المجموع : 29
تَجَلّى فَألهى القَلْبَ عَنْ كُلِّ مقصَدِ
تَجَلّى فَألهى القَلْبَ عَنْ كُلِّ مقصَدِ / وَلاحَ فَألوى الطّرفَ عَنْ كُلِّ مَشْهَدِ
خَفِيٌّ لأفِراطِ الظُّهورِ وَكَم نَبَتْ / عَنِ الشَمْسِ للإِشراقِ مُقلَةُ أرْمَدِ
أَرَاني بهِ في وَصْفِ مَعناهُ حائراً / على أنّني في حَيْرةِ الْقَصْدِ مُهْتَدي
وَمَن كانَ ذا حُسْنٍ بغيْرِ نهايةٍ / فَكلُّ هَوَىً في حُبِّهِ لَمْ يُجَدَّدِ
بَدَا بِيَ إحساناً لأَكرَمِ غايةٍ / وَغايَتُها أَنّي أُشاهِدُ مُوجدي
وَلاحَظَني مِنّي بِعَينِ مُخَيِّرٍ / إلى أَمرِهِ أَمرُ الهُدى والتّهوُّدِ
فإنَ لَمْ أشاهدْهُ بِكُلِّ مُشاهدٍ / لآياتهِ أَنكَرْتُ مَعْنى التّشَهُّدِ
أَهيمُ بهِ في كُل وادٍ وإنّني / لآنَسُ مِنْهُ بابتهاجِ التَوَدُّدِ
وَلولا عَلاقاتُ الصّبابةِ والهَوَى / لما طالَ في تلك الرُّسومِ تَرَدُّدي
وَمَا عاقَني في الْبُعْدِ والْقُربِ عائقٌ / سِوَى طَمَعي في بُلْغَةِ الْمُتَزَوِّدِ
وَفي كَبدي لِلْواقِدِيِّ لَواعجٌ
وَفي كَبدي لِلْواقِدِيِّ لَواعجٌ / وَمَنْ لِيَ أن أَحظى بِذاكَ المبَرِّدِ
كلِفْتُ بِرَشفي مِنْ سُلافة حُبِّهِ / وَقَدْ شَعْشَعَتْ كالكَوكَبِ المتوقدِ
إذا ما أُديرَتْ للِندامى كُؤوسُها
إذا ما أُديرَتْ للِندامى كُؤوسُها / بَدَتْ بَيْنَ ساه سامدٍ وَمُعَرْبِدِ
فَمِنْ ثَمِلٍ يَهْتَزُّ في الحانِ نَشْوَةً / كما اهتَزَّ غُصْنُ البانةِ المتأوِّدُ
وَمِن خالِعِ ثوبَ الوقارِ خَلاعةً / وَمِنْ طَرِبٍ قَدْ شاقَهُ كُلُّ مُنْشِدِ
وَنَشْوانَ مِنْها قَدْ تَداوى بِها هَوَىً / وقيلَ لَهُ إنْ كُنْتَ ملآن فازدَدِ
نَزيفٌ قَضاهُ السُّكرُ إلاَ صَبابةً / متى ساوَرَتْهُ للصّبابةِ يَلْحَدِ
وَمُسْتَندٍ نَحْو الدِّنانِ يَظُنُّها / ينابيعَ نورٍ و معادِنَ عَسْجَدِ
وَجَذْ لان في ظِلِّ العَريشِ مُحاولاً / جنى كُلِّ قَطْفٍ كالجُمانِ المنَضَدِ
يَنُمُّ عَلَيْهِ العَرْفُ مِن بابليّة / سحورٍ لِلُبِّ النَاسِكِ المُتَعَبِّدِ
فَيَا حُسْنَ ما أَبْدَتْ لِعَينيْ كؤوسُها / ويَا بَرْدَ ما أَهدَتْ إلى قَلبيَ الصّدي
على أَنني والحمدُ للهِ آملٌ / شفاعَةَ خَيْرِ المرسَلينَ مُحَمّدِ
نَبيٌّ براهُ الله مِشكاةَ نورِهِ / فَلاحَ فَلاحٌ هادياً مِنْهُ مُهتَدي
وكم فارسٍ في أَرضِ فارسَ نارُهُ / دَعاها لنورٍ نورُ أَحمدَ أَخمدي
وذاكَ دَليلٌ للنّجاةِ مِنَ اللّظى / بهِ لانطفاءِ النّارِ مِن كُلِّ موقدِ
وَلولا غِنى الآفاقِ عن كلِّ نَيِّرٍ / بمرآهُ لم يَنْشَقَّ بدرٌ بمِشْهَدِ
فَلا بدرَ إلاَّ وَجْهُهُ النّيِّرُ الذي / بهِ أَهلُ بَدْرٍ نالت الفوزَ في غدِ
دنا فَتَدلّى قابَ قُرْبٍ وما رمى / بهِ قوسُ سَهْمِ الغَيْبِ رَمْيَ مُبَعّدِ
على أَنّهُ ما زايَلَ الوَصْلَ إنما / تَجَلّى بأوصاف الكمالِ المؤبّدِ
فَلانَ لَهُ الأقصى حُنُواً وَلمْ تَكَدْ / لَهُ الصَخرَةُ الصمّاءُ تُلفى بجْلمدِ
وعادَ كَلَمحِ الطرفِ في مُسْتَقَرِّهِ / إلى مَرْقَد ما زال أَشرَفَ مَرْقَدِ
وَمن شَرَفي أَنّي شَرُفتُ بمَدْحه / وأطربتُ بالإنشادِ كُلَّ مُغَرِّدِ
عَلَيْهِ صَلاةُ اللهِ ما لاحَ بارِقٌ / وَهَبّت صَبَا نَجْدٍ بُبْرقَةِ ثَهْمَدِ
نَعَمْ أخَجَلَتْ وردَ الرياض خدودها
نَعَمْ أخَجَلَتْ وردَ الرياض خدودها / وأزرَت ْ برمان الغصون نهودُها
رَداح تَجافَتْ أنْ تلامِسَ مَسّها / لأردافِها عندَ التَّثَنّي بُرودُها
فَمَثنى إذا رامَتْ نُهوضاً نُهوضُها / وفَل إذا رامَتْ قُعوداً قُعودُها
هِي الظبيُ لا ما للظباء قوامُها / هيَ البدرُ لا ما للبدور عقودُها
وللبدر منها وجْهُها ومكانُها / وللظّبي مِنها مُقْلتاها وجيدُها
ونافِرَةٍ عني سأنصُبُ في الكرى / حبائلّ أحلامٍ لَعلَي أَصيدُها
وَمَنْ لي بِعَينٍ تألفُ الغمضَ ليلةً / إذا ألفَتْ طيفَ الخيال رُقودُها
إلى الله أشكو قلبَ من لا يُريدني / على مقتَضى حظّي وَقَلبي يُريدُها
ولا ذنب لي إلا تلثمُ لوعةٍ / أبى الصَّبر أنْ تبدو ودمعي يعيدُها
ومِسقامَة الجفنين والخصر لم تَعُدْ / وَوُدِّي أنّي كلَّ يومٍ أعودُها
محجبةٌ تَجني على الصّب دَلّها / ولا مِثلما تَجني عَلَيْه صُدودُها
لها مُقلةٌ أنكى مِنَ البيضِ في الحشا / إذا جرَّدَتْها فالقلوبُ غمودُها
أَباحَتْ لهَا قَتْلَ المحبِّ تَعَمُّداً / وماذا تُرى قَتْلُ المحِبُ يُفيدُها
إذا قُلْتُ سَلماً حارَبتني لحاظُها / ألا فاشهدوا أنّي الغداةَ شهيدُها
أما وَليالينا بكاظمة الحمى / وَقَدْ أشغَفَتْنا بالتواصُل غيدُها
وذكّرني صيدَ الظباءِ اقتناصُها / بِتركِ كماةٍ ماترامُ أسودُها
ولمّا وَقَفنا بالقطاحيّة التي / تنفّس مِسكاً بالرّياضِ صَعيدُها
وقد ضمَّ ذاك الجيش بالبيدِ حَلْقَةً / على كُلِّ قُطْرٍ ليسَ يحصى عَديدُها
وَللْغَيْثِ رشٌّ بالرَّذاذِ وَمِثْلُه / سحائبُ نيلٍ والصّريخُ رُعودُها
وَسَلْ بالصّقورِ الطاميات مَنِ الذي / تجشّمها حتى أتيحَ ورودُها
وهل غيرُ خيلِ الصالحِ الملك التي / بها اتّسَمَتْ أغوارُها ونُجودُها
أطلّتُ على البحرِ الطّويل مغيرةً / سريعٌ إلى ما يبتغيهِ مديدُها
أيٌّ حُصنٍ كأنّهُ لتعاليه
أيٌّ حُصنٍ كأنّهُ لتعاليه / على كاهل السّماء مَشيدُ
كل شهرٍ يبدو عليه هلالُ / الأُفق تاجاً حيثُ السحابُ برودُ
وكأنَّ الجوزاءَ منطقة دا / رت عليه وللثريا عقودُ
كلّمتهم بالسّبِّ ألسِنَةُ النّا / رِ بما تَقْشَعِرًّ مِنْهُ الجلودُ
وأشارَتْ أيدي المجانيق عندي / شُهب صَخْرِ لم ينجُ منها مزيدُ
ما أحسوا والنّارُ تُضرَمُ إلا / كل بُرجٍ في ثقبه أُخدودُ
فتداعَتْ أبراجُها للظى النّا / ر جَميعاً إذْ هُمْ عليها قعودُ
وجاريةٍ هَيْفاءَ مَمشوقةِ القَدِّ
وجاريةٍ هَيْفاءَ مَمشوقةِ القَدِّ / لَها وَجْنَةٌ أبهى احمراراً منَ الوَرْدِ
من اليمنيات التي حرُّ وَجْهها / يفوقُ صقالا صَفْحَةَ الصّارمِ الهِندي
وَثيقَةُ حَبلِ الوَصلِ منذُ صَحبِتُها / فَلَسْتُ أراهُ قطُّ مُنْتَقِضَ العَهْدِ
وفي وَصْلها أمس الشّقاءُ مُيَسّراً / وجاوزَ في تَيسيرهِ غايةَ الجَهْدِ
ولم أرَ وَجْهاُ قبلَها كُلَّ ساعَةٍ / على التّربِ ألقاها مَعفّرَةَ الخَدِّ
وَمن عَجَبي أني إذا ما وَطِئتُها / تَئنُّ أنيناً دونَه أنّةُ الوَجدْ
مباركةُ عِندي ولا بَرِحَتْ إذاً / مُدّوَرةَ الكَعْبَينِ شُؤماً على ضِدِّ
قَطَعْتُ من يَومين بَطّيخةً
قَطَعْتُ من يَومين بَطّيخةً / وَجَدْتُ فيها جَعْسَ مَصْمودي
قالوا خرى الخولي في أَصلها / أَيّامَ جَرْي الماء في العود
وَلَم أقطَع الوطواطَ بخُلاً بكُحْله
وَلَم أقطَع الوطواطَ بخُلاً بكُحْله / ولا أنا مَنْ يُعييه يوماً تَرَدُّدُ
ولكنّه ينبو عَن الشّمس طرفُه / وكيفَ به لي قُدْرَة وهو أرمَدُ
وأقطعٍ قلتُ لهُ
وأقطعٍ قلتُ لهُ / هَل أنتَ لصَ أوحَدُ
فَقالَ هذي صَنْعَة / لم يَبْقَ لي فيها يَدُ
لقد كانَ حَدُّ السكر من قبل صَلْبه
لقد كانَ حَدُّ السكر من قبل صَلْبه / خفيفَ الأذى إذا كانَ في شَرْعنا جلدا
فلمّا بَدا المصلوبُ قُلتُ لصاحبي / ألا تُبْ فإنَّ الحدَّ قد جاوز الحدّا
يَقولونَ سيفُ الدِّينِ من أجلِ عقلهِ
يَقولونَ سيفُ الدِّينِ من أجلِ عقلهِ / جَفاكَ فلا تأَمَنْ غوائلَ حقده
فقلت لهم يا قومُ ما أنا جاهلٌ / فأدخلَ بينَ السيفِ عمداً وغمدهِ
على مثلهِ ثَوراً بُكايَ يَزيدُ
على مثلهِ ثَوراً بُكايَ يَزيدُ / فَلا بَرَدا جفنايَ وهو يجودُ
رزِئنا بذي القَرنَيْنِ بأساً وَنَجْدَةً / لهُ عَدَدٌ من بأسهِ وعديدُ
بدا وَهلالُ الأُفقِ تاجٌ لرأسهِ / وَمْن شَفَق دِرْعٌ لهُ وَبُرودُ
فَلَو أنّه في ليلة العيد لاحَ لي / لَقُلْتُ هلالٌ قد أطلَّ وعيدُ
وذي أربَعٍ قد قُمِّعَتْ بزَبَرْ جَدٍ / وَهيهاتَ يحكي ما أقلَّ عمودُ
وفي الجزعِ من رَوْقيه شبْهٌ ولَوْنُه / عقيقٌ وَنَظْمُ الوَدْعِ منه عقودُ
خَلا منهُ برجُ الثّورِ والشّرَفُ الذي / سعودٌ لهُ نحو العُلا وصعودُ
فَكمْ لرِهانٍ منهُ فَرَّ محاربٌ / هزيماً وأدنى ما وراهُ بَريدُ
وَقالوا نَراهُ يَبحثُ الأرضَ ناطحاً / فَيَصْعَدُ نحوَ الجوِّ منه صعيدُ
فقلتُ لَهم يبغي الذي يحملُ الثرى / بقَرنيه فالأرضونَ منه تَميدُ
وما زالَ يسقي الحرثَ رَيّاً فأخصَبَت / مرابعُ فيها قائمٌ وَحَصيد
فآهاً لهُ رودَ الشّبابِ أخا لمى / شهيُّ رضابِ المرشِفَينِ بَرودُ
إذا اجتازَ في ساجِ الزرائبِ خلتهُ / مُسبِّحَ صبْحٍ قَدْ عراهُ سجودُ
رَمَتهُ عُيونُ الحاسدينَ بنظرَةٍ / فَلَيتْتَ بَقَى دهراً وَماتَ حسودُ
وَمنْ أجلهِ قد حَرّمتْ لحمَ مثلهِ / بَراهِمةٌ في شَرْعِها وَهنودُ
بكتهُ قَواديسُ السّواقي بأدمُعٍ / غِزارٍ لَها بَيْنَ الحياضِ مُدودُ
وأنّت لهُ الأتراسُ حُزناً وحرقةً / وَذابَ لهُ قلبٌ عليهِ جَريدُ
وَمن بَعدِهِ ما عانَقَ البابُ سيِّداً / تلهُ كلّ أبقارِ البلادِ عَبيدُ
ولا جازَ من تحتِ الجوائزِ مثلُهُ / وسرقينُه مِسْكٌ يفوحُ وعودُ
فلو كانَ في أيامِ موسى صبَا إلى / عبادَتهِ في المشركين يهودُ
قُلتُ للأسقفِ يَوماً
قُلتُ للأسقفِ يَوماً / والورى تفهم قَصْدي
ما الذي أنكرتَ من بخْلك / إذ أُخلصُ ودِّي
خفْتَ أنْ يَسْلَمَ عندي / وَهْوَ ما يَسْلَمُ عنْدي
خَمرٌ بِثَغرِكَ مُورَدُ
خَمرٌ بِثَغرِكَ مُورَدُ / والخدُّ منكَ مُوَرَّدُ
ولأَنتَ يا ريمَ النّقا / كالنّومِ فيكَ مُشَرَّدُ
لا تُنكِرَنْ قَتلي فإنَّ / دَمي بِخَدِّكَ يَشْهَدُ
أَمُقَلِّداً سيفَ الفُتو / رِ دَمي الذي تتقلّدُ
يا جَنّةً سَكَنَ الفُؤا / دَ ونارُهُ تَتَوَقدُ
مالي سَكَرْتُ صبابةً / وهوىً وأَنتَ مُعَرْبِدُ
وَبَلَوْتُ أبناءَ الزَّما
وَبَلَوْتُ أبناءَ الزَّما / ن سِواكَ حينَ أُعَدَّدُ
فَوَجدتُ عِرضي أَبيضاً / لكنَّ حَظِّيَ أَسودُ
جاءَ العَفيفُ مُبَشِّراً
جاءَ العَفيفُ مُبَشِّراً / وَهُوَ الدَّليلُ المرشِدُ
والسُّحْبُ تَبرُقُ قبل أنْ / تهبَ الغُيوثَ وترعدُ
فَلِذاكَ أُنشدُهُ وأبْ / ناءُ الأماني تُنْشِدُ
اليومَ عَهدُكُمُ وذا / مَثَلٌ فأينَ الموعدُ
وَلِكُلِّ يومٍِ كالذي / أَعددتموهُ لي غدُ
أَصبّحتُ أَفقَرَ مَن يَروحُ وَيغتدي
أَصبّحتُ أَفقَرَ مَن يَروحُ وَيغتدي / ما في يَدي من فاقتي إلاَ يَدي
في مَنزِلٍ لم يحَوِ غَيريَ قاعداً / فمتى رَقَدتُ رَقَدتُ غيرَ مُمَدَّد
لَمْ يبقَ فيهِ سِوى رسومِ حَصيرةٍ / ومخدَّةٍ كانَتْ لأُمِّ المهتَدي
تُلقى على طُرَّاحةٍ في حَشْوها / قملٌ شبيهُ السمسمِ المُتَبَدِّدِ
والبقُّ أَمثالُ الصّراصِرِ خِلقةً / مِن مُتْهمٍ في حَشوِها أو مُنْجدِ
يَجْعَلْنَ جِلْدي وارِماً فَتَخالُه / من قَرْصِهِنَّ به يذوبُ الجلمدُ
وترى بَراغيثاً بجسمي عُلِّقَتْ / مثلَ المحاجمِ في المساءِ وفي الغَدِ
وكذا البعوضُ يطيرُ وهو بِريشهِ / فمتى تمكّنَ فوقَ عرقٍ يفصُدِ
وَتَرى الخنافِس كالزنوجِ تصفّفَتْ / منْ كُلِّ سوداءِ الأَديمِ وأَسودِ
وَلَرُبّما قُرِنَتْ بِجَمْعِ عَقَاربٍ / قتالةٍ قدرَ الحمامِ الرُّكّدِ
وَتقيمُ لي عندَ المساءِ زبانَها / فأراهُ وهو كإصبع المتشهدِّ
هذا وَكَمْ من ناشرٍ طاوي الحشا / يبدو شبيهَ الفتكِ المتَسرِّدِ
يُبدي إذا ما انسابَ صفحةَ جَدولٍ / عَبَثَتْ بهِ ريحُ الصّبا مُتَجعِّدِ
والفارُ يَرْكضُ كالخيولِ تَسابُقاً / من كُلِّ جَرداءِ الأَديمِ وأجرَدِ
يأكُلنَ أَخشابَ السّقوفِ كمثلِ فا / راتِ النِّجارةِ إذْ تُحَكُّ بمِبْرَدِ
وكأنَّ نسجَ العنكبوتِ وَبَيْتَه / شَعْرِيّةٌ من فَوْقِ مُقْلَةِ أرمَدِ
وكذاكَ للحِرذَونِ صَوْتٌ مثلُهُ / في مَسْمَعي صوتُ الزِّنادِ المُصْلَدِ
وإذا رأى الخُفّاشُ ضوءَ ذُبالةِ / عندي أَضرَّ بِضَوئها المتَوَقِّدِ
وكأنّما الزنبورُ أُلبِسَ حُلّةً / مُوشِيّةً أعلامُها بالعَسْجدِ
مُتَرَنِّمٌ بينَ الذُّبابِ مُغَرِّدٌ / لا كانَ منْ مُتَرَنِّمٍ وَمُغَرِّدِ
حَشَراتُ بيتٍ لو تَلَقّتْ عَسْكراً / ولّى على الأَعقابِ غيرَ مُرَدَّدِ
هذا ولي ثوبٌ تَراهُ مُرَقّعاً / منْ كُلِّ لَونٍ مثل ريشِ الهُدْهدِ
لولا الشّقاوة ما وُلِدْتُ وَلَيتني / إذْ كانَ حظِّي هكذا لم أولَد
ولكيفَ أرضى بالحياة وَهمّتي / تسمو وَحَظِّي في الحضيضِ الأَوهدِ
وأرى السّعادةَ قد أُحِلّتْ مَعْشراً / رَبتَ العُلا لا بالنُّهى والسؤددِ
غصنٌ من البانِ مثمرٌ قَمرا
غصنٌ من البانِ مثمرٌ قَمرا / يكادُ من لينهِ إذا خطرا يقعدْ
أَسمرُ مِثلُ القَناةِ معتَدِلُ /
وَلَحْظُه كالسِّنانِ مُنْصَقِلُ /
نَشوانُ من خَمرةِ الصِّبا ثَمِلُ /
عربدَ سُكراً عَلَيَّ إذْ خَطَرا / كَذاكَ في الناس كُلُّ مَن سكرا عَربدْ
يا بأبي شادِنٌ فُتِنْتُ بهِ /
يَهواه قَلبي على تقلُّبهِ /
مذْ زادَ في التيهِ منْ تَجَنّبِهِ /
أحرَمَني النّومَ عِندما نَفَرا / حتى لِطيفِ الخيالِ حينَ سَرى شَرَّدْ
عَيناهُ مَثوى الفُتورِ والسّقَمِ /
قَدْ زلزلا منْ سَطاهما قَدَمي /
سَيفانِ قد جُرِّدا لِسَفكِ دَمي /
إنْ كانَ في الحُبِّ قتلتي نكَرا / فَها دَمي فوقَ خَدْهِ ظَهرا يَشْهدْ
لا تَلْحني بالملامِ يا عَذَلي /
فإنّني من هواهُ في شُغُلِ /
وانظرُ لماذا بهِ المحبُّ بُلي /
لو عبدَ الناسُ قبلَهُ بَشَرا / لكانَ من حُسنهِ بغير مرى يُعْبَدْ
حُمَّلْت وَجْداً كَرِدفهِ عَظُما /
وَصرْت نضواً كخصرِه سَقَما /
لو أَنَّ ما بي بالّصخرِ لانهدَما /
والحبُّ داءٌ لو حُمِّلَ الحَجَرا / لذاب منْ هَوْلِ ذاكَ وانفطرا وانهد
جَوَىً أَذابَ الحَشا فَحَرَّقني /
ونيل دَمْعٍ جَرَى فَغَرَّقني /
لكنّه بالدموعِ خَلّفني /
فَرحت أَجري في الدَّمعِ مُنحدِرا / ذاكَ لأني غَدَوت منكسرا مفردْ
بديع حُسنٍ سُبحانَ خالقهِ /
أحمر خَدٍّ يُبدي لعاشقهِ /
مسكاً ذكي الشّذا لناشقهِ /
نَمْل عذارٍ يُحَيِّر الشُّعرا / وَفَود شَعْرٍ يستوقف الزمرا أسود
كم تحمّلْ خاطري هذا المعنى أنكادْ
كم تحمّلْ خاطري هذا المعنى أنكادْ / في عشقِ كُلِّ مُهفهفٍ كالقَنامَيّادْ
رأَيتُ للقَيمَرِيّةِ هاهُنا أَولادْ / لكنْ رأيتو كما قيلَ النُّجومْ أكرادْ
وافى النَفيسُ لنا بخمرٍ حامِضٍ
وافى النَفيسُ لنا بخمرٍ حامِضٍ / كالخلِّ إلاَّ أنّهُ مادَوَّدا
وأتى يُحَلّيهِ لنا بِقُطارَةٍ / لِنُسيغَه فَصَحوتُ فيهَ معربِدا
وَجَلاهُ والذُّبّانُ في كاساتهِ / عُقَداُ فشاهَدْنا حبُاباً أسودا
يا أيُّها الخِلُّ الودودُ بَعثْتَ لي / خَلاً ودودُ التّيْسِ يهدي للهُدى