المجموع : 96
طلعت شمس الوجودِ
طلعت شمس الوجودِ / من سموات الشهودِ
فاختفى الرسم وطاح ال / وهم وانحلت قيودي
كان في ظني بأني / مستقل في الوجود
أملك الفعل وأحوي ال / قول مع كل العقود
كبني الأيام ألهو / بقيام وقعود
وأنا بين ليال / من ظلام الفكر سود
فتأملت وقلب / ت صدوري وورودي
وتسايلت إلى أن / سلت من بعد الجمود
وتحققت بأني / نابت بالوهم عودي
وبأني عند نفسي / كخيال في هجودي
واعترا في بالذي أع / لمه عين جحود
وكذا الظل له مر / ءى ولكن بالعمود
فأنا اليوم أنا ذا / ك على رغم الحسود
وأنا المحبوب والمح / بوب ذاتي ووجودي
وأنا نفس جميع ال / ناس نسلي وجدودي
وأنا الكل وكل ال / كل من فضلة جودي
ما معي في الملك غيري / والورى طراً شهودي
ولقد أطلقت نفسي / من تخاطيط حدودي
وسللت السيف مني / بعد هاتيك الغمود
وشققت الحجب عن عي / ني وطالعت ودودي
وصلاتي لي جميعاً / وركوعي وسجودي
وأنا ناري إذا ما / شئت أشقى بخلود
وأنا الجنة إذ في / قبضتي كان سعودي
ما على نفسي مني / في وعيدي ووعودي
وعلى ذاتي إقبا / لي كما عني صدودي
وهي نفسي لا سواها / بين حجب وشهود
في نعيم أنا طوراً / ثم طوراً في وقود
وتحياتي على ذا / تي من غير نفود
إن الوجود الحق شيء واحدُ
إن الوجود الحق شيء واحدُ / يا سعد من يجلى له فيشاهدُ
وجمال علوة واضح متكتم / وعليه من حسن الملاح شواهد
قف ساعة حتى أعلمك الهوى / يا من يبيت وللهوى هو عابد
إن المحبة فيك كدَّر صفوها / جهل بمن تهوى لأنك جاحد
فلو انمحى عن عين ناظرك السوى / لعرفت من لهواه أنت القاصد
لكن عيونك عن مرادك في عمى / وتظل تنكر ذاته وتعاند
هو ظاهر في كل شيء باطن / أبداً إليه كل شيء ساجد
عود العلا ضربت به يده على / طبل الملا فالعالمون قصائد
غصن بان فوقه البدر بدا
غصن بان فوقه البدر بدا / أم غزال راح يغزو أسدا
أم مليح يتثنى مرحاً / حيث أضحى بالبها منفردا
صنم الحسن الذي لم يره / عاشق إلا له قد عبدا
يا له بحر جمال عطفه / موجه بالجسم يرمي زبدا
نار خديه مجوسي الهوى / ما رآها قط إلا سجدا
وإذا ما ظهرت من وجهه / حضرة الغيب طلبنا المددا
صار جهلي غيره معرفة / صار غيي وضلالي رشدا
آه من قسوته مع شغفي / في هواه وهوى الغيد ردى
قلت يا مولاي جُدْ لي كرماً / بوصال قال لا لا أبدا
قلت فالوعد به تسلية / قال يحتاج يفي من وعدا
قلت فاسمح بخيال في الكرى / قال لي ما لك طرف رقدا
قلت ما تفعل بي حينئذ / قال ما أختاره طول المدى
قلت خذ روحي فقال الروح لي / خل دعواها وهات الجسدا
واترك الأمر إلى مالكه / إن للمحبوب في الحب يدا
كل من يعشق وجهاً حسناً / لا يرى إلا البلا والنكدا
فاصطبر إن شئت أو شئت فمت / كم علينا ذاب جلد جلدا
أنا موسى العشق ربي أرني / بك أن أنظر ظبياً شردا
لاح لي جمر على وجنته / كلما أدنو إليه بعدا
فلعلّي منه ألقى قبساً / أو يرى قلبي على النار هدى
قم تأمل أيها الغافل لم / يخلق الرحمن ذا الحسن سُدى
وتعرض لهواه فلقد / جاء من ناحية الستر نِدا
وإذا لامك من ليس له / نظر فاخرب عليه البلدا
أين أهل اللوم من أهل الهوى / ما المحبون يساوون العدا
كلما أرشف سمعي عاذلي / مرَّ لومي زدت في الحب صدى
فكأن العذل منه طلب / لهيامي بلسان عقدا
أيريد الغر أن يصلح من / حال أهل العشق ما قد فسدا
إنما أهل الهوى مرآته / وهو فيهم حاله قد شهدا
ثم لما أشكل الأمر رمى / نفسه من جهله وانتقدا
وادعى العشق فلم يحصل له / وعلى أهل الهوى قد حقدا
قام فيه يكثر اللوم لهم / أوَلَمْ يخش الإله الصمدا
هبه لا يعرف لذَّاتِ الهوى / حسن محبوب فؤادي حجدا
إن قلبي اليوم في أسر رشا / لا يرى للقتل عشقاً قودا
وجهه الجنة في أعيننا / خده النار بقلبي وقدا
لم يزل يجفو وأبليت على / حبه أثواب عمري الجددا
ولكم أفنيت جسمي سقماً / وتنفست عليه الصُعَدا
وإذا في حبه مت فقد / عشت بعد الموت عيش السُعَدا
يا سقى الله زمانا بالحمى / ورعى بالشعب عيشاً رغدا
طالما كنت به طوع هوى / لم أخف في نهب وقتي أحدا
حيث غزلان النقا قد أنست / بي وبعد المنع أولتني ندا
وكحلت العين بالعين وما / بعدها عدت شكوت الرمدا
حيث أقمار البها طالعة / تتجلى ولها الروح فدا
وغصون البان لما انعطفت / طائر القلب عليهن شدا
حيث وجه السعد فينا مقبل / بالهنا والهم عنا طردا
وكؤس الأنس بالقوم صفت / وبنا الورد إليه وردا
في رياض ضحك الزهر بها / كلما السحب بكت قطر الندا
هزت النسمة من أغصانها / حين جَلَّتْها قناً مرتعدا
فلهذا كبَّر الطيرُ وقد / لبس النهر عليها زردا
والصبا يذكرنا عهد الصبا / ليت ما بالأمس لي كان غدا
ليت لو جاد زماني بالذي / كان منه قبل ذا قد عهدا
يا أصيحابي بأكناف الحمى / عللاني إن صبري فقدا
واذكرا لي سنداً أعرفه / لست ألقى لي سواء سندا
نفد الدمع على جفوته / واشتياقي والجوى ما نفدا
هو في القلب مقيم بل أنا / هو لا بل هو دوني وجدا
كذب القائل قد حل به / والذي قد قال فيه اتحدا
إنما المعشوق موجود ولا / عاشق غير التباس قصدا
لي هوى بالشعب من كاظمة / ساكن هذا الحشى والكبدا
وأنا اليوم به مشتهر / فليمت ضدي ويبلى حسدا
أنا مفتي العشق من يسألني / عن هواه يلقني مجتهدا
أنا قاضي شرع أرباب الهوى / كل حكم بينهم لي حمدا
فالذي أمنعه يشقى ومن / أجعل الحق له قد سعدا
غير أني في أناس جهلوا / ما أنا في شأنه والجهل دا
إن للكفر ظلمة في الوجود
إن للكفر ظلمة في الوجود / تستر الروح تحت طي الجلود
وهو عين السوى وللنور نار / هي في النشأتين ذات الوقود
فلهذا ترى الكثائف فيه / آذنت يوم بعدها بالخلود
كل علو له من الكفر سفل / ضم موجوده إلى المفقود
ويح قوم باعوا نهارات قرب / بليال من شدة البعد سود
ثم أعمالهم بدت كسراب / حسبوه المياه في الأخدود
ثم لما أتوه لم يجدوه / ودهتهم جهالة المطرود
ورمتهم سماؤهم بشهاب / فرأوا النار تحت ظل العمود
قلم يجري له النورُ يدُ
قلم يجري له النورُ يدُ / فوق لوح معه يتحدُ
يكتب الظاهر والباطن من / كل شيء كان فهو المدد
وهو عين الكل والكل له / راجع إذ هو فيهم رصد
وهو لا شك كثير بالورى / وهو في تحقيقه منفرد
مثل ما أنك ذو عقل به / تعقل الأشيا كما يعتمد
بحر ماء موجه أرواحه / راق والأجسام فيه الزبد
وإذا شئت فقل عقل وقل / هي نفس كل شيء تلد
يا قليل الصبر والجلدِ
يا قليل الصبر والجلدِ / خلق الإنسان في كبدِ
فالتفت فالظل أنت له / وتواجد في الهوى تجد
كل من في الكون مشتغل / بالإله الواحد الصمد
لكن الجهال عنه به / في اشتغالات إلى الأبد
واشتغال العارفين به / فيه لم يلووا على أحد
والذي يبدو لأعينهم / كله أوصافه فقد
ما الكل إلا رجل واحدٌ
ما الكل إلا رجل واحدٌ / ففز بهذا الرجل الواحدِ
وما عداه فهي أفكاره / ترددت في قلبه الواجد
فتارة منها له مظهر / فيها من المولود والوالد
وتارة يفقد منها له / مظهره المفقود بالفاقد
وكل ذا دل على حيرة / من طارف الأمر ومن تالد
والعجز عن خلاقه حطه / فيما ترى من أمرك الشاهد
ترك المراد له فكان مرادا
ترك المراد له فكان مرادا / وجرى بميدان الفناء جوادا
طلب الحبيب لأجله منه ولم / يطلب له من نفسه ليزادا
فهو الذي شرب الحقيقة صرفة / فاختال إطلاقاً وفك قيدا
وبدا بأفلاك الوجود على الورى / شمساً تنير خلائقاً وبلادا
أمسك الحق باليدِ
أمسك الحق باليدِ / كل شيء محددِ
ولقد كان مطلقاً / فبدا كالمقيد
حين مفقودنا أتى / بوجود كموجد
والذي في ضلالة / صار فيه كمهتدي
ثم قرت عيونه / وارتوى قلبه الصدي
يا أبا الخير لا تكن / بالسوى في تردد
إنما كل منتهى / في الورى كل مبتدي
فإذا لاح كوكبٌ / منك فاشهده تهتدي
ومتى ما بدا أما / مك في ذاتك اقتد
واجتنب كل مشرك / في ثياب الموحد
بالأجرع من جهات ذاك الوادي
بالأجرع من جهات ذاك الوادي / برق قد دك لمعُه أطوادي
والنسمة حين أقبلت تسعدني / يا نفحة من أحب طاب النادي
عرِّج بالسفح من نواحي نجدِ
عرِّج بالسفح من نواحي نجدِ / واخبر عن حالتي وقل عن وجدي
في اليقظة لا أرى عسى في نومي / من جانبهم طيف خيال يجدي
يا من لهجت بشكره
يا من لهجت بشكره /
للدهر صولة مكره /
كن منقذي من مكره /
يا من تُحَلُّ بذكره / عقد النوائب والشدائد
عبد جنايته شكا /
أمد التذلل أدركا /
ودعاك يعلن بالبكا /
يا من إليه المشتكى / وإليه أمر الخلق عائد
هطلت مدامعه حيا /
من ذنبه هطل الحيا /
لك قد أتى مستجديا /
يا حي يا قيوم يا / صمد تنزه عن مضاد
لك بالجرائم والخطا /
قد جاء يسرع في الخطا /
حاشاك تبخل بالعطا /
أنت المعز لمن أطا / عك والمذل لكل جاحد
فارحم حقيراً مذنبا /
ألف الهموم من الصبا /
وغدا بها متلهبا /
أنت الرقيب على العبا / د وأنت في الملكوت واحد
لمتي أروح وأغتدي /
في لهفة وتنكد /
ويلاه عز تجلدي /
أنت المنزه يا بدي / ع الخلق عن ولد ووالد
فرط اللواعج مذ رسخ /
في القلب مصطبري انتسخ /
من لي بمن عهدي فسخ /
أنت الميسر والمسخ / خر والمسبب والمساعد
في الدهر زاد تحيري /
بتأسف وتحسر /
وجرت مدامع محجري /
سبب لنا فرجاً قري / با يا إلهي لا تباعد
يا رب عبدك مسلم /
ولك الأمور مسلِّم /
يا من يجود ويرحم /
إني دعوتك والهمو / م جيوشها قلبي تطارد
أواه طال تشتتي /
والبين أحرق مهجتي /
وبك استغثت لشدتي /
فافرج بعزك كربتي / يا من له حسن العوايد
أنت المجيب لمن دعا /
تشفى الفؤاد الموجعا /
بالذل جئتك مسرعا /
وخفي لطفك يستعا / ن به على الزمن المعاند
غصن التصبر قد يبس /
والهمّ قلبي مفترس /
وأنا الحزين المبتئس /
كن راحمي فلقد يئس / ت من الأقارب والأباعد
واغفر لعبد مذنب /
قلق الفؤاد معذب /
والطف أيا مولاي بي /
ثم الصلاة على النبي / ي وآله ما خر ساجد
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا /
ونحن قوم ضعاف صبرنا نفدا /
وقد أتينا بذل نطلب المددا /
يا رب هيء لنا من أمرنا رشدا / واجعل معونتك الحسنى لنا مددا
والطف بنا واسقنا من خمر أكؤسنا /
صفاء صرف من التوحيد مؤنسنا /
ودبر الأمر واكشف ستر حندسنا /
ولا تكلنا إلى تدبير أنفسنا / فالنفس تعجز عن إصلاح ما فسدا
لي قلب صب على الأشواق مشتمل /
وقد بكيت بدمع فيك منهمل /
وما اعتمادي على علمي ولا عملي /
أنت الكريم وقد وجهت يا أملي / إلى جنابك قلباً سالماً ويدا
عودتنا الخير واستعبدت سائبة /
وكم رفعت بلاً عنّا ونائبة /
والنفس من ذنبها جاءتك تائبة /
فلا تردنها يا رب خائبة / فبحر جودك يروي كل من وردا
إن ديني وملتي واعتقادي
إن ديني وملتي واعتقادي / حب سلمى وزينب وسعاد
فانتقص من ملامتي أو فزدني / يا عذولي فلست من أندادي
كيف أسطو مليحة هي مني / في مقام الأرواح للأجساد
إن كلي قد شف عنها جهاراً / فاعرفوها في أرجلي والأيادي
أبغضتها مني العدا بعيون / هي ما بين جفنهم والسواد
قذفتهم عنها بوهم حلولٍ / صوَّروه بهم ووهم اتحاد
وأشاعوه في اعتقاد رجال / ربهم عندهم لبالمرصاد
وإذا تاهت العقول فهل من / مرشد غير خالق الإرشاد
لي بنجد سقى الحيا أرض نجد / فرط عشق ما إن له من نفاد
وغرام وصبوة بجياد / يا رعى الله عهدنا بجياد
نزل الركب عن يمين المصلَّى / وأراهم قد خيموا بفؤادي
وأنا الذنب عند من هو كلي / ارتجى توبة من الإيجاد
ملت عني به إليه لأني / دائماً منه طوع كل مراد
ثم بي مال عنه لي وهو طوعي / فرأيت الأشفاع في الأفراد
وأتاني الخطاب من طور نفسي / عند ما دك من تجلي الجواد
وسرى سرُّ كل شي بسري / وبدا النور من يمين الوادي
خضت بحر الحياة والكل موتى / وشربت الوجود والكل صادي
وصعدت العلا وخلَّفتُ جسمي / في يدي أصدقائه والأعادي
منه قوم ذاقوا اللذيذ وقوم / مضغوا السم منه في الأكباد
عظمت منَّةُ الإله علينا / كل حينٍ من دون كل العباد
وإذا أنعم الكريم فماذا / أنتجته عداوة الحساد
إن أعيانَنا ثوابتُ في العل
إن أعيانَنا ثوابتُ في العل / م الإلهيِّ قبل هذا الوجود
عدم خالص بغير خلاف / عند أهل الحجا وأهل الشهود
فهي ليست مجعولة للزوم ال / جعل حلّ الموجود في الموجود
ولأن الجعل الإضافة للنو / ر وذي لا تكون للمفقود
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا / فيبدل الغيَّ من طغيانها رشدا
ويحفظ السوء منها كي يجانبه / ويغسل القلب منه فاسمع العددا
كفر وجهل وغدر والخيانة مع / كبر وعجب وإخلاف لما وعدا
وحب جاه وخوف الذم جربزة / سخط القضاء كذا في الحق إن مردا
والأمن واليأس حب المدح مع حسد / بخل رياءٌ نفاق والخمور بدا
وبدعة سفه حرص مداهنة / وسوء ظن وتسويف بطول مدى
غش وإنس بمخلوق كذا جزع / وخفة وعناد بغض أهل هدى
والجبن والذل والإسراف مع طمع / شماتة ومحاكاة لفعل عدا
والحزن والخوف في الدنيا وشهوتها / غباوة شره إصرار من فسدا
تهور صلف ثم اتباع هوى / وللبطالة أن تلقاه معتمدا
وحب دنيا وحب الظالمين وأن / يُعَلِّقَ القلب بالأسباب والكبدا
وحب مال وتقليد فظاظته / وقاحة فتنة مع كونه حقدا
تطيُّر وكذا استعجاله أمل / كفران نعمة من أولى إليه يدا
فهذه جملة الأخلاق قد جمعت / ستين كن في النقا منهن مجتهدا
نحن قوم ذنوبنا للأعادي
نحن قوم ذنوبنا للأعادي / أخذوها بغيبة وانتقاد
وأخذنا طاعاتهم بازدراء / وعتوٍّ في حقنا وعناد
كيف لا نرتقي عليهم ونعلو / ونرى كل ساعة في ازدياد
وهم العاملون خيراً لنا إن / عملوا لانتهاك حق العباد
وهم الغاسلون للذنب عنا / مثل بالوعة لنفي فساد
ولهم كل ساعة حرب شرك / واعتراض على عطاء الجواد
ولنا صبر ذي الكمال عليهم / ولنا بالدعا ثواب جهاد
خلهم يا أخا المودة فينا / يطعنوا إن الله بالمرصاد
من كان بالعشق مفقودْ
من كان بالعشق مفقودْ / فذاك بالحق موجودْ
وذاك ميت وحي / وشاهد وهو مشهود
وكل باب إلى الل / ه غير ذاك فمسدود
واسمع حديثاً صحيحاً / كالدر وافاك معقود
في مسند قد رواه / للديلمي السادة القود
يقول خير البرايا / بحر العطيات والجود
عليكمو بالوجوه ال / ملاح والحدق السود
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا / فإن لي مسألةً تُجهدُ
كنت أنا واليوم من مدة / لست أنا ذاك الذي أعهد
ذاك مضى عني وهذا أتى / وفيهما إني أنا المفرد
وتارة حيث التجلي اقتضى / أذم هذاك وذا أحمد
أنا الذي أعهد وهم وقد / زال وجاء الحق لا يجحد
أم ذاك مشهود الذي جاءني / فإنه كيف يشا يشهد
أم تلك أيدي الكائنات التي / من فوقها لله طالت يد
أم سيئات النفس قد بدلت / لي حسنات واهتدى المفسد
أم أسلم الشيطان إرث الذي / عن النبي المصطفى يستند
حقيقة حققها ناطق / مجازها قد صار لا يقصد
أم هو ذاك الغيب من أصله / شهادة جاءت له ترشد
والعلم قسمان فمستحضر / ذكر ومحفوظ له يمدد
والكل من حفظ قديم إلى / ذكر هو المحدث لا ينفد
وجود حق بشؤون له / مفروضه أبيض أو أسود
وكلها فانية عنده / وهي به لا معه توجد
خلوا معاني الذوق لي أو دعوا / دعواكمُ العلم ولا تعتدوا
وحققوا أنفسكم وأدركوا / بالكشف ما جاء به المرشد
وميزوا ما قاله عارف / من الذي يذكره الملحد
وكحل في أعين خلقة / ليس كعين كحلها الإثمد
وليس من يملك شيئاً به / كمستعير للسوى يردد
كن عارفا بوحدة الوجود
كن عارفا بوحدة الوجود / وقامعاً بكثرة الموجود
وميز الحادث من قديم / وخلص الثابت من مفقود
واحذر من التباس من تجلَّى / بغيره في حالة الشهود
فوحدة الوجود في اصطلاحنا / كناية عن رؤية الودود
بالحس والذوق الصحيح الطاهر ال / طهور من شك ومن حجود
لا بخيال العقل والفكر وما / تأتي به طبائع الجلود
منزهاً مقدساً مسبحاً / عن كل والد وعن مولود
وعن دخول وخروج في سوى / وعن جميع مقتضى الحدود
وعن كمال نحن ندريه وعن / نقص وعن زوال أو نفود
وإنما كماله بمقتضى / ما قاله عن نفسه بالجود
نعلمه نحن بما علمنا / به من الوفاء بالعهود
والصدق والقيام بالحق له / على سبيل الركع السجود
من زاد عجزاً عنه زاد علمه / به مدى الصدور والورود
يا أيها الناظر بالعقل احترز / أن تفهم المطلق بالقيود
واصبر إلى أن يفتح الله ولا / تهجم على مرابض الأسود
ودع علوم الله عند أهلها / واردع حجا جاهلك المكنود
وإن أردت فاترك الدنيا وغب / عن علمك المزخرف المرصود
وعدِّ عن جاهٍ ومنصب وعن / أهل وعن أصل وعن جدود
واقنع بمن تطلبه دون الورى / واخرج عن القيام والقعود
واخلص له النية واصبر واصطبر / على مراده بك المقصود
ولا تظن وحدة الوجود ما / تفهم من وحدة ذا الوجود
تفهم معنى وتقول أنه / هو مراد الأكملين القود
وليس ذا مرادهم لأنهم / فاتوك في منابر الصعود
وأنت في الحضيض مأسور الهوى / بشهوة كالنار في الوقود
أسلك سبيلهم وقل بقولهم / تدري الذي دروا بلا صدود
فإن تقوى الله من يخلص بها / حلت عقال عقله المعقود
هيهات هيات لفرد واحد / يدخل في مراتب المعدود
ومطلق حتى عن الإطلاق لا / يفهم في عقد من العقود
وأين نور الحق ممن عقله / في ظلمات من سواه سود
إن المعاني كلها حوادث / منفية عن ربنا المشهود
لأنه مسبح عنها بها / في سيلان هي أو جمود
وإنما الأمر الذي نريده / بوحدة الوجود في المعهود
أمر عظيم خارج عن كل ما / تدري ذوو الشقوة والسعود
حقيقة تفنى الجميع إن بدت / للعقل عنها العقل في رقود
ومن أتى بها عليه في الورى / بُغِي بسوءٍ وَاِفْتِرَا وَعُودي
لأنها السر الذي جاء به / نبينا رغماً عن الحسود
وهو الذي في آدم لما بدا / خرت له الأملاك بالسجود
وقد أبى إبليس عن سجوده / له فلا يزال بالمطرود
فيه النصارى بالحلول كفرهم / والكفر بالتجسيم في اليهود
وعنه زاغت عصبة وألحدوا / حتى بهم آل إلى اللحود
وقد مضت نبوة به وقد / أتت خلافة بلا جنود
في كل عصر واحد فواحد / إلى قيام الساعة الموعود
هذا المراد عندنا بوحدة ال / وجود نتلوه على الشهود
ليشهدوا لنا به في موقف / يفي به الكريم في الوعود
وتظهر الحجة بالشاهد أن / قد بَلَّغَ الغائبَ ذا الهجود
نحن بهذا قائلون دائماً / ونوره فينا بلا خمود
لا أننا نقول بالمعنى الذي / تقول أهل المذهب المردود
فالله من ضلالهم يعصمنا / بفتح باب دونهم مسدود
ومن علينا يفتري بغير ما / قلنا رهين يومه المشهود