَقسَمتُ ما لي بَعدَهُم / في يَومِ هَذا العيدِ عيدُ
لَم يَدنُ مِن نارِي الخُمو / دُ وَلا مِنَ الدَّمعِ الجُمودُ
فَمَتى تَقولُ لَنا حُدا / ةُ مَطِيِّهِم هَذي زَرودُ
هَيهاتَ عَزَّ لِما نُؤَم / مِلُهُ مِنَ الدَهرِ الوُجودُ
إِن سَرَّ ذا العيدُ غَيري بِالوِصالِ فَلي
إِن سَرَّ ذا العيدُ غَيري بِالوِصالِ فَلي / قَلبٌ بِهَجرِكُم قَد ساءهُ العيدُ
غادَرتُمُ العَيشَ مَذموماً بِغَدرِكُم / وَالعَيشُ نَوعانِ مَذمومٌ وَمَحمودُ
أَيّامِيَ البيضُ عادَت مِن فِراقِكُم / أَحِبَّتي كَلَيالٍ كُلُّها سُودُ
قَد صارَ يَرحَمُني مَن كانَ يَحسُدُني / وَالناسُ في الحُبِّ مَرحومٌ وَمَحسودُ
الصَّبرُ وَالوَجدُ مُذ أَعرَضتُمُ اِختَلَفا / فَالصَبرُ وَالوَجدُ مَعدومٌ وَمَوجودُ
عُودوا إِلى الوَصلِ عودوا لا عَدِمتُكُم / فَإِن أَقمتُم عَلى هَجري ذَوى العُودُ
طَرَدتُمونِيَ عَن بابِ الوِصالِ وَما / يُلامُ إِن ماتَ صَبٌّ عَنهُ مَطرودُ
صادَ بِالجامِعِ قَلبي قَمَرٌ
صادَ بِالجامِعِ قَلبي قَمَرٌ / زاهِرٌ مَطلَعُهُ مِن صَرخَدِ
قَمَرٌ في خَوطِ بانٍ نابِتٌ / في كَثيبٍ تَحتَ أُملودٍ نَدِي
بابِلِيُّ الطَرفِ هاروتُ وَما / روتُ عَنهُ نَفَثا في العُقَدِ
وَجنَتاهُ مُجتَنى التُفّاحِ وَال / وردِ بِالأَلحاظِ غَضّاً لا أَليَدِ
أَنا مِن شَوقي إِلى تَقبيلِهِ / قائِلٌ وا كَبِدي وا كَبِدي
الكِبرُ تُبغِضُهُ الكِرامُ وَكُلُّ مَن
الكِبرُ تُبغِضُهُ الكِرامُ وَكُلُّ مَن / يُبدي تَواضُعَهُ يُحَبُّ وَيُحمَدُ
خَيرُ الدَقيقِ مِنَ المَناخِلِ نازِلٌ / وَأَخَسُّهُ وَهيَ النُخالَةُ تَصعَدُ
شَكَوتُ إِلى قَومٍ زَماني وَأَهلَهُ
شَكَوتُ إِلى قَومٍ زَماني وَأَهلَهُ / لِزُهدِهِمِ في مَلبَسِ المَدحِ وَالحَمدِ
فَقالوا تَبَدَّل عَنهُمُ بِسِواهُمُ / فَقُلتُ لَهُم في كُلِّ وادٍ بَنو سَعدِ
وَأُقسِمُ ما هِندٌ لَها الغَدرُ وَحدَها / وَهَل في نِساءِ العالَمينَ سِوى هِندِ
أَجنِحَةُ النَملِ إِذا ما بَدَت
أَجنِحَةُ النَملِ إِذا ما بَدَت / بِجِسمِهِ دَلَّت عَلى فَقدِهِ
كَذَلِكَ الأَمرَدُ ما مَوتُهُ / إِلّا طُلوعُ الشَعرِ في خَدِّهِ
وَنَحوِيٍّ تَكَلَّمَ في أَقاحٍ
وَنَحوِيٍّ تَكَلَّمَ في أَقاحٍ / فَأَنبَتَ في قَفاهُ الصَفعُ وَردا
فَثَغرُ الأُقحُوانِ لَهُ اِبتِسامٌ / يُحَجِّلُ عُنقَهُ إِذ صارَ خَدّا
فَلا تَشلَل يَدٌ فَتَكَت بِهِ إِذ / رَأَينا كَفَّ لَيثٍ صَكَّ قِردا
إِن غابَتِ الشَمسُ عَنهُمُ وَهُمُ
إِن غابَتِ الشَمسُ عَنهُمُ وَهُمُ / لَم يَدخُلوا في عَشِيَّة البَلَدا
فَاِتلُ عَلَيهِم أَنباءَ ما جاءَ في ال / كَهفِ وَلَن يُفلِحوا إِذَن أَبَدا
حاوَلتُ تَهنِئَةَ الوَزيرِ فَلَم أَجِد
حاوَلتُ تَهنِئَةَ الوَزيرِ فَلَم أَجِد / لي في الدُخولِ بِبابِهِ مِن مُسعِدِ
لَم أَحظَ إِلّا بِالقِيامِ لِمَن أَتى / فَلَقَد دُفِعتُ إِلى المُقيمِ المُقعِدِ
يا حَبَّذا فِعلُ المَغارِبَةِ الأُولى / تَرَكوا القِيامَ لِصادِرٍ في مَورِدِ
وَتَنَكَّبوا الأَلقابَ فيما بَينَهُم / كَفِعالِ أَصحابِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
أَطرَبَني صَوتُ حَمامٍ شَدا
أَطرَبَني صَوتُ حَمامٍ شَدا / كَأَنَّ في أَيكَتِهِ مَعبَدا
شَدا عَلى أَفنانِها مُسمِعاً / فُنونَ أَلحانٍ بِها غَرَّدا
طَوَّقتِني يا رَبَّةَ الطَّوقِ إِذ / هَتَفت في البانِ سُحَيراً يَدا
أَذكَرتني طيبَ زَمانِ الصِّبا / إِذ غُصني الغَضُّ يَمُجّ النَدا
لَم يَخلُ قَلبي قَبلُ من فِتنَةٍ / عُلِّقَها أَو شادِنٍ أَمرَدا
حُلوُ التَجَنّي وَالتَّثَنّي مَعاً / سكرانُ لَحظٍ طالَما عَربَدا
فَاِسوَدَّ ما أُلبِستُهُ أَبيَضاً / وَاِبيَضَّ ما أُلبِستُهُ أَسوَدا
سيّان وافى صغَرٌ أَمرَداً / مُبيض مسوده أَم رَدا
يا بِأَبي غيدٌ حِسانٌ مَتى / رَنَونَ صِدنَ الصائِدَ الأَصيَدا
هَزَزنَ في الكُثبانِ بِالمَشيِ قُض / بَ البانِ من رُمّانِهِ نُهَّدا
إِذا نَزَعنَ الوَشي وَالحَلي كن / نَ الدُّرَّ مِن أَصدافِهِ جُرِّدا
فَركن كُلَّ الناسِ تيهاً وَلَم / يَهوَينَ إِلّا الملك الأَمجَدا
أَحسَنُ خَلقِ اللَهِ خَلقاً وَأَخ / لاقاً حَوى المَحتِدَ وَالسُؤدَدا
مِن أُسرَةٍ أَمسَوا مُلوكَ الوَرى / نُبلاً وَأَضحى لَهُمُ سَيِّدا
مَولايَ هَذا الوَردُ قَد أَقبلَت / وُفودُهُ تَطلُبُ مِنكَ الجَدا
وَما جَداهُ غَيرُ إِحضارِهِ / لَدَيكَ وَالقَهوَةُ تروي الصَدا
وَالكَأسُ بِالصَهباءِ قَد أَبرَقَت / وَالعودُ بِالأَوتارِ قَد أَرعَدا
وَالنايُ يُبدي صَوتُهُ ضَجرة ال / حَبيبِ إِذ يَستَنجِزُ المَوعِدا
وَاِشرَب عَلى العَلاقِ راحاً صَفَت / أَطيب بِها ثُمَّ بِهِ مَورِدا
يا حَبَّذا مَرّ نَسيمِ الصَّبا / يَنقُشُ مِن صَفحَتِهِ مِبرَدا
لذَّ بِها في اليَومِ وَانعَم فَإِن / نَ اللَهَ ذو فَضلٍ سَيَعفو غَدا
فَأَنتَ في دَهرِكَ يا ذا العُلى / أَفضَلُ مَن صامَ وَمَن عَيَّدا
لا وَالمَطايا يَعتَسِفنَ البيدا
لا وَالمَطايا يَعتَسِفنَ البيدا / بَلوى زَرودَ يَدُسنَ رَملَ زَرودا
يَخضُبنَ مُبيَضَّ الحَصى بِمَناسِمٍ / حُمٍّ تَكادُ تُفَتِّتُ الجُلمودا
ما إِن رَأَينا يَعمَلاتٍ قَبلَها / يَحمِلنَ في أَكوارِهِنَّ أُسودا
فَالحَدوُ ذِكرٌ وَالحُداةُ أَئِمَّةٌ / يَحدونَ رَكباً رُكَّعاً وَسُجودا
قَد لَوَّحتَهُم في القِفارِ هَواجِرٌ / مِنها الوُجوهُ البيضُ تَبدو سودا
مِثلُ القَشاعِمِ في ذُرى الأَكوارِ كَال / أَوكارِ شَدّوا بِالأَكُفِّ خُدودا
لاثوا عمائِمَهُم عَلى هاماتِهِم / وَتَسربَلوا فَوقَ الرِكابِ بُرودا
حَتّى إِذا بَلَغوا النَبِيَّ مُحَمَّداً / فَرَشوا لِأَوجُهِهِم حَصىً وَصَعيدا
أَمّوهُ أَنضاءً عَلى الأَنضاءِ ما / يَبدونَ إِلّا أَعظُماً وَجُلودا
وَكَأَنَّهُم عِندَ النِزالِ صَوارِمٌ / قَد فارَقَت يَومَ النِزالِ غُمودا
يَتَبَرَّكونَ بِلَثمِ تُربَةِ خَيرِ مَن / قَهَرَ الضَلالَ وَأَظهَرَ التَوحيدا
صَلّى عَلَيهِ اللَهُ ما أَبدى الدُجى / نَجماً وَما رَفَعَ الصَباحُ عَمودا
وَكَأَنَّهُم شَربٌ تَعاطَوا قَرقَفاً / عُنقودُها أَكرِم بِهِ عُنقودا
راحٌ صَريفينِيَّةٌ صاغَت لَها / كَفُّ المِزاجِ مِنَ الحَبابِ عُقودا
مِن نَشرِها الساقي يُحَرِّق عودا / وَبِشَدوِهِ الشادي يُحَرِّكَ عودا
وَكَأَنَّما تُحدى النِياقُ بِمَدحِ عِز / زِ الدِّينِ إِذ تُحدى فَتَطوي البيدا
لَكَ يا أُسامُ يَدٌ تَعَوَّدَ ظَهرُها / لَثماً وَباطِنُها تَعَوَّدَ جودا
وَلَكَ الأَيادي البيضُ تَدرَأُ عَن بَني ال / آمالِ أَنيابَ النَوائِبِ سودا
أَبَنَيتَ داراً قُل لَنا أَم جَنَّةَ ال / مَأوى حَباكَ بِها الإِلَهُ خُلودا
حيطانُها الذَهَبُ السَبيكُ وَماؤُها / ذَوبُ اللُجَينِ لِمَن أَرادَ وُرودا
وَكَأَنَّما النارِنجُ في بُستانِها / يُهدي مِنَ الغيدِ الحِسانِ نُهودا
وَكَأَنَّما فيهِ الغُصونُ موائِساً / رَنَّحنَ مِن هَيَفِ الخصورِ قُدودا
وَكَأَنَّما فيهِ الرُخامُ الماءُ سَيّا / لاً هُريقَ فَما يُطيقُ جُمودا
وَكَأَنَّما النارِنجُ نارٌ أُجِّجَت / لَم تُبدِ في خُضرِ الغُصونِ خُمودا
دارٌ تديَّرَها السُرورُ فَقَصَّرَت / عَنها القُصورُ وَصدت فيها الصيدا
كَم مَأَزِقٍ غادَرتَ أَبطالَ العِدا / فيهِ ثَعالِبَ إِذ أَتَوهُ أُسودا
وَرُؤوسهُم ثَمَراً وَخِرصان القَنا / زَهراً وَأَوراقَ الرِماحِ بُنودا
أَطلَعتَ كَوكَبَ في السَماءِ كَأَنَّهُ / سَعدُ السُعودِ فَلا بَرِحتَ سَعيدا
فَيَراهُ مَن عاداكَ سَعدَ الذابِحِ ال / قَطّاعِ مِنهُ أَخادِعاً وَوَريدا
بِبِناءِ عَجلونٍ تَهَدَّدت العِدا / عَجلاً يَهدُّ بِلادَها تَهديدا
حِصنٌ سَما بِصُعودِهِ وَسُعودِهِ / طولاً فَأَرهَقَ من عَصاكَ صُعودا
لَولا جِفانُكَ في الفَلاءِ لأَصبَحَ ال / مَوجودُ في أَيّامِهِ مَفقودا
عُلتَ اليَتامى وَالأَرامِلَ جائِداً / إِذ لَم تِكُن جودٌ يُرى مَوجودا
وَرَدَدتَ عَنكَ الفارِسَ الصِنديدَ في / يَومِ الهياجِ الفارِقَ الرِّعديدا
مَولايَ عِزَّ الدينِ دَعوَةَ مُخلِصٍ / مازالَ يَمنَحُكَ الثَناءَ جَديدا
اِسمَع قَريضاً عِندَ إِنشادي لَهُ / في الناسِ يَجعَلُ في العَبيدِ عَبيدا
جَزلٌ رَقيقُ النَسجِ راقَ فَصاحَةً / يَثني لَبيداً في القَريضِ بَليدا
أَنتَ الَّذي أَعطاهُ سَيفُ الدينِ وَال / دنيا زِمامَ المُلكِ وَالإِقليدا
أَنتَ الَّذي ما خانَ سُلطاناً وَلا / نَقَضَ الوَفاءَ وَلا أَضاعُ عُهودا
أَسقَيتَ طَيبَةَ طيبَ ماءٍ دونَهُ / ماءُ العُذَيبِ عُذوبَةً وَبُرودا
أَبشِر بِوِردِ الحَوضِ إِذ تَسقيكَهُ / يُمنى أَميرِ المُؤمِنينَ عَتيدا
أَبقَيتَ ذِكراً طابَ في الدُنيا وَفي ال / أُخرى تَجيءُ بِهِ النَبِيَّ شَهيدا
أَقسَمتُ لَو رامَ الإِمامُ زِيادَةً / مِن فَوقِ فِعلِكَ ما اِستَطاعَ مَزيدا
المَجدُ مِن شَكواكَ شاكٍ بَثَّهُ / وَاللَهُ شافٍ مُبدِئاً وَمُعيدا
فَكَساكَ رَبُّكَ ثَوبَ عافِيَةٍ تَسُر / رُ بِها وَلِيّاً أَو تَسوءُ حَسودا
فَإِذا سَلِمتَ لَنا فَكُلٌّ سالِمٌ / وَبِبُرءِ رِجلِكِ نُظهِرُ التَعييدا
قَدَمٌ سَعَيتَ بِها وَطُفتَ بِمَكَّةَ ال / عُظمى فَسَعيُكَ لَم يَزَل مَحمودا
أَنّى اِهتَدى طَيفُ الحَبيبِ لِمَرقَدي
أَنّى اِهتَدى طَيفُ الحَبيبِ لِمَرقَدي / وَاللَيلُ مَكحولُ الجُفونِ بِإِثمِدِ
وافى دِمَشقَ إِلَيَّ لَيلاً مُسئِداً / مِن حاجِرٍ أَهلاً بِهِ مِن مُسئِدِ
يَخطو أَفاحيصَ القَطا وَيَدوسُ أُد / حِيَّ النَعامِ عَلى مُتونِ الفَدفَدِ
وَيُرَوِّعُ الرّيلانَ وَهيَ جَواثِمٌ / بِالدَّوِّ بَينَ نَعامَةٍ وَخَفَيدَدِ
واهاً لِطَيفٍ مُطمَئِنٍّ زارَني / وَالخَوفُ قَد أَلقى عَلى كَبِدي يَدي
إِبّانَ أَيُّ عَزيمَةٍ لَم تَنتَقِض / فيهِ وَأَيُّ فَريصَةٍ لَم تُرعَدِ
وَعَساكِرُ المصرِيِّ مُحدِقَةٌ بِنا / أَطلابُها كَأَجيجِ نارِ المَوقِدِ
نارٌ أَتَت مِن مِصرَ أَذكَتها لَنا / إِحَنٌ أُثيرَ كَمينُها مِن صَرخَدِ
وَالطَّعنُ من سُلكى وَمِن مَخلوجَةٍ / خلساً كَوَلغِ الذّيبِ مَزؤوداً صَدي
هُم أَطلَقوا طِرفَ الغَلاءِ فَجاءَنا / عَن طِرفِ رُخصٍ بِالفَلاةِ مُقَيَّدِ
ما بَينَ جَدبٍ نَحنُ فيهِ وَرُخصِهِم / إِلّا كَغَلوَةِ سَهم رام جَيِّدِ
حَتّى إِذا جارَ الخَيالُ كَأَنَّما / أَولاهُ سَلَّةَ بَعضِ سَيفٍ مُغمَدِ
جادَ الخَيالُ بِما بِهِ ضَنَّ الَّذي / أَهوى وَلَم تَكُ زَورَةً عَن مَوعِدِ
يا حُسنَها مِن لَيلَةٍ مُبيَضَّةٍ / بِالحُسنِ تَحتَ أَديمِ ليلٍ أَسوَدِ
لَولا حَديثُ نُفوسِنا ما اِصطادَتِ ال / أَحلامُ لَيلاً طَيفَ مَن لَم يُصطَدِ
لَمّا رَأَيتُ الناسَ هَرّوا فِتنَةً / ضَبَثَت بَراثِنُها بِكُلِّ مُوَحِّدِ
فَالشِركُ في عَيشٍ رَفيغٍ أَرغَدِ / وَالسِلمُ في طَيشٍ وَحالٍ أَنكَدِ
وَتَفَرَّقوا صِنفَينِ سُنِّيّاً وَشي / عِيّاً وَكُلٌّ قائِلٌ أَنا مُهتَدِ
هَذا يَميلُ إِلى أَبي بَكرٍ وَذا / يَبغي عَلِيّاً مُخلِصاً بِتَوَدُّدِ
وَسَقَتهُم الأَهواءُ كَأساً لَم تَدَع / ذا مُسكَةٍ في الناسِ غَيرَ مُعَربِدِ
نادَيتُ ما لِيَ في زَماني غَيرُ سَع / دِ الدِّينِ مَسعودٍ إِذَن من مُسعِدِ
كَم نِعمَةٍ أَولى وَكَم مِن نِعمَةٍ / مَشهورَةٍ أَسدى إِلَيَّ وَكَم يَدِ
فَلَهُ الهَناءُ بِكُلِّ حَولٍ حائِلٍ / أَبَداً عَلَيهِ في طَوالِعِ أَسعَدِ
وَمُهَفهَفِ الأَعطافِ مَهضومِ الحَشا / كَالغُصنِ في حِقفِ النَقا المُتَأَوِّدِ
عاطَيتُهُ كَأساً نِظامُ حَبابِها / شَملُ الهُمومِ بِهِ حَليفُ تَبَدُّدِ
في رَوضَةٍ مِسكِيَّةِ النَفَحاتِ كَالسَ / سَيراءِ ضاحِكَةٍ عَنِ الزَهرِ النَدي
فيها غَديرٌ غادَرَت أَيدي الصَبا / في مَتنِهِ نَقشاً كَنَقشِ المِبرَدِ
أَو مَتنِ سابِغَةٍ إِذا ما اِجتَابَها / في الرَوعِ سَعدُ الدينِ رَبُّ السُؤدَدِ
مُردي الفَوارِسِ مِن سروجِ جِيادِها / يَومَ الوَغى بِمُثَقَّفٍ وَمُهَنَّدِ
أَرضَت خَلائِقُهُ الخَلائِقَ كُلَّها / وَأَطاعَ خالِقَهُ بِحُبِّ مُحَمَّدِ
ذو هِمَّةٍ في الناسِ عالِيَةٍ لَها / قَدرٌ تَعالى فَوقَ فَرقِ الفَرقَدِ
لا زالَ في نِعَمٍ لَدَيهِ مُقيمَةٍ / مَحروسَةٍ مِن رَيبِ دَهر مُفَنِّدِ