المجموع : 140
أستغفرُ الله لا مالي ولا ولدي
أستغفرُ الله لا مالي ولا ولدي / آسي عليه إذا ضمَّ الثرى جسدي
عفتُ الإقامةَ في الدنيا لو انْشرَحت / حالي فكيف وما حظِّي سوى النكد
وقد صدِئتُ ولي تحتَ الترابِ جلاً / إنَّ الترابَ لجلاَّءٌ لكلِّ صدي
لا عارَ في أدبي إن لم ينل رتباً / وإنَّما العارُ في دهري وفي بلدي
هذا كلامي وذا حظِّي فيا عجباً / منِّي لثروةِ لفظٍ وافْتقارِ يدِ
إنسانُ عينيَ أعشتهُ مكابدةٌ / وإنَّما خلِقَ الإنسانُ في كبد
وما عجبتُ لدهرٍ ذبتُ منه أسىً / لكن عجبتُ لضدٍّ ذاب من حسد
تدورُ هامتهُ غيظاً عليَّ ولا / والله ما دارَ في فكري ولا خلدي
من لي بمرِّ الرَّدى كيما يجاورني / رباً كريماً ويكفيني جوار ردي
حياةُ كل امرئٍ سجنٌ بمهجته / فأعجبُ لطالبِ طول السجن والكمد
أمَّا الهمومُ فبحرٌ خضتُ زاخرَهُ / أما ترى فوقَ رأسي فائض الزَّبد
وعشتُ بين بني الأيَّامِ منفرداً / ورُبَّ منفعةٍ في عيشِ منفرد
لأتركنَّ فريداً في التراب غداً / ولو تكثرَ ما بين الورى عدَدِي
ما نافعي سعةٌ في العيشِ أو حرجٌ / إن لم تسعنيَ رُحمى الواحدِ الصمدِ
يا جامعَ المالِ إنَّ العمر منصرمٌ / فابْخل بمالِكَ مهما شئتَ أو فجدِ
ويا عزيزاً يخيطُ العجبُ ناظرَهُ / أذكرْ هوَانك تحت الترب واتَّئدِ
قالوا ترقَّى فلانُ اليومَ منزلةً / فقلتُ ينزلهُ عنها لقاء غدِ
كم واثقٍ بالليالي مدَّ راحتهُ / إلى المرامِ فناداه الحمامُ قَدِ
وباسطٍ يدهُ حكماً ومقدِرَةً / ووارِد الموت أدنى من فمٍ ليدِ
كم غيَّرَ الدهرُ من دارٍ وساكنها / لا عن عميدِ ثنى بطشاً ولا عمُدِ
زالَ الذي كانَ للعليا به سندٌ / وزالتِ الدَّارُ بالعلياءِ فالسندِ
تباركَ الله كم تلقى مصائدَها / هذي النجومُ على الدانين والبعدِ
تجري النجومُ بتقريب الحمام لنا / وهنَّ من قربه منها على أمدِ
لا بدَّ أن يغمسَ المقدارُ مديتهُ / في لبَّة الجدي منها أو حشى الأسدِ
عجبتُ من آملٍ طولَ البقاءِ وقدْ / أخنى عليه الذي أخنى على لبدِ
يجرُّ خيط الدجى والفجر أنفسنا / للتربِ ما لا يجرّ الحبل من مسدِ
هذي عجائب تثني النفس حائرةً / وتقعد العقلَ من عيّ على ضمدِ
مالي أسرُّ بيومٍ نلتُ لذَّته / وقد ذوى معه جزءٌ من الجسدِ
أصبحتُ لا أحتوي عيش الخمول ولا / إلى المراتبِ أرمي طرفَ مجتهدِ
جسمي إلى جدثِي مهوايَ من كثب / فكيف يعجبني مهوايَ من صعدِ
لا تخدعنَّ بشهدِ العيش ترشفه / فأيُّ سمٍّ ثوى في ذلك الشهدِ
ولا تراعِ أخَا دُنيا يسر بها / ولا تمارِ أخَا غيٍّ ولا لدَدِ
وإن وجدت غَشومَ القوم في بلدٍ / حلاً فقلْ أنتَ في حلٍّ من البلد
لأنصحنك نصحاً إن مشيت به / فيالهُ من سبيلٍ للعلى جددِ
إغضاب نفسك فيما أنت فاعله / رِضى مليكك فأغضبها ولا تزِدِ
لامُ العذارِ أطالت فيك تسهيدي
لامُ العذارِ أطالت فيك تسهيدي / كأنَّها لغرامي لامُ توكيد
وخلفُ وعدك خلقٌ منك أعرفه / فليت كان التجافي منك موعودي
يا من أفنّد في وجدي عليه وما / أبقى الأسى فيّ ما يصغى لتفنيد
عاب العدى منك أصداغاً مجعدة / عيب المقصر عن نيلِ العناقيدِ
وعقد بندٍ على خصر رجعت به / ذا ناظر بنجومِ الليلِ معقود
كأنه تحت وجدان القبَا عدَمٌ / وا حيرتي بين معدوم وموجود
ردَّ الجفاءُ سؤالي فيك أجمعهُ / فما لسائلِ دمعي غير مردود
لقد خضعت إلى وجدي كما خضعت / إلى المؤيدِ أعناقُ الصناديد
داعي المقاصد في علم وفي كرم / إلى لقاءِ مليّ الفضلِ مقصود
تسري سفينُ الأماني نحو منزله / فتستوي من أياديه على الجودي
ذاكَ الذي أسعدَتْ أعمارنا يده / فما نفكرُ في حكمِ المواليد
ملكٌ إذا تليت أوصاف سؤددهِ / ألقى السراة إليها بالمقاليد
ذو العلم قلدَ طلاب الهدى منناً / حتى وصفناه عن علم وتقليد
والجود راش ذوي الجدوى وطوقهم / فما يزالون في سجع وتغريد
والجيشُ قد ألفتْ باليسر رايته / تألف الطرف في مغراه بالسيد
يبدو وقد سخر الله العبادَ له / فالطير والوحش في الآفاق والبيد
حتى يقول موَاليه وحاسده / هذا ابن أيوب أم هذا ابن داود
لا تنكر المدحة الحسنى وقد قرنت / بشاهدٍ من معاليه ومشهود
أغنى العفاة فلولا ناهيات تقًى / أستغفر الله سموه بمعبود
وَواصلَ الحرب حتى كل معركة / كأنها بيتُ معنًى ذات ترديد
يهوى الرماح قدوداً ذات منعطف / والمرهفات خدوداً ذات توريد
إذا انتشى من دم الأوداج صارمه / رمى العدى بشديد السطو عربيد
وإن أفاض حديثاً أو نوال يدٍ / وردْت من حالتيه غير مورود
جواهراً لا يحد الوصف غايتها / فاعجب لجوهرِ شيءٍ غير محدود
وأنعماً دأبها إسداءُ بكر يدٍ / لكنهنَّ أيادٍ ذاتُ توليد
لو أنَّ للبحر جدواه لفاض على / وجه الثرى بنفيس الدرّ منضود
ولو أمرّ على صلد الصفا يدهُ / لأنبت العشبَ منها كلّ جلمود
يا حبَّذا الملكُ الساري على شيم / تروى وتنقل عن آبائه الصيد
أدنيت من نارِ فكري عودَ مبعثه / عند الثناء ففاحت نفحة العود
نعم العمادُ لراجٍ مدّ رغبته / فمد نحو لقاها طرف معمود
يممت في حال مرحوم منازله / ثم انثنيت وحالي حال محسود
ورحت أنقل عن أيوب أنعمه / نحو الصّلات فمن عطف وتوكيد
إن شئت تنظرُ في زهر الربى مطراً / فانظرْ نوالَ يديهِ في أناشيدي
وإن أردت عياناً أو محادثة / فاهرع إلى سندي واسمع أسانيدي
يا من تحليت من ألفاظه وندى / كفَّيه حلية فضل ذات تجديد
إن كان لفظك مثل القرط في أذني / فإنَّ جدواك مثلُ العقد في جيدي
عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد
عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد / يصول بأسياف الجفون ولا يد
غزالٌ يناجيني بلفظٍ معرّب / ولكنه يسطو بلحظٍ مهند
وقدّ روت عن لينه واعتداله / صحاح العوالي مسنداً بعد مسند
إذا قعدت أردافه قام عطفه / فيا طول شجوي من مقيم ومقعد
كلفت به من قبل ما طال قدّه / فطوّله فرطُ العناق المردَّد
وعاينت من فيه العقيقيّ خاتماً / فصغت له باللثم فصّ زبرجد
وحدّثني من ثغره ورضابه / عن الجوهريّ المنتقى والمبرَّد
وكنت حذرت الخود حين تمردت / فأوقعني طرفي لأمرد أمرد
يُخيلُ لي أني له لست عاشقاً / لأنْ ليس لي في حبه من منفد
ولولا الهوى ما بتّ بالدمع غارقاً / عليه وأشكو للورى غلة الصدي
وألثم عطفيه وجفنيه بعد ما / قُتلت برمح منهما ومهند
وأبصر فيما تحت صدغيه من سناً / خيالي خلوقاً تحت محراب مسجد
وربَّ مدام من يديه شربتها / معتعةً تدعو لعيش مجدَّد
إذا جئته تعشو إلى ضوء كاسه / تجد خير نار عندها خيرُ موقد
تحدثك الأنفاس فيها عن اللما / ويأتيك بالأخبار من لم تزَوَّد
فشم بارقاً قد خوَّلتك ولا تشم / لخولة أطلال ببرقة ثهمد
من الّلآءِ خفّت في يمين مديرها / فلو أهرقتها الكأسُ لم تتبدَّدِ
مصعَّدة من حيث تم كيانها / تطافُ علينا في إناءٍ مجسَّد
فأحسنْ بها من كفِّ ساقٍ كأنه / إذا حفَّها محتاب ثوب مورَّد
إذا قهقه الإبريقُ في فمهِ انثنى / فقل في قضيبٍ ماس تحت مغرد
كأنَّ سنا راووقها وصبيبها / حبالُ شعاعِ الشمسِ تفتلُ باليد
كأن بقايا ما نضا من كؤسها / أساوِرُ تبرٍ في معاصمِ خُرَّد
كأن مليكَ الفرسِ صوَّرَ نفسهُ / على جامها عمداً فمنْ يدنُ يسجُدِ
سقى الغيث عني ذلك العيش إنه / تولى هنيءَ الوِرْدِ غير مصرَّد
وفرَّق إلا مقلتي وسهادَها / وجمَّع إلا مهجتي وتجلّدي
وبدرً سرى في طيةِ البينِ متهماً / فيا صاحبي دمعاً لعلكَ منجدي
وقال النسلي بمدنا لجفونه / سهرتِ زماناً يا نواعسُ فارْقدي
حبيبٌ قسمت الشعرَ ما بين حسنهِ / وأوصافِ ملكٍ شامخِ القدرِ أصيد
فلا غزلٌ إلا لهُ من قصيدةٍ / ولا مدحَ إلا للمليكِ المؤيدِ
مليكٌ رأى أن لا مباريَ في الورى / فظلَّ يباري سؤددَ اليومِ بالغد
أخو عزماتٍ في العلى جدَّ جدّها / فلادَدُ منها لا ولا هيَ من دَدِ
سما وعلا حتى كأنَّ ذيولهُ / غمائمُ قد لينت على فرق فرقد
يطوف رجاء المعتفين مقامه / بأبلج هطًّال اليدين ممجَّد
لو اختصمت أهل المكارم في الندى / لقال مقال الحقّ ملكي وفي يدي
ولو قصدته الوحشُ والطيرُ لم تُرَعْ / بمفترسٍ يوماً ولا متصيِّد
كذلكَ فليحفظ تراثَ جدودهِ / مليكٌ بنى فوقَ الأساسِ الموطَّد
توافقتِ الأهواءُ في ذات فضله / فمن حاكمٍ عن علمه ومقلّد
متى شئت يا راعي الكرام وجدته / غمام الندى في دسته قمر الندي
يؤمّ حماهُ طالبٌ بعدَ طالبٍ / فذو الحال يستجدي وذو العلم يقتدي
مباحثُ علمٍ بلدت كلَّ مفصح / على أنها قد فصَّحت كلَّ أبلد
ولفظٌ كأنَّ السحرَ فيه محللٌ / ألم ترَهُ في الذَّوقِ غيرَ معقَّد
كأن النجومَ الزّهرَ في كبد الدّجى / شرارُ لظًى من ذهنه المتوقد
ولا عيبَ فيه غيرُ إسراف جوده / وأنَّ مدَى علياهُ غيرُ محدَّد
تجولُ ثغورُ اللثمِ حولَ بنانه / كما جالَ عقدٌ في ترائب أجيد
هيَ النفسُ ما أفنت ثراءً مفرَّقاً / فعوَّضها إلا بمجدٍ منضَّد
وما المالُ بين الناسِ إلا أزاهرٌ / بروضٍ متى لم تجنَ تهوِ وتفقد
رعى الله أيامَ المؤيد إنها / أحقّ وأولى بالثناءِ المؤيد
حمت وهمت فالناسُ ما بين هاجدٍ / أماناً وداعٍ في الدّجى متهجد
وما عرفتْ يومي ندًى وشجاعة / بأخلاقِ موعودٍ ولا متوَعد
ورُبَّ وغًى موهي السوابغَ حرّها / ويتركُ أعطافَ الحسامِ كمبرد
تيممها الملكُ المؤيدُ وادِعاً / تيممَ منصورِ اللواء مطوَّد
جلت بمساويك الرِّماح جيوشه / خلوفَ العدَى من كلّ ثغرٍ ممهد
وصلت بأوطانِ الشهادةِ بيضهمْ / تماماً كأنَّ البيضَ زُوَّارُ مشهد
تقوم بأيديهم وتركعُ في الطلا / وتسجدُ في بطن الجوادِ المزَرَّد
دَعِ المبتغي نحو الأكارم شافعاً / وجئهُ فقيراً بالرَّجاءِ المجرَّد
هنالكَ تلقى نعمةً إثرَ نعمةٍ / لداعي الندى مثل النداء المؤكد
ومبيضّ آثارِ الصنائع أحمدت / مناقبه أيام كلّ مسود
إذا شامَ رأياً في الملمات كفها / بأفتك من صرف الزمان وأكيد
وإن طلب الأعداء راع جيادهم / فذو السبق في تمحيله كالمقيد
وخلفهم تبكي على الجسد الطلا / بكاءَ لبيدٍ يوم فرقة أربدِ
وقصرَ عن هيجائه شعرُ مادحٍ / فأصغى إلى مدح الوشيج المقصد
وحدَّثنا يومَ الفخار جبينه / أحاديث صدق عن طهارة محتد
ولولا تكاليف العلى وشجونها / لما كان فيها مرصدٌ فوق مرصد
ليهنكَ وِدّ الناصرِ الملك إنهُ / دليلٌ على وصل الهنا المتودّد
أخذْتَ به من كلّ ريبٍ براءَةً / فيالك من أنفالِ رأي مسدَّد
وقطَّعت أسباب الحوادثِ بعدما / علقتَ بحبل من حبال محمد
وهزَّك غصناً في مهمات ملكه / فصان بمسلول وزانَ بمعمد
وما زالت للألقاب في الفضل صالحاً / تشرّفها ما بين مثنى وموحد
كأني بأوطان العراق وقد عنتْ / لشام وأقصى شرقها وكأن قد
ولست إذا عدّ المقالُ بكاهنٍ / ولكنّ من تزجرْ بيمنكَ يرشد
إليك سلكت الخلق سمحاً وباخلاً / وجبت المرامي فدْفدا بعد فدْفدِ
فوفيتني وعدَ الأماني وإنها / سجيةُ إسماعيلَ في صدقِ موعد
وجاد بكَ الدهرُ البخيلُ وطالما / تدفَّقَ عذبُ الماء من قلب جلمد
فيا ليت قومي يعلمون بأنني / تعجلت من نعماك أضعاف مقصدي
وجملت فيك الشعر حتى نظمتهُ / فما البيتُ إلا مثل قصرٍ مشيدِ
وأخملت أرباب القريض كأنني / أدرتُ على أسماعهم كأس مرقدِ
فلا زلت مخدوم المقامِ مخلداً / ومن يكتسب هذا الثناءَ يخلد
شكرتك حتى لم تدعْ ليَ لفظةً / وكدت بأن أشكوكَ في كل مشهد
لأنك قد أوهنت جهدي باللهى / وأنسيتني أهلي وأكثرتَ حسَّدي
تحلو الثغور بذكرك المتردد
تحلو الثغور بذكرك المتردد / حتى أهمّ بلثم ثغر مفندي
وأراك تتهمني بصبرٍ لم يكن / يا متهمي هلاّ وصالك منجدي
آهاً لمقلتك الكحيلة إنها / نهبت سويدا كلّ قلب مكمد
تلك التي للسكر فيها حانة / قالت لحسنكَ في الخلائق عرْبد
دعجاء ساحرة لأن لحاظها / تفري جوانحنا بسيف مغمد
حظي من الدنيا هواي بجفنها / يا شقوتي منها بحظ أسود
عجباً لوجهك وهو أبهى كوكب / كم ذا يحار عليه قلب المهتدي
من لي بيوم من وصالك ممكن / ولو أنه يوم الحمام بلا غد
ولخدك القاضي بمنع زكاته / عني وقد أثرت يداه بعسجد
رفقاً بناظريَ الجريح فقد جرى / ما قد كفى من غيرة وتسهد
وحشاشة لم يبق فيها للأسى / والهمّ إلا نبذة وكأنْ قد
هذي يدي في الحب إنك قاتلي / طوع الغرام وإن حسنك لا يدي
لو كان غير الحب كان مؤيداً / بمقام منصور اللقاء مؤيد
ملك تصدى للوفود بمنزلِ / يروى بلثم ترابه قلب الصدي
متنوع الآلاء أغنى بالندى / وسطاً فكيف المعتفي والمعتدي
وسرت لُهاه لكل قاطن منزل / سرْيَ الخيال إلى جفون الهجد
لو كان للأمواه جود بنانه / لطوت ركاب السفر عرض الفدفد
ولو أنَّ راحته تمرّ على الصفا / لارتاح للمعروف قلب الجلمد
لا تستقرّ بكفه أمواله / فكأنها نومٌ بمقلة أرْمد
حبًّا لأسداءِ الصنائع والندى / وهوى بأبكار العلى والسؤدد
قضت مكارمه ومآربَ حبه / فلو أنَّ قاصدَه درى لم يحمد
وحمى فجاجَ الأرض منه لهمةٍ / قالت لجفن السيف دونك فارقد
كم أنشرَتْ جدواه فينا حاتماً / ولكم كفانا بأسهُ دهراً عدي
ما لابن شادٍ في العلى ندٌّ وسل / عما ادّعيت سنا الكواكب يشهد
بين المكارم والعلوم فلا ترى / بحماه إلا سائلاً أو مقتدي
أقواله للمجتني ونكاله / للمجتري ونواله للمجتدي
في كلِّ عامٍ لي إليه وفادةٌ / تغني قصيدي عن سواه ومقصدي
نعم المليكُ متى ينادَى في الورى / لعلى فيا لكَ من منادى مفرد
واصلتُ قولي في ثناهُ فحبذا / متوَحدٌ يثني على متوحد
إن لم يكن هذا الحمى العالي فمن / لنظامِ هذا اللؤلؤ المتبدد
يا أيها الملك المهنى دهرهُ / صمْ ألفَ صومٍ بالهناءِ وعيِّد
واملكْ من العمرِ المؤيدِ خلعةً / ما تنتهي في العين حتى تبتدي
نجمٌ تولد بين الشمسِ والأسدِ
نجمٌ تولد بين الشمسِ والأسدِ / هنئتَ بالوالدِ الأزكى وبالولدِ
ودام ملكك مضروباً سرادقه / على ضروب التهاني آخر الأبدِ
يا حبَّذا الملكُ قد مدت سعادته / ما شئت من عضدٍ سامٍ إلى عضد
وحبَّذا بيت إسماعيل مرتفعاً / على قواعدَ أمست جمةَ العددِ
جاء البشير بنجل النجل مقتبلاً / فيا لها من يد موصولة بيد
فرعٌ من الدوحةِ العلياء مطلع / مع أنه من ثمارِ القلب والكبد
مدت إليه المعالي كفّ حاضنةٍ / وضمه الملك ضمّ الروح بالجسد
وماست السمر بالإعجاب وابتسمت / بيض السيوف وقرّت أعين الزّرد
وغرَّدت بأغانيها القسيّ على / أوتارِهنَّ غناء الطائر الغرد
واستشرف القلم العالي للثم يدٍ / عريقة سوف تعلو فوق كل يد
واختالت الخيل من زهوٍ فوقَّرها / ما سوف تحمل من عزم ومن جلد
كأنني بفتى المنصور ممتطياً / جيادها الغرّ في فرسانه النجد
نحو الغزاة ونحو الصيد يعملها / إما الطراد وإما لذة الطرد
للهِ كوكب سعد في سماءِ علًى / لو حلّ في الأفق لم يظلم على أحد
له مخايلُ من مجدٍ تكلمنا / في مهده بلسان الحلم والرشد
تكاد تنضو وشاحيهِ حمائله / وتنزع الدرع عنه القمط من حسد
عصائبُ الملكِ أولى من عصائبه / فهنَّ من غيرة في زيِّ مرتعد
يا آل أيوب بشراكم بوجه فتًى / مظفر الحد طلاعٌ على نجد
يروي حديث المعالي عن أبٍ فأبٍ / رواية التبر في ألحاظ منتقد
هذا المؤيد صان الله دولته / قلْ في مناقبه الحسنى ورد وزد
ملكٌ له في ظلال العزِّ منزلةٌ / ترنو إليه نجوم الفلك من صعد
محكّم الأمر للأقلام في يده / وللسيوف مقام الركَّع السجَّد
وناشر بنداه كلّ قافيةٍ / أخنى عليها الذي أخنى على لبد
ذاك الذي في حماة نبع أنعمه / وقلب حاسده للهمّ في صعد
حدثت عن فضله ثم استندت له / فلا عدمت أحاديثي ولا سندي
وقمت أكسو بنيه من مدائحه / ما يرفل الملكُ في أثوابه الجدَدِ
الحمدُ للهِ أحياني وأمهلني / حتى بلغت بعمري أكرم الأمد
للجد والأب والابن امتدحت فيا / فوزي بها كلها أبهى من الشهد
كأنما الملكُ المنصورُ واسطة / وليس في العقد درٌّ غير منفرد
ذو الجود والبأس في يومي ندًى وردًى / ما بين منسجمٍ يوماً ومتقدِ
والسيفُ والرمحُ لا يهوى لغيرهما / لَمى من الثغر أو نوعاً من الغيد
ونبعة الملك قد طالت وقد رسخت / فالناس من ظلها في عيشة رغد
هنئت يا ابن عليّ في الفخار بها / ومن يقسك بمنصور ومعتضد
لولا مديحك ما اخترت القريض ولا / والله ما دار في فكري ولا خلدي
سددت رأياً حباك العزّ متضحاً / فزادك الله من عزٍّ ومن سدد
أهواه فتان اللواحظ أغيدا
أهواه فتان اللواحظ أغيدا / ترك الغزال من الحياءِ مشردا
ولأجله الأغصان مالت من صباً / والبدر طول الليل بات مسهدا
وأغنّ أقسم لا عصيت عصابةً / تدعو إليه ولا أطعت مفندا
نشوان من خمر الصبى ودلالهِ / فإذا تثنى أو تجنى عرْبدا
أنا من رأى ناراً على وجناته / تذكو فآنس من جوانبها هدى
أبداً أميلُ إلى لقاه وإن جفا / وتحنّ أحشائي له وإن اعتدى
وأطولَ أشجاني بطرفٍ فاترٍ / ترك الفؤادَ بناره متوقّدا
ومورّد الوجناتِ لولا حسنه / لم يجرِ دمعي في هواه موَرَّدا
شدَّت مناطقه معاطفَ قدّه / فضممت حرفَ اللين منه مشدَّدا
وبليت منه بدور عشقٍ دائمٍ / مثل الهلالِ إذا استسرَّ تجدَّدا
قد أقسمت أحشاي لا تدع الأسى / كأناملِ المنصور لا تدع الندى
أبهى الورى خلقاً وأبهر منظراً / وأجل آلاءً وأكرم موْلدا
ملك يغار البدر لمّا يجتلى / ويذيب قلب الغيث لما يجتدى
في وجهه للملكِ نورُ سعادةٍ / تعشو له الآمالُ واجدةً هدى
فرعٌ يخبر عن مبادي أصله / يا حبَّذا خبرٌ لديه ومبتدا
طالت يداه إلى مآثر بيته / فحبت مكارمه بكلّ يدٍ يدا
ذو همةٍ في الفضل يحكم يومها / ويريك أحكم من فواصلها غدا
وشجاعةٍ تنضي السيوف صقيلةً / وإلى المعامع ربها يشكو الصدى
يزدادُ معنًى بيته حسناً به / فكأنه بيتُ القريضِ مولدا
ويشيم ما سنى أبوه من العلا / لا قاصراً عنه ولا متبلدا
ما شادَ إسماعيلُ بيتَ فخاره / إلا ليستدعي إليه محمدا
سارٍ على منهاجه فإذا رأت / عيناكَ منصوراً رأيتَ مؤيدا
يا ابن الذي ملأ الوجود مواهباً / والأفق ذكراً والصحائف سؤددا
شرَّفت شعري ذاكراً وأنرته / حتى كأنَّ بكلِّ حرفٍ فرْقدا
فلأهدينَّ فريدةً لممدّح / أضحى بنيل نداه شعري مفردا
حسب ابن شادٍ أن يراني للثنا / عبداً وحسبي أن أراهُ سيدا
صدودُكِ يا لمياء عني ولا البعدُ
صدودُكِ يا لمياء عني ولا البعدُ / إذا لم يكنْ من واحدٍ منهما بدّ
بروحيَ من لمياءَ عطفٌ إذا زها / على الغصن قال الغصن ما أنا والقدّ
وعنقٌ قد استحسنتُ دمعي لأجلها / وفي العُنقِ الحسناء يستحسن العقد
من العُرب إلا أنَّ بين جفونها / أحدّ شبا مما يجرّده الهند
على مثلها يعصى العذولُ وإنما / يطاعُ على أمثالها الشوق والوجد
عزيزٌ على العذال عني صرفها / وللقلب في دينارِ وجنتها نقد
أعذَّالنا مهلاً فقد بان حمقكم / وقد زاد حتى ما لحمقكُم حد
وقلتم قبيحٌ عندنا العشق بالفتى / ومن أنتُم حتى يكون لكم عندُ
سمحتُ بروحي للحسان فما لكم / وما لي وما هذا التعسف والجهد
وثغرٌ يتيم الدّرّ سلّمَ مهجتي / فأتلفها من قبل ما ثبت الرّشد
هو البرَد الأشهى لغلة هائمٍ / أو الطلعُ أو نورُ الأقاحي أو الشهد
ومرشفه المنّ الذي لا يشو به / سلوّي أو الرَّاحُ الشمولُ أو النهد
عهدت الليالي حلوةً بارتشافهِ / وهنَّ الليالي لا يدوم لها عهد
فلا ابتسم البرق الذي كان بالحمى / غداةَ تفرّقنا ولا قهقهه الرَّعد
تولت شموس الحيّ عنه ففي العلى / سناها وفي أكباد عشاقها الوقد
وكم ذابحٍ للصبِّ يومَ تحملوا / بأخبيةٍ غنى بها للسرى سعد
فيا قلبُ جهداً في التحرق بعدهم / وهذا لعمري جهدُ منْ لا له جهدُ
ويا دمعُ فضْ وجداً بذكر خدودهم / فإنكَ ماءُ الوردِ إن ذهب الوَرْد
رعى الله دهراً كنت فارسَ لهوه / أروح إلى وصلِ الأحبةِ أو أغدو
جوادي من الكاسات في حلبة الهنا / كميتٌ وإلاّ من صدور المها نهد
وفي عضدي بدر الجمال موسدٌ / وقد قدِحت للرَّاح في خدهِ زندُ
وعيشي مأمون الطباق الذي أرى / فلا الشعرُ مبيضٌّ ولا الحال مسودُّ
زمان تولى بالشبيبةِ وانقضى / وفي فيَّ طعمٌ من مجاجته بعدُ
يزولُ وما زالتْ مذاقته الصبى / ويبلى وما تبلى روائحه البُردُ
له أبداً مني التذكر والأسى / وللأفضل الملكِ القصائدُ والقصدُ
بكم آلَ أيوبٍ غنينا عن الورى / فلم نجدِ الأمداحَ فيهم ولم يجدوا
أتينا لمغناكم تجاراً وإنما / بضائعنا الآمالُ تعرضُ والحمدُ
فنفَّقتمُ سوق الثنا بضنائع / معجّلة للوفد من سبقها وفدُ
ورِشتمْ جناح الآملين وطوّقت / رقابٌ بنعماكم فلا غرْوَ أن تشدو
سقى تربةَ الملك المؤيد وابلٌ / وفيٌّ على عهد المعالي له عهد
لقد صدقتنا في الزمانِ وعودُهُ / وشيمةُ إسماعيل أن يصدق الوعد
وولى وقد أوصى بنا الملك الذي / أبرّ على جمع العلى شخصه الفرد
فما لبني أيُّوبَ ندٌّ من الورى / وما في بني أيوبَ عندي له ندّ
مليكٌ له في الملك أصلٌ ومكسبٌ / وحظّ فنعم الجدّ والجدُّ والجدّ
حوته العلى قبل الحجورِ وهزَّهُ / حديث الثنا من قبل ما هزَّه المهد
وغذَّته للعلياء قبلَ لبانهِ / لباناً لها من مثله مخضَ الزُّبدُ
فجاءَ كما ترضى السيادةُ والعلى / وحيداً على أبوابه للورى حشدُ
رعى خلقه ربُّ العبادِ وخُلقه / فحسَّنَ ما يخفى لديه وما يبدو
ألم ترني يمَّمتُ كعبة بيتهِ / لحجِّ ولائي لا سُواعٌ ولا ودُّ
علقتُ بحبلٍ من حبالِ محمدٍ / أمنتُ به من طارقِ الدهر أنْ يعدو
ويممت مغناه بركب مدائح / يسيل بها غوْرٌ ويطفو بها نجد
من اللاءِ أجدى كُثرُها فتكاثرت / لديّ بها الأتباعُ والأصلُ والولدُ
وأعجبني المرعى الخصيب ببابه / فحالي به الأهنى وعيشي به الرَّغدُ
أيا ملكاً لولا حماهُ وجودُهُ / لما ملح المرعى ولا عذُبَ الوِرْدُ
تجمّع في علياك كلّ مفرَّق / من الوصف حتى الضدّ يظهره الضدُّ
فقربك والعليا وحلمك والسطا / وحزمك والجدوى وملكك والزهد
وعنك استفاد الناسُ مدحاً بمثله / على الشب يشدو أو على الركب إذ يحدو
فدونكها مني على البعد غادةً / يظل عبيداً وهو من خلفها عبدُ
على أنها تحتك منك بناقدٍ / يرجى له نقدٌ ويخشى له نقد
عريق العلى ألفاظهُ كدُروعهِ / غدا والوغى والسلم يحكمه سرْد
حمى الله من ريبِ الحوادثِ ملكهُ / ولا زال للأقدارِ من حوله جند
هو الكافل الدنيا بأنعمهِ فما / يحسّ لمفقودٍ بأيامه فقد
وإني وإنْ أخرتُ سعياً لأرتجي / عوائد من نعماه تسعى بها البرد
إذا المرء لم يشدد إلى الغيث رحله / أتى نحو مغناه حيا الغيث يشتدُّ
وما أنا إلا العبدُ ما في رجائه / ولا ظنّهِ عيبٌ ولا يمكنُ الردُّ
مسلسل الدمع أسير الفؤاد
مسلسل الدمع أسير الفؤاد / يهيم بالتذكار في ألف واد
مجتهد الأوقات في حبكم / وهو مع الواشي بكم في جهاد
ما عقد الليل لأجفانه / هدباً ولا حل عقودَ الوداد
يا عاذلي فات حديث الأسى / فما حديث العذل بالمستفاد
دع أدمعي بالجود فياضةً / فالسابقُ السابقُ منها الجواد
ربّ ليالٍ لو بلغت المنى / فديتها من ناظري بالسواد
مضت بلذاتيَ واستخلفت / ليالياً ألبسها كالحداد
إن يغدُ رأسي أشهباً بعد ما / باد الصبى فالعذر كالصبح باد
مات الصبى واحترقت مهجتي / ففوق رأسي قد نثرت الرماد
مقسم الأحشاءِ ين الأسى / كأنعم الأفضل بين العباد
الملك العابد نام الورى / بعدله وهو كثير السهاد
ذو الجود في عسر ويسر ومن / مثل ذوي التجريب في كل ناد
والهيبة العظمى التي أصلحت / بذكرها السائر أهل الفساد
من اتقى الله اتقت بأسه / كواسر الأفق وغلبُ الوهاد
بينَ كتاب ومصلى إذا / أمسى سواه بين كأسٍ وشاد
قد ساد من قبل الصبى سابقاً / قولهم السؤدد قبل السواد
وحاز بيت المال من إرثه / فشدّ مبناه وأوفى وزاد
أحسن به بيتاً نظيم العلى / بلا زحافٍ في الثنا أو سناد
بين ملوك خلصت بيضهم / دين الهدى من أهل دين العناد
وانشروا الآمال بعد البلى / ونفقوا الأشعار بعد الكساد
يا ملكاً أصبح في الدين والد / نيا سعيدَ الجد والاجتهاد
عش كسليمان على ملكه / تعرض هذي الصافنات الجياد
هلالٌ بأفقِ الملك تزهى سعودُه
هلالٌ بأفقِ الملك تزهى سعودُه / وشبلٌ بغابِ السمر تربى أسودُه
وفرعُ علًى تهتزّ أعطافُ مجده / وينفحُ أبناءَ المحامد عودُه
تباشرتِ الدنيا به وتنافست / مراتبُه في شخصه ومهودُه
وسرّ بني أيوبَ أنَّ مقامهم / محافظة عاداته وعهودُه
إذا غاب ملكٌ لم يغب غيرُ شخصه / وقامَ ابنهُ من بعده وحفيدُه
فيا لك بيتاً في الفخار سعيده / بنوه على حالاته وجدودُه
هنيئاً لبيت الفضلِ أنَّ عمادَهُ / مقيمٌ وأنَّ الملكَ باقٍ عميدُه
وأن وليد الأفضل الملك قد محا / عن الناس حزناً لا ينادى وليدُه
سمعنا به في شهر شعبان فانتهت / لنا والعدى حلواؤه ووقودُه
يكادُ قبيلَ المهدِ تعلو سروجُه / وتنشرُ من قبلِ القماط بنوده
ويهتزّ للجدوى وما هزّ مهده / به وتناغى بالهبات وفوده
شبيه أبيه في الفخار وجده / فيا لقديمٍ قد تلاه جديدُه
سقى الله مثوى جدّه كلَّ مزنةٍ / تضوعُ بها ضوعَ الرياض لحوده
وأبقى أباهُ للسيادةَ والعلى / تُنالُ عطاياهُ وتُحمى جنودُه
وأنشأه في الجود والبأس نشأةً / يبيد بها تبرُ الثرى وحديده
أما والأيادي الأفضلية إنها / تحمّل جهدَ الحمدِ حتى تؤوده
لقد نهضت علياهُ نهضة ماجدٍ / قصيّ مداهُ فائضات مدُودُه
مضيءٌ وما في الأفق برقٌ نشيمه / مفيءٌ وما في الأرض خصبٌ نرودُه
له عزمات في العلى شادَوِّيةٌ / لها أبداً من كلِّ عزمٍ سديدُه
فما همّها إلا ضعيفٌ تسوسه / بفضل نداها أو قويٌّ تسوده
مقسمةٌ أقلامهُ وسيوفهُ / لنعماءَ يبديها وطاغٍ يبيده
عزيزٌ على الساعي مداه وهذه / مهابته عصر الشباب وجوده
إذا كان حربٌ فهو سفَّاحُ يومه / وإن كانَ رأيٌ غامضٌ فرَشيدُه
يرَجّيه من بحر القريض سريعه / فيلقاه من بحرِ النوالِ مدِيدُه
يساويه في حق العلى متشبهٌ / إذا ما تساوى سبطُه ويزيدُه
ويسمى سعيداً دهرُه ومباركاً / فصحَّ لنا أنَّ الدُّهورَ عبيده
تسوق إليه كلّ سعدٍ يشاؤه / وتخدمه في كلِّ أمرٍ يريده
فلو أننا في يوم قصد جنابه / سألنا شباب العمر كادَ يعيده
فلو أنَّ أقمارَ السماء تحجبت / لأغنى سراةَ الليل عنها وُجودُه
ولو أنه لم يحشدِ الجيشَ للوغى / كفتهُ سطاهُ أن يجرَّ حسودُه
ألا إنَّ سلطانَ المعالي محمداً / لمشكورُ سعي المكرماتِ حميدُه
فليتَ عمادَ الدّين يبصرُ نسله / وقد جلّ مسعاهُ وزادَ عديدُه
وما هو إلاَّ بيتُ ملكٍ منظمٍ / فمن أجلِ ذا أيامه تستعيدُه
أأزكى الورَى نفساً وأكرم معشراً / وأمكنهم من سؤدَدٍ تستجيدُه
بكم غنيتْ حالي عن الناس وازدهى / نظامُ كلامي فيكمو وفريده
فما الدّرّ إلاَّ دونَ نظمٍ أنصه / وما القصر إلاَّ دونَ بيتٍ أشيده
إليكَ مديرَ الكأسِ عنيَ إنني
إليكَ مديرَ الكأسِ عنيَ إنني / رأيت دموع الخوف تقطع للصدى
وإياك باللمياء يشرقُ خدَّها / فإنيَ لم آنس على ناره هدى
نزعتُ فلا الساقي لديّ براكعٍ / وليستْ أباريقُ المدامةِ سجدا
وما أنا بالساعي لمحراب طرَّةٍ / على طلعةٍ كانت لعشقيَ مشهدا
كفى ما استبنت اليوم لي من جرائمٍ / إذا لم أبدِّلها فيا خجلي غدا
إلهيَ قد مدَّ الرجا يدَ قاصدٍ / وَجودُكَ أولى أن تبلغه يدا
وقدَّمت آباءً ونسلاً فكيف لي / بباقيةٍ والأصلُ والفرعُ قد غدا
وفاضَ وليٌّ من دموعي فعله / يكونُ وليًّا للإنابةِ مرشدا
بروحي إناساً قبلنا قد تقدموا / ونادوا بنا لو أننا نسمع النِّدا
وسارت بهم سيرَ المطيّ نعوشهم / وبعض أنين القادمين لهم حدا
وأمسوا على البيداء ينتظروننا / إلى سفرٍ يقضي بأن نتزوَّدا
فريدون في أجداثهم بفعالهم / وكم منهمُ من ساقَ جنداً مجنَّدا
تساوَوْا عِدًى تحت الثرى وأحبةً / فلا فرق ما بين الأحبة والعدى
سل الدهرَ هل أعفى من الموت شائباً / غداةَ أدارَ الكأس أم ردّ أمردا
وهل أبقت الأيامُ للعلم والعلى / وبذل الندى ذاكَ المليكَ المؤيدا
وهل تركت للسؤدد ابن عليّه / وهل قبلت منا الفِدى لأبي الفِدا
غياث الورى يومي رجاً ومخافةً / شهاب العلى نجم الهدى كوكب الندى
ألا في سبيل الله نصل عزائم / وعلم غدا في باطن الأرضِ مغمدا
على الرّغمِ منا أنْ خبا منه رونقٌ / وجاوَبنا من حولِ تربتهِ الصّدى
غنينا زماناً في ظلالِ نواله / فلله ما أغنى زماناً وأرْغدا
نزورُ حمًى ما لامسَ الخطبُ جارَه / ونجني عطاً ما رَدَّ من لامسٍ يدا
ونمدح معتاد المديح وإنما / لكل امرئٍ من دهره ما تعودا
إلى أن قضى الدنيا سعيداً مؤملاً / وعاد إلى الأخرى شهيداً ممجدا
وخلّف إسماعيل أركانَ بيته / مؤسسةً يدعو إليها محمدا
مليكٌ حوى في الملكِ أفضل وصفه / فيا حبَّذا نعتاً ونفساً ومحتدا
له همةٌ توَّاقةٌ شادَويةٌ / إذا صعدت تاقت لأشرف مصعدا
إذا بلغت في الملك دار نعيمه / أبى عزمه إلا النعيم مخلَّدا
فكم هاجدٍ تحت الثرى ومحمدٌ / أخو الملك أمسى ساهداً متهجدا
تزَهَّد حيثُ العمرُ والملكُ مقبلٌ / وقد قلّ من لاقاهما متزهدا
فديناهُ مهدياً لحالٍ رشيدةٍ / وقلّ لذاك الفضل بالأنفسِ الفدى
رعى ليَ في الملكِ المؤيد ذمةً / ولم ينس لي فيه قصيداً ومقصدا
وأشهدني عهدَ الشهيدِ بأنعمٍ / أبى عطفها أن لا يكون مؤكدا
أيا ملكاً ندعوه للسلمِ والوغى / وللدين والدّنيا وللجدِّ والجدا
أيا سالكَ التقوى طريقاً منيرةً / ويا بانيَ المعروف حصناً مشيدا
ويا واضعاً في كفهِ السيف لم يضر / علاه بوضع السيف في موضع الندى
على أبركِ الأوقاتِ تسري لمقصدٍ / وترجع موفور العلى متزيدا
عوائدُ لطفِ الله فيكَ جميلةٌ / فلا تدفع الرجوى ولا تحذر العدى
فكم سرتَ محمودَ المسيرِ مهنأً / وعدتَ فكان العودُ أهنى وأحمدا
أناعسةَ الأجفانِ أسهرتِ مكمدا
أناعسةَ الأجفانِ أسهرتِ مكمدا / عسى تكحلي عينيه بالخصر مرودا
فيا حبَّذا للخصر مرود عسجدٍ / جعلت عليه للذَّوائب إثمدا
لئن فهمت عيناكِ حالي معرّباً / لقد سلَّ منها الجفن سيفاً مهنَّدا
وإن كان فيك الحسن أصبح كاملاً / لقد أصبح اللاّحي عليك مبرَّدا
وإن كنت مع شيبي خليعَ صبابةٍ / فيا رُبَّ يومٍ من لقاكِ تجدّدا
ويا رُبّ ليلٍ فيه عانقت كاعباً / تذكر صدري نهدَها فتنهدا
وقيَّدني إحسانها بذوائبٍ / ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا
فيا ليتها عندي أتمت جميلها / فتكتب في قيدي عليه مخلدا
زمان الصبى يا لهفَ حيران بعده / يظلّ على اللذاتِ في مصر مبعدا
ولو عاودت ذاكَ الشقيّ شبيبةٌ / لعاودَ ذياكَ النعيم وأزيدا
وأشهى إليه من رجوع شبابه / رجوعكَ يا قاضي القضاةِ مؤيدا
بدأت بحكمٍ وقت الخلق حمدَه / وعدْت فكان العودُ أوفى وأحمدا
وكان سرور اليوم في مصر قد فشا / فكيفَ وقد أنشأت أضعافه غدا
ولم أنس من دار السعادة صحبة / مباركةَ الاثنينِ تطلع أوحدا
مدائح لما كان ممدوح مثلها / تراه البرايا مفرداً كنتُ مفردا
أجيدٌ ويجدي عادتينا وإنما / لكل امرئٍ من دهره ما تعودا
فدتكم بني السبكيّ خلقٌ رفعتمو / فلا أحد إلا إذاً لكم الفداْ
ولا أحدٌ إلا خصصْتم برفدِكم / فلا فرق ما بين الأحبَّة والعدى
وما تخرج الأحكام عنكم لغيركم / فسيَّان من قد غاب منكم ومن بدا
فلو وكفانا الله وُليَ غيركم / لما راح في شيء يجيد ولا غدا
وما الشام إلاَّ معلم قد ملأته / بعدلك أحكاماً وعلمك مقتدى
حكمت بعدلٍ لم تدعْ فيه ظالماً / وصلت بعلمٍ لم تدعْ فيه ملحدا
وجدت إلى أن لم تدعْ فيهِ مقتراً / وسدت إلى أن لم تذَر فيه سيدا
وأعطيت في شرخ الصبا كلّ سؤدد / إلى أن ظننَّا أنَّ في المشيب أسودا
يقولُ ثناء الخرْرَجيّ وقومه / لعمرك ما سادت بنو قيلةٍ سدا
ولا عيبَ في أثناء عيبة يلتقي / سوى سؤدد يضني وشاةً وحسدا
فدونكها علياء فيكم تردَّدت / وعزم اختيارٍ فيكُم ما تردَّدا
وهنئتها أو هنئت خلعاً إذا / أضاءَت فمن أطواقها مطلعُ الهدى
وإن أزهرت بيضاً وخضراً رياضها / وفاحت ففي أكمامها سحب الندى
إذا ابن عليّ سار في الشعرِ ذكره / فقل حسناً زكَّى قصيداً ومقصدا
جواداً أتينا طالباً بعد طالب / فهذا اجْتذى منه وهذا به اقْتدى
مسافرة أموالهُ لعفاتهِ / كأنَّ الثنا حادٍ بأظعانها حدا
له في العلى بابٌ صحيحٌ مجرَّبٌ / لعافٍ رجا خيراً وعادٍ قد اعتدى
فللهِ ما أشقى الحسود بعيشةٍ / لديه وما أهنى الفقير وأسعدا
وكم قابلت رجوايَ حالاً حسبته / فضاعف لي ذاك الحساب وعدَّدا
وكم نقدةٍ من تبره ولجينه / تخِذْتُ لديها كالنجم مرصدا
رأيتُ بنقديهِ بياضاً وحمرةً / فقلتُ ليَ البشرى اجتماعٌ توَلدا
وسدت على نجل الحسين بمدحِ من / سأثقلُ أفراسي بنعماه عسجدا
أأندى الورى كفاه وجهة ذي حيا / على أنَّه أجدى وجاد وجوَّدا
أغارَ على حالي الزمانُ بعسفه / ولكن ندى كفَّيك في الحال أنجدا
وما كنتُ أبغي في المعيشةِ مرفقاً / فكم من يدٍ في الجودِ اتبعتها يدا
حلفتُ بمن أنشا بنانك والحيا / لقد جدت حتى المجتدِي بك يجتدى
ومن قطع الأطماع من كلّ حاسدٍ / لقد زدت حتَّى ما يكون محسدا
ولا خبرٌ في الحلمِ والعلمِ والثنا / تجاه الورَى إلاَّ وذكرك مبتدَا
فعشْ للعلى تاجاً يليق بمثلهِ / فريد الثنا ممَّن أجادَ منضَّدا
تردُّ الرَّدى عنكَ المحبُّون فدية / تكون لهم في التربِ مجداً مؤيَّدا
ولا أرْتضي موت العداةِ فإنهم / ببقياك في عيشٍ أمرُّ من الردى
فدًى لكَ مسلوب الرقاد شريده
فدًى لكَ مسلوب الرقاد شريده / يعاودهُ برْح الأسى ويعوده
إذا ما ذكا في فحمةِ الليلِ بارقٌ / تبينَ في الأحشاءِ أين وَقوده
وإن نظمت ريح الصبا عقد حزْنه / تناثر من سلك الجفون فريده
وإن ألقتْ الوُرْقُ السواجعُ درسها / أعادَ الأسى بين الضلوع معيده
بروحيَ من أعطافَهُ وعذارُهُ / هي القصد لا بانُ الحمى وزرُ وده
ومن شيبت عشاقه زمن الصبى / شوائبُ عشقٍ لا ينادى وليده
محا رسم مغناه الغمام وما محا / لدمعيَ رسماً لا يزال يجوده
ورُبَّ مدامٍ ثغرُه وحبابها / سواءٌ ولفظي والبكا وعقوده
شربت على وردِ الرُّبى وهو خدّه / وإلاَّ على سوسانها وهو جيده
ونبهت عيداني بنوحٍ على الدّجى / وما ناحَ قمريٌّ ولا ماسَ عوده
سروراً بإقبالِ الزمانِ وحبَّذا / سرورُ زمانٍ محكمات سعوده
وقد رقمت وشيَ الرّبى أبرُ الحيا / وجرَّت على وادِي دمشق برُوده
وعادت وكانَ العودُ أحمدَ دولةٌ / لها النصرُ إرثٌ زاكيات شهوده
يهزُّ ابن فضلِ الله بيض قواضبٍ / إذا هي هزَّت في المهارِقِ سوده
يؤَازِرُ ربّ الملك ربّ كتابةٍ / كأنَّ طروس الخط منها جنوده
ويجري بأمرِ الملك سودَ يراعهِ / فيا حبَّذا ساداتنا وعبيده
وتبسم أرجاء الثغورِ مسرةً / بأبلج لا تعبان إلاَّ حسوده
سعيد مساعٍ أو سعيد مناسبٍ / فقد سعدت في كلِّ حالٍ جدوده
وشهمٌ ولكن جنده من سطورِهِ / وقاضٍ ولكنَّ المعاني شهوده
روى فرعه عن دوحةٍ عمريةٍ / قديم فخارٍ لا يشابُ جديده
فأيَّ فخارٍ أوَّل لا يجده / وأيَّ فخارٍ آخر لا يجيده
وأيَّ مقامٍ في العلى لا يسوسه / وأيَّ همامٍ في الورى لا يسوده
رأيت ابن فضلِ الله فاضل دهره / إذا اعْتبرت ألفاظهُ وسعوده
إذا ابن عليٍّ وابن يحيى تساجلا / فقل طارف المجد الرَّضي وتليده
أعادت علاه بيتَ فضل منظماً / فلله بيتٌ طيبٌ يستعيده
وعلمنا صوغَ الكلام بحمدهِ / فها نحنُ نحيي لفظهُ ونعيده
وأنقذنا بالبرِّ من وهج حادثٍ / يذوبُ بهِ من كلِّ عانٍ جليده
نظرت أبا العباس نظرة باسمٍ / لحالِ امرئٍ كادَ الزمانُ يبيده
وكانَ على حالِ الحسين من الظما / إلى وِرْدِ غوثٍ والزمانُ يزيده
فأحييته بعد الرَّدى أو أقمته / وقد طالَ من تحتِ التراب هموده
وجلّيتها يا ابن المجلي ضمينة / خلودَ الفتى إنَّ الثناءَ خلوده
فدونك من نظمي عجالة مادحٍ / إليك تناهى قصده وقصيده
يقال انْظروا الممدوح وافقَ مادِحاً / فذا فاضلُ الدُّنيا وهذا سعيده
قمراً نراهُ أم مليحاً أمردا
قمراً نراهُ أم مليحاً أمردا / ولحاظهُ بين الجوانح أم ردى
من آل بدرٍ طلعةً أو نسبةً / والرقمتين سوالفاً أو موْلدا
آهاً لمنطقه البديع معرَّبا / ولسيفِ ناظرِهِ الكحيل مهندا
لم يجرِ دمعي في هواه مسلسلا / حتَّى ثوى قلبي لديهِ مقيَّدا
أدعو السيوف صقيلةً من لحظهِ / وإذا دعوت لماه جاوَبني الصدى
وإذا دعوت بنان أَحمدَ جاوبت / سُحب الندى من قبلِ ما سمعَ النَّدا
لشهاب دين الله وصفٌ ضاءَ في / أفقٍ فقل نجم السما رَجمَ العِدى
كمْ صافحت من راحتيهِ يد امرئ / عشراً وصبحه الهناءُ فعيَّدا
يا خيرَ من علقت يدي بولائهِ / أقسمت ما سدت الأكارم عن سدى
يا مسدِي النعمى التي قد أصبحت / سنداً لمن يشكو الزمان ومسندا
أحسنْ بجاهكَ شافعي يا مالكاً / أروي بجودِ يديهِ مسندَ أحمدا
كم راحةٍ أوليتها من راحةٍ / ويدٍ صنعت بها لمفتقرٍ يدا
والله لا أجريت في عددِ الورى / خبرَ الثنا إلاَّ وأنتَ المبتَدا
ولقد تزيّد شعرُ من اسْتعفته / بنداكَ حسناً في الزمانِ مجددا
والشعر مثل الروض يعجب حسنه / لا سيما إن كانَ قد وقعَ الندى
يا أهلَ فضلِ اللهِ إنَّ لبيتكم
يا أهلَ فضلِ اللهِ إنَّ لبيتكم / فضلاً يروح له الثناء ويغتدِي
هذا شهابُ سمائكم متوقِّدٌ / بالذّهنِ فوقَ الكوكبِ المتوقّد
أفعاله ومقاله ونواله / للمجتلي والمجتني والمجتدي
للهِ كم لكَ من يدٍ أسديتها / ما للمدائحِ في وفاها من يد
نطقتني ورفعتني بمكارمٍ / خفضت لديَّ وأخرست من حسّد
وأقمتني فيها خطيباً بالثنا / ومننت حتَّى باللباسِ الأسودِ
من مبلغ الأهلينَ عنِّي أنَّني / بدمشقَ عدت لطيبِ عيشي الأرغد
وأمنتُ من نارِ الخطوبِ ولفحهَا / لما لجأتُ إلى الجنابِ الأحمدي
لحظك في الفتكِ هو البَادي
لحظك في الفتكِ هو البَادي / يا فتنة الحاضر والبادي
فلا تلمْ لحظاً جرحنا بهِ / خدّك يا جارح أكباد
يا من لهُ لامٌ على وجنةٍ / زادت عليها غلَّة الصَّادي
سرقتَ من عيني كحل الورى / ونمتَ عن دمعِي وتسهادِي
إنْ تسخنُ الأدمعُ عيني فقدْ / طالَ لِذاكَ الحرِّ تردادِي
حمام دمعي في الهوى نافقٌ / بكوكبٍ للخدِّ وقَّاد
وعاذلي الواعظ في صبوتي / كأنَّما يأتي بميعاد
فدأبهُ العذلُ ودأبي البكى / مسلسلاً يروى بإسناد
يرومُ للصب هدًى وهو في / وادٍ وقلب الصبّ في واد
أهلاً بسفَّاحِ دموعي ولا / أهلاً من العاذلِ بالهادي
وحبَّذا حيث زمان الصبى / لهوي بذاكَ الشادنِ الشادي
أجني على خدَّيهِ أو أجني / ورداً على أهيفٍ ميَّاد
وردِي لثمُ الخدِّ لا كأسه / فلستُ للكأسِ بورَّاد
يا لكَ من وصلٍ قصير المدى / أبكِي عليهِ طولَ آمادِي
إن لم أكنْ قد شبتُ من بعده / في عامِ عشرينَ ففي الحادي
يا زمن اللهو وعصرَ الصبى / سقاكَ صوب الرَّائح الغادي
كما ابتدى صوب عليٍّ على / وفدِ الرَّجا والفضل للبادي
علاء دين الله غيث الندى / غوث المنادِي قمر البادي
ذو الفضل من ذات ومن نسبة / والمجد لا يحصى بتعداد
والقول من مسند سحبانهِ / والفعل من مسند حمَّاد
والبيت مرفوعٌ لفارقهِ / ما بين أنجابٍ وأنجاد
رماح أيديهم وأقلامها / أعماد ملكٍ أيّ أعماد
أما ترى يمنى عليٍّ بما / خطَّته رجوى كلّ مرتاد
ذات يراعٍ في الجدا والعدا / داعٍ لتجنيس العلى عاد
فرعٌ نحيفٌ وهو وافي الحيا / لكلِّ وافي القصد وفَّاد
لمشرقٍ من مغربٍ ظلّه / دعْ غايتي مصرٍ وبغداد
سطوره طوراً ربى زاهراً / وتارةً أغيال آساد
ولفظهُ التبرِيّ أو جودهُ / جلته أسماعي وأجيادِي
كم سافرت في الجودِ أمواله / يحدو بها من مدحهِ حاد
فالغيث من غيظٍ بها عابسٌ / والبحر في خبطٍ وازْدِباد
كم فضَّلت آلاؤهُ فاضلاً / واسْتعبدت ألفَ ابن عبَّاد
كم حفظت من فقهِ آرائهِ / بحوث إكمالٍ وإرشاد
كم أحسنت أزهار آدابهِ / لمدحهِ الزَّاهر إمدادِي
وربَّما أدبني معرضاً / فكان تثقيفاً لمناد
أعرض عنِّي مرةً مرةً / فاعْترضت أنكال أنكادِي
وبانَ لي هوني على سادتي / حتَّى على أهلِي وأولادِي
ورفقة أحزانِي بينهم / إخماِد ذهني أيّ إخماد
كنتُ أباً جيّد كتابهم / فصرتُ في قسم أبي جاد
وخفَّ ذهني فكلامي على الأ / قلامِ ميتٌ فوقَ أعواد
حتَّى إذا عادَ إليَّ الرِّضى / عادَ بحمدِ الله سجادي
وعدت في نظم إلى سبّقٍ / يعرفها النظَّام من غاد
وزاد تأميرِي فما أرتضي / أبا فراس بعضَ أجنادِي
وأصبح الشامت بي حاسداً / في حالِ إصْدارِي وإيرادِي
بالرُّوح أفدِي سيِّداً خائفاً / عليَّ في قربي وإبعادي
كثرَ أعدائي بإعراضهِ / وفي الرِّضا كثرَ حسَّادي
وليهنه العيد على أنَّ في / لقياهُ أعياداً لأعيادِي
نداه في الخلقِ ومدحي له / غذاء أرواحٍ وأجساد
عاش وصلاً وغيره مات صدّا
عاش وصلاً وغيره مات صدّا / مستهامٌ لسلوةِ ما تصدَّى
بأبي زائرٌ وقد شرعَ الإص / باحُ يطوي من الدجنة برْدا
ونسيم الصّبا على الأفقِ يُذكي / سحراً من مجامر الزهرِ ندَّا
يا رعى الله سفحَ نعمانَ سفحاً / وسقى الله عهد نعمان عهدا
ومهاة تعدّ نعمان داراً / واللوى والعقيقَ صدغاً وخدَّا
مشتهاة اللقا كما تشتهى الدن / يا وإن أتعب النفوس وأكدى
يتثنى الأراكُ زهراً فينبي / إنَّ في ثغرها مداماً وشهدا
ومن الجوهر الصغير يتيماً / لم يدع للهوى لرائيه رشدا
ما علمنا من قبله في تصاني / ف الهوى إنَّ لابن بسَّام عقدا
كيراعِ الوزيرِ جوداً وبأساً / حين تذكو في الحالتين وتندى
الوزير الذي نهى الخطب عنا / فتعدَّى عنا ولم يتعدى
يتقي جانب التقيّ وتخشى الإن / سُ والجن من سليمان حدا
أوفر العالمين عزًّا وعزماً / وهو أوفى العباد نسكاً وزهدا
طالع يجتلي به الملكُ بدراً / ووقور يحبه الملك أُحدا
ومهيبٌ لو يلمح الدّمَ لم يخ / رج من العرق حين يفصد فصدا
وحليمٌ قد راقه الحلم حتى / كاد مخطي الذنوب يذنب عمدا
وجواد لو رام فيض الغوادي / أن يحاكيه عُدّ ذلك فردا
ورئيس كما تريد المعالي / لا كمن آده المسيرُ فردَّا
وبليغ تنضد المدح فيه / وهو أبهى منه وأنضر نهدا
يرتجى سيبه ويخشى ذكاه / فيرجى نقداً ويحذَرُ نقدا
خطبته وزارةٌ وجدته / في اكتساب العلى أجدَّ وأجدى
ورأت صَلْصَلاً بفضل علاه / شهدت في الورى صحابٌ وأعدا
ولعمري لقد دعته وزيراً / منتهى معشرٍ لعلياهُ مبدا
فكفى الجانبين مصراً وشاماً / وأفاض العينينِ عدلاً ورِفدا
ومشى في الورى على نهج حقٍّ / مستبين الهدى وساد وأسدى
وارتدى فيهم رداءً من الع / زِّ وأما حسودُه فترَدَّى
أيها الحاسد المعذب فيه / جئت شيئاً من الشقاوَة إدَّا
كيف ناوَيت سيداً كلما زا / دَ عِداةً يزيده الله مجدا
إن يكن في العفاة ابسط كفًّا / فهو في المكرماتِ أبسط زندا
خاف خلاَّقه فخيف إلى أن / ضمَّ من عدلهِ ظباءً وأسدا
وأبادَ الطغاةَ بأساً ورعباً / وأعاد الجميل فينا وأبدَى
واحداً في مراتبِ الفضلِ تلقى / حول أبوبهِ من الخلقِ جندا
يرحم الجمع دون مغناه جمعاً / مستميراً ويتبع الرفد رفدا
ما ثنى الجاهَ عن ذليلٍ ولا أع / طى لذي حاجةٍ عطاء وأكدى
مسعد الرأيِ ذابحٌ للأعادِي / فهو مهما خبرتهُ كانَ سعدا
ليس فيه عيبٌ يعدُّ سوى أنَّ / أياديهِ تجعلُ الحرَّ عبدا
يمَّم الشام بعد إقتار وقت / لم تجد فيه للمناجح قصدا
كم بعثنا إلى الدواوين طرساً / خائباً كاده الزمان فكدا
طال تردَادُهُ إلى القومِ حتَّى / لو بعثناه وحدَه لَتَهدَّى
فغدا الآنَ ذلك العسرُ يسراً / بحقيقٍ وذلكَ المنعُ رِفدا
وسرى المال من شآمٍ ومصرٍ / كعمومِ السحابِ قرباً وبعدا
عزماتُ تحفها بركاتٌ / مثلها منه للممالكِ تهدى
ويراعٌ من حدِّه ونداه / كادَ بينَ السيوف أن يتحدَّى
قلمٌ أخضرُ المرابع لا غرْ / وَ إذا كانَ عيش راجيه رغدا
حملته أيدي الوزير فخلنا / بارِقاً في سحابةٍ قد تبدَّى
يا وزيراً يهدي الثناءَ سناه / ولهاه إلى المقاصدِ تهدى
شكرَتك الرُّواةُ عنِّي بعزِّ / قاطعات السرى آكاماً ووهدا
ذاكراتٌ جميلَ صنعك عندِي / بقوافٍ بها الركائب تحدى
سائرات في الأفقِ بين الجواري / والجواري في حسنها كالعبدا
كلُّ معنًى كالنجمِ أو كلّ بيتٍ / هو أهدى في الأفقِ من أن يهدى
هاكها تخلد الثنا بمعانٍ / تتركُ الضدّ بالأشعَّة خلدا
هكذا ينبتُ الصنيعُ نباتاً / وكذا تحصد المعادي حصدا
عشْ بظلِّ الحبا وأنت المرجى / وتبيدُ العدى وأنت المفدَّى
ملئَ البيتُ من يديك نوالاً / فملأنا أبيات مدحك حمدا
قدمت كالسيف إلى غمدهِ
قدمت كالسيف إلى غمدهِ / واليمنُ موقوف على حدِّه
قد أثرت فيك ليالي السرى / ما أثر السيف بإفرنده
وعدت مشكور الثنا والسنا / كذاك عودُ البدرِ في سعده
لله ما أسعدها طلعةً / يجيبها الوابل من مهده
نعم وما أيمنها عزمة / سلَّمها الرَّأي إلى رشده
عزم فتى صورة إخلاصه / في البرِّ قد أفضت إلى حمده
ما ضرَّ ركباً كانَ بدراً له / أن لا يراعي النجم في قصده
كأنَّني أبصرُ بين الفلا / حماهُ يستدعي إلى رفده
مخيماً تنثر ألطافهُ / نثرَ سقيطِ الوبلِ من عقده
يستمسك العافي بأطنابه / فليسَ يحتاجُ إلى وُده
وماجدٌ حثَّ ركاب السرى / حثّ الرجا الساري إلى قصده
أهلة تحمل بدر العلى / لله ما تحملُ من مجده
هوادِج تحملُها من سرى / فواقع الآل على مدّه
حتَّى قضيت النسك من بعدِ ما / قضيت نسك الجود في وفده
يرنو إليك الحجر المجتلى / يا أيُّها العين بمسوده
أعظمْ به من حجرٍ للهدى / كأنَّه خالٌ على خده
هذا وفي جلق وجد عشت / طوارق الحزن إلى وُقده
هانَ حماها منذ فارقته / ما أهون الغاب بلا أسده
ومزَّق الروض بها كلّ ما / حاكت خيوط الودق من برده
شرقاً إلى مرتحل أقسمت / لا تبسم الأزهار من بعده
حتَّى إذا عادَ إلى صرحِها / قامَ له الغصنُ على قدّه
وأقبلت تلثم آثارَه / تلكَ الشفاه الحمر عن ورده
أبلج ما ردَّ إليها الحيا / إلاَّ بشمِّ الآس في رده
ليثٌ وغيثٌ في سطاً أو لهاً / فاحْذَره يا طالب واستجده
يروقُ مثل السيف في صفحه / وربَّما راعكَ في حده
فالأمن كلّ الأمن في لينه / والخوف كل الخوف في شده
مهابة الزهد وعزّ التقى / قد كفيا الواحد في جنده
تغفيه في الليلِ سهام الدجى / وأنصل الأدمعِ عن حشده
لا يطمع الطالبُ في شأوِهِ / وإنَّما يطمعُ في رفده
رفد أرادَ الغيثُ تشبيهه / فعُد ذاك الفعل من برده
يعطي ويملينا معاني الثنا / فالمدح والإرفاد من عنده
حقًّا لقد أنجبتمو يا بني / شيبانَ في المجدِ وفي وُلده
منسبٌ غرٌّ لها رونقٌ / أبصرت عقد الدُّر في نضده
أواخر نمّ بها أولٌ / ومجمع لم يغن عنْ فرده
كما تلى التنزيل مستقبل المح / راب والإتمام في حمده
سجاهُ حبّ العفوِ حتَّى لقد / كادَ الفتى يذنب عن عمده
ومرَّ في المجدِ إلى غايةٍ / ما حظّ حاكيها سوى كدّه
ذو قلم يجني الغنى والقنا / من سمِّه الجاري ومن شهده
يقدحُ في أفقِ العلى زنده / وليسَ من يقدح في زنده
يا سيِّداً إن أشكُ دهراً له / كأنَّما أشكو أذى عبده
ماذا جنى بعدكَ من صرفهِ / لنازح أوحشَ من فقده
حتَّى إذا هبَّ نسيمُ اللقا / قام الرَّجا يستنّ من لحده
أهلاً بفيَّاضِ الندى لم يقلْ / مادحه أحسن من ضده
ألهى قريضي عن غزالِ النقا / تغزُّلاً فيهِ وعن هنده
فلم أصفْ من طاحَ من أجلها / وأجله قلبيَ في وجده
أغيد ذو ردف وخصر فكم / في غورهِ أصبو وفي نجده
يجرحُ أجفاني وأرنو لهُ / كأنَّني أقتصُّ من خده
يا ليته بالجفا لي موعداً / لأنَّه يكذِبُ في وعده
وغادة مذ عقدت صدغها / ما خرجَ العاشقُ عن عقده
كأنَّا إذا خضبت غيَّبت / في دمعِي الكفّ إلى زنده
دعْ ذا وعدْ للقولِ في معشرٍ / غرٍّ وفي غيرهم عده
لولا بنو العطَّارِ لم يتنشق / عرف ندى يربو على نده
لا توحش العلياء من نسلهم / ولا ترى الشنعاء من فقده
يكاد سفرٌ ضمَّ أخبارهم / من طربٍ يخرجُ من جلده
في الرِّيق سكرٌ وفي الأصداغِ تجعيد
في الرِّيق سكرٌ وفي الأصداغِ تجعيد / هذي المدام وهاتيكَ العناقيد
الرَّاح ريقهُ من أهوى ولا عجبٌ / إن راحَ وهو على العشَّاق عربيد
تأتي على أبلق ألحاظ مقلته / فهنَّ بيضٌ وفي أحشائنا سود
ما أعجب الحبّ يلقاني بسفك دمي / على النقا وهو محبوبٌ ومودود
كأنَّه صنمٌ في الحبّ متبعٌ / هذا وما فيه إلاَّ القلب جلمود
ظلّ الذوائب ممدودٌ بقامته / للناظرين وطلع الثغر منضود
كأن تلك اللآلي في مقبله / ممَّا ينظم في القرطاسِ محمود
النافث السحر ألفاظاً محللةً / وكلُّ لفظٍ بليغ عنهُ معقود
والمقتفي أمدَ العلياء في طرقٍ / طرف البروق بها تعبان مكدود
له إلى السبقِ تقريبٌ يفوت بهِ / وفي مداه على الباغين تبعيد
تفرَّدت بمعانيه براعته / فاعجب لغصن له كالورق تغريد
ناهيكَ سهماً تسميه الورى قلماً / لهُ إلى غرَضِ العلياء تسديد
حروفه مع ورقِ الدَّوح ساجعةٌ / وغيرها مع دودِ القزِّ معدود
تصيَّد الملكُ أنواع البديع بهِ / إن الملوكَ على عِلاَّتها صيد
في كفِّ يقظان لا في القولِ ممتنع / إذا أراد ولا في الفكر ترديد
له على الرأيِ تنقيبٌ ومطلعٌ / وفي المقاصدِ تصويب وتصعيد
يا سيِّداً لمواليه وقاصده / في الود عطف وفي الإحسانِ توكيد
ناشدْتكَ الله في ودٍّ عنيت به / شطراً من العمرِ لا يألوه مجهود
راجعْ يقينكَ في ودِّي ودع عصباً / لرأيهم في اقترابي منك تبعيد
وارددْ مقالَ عداةٍ لا اعتبارَ به / إنَّ الرَّديء على أهليهِ مردود
لهم بذكرِي أضغانٌ مناقضةٌ / في القلبِ وقدٌ وفي التحريش تبريد
حاشا ثباتك من لإيلامِ قلب فتًى / ما فيهِ إلاَّ موالاةٌ وتوحيد
لي من مبادئ عمرِي فيكَ فرط ولا / فمُ المصائب عن ذكراه مسدود
فهل أضلُّ وجنح الشيب متَّضحٌ / بعد الرشاد وليلاتُ الصبى سود
إن كنتُ اظهر ودًّا لست أضمره / فلا وفَى ليَ من نعماك مقصود
كنْ كيفما شئت من صدٍّ ومن عطف / فما ودادك في أحشايَ مصدود
فلستُ أكرهُ شيئاً أنتَ صانعهُ / مهما صنعتَ فمشكورٌ ومحمود
لا ورشفِ اللّمى ولثم الخدود
لا ورشفِ اللّمى ولثم الخدود / ما عذولي عليك غير حسود
هائمٌ في هواك مثلي ولكن / يدفعُ الوهم عنك بالتفنيد
يا مليحاً طرفي به في نعيم / وفؤادِي في النارِ ذات الوقود
لا تسلْ عن مسيل دمعي بخدِّي / قتلَ الدمعُ صاحب الأخدود
كلّ يوم تروع قلباً خليًّا / يا بديع الحلى بحسن جديد
حبَّذا في حلاك لامُ عذارٍ / لابْتداءِ الغرام والتوكيد
لك وجهٌ يعزى له كلّ حسنٍ / كاعْتزاءِ العلى إلى محمود
سيدٌ في مديحه بهجة الصد / ق كمثلِ التسبيح والتحميد
وإمامٌ أضحت إلى فضلهِ الأق / لام ما بين ركعٍ وسجود
ليس فيه عيبٌ سوى أنَّ نعما / هُ تفيد الأحرار رِقّ العبيد
ومعاني ألفاظه تنفث الس / حرَ على بعدها من التعقيد
كلّ سجع يهيم وهو مداد / فوقَ غصنِ اليراع بالتغريد
وقريض سلا به كلّ راوٍ / عن حبيبٍ وشاب رأس الوليد
خصَّ في وصفِ لفظه وبهاه / بأمينٍ على الورى ورشيد
وحمته سطوره بصفوفٍ / زحفت من طروسه ببنود
فإذا جرَّد اليراع فحدّث / عن سطا كفهِ حديث الجنود
يا أخا الفضل لا يعطل في با / بك جيدٌ ومسمعٌ من عقود
أصبح الدهر جنَّةً بك زهرا / ءَ فعشْ في الأنامِ عيش الخلود
لو تصدَّى عبد الحميد لعليا / كَ لَلَجَّتْ أسبابها في الصعود
ورَبا كلّ ساعةٍ فضلك الج / مّ وعبد الحميد عبد الحميد
بكَ فازتْ يدي وأنجبَ ظنِّي / وزكا مقصدي وسار قصيدي
كُنَّ موتى بنات فكرِي ولكن / بعثت من مقامك المحمود
حمدت دموعي إذ وفت بوعودِها
حمدت دموعي إذ وفت بوعودِها / فكأنَّ ما في مقلتي في جيدها
وتأوَّدتْ تدعو للذَّة ضمِّها / ما دامت الرَّقباء طوعَ هجودها
وهممت فامْتنعت عليَّ نهودها / واحسرتا حتَّى رقيب نهودها
سمراء تطعن بالقوام ورُبَّما / نظرت فصالت بيضها مع سودها
وقفت عليها لوْعتي وصبابتي / ومدامعِي تجري على معهودها
لم يبقَ في زمن الوزير بقيةٌ / في الظلمِ إلاَّ ظلمها لعميدها
هذا وقد أصبحتُ في أبوابهِ / أدعى وأحسب من عديد عبيدها
لا غَرْوَ إن نفحت مدائحُ ناظمٍ / والخضرُ سارٍ في خلال نشيدها
ذو همَّةٍ رأت المكارم في الورى / ضيعاً فأعْجبها افتراع نجودها
ومواهب مثل السحائب برّة / يوم الندى لقريبها وبعيدها
ومنازل ما بين كفِّك والغنى / يا مشتكي الإقتار غير ورودها
يتواضع العلماءُ فيها هيبةً / لأعزّ ممدوح الفعال سديدها
ومبشّر بالقاصدين كأنه / وأبيك قاصدها وطالب جودها
يلقى العدى وذوي المقاصد والنهى / بمميتها ومغيثها ومفيدها
يا بهجةَ العليا ونسر صيفها / وملاذ عاديها وغيظ حسودها
أما نفوس عداك من غيظٍ فقدْ / كادتْ تكون جسومها كلحودها
فافْخر بنفسك إنَّها النفس التي / كملت فما تبغي سوى تأبيدها
وتهنّ بالأعوام نزعُ خليقها / مستأنف النعمى ولبس جديدها
تجلى أهلتها إليكَ محبةً / فكأنها أهوت لشكر سجودها
ولقد قصْدتكَ شاكياً حرّ الظما / فكرعتُ في عذبِ الصلات بِرودها
وتقلدتْ عنقي عطاياك التي / حكّمت في الأيام عن تقليدها
فلأسْمعنَّك ما ترنمَ صادح / مدحاً يصغّر ماضيات وليدها
لا ينبغي حرّ المقال فريده / إلاَّ على حرّ الكرام فريدها