القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : وَلِيّ الدِّين يَكَن الكل
المجموع : 25
الحسن مكانك معبده
الحسن مكانك معبده / واللحظ فؤادي مغمده
يا سيدتي هذا حر / لم يعرف قبلك سيده
الليل وطيفك يعرفه / إن كان فؤادك يجحده
كم يوحي طرفك لي غزلاً / وأنا في شعري أنشده
وتساجلني الأطيار هوى / في الدوح أبيت أردده
للصبح سناؤك أبيضه / لليل غرامي أسوده
أحببت قلاك فمطلقه / عندي عذب ومقيده
إن ضل حنانك عن قلبي / فلهيب ضلوعي ترشده
قد بات دلالك يخذله / وجمالك كان يؤيده
زيدي تيهاً أزدد كلفاً / كلفي إن رث أجدده
شوقي إن بنت يضاعفه / صبري إن جرت يؤكده
خلان هما شمسا فلك / طرفي مع طرفك يرصده
فصلي بالله ولو حلماً / مضناك جفاه مرقده
وعديه اليوم ولو كذباً / الصب بماطله غده
ليلٌ طويل كأنهُ الأبدُ
ليلٌ طويل كأنهُ الأبدُ / وناظرٌ ملء نوره سهدُ
هيهات نور الصباح انظره / هذا ظلام يظل يطّرد
من بعضه بعضهُ فأوّله / آخرهُ ما لجريه أمدُ
ما وجد الناس من لواعجهم / مثل الذي من لواعجي أجدُ
إني لبست الضنى وهم برئوا / وقد سهرت الدجى وهم رقدوا
يا ليتني مثلهم أخو جلد / فكل داءٍ دواؤهُ الجلد
من لي بقلب يحكي قلوبهم / إن هاجه الشوق ليس يرتعد
وإن رأى الناس في الهوى أتأدوا / يمشي على نهجهم فيتئدُ
مقلدٌ غير مثمرٍ طمعاً / يسعد في الناس إن همو سعدوا
بركانه فيه خامدٌ أبداً / من نظرة باللحاظ يتقد
لقد أنجزت وعدها
لقد أنجزت وعدها / فأحيت به عبدها
سأبذل ودي لها / كما بذلت ودها
نما الشوق عندي لها / كما قد نما عندها
وحرق كبدي بها / وحرق بي كبدها
وأسقمني سقمها / وأوجدني وجدها
ولما أستطال الهوى / على مهجة هدها
حظيت بها مرة / فما أرتجي بعدها
أسجن مراد لو تكلم منزل
أسجن مراد لو تكلم منزل / لأخبرتنا عما جرى لمراد
ثلاثون عاماً قد توالته عانياً / بربعك في بث وطول سهاد
يطالع من خلف الستائر ملكه / يخاطبه شوقاً له وينادي
بلادي بلادي إن يحل بيننا النوى / فعندك روحي دائماً وفؤادي
لقد مات مجنياً عليه وما جنى / ولكن لأحرار الملوك أعادي
أيا روح محمود عليك تحية
أيا روح محمود عليك تحية / متى ينقضي ما بيننا زمن البعد
تقدمتني نحو الذين تقدموا / وكنت أرجي أن تعيش المدى بعدي
سأبكي وأبكي غدرة الموت جاهداً / على أن جهد الموت أعظم من جهدي
وأملاً آفاق السماء شكاية / وإن كنت أدري أن ذلك لا يجدي
أسيدتي هل تعرفين مرادي
أسيدتي هل تعرفين مرادي / فهذا فؤادي يا فداك فؤادي
خذيه وإن شئت أقرايه فإنني / كتبت بروحي في آي ودادي
أعيذك أن تجني بقتلي جناية / فيشكوك بعدي أمتي وبلادي
ترفعت عن هذا الهوى في شبيبتي / وهأنا أعطيه لديك قيادي
نفدت دموعي والأسى لا يفند
نفدت دموعي والأسى لا يفند / اليوم يبكيني ويبكيني الغد
بالله يا وطني أمالك راحم / أكذاك نارك كل يوم توقد
وجدي عليك ولست وحدي واجداً / من يعرفونك وأجد أو موجد
ذهبت محاسنك التي أنشدتها / فإذا صبوت فأي حسن أنشد
إن يطالمو لا فكم أصابك ظلمهم / إن كنت تجحده فما أنا أجحد
أو ينزلوا بك للحضيض خيانة / فلعهدنا بك للكواكب تصعد
لو كان في هذي المنازل مصلح / ما ساد في هذي المنازل مفسد
إن يحرقوها ظالمين فبعدها / نار ستحرق في لظها الأكبد
أفروق ما لك في البرية منجد / كلا ولا لي في البرية منجد
فستظلمين كنا ظلمت بعشر / سادوا وأكثرهم بأرضك أعبد
يا أفق لولا في الأرض لي وطن / لكان في بعض زهرك السكن
أرض سقاني نميرها قدماً / وجاد لي من ثماره الغصن
يسير بي حبها فاتبعه / يفتنني حسنها فأفتتن
ويلي ما للبعاد يحزنني / حسبي ما جره لي الحزن
أبكي ويبكي معي أخو شجن / لا يضحك الدهر من له شجن
يا وطناً قد جرى الفساد به / متى يرينا أصلاحك الزمن
دفنت حياً وما دنا أجل / ما ضر لو دافنوك قد دفنوا
دماء ابنائك الكرام جرت / بحراً فاشلائهم له سفن
يل ليت يدري وليت باطلة / من خلفوا للمقام من ظعنوا
هبوا بني المجد إنها فرص / تمضي سراعاً حتى م ذا الوسن
أمنتم الدهر في غوائله / والدهر خوان الألى ائتمنوا
لم تحفظوا البأس مثل من حفظوا / لم تخزنوا المال مثل من خزنوا
وا أسفاً يا زمان وا أسفاً / أفنيت ظلماً رجالنا ففنوا
نحن هدمنا والسالفون بنوا / نحن استرحنا والسالفون عنوا
يا معهداً للخطوب ما عهدت / مثلك عين لنا ولا أذن
هذي بلاد كالدو مقفرة / أبيات أبائنا بها دمن
فليبعث العدل من ضريحته / وليتمزق عن جسمه الكفن
والله لا تجتلي محاسنها / وليس فينا من فعله حسن
عز علينا فروق من قطنوا / فيك فهم في العذاب قد قنوا
كان لهم لين دهرهم ولقد / نبا بهم عنه موطن خشن
كنت لهم مغنماً إذا غرموا / كنت لهم غنية إذا غبنوا
وإنما تصلح البلاد إذا / رجالها للصلاح قد فطنوا
نشتاق حرية فيؤيسنا / من دهرنا عن حبائها ضنن
أوهننا حبها وتيمنا / حتى برانا وشفنا الوهن
إن نحوها نحو منة عظمت / تصغر في جنب نيلها المنن
حلت بأرض فلا تزايلها / فالروح فيها ترتاح والبدن
ظل لها مورقاً لهم فنن / ونحن فينا لا يورق الفنن
تجسسوا إنما تجسسكم / بمثلكم لا بمثلنا قمن
قولوا غداً للمليك ذا خبر / لقد أتانا به هن وهن
نطعنكم والطعان يؤلمنا / والطعن قد يؤلم الألى طعنوا
متى يعيد النهى محبتنا / وينجلي عن قلوبنا الضغن
إذا بان سيفك عن غمده
إذا بان سيفك عن غمده / فقد بان بأسك في حدّه
فأنت وذا السيف من جوهر / وطبعك من طبع إفرنده
فإن يفتخر في الوغى ماجد / فمجدك أقدم من مجده
وعزمك أصدق من عزمه / وقصدك أشرف من قصده
إذا ما أغار على عاجزٍ / قديرٌ قدرت على رده
فكنت الأمين على قربه / وكنت الوفي على بعده
رددت لغليوم سهماً رماهُ / فردَّ ولكن إلى كبده
وكان قضى العمر في بريه / فجربهُ اليوم في جلده
أحبّ الوغى فهو محبوبه / على عطفه وعلى صدّه
قضى الأربعين يصب الحديد / على جنده وسوى جنده
وكم خادع الناس عن حقده / فلم يخدع الناس عن حقده
همُ عرفوه على بغضه / كما عرفوهُ على ودّه
ولكنهم حفظوا عهده / الى أن تبرأ من عهده
فخيب عدوانه جيشه / وخيبه الله من بعده
ولو كان يعلم هذا المصير / لما ضل غليوم عن رشده
لقد بات يضحك في هزله / فأصبح ينحب في جدّه
لقد بات يضحك في هزله / فأصبح ينحب في جدّه
ورب الغرور يعز بناه / يلاقي المذلة في هدّه
وحسب المعذب في نحسه / تذكر ما مر من سعده
وكم من مجدّ إلى مأمل / مساعيه أدت إلى ضده
ومن جاهد الحق في ملكه / تقاصر عجزاً مدى جهده
ولو جاءت الزهر من أفقها / لتجديه الفوز لم تجده
الى تومي اتكنس مني ثناء / يزيد على الرمل في عدّه
يفيد الربيع إذا فاض فيه / ندى زهره وشذا ورده
لقد ذاع في مونس من حمده / كما ذاع في الهند من حمده
وطاب مخائل في مهده / وطاب أحاديث في لحده
فلا يعرف السلم نداً له / ولا يقطع الحرب في لدّه
يظلمهُ علم ظافر / بوارفه وبممتده
فيهجع ذو الخوف في أمنه / ويرتع ذو البؤس في رعده
وثمّ عرين إذا قاربته / ذئاب غدت في شبا أسده
فلا يعزب الخفض عن حزنه / ولا يغرب العز عن نجده
تقدم تقدم أمامك نصر / وخصمك إن ترمه تُردهِ
وهذا هشيم وهذا أوان ال / حصاد فبادر إلى حصده
ولا تحذرن بارقاً فوقه / فلا رعد أكذب من رعده
ولا أنت تشقى بإيعاده / ولا أنت تسعد من وعده
لقد كان ينفق من جزله / فقد صار ينفق من ثمده
إذا شهد الناس أنك شهم / فماذا يضرك من جحده
وليس يُقاس إليك بشيء / لدى لينه ولدى شدّه
فقلبك أثبت من قلبه / وزندك أفتل من زنده
وقد زاد عندك خير الإله / وقد نفد الخير من عنده
فأد الثناء لربك واهنأ / وقل رضي الله عن عبده
تمادى رجال على غيهم
تمادى رجال على غيهم / أضرّ بهم وبأهل البلاد
وقد وضع الحق في نوره / فمن أمّ أمّ ومن حاد حادْ
ففيم وقوفك يا سيدي / وخطبتك اليوم بين العباد
قناة السويس انقضى أمرها / فلا تستعدهُ فليس يعاد
أثرتَ لهُ أمس حرباً عواناً / فهذا الحريق بذاك الزناد
عزيز علينا خروجك منها / خروج المريد بغير المراد
ومن نكد الدهر أن الصروف / تصيد الرجال وليست تصاد
وخبرت أنك عاتبت قوماً / فقلت العتاب تبيع الوداد
فلما قرأت الذي قلنهُ / غدوتُ بوادٍ وظني بواد
بربك سائل فؤادك يوماً / أأحسنت أم لا يجبك الفؤاد
فإن الضمائر لا ترتشي / ومهما تعاند تمل العناد
وهيهات إن فزت من بعدها / سيضرب ربّ السداد السداد
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي / أعني بدمع جف يا غيث ما عندي
أمامك أكباد تذوب حرارة / ودمعي لا يجدي ودمعك قد يجدي
بروحي جنات دهنها جهنم / رأينا الفنا فيها يدب إلى الخلد
عرائس حلتها بليلة عيدها / أكف فزفت بعد ذاك إلى اللحد
فما فاز منها حلف يأس بمأمل / ولا كادج عند القرب يشفي جوى البعد
بدت بسمات ثم أعقبها البكا / كذاك وميض البرق يعقب الرعد
أإن تم نظم العقد وا أتلفت به / جواهره تنحل واسطة العقد
غررنا بأحلام فكانت كواذباً / وسرنا لقصد فانحرفنا عن القصد
وكنا نرجي أن يكون اعتزامنا / لحد فجزناه فصرنا إلى الضد
فيا حسرتا لو تنفع اليوم حسرة / إذن لاشتفت مما ألم بها كبدي
دعوا فسرت في أنفس القوم رعدة / ولا عجب فالرعب مثل الضنى يعدي
فلاحت لهم ذات اللظى مشمعلة / كما لاح قرن الشمس من قمة النجد
تلوح برايات وتدعو بألسن / وتبعث جنداً لا يغالب بالجند
تثير دخاناً في الفضاء وقد زها / تراءى به الأقمار في أوجه ربد
إذا عالجته الريح مد رواقه / وأخفى محيا الملك في ذلك المد
تضم القصور الشم ضمة عاشق / تلاقى بمعشوق هناك على وعد
تلاق وأشهى منه رامية النوى / وعطف وأحلى منه مستطرد الصد
ولما تبدت حمرة الشفق انثنت / عليها فشف الخد عن حمرة الخد
لمن دمن لم يبق في عرصاتها / سوى فحم من مسعر الحجر الصلد
تظل نحيبها البواكي بأدمع / تروي ثراها والدموع من العهد
سلام على تلك الطلول التي عفت / لقد عشت أهديها السلام وأستهدي
سلام على الأم التي في سوادها / بدت لتباكي الولد منها على الولد
سلام على مهد الأعالي الألى مضوا / بناة المعالي بل سلام على مهدي
خلافة قد مضى عنها خلائفها
خلافة قد مضى عنها خلائفها / من آل عثمان من سادوا ومن شادوا
أبقوا بها المجد للأخلاف بعدهمو / والمجد يبقيه للأخلاف أمجاد
حتى انتهت لأمير في تسلطه / يخشى مظالمه عاد وشداد
يا ويلنا إنما نبكي لنا وطناً / يبكيه في الترب آباءٌ وأجداد
تبدت مع الصبح لما تبدى
تبدت مع الصبح لما تبدى / فأهدت إلي السلام وأهدى
تقابل في الأفق خداهما / فحييت خداً وقبلت خداً
لقد بدل الله بالبعد قرباً / فلا بدل الله بالقرب بعدا
تلظى اشتياقي بقلبي زماناً / ولكنه أصبح اليوم بردا
فلست بشاك ولست بباك / سأزداد شكراً وأزداد حمدا
أزائرتي بعد طول النوى / تلطفت جداً تعطفت جداً
نظرت لعهدي صدود ووصل / فأبليت عهداً وجددت عهدا
أعدت لهذا المكان صباه / فأصبح كالروض بل كان أندى
ويا طالما كنت أوليه صداً / ويا شد ما صرت أوليه ودا
وكنت أسميه قبل سعيراً / فأصبح عندي نعيماً وخلدا
تعالي فجسي بكفك كبدي / إذا كان ابقى لي الهجر كبدا
على أنني آمل رده / بوصلك لو شئت بالوصل ردا
خشيت السلو فغالبته / فزاد كلانا على البعد وجدا
وليس يضيع مثلي عهداً / وليس يضيع مثلك عهدا
يقوم الغرام على جانبيه / فأما يمل جانب منه هدا
هلمي أسر بك بين الرياض / فننظم فلا وننثر وردا
فهذا أوان هبوب الصبا / لنخمش خداً ونهصر قدا
ستشدو الطيور بألحانها / وأشدو بلحني وأني لأشدى
إذا نظرتك على الأيك غنت / تبدت مع الصبح لما تبدى
أسيدتي لا الدهر يسعف مطلبي
أسيدتي لا الدهر يسعف مطلبي / ولا أنت أني حرت بينكما جدا
إذا رمت شيئاً جئتماني بضده / لقد صرت لي ضداً وقد صار لي ضداً
سألتك وداً فاستطبت لي الجفا / وأملت قرباً فراتضى الدهر لي البعدا
تشابهتما جوراً وغدراً وقوة / فصيرته نداً ولم تقبلي ندا
فلا تحرماني لذة من تألم / ولا تسلباني الوجد لن أسلو الوجدا
خذا جسدي والروح فاقتسمهما / ولكن دعا لي وحده ذلك الكبدا
حفظت بها عهداً وأخشى ضياعه / وأني لأُبقي الكبد كي أبقي العهدا
سادتي إن في الوجود نفوساً
سادتي إن في الوجود نفوساً / ظلمتها الأقدار ظلماً شديدا
هي تشقى من غير ذنب جنته / ولكم مذنب يعيش سعيدا
رحم الله أعيناً لم تشاهد / منذ كانت إلا ليالي سودا
تتمنى لو فتحت فتملت / من جمال الوجود هذا الشهودا
تتناجى حمائم الروض صبحاً / لا نراها ونسمع التغريدا
ويكون الربيع منا قريباً / فنظن الربيع منا بديدا
حين ترنو إلى الورود عيون / ليت شعري كم تستطيب الورودا
أبوي اللذين أوجدتماني / اتريدان شقوتي لن تريدا
عشتما في ظلال شمل جميع / أنا وحدي وجدت شملي بعيدا
وإذا كنت قد ولدت فقيداً / ليتني كنت قد فقدت وليدا
سادتي إننا صبرنا امتثالاً / ما ضجرنا ولا شكونا الجدودا
فانظروا نظرة الكرام إلينا / وارحموا أدمعاً تخد الخدود
أعلمت من حملوا على الأعواد
أعلمت من حملوا على الأعواد / أرايت كيف خبا ضياء النادي
جمع تساقوا كأس حزن بينهم / مالت رؤوسهم على الأجياد
يتطالعون إذا خطوا فكأنهم / يخطون في الأغلال والأصفاد
يسمعون نحو منازل حجراتها / مغشية بمواكب القصاد
متشابهات لا تغابر بينها / خافي المعالم عندها كالبادي
ما مثل هذا اليوم يمحى ذكره / هو مثبت بصحائف الآباد
لا ينكروا الجرم الذي قد أجرموا / إن العصور له من الأشهاد
وعصابة حلت مكان عصابة / مثل الجراد أتى باثر جراد
يقتادها واهي العزيمة ظالع / منواصل الأبراق والأرعاد
ثبت اللجاجة لا يدين لحجة / صعب العناد إذا انتحى لعناد
إن سيق للإنصاف جد حرانه / وإذا يقاد فليس بالمنقاد
هوي الدعاء فلا يمل دعائه / ألف النداء فلا يزال ينادي
خافي المراد فلا يبين مراده / وأظنه يحيا بغير مراد
هي فتنة قد كان أكمنها المدى / واليوم تلك النار تحت رماد
جادت مواسمها وصوح نبتها / والآن آذن عامها بحصاد
كاد النهى يزع الهوى لكنما / درس النهى وعدت عليه عواد
إنا لفي زمن تساوى خيره / بالشر إن مضله كالهادي
أرخوا قياد معاشر فاسترسلوا / ما مثلهم يمشي بغير قياد
فليبرأ الآباء من أبنائهم / يا شقوة الآباء بالأولاد
تبكي لوادي النيل أعين أمة / جادت مواطرها فعب الوادي
لهفي على آمال قوم أخطأت / قد كان يعرف رأيهم بسداد
هم طاردوا العاصين حتى أجفلت / عنه نعائمهم بطول طراد
يا مصر قربك زاد قلبي حسرة / يا ليتني عنك استطال بعادي
ما كنت أوثر أن ترى بك بعد ذا / كنس الظباء مرابض الآساد
أو كلما راحت خطوب أو غدت / بكرت عليك روائح وغواد
سبع وعشرون انقضت أعيادها / ومللت أنت تعاقب الاعياد
ورأيت رواد الجمال تكاثروا / فسئمت فرط تكاثر الرواد
إن كان أغضى الدهر عنك لغاية / فستنقضي ويظل بالمرصاد
أو نامت الأحداث عنك ليالياً / فلرب نوم ينتهي لسهاد
تفدي ابن نيروز اعاديه إذا / عز الفداء ولم يجد من فادي
يا قوم رمسيس الألى سادوا الورى / لم يؤت سؤددهم سوى أجدادي
متفرد حيّا وميتاً هكذا / فرد الثناء يخص بالأفراد
حسدوه في عليائه حتى هوى / ثم استراحت أنفس الحساد
أمست سماء العز غير منيرة / بغياب ذاك الكوكب الوقاد
هيهات تدرك غاية هو سنها / قد جاز آماداً إلى آماد
طرف تقاصر كل طرف دونه / وجواد فضل فات كل جواد
سيف تلألأ ثم عاد لغمده / فلترجع الأسياف للأغماد
قل للذي يرتاد مثل سبيله / أعيت مالكها على المرتاد
يزداد حسناً ما تكرر ذكره / ما كل حسن الذكر بالمزداد
أعدى العداة على الكرام حمامه / وليومه أعدى على الأكباد
يوم أعاد لمصر ماضي حزنها / لولاه لم يك حزنها بمعاد
أحد أطاف على البلاد بشره / لما أطاف بواحد الأحاد
نزل العيون فدمعها متتابع / وثوى القلوب فبثها متماد
أربت شكايات الأنام فجاوزت / فيه مدى الأرقام والأعداد
وتآلفت فيه النفوس على الجوى / اليوم زال تخالف الأضداد
أعزز على أنداده أن ينكبوا / منه بنكبة فائق الأنداد
أبكيك مثل بكاء قومك نائياً / فحدادهم أبداً عليك حدادي
ووفاؤهم لك في وفائي مثله / وودادهم متواصل بودادي
ما كنت أغفل عن أياد طوقت / هذي البلاد وأنها لأياد
الحر حر في الشعوب جميعها / من هجرة قد كان أو ميلاد
والمجد ليس مقيداً بمعاشر / والعز ليس موطناً ببلاد
جاهدت في أعلاء مصرك جاهداً / حتى قضيت لها شهيد جهاد
أثني عليك ولا يظنوا أنني / يكبو يراعي أو يجف مدادي
إن يرمني هذا الزمان بكبرة / يإن المعاني لم تزل بقيادي
ركب سعى بك للفناء وإنني / أنا في رثائك كنت وحدي الحادي
فاذهب كما ذهب الربيع وقد كسا / خضر الربى موشية الأبراد
إن ينفد الحزن فإن لي / قلباً كثير موارد الأمداد
ليالي أبلى من همومي وجددي
ليالي أبلى من همومي وجددي / لك الأمر لا تقوى على رده يدي
فما أرتجي والأربعون تصرمت / ولا عيش إلا ينتهي حيث يبتدي
سكت سكوتاً لا يريك امتداده / فلا خاطري باق ولا الشعر مسعدي
ولا فيّ من روح الشباب بقية / ولست بمشتاق ولست بموجد
حزنت على الماضي ضلالاً ومن يعش / كما عشت لم يحزن ولم يتجلد
ومالي منه خاطر غير أنني / عدلت فلم أفتك ولم أتعبد
سقى الله دارات القرافة ديمة / ترق على قوم هنالك هجد
تعود كل بؤسها ونعيمها / وعشنا على بؤس ولم نتعود
أحن إلى تلك المراقد في الثرى / ولو أستطيع اليوم لاخترت مرقدي
فأنزلت جسمي منزلاً لا يمله / يكون بعيداً عن أعاد وحسد
وما يتمنى الحر في ظل عيشة / تمر لأحرار وتحلو لأعبد
لقد اتعبتني والمتاعب جمة / ميسرة يومي بين أمسي والغد
ألماً يئن أن يستريح مجاهد / ألماً يئن أن يبلغ المنهل الصدى
تزهدت في وصل المعالي جميعها / ومن يطلبها كأطلابي يزهد
وبت تساوت في فؤادي مناهج / تؤدي لخفض أو تؤدي لسؤدد
وأني في بيت صغير مهدم / كأني في قصر كبير مشيد
عفا الله عن قوم أتاني غدرهم / فرب مسيء لم يسء عن تعمد
وكم من نفوس يستطيل ضلالها / ولكم متى ما تبصر النور تهتد
نزعت من الآمال باليأس عائداً / فإن تدنني منها اللبانات أبعد
فلا ترتعي مني بقلب معذب / ولا تنجلي مني لطرف مسهد
فيا ريح إن يعصف بي الشجو سكني / ويا غيث إن يضرمني الوجد أخمد
ويا ساكنات الطير في دولة الدجى / أرى أن دعاك الصبح أن لا تغردي
لدي شكايات وأنت شجية / فإن تستطيبها لشجوك أنشدي
ولا تحسبي التقليد يذهب حسنها / فكم حسنات قد أتت من مقلد
تركت الغنى لا عاجزاً عن طلابه / وأنزلت نفسي من منازل محتدي
وهذي بحمد الله مني براءة / فيا أفق سجلها ويا أنجم أشهدي
ذكرى الصبا لله ذكرى الصبا
ذكرى الصبا لله ذكرى الصبا / في كل نفس نارها موقده
تمكث من تحت رماد المدى / وفوقها تحترق الأفئده
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً
أستطابت بعدي وقد خلت دهراً / أنها لا تطيق عني بعادا
واستنابت عن الخليل خليلاً / واستعاضت من الوداد ودادا
ليت شعري ذاك الفؤاد مقيم / أم أضاعت في البعد ذاك الفؤادا
أم كذا دأبها تحب وتسلو / أم لكره العباد تؤذي العبادا
قدم المدى وأرى الهوى يتجدد
قدم المدى وأرى الهوى يتجدد / ما اليوم يأتيني بما يأتي غد
يا نظرة ما كنت أقصد شرها / أكذاك انت فكيف بي لو أقصد
ظرف الهوى ما بيننا وحلا به / هذا السهاد فخاب من لا يسهد
إن كنت تطلب شاهداً بمحبتي / فاسأل فؤادك إنه لي يشهد
طال البعاد وطوله لا ينقضي / فكأننا في كل يوم نبعد
أهفو إذا هتفت عليّ نسائم / من مصر أو أشفى علي الفرقد
ويزيد عن وجدي عليك تحسري / فأكاد لا أدري بأني موجد
وأصون صبري أن يبدده الأسى / أمد النوى لكنه يتبدد
من كان مثلك مفرداً في عصره / لا غرو أن يصبو إليه المفرد
يا من دعاني في المحبة أوحداً / لم لا ينال رضاك هذا الأوحد
تتوقد النيران بين جوانحي / ويسر قلبي أنها تتوقد
إني أبثك ما أجن على النوى / حتى كأنك ههنا لي مسعد
وإذا الدجى حكمت علي طباقه / وانحط فوق الأفق ظل أسود
أشكو إلى الرحمن فيك ظلامتي / والعرش دان والملائك سجد
خلق الغرام لنا ونحن له فهل / لسوى الغرام هنا وليد يولد
الدهر صب والطبيعة صبة / والعشق بينهما يشب ويخمد
أفروق لي كبد لديك عهدتها / لا تشتفي وقد أشتفت بك أكبد
أنا فيك مشتاق إليك ومن رأى / شوقاً إذا نفد الهوى لا ينفد
تدنيي مما به تقصينني / فاسر في الحالين مما أكمدُ
لا تجحدي ماضي الوفاء فإنهُ / قامت دلائلهُ بما لا يجحد
ما للحوادث جندت لي جندها / أمع الهدون لها تظل تجنّدُ
عاد لها أن لا تنام عن الوغى / والوقت سلم والعزائم هجّدُ
قد كنت ألقاها وسيفي مصلت / فاليوم ألقاها وسيفي مغمدُ
وإذا الفتى اضطربت جوانب عيشه / وبدا لهُ في الحظ وجه أربد
قامت متون الناقلات بأمره / وجرى بهِ فيما يريد الفرقدُ
والله لا أرضى الهوان من امرئ / والموت فيه لكل حر موردُ
هي همة هوجاء يبعث بعضها / بعضاً وتفتأ دهرها تتجدّدُ
يا مجد قومي لم أفدك زيادة / قد مُجّدوا في عصرهم ما مُجدوا
أعطيت مقودي الصبا فجرى به / وسواي في يده يكون المقودُ
فأطال تفنيدي عليه مفنّد / ولكل صب في صباه مفندُ
أرمي وترميني شبيهات المها / فسهامها تصمي وسهمي يصردُ
يا رب ما للغانيات ولامرئ / تفنى تجلّدُه إذا يتجلّدُ
وارحمتا لأُلي الهوى وارحمتا / كم شُرّدوا بيد الغرام بُدّدوا
همُ والحمائم أهل شأن واحد / إن غرّدت فوق الأراكة غرّدوا
يا من نأيت ولي حنين نحوه / أملي به للناشدات فتنشدُ
أأرى الزمان يعود يُبرد غلتي / بلقاك بعد اليوم أم لا يُبرد
هيهات ما للقائنا من موعدٍ / عزّ اللقاء وعزّ معه الموعدُ
قد كان يجهد في تفرقنا النوى / حتى استطاع فما له لا يجهدُ
إنا اقتسمنا الحمد فيما بيننا / فأنا محمده وأنت الأحمدُ
أبداً أجود بخلتي لك راضياً / وتجود إلا أن جودك أجودُ
هذا بناءٌ في الإخاء مشيدٌ / دام الإخاء ودام من هم شيّدوا
إني لأعهد فيك صون مودتي / يا ربّ صنها مثل ما أنا أعهد
عوّذ كمالك من عيون حُسّد / ترنو إلى أهل الكمال فتحسد
واستعبد الدنيا بعزم قاهر / قد ناله أسلافنا فاستعبدوا
فاليوم لا المرء النبيل معزّز / كلا ولا الرجل الأصيل مسوّدُ
الشرق أوشك أن يُهد بناؤهُ / إن الخطوب لنا بذاك تهدّد
كان الموطد قبل ذاك وإنما / ذهب الذين من المقاول وطدوا
لهفي على عيش حرمت بقاءهُ / ولي لعمري وهو عيش أرغد
أيام يلقاني ويلقاك الهوى / وله من الإخوين ثم تودّد
ونصول بالأقلام في الدّول التي / كبرت فلولا الله كادت تعبدُ
والعصر جافٍ والخطوب شديدة / والباب من دون السلامة موصدُ
تهنا زماناً في الشبيبة فانقضى / وسينقضي والخير أو نتزوّدُ
يا سيدي وأخي كفاني أن أرى / أن قد يهنئني أخ لي سيّدُ
هنأتني فلك الثناء من امرئ / لولاك لم يك بالسعادة يسعدُ
عوّدتني منك الوفا فشكرته / والمرء في الدنيا كما يتعودُ
فلتحي للعلياء نوراً ساطعاً / يفنى المدى وثناء فيك يخلّدُ
أفدن صبابة وأفدت وداً
أفدن صبابة وأفدت وداً / فصُنتُ صبابتي وأزلن ودي
كأني لم أبت معهن ليلاً / أطوف بقبلتي في كل خد
ليالي لا الوصال بذي امتناع / ولا دون المقاصر من مرد
عسى الحب النؤوم يهب يوماً / فيأخذ سلوتي ويرد وجدي
فنستجلي النسيب كما اجتلينا / ونخفي رقة الشكوى ونبدي
ونحزن تارة ونسرأخرى / ونهدي بالطلى حيناً ونهدي
ألا يامسرح الآرام اينع / لعلك جامعي بوماً بهند
من اللائي يمتن الصب عمداً / ويحين الضنى عن غير عمد
بفضلي في بني يكن ومجدي / وحسبك مقسماً فضلي ومجدي
قد استبعدني في الحب ظلماً / وسودت الزمان وكان عبدي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025