القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 96
طلعت شمس الوجودِ
طلعت شمس الوجودِ / من سموات الشهودِ
فاختفى الرسم وطاح ال / وهم وانحلت قيودي
كان في ظني بأني / مستقل في الوجود
أملك الفعل وأحوي ال / قول مع كل العقود
كبني الأيام ألهو / بقيام وقعود
وأنا بين ليال / من ظلام الفكر سود
فتأملت وقلب / ت صدوري وورودي
وتسايلت إلى أن / سلت من بعد الجمود
وتحققت بأني / نابت بالوهم عودي
وبأني عند نفسي / كخيال في هجودي
واعترا في بالذي أع / لمه عين جحود
وكذا الظل له مر / ءى ولكن بالعمود
فأنا اليوم أنا ذا / ك على رغم الحسود
وأنا المحبوب والمح / بوب ذاتي ووجودي
وأنا نفس جميع ال / ناس نسلي وجدودي
وأنا الكل وكل ال / كل من فضلة جودي
ما معي في الملك غيري / والورى طراً شهودي
ولقد أطلقت نفسي / من تخاطيط حدودي
وسللت السيف مني / بعد هاتيك الغمود
وشققت الحجب عن عي / ني وطالعت ودودي
وصلاتي لي جميعاً / وركوعي وسجودي
وأنا ناري إذا ما / شئت أشقى بخلود
وأنا الجنة إذ في / قبضتي كان سعودي
ما على نفسي مني / في وعيدي ووعودي
وعلى ذاتي إقبا / لي كما عني صدودي
وهي نفسي لا سواها / بين حجب وشهود
في نعيم أنا طوراً / ثم طوراً في وقود
وتحياتي على ذا / تي من غير نفود
إن الوجود الحق شيء واحدُ
إن الوجود الحق شيء واحدُ / يا سعد من يجلى له فيشاهدُ
وجمال علوة واضح متكتم / وعليه من حسن الملاح شواهد
قف ساعة حتى أعلمك الهوى / يا من يبيت وللهوى هو عابد
إن المحبة فيك كدَّر صفوها / جهل بمن تهوى لأنك جاحد
فلو انمحى عن عين ناظرك السوى / لعرفت من لهواه أنت القاصد
لكن عيونك عن مرادك في عمى / وتظل تنكر ذاته وتعاند
هو ظاهر في كل شيء باطن / أبداً إليه كل شيء ساجد
عود العلا ضربت به يده على / طبل الملا فالعالمون قصائد
غصن بان فوقه البدر بدا
غصن بان فوقه البدر بدا / أم غزال راح يغزو أسدا
أم مليح يتثنى مرحاً / حيث أضحى بالبها منفردا
صنم الحسن الذي لم يره / عاشق إلا له قد عبدا
يا له بحر جمال عطفه / موجه بالجسم يرمي زبدا
نار خديه مجوسي الهوى / ما رآها قط إلا سجدا
وإذا ما ظهرت من وجهه / حضرة الغيب طلبنا المددا
صار جهلي غيره معرفة / صار غيي وضلالي رشدا
آه من قسوته مع شغفي / في هواه وهوى الغيد ردى
قلت يا مولاي جُدْ لي كرماً / بوصال قال لا لا أبدا
قلت فالوعد به تسلية / قال يحتاج يفي من وعدا
قلت فاسمح بخيال في الكرى / قال لي ما لك طرف رقدا
قلت ما تفعل بي حينئذ / قال ما أختاره طول المدى
قلت خذ روحي فقال الروح لي / خل دعواها وهات الجسدا
واترك الأمر إلى مالكه / إن للمحبوب في الحب يدا
كل من يعشق وجهاً حسناً / لا يرى إلا البلا والنكدا
فاصطبر إن شئت أو شئت فمت / كم علينا ذاب جلد جلدا
أنا موسى العشق ربي أرني / بك أن أنظر ظبياً شردا
لاح لي جمر على وجنته / كلما أدنو إليه بعدا
فلعلّي منه ألقى قبساً / أو يرى قلبي على النار هدى
قم تأمل أيها الغافل لم / يخلق الرحمن ذا الحسن سُدى
وتعرض لهواه فلقد / جاء من ناحية الستر نِدا
وإذا لامك من ليس له / نظر فاخرب عليه البلدا
أين أهل اللوم من أهل الهوى / ما المحبون يساوون العدا
كلما أرشف سمعي عاذلي / مرَّ لومي زدت في الحب صدى
فكأن العذل منه طلب / لهيامي بلسان عقدا
أيريد الغر أن يصلح من / حال أهل العشق ما قد فسدا
إنما أهل الهوى مرآته / وهو فيهم حاله قد شهدا
ثم لما أشكل الأمر رمى / نفسه من جهله وانتقدا
وادعى العشق فلم يحصل له / وعلى أهل الهوى قد حقدا
قام فيه يكثر اللوم لهم / أوَلَمْ يخش الإله الصمدا
هبه لا يعرف لذَّاتِ الهوى / حسن محبوب فؤادي حجدا
إن قلبي اليوم في أسر رشا / لا يرى للقتل عشقاً قودا
وجهه الجنة في أعيننا / خده النار بقلبي وقدا
لم يزل يجفو وأبليت على / حبه أثواب عمري الجددا
ولكم أفنيت جسمي سقماً / وتنفست عليه الصُعَدا
وإذا في حبه مت فقد / عشت بعد الموت عيش السُعَدا
يا سقى الله زمانا بالحمى / ورعى بالشعب عيشاً رغدا
طالما كنت به طوع هوى / لم أخف في نهب وقتي أحدا
حيث غزلان النقا قد أنست / بي وبعد المنع أولتني ندا
وكحلت العين بالعين وما / بعدها عدت شكوت الرمدا
حيث أقمار البها طالعة / تتجلى ولها الروح فدا
وغصون البان لما انعطفت / طائر القلب عليهن شدا
حيث وجه السعد فينا مقبل / بالهنا والهم عنا طردا
وكؤس الأنس بالقوم صفت / وبنا الورد إليه وردا
في رياض ضحك الزهر بها / كلما السحب بكت قطر الندا
هزت النسمة من أغصانها / حين جَلَّتْها قناً مرتعدا
فلهذا كبَّر الطيرُ وقد / لبس النهر عليها زردا
والصبا يذكرنا عهد الصبا / ليت ما بالأمس لي كان غدا
ليت لو جاد زماني بالذي / كان منه قبل ذا قد عهدا
يا أصيحابي بأكناف الحمى / عللاني إن صبري فقدا
واذكرا لي سنداً أعرفه / لست ألقى لي سواء سندا
نفد الدمع على جفوته / واشتياقي والجوى ما نفدا
هو في القلب مقيم بل أنا / هو لا بل هو دوني وجدا
كذب القائل قد حل به / والذي قد قال فيه اتحدا
إنما المعشوق موجود ولا / عاشق غير التباس قصدا
لي هوى بالشعب من كاظمة / ساكن هذا الحشى والكبدا
وأنا اليوم به مشتهر / فليمت ضدي ويبلى حسدا
أنا مفتي العشق من يسألني / عن هواه يلقني مجتهدا
أنا قاضي شرع أرباب الهوى / كل حكم بينهم لي حمدا
فالذي أمنعه يشقى ومن / أجعل الحق له قد سعدا
غير أني في أناس جهلوا / ما أنا في شأنه والجهل دا
إن للكفر ظلمة في الوجود
إن للكفر ظلمة في الوجود / تستر الروح تحت طي الجلود
وهو عين السوى وللنور نار / هي في النشأتين ذات الوقود
فلهذا ترى الكثائف فيه / آذنت يوم بعدها بالخلود
كل علو له من الكفر سفل / ضم موجوده إلى المفقود
ويح قوم باعوا نهارات قرب / بليال من شدة البعد سود
ثم أعمالهم بدت كسراب / حسبوه المياه في الأخدود
ثم لما أتوه لم يجدوه / ودهتهم جهالة المطرود
ورمتهم سماؤهم بشهاب / فرأوا النار تحت ظل العمود
قلم يجري له النورُ يدُ
قلم يجري له النورُ يدُ / فوق لوح معه يتحدُ
يكتب الظاهر والباطن من / كل شيء كان فهو المدد
وهو عين الكل والكل له / راجع إذ هو فيهم رصد
وهو لا شك كثير بالورى / وهو في تحقيقه منفرد
مثل ما أنك ذو عقل به / تعقل الأشيا كما يعتمد
بحر ماء موجه أرواحه / راق والأجسام فيه الزبد
وإذا شئت فقل عقل وقل / هي نفس كل شيء تلد
يا قليل الصبر والجلدِ
يا قليل الصبر والجلدِ / خلق الإنسان في كبدِ
فالتفت فالظل أنت له / وتواجد في الهوى تجد
كل من في الكون مشتغل / بالإله الواحد الصمد
لكن الجهال عنه به / في اشتغالات إلى الأبد
واشتغال العارفين به / فيه لم يلووا على أحد
والذي يبدو لأعينهم / كله أوصافه فقد
ما الكل إلا رجل واحدٌ
ما الكل إلا رجل واحدٌ / ففز بهذا الرجل الواحدِ
وما عداه فهي أفكاره / ترددت في قلبه الواجد
فتارة منها له مظهر / فيها من المولود والوالد
وتارة يفقد منها له / مظهره المفقود بالفاقد
وكل ذا دل على حيرة / من طارف الأمر ومن تالد
والعجز عن خلاقه حطه / فيما ترى من أمرك الشاهد
ترك المراد له فكان مرادا
ترك المراد له فكان مرادا / وجرى بميدان الفناء جوادا
طلب الحبيب لأجله منه ولم / يطلب له من نفسه ليزادا
فهو الذي شرب الحقيقة صرفة / فاختال إطلاقاً وفك قيدا
وبدا بأفلاك الوجود على الورى / شمساً تنير خلائقاً وبلادا
أمسك الحق باليدِ
أمسك الحق باليدِ / كل شيء محددِ
ولقد كان مطلقاً / فبدا كالمقيد
حين مفقودنا أتى / بوجود كموجد
والذي في ضلالة / صار فيه كمهتدي
ثم قرت عيونه / وارتوى قلبه الصدي
يا أبا الخير لا تكن / بالسوى في تردد
إنما كل منتهى / في الورى كل مبتدي
فإذا لاح كوكبٌ / منك فاشهده تهتدي
ومتى ما بدا أما / مك في ذاتك اقتد
واجتنب كل مشرك / في ثياب الموحد
بالأجرع من جهات ذاك الوادي
بالأجرع من جهات ذاك الوادي / برق قد دك لمعُه أطوادي
والنسمة حين أقبلت تسعدني / يا نفحة من أحب طاب النادي
عرِّج بالسفح من نواحي نجدِ
عرِّج بالسفح من نواحي نجدِ / واخبر عن حالتي وقل عن وجدي
في اليقظة لا أرى عسى في نومي / من جانبهم طيف خيال يجدي
يا من لهجت بشكره
يا من لهجت بشكره /
للدهر صولة مكره /
كن منقذي من مكره /
يا من تُحَلُّ بذكره / عقد النوائب والشدائد
عبد جنايته شكا /
أمد التذلل أدركا /
ودعاك يعلن بالبكا /
يا من إليه المشتكى / وإليه أمر الخلق عائد
هطلت مدامعه حيا /
من ذنبه هطل الحيا /
لك قد أتى مستجديا /
يا حي يا قيوم يا / صمد تنزه عن مضاد
لك بالجرائم والخطا /
قد جاء يسرع في الخطا /
حاشاك تبخل بالعطا /
أنت المعز لمن أطا / عك والمذل لكل جاحد
فارحم حقيراً مذنبا /
ألف الهموم من الصبا /
وغدا بها متلهبا /
أنت الرقيب على العبا / د وأنت في الملكوت واحد
لمتي أروح وأغتدي /
في لهفة وتنكد /
ويلاه عز تجلدي /
أنت المنزه يا بدي / ع الخلق عن ولد ووالد
فرط اللواعج مذ رسخ /
في القلب مصطبري انتسخ /
من لي بمن عهدي فسخ /
أنت الميسر والمسخ / خر والمسبب والمساعد
في الدهر زاد تحيري /
بتأسف وتحسر /
وجرت مدامع محجري /
سبب لنا فرجاً قري / با يا إلهي لا تباعد
يا رب عبدك مسلم /
ولك الأمور مسلِّم /
يا من يجود ويرحم /
إني دعوتك والهمو / م جيوشها قلبي تطارد
أواه طال تشتتي /
والبين أحرق مهجتي /
وبك استغثت لشدتي /
فافرج بعزك كربتي / يا من له حسن العوايد
أنت المجيب لمن دعا /
تشفى الفؤاد الموجعا /
بالذل جئتك مسرعا /
وخفي لطفك يستعا / ن به على الزمن المعاند
غصن التصبر قد يبس /
والهمّ قلبي مفترس /
وأنا الحزين المبتئس /
كن راحمي فلقد يئس / ت من الأقارب والأباعد
واغفر لعبد مذنب /
قلق الفؤاد معذب /
والطف أيا مولاي بي /
ثم الصلاة على النبي / ي وآله ما خر ساجد
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا /
ونحن قوم ضعاف صبرنا نفدا /
وقد أتينا بذل نطلب المددا /
يا رب هيء لنا من أمرنا رشدا / واجعل معونتك الحسنى لنا مددا
والطف بنا واسقنا من خمر أكؤسنا /
صفاء صرف من التوحيد مؤنسنا /
ودبر الأمر واكشف ستر حندسنا /
ولا تكلنا إلى تدبير أنفسنا / فالنفس تعجز عن إصلاح ما فسدا
لي قلب صب على الأشواق مشتمل /
وقد بكيت بدمع فيك منهمل /
وما اعتمادي على علمي ولا عملي /
أنت الكريم وقد وجهت يا أملي / إلى جنابك قلباً سالماً ويدا
عودتنا الخير واستعبدت سائبة /
وكم رفعت بلاً عنّا ونائبة /
والنفس من ذنبها جاءتك تائبة /
فلا تردنها يا رب خائبة / فبحر جودك يروي كل من وردا
إن ديني وملتي واعتقادي
إن ديني وملتي واعتقادي / حب سلمى وزينب وسعاد
فانتقص من ملامتي أو فزدني / يا عذولي فلست من أندادي
كيف أسطو مليحة هي مني / في مقام الأرواح للأجساد
إن كلي قد شف عنها جهاراً / فاعرفوها في أرجلي والأيادي
أبغضتها مني العدا بعيون / هي ما بين جفنهم والسواد
قذفتهم عنها بوهم حلولٍ / صوَّروه بهم ووهم اتحاد
وأشاعوه في اعتقاد رجال / ربهم عندهم لبالمرصاد
وإذا تاهت العقول فهل من / مرشد غير خالق الإرشاد
لي بنجد سقى الحيا أرض نجد / فرط عشق ما إن له من نفاد
وغرام وصبوة بجياد / يا رعى الله عهدنا بجياد
نزل الركب عن يمين المصلَّى / وأراهم قد خيموا بفؤادي
وأنا الذنب عند من هو كلي / ارتجى توبة من الإيجاد
ملت عني به إليه لأني / دائماً منه طوع كل مراد
ثم بي مال عنه لي وهو طوعي / فرأيت الأشفاع في الأفراد
وأتاني الخطاب من طور نفسي / عند ما دك من تجلي الجواد
وسرى سرُّ كل شي بسري / وبدا النور من يمين الوادي
خضت بحر الحياة والكل موتى / وشربت الوجود والكل صادي
وصعدت العلا وخلَّفتُ جسمي / في يدي أصدقائه والأعادي
منه قوم ذاقوا اللذيذ وقوم / مضغوا السم منه في الأكباد
عظمت منَّةُ الإله علينا / كل حينٍ من دون كل العباد
وإذا أنعم الكريم فماذا / أنتجته عداوة الحساد
إن أعيانَنا ثوابتُ في العل
إن أعيانَنا ثوابتُ في العل / م الإلهيِّ قبل هذا الوجود
عدم خالص بغير خلاف / عند أهل الحجا وأهل الشهود
فهي ليست مجعولة للزوم ال / جعل حلّ الموجود في الموجود
ولأن الجعل الإضافة للنو / ر وذي لا تكون للمفقود
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا / فيبدل الغيَّ من طغيانها رشدا
ويحفظ السوء منها كي يجانبه / ويغسل القلب منه فاسمع العددا
كفر وجهل وغدر والخيانة مع / كبر وعجب وإخلاف لما وعدا
وحب جاه وخوف الذم جربزة / سخط القضاء كذا في الحق إن مردا
والأمن واليأس حب المدح مع حسد / بخل رياءٌ نفاق والخمور بدا
وبدعة سفه حرص مداهنة / وسوء ظن وتسويف بطول مدى
غش وإنس بمخلوق كذا جزع / وخفة وعناد بغض أهل هدى
والجبن والذل والإسراف مع طمع / شماتة ومحاكاة لفعل عدا
والحزن والخوف في الدنيا وشهوتها / غباوة شره إصرار من فسدا
تهور صلف ثم اتباع هوى / وللبطالة أن تلقاه معتمدا
وحب دنيا وحب الظالمين وأن / يُعَلِّقَ القلب بالأسباب والكبدا
وحب مال وتقليد فظاظته / وقاحة فتنة مع كونه حقدا
تطيُّر وكذا استعجاله أمل / كفران نعمة من أولى إليه يدا
فهذه جملة الأخلاق قد جمعت / ستين كن في النقا منهن مجتهدا
نحن قوم ذنوبنا للأعادي
نحن قوم ذنوبنا للأعادي / أخذوها بغيبة وانتقاد
وأخذنا طاعاتهم بازدراء / وعتوٍّ في حقنا وعناد
كيف لا نرتقي عليهم ونعلو / ونرى كل ساعة في ازدياد
وهم العاملون خيراً لنا إن / عملوا لانتهاك حق العباد
وهم الغاسلون للذنب عنا / مثل بالوعة لنفي فساد
ولهم كل ساعة حرب شرك / واعتراض على عطاء الجواد
ولنا صبر ذي الكمال عليهم / ولنا بالدعا ثواب جهاد
خلهم يا أخا المودة فينا / يطعنوا إن الله بالمرصاد
من كان بالعشق مفقودْ
من كان بالعشق مفقودْ / فذاك بالحق موجودْ
وذاك ميت وحي / وشاهد وهو مشهود
وكل باب إلى الل / ه غير ذاك فمسدود
واسمع حديثاً صحيحاً / كالدر وافاك معقود
في مسند قد رواه / للديلمي السادة القود
يقول خير البرايا / بحر العطيات والجود
عليكمو بالوجوه ال / ملاح والحدق السود
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا
اجتمعوا يا إخوتي واحشدوا / فإن لي مسألةً تُجهدُ
كنت أنا واليوم من مدة / لست أنا ذاك الذي أعهد
ذاك مضى عني وهذا أتى / وفيهما إني أنا المفرد
وتارة حيث التجلي اقتضى / أذم هذاك وذا أحمد
أنا الذي أعهد وهم وقد / زال وجاء الحق لا يجحد
أم ذاك مشهود الذي جاءني / فإنه كيف يشا يشهد
أم تلك أيدي الكائنات التي / من فوقها لله طالت يد
أم سيئات النفس قد بدلت / لي حسنات واهتدى المفسد
أم أسلم الشيطان إرث الذي / عن النبي المصطفى يستند
حقيقة حققها ناطق / مجازها قد صار لا يقصد
أم هو ذاك الغيب من أصله / شهادة جاءت له ترشد
والعلم قسمان فمستحضر / ذكر ومحفوظ له يمدد
والكل من حفظ قديم إلى / ذكر هو المحدث لا ينفد
وجود حق بشؤون له / مفروضه أبيض أو أسود
وكلها فانية عنده / وهي به لا معه توجد
خلوا معاني الذوق لي أو دعوا / دعواكمُ العلم ولا تعتدوا
وحققوا أنفسكم وأدركوا / بالكشف ما جاء به المرشد
وميزوا ما قاله عارف / من الذي يذكره الملحد
وكحل في أعين خلقة / ليس كعين كحلها الإثمد
وليس من يملك شيئاً به / كمستعير للسوى يردد
كن عارفا بوحدة الوجود
كن عارفا بوحدة الوجود / وقامعاً بكثرة الموجود
وميز الحادث من قديم / وخلص الثابت من مفقود
واحذر من التباس من تجلَّى / بغيره في حالة الشهود
فوحدة الوجود في اصطلاحنا / كناية عن رؤية الودود
بالحس والذوق الصحيح الطاهر ال / طهور من شك ومن حجود
لا بخيال العقل والفكر وما / تأتي به طبائع الجلود
منزهاً مقدساً مسبحاً / عن كل والد وعن مولود
وعن دخول وخروج في سوى / وعن جميع مقتضى الحدود
وعن كمال نحن ندريه وعن / نقص وعن زوال أو نفود
وإنما كماله بمقتضى / ما قاله عن نفسه بالجود
نعلمه نحن بما علمنا / به من الوفاء بالعهود
والصدق والقيام بالحق له / على سبيل الركع السجود
من زاد عجزاً عنه زاد علمه / به مدى الصدور والورود
يا أيها الناظر بالعقل احترز / أن تفهم المطلق بالقيود
واصبر إلى أن يفتح الله ولا / تهجم على مرابض الأسود
ودع علوم الله عند أهلها / واردع حجا جاهلك المكنود
وإن أردت فاترك الدنيا وغب / عن علمك المزخرف المرصود
وعدِّ عن جاهٍ ومنصب وعن / أهل وعن أصل وعن جدود
واقنع بمن تطلبه دون الورى / واخرج عن القيام والقعود
واخلص له النية واصبر واصطبر / على مراده بك المقصود
ولا تظن وحدة الوجود ما / تفهم من وحدة ذا الوجود
تفهم معنى وتقول أنه / هو مراد الأكملين القود
وليس ذا مرادهم لأنهم / فاتوك في منابر الصعود
وأنت في الحضيض مأسور الهوى / بشهوة كالنار في الوقود
أسلك سبيلهم وقل بقولهم / تدري الذي دروا بلا صدود
فإن تقوى الله من يخلص بها / حلت عقال عقله المعقود
هيهات هيات لفرد واحد / يدخل في مراتب المعدود
ومطلق حتى عن الإطلاق لا / يفهم في عقد من العقود
وأين نور الحق ممن عقله / في ظلمات من سواه سود
إن المعاني كلها حوادث / منفية عن ربنا المشهود
لأنه مسبح عنها بها / في سيلان هي أو جمود
وإنما الأمر الذي نريده / بوحدة الوجود في المعهود
أمر عظيم خارج عن كل ما / تدري ذوو الشقوة والسعود
حقيقة تفنى الجميع إن بدت / للعقل عنها العقل في رقود
ومن أتى بها عليه في الورى / بُغِي بسوءٍ وَاِفْتِرَا وَعُودي
لأنها السر الذي جاء به / نبينا رغماً عن الحسود
وهو الذي في آدم لما بدا / خرت له الأملاك بالسجود
وقد أبى إبليس عن سجوده / له فلا يزال بالمطرود
فيه النصارى بالحلول كفرهم / والكفر بالتجسيم في اليهود
وعنه زاغت عصبة وألحدوا / حتى بهم آل إلى اللحود
وقد مضت نبوة به وقد / أتت خلافة بلا جنود
في كل عصر واحد فواحد / إلى قيام الساعة الموعود
هذا المراد عندنا بوحدة ال / وجود نتلوه على الشهود
ليشهدوا لنا به في موقف / يفي به الكريم في الوعود
وتظهر الحجة بالشاهد أن / قد بَلَّغَ الغائبَ ذا الهجود
نحن بهذا قائلون دائماً / ونوره فينا بلا خمود
لا أننا نقول بالمعنى الذي / تقول أهل المذهب المردود
فالله من ضلالهم يعصمنا / بفتح باب دونهم مسدود
ومن علينا يفتري بغير ما / قلنا رهين يومه المشهود

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025