المجموع : 14
نبتَتْ رَياحينُ العِذارِ بوردِهِ
نبتَتْ رَياحينُ العِذارِ بوردِهِ / فكسَا زمُرُّدُها عَقيقةَ خدِّهِ
وبَدا فَلاحَ لنا الهِلالُ بتاجِه / وسعى فمرّ بنا القضيبُ ببُردِهِ
واِستلَّ مرهفَ جفنِه أوَ ما ترى / بصفاءِ وجنتهِ خيالَ فرِنْدِهِ
وسرَتْ أساورُ طرَّتَيْهِ فغوّرَتْ / في الخصرِ منه وأنْجدَتْ في نَهدهِ
واِفْترّ مَبسِمُهُ فشوّفنا سَنا / برْقِ العقيقِ إلى العُذَيب ووِردِهِ
رُوحي فدا الرّشأ الّذي بِكناسِهِ / أَبداً تظلِّلُه أسنّةُ أُسْدِهِ
ظبيٌ تكسّبَتِ النِصالُ بطَرفِه / شَرَفاً إذا اِنتسبتْ لِفتكةِ جدِّهِ
حازَتْ نضارةُ خدّه روضَ الرُبا / فثنَتْ شقائِقَها أعنّةُ رندِهِ
وسطَتْ على حربِ الرِماح مَعاشِرُ الْ / أغصانِ فاِنتصرَتْ بدولةِ قدِّهِ
قِرنٌ أشدُّ لدى الوغى من لحظهِ / نَبلاً وأفتكُ صارمٍ من صدِّهِ
فالشُّهْبُ تغرُبُ في كنانةِ نَبلهِ / والفجرُ يَشرُقُ في دجُنّةِ غِمدِهِ
تهوى مهنّدَهُ النُفوسُ كأنّه / برقٌ تألّق من مَباسِم رَعدِهِ
وتودُّ أسهُمه القُلوبُ كأنّما / صيغَتْ نِصالُ نِباله من وِرْدهِ
يَسطو فيُشهِدُنا السِماكَ بسرجِه / والبدرَ مكتملاً بنثرة سردهِ
فإلى مَ يطمعُ في جِنانِ وِصالِه / خلَدٌ تخلّد في جهنّمِ بُعدِهِ
ومتى يؤمِّلُ راحةً من حُبّهِ / دَنِفٌ يكلّفُهُ مشقّةَ وَجدِهِ
ومُقَرطَقٍ كافورُ فجرِ جَبينه / ينشقُّ عنه ظلامُ عنبرِ جَعدِهِ
متمنّعٍ للفتكِ جرّد ناظراً / حُرِسَتْ قلائِدُهُ بصارِمِ هندِهِ
بادَرْتُه والغَربُ قد ألقى على / وَردِ الأصيل رمادَ مِجمَر ندِّهِ
واللّيلُ قد سحبَتْ فُضولَ خِمارِها / ليلاهُ واِنسدلَتْ ذَوائِبُ هِندِهِ
لمّا ولَجْتُ إليهِ خِدراً ضمّ في / جَنَباته صنَماً فُتِنْتُ بوردِهِ
ونظرْتُ وجهاً راقَ منظرُ وردهِ / وشهدْتُ ثغراً طاب مَوردُ شهدِهِ
نهضَ الغزالُ إليّ منه مُسلّماً / فزعاً وطوّقَني الهِلالُ بزَندِهِ
وغَدا يزُفُّ إليّ كأسَ مُدامةٍ / تهدي الحَليمَ إلى ضلالةِ رُشدِهِ
نارٌ يَزيدُ الماءُ حرَّ لَهيبِها / لمّا يُخالطُها المِزاجُ ببرْدِهِ
شمطاءُ قد رأتِ الخليلَ وخاطبتْ / موسى وكلّمتِ المسيحَ بمهدِهِ
روحٌ فلو ولجَتْ بأحشاءِ الدُجى / لتلقّبَتْ بالفجرِ طلعةَ عَبدهِ
فظلَلْتُ طوراً من خلاعةِ هَزلِه / أجني العُقودَ وتارةً من جدِّهِ
حتّى جلَتْ شفقَ الدُجى وتوقّدتْ / في أبنُسيّ الليلِ شُعلةُ زَندِهِ
يا حبّذا عيشٌ تقلّص ظِلُّه / هَيهاتَ أن سمح الزمانُ بردِّهِ
للّهِ مغنىً باليمامةِ عاطلٌ / خلعَ الغَمامُ عليه حِليةَ عِقدهِ
وسَقى الحَيا حيَّ العقيقِ وباعدَتْ / بعَروضها الأعراضُ جوهرَ قدِّهِ
وغدا المحصَّبُ حاصِبَ البَلوى ولا / خفرَتْ عِهادَ العزّ ذمّةَ عهدِهِ
رَعياً لمألَفِها القديم وجادَها / كفُّ ابنِ منصورَ الكريمِ برَفدِهِ
برَكاتُ لا برِحَ العُلا بوجودهِ / فرِحاً ولا فجِع الزّمانُ بفَقْدهِ
بحرٌ تدفّق بالنُضارِ فأغرقَ الس / سَبعَ البِحارَ بلجِّ زاخرِ مدّهِ
أسدٌ تشيّعُه النُسورُ إذا غَزا / حتّى وَثِقْنا أنّها من جُندِهِ
لو رامَ ذو القَرنين بعضَ سَدادِه / لم يَمضِ ياجوجٌ غَداً من سَدِّهِ
أو حازَ قوّتَه الكَليمُ لما دَعا / هارونَه يوماً لشدّةِ عَضْدِهِ
ملِكٌ يريك نَدى مَبارِك عمِّه / وعَفافَ والدِه وغيرةَ جدِّهِ
لولاه ما عُرِف النوالُ ولا اِهتدى / أهلُ السؤالِ إِلى معالِم نَجدهِ
قد خصّنا الرحمنُ منه بماجدٍ / ودَّ الهِلالُ حُلولَ هامةِ مجدهِ
أَفنى وأغنى بالشجاعةِ وَالندى / فمماتُنا وحياتُنا من عِندهِ
الرّزْقُ يُرجى من مَخايل سُحبِه / والموتُ يُخشى من صواعِقِ رَعدِهِ
يَجزي الّذي يُهدي المَديحَ ببرّه / كرَماً فيعطي وَسْقَهُ من مدِّهِ
بَغيُ العدوِّ عليه مصلحةٌ له / والمِسكُ تُصلحُه مَفاسِدُ ضدِّهِ
هجَمَتْ على الأمم الخُطوبُ وما نَشا / ذهبتْ كما ذهبَ الأسيرُ بقَيدِهِ
فالحتْفُ يهجُم فوقَ قائم سَيفه / والنصرُ يخدِم تحت صَعدَة بَندِهِ
قنَصَتْ ثَعالِبُه البُزاةَ وصادتِ الْ / أُسْدَ الكُماةَ قَشاعِمٌ من جُرْدِهِ
ما زال يُعطي الدُرَّ حتّى خافتِ الش / شُهبُ الدّراري من مَسائِلِ وَفدِهِ
ويسيرُ نحو المَجدِ حتّى ظنّهُ / نهرُ المَجرّةِ طامِعاً في عَدّهِ
هل من فَريسةِ مَفخرٍ إلّا وقد / نشبَتْ حُشاشَتُها بمخلَبِ ورْدِهِ
فضحَ العُقودَ نِظامُ ناظِم فَضلِه / وسَما النُضارَ نِثارُ ناثِرِ نَقدِهِ
سارا إلى مُهَجِ العِدا فتَسابَقا / في الفتكِ أسمَرُهُ وأبيَضُ جدِّهِ
قمرٌ به صُغْتُ القريضَ فزُيّنَتْ / آفاقُ نَظمي في أهلّة حَمدِهِ
حسُنَتْ به حالي فواصلَ ناظري / طيبُ الكرى وجَفَتْهُ زَورةُ سُهدِهِ
فهو الّذي بِنَداهُ أكْبَتَ حاسِدي / وأذابَ مهجتَهُ بجَذوةِ حِقدِهِ
يا أيّها الرُكنُ الّذي قد شُرِّفَتْ / كلُّ البريّة من تيمُّنِ قَصدِهِ
والماجدُ البطلُ الّذي طلبَ العُلا / فسَرى إليه فوقَ صهوةِ جَدِّهِ
المُلكُ جيدٌ أنتَ حِليةُ نَحرِه / والمجدُ جسمٌ أنت جنّةُ خُلدِهِ
هُنِّئتَ في عيدِ الصّيامِ وفِطرِه / أبداً وقابلَك الهِلالُ بسَعدِهِ
العيدُ يومٌ في الزمان وأنت للْ / إسلامِ عيدٌ لم تزَلْ من بَعدِهِ
لو تُنصِفُ الدُنيا وقَتْكَ بنفسِها / وفداكَ آدمُ في بقيّة وُلْدِهِ
لا زالتِ الأقدارُ نافذةً بما / تَنوي ومتّعَك الزمانُ بخُلدِهِ
شرّفِ الوجهَ في تُرابِ زَرودِ
شرّفِ الوجهَ في تُرابِ زَرودِ / حيثُ لَيلى فثمّ مَهوى السّجودِ
واِخْلعِ النّعلَ في ثراهُ اِحتراماً / لا تضعْهُ على نُقوشِ الخُدودِ
واتّبعْ سنّةَ المُحبّينَ فيه / واِقْضِ نَدْباً لواجباتِ الكُبودِ
واِحْذرِ الصّعْقَ يا كليمُ فكم قد / صارَ دكّاً هناكَ قلبُ عَميدِ
واِنشُدِ الرّبْعَ من منازِلِ لَيلى / عن فؤادٍ من أضلُعي مَفقودِ
قد أضلَّ النُهى فضلّ لدَيْها / فاِهتدى في الضّلالِ للمَقصودِ
كم أتاها من قابِسِ نورَ وصلٍ / فاِصْطَلى دونَ ذاكَ نارَ الصُّدودِ
أيّها السائِرونَ نحو حِماها / حسبُكم ضوء نارِها من بَعيدِ
تلكَ نارٌ تَعشو العُيونُ إليها / فتمسُّ القُلوبَ قبلَ الجُلودِ
إن ورَتْ للقِرى فبالنّدّ تُورى / أو لحربٍ فبالوَشيعِ القصيدِ
لا تؤدي سلامَكُم نحوها الري / حُ ولا طَيفُها مطايا الهُجودِ
لم تصلْها حبائِلُ الفِكر والوهْ / مِ ولو وُصِّلَتْ بحبلِ الوَريدِ
شمسُ خِدْرٍ من دونِها كلُّ بَدْرٍ / حاملٌ في النِجادِ فجرَ حَديدِ
لم يزَلْ باسِطاً ذِراعَ هزَبْرٍ / بارزَ النّابِ دونَها بالوَصيدِ
ما رأينا الهِلالَ في معصَمِ الشّم / سِ ولا الشُهْبَ قبلَها في العُقودِ
صاح وا فاقَتي إلى كنزِ درٍّ / بأفاعي أثيثِها مرصودِ
سفرَتْ في بَراقِعِ الحُسنِ فاِعجَب / لجَمال محجَّبٍ مشهودِ
كم ترى حولَ حيّها في هَواها / من كِرامٍ تصرّعت بالصّعيدِ
منهم من قضى ومنهم شقيٌّ / سالمٌ للبَلاءِ لا للخُلودِ
وصلُها يمنحُ المحبَّ شَباباً / وجَفاها يُشيبُ رأسَ الوَليدِ
لا تلُمني إذا تفانَيْتُ فيها / ففنائي في الحبِّ عينُ وُجودي
يا سَقى اللّهُ بالحِمى أهلَ بدرٍ / كم به بين حيّهم من شهيدِ
هل نسيمُ الصَّبا على نارِهم مر / رَ ففيه أشُمُّ أنفاسَ عُودِ
أم عليهِ تَرى الملاعِبَ أم لا / ما عليهِ أملَتْ ذبولُ البُرودِ
أسرةٌ صيّروا الأساوِرَ فيهم / لأسارى القُلوبِ أيَّ قيودِ
كم أبادوا بالبيضِ آجالَ صِيدٍ / وبسُمرِ القَناء آجالَ صِيدِ
شُربُهم يومَ حربِهم من دَمِ الأس / دِ وفي سِلمهِم دم العُنقودِ
حبّذا عيشُنا بأكْنافِ حزوى / لا رَمى اللّهُ ربعَها بالهُمودِ
منزلٌ تنزِلُ الأساورُ منه / في قُرونِ المَها وأيدي الأُسودِ
ومحَلٌّ تحُلُّ منه المَنايا / بين أجفانِ عينِه والغُمودِ
قد حمَتْهُ أيِمّةُ الطّعنِ إمّا / بصُدورِ الرِّماحِ أو بالقُدودِ
لا أرى لي الزّمان يرعى ذِماماً / لا ولا نِسبةً لخيرِ جُدودِ
أصرِفُ العمرَ صرفَهُ بين كذبِ ال / وَعْدِ منه وصِدقِ يومِ الوَعيدِ
والدٌ ليتَهُ يكونُ عَقيماً / لم يلِدْ غيرَ فاجرٍ ومَكيدِ
أبغَضُ النّاسِ من بَنيه لديهِ / ماجدٌ عقّهُ بخُلْقٍ جديدِ
لم نؤمّلْ لولا وُجودُ عليٍّ / منه جُوداً لا ولا وَفاً بعُهودِ
سيّدٌ في الأنامِ أصبحتُ حُرّاً / منذ في جودِه تملّك جِيدي
علَويٌّ له نِجادٌ إذا ما / ذكروه يجُرُّ كلَّ عَميدِ
نسَبٌ في القريضِ يعْبقُ منه / طِيبُ آلِ النّبيّ عندَ النّشيدِ
نبويٌّ منه بكلِّ نَديٍّ / ينثُرُ النّاسِبونَ سِمْطَ فَريدِ
حازمٌ قوسُهُ إلى كلِّ قصدٍ / فوّقَتْ سَهْمَها يدُ التسديدِ
خدمَتْهُ الدُّنا فأوقاتُه البي / ضُ لديه وسودُها كالعَبيدِ
سيفُ حَتفٍ إلى نُفوسِ الأعادي / حملتْهُ حمائِلُ التأييدِ
ألِفَتْ جيشَهُ النّسورُ فكادت / قَبحُها أن تَبيضَ فوقَ البُنودِ
حيدَريٌّ إذا الأكارِمُ عُدّوا / كان منها مكان بيتِ القَصيدِ
ذو خِصالٍ حِسانُها باسماتٌ / عن ثَنايا ترتّلَتْ كالبُرودِ
شِيَمٌ كالفِرِنْدِ أصبحْنَ منه / قائِماتٍ بذاتِ نَصْلٍ جَديدِ
أنجُمٌ في القضاءِ تَحكي الدّراري / كم شَقيٍّ منها وكم من سَعيدِ
ويَمينٌ بنانُها زاخِراتٌ / بالمَنايا وبالعطاءِ المَزيدِ
لُجّةٌ في الكفاحِ تُنتجُ ناراً / لم تلدْها حواملُ الجُلمودِ
أوشكَتْ شُعلةُ المهنّدِ فيها / أن تُذيبَ الدّروعَ ذوبَ الجليدِ
حُبُكٌ فوقَها تُسمّى خُطوطاً / وهْيَ بحرٌ وتلك أمواجُ جودي
صدّقَتْ رأيَ قائِفٍ حين صارَتْ / قال فيها سياسةٌ للجُنودِ
مغرَمٌ في عِناقِ سُمرِ العَوالي / أوَ ظَنّ الرماحَ أعطافَ غِيدِ
عوّذَ المُلْكَ بأسُه بالمَواضي / فحماهُ من نزعِ كلّ مُريدِ
آمرٌ في أوامرِ اللَّهِ ناهٍ / عن مناهِيه حاكمٌ بالحُدودِ
يعرُجُ المدحُ للسماءِ فيأوي / ثمَّ منه إلى جَنابٍ مَجيدِ
عن عليٍّ يورَّثُ العِلمَ والحك / مَ وفصْلَ الخِطاب عن داوُدِ
تستفيدُ النّجومُ من وجهه النّو / رَ ومن حظّه قِرانَ السّعودِ
أينَها منهُ رفعةً ومحلّاً / ليس قدرُ المُفيدِ كالمُستفيدِ
يمُّ جُودٍ تُثني عليه الغَوادي / وكفاهُ فخراً ثناءُ الحَسودِ
حسَدَتْ جُودَه فللبرقِ منها / نارُ حُزنٍ وأنّةٌ للرعودِ
هو في وَجنةِ الزّمانِ إذا ما / نَسبوهُ إليه كالتّوريدِ
ألمعيٌّ يُبري النفوسَ المَعاني / بجُسومٍ من لؤلؤٍ مَنضودِ
سيّدي لا برحْتَ في الدّهرِ رُكناً / للمعالي وكعبةً للوُفودِ
لك من مُطلَقِ الفَخارِ خِصالٌ / غيرُ محتاجةٍ إلى التقييدِ
كلَّ يومٍ تأتي بصُنعٍ عَجيبٍ / خارجٍ عن ضوابِطِ التّحديدِ
فُصِّلَتْ فيكَ جُملةُ الفضلِ والفض / ل وعلمُ الأحكامِ والتجويدِ
عمرك اللَّه يا عليُّ ولا زلْ / تَ سرورَ الأنام في كلّ عيدِ
إنّ شهرَ الصّيامِ عنكَ ليَمضي / وهو يَثني عليكَ عِطفَ وَدودِ
قد تفرّغْتَ فيه عن كلّ شيءٍ / شاغلٍ للدُعاءِ والتحميدِ
وهجرْتَ الرُقادَ هَجراً جَميلاً / ووصلْتَ الجُفونَ بالتّسهيدِ
وعصَيْتَ الهَوى وأعْرَضْتَ عنه / اِمتثالاً لطاعةِ المَعبودِ
قوتُكَ الذِكرُ فيه والوردُ وِردٌ / إن دعاكَ الأنامُ نحو الوُرودِ
فاِسْمُ واِسْلَمْ وفُزْ بأجرِ صِيامٍ / فِطرُهُ فاطرٌ لقلبِ الحَسودِ
واِبقَ في نعمةٍ وحظٍّ سنيٍّ / وعُلاً لم يزلْ وعيشٍ رَغيدِ
سطَعَتْ شُموسُ قِبابِهم بزَرُودِ
سطَعَتْ شُموسُ قِبابِهم بزَرُودِ / فهَوَتْ نُجومُ مَدامِعي بخُدودي
وتلاعَبَتْ فرَحاً بهِم فتَياتُهم / فطَفِقْتُ أرسُفُ في الهوى بقُيودي
وعلى الحِمى ضرَبوا الخيامَ فليتَهُم / جعلوا من الأطْنابِ حَبلَ وريدي
عهدي بهم تحيا الرّسومُ وإن عفَتْ / فعلامَ أحشائي ذَواتُ هُمودِ
وحياتِهم لولاهُمُ ما لذّ لي / شهدُ الهَوى المَسمومُ بالتّفْنيدِ
كلّا ولا اِستعذَبتُ سائِلَ عَبرةٍ / لولا مُلوحَتُها لأوْرَقَ عودي
تفدي القنا ما في مناطقِهم وإنْ / هي أشبهَتْ شَدّاتِها بعُقودِ
نفرٌ تكادُ لِطيبِهم بأكفّهم / تَحكي ذوابلُهم رَطيبَ العودِ
لا زالَ في وَجَناتِهم ماءُ الصّبا / يَسقي رياضَ شقائقِ التّوريدِ
وسقَتْهُمُ مُقَلُ الغَمامِ منَ الحَيا / دَمْعاً يخدِّدُ وجْنةَ الجُلْمودِ
للّهِ فيهِم أسرةٌ لا تُفتَدى / أسْرى الهَوى من سجنِهم بنُقودِ
كم من قُلوبٍ بينهُم فوقَ الثّرى / وجَبَتْ وأيْدٍ أُلصِقَتْ بكُبودِ
تَلقى المنيّةَ بين بيضِ خُدودِهم / بسطَتْ ذراعَيْها بكلِّ وَصيدِ
تحت المغافِرِ والغفائِرِ تنجلي / منهم بُدورُ أسرّةٍ وسُعودِ
ضربوا القِبابَ من الحرير وزرّروا ال / أبوابَ منها في نُصولِ حَديدِ
رقّتْ خُدودُهُمُ فرقّ تغزُّلي / وقَسَتْ قلوبُهمُ فلانَ شَديدي
طلبوا حِفاظَ رِهانِ أربابِ الهوى / فاِستودَعوها في حِقاقِ نُهودِ
وحموا الثّغورَ فطاعَنوا من دونِها / برِماحِ خطٍّ أو رِماحِ قُدودِ
ما خِلْتُ قبلَ ثُغورهم أن يُنبِتَ ال / ياقوتُ بيضَ اللّؤلؤِ المَنضودِ
ولوِ اِستطَعْتُ بأن أُجَسِّمَ لفظَهُم / لنظَمْتُ منه قلائِدي وعُقودي
في الكَرْمِ معنىً سرُّه لشفاهِهم / نمّتْ عليه معاصرُ العُنقودِ
بعثوا إليّ الطّيفَ في طلبِ الكرى / فأتى وردّ إليهم بهُجودي
يا صاحِ هذا حيّهُم فاِنزِلْ به / واِنشُدْ هنالكَ مُهجةَ المَعمودِ
بمعارجِ الأقمارِ من تَلَعاتِه / عرّجْ فثمّ مهابِطُ المَقصودِ
وأطِلْ بعَرصَتِهِ السّجودَ فإنّما / مسعاكَ منه في محلِّ سُجودِ
واِلثِمْ حَشاهُ مفتّشاً في تُربِه / فهناك ضيّعتِ الحِسانُ عُهودي
وهناك ألقيتُ العصا وأناخَ بي / حادي الهَوى ووضعْتُ ثمّ قُتودي
يا حبّذا عصرٌ على السّفحِ اِنقضى / ولذيذُ عيشٍ بالعقيقِ رَغيدِ
عصرٌ بسَمعي إذ يمرُّ حديثُهُ / يحلو لديّ به فناءُ وُجودي
ما لي وما للدّهرِ لا أصحو به / من سُكرِ بَيْنٍ أو خمارِ صُدودِ
أوَ ما كَفَتْهُ نائِباتُ خُطوبِه / حتّى رَماني في صُدودِ الغِيدِ
ما بالُ أهوى البيضَ منها وهْي في / فَوْدَيَّ تُنكِرُها وتعشَقُ سُودي
لا تُنكِري يا بيضُ بيضَ مَفارِقي / فلرُبَّ شانٍ ذمّ شأنَ حَميدِ
أنا مِجْمَرٌ والشيْبُ نارُ تسَعُّري / وسوادُ فَوْدي مثلُ لونِ خُمودي
ليس الحُسامُ إذا تجرّد متنُه / في الضّرْبِ مثل الصّارمِ المَغمودِ
حتّام تجرَعُ يا فؤادُ من المَهى / ومن الزّمانِ مرارةَ التّنكيدِ
وتَميلُ للبيضِ الحِسانِ تطرُّباً / مَيلَ العَليّ إلى خِصالِ الجودِ
خيرُ الملوكِ سَليلُ أكرَمِ والدٍ / خلَف الغطارِفةِ الكِرامِ الصيدِ
حرٌّ أتى بعد النبيّ وآله ال / أطهارِ للتأسيسِ والتأكيدِ
سمْحٌ إذا اِنتجَعَ العُفاةُ بنانَهُ / هطلَتْ سحائِبُها بغيرِ رُعودِ
عَضْبٌ إذا ما العَزْمُ جرّد حدَّهُ / ضربَتْ بشعْرَتِه يدُ التأييدِ
رامٍ إذا اِشتدّ النِصالُ تنصّلَتْ / منه سِهامُ الرأيِ بالتّسديدِ
قاضٍ إذا اِختلفَ الخُصومُ كأنّما / فصْلُ الخِطابِ رواهُ عن داودِ
بطلٌ أساوِدُ لُدنِه يومَ الوغى / تذَرُ الأسودَ فرائِساً للسِّيدِ
ذو راحةٍ مَزبورةٌ بخطوطِها / آياتُ وعدٍ بُيّنَتْ ووَعيدِ
وعزائِمٍ يومَ الكفاحِ لدى اللّقا / قامَتْ مَقامَ الجَحْفَلِ المَحشودِ
تتنفّسُ الصّعَداءَ خوفَ صِعادِه / مُهَجُ العِدا فتذوبُ بالتّصعيدِ
عدَمُ الشّريكِ له بكلِّ فضيلةٍ / يقضي لهُ بمزيّةِ التّوحيدِ
طلبَ العُلا بسُيوفِه فاِستخرَجَتْ / بالفتْكِ جوهرَ كنزِها المرصودِ
حظُّ العدوّ لديه بيضُ حديدِه / والوفد حُمرُ نُضارِه المَفقودِ
وافى العُلا من بعدِ طولِ تأوّدٍ / فأقامَ ما فيها منَ التأويدِ
وتعطّلَتْ بئرُ النوالِ وإنْ نَشا / ظفَرَ العُفاة بعذبِها المَورودِ
ملكٌ كأنّي إن نطَقْتُ بمدحِه / شتّتُّ في الأسْماعِ سِمْطَ فَريدِ
فكأنّني للناشِقينَ أفُضُّ عن / مختومِ مِسْكٍ فيه عند نَشيدي
لو تشعُرُ الدُنيا لقالَتْ إنّ ذا / مضمونُ أشعاري وبيتُ قَصيدي
لو تُنصِفُ الأيّامُ لاِعترَفتْ له / بفضيلةِ المَولى وذُلِّ عَبيدِ
لو لم تُنافِسهُ النجومُ على العُلا / خدمَتْ رَفيعَ جنابِه المَحسودِ
تَلقى برؤيتِه المُنى أوَ ما تَرى / عُنوانَه بجبينِه المَسعودِ
تجري بأجمعِهِ المحبّةُ للنّدى / جرْيَ الصّبابةِ في عُروقِ عَميدِ
وأشدُّ فَتْكاً في الكُماةِ بنَصلِهِ / من لحظِ مودودٍ بقلبِ وَدودِ
قبَسٌ يكادُ إذا تسعّرَ بأسُهُ / عنهُ تسيلُ الدِّرْعُ بعدَ جُمودِ
لو تَرتَمي في اليمِّ منه شرارةٌ / لغدَتْ به الأمواجُ ذاتَ وُقودِ
تأوي أسنّتُه الصّدورَ كأنّما / خلطَ القُيون حديدَها بحُقودِ
والبيضُ حيث بُدورُها اِعترفَتْ له / بالفَضْلِ أكرمَها بكلِّ جُحودِ
ما فاتَهُ فخرٌ ولا ذمُّ الوَرى / يَرْقى لِكُنْهِ مقامِهِ المَحمودِ
بِنداهُ يخضرُّ الحصى فكأنّما / أثَرُ الصّعيدِ له بكلِّ صَعيدِ
فالمَجْدُ مَقصورٌ عليه أثيلُهُ / والعزُّ تحتَ ظِلالِه المَمْدودِ
موْلىً شوارِدُ فضلِهِ ونوالِه / فينا تَفوتُ ضوابِطَ التّحديدِ
كلُّ المَفاخِرِ والمناقِبِ جُمِّعَتْ / فيه على الإطْلاقِ والتقْييدِ
يا اِبنَ المَصاليتِ الّذين بسَعْيِهمْ / حازوا العُلا منْ طارِفٍ وتَليدِ
ورَوَوْا أسانيدَ المفاخرِ والتُقى / في عزِّ آباءٍ لهُم وجُدودِ
رهْطٌ بهم شرَفُ الأنامِ وعنهُمُ / نُقِلَتْ أصولُ الذِّكرِ والتّحميدِ
وضعوا لكَ المجدَ الأثيلَ وأسّسوا / فرفَعْتَهُ بقواعِدِ التّمْهيدِ
زخْرَفْتَهُ ونقشْتَ فيه لمنْ يَرى / صوراً من التّعظيمِ والتّمجيدِ
لولا وُرودُك للجزيرةِ ما زَهَتْ / وَجناتُ جنّاتٍ لها بورودِ
كلّا ولا سحَبَتْ على ساحاتِها / أغصانُ قاماتٍ ذُيولَ بُرودِ
فارَقْتَها فخشيتُ بعدَك أنّها / تُضحي كما أضحتْ ديارُ ثَمودِ
كانت بطوفانِ المهالك فاِغتَدَتْ / لمّا رَجَعْتَ على نجاة الجودي
أنقَذْتَ أهليها ولو لم تأتِهم / ما قومُ لوطٍ منهمُ بسَعيدِ
اللّهُ حسبُك كم غفَرْتَ لمُذنِبٍ / منهم وكم أطلَقْتَ من مَصفودِ
فليهنها الرحمنُ منك برجعةٍ / فيها رُجوعُ سُرورِها المَفقودِ
واِلبَس ثِيابَ الأجرِ صافيةً فقدْ / بعثَ الصّيامُ بها رسولَ العِيدِ
لا زِلْتَ للإسلامِ أشرفَ كعبةٍ / لم تَخْلُ يوماً من طَوافِ وُفودِ
ينمُّ عليه الدّمعُ وهو جَحودُ
ينمُّ عليه الدّمعُ وهو جَحودُ / وينتحِلُ السُّلوانَ وهو وَدودُ
ويذكُرُ ذُهلاً والهوى حيثُ عامرٌ / ومنزلَ حُزْوى والمُرادُ زَرودُ
ويُظهِرُ في لُبْنى الغرامَ مورّياً / ومنهُ إلى ليلى الضّميرُ يعودُ
ويشتاقُ آرامَ العقيقِ وإنّهُ / لعمْرُكَ في أشباهِها لَعَميدُ
ويصحو فتأتيهِ الصِّبا بروايةٍ / عنِ البانِ تسقيهِ الطُّلى فيَميدُ
تحدّثُهُ عن أهلِه فتُميتُه / وتنفحُهُ في نشرِهِم فيعودُ
أروحُ ولي روحٌ تسيرُ مع الصَّبا / لها صدَرٌ نحو السّما وورودُ
وقلبٌ على كلِّ الخُطوبِ إذا دهَتْ / سوى الدّلِّ والبينِ المُشِتِّ جَليدُ
وعينٌ لوَ اِنّ المُزْنَ تحملُ ماءَها / لأمسى اِشتعالُ البرقِ وهو خمودُ
إذا شِمْتُ إيماضاً حدَتْ مُزنَ عَبرَتي / من الزّفراتِ الصّاعِداتِ رُعودُ
علامَ الجُفونُ السّودُ منكرةٌ دَمي / وفي الوجَناتِ البيضِ منهُ شُهودُ
وما بالُ هاتيكَ الخُصورِ نحيفةً / أهُنّ لأبناءِ الكَمالِ جُدودُ
وما بالُنا أحداقُنا في نُفوسِنا / بحُبِّ الظِّباءِ الباخِلاتِ تَجودُ
نسمّي السّيولَ الحُمْرَ منها تجاهُلاً / دُموعاً ونَدري أنّهنّ كُبودُ
وإنّي من القومِ الّذين بنانُهم / وألسُنُهُم للسّائِلينَ تُفيدُ
نَسودُ الأسودَ الضّارياتِ وإن غدا / لنا الظّبياتُ كالنِساتُ تَسودُ
وتضرَعُنا بيضُ الظُّبا وهيَ أعينٌ / ونحطِمُها بالهامِ وهْي حَديدُ
أمَا وبُدورٍ أشرقتْ وهي أوجُهٌ / وسودِ لَيالٍ طُلْنَ وهي جُعودُ
وأغصانِ بانٍ تَنثَني في غلائِلٍ / وسُمرِ رِماحٍ فوقهُنّ بُرودُ
وبيضِ نُحورٍ تحتمي في أساورٍ / وأجفانِ آرامٍ بهنّ أُسودُ
وأطواقِ تِبرٍ هنّ للعَينِ حِليةٌ / وللصبِّ في أسرِ الغَرامِ قُيودُ
لَفي القلبِ وجدٌ لو حَوى اليمُّ بعضَه / لأضحَتْ له الحيتانُ وهي وقودُ
وفي الخدِّ ودْقٌ لو سَقى الرّوضَ أصبحتْ / أقاحيهِ بالأكمامِ وهْيَ وُرودُ
فكم في البُكا ينثُرنَ ياقوتَ أدمُعي / ثُغورٌ تُحاكي الدُرَّ وهو نَضيدُ
ثغورٌ تُذيبُ القلبَ وهي جوامدٌ / وتُضرِمُ فيّ النارَ وهي بَرودُ
فحتّامَ لا نارُ الصّبابةِ تنطفي / ولا للدموعِ الجارياتِ جُمودُ
لعمرُك قبل الشّيبِ لم أعرِفِ الدُمى / تسوقُ إليّ الحتفَ وهوَ صُدودُ
ولم أدْرِ قبلَ الحبِّ أن يبعثَ القضا / إليّ المنايا الحُمرَ وهي خُدودُ
وما خِلْتُ أنّ اللّدْنَ والصّبْرُ لامتي / تُمكّنُ فيّ الطّعنَ وهيَ قُدودُ
ولم أحسَبِ الرُمّانِ من ثمرِ القَنا / إِلى أن رأتْهُ العينُ وهو نُهودُ
بروحي ظِباء نافراتٍ عيونُها / شِراكٌ بها صِيدَ الأسودِ تَصيدُ
لها لفَتاتٌ مُهلِكاتٌ كأنّها / لسَرْحِ الرّدى روضَ القُلوبِ تَرودُ
كأنّ على أعناقِها ونُحورِها / تنظّم من مدْحِ الحُسينِ عُقودُ
قريبٌ إلى المعروفِ تدعوه شيمةٌ / بها عُرِفَتْ آباؤهُ وجُدودُ
سَحابٌ به تُحمى النّفوسُ إذا هَمى / وينبُتُ في روضِ الحديدِ جُلودُ
هُمامٌ إذا لاقى العِدا وهْوَ وحدَهُ / يَصيدُ أسودَ الجيشِ وهْوَ عديدُ
من الطّعنِ يحمي العِرضَ عن جنّةِ النّدى / وللمالِ في سيفِ النّوالِ يُبيدُ
أخو كرَمٍ أمّا نوالُ بَنانِه / فدانٍ وأمّا مجدُه فبَعيدُ
كأنّ بيوتَ المالِ منه لجودِه / عُيونُ محبٍّ والحُطامُ هُجودُ
له شُثْنُ أظفارِ المَنايا صوارِمٌ / وأجنحةُ النّصرِ العزيز بُنودُ
إذا الجدولُ الهنديُّ يجري بكفّه / ففي الوِردِ منه كم يغصُّ وَريدُ
مقرُّ عواليهِ القلوبُ كأنّها / إذا هزّها نحو الصّدورِ حُقودُ
تكهّلَ في علمِ العُلا وهْوَ يافعٌ / وجازَ بُلوغَ الحُلمِ وهوَ وليدُ
وأفصحَ عن فصلِ الخِطابِ بمنطِقٍ / لديه لَبيدٌ ضارعٌ وبَليدُ
له بصرٌ يرنو به عن بَصيرةٍ / يجوزُ حُدودَ الغيبِ وهو حَديدُ
وليلٌ إذا اِستَجْلاهُ في ليلِ مارِقٍ / غَدا لِصباحِ النُّجْحِ وهوَ عَمودُ
وعزْمٌ لوَ اِنّ البيضَ تحكيه ما نَبَتْ / لها عن صُدورِ الدّارِعينَ حُدودُ
وقُضْبٌ كأمثالِ النّجومِ تقدّرَتْ / بهنّ نُحوسٌ للورى وسُعودُ
كأنّ ضِياها للعِبادِ طوالِعٌ / ففيها شقيٌّ منهمُ وسعيدُ
تشكّى الظّما منها الشِّفارُ وفي الدِّما / لها وهْيَ في نارِ القُيونِ وُرودُ
وتهوى الطُّلا حتّى كأنّ أديمَها / لَها قِدَماً فيه اِكتسَبْنَ غُمودُ
سلِ الغيثَ عنهُ إن جهِلْتَ فإنّه / يُقرُّ له بالفضلِ وهْوَ حَسودُ
وما الرّعدُ إلّا صوتُ زَجرٍ له على / تشبّهِه في جودِه ووَعيدُ
وليسَ اِنحناءُ البيضِ إلّا لعِلمِها / به أنّه الأمضى فهنّ سُجودُ
إذا الدّهرُ أفنى نجلُهُ أنفُسَ الغِنى / أُفيضَ عليها من نَداهُ وُجودُ
دَنا فتدلّى للعطاءِ ونعلُه / له فوقَ إكليلِ النّجومِ صُعودُ
تسيرُ فتغدو الرُبْدُ وهي سوابقٌ / لديه وتُضحي الفُتْخَ وهْي جُنودُ
قوادمُها للشّوسِ ترسِلُ نيلَه / وأحشاؤها للخائِنين لُحودُ
فيا اِبنَ عليٍّ وهيَ دعوةُ مخلصٍ / له عهدُ صِدْقٍ في وِلاكَ أكيدُ
لقد نفّذَ الرّحمنُ حُكمَك في الورى / فلِنْتَ لهم لفظاً وأنتَ شَديدُ
وكافأتَ بالإحسانِ من ساءَ فعلُه / إليكَ فحُزْتَ الفضلَ وهو حَميدُ
وعطّلْتَ بئرَ الظُلْمِ حتّى تهدّمتْ / فأصبحَ قصْرُ العدلِ وهْوَ مَشيدُ
أرَضْتَ خُطوبَ الدّهرِ وهي جوامِحٌ / وطاوعَكَ المِقدارُ وهو عَنيدُ
ليَهنِك عيدُ الفِطرِ يا بهجةَ الورى / ومُلكٌ قديمٌ عاد وهو جَديدُ
فما البصرةُ الفيحاءُ إلّا قلادةٌ / وأنت بها نحرٌ يَليقُ وحيدُ
بطيبِك طابَتْ أرضُها مُذْ حلَلْتَها / فسافرَ منها المِسْكُ وهو صَعيدُ
فلا زِلتَ محروسَ الجَنابِ مُمَلَّكاً / حليفاكَ فيها دولةٌ وخُلودُ
تزورُك أملاكُ الورى وهي خُضَّعٌ / وتقصِدُكَ الأيّامُ وهيَ وُفودُ
سلامٌ حَكى في حُسنِه لُؤلؤَ العِقدِ
سلامٌ حَكى في حُسنِه لُؤلؤَ العِقدِ / وضُمِّخَ منه الجَيبُ بالعنبرِ الوَرْدِ
وأروى تحيّاتٍ تغنّى بروضِها / حَمامُ الثّنا شُكراً على فنَنِ الوُدِّ
وخير دُعاءٍ قد أصابَ إجابةً / بسهمِ خُشوعٍ فوّقَتْهُ يدُ المجدِ
منَ المخلِصِ المَملوكِ يُهدي كرامةً / إلى السيّدِ المعروفِ بالفضلِ والوَفْدِ
إلى اِبنِ الكِرامِ الفاخرينَ ذوي العُلا / حليفِ النّدى المولى الحُسينِ أخي الرُشْدِ
سَحابٌ إذا اِستَسقى العُفاةُ نوالَهُ / يَجودُ بِلا وعدٍ ويَهمي بلا رَعْدِ
كريمٌ إذا هبّ السّؤالُ بسَمْعِه / يُنبّهُ عن أخلاقهِ حدقَ الوَردِ
بمولدِه طابَ الزّمانُ وأهلُه / وشبّ وقرّتْ مُقلةُ العدلِ والمجدِ
يرقُّ إذا رقّ النسيمُ لدى النّدى / ويَقسو لدى الهيجاءِ كالحجَرِ الصّلْدِ
تكوّن من بأسٍ وجودٍ وبأسُه / بأعضائِهِ يوري وراحاتُه تُندي
إذا جادَ يوماً من بني المُزنِ خِلتَهُ / وإنْ هزّ سيفاً خِلتَهُ من بَني الأُسْدِ
تكمّل في وجهِ السّعادةِ وجهُه / فأشرقَ في إكليلِه قمرُ السّعْدِ
ألا فاِحمِلي يا ريحُ منّي أمانةً / تحدِّثُ عن حِفظِ العُهودِ له عِندي
رسالةَ مُشتاقٍ إليه كأنّما / تنفّسَ منها الصُّبحُ عن عبَقِ النّدِّ
وعنّيَ قبِّل يا رسولُ يمينَهُ / وبُثَّ لديه ما أُجِنُّ من الوَجْدِ
وبلّغْهُ تسليمي عليه فعلّه / يُجيبُك في ردِّ السّلامِ على البُعدِ
فذلك مَنٌّ منهُ كالمَنّ طعمُه / يلَذُّ به سَمعي ويَشفى به كبدي
وإنّي لمَمنونٌ لديكَ بقصدِه / ولو كنتَ مجرى كالدُموعِ على خدّي
ويا لَيتَها نعلٌ برجلَيْكَ شُرِّفا / بتُربةِ وادِيه المقدّسِ من جِلدي
عليهِ سلامُ اللّهِ ما حنّ شيّقٌ / وأوْرَتْ صَباباتُ الغرامِ صَبا نجْدِ
هوى الكوكبُ الدُرّيّ من أفُقِ المجدِ
هوى الكوكبُ الدُرّيّ من أفُقِ المجدِ / فتبّاً لقلبٍ لا يذوبُ من الوجدِ
وتَعْساً لعَينٍ لا تَفيضُ دموعُها / فقد غاضَ بحرٌ من مُلوك بَني المَهدي
تداركَهُ كسْفُ الرّدى بعد تمِّه / فحالَ وحالَتْ دونَه ظُلمَةُ اللّحْدِ
مضى فالنُّهى من بعدِه واجِدُ الحَشا / وصدرُ العُلى من بعدِه فاقِدُ الخَلْدِ
برَتْهُ المَنايا وهْوَ عُضْوٌ من النّدى / فأصبحَ كفّ المَكرُماتِ بلا زَنْدِ
ألا فاِندُبوا يا وافِدونَ اِبنَ مُحسنٍ / فقد هُدّ رُكْنُ الجودِ من كعبةِ الوفدِ
وعزّوا بني السّاداتِ فيهِ فإنّما / بهِ رُفِعَتْ من ذِكرِهم سورةُ الحَمدِ
تَوارَى فأورى في القُلوبِ صَبابةً / فحيّاً ومَيْتاً لم يزَلْ واريَ الزَّنْدِ
هو اِبنُ رسولِ اللّهِ والجوهرُ الّذي / تكوّن من نورِ النّبوّةِ والرُّشْدِ
لقد وهَبَ الدّنيا لأكرَمِ والِدٍ / وآثرَ في طوبى القُدوم على الجَدِّ
تنازعُ فيه الحورُ حُبّاً وغيرةً / وتَغبِطُهُ الوُلدانُ في جنّةِ الخُلْدِ
لوَ اِنّ بناتِ النّعْشِ في سَمْكِ نعشِه / لَصارَتْ لبَدْر التّمِّ من أكرَمِ الوُلْدِ
فحقّاً لمَلْكِ الحوْزِ يَشكو فِراقَهُ / فعَنْ غابه قد غابَ خيرُ بني الأُسْدِ
وحقّاً لِعَيْنِ الحربِ تبكي له دَماً / فقد فقدَتْ في فَقْدِه سَيفَها الهِنْدي
وحقُّ العُلى أن تنبُشَ الأرضَ بعدَهُ / فقد ضيّعَتْ في التُّرْبِ واسطةَ العِقْدِ
سرى طيبُه في الأرض حتّى كأنّما / تبدّلَ منها الطيبُ بالعَنبَرِ الوَردي
فحسبُكِ يا أكفانَهُ فيهِ مَفْخَراً / فإنّكِ من نصلِ العُلا موضعُ الغِمدِ
ويا نَعشَهُ باللّهِ كيفَ حملْتَهُ / ويا لحدَهُ كيف اِنطوَيْتَ على أحْدِ
جَوادٌ على آثارِ آبائِه جرى / وأجدادِه الغُرِّ الغطارِفةِ اللُّدِّ
ولو لم تعُقْهُ الحادثاتُ عن المَدى / لأدركَ من غاياتِهم غايةَ القَصْدِ
ولو أنّ شقَّ الجيبِ قد ردّ فائِتاً / لقلّ وإنّي قد شقَقْتُ لهُم كِبْدي
ولو قبِلَ الموتُ الفِداءَ فديتُه / ولكنّهُ لن يُعطيَ الحُرَّ بالعَبْدِ
بَنو المجدِ لا أصمَتْكُمُ أسهُمُ الرّدى / ولا شلّتِ الأيامُ منكُم يَدَ الرِّفدِ
ولا اِمتحَنَتْ بالبَينِ يوماً عُيونكُم / ولا أحرقَتْ أحشاءَكُم لوعةُ البُعدِ
ولا برِحَتْ آراءُكم وأكفُّكُم / مصابيحُها تَهدي وراحاتُها تُجدي
فَجرُ الهُدى
فَجرُ الهُدى / بَادِي السَّنا
غَيثُ النَّدَى / شَمسُ الدُّنَا
حَتفُ العِدَا / سِمطُ الثَّنَا
نابُ الرَّدَى / رُوحُ المُنَى
مُروِي الصَّدَى / رَحبُ الفَنَا
عَفُّ الرِّدا / كَنزُ الغِنَى
أوائل أسماءِ الّذين اِرتجيتهم
أوائل أسماءِ الّذين اِرتجيتهم / يفرّجُ عنّي فيهم المتشدّدُ
ثلاثة حاءاتٍ وأربع أعينٍ / وأربع ميماتٍ وجيمٌ موحّدُ
جَعلتكَ بالسويدا من فؤادي
جَعلتكَ بالسويدا من فؤادي / ومن حدقي فَدَيتُكَ بالسوادِ
هوَيتكَ واِصطفيتكَ دون رهطي / وأولادي فكنت من الأعادي
جهلت أبوَّتي وجحدت حقّي / وقابلتَ المودَّة بالعنادِ
أتنسي حسنَ تربيتي ولطفي / وما سيقت إليكَ من الأيادي
رجوتكَ كالعصا لأوان شيبي / ومُعتمدي إِذا مالَت عمادي
وإن كَسرت يدُ الحدثان عظمي / ترى منهُ بِمنزلةِ الضمادِ
ولستُ إخال فيكَ يخيبُ ظنّي / وَيُخطي سهمُ حَدسي واِجتهادي
عساكَ عليَّ تعطفُ يا حبيبي / وتهجرُ ما تروم من البعادِ
يا من بهِ الجمع في يوم الوغا مشهود
يا من بهِ الجمع في يوم الوغا مشهود / جوارحي في نوالك لك عليَّ شهود
وبعد يا طبّ سقم الممرض المجهود / ومن إليهِ المعالي بالورى اِنتسب
وماجد بعد خلّاقي عليهِ اِحتسب / لما عشقت المدح وأنا عشقت الكسب
صيّرت رمحي يراعي والمديح جنود / وأتيت غابر على مالك بخمس بنود
ما الظن أَظما وفي كفيك بحرِ الجود
ما الظن أَظما وفي كفيك بحرِ الجود / وامحل وسحب نوالك باللجين تجود
وبعد يا منه تغدى الأسود تجود / ماذا العجب يا حليف الجود يا بركات
أشكو الفقر وأنت يا كنز الغنى موجود /
يا مصدر البيض محمرّه وسمر الصعد
يا مصدر البيض محمرّه وسمر الصعد / ومن بعزمه إلى سمك الثريا صعد
كلٌّ وعدته بوعد يا سلالة معد / إلّا أنا بعد يا مورد قناة المعد
لي لوعة فيك طول الدهر تتجدّد
لي لوعة فيك طول الدهر تتجدّد / ودمعة فوق صحن الخدّ تتردّد
ومهجة لا تزال إليك تتوقّد / من الحويزة إلى كرمان تتردّد
لناركم بالجوى يا نازحين وقود
لناركم بالجوى يا نازحين وقود / ومن دموعي لكم يا ناظمين عقود
يزورني الطيف منكم والعيون رقود / فانتبه والفواد وطيفكم مفقود