المجموع : 13
قالوا الرحيلُ غداً فَشَاهِدْنَا غدا
قالوا الرحيلُ غداً فَشَاهِدْنَا غدا / تَرَنَا أشَتَّ نوىً وأشْجَى مَشْهَدا
قلْ كيفَ يُشْفِقُ من مكابدةِ الأَسَى / من ليس يَفْرَق من مُكَابدة العدا
ذَكَرَ الحمى فبكى إليه صَبابةً / حتى بكى معه المُفَنِّدُ مُسْعِدا
ويلاهُ من ذِكَرٍ جميعٍ شملُهَا / بَدَّدْنَ شَمْلَ دموعِهِ فتبدّدا
وطلابُهُ ما لا يُنَالُ ضلالةٌ / يا بُعْدَ ما بَيْنَ الضَّلالةِ والهُدَى
استنفدِ الدمعَ إنَّ الوَجْدَ قد فُقِدَا
استنفدِ الدمعَ إنَّ الوَجْدَ قد فُقِدَا / لا يُحْسِنُ الدَّهْرُ رُزْءاً مِثْلَهُ أبَدا
وَقُلْ لِصَرْفِ الزمانِ اختلْ على ثِقَةٍ / من السّباقِ فقد أحْرَزْتَ كلَّ مَدَى
اليومَ حينَ لففتَ المجدَ في كَفَنٍ / نفسي الفداءُ على أنْ لاتَ حين فِدَا
يا حسرةً نَشَأَتْ بين الضُّلوعِ جَوىً / ما ضرَّ لاعِجَها أنْ لا يكونَ ردى
في ذمَّةِ الله قَبْرٌ ما مَرَرْتُ به / إلا اختُلِسْت أسىً إنْ لم أمُتْ كمدا
تَضَمَّنَ الدينَ والدُّنْيا بأَسرِهمَا / والعزمَ والحزمَ والإيمانَ والرَّشدا
والسؤددَ الضخمَ مضروباً سُرادِقُه / قد ودَّتِ الشمسُ لو كانتْ له عمدا
ملء القلوب جلالاً والعيونِ سناً / والحرب بأساً وأكناف النديِّ ندى
منْ لا يُقدِّمُ في غير العلا قدماً / ولا يمدُّ لغير المكرماتِ يدا
أوْدى الزمانُ وكيف اسطاعَهُ بفتىً / قد طالَ ما راحَ في أتباعه وغدا
كأنَّه كان ثأراً باتَ يَطْلُبُهُ / حتّى رآه فلم يَعْدِلْ به أحدا
يا يوْمَ مَنْعَى عبيد الله أيُّ أسىً / بينَ الجوانحِ يأبى أن يُجيبَ ندا
وأي غرب مصاب لا يكو كفه / دمعي الهتون ولا أنفاسي الصعدا
ولا البلابلُ مِنْ مثنى وواحدةٍ / باتَتْ تُسلُّ سُيوفاً أو تُسنُّ مُدى
ولا الهمومُ وقد أعْيت طوارقها / كأنما بِتنَ لي أوْ للدُّجَى رصدا
ألاَ لِتَبْكِ قَنَاةُ الدِّينِ حَطْمَتَها / لماجدٍ لم يَدَعْ في مَتْنِهَا أوَدَا
مُهَذَّبٌ لم يهزَّ الحمدُ مِعْطَفَهُ / إلا تَهَلَّلَ مجداً واستهلَّ جدا
تودُّ بيضُ الأماني كلَّما سَنَحتْ / لو حاسَنَ الحَلْيَ في أجيادها غَيدَا
قلْ للدُّجَى وقد التفَّتْ غَيَاهِبُهَا / فلو تَصَوَّبَ فيها الماءُ ما اطَّردا
إنَّ الشّهابَ الذي كُنَّا نجوبُ به / أجوازَهخا قد خبا في التُّرْبِ أو خَمدا
لهفي ولهف المعالي جار بي وبها / صَرْفُ الرَّددى وأرانا أيَّةً قَصَدا
يا صاحبيَّ ولا يحبسْكُما ظمأٌ / طال الهُيَامُ وهذي أدْمُعي فَرِدا
وحدِّثانيْ عن العَلْيا وقد رُزِئَتْ / مسنونَها اللدنَ أو مصقولَها الفَرِدَا
أجِدَّها قد عداها بعد أوْبتِهِ / عن أنْ تهيمَ بذكراه وأن تَجِدَا
واهاً وُتِرَتْهُ ثم قد عَلِمَتْ / أن لا تنالَ به عَقْلاً ولا قَوَدا
ولم تزلْ حولها للحربِ أوديةٌ / تموجُ بالخيلِ فوْضى والقنا قِصَدا
هل نافعي والأماني كلُّها خُدَعٌ / قولي له اليومَ لا تَبْعَدْ وقد بَعُدا
وهل أتاهُ وليست داره صَدَداً / أنّي أُداري عليه لوعةً صَدَدا
وهل تَذَمَّمَ هذا الرزءُ من قَلَقٍ / قام المصابُ به أضْعافَ ما قعدا
أما ويَوْمش عبيدِ الله وهو اسى / لقد تخيّرَ هذا الموتُ وانْتَقدا
يا ماجداً أنجزَ العلياءَ مَوْعِدَها / أَليومَ انجزَ فيكَ الموتُ ما وعدا
إن الفؤادَ الذي مازلت تَعْمُرُهُ / قد رِيعَ بَعْدَكَ حتى صار مُفتأَدا
غادرتَ عينيَّ ملآوينِ من عِبَر / لا تَرْقُدَانِ ولا بؤسَى لِمنْ رَقَدا
شمسَ المعالي وقِدماً كنتَ شامتَهَا / فكمْ غضِبْتَ لها من أن تَظلْ سُدى
إيذَنْ بجدواكَ تُدْرِكْنا وكيفَ با / وقد ضَمِنْتَ لنا أن لا نموتَ صدا
هيهاتِ صَرَّحَ فيك الموتُ عنْ نبأٍ / كَنَى الزمانُ به عن نَقْضِ ما عَهِدَا
إذا وَنَتْ فيكَ خَيْلُ الدَّمْعِ جَدَّ بها / مُجْرٍ من الشَّوقِ لم يَحْدُدْ لها أمَدا
وإنْ تراءى لها السُّلوانُ طَالَعَها / ضَنْكٌ من العيشِ سلَّ الروحَ والجسدا
يا ليت شعري وهل يَثني الرّدى جَزَعٌ / عاد التبلُّدُ في سَوْراته وَبَدَا
وهل يعودُ على الماضي بعائدةٍ / إذ لا تجلُّدَ للباقي ولا جَلَدا
متى تَكاثَرُ لوعاتُ الغرام به / يهَنيه إنْ ربمَّا كانتْ لها مَدَادا
يا غادياً لم يكن شيءٌ يقومُ له / إما تَوَقَّاكَ صَرْفُ الدهرِ حين عدا
تبكي عليكَ ولا عارٌ ولا حَرجٌ / هدايةٌ كنتَ من إعلامِهَا وهدى
أبا الحسينِ ولا ادعو سوى وَزَرٍ / قد طال ما غاثَ أحباباً وغاظَ عِدَا
ويا أبا الحَكَمِ السَّامِي بهمَّتِهِ / إلى المكارمِ لا نِكْساً ولا جَمِدَا
ويا أبا القاسمِ الميمون طائرُهُ / في كلِّ ما ذمّ منه الدهرُ أو حَمَدا
عزاءَكم إنَّما الدنيا وزينَتُها / بحرٌ طَفوْنا على آذيهِ زَبَدا
واستشعرِوا الصبرَ عنه فارساً نَدِساً / لا تستطيعُ الليالي حلّ ما عَقَدا
رزءٌ تداري المعالي فيه أنْفُسها / عن لوعةٍ ملأت أحشاءَها زُؤدا
جادتْ ثراهُ فروّتهُ مجلجلةٌ / تكادُ تروي صداهُ العيشةَ الرغدا
منْ كلِّ غاديةٍ ما باشرَتْ بلداً / إلا ترنَّحَ ضاحي تُرْبِهِ وشدا
سَلِ المنايا على علمٍ وتَجْرِبَةٍ / في أيِّ شيءٍ بغى الإنسان أو حسدا
تَنافَسَ الناسُ في الدنيا وقد علموا / أن سوف تقتلُهُمْ لذّاتُهُمْ بددا
تبادَرُوها وقد آدَنْهُم فَشلاً / وكاثرُوها وقد أحصتهمُ عددا
قلْ للمحدِّثِ عنْ لقمانَ أو لُبَدٍ / لم يتركِ الدهرُ لقماناً ولا لبدا
وَللَّذي هَمُّهُ البنيانُ يَرْفَعُهُ / إنّ الردى لم يغادرْ في الشَّرَى أَسَدا
ما لابنِ آدمَ لا تَفْنَى مَطَالِبُهُ / يَرْجُو غداً وعسى أنْ لا يعيشَ غدا
يمينُكَ أوْرَى إنْ قدحتَ من الزّنْدِ
يمينُكَ أوْرَى إنْ قدحتَ من الزّنْدِ / ووجْهُكَ أجْدَى إنْ قَدِمْتَ من السَّعْدِ
وعزْمُكَ أمْضَى حين يَشْتَجِرُ القَنَا / من الأسمرِ الخطّيِّ والأبيضِ الهندي
وذكرُكَ أحْلَى أو ألذُّ منَ المُنَى / وإن قيلَ أحلى أو ألذُّ من الشَّهد
وقربُكَ أَوْفَى بالمكارمِ والعُلاَ / من الحر بالمأثور أو كرم العهد
نَهَجْتَ سبيلَ المجدِ من بعدِ ما عَفَتْ / ومحت كما محت وشائع من برد
فلا يَتَعَامَوْا أو فلا يَتَوَاكَلُوا / فقد عَرَفُوا كيفَ الطريقُ إلى المجد
ودونهمُ فليقتدُوا بابن حُرّةٍ / أشاعَ الفَعالَ الحرّ في الزّمن العبد
له آثرٌ في كلِّ شَرْقٍ وَمَغْرِبٍ / به تَهْتَدِي الزُّهْرُ الكواكبُ أو تَهْدي
بأروعَ مِنْ سَعْدِ العشيرةِ كاسْمِهِ / وَنِسْبَتِهِ ما أشبَهَ الأبنَ بالجدِّ
نماهُ أبيٌّ لا اعدِّدُ غيرَهُ / وفي شَرَفِ الوُسْطَى يُرَى شَرَفُ العِقْدِ
أإنْ صُلْتَ حتى هابَكَ السيفُ في الغمدِ / وَجُدْتَ فلم تتركْ متاعاً لمن يُجْدِي
مُدِحْتَ فَطَوْراً قيل كالمطرِ الحيا / نوالاً وطوراً قيلَ كالأسَدِ الوَرْدِ
كأنْ لَم يَروْا تلك المواهبَ كالمُنى / ولا شَهِدُوا تلك الخلائقَ كالشَّهد
ولا آنسوا نارَيْكَ للحربِ والفِرَى / يمينَكَ في كأسٍ ويسراك في زند
ولا انتجعُوا ذاك الجنابَ فخيَّموا / إلى الكَنَفِ المحلولِ والعيشةِ الرغد
تراهُمْ على ضَيْقِ المجال وَرُحْبِهِ / يُهِلَّون مِنْ مَثْنَى إليه ومنْ فرد
إلى ماجدٍ لا يُقْبِلُ المالَ نَظْرَةً / إذا لم يكنْ فيه نصيبٌ لمستجد
حسامٌ ولكنْ ربَّما ذُكِرَ النَّدى / له فثنى عِطْفَيْ قضيبٍ منَ الرّنْد
وَبَحْرٌ ولكنْ ما الحياةُ هَنِيّةً / بأطيبَ منه للعيونِ وَلِلْورِد
وطودٌ نَمَى زُهْرَ الكواكبِ من علٍ / وزادَ عليها بانتماءٍ إلى الأزْدِ
وماءُ سماءٍ كلَّما انهملتْ به / جرى في القضيبِ اللدنِ والصَّخرَةِ الصلد
بأكثرَ مما يدّعي البأسُ والنّدى / واكثرَ من جَهْدِ لاقصيدِ ومن جَهدي
مكارمُ قحطانيَّةٌ مَذْحِجِيَّةٌ / تعودُ على ما أفسدَ الدهرُ أو تُعْدي
بها قَطَعَ الركبانُ كلّ تَنُوفَةٍ / إذا هَبَطُوا غوراً تسامَوْا إلى نجد
سبقتَ العلا منذ اكتهلتَ إلى العلا / لعمرُك ما أَبْعَدْتَ لو كنتَ في المهد
ألا في سبيلِ اللهِ ليلٌ سهرتَهُ / تُساري النجومَ الزُّهْرَ في الظُّلَمِ الرُّبْد
إذا اعتكرتْ تلك الغياهبُ جُبْتَها / إلى نِيَّة جَوْرٍ وأُمْنِيّةٍ قصْد
إلى صورةٍ من عهدِ مأربَ خاصمتْ / سيوفُكُمُ عنها بأَلْسِنةٍ لُدِّ
وقد طَلَّحَتْ زُهْرُ النجومِ منَ السُّرَى / وَرَابَكَ في أجفانها أَثرُ السُّهد
بِطَاءٌ على آثارِ خَيْلِكَ تَشْتَكي / بِجَهْدِ سُرَاها ما طَوَيْنَ من البُعْدِ
سلِ الرومَ في أُقليشَ يَوْمَ تَجَايَشُوا / ألَمْ يعلموا أن الفرائسَ للأُسْدِ
تبارَوْا إلى تلك الحُتُوفِ فَسَلْهُمُ / أما كانَ عنها منْ محيصٍ ولا بُدِّ
ألم يكُ في الإسلامِ من مُتَعَرِّضٍ / بكفٍّ ولا في السَّلْمٍ من عَرَضٍ يَفْدي
ولا في جنودِ ا حين أتتكمُ / لها من قديرٍ يَدْفَعُ الهَزْلَ بالجِدِّ
غداةَ رماكمْ كلُّ طودٍ بمثلهِ / من القَصَبِ المنأدِّ والحَلَقِ السَّرْد
اعزّ من الهُضْبِ التي قَذَفَتْ بها / فما بالكمْ كنتمْ اذلّ من الوَهْد
ألم تزعموا أنّ الصليبَ وأنَّهُ / كأنكمُ لم تَسْمَعُوا بالقَنَا الملد
رُويدكمُ حتَّى تَوَوْا كيف تَرْتمِي / بأنفسكمْ بين الإجازة والردّ
وحتى تدوسَ الخيلُ أوْجُهَ فتيةٍ / كرامٍ عليها غيرِ شُؤْمٍ ولا نُكْدِ
وَتَخْرُجَ من ليلِ الغُبَار ولو ترى / شوازبَ تَرْدي تحت صمانةُ تردي
بكلِّ فتىً جلدٍ يخوضُ غمارَهَا / على كلِّ نهَّاضٍ بأعبائها جَلْدِ
هناك عرفتمْ أين أحمدُ منكمُ / وكان حريّاً بالبِدَارِ إلى الحمد
فَتَاها على مرِّ السنينَ وكهلُهَا / إذا هيَ جَدّتْ بالمشايخِ والمرد
وحامي حماها يومَ ترمي وتتقي / واسْوَتُها فيما تعيدُ وما تُبْدِي
وَمَنْ عُرِفَتْ سيما الوزارةِ باسْمِه / كما عُرِفَتْ تيماءث بالأَبْلَقِ الفَرْد
بأيِّ لسانٍ أو بأيةِ فكرةٍ / احَبَرُ شكري أو اعبَرُ عن وُدِّي
هززتَ أُبيّاً جين أرضاك عَزْمُهُ / حساماً صقيلَ المتنِ مُعْتدلَ الحدّ
وَصِفْتَ إلى مساءِ الربيعِ وَظِلِّهِ / فحسبُكَ مَن صَفْوٍ وناهيكَ من بَردِ
هما ورثا عبدَ المليك سَمَاحَهُ / وَنجْدَتَهُ وهذا يُعيدُ وذا يُبدي
فإن أَنشكَّرْ للربيعِ صنيعةً / فما زلتُ من نعماهُ في زَمنِ الورد
وإن اتحدثْ عن أُبيٍّ بفضْلِهِ / فعنديَ منْ تلك الأحاديث ما عندي
إليك القوافي كالنجومِ زواهراً / بما لك فيها من جهادٍ ومن جهد
فما يتعاطى تلك بَعْدَكَ ماجدٌ / وما يتعاطَى هذه شاعرٌ بعدي
أعِدْ نظرةً في صفحتيْ ذلك الخدِّ
أعِدْ نظرةً في صفحتيْ ذلك الخدِّ / فإني أخافُ الياسمينَ على الوَرْدِ
وَخُذ لهما دمْعي وعَلَلّلْهُما به / فإنَّ دمُوعيْ لا تُعيد ولا تبدي
وإلا ففي كأسِ المُدَامَةِ بلُغَةٌ / تقومُ مَقامَ الريِّ عندكَ أو عندي
وفي ريقكَ المعسولِ لو أنّ روضةً / تُعَلَّلُ بالكافور والمسكِ والرّنْدِ
وماء شبابي كانَ أعذب مورداً / لو أنّ الليالي لم تُزَاحِمْكَ في الوِرْد
مُنىً لا أُبالي أن تكونَ كواذِباً / فتفنى ولكنّ المَدَارَ على وَجْدي
أمِنْكَ الخيالُ الطَّارِقي كلّ ليلةٍ / على مِثْلِ حَدِّ السّيْفِ أو طُرّةِ البُردِ
يُبَاري إليّ الليلَ لو أنّ شافعاً / مِنَ النَّومِ أو لولا رقيبٌ منَ السهد
تَعَلّمَ مِنّي كيف يَنْعَمُ بالهوى / وَأشْقَى فهلا كانَ يَبْقَى على العهد
يَهُونُ عليهِ الوصلُ ما دامَ نازحاً / وأهونُ شيءٍ حين يَدنوُ إلى الصَدِّ
وليلةَ وافاني وقد نِمْتُ نَومَةً / وكنتُ أنا والنجمُ منها على وَعْد
ألمّ فحيَّا بين رُقْبَى وَرَقْبَةٍ / ولا شَيْءَ أحلى من دُنُوٍّ على بُعْد
وقد رَابَهُ لمحٌ من الليل في الدجى / كما لاح وَسْمُ الشَّيْبِ في الشَّعَر الجَعْدِ
رأى أدمعي حمراً وشيبيَ ناصعاً / وَفَرطَ نُحُولي واصْفراراً على خدِّي
فَودَّ لو أني عِقْدُه ووشاحُهُ / وإن لم يُطقْ حَمْلَ الوشاحِ ولا العِقْد
ألمَّ فأعْدَاني ضَنَاهُ وَسُهْدُهُ / وقد كان هذا الشوقُ أولى بأن يُعْدِي
وولَّى فلا تسألْ بحاليَ بَعْدَهُ / ولكنْ سلِ الأَيَّامَ عن حالِهِ بَعْدي
تفاوَتَ قومٌ في الحظوظ وسبلها / فَمُثْرٍ على حِرْصٍ وَمُكْدٍ على زُهْدِ
وأمَّا أنا والحضرميُّ فإننا / قَسَمْنَا العُلا ما بين غَوْرٍ إلى نجد
فأَبْتُ أنا بالشعرِ أَحمي لواءَهُ / وآب ابنُ عيسى بالسيادةِ والمجد
فتىً لا يُبَاليَ فوزَ مَنْ فازَ بالعُلا / إذا امتلأتْ كفَّا يديهِ مِنَ الحمد
وسيفٌ يباهي كلَّ سيفٍ بنفسِهِ / إذا السيفُ باهَى بالحمائلِ والغِمْدِ
ونجمُ سناءٍ أو سنا كلمَّا بدا / تهلَّلَ بالإسعادِ وانهلَّ بالسَّعْد
وطودٌ وما رَضْوَى بأكبرَ شيقةً / ولكن بعض القول أشهى إلى الرشد
وما بالُ رَضْوى إنما هو شاهِقٌ / رسا من أميلٍ عانكٍ أو صَفَاً صَلْد
وكم جَبَلٍ في الأَرضِ أشمخُ ذروةً / وأحمى حمىً لو أنَّ نَجْوَتَهُ تُجدي
وكانَ لهمْ في طورِ سَيْنَا شبيهُهُ / على خطأٍ مما ادَّعَوْا وعلى عَمْدِ
ولكنَّها طارتْ بِرَضْوَى مَطَارَهَا / ولم نر أحظى من مساعدةِ الجَدِّ
وبحرٌ ترى الألبابَ غائصة به / على اللؤلؤِ المكنونِ في الحَلِّ والعَقْد
تَرَاجَعَ عبراهُ وَعَبَّ عُبَابُهُ / ولا فُلْكَ إلا مِنْ رجاءٍ وَمِنْ وُد
فَعَرِّجْ بشطَبْهِ إذا كان ساكناً / خِلالَ جميمٍ ناضرٍ في ثرىً جَعْدِ
وإن ماجَ واسطعت الحزامةَ فَأْتِهِ / فإنَّ النجومَ الزَّهْرَ في الظلم الربد
بلغتُ بعيسى مُنْتَهى كلَّ سُؤْدَدٍ / فلستُ بمثرٍ إن حُرمتُ ولا مكد
وَدَعْ مالكاً حتى تَرَى كيفَ سَعْيُهُ / فما منكما من لم يَسُدْ وهو في المهد
هُوَ المجدُ منكمْ أَصْلُهُ وَفُرُوْعُهُ / تَرَدَّدَ بين الإِبنِ والأبِ والجد
أتتكَ قوافِي الشِّعْرِ وَفْداً عنِ الهوى / وبعضُ قوافي الشعرِ أَحْظَى من الوفد
أآذنةٌ عُلْياك لِلْعِيدِ إن دَنَا / على الطّائرِ الميمونِ والطّالَعِ السَّعد
وقد جاءَ يطْوي الأرضَ والدهرُ آخذٌ / بأيسرِ حظٍّ بينَ وَصْلِك والصَّدِّ
أمولايَ لم أَقْدُرْكَ قَدْرَكَ كُلَّهُ / ولكنه جُهْدُ القصائدِ لا جُهْدِي
فلم يبقَ إلا أن تسامحَ مُجْمِلاً / ومِنْ كَرَمِ المَوْلى مُسامَحَة العَبْد
طَلَبَتْ غِرّةَ الزمانِ الجماد
طَلَبَتْ غِرّةَ الزمانِ الجماد / نعم حِبُّ الربى وريُّ الوهاد
وأصاخت إلى الجنوب تَقَصَّى / أَثَرَ الجدب في أقاصي البلاد
كُلّما عَرَّجَتْ بوادٍ من الأر / ض حداها فحثّها ذكر واد
ديمةٌ سمحةُ القياد تناهى / ريقُها المحلَ وهو شوك القتاد
لو أَطافَتْ لأطفأتْ حُرَقاتِ / الوَجْدِ بينَ القُلوب والأكباد
أو تأتي لها الزمان لسامته / ارتجاع الأرواح في الأجساد
ربَّ مُستْوفَزٍ أقرَّ حشاهُ / هَوْلُ ذاك الإبراقِ والإرْعادِ
وكظيمٍ قد نفَّسَ الكربَ عنه / ضَحِكٌ في بُكائِهِ المُتَمادِي
حَمَلَتْ صَوْبَها النهائمُ غَوْراً / فكفينَ البلادَ حَمْلَ المزاد
وكستْ عشبَها النجود رياضاً / فجعلنَ الأمحال خَلْعَ النجادِ
فبعينيكَ هل ترى غير داعٍ / أو مجيبٍ أو رائحٍ أو غاد
أو مُنَاخٍ أو مَسْرَحٍ أو مَقِيلٍ / أو خبيب أو مَلْعَبٍ أو نادي
أو رعيلٍ يصاولونَ الرزايا / بين مَجْرَى الفنا وَمُجْرَى الجياد
أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ
أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ / جارَ بي فيكَ هوايَ وَقَصدْ
يا جليداً لم يَدَعْ لي جَلَداً / هل لِيَوْمِ الصبِّ مِنْ بُعْدِكَ غَدْ
لا أشاجيك وقد بَرَّحْتَ بي / دُوْنَكَ اليومَ فَذَرْني والسَهَد
اتئدْ مِنْ قبلِ أنْ توديَ بي / ثم لا يَنْفَعُنِي أَنْ تَتَّئِد
نَقَضَ العهدَ الذي كانَ عَهِدْ / لم أَقُلْ وَاصَلَ حتى قُلْتُ صَدْ
مرحاً بين النصابي والصبا / كلما لا عتبه بالحب جد
هزَّ منه الحسنُ يثني عطفه / لو يكونُ الغصنُ لدناً لم يَزِد
وجلا الإدلالُ منه منظراً / قام بالعُذَّالِ فيه وقعد
وَأَدارَ الموتَ في لحظِ رشاً / كلما شاءَ انْتَحى قلبَ أَسَد
يا شقيقَ النَّفْسِ رأياً وهوىً / أنتَ في قلبيَ رُوْحٌ وجسد
أَمُضِيْعِي بينَ هَجْرٍ ونَوىً / وعلى ذاك فمالي عَنْكَ بُد
علَّمَتْ عيناكَ عينيَّ الهوى / فأنا منكَ ومني في كمد
رامَ من أُبْغِضُ مني خُطَّةً / طال ما ناضلت عنها مَنْ أوَد
دونَ سِرّي منْ حِفاظي عَزْمَةٌ / صَدَرَ المِقْدَارُ عنها وَوَرَدْ
قد رميتُ الدَّهْرَ منْ حيثُ رَمَى / فَسَلِيهِ أيُّنا كانَ أشد
وأخذتُ الناسَ عن هاكَ وها / بالتي إلا تُجَوَّزْ لا تُرَد
وطويلِ الليلِ مُسْتَوْفِزِهِ / يَتَلظَّى بين خَوْفٍ وومد
كلما حدث عني نفسه / حل أثناء حباه وعقد
قد تَعاطَاني وَدُوني حَتْفُهُ / رُبَّما أوْدَى الفتى منْ حيثُ ود
يا خليليَّ ولا واللهِ ما / طِبْتُ نفساً قطُّ عنها لأحد
أدركاني ما أرى أن تُدْرِكا / سَدَّت البَلْوى مناديحَ الجسد
وأعِدَّاني لأُخْرى مِثلِها / ليس للإنسان إلا ما أعَد
لا يَغُرَّنكَ شيءٌ بائدٌ / إنه لو كانَ شيئاً لم يَبِدْ
سدَّدَ الموتُ لأعمارِ الورى / فَلْيَعِشْ مَنْ شاءَ ما عاشَ لُبَد
أنا من عزِّكَ يا يَنَّاق في / ذِرْوَةِ العَلْيَا إلى الرُكْنِ الأَشَد
أُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ يا حُسَّدي / قد نَمَى المالُ وقد أَثْرَى العدد
وكفاني نُوَبَ الدهرِ فتىً / لم يزلْ منهُ عليهنَّ رَصَد
طلبَ السؤددَ حتى نالَهُ / بطلٌ شَيحْانُ أو خَصْمٌ أَلَدْ
قلْ لمن أَذْعَنَتِ الدُّنيا لهُ / لا تَمَتَّعْتَ بِها إنْ لم تَسُد
نعمَ رِدْءُ الموتِ بأسٌ أو ردى / كلما أوعدَ خَطْبٌ أو وعد
فإذا لذَّ لك العيشُ فَصُلْ / وإذا أَعْجَبَكَ المالُ فَجُد
وإذا تُدْعَى لمجدٍ فاحْوِهِ / إنما العَاجِزُ مَنْ لا يَسْتبد
كاعتزامِ ابنِ عبيد اللهِ لا / هَوَّنَ القُرْبَ ولا هابَ البُعُد
طبَّقَ الآفاقَ منهُ عَارِضٌ / ذو شآبيبَ تَهَادَى أو تَهُد
فإذا شيتَ فشُؤْبُوبُ حياً / وإذا شيتَ فشؤبوبُ بَرَدْ
ألمعيٌّ والقضايا شُبَهٌ / أوْحَدِيٌّ وصروفُ الدهر حُد
قُلَّبِيُّ القلبِ مشدودُ القُوَى / لم يَغِبْ غائبُهُ إلا شَهِدْ
رابطُ الجأشِ وقد جَدَّتْ به / عَزَماتُ الدهر منْ هَزْلٍ وَجِد
ارْجُهُ يوماً وَخَفْهُ حِقْبَةً / فبأَخطار العدا راش الأوَد
وادْعُ نَجْلَيهِ إذا لم تَدْعُهُ / فَعَلى ذلك أَنْشَا مَنْ وَلد
أَسدا عرِّيسةٍ بدرا دُجىً / بلغا كُنْهَ النُّهى قَبْلَ الأشُد
شدَّ هذا في المعالي أزْرَ ذا / مثلما نِيطَتْ ذراعٌ بِعَضُد
لستُ للسُّبَّاق إن لم يَسبقا / في مدى كلِّ طِرادٍ مَنْ طَرَد
وطئا تُرْبك إنْ لم يَرثا / مجدك الموروثَ عن جَدٍّ فجد
هذه شِنْشِنَةٌ من أَخْزَم / وسواءٌ مَنْ نَفَى أو مَنْ جَحَد
اقضِ مُشْتطاً على كلِّ هوىً / واجرِ مُسْتَولٍ على كلِّ أمد
إن أُصِبْنَا فإليكَ المُشْتَكى / أو أَصَبْنَا فعليكَ المُعْتَمد
أوْ نَبَتْ دنيا على عادتها / فعلى دنياك نَعْلُو وَنُعَد
وَفِدَاكَ اليومَ من أَرْشَدْتَهَ / فأَبَى إلا عِنَاداً أَوْ فَنَد
كلُّ مغلوبٍ على أَكثرِهِ / لا رأى حَزْماً ولا قال سَدَد
غاظَهُ أَنْ لم يَنَلْ ما نلتَهُ / حيثُ لم يجهدْ ومن حيثُ جهد
يا سراجَ الفخرِ يا غايتَهُ / دعوةً لم تُبْقِ في العَيْشِ نكد
هذه فانشطْ إليها مِدَحي / تَنْفُثُ الآدابَ سِحْراً في العُقَد
كلُّ عذراءَ إذا أَهْدَيْتُهَا / لم تَرِدْ قوماً ولم تَخْصُصْ بلد
الحمدُ لله وَشُكْراً له
الحمدُ لله وَشُكْراً له / لا طارفٌ عندي ولا تَالدُ
صرتُ ولا أُنبيك عن غائبٍ / في حالةٍ يَرْثي لها الحاسد
إنْ يَنْبُ بي دهريَ فاللهُ لي / والمترجَّى للندى خالد
يا واحداً أَفضالُه شِرْكَةٌ / فينا ولكنْ مجدُهُ واحد
حوليَ أفراخٌ كَزُغْبِ القطا / ليليَ منْ همٍّ بهمْ ساهد
أنت أبٌ لي ولهمْ عاطفٌ / رُبَّ ابنِ خمسين له والد
بنتمْ فخلَّدَ عندي وَشْكُ بينكمُ
بنتمْ فخلَّدَ عندي وَشْكُ بينكمُ / شَوْقاً نَفَى جَلَدي لا بل سَبَى خَلَدي
هيهاتِ يَسْلُو فؤادي عنكمُ أبداً / أنَّى ووَجْدي بكمْ باقٍ على الأبد
أما كَفَى حَزَناً أن قد ظَمِيتُ وقد / عاينتُ عَذْبَ الحيا يَجْري على البَرَد
غَنَّتْ فلو أنَّ ميتاً كان يَسْمَعُها / لعادَ حيّاً كأنْ لم يَرْدَ يومَ رَدِي
رفقاً بقلبيَ يا قلبيْ فإنَّك قد / أسكنت منه الأسى في السَّهْل والجَلدِ
لم تَنطِقي قطُّ إلا ظَلْتُ أَفْرَقُ مِنْ / أنْ أُسْتَطَارَ فلم أُبْدِىءْ ولم أُعِد
ولا مَدَدْتِ يداً لِلْعُودِ عامدةً / إلا وضعتُ عليه أنْ يذوبَ يدي
إليكَ منَ الجَورِ والصَّدْ أسْعَى وأحفدْ
إليكَ منَ الجَورِ والصَّدْ أسْعَى وأحفدْ / إن كنتُ منتفعاً بجهدي فاليوم أجْهَدْ
أُنْبِيكَ عَنْ دمعِي المطلولْ /
وعنْ جَوَى قلبي المتْبُول /
لبيكَ فمثلي وَصُول /
مهما روحي الهوى مَجَّدْ في كلِّ مَعْهَدْ / طَوَتْهُ عيناكَ طيَّ البُرْدِ وأنت تنشد
أما هَوَاكَ فلا أنْسَاهْ /
وإنْ تطاولَ في مَدَاه /
مرَّ من العيشِ ما أحْلاه /
وَلَّيْتَ منّي به وَرَقَّدْ أللحظَ أغيد / لو أنها من سُيُوفِ الهندِ لم تُتَقَلَّدْ
مَجْدُ الوزير أبي الحسينْ /
ما شئتَ من أثرٍ وعين /
طَلْقُ الأسرَّةِ واليدين /
تلقاهُ في حَلَباتِ المجدْ أجراً وأجْوَدْ / كإبداءِ رياضِ الورْدِ خَدًّا مُوَرَّدْ
أبا الحسين دعاءً يُدْعَى /
أقمتُ حُبَّكَ فيه شَرْعا /
أوسعتَهُ طاعةً وسمعا /
هيهاتِ منْ شأوِ المحتِدْْ قَوْلث المفنّد / إنْ كنت فيه نسيجَ وحدي فأنت أوْحَدْ
منْ ذا يُبَاريكَ في سُلْطانِكْ /
أمْ منْ يُوَفّيكَ كُنْهَ شانْك /
حتّى يُغَنّيكَ عَنْ إحسَانِك /
أبا الحسين لواءُ الحمدْ عليكَ يُعْقَدْ / طَلَعْتَ فَوْقَ نجومِ السعدِ وأنتَ أسْعَدْ
أَدِرْ لنا أَكْوَابْ
أَدِرْ لنا أَكْوَابْ / يُنْسَى بها الوَجْدُ
واستصحبِ الجلاَّسْ / كما قَضَى العهدُ
دِنْ بالهوى شَرْعَا / ما عشتَ يا صاحِ
وَنَزِّهِ السَّمْعَا / عنْ منطِق اللاحي
فالحكمُ أنْ تَسْعَى / إليكَ بالرَّاحِ
أناملُ العُنَّابْ / ونُقْلُكَ الوردُ
حَفَّتْ بِصُدْغَيْ آسْ / يَلْوِيهِما الخدُّ
للهِ أيامُ / دارتْ بها الخمرُ
وَصْلٌ وَإلمامُ / وأوجهٌ زُهْرُ
والروضُ بسَّامُ / وقد بكى القطْرُ
ونحنُ في أحبابْ / قد ضَمَّنا عِقْدُ
فيا أبا العباسْ / لا خانَكَ السَّعدُ
خليفةٌ منكَ / فينا أبو بكرِ
نابَ لنا عنكَ / في النَّهْيِ والأمرِ
لم يُبْقِ لي ضنكا / منْ نُوَبِ الدهرِ
فأنتمُ أربابْ / ما شَيَّدَ المجدُ
وإن بَلَوْنَا الناسْ / فهمْ لكمْ ضِدُّ
حَلِيَتِ الدُّنيا / منْ بَعْدِ تعطيلِ
وجاءنَا يحيى / بينَ البهاليل
أغرُّ بالعليا / منْ فوقِ تحجيل
يختالُ في أثوابْ / طِرَازُهَا الحمدُ
وأفرطَ الإيناس / فما لهُ حدُّ
بَيْنَا أنا شاربْ / للقهوةِ الصِّرْفِ
وبيننا تائبْ / لكنْ على حَرْفِ
إذ قالَ لي صاحبْ / من حَلْبَةِ الظرْفِ
نديمُنَا قد تابْ / غنّي له وَاشْدُ
وَأعْرِضْ عليه الكاسْ / لعلَّ يرتدُّ
ما للفؤادِ مالَهْ
ما للفؤادِ مالَهْ / لم يَثْنِهِ هَوْل الصدودْ
عن رشا أحورْ / لما رأى ذلَّ العبيد
تاهَ واسْتَكْبَرْ /
أساءَ بي صنيعاً / وما عرفتُ ذنبي
ولم أجد شفيعاً / إليه غيرَ حَبي
يا شادناً قريعاً / احللْ كناسَ قلبي
فإن تكنْ مُطيعاً / مستأنساً بقربي
فالموت لا مَحَالَهْ / يَعْذُبُ لي عند الورودْ
وهو بي أجدرْ / لا سيما الحسودْ
سعيَهُ نُبصِرْ /
هيهاتَ تستمالُ / أو يُعْتَدى عليها
ودونها تصالُ / منْ سِحْرِ مقلتيها
وقد مشى الجمالُ / حتى انتهى إليها
وصُفّتْ الحجالُ / منها ما لديها
ونَمت الغلالهْ / بفالكٍ من النهود
فلن يَستَتِرْ / إذا انثنى غصنُ البرود
في نَقَا المِئْزَر /
لله أي دنيا / بقرب من أُحِبْ
كمثل عهد يحيى / وللنوالِ سُحْب
يُسقي العُفَاةَ سفيا / فما يخافُ جدب
الأروعُ المحيَّا / يلقاك منه نَدْب
كالطَّوْدِ في جَلاَلهْ / كالبحرِ في إشرافِ بُنُودْ
كالمحيَّا مَنظَرْ / كالروضِ يُهدي منْ بعيد
نَشرَهُ الأعْطَر /
يا أيها السّرِي / من أشْرفِ القضاة
قد حلَّكَ العلي / بالحلم والأناةْ
فكم فت علي / وأنت في الحياة
فجدُّك القسري / مقابل العداة
يُنْمى إلى سُلالَهْ / قد ورثوا عن الجدودْ
شَرَفَ المفخرْ / همُ الدراري في السعود
بلْ همُ أفخرْ /
وظبيةٍ تَهَابُ / ضراغمَ العرينِ
وحولها الشبابُ / والطيبُ في كمينِ
إذا دَعَتْ تُجَابُ / من شِدَّةٍ ولينِ
فقلتُ حين غابوا / عنها وخلّفونِ
فُمَّيْكِ يا غَزالَهْ / بها دِمَا منَ الأسود
كيف تَغْدُرْ / إذا بدا فَخْرُ الجنود
وخَدُّهُ أسمر /
غُصْنٌ يميسُ على كثبانِ
غُصْنٌ يميسُ على كثبانِ / رَيّانَ أمْلَدْ
بين القَوامِ وبين اللين / يكاد يَنْقَد
بمهجتي أوطفُ تياهُ /
مهفهفٌ ينثني عطفاه /
بالأسد قد فتكتْ عيناه /
سطا فسلَّ من الأجفان / سيفاً مؤيد
أنا القتيلُ به في الحين / دمي تقلّد
راموا مرامهم عُذالي /
ولستُ عن حبّه بالسالي /
إنَّ السلوَّ من المحال /
وكيف يحسنُ بي سلواني / عن حبِّ أغْيَدْ
لو بعتُ به نفسي وديني / لكنت أرْشد
صل مستهامك يا بابكر /
فقد بلغتَ المدى مِن هجري /
كم قد طَوتْكَ ضروبُ فكري /
والشوقُ يفضحُ لي كتماني / والدمعُ يَشْهَدْ
وقد حَرَمتَ الكرى جفوني / ولستُ أسعد
قَدٌّ كمثلِ القضيب ناعمْ /
يهتَزُّ مثلَ اهتِزازِ الصارم /
بدرٌ بدا تحتَ ليلٍ فاحم /
قد مازجَ الوردَ بالسَوْسانِ / منه على الخَدْ
ونفحه عنْ شَذَا دارينِ / أذكى من النّد
يا حُسْنَها من فتاةٍ رُوْدِ /
زارتْهُ يومَ صباحِ العيدِ /
غنّت على رأسْهِ في العُودِ /
خلِّ سِوَاري وَخُذْ همياني / حبيبي أحمدْ
واطلعْ معي للسريرْ حَيّوني / تَرْقُدْ مُجَرَّدْ
يا حبّ لذة قد أدنفت فاتئد
يا حبّ لذة قد أدنفت فاتئد / إن كنت لست بذي بغض فلا تزد
ويا لذيذة لا واللّه ما خطرت / بالقلب ذكراك إلا فتّ في عضدي
أتحسبين فؤادي عنك منصرفاً / وقد حللت محل الروح من جسدي
بنتم فخلد عندي وشك بينكم / شوقاً نفى جلدي لا بل سبى خلدي
هيهات يسلو فؤادي عنكم أبداً / أني ووجدي بكم باق على الأبد
أم الوفاءُ لحيني ما فتنت بكم / والناس قد فتنوا بالمال والولد
اللَه يعلم أني مذ عرفتكم / لم يخلُ قلبي من خبل ومن كمد
ولا إتكال لعيني بعد فرقتكم / إلا على مفننيها الدمع والسهد
ترى جفونك أرضاها الذي صنعت / بي أنها نفثت بالسحر في عقد
أتترك الناس صرعى لا حراك بهم / ولا سبيل إلى عقل ولا قود
من كان يفظع طعم الموت في فمه / فإنه في فمي أحلى من الشهد
فإن سقمي أضحى ما له أمد / والموت أروح من سقم بلا أمد
بما بلحظك من غنج ومن حور / وما بعطفك من عطف ومن أود
مُنّي على هائم بالحب مختبل / بالشوق مرتهن بالحزن منفرد
أضحى أسير صدود بل قتيل نوى / رمته منها بسهم عنه لم يحد
يخشى على حبك الحساد يفضحه / فما يبوح به يوماً إلى أحد
وان بكى فبدا للعاذلين فعن / غير اختيار ولكن عادة الكمد
أما كفى حزناً أن قد ظميت وقد / عاينت عذب الحيا يجري على البرد
قد أرهفت دونه سيفان من دعج / بلحظ أحوى لطيف القد ذي غيد
ورد شهي حماه الموت منصلتاً / فظلت حيران لم أصدر ولم أرد
وما عجوز لها ابن واحد بصرت / به يخوض الوغى في ملتقى كبد
يوماً بأجزع مني يوم قولهم / أضحى لداعي تنائينا غداة غد
أضحت على الأحد الأنواء باكية / فلم ينل أحد ما نلت في الأحد
لقيت بعلة واللذات قد ذهبت / بنا وقد مات صرف الدهر من حسد
غنت فلو أن ميتاً كان يسمعها / لعاد حياً كأن لم يرد يومَ ردي
فهل يسكن عذالي وان جهدوا / ما حركت حركُ الأوتار في كبدي
يا لذّ ما لك في قتلي بلا سبب / وأنت سؤلي في قرب وفي بعد
رفقاً بقلبي يا قلبي فإنك قد / أسكنت منه الأسى في السهل والجلد
لم تنطقي قط الا ظلت أفرق من / أن أستطار فلم أبدىء ولم أعد
ولا مددت يداً للعود عامدة / إلا وضعت عليه أن يذوب يدي