القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : التِّهامي الكل
المجموع : 11
بَدا البَرق مِن نَجد فَحَنَّ إِلى نَجدِ
بَدا البَرق مِن نَجد فَحَنَّ إِلى نَجدِ / أَيا بارِقاً ماذا نَشَرت مِنَ الوَجدِ
وَما حَنَّ مِن وَجدٍ بِنَجدٍ وَإِنَّما / يَحِن إِلى نَجد لِمَن حَلَّ في نَجدِ
سَقى العَهدَ مِن هِند عِهادٌ مِنَ الحَيا / ضَحوك ثَنايا البَرق مُنتَحِبَ الرَعدِ
يَحِلُّ عُقود القطر بَينَ مُعاهِدٍ / يَحِلُّ بِها مِن قَبل دُرِيَّةِ العقدِ
فَتاة أَرى الدُنيا بِما في نِقابِها / وَأَلقى بِما في مرطِها جِنَّة الخُلُدِ
هيَ الشَمسُ تَخفي الشَمس عَنها إِذا انتَمَت / فَضاعية الأَخوال فهرية الجَدِّ
دُجوجيَّة الفَرعين شَمسِيَّة الرؤا / كَثيبية الأَردافِ خوطِيَّة القَدِّ
وَناظِرَةٍ مِنَ ناظِري أَم جؤذَرٍ / خَذولٍ بِهِ أَو مُقلَتي رشإٍ فَردِ
مِنَ الوَردِ خَداها مِنَ الدُرِّ ثَغرُها / عَلى أَنَّ رَيّاها مِنَ العَنبَرِ الوَردِ
تَظَلُّ تعاطيك المنى مِن مُقبَّلٍ / بِأَعذَبِ مِن خَمرٍ وَأَطيَب مِن شَهدِ
أَلا قاتِل اللَهَ الحمام فَإِنَّها / بَكَت فَشَجَت قَلباً طَروباً إِلى هِندِ
وَما ذِكرُهُ هِنداً وَقَد حالَ دونَها / قَنا الخُطِّ أَو بيضٍ رِقاق مِنَ الهِندِ
وَأَسدٍ عَلى جُردٍ مِنَ الخَيلِ ضُمَّرٍ / وَهَيهات مَن يَحميكَ أَسداً عَلى جردِ
وَيَهماء يَهوي بَينَ أَورادها القطا / وَيوهي السُرى فيها قوى الضَيغَم الجَلدِ
مطوّحة لَولا الدراريُّ ما دَرى / دَليل بِها كَيفَ السَبيلِ إِلى القَصدِ
سباريتُ ما فيهن زاء لركب / سَنوي ما حَوَت فيها الأَداحي مِنَ الرَبدِ
عَلى أَنَّهُ لَو جارَت الريحُ رَبدِها / لِكُلِّ النَعامي عَن نَعام بِها رُبدِ
كَيهماء كَلَّفتُ المَطي اعتِسافِها / إِلى الشَرفِ العالي إِلى الكَرَمِ العِدِّ
إِلى القمر الهادي إِلى ابن مُفَرِجٍ / إِلى الحَسَبِ الزاكي إِلى الكَوكَبِ السَعدِ
إِلى السَيفِ سَيفِ الدَولَةِ الملكِ الَّذي / تَبيتُ ذرى أَبياتِهِ مألَف الحَمدِ
إِلى الأَسدِ الضِرغام في حومة الوَغى / إِذا احمَرَّ في غاب القَنا حَدَقُ الأَسَدِ
مِنَ الأجأيين الَّذينَ جِيادهم / بِأَحياءِ من عاداهم أَبَداً تَردي
نُجوم بَني قَحطان في طَخية الدُجى / إِلى عَدد عَدٍ وَأَلسِنَةٍ لُدِّ
وَجأواءَ جَرّاحيَّةٍ أَجابِيَّةٌ / حبتها يَداً داود بِالحلق السَردِ
لَها مِن حَديد الهِند كُلَّ مُهَلِلٍ / بِماء الرَدى ماضي الغَرارين وَالحَدِّ
وَمِن أَسلاتِ الخُطِّ كُلَّ لَذيذَةٍ / تَروقك بِالنِبراسِ ذاتَ شَباً عَردِ
وَمِن نَسلِ زادَ الركب كل مطهَّمٍ / حَباهُ سُلَيمان بن داود لِلأُزدِ
لقفت بأُخرى كَلَّف الصَبر ربها / بسمر القَنا وَالبيضَ قرع صَفاً صَلدِ
فَلَمّا تَداعَت بَينَها وَشعارها / فَكانَ لَدَيها المَوتُ أَحلى مِنَ القِندِ
دَعَوتُ لَها مِن سِرِّ مَعنٍ فَوارِساً / تَلذَّ المَنايا لذّة العيشَةِ الرَغدِ
فنكر بِذي نَكرٍ إِذا اشتَجر القَنا / وعرف لآمالِ امرىء لَكَ مستجدي
أَمَحمود قَد أَحسَنت أَحسَنَت منعماً / وَما أَنا للإِحسانِ مُستَحسَن وَحدي
فَعِش لِلعُلى لا العز مُستَضعَف القُوى / وَما بحرك الفَيّاض مُستَنزر الرَفدِ
وَلَكِنَّني أَشكو أُموراً تركنني / بِتَيماء مِن أَكناف عِزّي عَلى بُعدِ
أَخا الهَمِّ لا أَدري مِنَ الهَمِّ والأَسى / أَأَكتُم ما بَينَ أَكناف عِزّي عَلى بُعدِ
وَإِنّي إِلى الفَهمِ الَّذي لَكَ أَشتَكي / هُموميَ مِن طولِ اغتِرابي وَمِن كَدّي
فَذو العلم مِن ذي الفَهمِ في كُلِّ راحَةٍ / وَلَكِنَّهُ مِن ذي الغَباوَة في جُهدِ
وَمَن يَجمَع الفهم الَّذي لَكَ في النَدى / فَذاكَ الَّذي لَم يَكب في مَدحِهِ زِندي
عَقيل النَدى وَالحادِثات كَثيرَة / وَمثلك مَدعوٌ لِحادِثَة إِدِّ
أَلَيسَ عَجيباً أَنَّ سَخطكم الَّذي / أُريدُ بِهِ غَيري أَريق بِهِ رَفدي
وَأَعجَب مَن هَذاك أَن أَبا النَدى / بَدا عَنهُ إِقصاري وَما ذاكَ عَن قَصدِ
وَأَعجَبُ مِنهُ أَنَّ دَرّيَ عِندَهُ / وَلَيسَ الَّذي أَبغيهِ مِن دُرِّهِ عِندي
فَوا عَجَباً هَلّا تَفَرَّدَ مَجدُكُم / بِغَرّاء يَبقى ذكرها سمراً بَعدي
بمكرمَةٍ إِن قلت فيها قَصيدة / نظمت بِنَظميها قَلائِد لِلمَجدِ
فَإِن قُلتَ ردوني إِلى الشَرق لَم يَكُن / عَلَيكُم مِنَ الأَشياءِ أَيسَر مِن رِدّي
وَإِن قُلتَ سدوا خلتي وَخصاصَتي / فَأَمثالكم سَدوا الخَصاصات بِالرَفدِ
أَما مِنكُم أَوس أَما حاتِم لَكُم / وَما لَهُما نَدٌ وَمالك مِن نِدِّ
أما بِكُم الأَمثال تَضرِب في النَدى / أَما أَركُبُ الآمالَ نَحوَكُم تَحدي
أَما عَمَّ أَهل الحَزنِ وَالسَهل جودكم / أَما مالُكُم يَغدو عَلى الجودِ يَستَعدي
أَما ركزت أَرماحكم حيث شئتموا / أَما كل مَن شِئتم سُيوفكم تَردي
أَما مِذحِجٌ فيكم أَما الأزد أَزدكم / أَما لَكُم كَلب وَأسد بَني فَهَد
أَما تبع سارَت إِلى الصين خيله / أَما حمير شادَت حصون سَمَرقَندِ
أَما قادَ قابوساً أَسيراً لتبَّعٍ / أَما شَدَّ كَبلاً كعبه أَيُّما شَدِّ
أَما لَكُم أَنصار دين مُحَمَدٍ / سراة بَني قَيس وَرَهط بَني سَعدِ
أَلَستُم بِجُندٍ لِلنَّبيِّ وَرَهطِهِ / فَبوركَ مِن رَهطِ وَبورك مِن جُندِ
بَني دَعفَل مَن ذا يَعُدُّ مِنَ الوَرى / مآثركم أَو مكرماتكمُ عَدّي
وَلَمّا خزمتم ما حوته أَكُفُّنا / عَثرتم بِنا مِن غَيرِ علم وَلا عَمدِ
وَكُنتُم كذي لج وَذو اللج إِن طَما / أَبادَ بِلا بَغضٍ وَنَجّا بِلا وُدِّ
أَلَمَّت وَدوني مِن تِهامَةَ بَيدُها
أَلَمَّت وَدوني مِن تِهامَةَ بَيدُها / وَعَهدي بِها عَنّي كَثير صُدودُها
يَمانِيَّةَ لِلبَدرِ شُبِّهَ وَجهُها / وَلِلظَّبي مِنها مُقلَتاها وَجيدُها
سِرتَ تَستَزيدَ الوَشي بَيني وَبَينَها / وَهَل لي وُد غَيرُها فَأَزيدُها
أَلَمَّت وَرحلي بَينَ شَعب رَمَت بِهِم / وَلي هِمَمٌ في رِفعَة أَستَزيدُها
وَقَد علقوا أَنضاءَنا بِرُؤوسِهِم / وَلَو خَلِيَت كانَ الكَلالُ قُيودُها
وَساعَدَها في النَومِ بيض أَوانِس / قِصار الخُطى بيضُ السَوالِف غَيدُها
تَضَوَّعَ مِنهُنَّ العَبير كَأَنَّما / أَتَتكَ بِغارِ المِسكِ غِباً برودُها
أَغَضَّ مِن الوَردِ الجَنيِّ خُدودها / وَأَرشَق مِن شَرقِ الرِياضِ قُدودُها
فَكَم مِن يَدٍ أَولَيتَني فَجَحدتُها / وَشُكر أَيادي الغانِيات جُحودُها
وَلَيسَ سفاحاً جئنَ لكن مُهورها / صَحيحُ وِدادٍ وَالغَرام يَقودُها
سَل اللَهَ تَهويم الكَرى لَيسَ غَيره / لَعَلَّ الكَرى يَوماً إِلَيكَ يُعيدُها
أَيا حَبَّذا أَرض السَراةِ وَحَبَّذا / تَهائِمها مِن أَجلِها وَنجودُها
عَلى أَنَّهُم بانوا وَبَينَ جَوانِحي / هَوى مِثلَ لَذعِ النارِ شَبَّ وَقودُها
وَلَم أَنسَها يَومَ النَوى وَقَد التَقى / جمانان جاري دَمعها وَعُقودُها
لَها مَبسَم يَحكي المَساويك إِنَّهُ / بَعيد الكَرى عَذب الثَنايا بُرودُها
وَهَل منصف مِنها فَيَلزم قَومها / حمالة ما قَد أَتلَفَت أَو يَقيدُها
فَدَع ذكر سَعدى إِن فيكَ بَقيَّةَ / إِلّا إِنَّما يَبغي المَها مِن يَصيدُها
أَتَرضى بِعَيش المقتَرين وَهَذِهِ / أَنامِل نور الدَولَة إِنهَلَّ جودُها
دَعى جودَ ذي العزَين عيسى وَلَم يَزَل / مِن اليمن الأَقصى نَداهُ يَقودُها
فَجاءَتهُ مَكتوباً عَلى حَرِّ وَجهها / حَرامٌ إِلى غَيرِ الأَمير وَخيدُها
سَليل مُلوك مِن ذؤابَة عامِرٍ / تُرَجّى عَطاياها وَيُخشى وَعيدُها
مهذَّبها قَمقامها تاج فَخرِها / موفَّقها في كُلِّ رأي سَديدها
مقدمها في كُلِّ حَرب شجاعها / مُدَبِّرُها في كُلِّ خَطبٍ حَميدها
مكرَّمها مفضالها لَو ذعيُّها / وَمَلجأؤها في النائِباتِ عَميدها
مُسوَّدُها مقدامها كَنز عِزَّها / سنميدعها مصداقها وَرَشيدها
تَخُرُّ لَهُ الأَملاك في الأَرضِ سُجَّدا / وَقَلَّ لَهُ تَعفيرَها وَسُجودَها
إِذا ما ابتَدى يَوماً بِنعمي أَعادَها / وَيا رَبَّ مبدي نِعمَةٍ لا يُعيدُها
يَحن إِلى أَسمائِهِ كُلَّ مِنبَرٍ / فَلَو يَستَطيع اهتَزَّ واخضَرَّ عودُها
يَسودُ عُقيلاً وَهيَ لِلناسِ سادَةً / وَلا بُدَّ لِلساداتِ مِمَّن يَسودها
يُدافِعُ عَن أَحسابِها بِنَوالِهِ / وَيَحمِل عَن أَشياخِها ما يوؤدُها
وَيَردي أَعاديها بِكُلِّ كَتيبَةٍ / يَرُدُّ عُيونَ الناظِرينَ حَديدُها
ثَقيلٌ مَلاقيها خَفيف رُكوبها / كَثيرٌ سَباياها قَليل عَديدُها
إِذا وَقَعوا في وَقعَةٍ أَوقَعوا بِها / وَبالاً فَهُم أَشبالِها وَأسودُها
وَخاضوا إِلى المَوتِ الصَفائِح وَالقَنا / وَهانَ عَلَيهِم صَعبُها وَشَديدُها
هوَ البَحرُ إِلّا أَنَّهُ طابَ وَردُهُ / وَكَم مِن بِحارٍ لا يَطيب ورودُها
وَما البَرقُ إِلّا دوحَة هوَ ماؤُها / وَلا غاضَ مِنها الماء ما اخضَرَّ عودُها
رَأَيتُ الوَرى أَتباع آل مُسَيَّبٍ / وَلَولا كَلامُ الناسِ قلت عَبيدُها
وَلَو أُمَّ عاف طفل آل مُسَيَّبٍ / لِقاسِمِهِ در الرَضاع وَليدُها
تُقِرُّ عَقيلٌ بَل نزار بِفَضلِهِم / وَلَو أَنكَرت يَوماً أَقَرَّت جُلودُها
مُلوكَ أَضافَت ما احتَبَت بِسُيوفِها / وَزادَت عَلى ما أَورَثَتها جُدودُها
يَلوحُ ضِياء المُلكِ فَوقَ جِباهِها / إِذا أَخفَقَت راياتها وَبنودُها
مُلوكٌ شَرَت حُسنَ الثَناءِ بِمالِها / فَأَضحى حَميداً حَيُّها وَفَقيدُها
فَلو كانَ جودَ المَرءِ يَخلِدُ ربه / لَدامَ عَلى رَغمِ العَدوِّ خُلودُها
غَيوثٌ وَلَكِن قَطرِها المال وَالنَدى / ليوثٌ وَلَكِن المُلوكَ صُيودُها
بكم بَلَغَت كَعبٌ مَناها وَرَبُّها / يَتِمُّ لَها نُعماؤُها وَيَزيدَها
وَدانَ لَها شَرق البِلادِ وَغَربِها / وَذَلَّ لَها شُمسُ المُلوكِ وَصَيدُها
فَكَم صَعِدَت خُطّابِها كل مِنبَرٍ / وَلَولاكُم واللَهُ قَلَّ صُعودُها
أَتى العيدُ فاسعَدَ أَلفَ عامٍ بِمِثلِهِ / فَأَنتَ لأَبناء المَظالِم عيدُها
إِذا ما حَلَلتَ الأَرض وَلَّت نُحوسها / وَأَقبَلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ سُعودُها
وَكَيفَ يَحِلُّ الجَدب أَرضاً تَحلها / وَكَفُّكَ غَيث لا يَزال يَجودُها
فَكَم لَيلَةٍ سِرنا إِلَيكَ شَوازِياً / سُواء عَلَيها مَيلُها وَبَريدُها
وَمالَت رِقاب القَوم بِالنَومِ فالتَقَت / مَناكِب أَبناء السُرى وَخُدودُها
وَغَنّى مُغَنِّيَنا بِمَدحك مِثلَما / عَوى بشرورى آخر اللَيلِ سيدُها
وَقَد وَعدتني النَفس عِندَكَ بِالغِنى / فأجدر بِها ألا تَخيب وُعودُها
وَلَولاكَ ما جِبنا الفَلاةَ وَلا اِنطَوى / لأنضائِنا طَي الرِداءِ بَعيدُها
سَأكسوكَ مِن مَدحي عَلى النأي حلة / يَدوم عَلى مَرِّ الجَديد جَديدُها
وَأَشكُر نُعماءً بِمَدحِكَ نِلتُها / وَمِمَّن حَباها دائِماً أَستَزيدُها
إِن كُنتَ تَصدُقُ في اِدِّعاء وِدادِهِ
إِن كُنتَ تَصدُقُ في اِدِّعاء وِدادِهِ / فافكِكهُ مِن أَسرِ الهَوى أَو فادِهِ
لا تَمحِ بِالهُجران نور وَصالَه / فَصَميم حبّك في صَميم فُؤادِهِ
أَأَمَتَّهُ بِالهجرِ قَبلَ مَماتِهِ / فاعِده في الأَسعافِ قَبلَ مَعادِهِ
رِفقاً بِهِ فَهوَ الجموح إِذا أَبى / شَيئاً فَلا يغررك لين قِيادِهِ
زَوِّدهُ مِن نظرٍ فأقنَع من تَرى / مَن كانَ لحظ العين أَكبَر زادِهِ
لا أَنتَ عِندَ اليُسرِ مِن زُوّارِهِ / يَوماً وَلا في العُسرِ مِن عُوّادِهِ
أَرَأَيت سَيفاً غَيرَ لَحظِكَ صارِماً / يَفري رِقاب القَومِ في أَغمادِهِ
أَمضى اللحاظ أَكلهُنَّ وَكُلَّما / أَكللت لحظك زدت في إِحدادِهِ
إِنَّ الهَوى ضِدَ العقول لأَنَّهُ / ضربت جآذِرَهُ عَلى آسادِهِ
وَآفى إِليَّ كِتابه عَن نُبوَةٍ / كانَت بِعاداً مردفاً لِبعادِهِ
أَفدي الكِتابَ بِناظِري فَبَياضِهِ / بِبَياضِهِ وَسَوادِهِ بِسَوادِهِ
يا عاذِلَ المُشتاقِ دَعهُ بَغيّهِ / إِن أَنتَ لَم تقدر عَلى إِسعادِهِ
أَرواكَ فقدان الهَوى وَبِقَلبِهِ / ضَمأ إِلى عذب الرِضابِ بَرادِهِ
وَأَظُن عين سعاد قَد قلبت لَهُ / هاء فَكُل سهادِهِ بِسعادِهِ
يَخفي ضِراماً من هَواها مِثلَما / يَخفي ضرام النار عود زِنادِهِ
فَتُهاجِرُ الأَجفان آخِر عَهدِهِ / يَوم الفِراق بِظَعنهم وَرِقادِهِ
تَسعى صروف الدَهر في إِصلاحِهِ / يَوماً وَطول الدَهر في إِفسادِهِ
أَبَداً يَجيل الطَرف في أَمثالِهِ / صُوراً وَفي الأَفعال مِن أَضدادِهِ
وَإِذا جَفاكَ الدَهر وَهوَ أَبو الوَرى / طراً فَلا تَعتَب عَلى أَولادِهِ
فَلأَنهَضَنَّ بِجَحفَل فُرسانِهِ / مِن سمرة وَنَحافَة كَصعادِهِ
وَلأَقضينَّ الدَهرَ غيرُ مُقَصِّرٍ / ما كانَ أَسلَفَنيه مِن أَحقادِهِ
بَل كَيفَ تخطيني العلى وَأَنا امرؤ / أَرتادُ عاريهن مِن مِرتادِهِ
يا صاح إِنَّ الدَهرَ قَدَّم بِالغِنى / وَعداً فَها أنذاكَ مِن ميعادِهِ
هَذي طَرابلس وَما دونَ الغِنى / إِلّا نِداؤُكَ بِالحُسَينِ فَنادِهِ
شفع ابن حيدرة عَلى ثانيه في / هَذا الزَمان وَكانَ مِن أَفرادِهِ
بِأَبي مُحَمَدٍ الَّذي يأوي العُلى / ما بَينَ قائِم سَيفِهِ وَنَجادِهِ
بِمُهَذَّبٍ صَعب الآباء حرونه / في حَقِّهِ سلس النَدى منقادِهِ
متجلِلاً ثَوب الرِئاسَة معلماً / بِبَهائِهِ وَوَفائِهِ وَسَدادِهِ
سالَمَهُ ما كانَت حَياتك مغنماً / فَإِذا مللت مِنَ الحَياة فَعادِهِ
حازَ العَلاءَ بِجَدِّهِ وَبِجِدِّهِ / فاختال بَينَ طَريفِهِ وَتِلادِهِ
لَم يَجعَل الآباء مُتَّكلاً وَلا / آباؤُهُ اتَّكَلوا عَلى أَجدادِهِ
خرق يعد الجودَ بيت قَصيدَة / وَالمطل مِثلَ زِحافِهِ وَسِنادِهِ
يَثني النَوال إِذا أَتاهُ بِمِثلِهِ / إِنَّ النَوال يَلذ في تِردادِهِ
ما العُرفُ إِلّا جَوهَرٌ فجمعته / في العقد مَعنىً لَيسَ في أَفرادِهِ
ما إِن حسبت الخيل تألف ضَيغماً / حَتّى تبدى فَوقَ ظَهرِ جَوادِهِ
يَكسو المُدَجَّجُ مجسداً بِدمائِهِ / فَيَعودَ بَعدَ النقع لون حِدادِهِ
وَالبيض مِن تَحتِ الغُبارِ كَأَنَّها / جَمرٌ تَأَلَّق في خِلالِ رَمادِهِ
وَالمَجدِ تَحتَ ظَبي السُيوف يَجوزه / مَن كانَ وقع جِلادِهِ كَجِلادِهِ
كَم جَحفَل غادَرَت فيهِ وَدائِعاً / قَضباً مِن الخَطيِّ في أَجسادِهِ
صدرت صدور قناك تَشكُر رِيّها / مِنهُ وَكانَ الوَرد في إِيرادِهِ
أَمّا الإِمام فَشاكِر لَكَ أَنعُماً / عَمَّت جَميعَ عِبادِهِ وَبِلادِهِ
وَأَنَرتَ ما سدت أَكفَّ جِيادِهِ / وَهتكت ما نسجَت يَدا زِرادِهِ
كَم طرزت أَرض العَدوِّ دَماً إِذا / طرزَت طرسك نَحوَهُم بِمدادِهِ
خَفَّقَت بِالأَقلامِ عَن أَرماحِهِ / وَبمحكم الآراءِ عَن أَجنادِهِ
يا ذا الَّذي يُعدي اليَراعَ بِفعلِهِ / وَبِفَضلِهِ وَبِبأسِهِ وَبآدِهِ
كذب المَبخَل لِلزَّمانِ وَأَنتَ مِن / جَدوى أَنامِلُهُ وَمِن أَرفادِهِ
أَبداك فَرداً وابتَغى لَكَ في الوَرى / مَثلاً فَلَم يَقدِر عَلى إِيجادِهِ
لَمّا علوت الناس جدت عَلَيهم / وَالطود يَقذِف ماءه لوهادِهِ
تَبغي صِيانة ما حويت بِبَذلِهِ / في خُفيَةٍ وَبَقاؤُهُ بِنَفادِهِ
تَخفي نَداكَ وَلَيسَ يَخفى وَالنَدى / كَالمِسكِ يَهتِفُ ريحُهُ بِزِيادِهِ
حَيّاك مِن ذي سؤدد وَرَعاكَ مَن / أَحياكَ وَاستَرعاكَ أَمر عِبادِهِ
أَتَرومُ تَغطِيَة الهَوى بِجُحودِهِ
أَتَرومُ تَغطِيَة الهَوى بِجُحودِهِ / وَنحول جِسمِكَ مِن أَدَلِّ شُهودِهِ
هَيهاتَ تَستُر مِنهُ فَجراً واضِحاً / مِن بَعدَما صدع الدُجى بِعَمودِهِ
قَد قُلتَ إِيّاكَ الحِجازَ فَإِنَّهُ / ضريت جآذره بِصَيد أُسودِهِ
وَأَرَدتُ صَيد مَها الحِجاز وَلَم يُسا / عِدُكَ القَضاء فَصِرتَ بَعض صيودِهِ
يا سائِلي عَمَّن هَوَيتَ وَحالَتي / ما حال مَفقود الفُؤاد عَميدِهِ
قَد كانَ يَرجِفُ في لَيالي وَصلِهِ / قَلبي فَكَيفَ يَكونُ عِندَ صُدودِهِ
قَلب يَزيد بِماء جِفني نارِهِ / وَهجاً فَكَيفَ الرَأي في تَبريدِهِ
لَم تَرضَ في قَتلي سِهام لِحاظِهِ / عَدواً فَأتبَعها رِماح نُهودِهِ
لَمّا رأى لحظات طَرفي رُتَّعاً / تَجنى شَقيقاً مِن رِياض خُدودِهِ
قفل اللِثامَ وَصَدَّ عَنّي شارِداً / وَنأى فاسهَر مُقلَتي بِشُرودِهِ
لا حَظَّ لي في قُربِهِ وَبِعادِهِ / عدم البَخيل وَفَقدِهِ كَوجودِهِ
قطع التنفس عِقدَهُ مِن غصةٍ / ظَلَّت تردَّدُ في سوارِ وَريدِهِ
وَبَكى لِفرقَتِنا فَواقاً فالتقى / دران در دُموعِهِ وَعُقودِهِ
وَجَلا كَمِثلِ البَدرِ في تَدويرِهِ / وَضِيائِهِ وَالفَجر في تَوريدِهِ
يا لَيتَهُ جَعَلَ القَطيعَة مَوعِداً / مِنهُ فَيُخلِفُها كَخُلفِ عُهودِهِ
أَخفي هَواهُ وَهوَ نارٌ مِثلَما / يَخفي الزِناد ضِرامه في عودِهِ
أَبصَرته في ربرب مِن جَيشِهِ / مِن كل مضطمر الحَشا املودِهِ
يَلتَف نوَرَ الأَقحوان بِمِثلِهِ / في ريحِهِ وَبَياضِهِ وَقدودِهِ
فَصَنَعنَ عِندي مِنَّة فَجَحدتها / نيل الغَواني شكره كَجُحودِهِ
يَحفِفنَ أَغيد يَغتَدي داءَ الهَوى / وَيَروح بَينَ مَروطهِ وَبُرودِهِ
حَسَنُ الشَمائِلِ أَوحداً في حُسنِهِ / كَمُحَمَدٍ بِن سَلامَة في جودِهِ
البَحرُ بَعضُ حُدودِهِ وَالفَضل بع / ضُ شهوده وَالنَصرُ بعض جُنودِهِ
تَبدو أمارات الكَريم بِوَجهِهِ / مِن بِشرِهِ وَحَيائِهِ وَسُجودِهِ
أَضحى قَريب الجود مُنبَعِث الجَدا / نَفسي فِداء قَريبِهِ وَبَعيدِهِ
وَمُكَرِّماً لِلوافِدينَ وَمالِهِ / وَفدٌ وَلَيسَ مكرمً كَوفودِهِ
وَإِذا أَرادَ أَثابَ في طَلَبِ العُلى / وَالحال عِندَ مَضيِّهِ وَعَتيدِهِ
مِن حاتِمٌ جوداً إِذا ذكر النَدى / حَتّى أَشبَهه بِبَعض عَبيدِهِ
يربي عَلى جهد الكرام كثيره / وَيَزيد فَوقَ كثيرهم بِزَهيدِهِ
أَبواعهم في المَجدِ مِثلَ ذِراعِهِ / وَقيامِهِم في الفَضلِ مِثلَ قُعودِهِ
وَعَلى مَقادير الرِجالِ فِعالِهِم / قَطع المُهَنَّدِ تابِعٌ لِحَديدِهِ
وَإِذا ارتأى في كُلِّ أَمر حلة / وَلَو أَنَّ أَهل الأَرضِ في تَحقيدِهِ
وَإِذا رأى إِبرام أَمر لَم يُطِق / أَحَد يَحِلُّ الأَمر مِن تَوكيدِهِ
وَإِذا أَفات أَفاد في طَلَبِ العُلى / فَالفَضلُ بَينَ يَقينِهِ وَمفيده
قَد هَذَّبَت إِقليمه أَقلامِهِ / وانقاد سيده انقياد مسودِهِ
قِطُّ العِدى في قَطِّهِ وَمِدادِها / مد الحَياة لخلِّهِ وَوديدِهِ
نبل إِذا ما راشها بِبَنانِهِ / وَرَمى أَصابَ صَميم قَلب حُسودِهِ
بيضُ الأَماني في بَياضِ كِتابِهِ / وَكَذا المَنايا سُودُها في سِودِهِ
فَإِذا استَمَدَّ فَقَد أَمَدَّ بِعَسكَرٍ / لَجِبٍ يَسيرُ النَصر تَحتَ بُنودِهِ
وَعجِبتُ مِن قَلَمٍ بِيُمناهُ أَلَم / يُغرِقه بَحرُ بَنانه بِمُدودِهِ
لَم يَقتَنِع بِالمَجدِ عَن آبائِهِ / وَهُمُ فَما اقتَنَعوا بِمَجدِ جُدودِهِ
حَسُنَت بيَ الأَيامُ بِالحَسَنِ الَّذي / أَروى النَدى بِطَريفِهِ وَتليدِهِ
أَعطى وَجادَ وَزادَ في طَلَبِ العُلى / حَتّى نَما في الجودِ فَوقَ مَديدِهِ
أَولى البَريَّةِ أَن يُسَمّى ماجِداً / مَن كانَ طارِف مَجدِهِ كتليدِهِ
حَيّاكَ من أَحيا العُلى بِكَ مِثلَما / نَشرَ النَدى بِكَ وَهوَ بَينَ لُحودِهِ
لَو كانَ هَذا الدَهر شَخصاً ناطِقاً / أَشنى عَلَيكَ بِنَثرِهِ وَقَصيدِهِ
أَو كُنت لَيلاً كُنتَ لَيلَةَ قَدرِهِ / أَو كُنتَ يَوماً كُنتَ يَومي عيدِهِ
يُنبي سَلامك وابتسامك عَن نَدىً / وَكَذا الغِمامُ بِبَرقِهِ وَرعودِهِ
ما زالَ هَذا الذهر بَينَ مَناحِس / حَتّى طلعت فَكنت سعد سعودِهِ
ثِق بالإِلَه فَكُلُّ أَمرٍ أَنتَ في / تأسيسِهِ فَاللَهُ في تَشييدِهِ
قَد كانَ فضلك موهِماً لِعَطائِهِ / فالان بِشرُكَ موقِن بِمَزيدِهِ
فأسلم وَدم في غِبطَةٍ مكلوةٍ / مِن رَيبِ دهرك ذا وَمِن تَنكيدِهِ
ما أَسفر الأَصباح واعتكر الدُجى / وَشَجى حَمامُ الأيكِ في تَغريدِهِ
طرقت خَيالاً بَعد طول صدودها
طرقت خَيالاً بَعد طول صدودها / وفرت إِلَيكَ السِجنَ لَيلَةَ عيدِها
أَنّى اهتَدَت لا التيه منشؤها وَلا / سفح المُقَطَّمِ مِن مَجرِّ بُرودِها
في لَيلَة لَيلاء أَلزم فضلها / بيض اللَيالي أَن تدين لِسودِها
حَقُ اللَيالي البيض قسم سوادِها / خالاً وَخالاً زينة لُخدودِها
أَسرَت إِلَيهِ مِن وَراءِ تِهامَةٍ / وَجَفاهُ داني الدار غَير بَعيدِها
فأَتَته ما ارتاحَت لِحُسنِ ظِبائِها / وَهناً ولا ارتاعَت لِزأر أُسودِها
مُستَوطِناً دار البنود وَقلبه / للرعب يَخفِق مِثلَ خَفق بنودِها
دار تحطُّ بِها المنون شِباكِها / فَتَروح وَالمهجات جل صيودِها
فَتَعَثَّرَت بِعُرى الأَداهِمِ فالتَقى / جرسان جرس حَليِّها وَحَديدِها
قيد وَسلسلة وَأَدهَم مصمت / محن الكرام عَظيمَةُ كقصودِها
وَقِلادَةٌ في جيدِهِ إِن حُرِّكَت / تَهتَزُّ مِنها الأَرضَ في تَمييدِها
وَتأوَّهَت عَن زَفرة لَو صادَفَت / حَجَراً جَرى ماء لِفَرطِ وقودِها
وَأَصاب دُرُّ الدَمعِ لؤلؤ ثَغرِها / ثُمَّ استَفاضَ فَبَلَّ دُرَّ عُقودِها
فَعَفَفتُ ثَمَّ وَلَو هَمَمت بِضَمِّها / منعت مِن استقصائِهِ بنهودِها
ما ضَجَّ مِن تلف الحَياة ضَجيعها / لَكِن الاح وَضَجَّ مِن تَنكيدِها
بَثَّ الفَضائِل خلفه وَأَمامه / فَفَناء مُهجَتِهِ كَمِثلِ خُلودِها
كالشَمسِ تُوَدِع في الكَواكِب نورها / فَتَنوب للسارين عَن مَفقودِها
مَحنٌ قَد احتَشَدَت وَقَلبٌ واثِقٌ / باللَهِ وَالزَيديُّ في تَبديدِها
بِفُؤاد أُسرَتِها ودرَّة تاجِها / وَسواد ناظِرها وَبيت قَصيدها
بِأَغَرَّ يَحسِدُهُ أَفاضِل عَصرِهِ / قدر الفَضيلة مِثلَ قدر حُسودِها
حاشا من اعتَمَدت عَليهِ دولَة / مِن أَن يَضيقَ بِفَكِّ بَعضِ عَبيدِها
واللَهُ أَكرَم حينَ أَنزَلَ حاجَتي / بمسودِ الكُرَماءِ دونَ مسودِها
وَلَرُبَّ مصطنع يَداً تقليده / صدر الحُسامِ أَخف مِن تَقليدِها
وَأَراهُ لا يَرضى بِفعلِ صَنيعَةٍ / حَتّى يُتابِعها كَفاء حُدودِها
صِلَةُ اللَهيفِ هيَ الصَلاةُ بِعَينِها / وَتَمامِها بِركوعها وَسُجودِها
واللَهِ لَو ضمن الرُقادِ حَميته / عيني فَما اكتحلت بطيب هجودها
ونظمت أَجفاني العلى لجبنها / نظماً وأَسفلها إِذاً بِخدودِها
وَصفدت نَفسي بِالوَفاء وَضيقِهِ / إِنَّ الوَفاء لمن أَشَدِّ قيودِها
وَلَقيتُ نِعمَتِهِ بِأَحسَن خُلَةٍ / تَلقى بِها النعماء عِند ورودِها
حزت العَلاءَ إِفادَة وَولادة / فأعنت طارِفَ رتبة بتليدِها
إِنَّ المآثِرَ كالخِضابِ نصولها / عَجِلٌ إِذا لَم تَسعَ في تَجديدِها
نَفس الشَريف كَحُلَّةِ موشية / فَإِذا تَناهَت طُرِّزَت بِجدودِها
وَإِذا اعتَبَرَت فروعه بأصولِهِ / أَيقَنَت أَنَّ دُخانِهِ مِن عودِها
وَمَحاسِن الأَشياء في تَركيبها / طوق الحَمامَةِ خِلقَةٌ في جيدِها
وَفَضائِل الإِنسان تَتبَع أَصلِهِ / قطع الصَوارِمِ تابع لحديدِها
أَدنى بَنيها مِن ولادة خامِلٍ / لا ينسل الأَشبال غَير أُسودِها
تَفديكَ طائِفة إِذا ما فوخرت / فَزَعَت إِلى أَجداثِها وَلحودِها
لَغو كَحَرف زيدَ لا مَعنى لَهُ / أَو واوُ عَمروٍ فقدها كَوجودِها
وَأعدت ما أَبدَت جدودك مِن عُلىً / سُبحانَ مُبديها بِكُم وَمعيدها
يا ابن الأثمة مِن قُرَيش دعوة / نظمت دَعاويها بِسِلكِ شُهودِها
دَلَّت عَلَيكَ فأجزأت عَن غَيرِها / يغني اشتَهار الحال عَن تَحديدها
إِن كانَ أَولاد الوَصيِّ كَواكِباً / فاعلَم بِأَنَّكَ أَنتَ سَعدَ سعودِها
نَقَلوا فَضائلهم إِلَيكَ كَأَنَّها / زُر جونَةٍ نُقِلَت إِلى عَنقودِها
أَتَضيع نَفساً أَنتَ مِن تامورها / وَصَميمِها كالجُزءِ مِن تَوحيدِها
جعلتك واسطةً إِلى مَنجاتِها / وَأَباكَ واسطةً إِلى معبودِها
لا أَنحل الأَيام نَحلاً بَعدَ ذا / حَسبي بِأَنَّكَ نَفحة مِن جودِها
أَلَمَّت بِنا بَعدَ الهَدوِّ سُعاد
أَلَمَّت بِنا بَعدَ الهَدوِّ سُعاد / بِليل لباس الجو مِنهُ حِدادُ
أَلَمَّت وَفي جَفني وَجفن مُهنَّدي / غِرارانِ ذا سَيف وَذاكَ رِقادُ
فَما برحت حَتّى تَجَلّى ليَ الدُجى / كَما فارَقَ العضب الحُسام غمادُ
وَأَحدَق باللَيلِ الصَباحِ كَأَنَّهُ / بَياض بعين وَالظَلامُ سوادُ
أَناة كَمِثلِ الشَمسِ نوراً وَعادَة / فَفيها دُنوٌ مطمعٌ وَبعادُ
فأن ترني أَخفي هَواها تجملاً / فَيا رُبَّما أَخفى الضِرام زِنادُ
وَلَم أَنسَها وَالبَينُ يُجري دموعها / عَلى مشرق لِلعَين فيهِ مُرادُ
يَروق بِدَمعِ اللَهوِ وَالحزن خَدّها / فَما عَنه طرف إِن راهُ يحادُ
وَإِن سَفَحَت بِالكُحلِ دَمعاً فَخدّها / مِن النور طرسٌ وَالدموعُ مِدادُ
بِها مَرَضٌ في لَحظِها وَهوَ صِحَّةٌ / وَلَكِن مَريض اللَحظِ لَيسَ يُعادُ
أَلَيسَ عَجيباً أَن تَصيدَ قلوبنا / مَهاةٌ وَعَهدي بِالمَهاةِ تُصادُ
سَقاها إِذا ما المزن أَخلف أَرضها / بنان عليِّ إِنَّها لَعِهادُ
غَيوث وَلَكِن قطرة الغيث بدرة / مكملة أَو نبرة وَجوادُ
أَغيث جداه الماء لا شيء غيره / كَغيث جداه طارِف وتلادُ
بِنانٌ عَلى بَذلِ المَواهِبِ سبطة / وَلَكِن عَلى قَبض الرِماحِ جعادُ
يَجولُ بِهِ في الحَربِ نَهدٌ كَأَنَّهُ / عِقابٌ وَلَكِن الجَناحَ بدادُ
وَقَد خُضِّبَت أَسيافَه فَكَأَنَّها / مِنَ الدم جَمرٌ وَالغُبارُ رَمادُ
لَهُ كرم كالبَحر يَزداد كُلَّما / يُرجّى فَما يَخشى عَلَيهِ نَفادُ
عصيبت إِلَيهِ النَفسُ حَتّى أَتَيته / فَفزتُ وَعِصيان النفوس رَشادُ
وَأَعلقت أَسبابي لمختص دولَة / غراس الأَماني في ذَراهُ حَصادُ
بِأَبلَج سوق الحَمدِ يَنفق عِندَهُ / وَفي سوقِهِ الألدية كَسادُ
تَهُزُّ يَمين الملك مِنهُ مثقَّفاً / يَقيهِ لِسان كالسِنان حِدادُ
لَهُ حملات في المَكارِم مقدماً / إِلى جودِهِ والمَكرُماتِ طرادُ
لَقَد أَنشر الطَيموم أَموات طيىء / بِعَليائِهِ وَالمَجدُ حينَ يُشادُ
فَإِن لَم يَعُد مَن ماتَ مِنهُمُ فَذِكرُهُ / وَذِكرُ الفَتى قَبلَ المَعادِ مُعادُ
رَأيتُ عَليّاً في الفَضائِلِ كاسمِهِ / عَليّاً لَهُ شُمُّ الجِبالِ وَهادُ
فَإِن شارَكوهُ في اسمِهِ فَلَرُبَّما / يُشارِكُ في إِسم ناطِق وَجَمادُ
بَصيرٌ بِتَركِ الجودِ في مُستَحِقِّهِ / وَما كُلُّ مَن يُعطي الجَزيل جَوادُ
لَقَد زدتَ هَذا الدَهر حُسناً وَهيبَةً / كَأَنَّكَ في صَدرِ الزَمانِ نِجادُ
فَلَو صَوَّرَ اللَهُ البَريَّةَ واحِداً / لصوَّرَهُم جِسماً وَأَنتَ فُؤادُ
حملت العُلى بِالجودِ حَتّى اقتَنصتَها / وَلِلمَجدِ وَحش بِالنوالِ يُصادُ
فَقَد سُدَّت طياً وَهيَ لِلناسِ سادَة / وكل جَواد سَيِّد سَيُسادُ
وَطيىءٌ عماد الناس في كُلِّ مَوطنٍ / وَأَنتَ لَها يا ابن الكِرامِ عِمادُ
تَقودُ ذُرى قَحطان آل مفرجٍ / وَلَو لَم يَكُن آل المُفَرِّج قادوا
إِذا أَسَّسوا شادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا / وَإِن بَدأوا في المكرمات أَعادوا
أَفادوا مَديحي واستَفدت ثَوابهم / وَكل مُفيدٍ إِن رَأَيتَ مُفادُ
رَأيت العُلى شَخصاً وَقَحطان وَجهِهِ / وطيىءُ لَهُ عين وَأَنتَ سَوادُ
إِلَيكَ فرت بي كل قَفرٍ وَمَهمَهٍ / مُضبَّرة مِثلَ العَلاة سِنادُ
ثَنى القَفر مِن أَخفافِها فَكَأَنَّما / عَلَيهُنَّ مِن ماءِ الدِماء جِسادُ
وَعاذِلَةٍ قالَت تأنَّ فَرُبَّما / يَروقك بَعضُ النَبتِ وَهوَ كِبادُ
فَقُلتُ لَها كُفّي فآل مُفرجٍ / بِحارُ نَدىً وَالعالَمون ثمادُ
أَيَخلف ظَنّي مِن أَبوه مُفرِجٌ / أَلا إِنَّ أَولادَ الجِيادِ جِيادُ
أَلا هَل لِعَهدِ العامِريَّةِ جاحِدُ
أَلا هَل لِعَهدِ العامِريَّةِ جاحِدُ / وَعِندي مِن صدق المَوَدَّةِ شاهِدُ
حُكي لَكِ عَنّي أَنَّني لَكِ مُبغِضٌ / فَلا تَسمَعي ما قالَ فيَّ حَواسِدي
فَواللَهِ ما الأَعراض عَنكِ مَلالة / أَأَسطيعُ إِعراضاً وَشوقيَ زائِدُ
وَلَكِن حِذاراً مِن وُشاةٍ عيونهم / عَلَينا وَإِن أَبدَت هُجوداً رَواصِدُ
أَناديكِ مِن شَوقٍ إِلَيكَ وَصبوة / وَما بَينَ دارينا مَدىً مُتباعِدُ
وَكَم سرت في طُرقِ السلو فَلَم أَجِد / سَبيلاً وَضاقَت في هَواكِ المَقاصِدِ
وَكَم طلبت عَينايَ في الناس ماجِداً / كَريماً فَناداني النَدى لَيسَ ماجِدُ
سِوى من عَليه الحمد وَقفٌ وَعِندَهُ / بلوغ المُنى إِن جاءَ يَرجوهُ قاصِدُ
أَبا الفَضل عَبدُ اللَهِ بن مُحَمَدٍ / عَلى وَجهِهِ للمكرمات شَواهِدُ
لَهُ مِن سَماءِ الفَخرِ مِن طيب أَصلِهِ / وَإِحسانِهِ في المعتفين مُشاهِدُ
كَريم عَلى أَبوابِهِ النُجح ثابِت / إِذا مَرَّ عَنها وافد جاءَ وافِدُ
وَما خَيَّبَ الدهر الخؤون لِطالِبٍ / وَلاذَ بِها إِلّا أَتَتهُ الفَوائِدُ
عَلَيها ازدِحام لِلعفاة وَحَولها / عَلى كُلِّ فِترٍ للعُفاةِ مَوارِدُ
لَئِن نامَ عَن جَدوى أَبي الفَضلِ طالِب / فَما جودِهِ عَن ما يُحاوِلُ راقِدُ
أَعادَ عَلى حَمدِ الأَنامِ فَخاره / فَظَلَّ لَهُ مِن سائِرِ الناس حاسِدُ
مَواهِبه في الناس لَم يَبقَ غيرها / لعودَةِ ممتاحٍ طَريفٌ وَتالِدُ
تَكادُ تُناجيهِ بِأَعذَبِ مَنطِقٍ / عَلى الخَلقِ مِن حُسنِ الفِعالِ المَحامِدُ
وَمن لَم يَكُن يُعطي الخُلود فَإِنَّهُ / بِحَمدِ الوَرى في الدَهرِ لَو ماتَ خالِدُ
عَوائِدُهُ أَلّا يُخَيِّبَ سائِلاً / فَيا حَبَّذا في الناس هَذي العَوائِدُ
أَبا الفَضل إِنَّ الشِعرَ عِندَكَ نافِقٌ / وَعِندَ الَّذي سامى عُلوك كاسِدُ
إِذا ضَلَّتِ القُصّاد عَن حَوض ماجِدٍ / يَكونُ لَها مِن مكرماتك راشِدُ
وَإِن عَدَلَ المَحرومُ عَنكَ فَإِنَّهُ / إِذا خافَ الإِقبال نَحوَكَ عائِدُ
أَرى الغيث مَفقوداً مِنَ الدَهرِ بُرهَةً / وجودك باقٍ ماله الدَهر فاقِدُ
يَزيدُ عَلى فَيضِ البِحارِ انسِكابِهِ / وَعِدَّتُها سَبعٌ وَأَنتَ فَواحِدُ
وَلَولاكَ ماتَ الجود يا بن مُحَمَّدٍ / فَأَنتَ لَهُ دونَ البَريَّةِ والِدُ
ترفعت عَن مَدح الأَنامِ جَلالَةً / فَسادَ بِنَشرِ الحَمدِ عَنكَ القَصائِدُ
فَنجمك في بُرجِ السَعادَةِ بالِغٍ / وَمَجدك في أَعلى المَنازِلِ صاعِدُ
نُفوس العِدى تَهواكَ يا ابن مُحَمَدٍ / فَما لَكَ في إِحسانَ كَفِّكَ حاسِدُ
إِذا رُمتُ أَن أَثني عَلَيكَ بِصالِحٍ / فَماليَ في خَلقِ الإِلَهِ مُعانِدُ
وَإِن رمت أَن أَثني عَلَيكَ بِغَيرِهِ / فَماليَ في كُلِّ الأَنامِ مُساعِدُ
فَدَم سالِماً يا ابن المَنيع مُجدداً / فَلا طرقتك الحادِثات الشَدائِدُ
لَقَد كُنتَ نَبّالاً بِلَحظِكَ صائِداً
لَقَد كُنتَ نَبّالاً بِلَحظِكَ صائِداً / فَأردَفتُ رُمحاً حينَ أَصبَحت ناهِدا
سِلاحٌ وَلَكِن لا يَضيرُ مُدانياً / وَيَنفُذُ فيهِ حده مُتَباعِدا
يُبَرِّزُ وَرد الخَدِّ ثمَّ يُعيدُهُ / وَلَم أَرَ وَرداً في الكَمائِمِ عائِدا
لَها مُقلَةٌ بِالسُقمِ تُعدي وَما بِها / سِقام وَهَل تَردي السموم الأَساوِدا
لَها بَردٌ مِن دونِها الريق دونَه / فَطابَ وَلَولا ذاكَ لَم يَكُ بارِدا
وأَقسِمُ أَنّي ما هَمَمتُ بِريبَةٍ / لِغانِيَةٍ إِلّا إِذا كُنتُ راقِدا
وَلَكِنَّني لَمّا رَأَيتُ جُفونَها / مُمَرَّضَةٌ أَرسَلَت طرفي عائِدا
وَلَو لَم تَكُن أَجفانُها صدفاً لَما / نثرن غداة البين دراً فَرائِدا
كلفت بِحُبِّ البيض وَالقَلبَ مولَعٌ / بِحُبِّ المَواضي ما هجرت الخَرائِدا
تُوَسدني العيس الطَليح ذِراعها / إِذا لَم توسدني الخَريدة ساعِدا
وَيُسعدني سَيفي عَلى كُلِّ بُغيةٍ / إِذا لَم أَجِد في العالَمينَ مُساعِدا
وَكُنتُ إِذا ما رُمتُ رَعيَ قَرارَةٍ / مِنَ المَجدِ أَرسَلتُ الرُدَينيَّ رائِدا
وَكَم رَجُلٍ أَثوابُهُ دونَ قَدرِهِ / وَقَد يَلبِس السلك الجمان الفَرائِدا
فَلا يُعجِبَن ذا البُخلِ كَثرَة مالِهِ / فَإِنَّ الشَغا نَقص وَإِن كانَ زائِدا
فَوا أَسَفا حَتّام أَمدَح جاهِلاً / وَأَنظَم فيمَن لا يُساوي القَصائِدَ
وَأَمدَح قَوماً لَيسَ يَدرونَ أَنَّني / مُقاوِد قَد قَلَّدتَهُم أَو قَلائَدا
أَرى دَهري تَفَضَّلَ واستِفادا
أَرى دَهري تَفَضَّلَ واستِفادا / بِنابِغَة نَسيَت بِهِ زِيادا
وَلما أَن مَضى عَنّا زِياد / لَنظم الشعر عَوَّضَنا زِنادا
وَحينَ أَتاكَ ذاكَ أَفادَ هَذا / فَأَنسى مَن أَتاكَ لمن أَفادا
وَما أَعني سِواكَ أَبا عَليِّ / فَكُن حَيثُ اشتُهيتَ تَكُن مُرادا
لَقَد حَلَّت قَصائِدُكَ المَعالي / صنوف الفَخرِ مَثنى أَو فُرادى
فَإِن أَغزلت كُنتَ لَها وِشاحاً / وَإِن أَجزَلت كُنتَ لَها نجادا
بهرن فَلو تَبَين عَلى حُسودٍ / لَقالَ بِغَيرِ شَهوَتِهِ أَجادا
سمت بِكَ هِمَّة لَم تَرضَ حَتّى / غَدا فَلكَ النُجومُ لَها جَوادا
يَكون لَها الهِلال اليوم نَعلاً / وَفي عَشرٍ يَكون لَها بِدادا
أَتاني عَنك ذكر لَو تَمادى / إِلى الأَمواتِ كانَ لَها معادا
ثَناءٌ أَم ثَنايا أَقحوانٍ / تَبَسَّم غِبَّ أَدمعها فَزادا
حَظيت بِهِ فكنت هُناك قُسّاً / وَكانَ الناس كلهم إِيادا
بَعَثتُ إِلَيكَ في ميدان طِرسي / مِنَ الأَلفاظِ مضمرة جِيادا
وَلَو اسطيع كانَ بَياض عيني / لَها طَرساً وأسودها مِدادا
وَقَد أَسَّستَ مكرمة فَشيد / فَمثلك من إِذا أَبدى أَعادا
شَقيت بِما جَمعت فَلَيتَ شِعري
شَقيت بِما جَمعت فَلَيتَ شِعري / وَرائي مَن يَكون بِهِ سَعيدا
أَعاين حَسرَةً أَهلي وَمالي / إِذا ما النَفس جاوَزَت الوَريدا
أُعِدُّ الزادَ مِن تَقوىً فَإِنّي / رَأَيتُ المَنِيَّة السفر البَعيدا
تَبَرّأَ صاحِبيَ في اللَحدِ مِنّي / وَهالَ عَلى مَناكِبي الصَعيدا
وَوَدَّعَني وَعَزَّ عَلَيهِ أَنّي / أُوَدِعَهُ وَداعاً لَن أَعودا
فَلَو أَبصَرتَني مِن بَعدِ عَشرٍ / رَأَيت مَحاسِني قَد صُرنَ دودا
وَحيداً مفرداً يا رَب عَفواً / لِعَبدِكَ حينَ تَترُكَهُ وَحيدا
سَأَطَّلب العلاء بِكُلِّ لَيثٍ
سَأَطَّلب العلاء بِكُلِّ لَيثٍ / لَهُ رأس بِذِكرِ اللَهِ وَحدَهُ
لَهُ مِن ما تَصوغُ الهند ناب / وَمن ما حاكَهُ داود لبده
يَردُّ الرُمحَ أَزرَق في إِحمِرارٍ / كَمُقلَةٍ أَزرَقٍ كُحلت برقده

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025