نامَ الخَليُّ فَنَومُ العَينِ تَسهيدُ
نامَ الخَليُّ فَنَومُ العَينِ تَسهيدُ / وَالقَلبُ مُحتَبَلٌ بالخَودِ مَعمودُ
إِن ساعفَت دارُها ضَنَّت بِنائِلِها / وَسَقيُها الصادي الحَرّانَ تَصريدُ
شَطت نَواها وَحانَت غُربَةٌ قَذَفٌ / وَذِكرُ ما قَد مَضى بالمَرءِ تَفنيدُ
إِذ تَستَبيكَ بِمَيّالٍ لَه حَبَكٌ / وَواضِحٍ زانَهُ اللباتُ وَالجيدُ
وَذي طَرائِقَ لَم تَحمِل بِهِ وَلَداً / فالكَشحُ مُضطَمِرٌ رَيّانُ مَمسودُ
كَأَنَّ أَردافَها دِعصٌ بِرابيَةٍ / مُستَهدَفٌ نخلتهُ الريحُ مَنضودُ
خَودٌ خَدلَّجةٌ نَضحُ العَبيرِ بِها / يُشفي مَضاجِعَها لُبسٌ وَتَجريدُ
لَمّا رأَت أَنَّني لابُدَّ منطَلِقٌ / وَلِلفَتى أَجَلٌ قَد خُطَّ مَعدودُ
قامَت تُكَرِّهُني غَزوى وَتُخبِرُني / أَن سَوفَ يُخلِدُني رَوعٌ وَتَبليدُ
هلِ المَنيَّةُ إِلا طالِبٌ ظَفِرٌ / وَحَوضُها مَنهَلٌ لابُدَّ مورودُ
وَالناسُ شَتّى فمَهدِيٌّ نَقيبَتُهُ / وَجائِرٌ عَن سَبيلِ الحَقِّ مَحدودُ
وَذو نَوالٍ إِذا ما جئتَ تَسأَلهُ / شَيئاً وَمستَكثِرٌ بالخَيرِ مَوجودُ
وَالخَيرُ وَالشرُّ إِمّا كُنتِ سائِلَتي / شَتى مَعاً وَكَذاكَ البُخلُ وَالجُودُ
إِنّي امرؤٌ أَعرِفُ المَعروفَ ذو حَسَبٍ / سَميحٌ إِذا حاردَ الكومُ المَرافيدُ
أَجري عَلى سُنَّةٍ مِن والدي سبقت / وَفي أرومتِه ما يُنبِتُ العودُ
مُطَلَّبٌ بِتراتٍ غَيرِ مُدرَكةٍ / مُحسَّدٌ وَالفَتى ذو اللُبِّ مَحسودُ
عِندي لِصالحِ قَومي ما بَقيتُ لَهم / حَمدٌ وَذم لأهلِ الذَّمِّ مَعدودُ
أَعيَت صفاتي عَلى مَن يَبتَغي عنَّتي / فَما يُوَهِّنُ متنَيها الجَلاميدُ
كَم قَد هَجاني مِن مستَقتِلٍ حَمِقٍ / فيهِ إِذا هَزَّ عِند الحَقِّ تَغريدُ
جانٍ عَلى قَومِهِ بادٍ مُقاتله / كالعيرِ أَحزنَهُ دجنٌ وَتَقييدُ
كَأَنَّهُ كَودَنٌ تَدمى دَوابِرُهُ / فيهِ من السوطِ وَالساقَينِ تَربيدُ
كَزُّ النَدى مَجدُه دَينٌ يؤخِّرُهُ / وَلؤمُه حاضِرٌ لابُدَّ مَنقودُ
مِن مَعشَرٍ كُحِلت باللؤمِ أَعيُنُهُم / زُرقٌ بِهم ميسَمٌ منه وَتَقليدُ
مازِلتُ أَقدُمُهم حَتّى عَلوتهُم / وَهَرَّني رافِدٌ منهم وَمَرفودُ
وَقَد نَهيتُهُم عَنّي عَلانيَةً / لَو كانَ ينفعُهم نَهيٌ وَتَوصيدُ
أُمَّ الصَّبيينِ دومي إِنَّني رجلٌ / حَبلي لأهلِ النَّدى وَالوَصلِ مَمدودُ
لا تَسألي القَومَ عَن مالي وكَثرتِهِ / وَقَد يُقتِّرُ المَرءُ يَوماً وَهوَ مَحمودُ
وَسائِلي عِندَ جدِّ الأَمرِ ما حَسبي / إِذا الكُماةُ التَقى فُرسانُها الصيدُ
وَقَد أَروعُ سَوامَ الحَيِّ تحمِلُني / شَقاءُ مِثلَ عُقابِ الدجنِ قيدودُ
حَقباءُ سَهلَبَةُ الساقينِ منهِبَةٌ / في لَحمِها مِن وَجيفِ القَومِ تَخديدُ
تُؤَخِّرُ السَّرجَ تأَخيراً إِذا جَمَزَت / عَن مَتنِها وَحِزامُ السَّرجِ مَشدودُ
تَرى بسُنبُكِها وَقعاً تُبَيِّنُهُ / كَأَنَّهُ في جَديدِ الأَرضِ أُخدودُ
في رأسِها حينَ يَندى عِطفُها صَدَدٌ / وَفي مَناكِبها للشَّدِّ تَحديدُ
كَأَنَّها هِقلَةٌ رَبداءُ عارضها / هَيقٌ تأَوَّبَ جُنحَ الليلِ مَطرودُ
كَأَنَّ هادِيها إِذ قامَ مُلجِمُها / جِذعٌ تَحَسَّرَ عَنهُ الليفُ مَجرودُ
هَشُّ الفُؤادِ هواءُ الصَّدرِ مُنتَخِبٌ / مُقَلِّصٌ عَن قَميصِ الساقِ مَوطودُ
وَفَيلَقٍ كَشُعاعِ الشَّمسِ مُشعلةٍ / تُعشي البَصيرَ إِذا مالَت بِهِ البيدُ
قَومي إِذا ما لَقَوا أَعداءَهُم صَبَروا / واِستورَدوهم كَما يُستَورَدُ العودُ
تَرى نَوادِرَ أَطرافٍ بمَزحَفِهم / والهامُ بينهمُ مُذرىً وَمَقدودُ
وَالمَشرَفِيَّةُ قَد فُلَّت مَضارِبُها / وَالسَّمهَريَّةُ مُرفَض وَمَقصودُ
وَفِتيَةٌ كَسُيوفِ الهِندِ قُلتُ لَهُم / سيروا وأَعناقُهم غِبّ السُّرى غيدُ
أَرمي بِهم وَبِنَفسي مَهمَهاً زَلِقاً / وَعُرضَ مُطَّرِدٍ أَكنافُه سودُ
تَخدي بِهم في الوَغى قُبٌّ مساحِلُها / جُردٌ ضَوامِرُ أَمثالَ القَنا قُودُ
فيهِم فَوارِسُ لا مَيلٌ وَلا كُشفٌ / عليهم زَغَفٌ بالشَّكِّ مَسرودُ