المجموع : 12
تُرى رائحٌ يأتى بأخبار مَن غدا
تُرى رائحٌ يأتى بأخبار مَن غدا / وهل يكتُم ألأنباءَ من قد تزوَّدا
أُحبّ المقالَ الصدقَ من كلّ ناطقٍ / سوى ناعبٍ قد قال بينُهُمُ غدا
ألاَ استوهِبا لى الأرحبيَّةَ هَبَّة / لنُحدثَ عهدا أو لنضربَ موعدا
حرامٌ على أعجازهنَ سياطُنا / فيا سائقيْها استعجِلاهنَّ بالحُدا
متى ترِدا الماءَ الذى ورَدتْ به / ظباءُ سُلَيمٍ تَنقَعا غُلَةَ الصَّدا
فلا تُشغَلا عنه بلثمِ حَبابهِ / تظنَّنهِ ثغرا عليه تبدَّدا
فقد طال ما أبصرتُما ظبىَ رملةٍ / فشبّهتُماه ذا دَمالجَ أغيدا
فرشتُ لجنبِ الحبّ صدرى وإنما / تهابُ الهوى نفسٌ تخاف من الردى
ونفَّرتُ عن عينى الخيالَ لأنه / يحاولُ مَدِّى نحو باطله يدا
أرى الطيفَ كالمِرآة يخلُق صورةً / خداعا لعينى مثلما يَسحَر الصَّدى
أتزعمُ أنّ الصبرَ فيك سجيّةٌ / وتشجَى إذا البرق التِّهامىُّ أنجدا
وقالوا أتشكو ثم تَرِجعُ هائماً / فقلتُ غرامٌ عادلى منه مابدا
تُعاد الجسومُ إن مرضنَ ولا أرى / لهذى القلوب إن تشكَّين عُودَّا
فلا تحسبوا كلّ الجوانح مَضغةً / ولا كلَّ قلبٍ مثلَ قلبى جلمدا
وحىٍّ طرقناه على زوْرِ موعدٍ / فما إن وجدنا عند نارهمُ هُدى
وما غفلتْ أحراسُهم غير أنّنا / سقطنا عليهم مثلَما سقَط النَّدى
فلما التقينا حشَّ قلبي فراقُهم / فلم ينكروا النارَ التي كان أوقدا
نزحتُ دموعى بعدَهم من أضالعى / مخافةَ أن تطغَى عليها فتجمُدا
وفي العيش مَلهىً لامرىء بات ليلَه / يشاور في الفتك الحسامَ المهنَّدا
إذا ما اشتكت قَرْحَ السهاد جفونُهُ / أداف لها من صِغة الليل إِثمِدا
يظنّ الدجَى فرعا أثيثاً نباتُهُ / ويحسَبُ قَرن الشمس خدًّا مورَّدا
ويرضَى من الحسناء بالرِّيم إن رنا / كحيلا مآقيه وأتلعَ أجيدا
كما بزعيم الدّولة الأممُ ارتضتْ / على الدِّين والدنيا زعيما وسيِّدا
أقاموا بدار الأمن في عَرَصاته / كأنهمُ شدّوا التميمَ المعقّدا
رمى عزمُه نحو المكارم والعلا / مصيبا فكان المجد مما تصيَّا
إذا أَمَّم السارون نورَ جبينهِ / كفى الرَّكب أن يدعو جُدَيًّا وفرقدا
تلألأ في عِرنينِه نورُ هيبةٍ / تخِرّ له الأذقانُ في الترب سُجَّدا
أباح حِمَى أموالهِ كلَّ طالب / من الناس حتى قيل ينوى التزهُّدا
له روضةٌ في الجود أكثرُ روَّدا / من المنهل الطامى وأوفرُ ورّدا
تَناكصُ عن ساحاته السُّحبُ إنها / متى حاكمته في الندى كان أجودا
وهل يستوى من يمطر الماءَ والذي / أناملُه تهمِى لجُيْنا وعَسجدا
ومَن برقُه نارٌ وَمن برقُ وجهه / تهلُّلُ مرتاحٍ إلى الجود والنَّدى
قليلُ هجوعِ العين تسرِي همومُه / مع الجارياتِ الشُّهب مَثْنَى ومَوْحَدا
ومن كان كسُب المجدِ أكبرَ همّه / طوى بُردةَ الليل التِّمامِ مُسهّدا
متى ثوَّب الداعى ليومِ كريهةٍ / تأزّر بالهيجاء واعَتمَّ وارتدى
وقد علِمتْ أشياخُ جُوثَةَ أنه / أمدُّهُمُ باعاً وأبطشُهم يدا
لهم واصَلَ الطعنَ الخِلاجَ فأصبحت / تَشَكَّى الردينياَّتُ منه تأوُّدا
رأى الودَّ لا يُجدى وليس بنافع / سوى نقماتِ السيف والرمح في العدا
فما يقتنِى إلا حساما مهنداً / وأسمرَ عسَالاً وأقودَ أجردا
متى يَرْمِ قوما بالوعيد وإن نأت / ديارهُمُ عنه أقام وأقعدا
وما الرمح في يمنَى يديه مسدَّدا / بأنفذَ منه سهمَ رأىٍ مسدّدا
صهيلُ الجياد المقرَباتِ غِناؤه / فلو سمّها الغَريضَ ومَعبْدا
ويُذكِره بزلَ النجيعِ من الطُّلَى / عِضارٌ جلبنَ البابلىَّ المبرَّدا
فلو لم يكن في الخمر للبأس مشبِهٌ / وللجود لم يجعلْ له الكأسَ مَورِدا
بعثت لسكّان العراقِ نصيحةً / متارِكةَ الرئبال في غِيله سُدَى
ولا تأمنوا إطراقَه إنّ كيْده / ليَستخرج الضبَّ الخبيثَ من الكُدَى
أرى لك بالعلياء نارا فَراشُها / ضيوفُك يُقرَوْنَ السَّدِيفَ المسَرْهَدا
فلا تُفنِيَنَّ العِيسَ بالعَقْر إنها / متى تَفنَ تجزُرْهُم إماءً وأعبُدا
وكم موقفٍ أسكرتَ من دمِه القنا / وأشبعتَ فيه السيفَ حتى تمرَّدا
ولو تجحد الأقرانُ بأسَك في الوغى / أتتك النسورُ بالذي كان شُهَّدا
إليك نقلناها أخامصَ لم تجد / سوى بيتك الأعلى مُناخا ومَقصِدا
ولو بُعدَ المسَرى زجرنا على الوجَى / أغرَّ وجيهيٍّا ووجناءَ جَلْعَدا
ومثلك من يرجو الأسيرُ فِكَاكَه / ولو كان في جَور الليالي مقيَّدا
لئن كنت في هذا الزمان وأهله / كبيراً لقد أصبحت في الفضل مفردا
ماذا يَعيبُ رجالُ الحىِّ في النادي
ماذا يَعيبُ رجالُ الحىِّ في النادي / سوى جنوني على أُدمانةِ الوادي
نعَمْ هي الزادُ مشغوفٌ بهِ سَغِبٌ / والماءُ حامت عليه غُلَّة الصادي
يا صاحبى أنتَ يومَ الرَّوع تُنجدْنى / فكيف يوم النوى حرَّمتَ إنجادي
وما سلكتُ فجِاج الحبِّ معتزما / حتى ضمِنتُ ولو بالنفس إسعادي
من أين تعلَمُ أنّ البينَ وخزَتُه / في القلبِ أسلمُ منها ضربةُ الهادي
لا دَرَّ دَرُّك إن ورَّيتَ عن خبري / إذا وصلتَ وإن أشمتَّ حُسّادي
قُلْ للمقيمين بالبطحاءِ إنَّ لكم / بالرقمَّتين أسيرا ماله فادي
بين العواذل تطويه وتنشُره / مثلَ المريِض طريحا بين عُوَّادِ
ليتَ الملامةَ سدَّت كلَّ سامعةٍ / فلم تجد مسلَكا أُرجوزةُ الحادي
أكلِّف القلبَ أن يهوَى وأُلزمه / صبرا وذلك جمعٌ بين أضدادِ
وأكتُم الركبَ أسرارى وأسألهم / حاجاتِ نفسي لقد أتعبتُ رُوّادي
هل مدلجٌ عنده من مُبكرٍ خبرٌ / وكيف يعلم حالَ الرايح الغادي
وإن رويتُ أحاديثَ الذين نأَوا / فعَنْ نسيم الصَّبا والبرقِ إسنادي
قالوا تعَوّضْ بغِزلان النقا بدلا / أمقنعى شِبْهُ أجيادٍ لأجياد
إن الظباءَ التي هام الفؤادُ بها / يَرعَينَ ما بين أحشاءٍ وأكبادِ
سَكَنَّ من أنفس العُشّاق في حَرَمٍ / فليس يطمع فيها حبلُ صيَّادِ
هيهات لا ذقتُ حُلوا من كلامكمُ / قد بان غدركُمُ في وجه ميعادي
ولا جعلتُ اللَّمى وِرْدي وقد ضمِنتْ / غمامةُ الجود إصداري وإيرادي
في شَرف الدّين عن معروفكم عِوضٌ / كرامةُ الجارِ والإيثارُ بالزادِ
للطارقِ الحكمُ في أعناقِ هَجمِته / ولو تقراَّه ذئبُ الرَّدهةِ العادي
نادتْ هلَّم إلى الشِّيَزى مكارمُهُ / فنُبنَ في الليلِ عن نارٍ ووقَّادِ
يَشفِين من قَرِم الضِّيفانِ عند فتىً / لا يزجرُ السيفَ من عُرقوبِ مِقحادِ
مباحُ أفنيةِ المعروفِ ليس له / بابٌ يعالجه العافى بمِقلادِ
فلا وكاء على عينٍ ولا ورقٍ / ولا رِعاء لأزرابٍ وأذوادِ
أجدَى فلم يَرذُجرا في خزائنه / إلا قناطيرَ من شكرٍ وإحمادِ
في كلِّ يومٍ يُرينا من مواهبه / بِرًّا غَريبا وفضلا غيرَ مُعتادِ
شريعةٌ في النّدَى ضلوا فدلّهُمُ / على مناهجها خِرّيتُها الهادي
قاضي اللُّبانةِ لم يفطِن لها أملٌ / كأنّه لهوى العافى بمِرصادِ
له قِبابٌ بطيب الذكرِ شيَّدها / فما دُعِمنَ بأطنابٍ وأوتادٍ
يا بحرُ إن شئتَ أن تحِكى مواهَبهُ / فدع مَخُوفَيْكَ من هَيْج وإزبادِ
قد ساجمَ العارضَ الهامي وزايدَه / حتى استغاث بإبراق وأرعادِ
لله أىّ زلالٍ في مَزَداتِهِ / والظِّمءُ يَخلِطُ فُرَّاطا بُورّادِ
اُنظر إليه ترى من شأنِهِ عجبا / زِىَّ الملوك على أخلاقِ زُهّادِ
إن قال قومٌ له مِثلٌ يقلْ لهُمُ / من ماثلوه به جئتم بإلحادِ
لا تكذُبنَّ فهذا الشخصُ من نفرٍ / لم يخلُق اللهُ منهم غيرَ آحادِ
شرائطُ المجد كلٌّ فيه قد جُمِعتْ / جمعَ حروِف التهجِّى في أبي جادِ
أرِحْ بنانَك من حُسبانِ سؤدده / إن الكواكبَ لا تُحصَى بأعدادِ
وهل يفوت المعالي من أحاط بها / بنفسه وبآباءٍ وأجدادِ
إذا الفخارُ رمَى الفُتيَا إلى حَكَمٍ / وافَى ينافر أمجادا بأمجادِ
على المهابةِ قد زُرَّت بَنائقُه / كأنّه لابسٌ لِبداتِ آسادِ
لذاك صُعِّر خدٌّ غيرُ منعفرٍ / له وخرَّ جبينٌ غيرُ سَجَّادِ
تطأطأ المجدُ حتى صار فارسَه / ثم اشمخرّ فلم يلطأ لصعَّادِ
فكيف لا ترهبُ ألأعداء نقمتَه / وبطشُها كصنيع الريح في عادِ
صوارمٌ من صواب الرأى يطبعها / وصانعُ المكرِ يكسوها بأغمادِ
إذا انتْتُضِينَ وما يَظهرنَ من لَطَفٍ / فرّقن ما بين أرواح وأجسادِ
وللمكايد سيفٌ غيرُ منثلمٍ / وللخدائع رمحٌ غيرُ منادِ
في أيِّما جانبٍ من حزمهِ نظروا / لم يجدوا مطلعا فيه لأَفنادِ
تخافُ عزمتَه الإبْلُ التي خُلقتْ / أخفافُهنَّ لتهجيرٍ وإسآدِ
وتتقيه العِتاق القُبُّ سائمةً / تطويحَها بين أتهامٍ وأنجادِ
أليس ناظمها عِقدا له طَرَفٌ / بالرىّ والطرفُ ألأقصى ببغدادِ
مكَّلفات بساطَ الدوّ امسَحه / بأسؤقٍ وبأعناقٍ وأعضادِ
كأنَّ آثارَ ما داست حوافرُها / دراهمٌ بَدَدٌ في كفِّ نقَّادِ
طورا تَسامَى على يافوخِ شاهقةٍ / بها السمواتُ ظُنَّتْ ذاتَ أعمادِ
وتارةً ترتمى في صفصفٍ قُذُفٍ / للآلِ يُكذَب فيه كلُّ مُرتادِ
حتّى شَتَيْنَ بنيسابورَ باليةً / إلا عِظاما مُواراةً بأجلادِ
في شَتوةٍ شَمِطَ الليلُ البهيمُ بها / تُضاحِك الريحَ ما هبَّتْ بصَرَّادِ
كأنَّ في أرضها أنْسَاجَ قِبْطِيَةٍ / أو السماءَ استعارت بَرْسَ نَجَّادِ
يا من يشاوَرُ في قُرب وفي بُعُدٍ / ومن يُعَدُّ لإصلاحٍ وإفسادِ
إن الإمامَ مذ استرعاك دولتَهُ / غَنِى برأيك عن تجهيز أجنادِ
إن مرِضَتْ ليلةٌ عُمىٌ كواكُبها / قدحتَ فيها بزنَدٍ غيرِ صَلاَّدِ
فهذه ألأرضُ قد عَجَّت بدعوتهِ / في كلِّ قُطرٍ خطيبٌ فوق أعوادِ
عونٌ من الله لم يضشهد وقيعتَه / إلا كتائبُ توفيقٍ وإرشادِ
وحسنُ تدبيرك المُردِى أعاديَهُ / مقرَّنين بأغلالٍ وأصفادِ
فأىُّ فظٍّ عليها غيرُ منعطفٍ / وأي صعبٍ حرون غيرُ منقادِ
وفي خراسانَ قد شِيدتْ مآثره / أرَّخَها صيتُها تاريخَ ميلادِ
بين الخليفةِ والمَلْكِ المطيعِ له / أبرمتَ وصلةَ أولادٍ لأولادِ
شمسٌ وبدرٌ لويتَ العَقدَ بينهما / لولا الشريعةُ لم يوثَق بإشهادِ
فليس كالصِّهر في سهلٍ ولا جبل / وليس كالحمو في حَضْرٍ ولا بادِ
فيا له شرفا أحرزتَ غايتَه / فلم تدع فضلةً فيه لمرتادِ
وما بلوغُك في العلياء آخَرها / بمانعٍ كَرَّةَ المستأنِف البادي
تسومني أن أُنير القولَ فيك وما / يُغني المرقَّشُ من تفويفِ أبرادِ
بل كلُّ مدحِك أمرٌ ليس من حِيلى / وكنْهُ وصفك ثِقلٌ ليس في آدى
إنَّ القوافى وإن جاشت غواربُها / لا يُستطاه بها تحويلُ أطوادِ
فإن رضيتَ بميسورى فهاءِ حُلىً / مَصُوغة بين أفكاري وإنشادي
فلن تعوزَيدَ الغوَّاص من صدفى / فريدةٌ وُسِّطتْ في سِلك عقَّادِ
أُعابُ بالشعر لا أبغى به عِوضا / ولا يُعاب أناسٌ غيرُ أجوادِ
لكنّني في أناسٍ إن سألتُهُمُ / لم يعرفوا الفرق بين الظاء والضادِ
ما دمتَ سمعا وعينا في الزمان لنا / فكلُّ أيامِه أيامُ أعياد
النجاءَ النجاءَ من أرضِ نجدِ
النجاءَ النجاءَ من أرضِ نجدِ / قبلَ أن يعلَق الفؤادُ بوجدِ
إنّ ذاك الثرى لَيُنبتُ شوقا / في حشَا ميِّت اللُّباناتِ صَلدِ
كم خلٍّى غدا إليه وأمسَى / وهو يَهذِى بعلَوةٍ أو بهندِ
وظباءٍ فيه تُلاقِى المُوالى / والمعُادى من الجَمال بجنُدِ
بشتيتٍ من المباسم يُغرى / وسَقامٍ من المحاجر يُعدى
وبنانٍ لولا اللطافةُ ظُنَّتْ / لجِناياتها براثنَ أُسْدِ
وحديثٍ إذا سمعناه لم ند / رِ بخمرٍ نضَحنَنا أم بشهدِ
أنِفتْ من براقع الخزِّ والق / زِّ خدودٌ قد برقعوها بوَردِ
وغَنُوا عن خدورهم مذ تغطَّوا / عن محبيّهمُ ببعدٍ وصدِّ
أمُقاما بعالجٍ والمطايا / عَرضَ يبرينَ بالظائعن تَخدِى
لا الحمىَ بَعدكم مُناخٌ ولا ما / ءُ اللوى إذا هجرتموه بوِرْدِ
والفؤادُ الذي عهدتم جَموحا / راضه طولُ جَوْركم والتعدّى
ما تُريدون من دلائلِ شوقى / غيرَ هذا الذي أُجِنُّ وأُبِدى
كبِدٌ كلّما وضعتُ عليها / راحتى قيلَ أنت قادحُ زَندِ
وجفونٌ جرينَ مدًّا وماءُ ال / بحر يرتاحُ بين جزرٍ ومدِّ
يا بنى مُرّةَ بن ذُهلٍ أبوكم / ما أبوكم وجَدُّكم أيّ جَدٍّ
غُرَرٌ في وجوهِ بكَرٍ وبكَرٌ / شامةٌ عمَّمت رؤوسَ مَعَدِّ
من شبابٍ في الحِلم مثلِ كُهول / وكُهولٍ نزَّاقةٍ مثلِ مُردِ
أنا منكم إذا انتهينا إلى العر / ق التففنا التفافَ بانٍ يرنْدِ
نسبٌ ليس بيننا فيه فرقٌ / غير عيشَىْ حضارةٍ وتَبدِّى
لكم الرمحُ والسِّنانُ وعندى / ما تحبُّون من بيانٍ ومَجدِ
خلِّصونى من ظَبيكم أو أنادى / بالذي يُنقذ الأسارَى ويفدى
بأبي القاسم الذي غرس الأف / ضال في ربوتَىْ ثناءٍ وحمدِ
كلّما هبّ للسؤال نسيمٌ / فوق أغصانه انتثرنَ برِفدِ
في بديه غمامتان لظلٍّ / ولقَطرٍ من غير برقٍ ورعدِ
أَذِنَ البشرُ للعُفاة عليه / حين ناداهم القُطوبُ بردِّ
واصطفى المكرُماتِ حتى لقلنا / أبِرِقٍّ إنتاجُها أم بَعقدِ
فَرْقُ ما بينَه وبين سواه / فَرْقُ ما بين لُجِّ بحرٍ وثَمْدِ
أيُّ عُشبٍ في ذلك الأبطحِ السه / ل وماءٍ لمَرتَعٍ ولوِردِ
لا تراه إلاّ على كاهل العز / مِ يسوق العُلا بجَدٍّ وجِدِّ
كم عدوٍّ أماته بوعيدٍ / وَولىٍّ أحياه منه بوعدِ
لستَ تدرى أمن زخارف روضٍ / صاغه اللهُ أم لآلىءِ عِقدهِ
وبحسن الفعال ينتسب القو / مُ إلى المجد لا بَقْبلٍ وبَعدِ
مُطلِعٌ في دُجى الخطوبِ إلا أظ / لمنَ من رأيه كواكبَ سَعدِ
عزماتٌ لا تستجيب لراقٍ / وحلومٌ لا تُستثار بحِقدِ
ومَضاءٌ لو أنه كان للسي / ف لما هوَّمَتْ ظُباه بغِمدِ
قد رأينا فيه عجائبَ منه / نّ ثمارٌ يُجنَيْن من عُودِ هِندِ
أسرَ الناس بالعوارف والنُّع / مَى على الحرِّ مثلُ رِبَقةِ قِدِّ
ليس يَرضَى من الملابس إلاّ / ما يُنير الثناءُ فيه ويُسدى
أبدا تسأل النواظرُ عنه / أبشكرٍ قد اكتسى أم ببُردِ
أحصِن ما شئتَ من حصىً وقُطارِ / فمعاليه ليس تُحصَى بَعدِّ
وعيونُ الحسّادِ إن نظرَته / فبصُورٍ من المساءة رُمْدِ
يا أعاديه لو عُدِدتم كيأجو / جَ رماكم من كيدِه خَلفَ سدِّ
وسواء إذا جرى في مَداه / أباخلاقه جرى أم بُجردِ
قَصَبٌ للسباق ليس يُصَلِّي / ها خوافى النسور إلا بكدِّ
زادك الله ما شتاءُ مَزيدا / سيلُه غيرُ واقفٍ عند حدِّ
في ربيعٍ نظيرِ جنَّاتِ عَدنٍ / وديارٍ جميعُها دارُ خُلدِ
إن أغِبْ عنك فاللسانُ بشكرى / غيرُ ناءٍ ولا الفؤادُ بحمدِى
وهما الأصغران لولاهما كا / ن البرايا أمثالَ صُحْرٍ ورُبْدِ
أخبرُ الناسَ تَقْلُهمُ أو تصِلْهم / هل يحاز الدينار إلا بنقدِ
مرضٌ بقلبك ما يعادُ
مرضٌ بقلبك ما يعادُ / وقتيلُ حب لا يقادُ
يا آخر العشّاق ما / أبصرتَ أوَّلهم يذاد
يقضِى المتيَّم منهمُ / نحبا ولو رُدُّوا لعادوا
ملكوا النفوسَ فهل لنا / من بعدها ما يسترادُ
أبداً جناياتُ العيو / ن بحَرِّها يَصلَى الفؤادُ
ما خلتُ غِزلان اللِّوى / كظباءِ مكَّةَ لا تصادُ
يقظان تَنصلُ أحبُلى / عنها ويقنِصها الرقادُ
بالعذلِ تُوقَد لوعتى / وبقَدحِه يُوَرى الزنَّادُ
لم يستطعْ إطفاءَها / دمعٌ كما انخرقَ المَزادُ
لا تنكرا جُرحى فلل / عذَّال ألسنةٌ حِدادُ
طمعٌ وأنتَ برامةٍ / فيمن تضمَّنه النِّجادُ
والحىّ قد هَبَطتْ خيا / مُهُمُ وقعقعقت العمادُ
والوَردُ من زَهر الخدو / د كِمامهُ الكِدَلُ الوِرادُ
لو يسمحون بوقفةٍ / أبتَ المطايا والجيادُ
ظعنوا بأقمارٍ علي / ها تُحسدُ الكومُ الجِلادُ
ولأجلها غَبَط الغَبي / طَ حجابُ قلبي والسوادُ
فيقول أيّ الحالتي / ن أشدُّ هجرٌ أم بعادُ
تعفو المنازلُ إن نأَوا / عنها وتغبرُّ البلادُ
والحىُّ أولَى بالبِلى / شوقا إذا بَلىَ الجمادُ
ما ضرَّهم والحسنُ لا / يبقىَ لو امتنُّوا وجادوا
أتُرى حرامٌ أن يُرَى / في الناس معشوقٌ جوادُ
لعبٌ مفاتيحُ الهوى / والحرب أوّلُها طِرادُ
أوَ ما رأيت فتى قري / شٍ وهو للجُلَّى عَتادُ
وله المعاني المستد / قَّةُ والكلامُ المستفادُ
وأَصالةٌ في الرأى بالسِّ / حر الموشَّى لا تُكادُ
وشواردٌ في القول قد / قُرِنتْ بها السَّبْع الشِّدادُ
كالهرقليَّاتِ النوا / صعِ ليس يَنفيها انتقادُ
فكأنه قَسٌ وها / شمُ حولَ منطقِهِ إيادُ
كيف ارتعَى زَهر الصبا / بةِ والغرامُ له قيادُ
بعد التخيُّل والمِرا / حِ ونَى وذلّلهُ القيادُ
نشوان لا في عطفه / بطرٌ ولا في الرأس صادُ
فبه فلانٌ أو فلا / نٌ لا سُلَيمى أو سعادُ
يرضَى بطيفٍ قال مو / عدُنا الحشيَّةُ والوِسادُ
وتُحَلُّ عُقدةُ نُسكهِ / بالشيء لفّفه البِجادُ
يا مُصعبَا جرّته في / أرسانها اللِّممُ الجِعادُ
واستهدفته ال / لحظات مثنىَ أو أُحاد
واستعطفته روادفٌ / كُثبانها نِعمَ المِهادُ
ولَمىً رضابُ النحل يش / هد أنَّ ريقتَه شِهادُ
ولربما خار الجلي / دُ وغُلِّطَ الرأى المرادُ
قد كان قبلك في سبي / ل الحبّ لي أبدا جِهادُ
حتى خبا ذاك الضرا / م وغاية النار الرَّمادُ
وإذا رأيتَ الكون فاع / لمْ أن سيتبعُهُ الفسادُ
واعجب لقومٍ في الزما / ن على السفاهة كيف سادوا
لا عندهم كَلِمٌ تَغ / رُّ ولا نُضارٌ يستفادُ
أستغفر الله العل / ىَّ لقد تذأَّبت النِّقادُ
تمدحُ عمروا وتُريد رِفدا
تمدحُ عمروا وتُريد رِفدا / ياما خض الماءِ عَدِمتَ الزُّبْدا
رأيتَ منه شارةً وقَدَّا / ومِشْوَذاً مُفوَّفا وبُردا
فخلتَ إنسانا فكان قِردا / يا ربما ظُنَّ السرابُ وِردا
زوَّج اللهوُ يابنةِ العنقودِ
زوَّج اللهوُ يابنةِ العنقودِ / خاطباً بالبسيط أو بالنشيدِ
وتمام الإملاكِ في شاهدَىْ عَد / لٍ هما في حضور يسودُ كلَّ العقودِ
عينى التي علِقتْ حبائُلكم بها
عينى التي علِقتْ حبائُلكم بها / والحسنُ للعين الطموحةِ صائدُ
وخدعتمُ سمعى بطيبِ حديثكم / ومن الكلام لآلىءٌ وفرائدُ
وتردّد الأنفاسِ مَلّكَ عرَفكم / ما ليس يبلغُه العبيرُ الجاسدُ
وأحلتمُ قلبي على أخلاقكم / فإذا السُّلافة والزلالُ الباردُ
وبقى لساني وحدَه لي زاجرا / هيهات لا غَلَبَ الجماعةَ واحُد
لا تغتبط يا بنَ الحُصَينِ بِصبيَةٍ
لا تغتبط يا بنَ الحُصَينِ بِصبيَةٍ / أضحت لديك كثيرة الأعدادِ
لا فخرَ فيك ولا افتخارٌ فيهمُ / إن الكلابَ كثيرةُ الأولادِ
ودادُك في قلبي ألذُّ من المُنَى
ودادُك في قلبي ألذُّ من المُنَى / وذكُرك أحلَى في اللَّهاة من الشّهدِ
فلستُ بمحتاج إلى أن تُعينَه / بما نتجَتْه الباسقاتُ من الولدِ
ولكنّما أذكرتَنى بشمائل / جعلنَ على المُهدَى الفضيلة للمُهِدى
أتتنا هداياك التي لم نجد لها / جزاء سوى الشكر المكلَّل بالحمدِ
معاليقُ ياقوت تخالُ ثقوبها / بأَبشِيز كاتِ التّبر نُظِّمنَ في عِقدِ
وإنّ نتاجَ النحلِ والنخلِ واحدٌ / وهل بين شكل الحاءِ والخاءِ من بُعدِ
أتت في مُروطٍ من يراعٍ كأنها / من القصَب المصرىِّ تختال في بُردِ
وقد قدَّرتْ كفُّ الصَّناعِ التئامَها / كتقدير دوادَ المساميرَ في السَّردِ
تعانقنَ فيها كاعتناق حبائبٍ / فما نتعاطاهنَّ إلا على جهدِ
إذا فرّقتهنّ البنانُ تشبَّثت / بمثل هَباء الشمسِ خوفا من البُعدِ
وأخرى تجلَّت في قميِص زجاجةٍ / كما ضُمِّن القنديلُ لألأةَ الوقْدِ
نفَوا قلبها القاسي وآووا مكانَهُ / رقيقا وإن ساواه في اللون والقدِّ
فو الله ما أدرى أذاك نَحِيتةٌ / من الزُّبد أم هذا مصوغٌ من الزُّبِد
بكا للتنائى بعضُها فوق بعِضها / دماً مُجْسَدا في صِبغة اللحم والجلد
وزادت بلون الزعفران تصبُّغا / ولا تَشنَعُ الحسناءُ من حمرةِ الخدِّ
فتلك بَرانٍ أم مخازنُ جوهر / حُشينَ فريداتٍ من العنبر الوردِ
إذا قلَّبتهنّ الأكفُّ تعجُّبا / توهّمها الراءون تلعبُ بالنَّردِ
وشهباء يُستجلَى الضَّريبُ بلونِها / وطينتُها من عنصر الحَجر الصَّلدِ
مقابَلة الأضلاع كان مثالُها / قياسا لذى القَرنَين في زُبَر السدِّ
عَدُوَّة مانى في البياض كأنّها / ولونَ المشيبِ قد أقاما على عهدِ
وما عطَّر الأثوابَ مثلُ مقدَّمٍ / على المسك والكافور والعُودِ والنَّدِّ
أيادٍ توالت منك عًجلَى كأنها / شَرارٌ أطارته الأكفُّ من الزَّندِ
وإنىَ في عَجزى عن الشكر سائلٌ / مساعدتى مَن كلَّم الناسَ في المهدِ
لم أبكِ أن رحلَ الشبابُ وإنما
لم أبكِ أن رحلَ الشبابُ وإنما / أبكى لأنْ يتقاربْ الميعادُ
شَعرُ الفتى أوراقُه فإذا ذوَى / جَفَّت على آثاره الأعوادُ
جاريتُ في الحبِّ أَطلاقا بلا أمدِ
جاريتُ في الحبِّ أَطلاقا بلا أمدِ / فها أنا سابقُ العُشّاقِ بالكمدِ
ما يستطيل فؤادى في الهوى سَفَرا / والهمُّ زادى وماءُ العين من عُدَدِى
خفْ يا مليكىَ أن يفنَى عذابُك لي / ولا تخفْ أننى أبقى بلا جَلَدِ
جيشٌ من الصبر عندى ليس يهزِمهُ / شوقٌ تُغير سَرَاياه على الكبِدِ
بلغتُ أقصىَ المَدى فيه وما ثلَمتْ / منه الوشاةُ فلم ينقُص ولم يزِدِ
إن الألى ملؤا الأجفانَ من مطرٍ / هم الألى ملؤا الأفواهَ من بَرَدِ
مَن نابُهُ شنَبٌ وظُفْرُه عَنَمٌ / فهو الغزال الذي يجنى على الأسدِ
نفسي إلى الله لا تشكو جفاءكمُ / ولا إليكم فهل تشكو إلى أحدِ
عَذبٌ من الماءِ قد سُدّتْ مواردهُ
عَذبٌ من الماءِ قد سُدّتْ مواردهُ / سيّانِ واجدُ ممنوع وفاقدُهُ
تجفو تعذَّرَ حِبٍّ لست تُبصرهُ / والمُرُّ حِرمانُ محبوبٍ تُشاهدُهُ
أرخى ذوائَبه دونى يُشكِّكُنى / أَهْى التي سترتُه أم ولائدُهُ
فليت قَدْ قَدَّ من جفنى يراقعَه / وإن كفَى فُصِّلتْ منهُ مجاسِدُه
القدُّ والخصر والطرفُ الكحيلُ له / فكيفَ يُلَغبُ مَن هذى مَكايدُهُ
وما أردتُ سلُواّ عن محبّته / إلا وقلبي على كُلِّى يُساعدُهُ