المجموع : 41
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت / لها عيون الأعادي بعد رقدتها
فاجعل بها ملة الإسلام باقية / واحرس عقود الهدى من حل عقدتها
وهب لنا منك عوناً نستجير به / من فتنة يتلظى جمر وقدتها
بصعود منزلة وجد صاعد
بصعود منزلة وجد صاعد / ودوام مملكة وعيد خالد
يوم أمد من السماء بطالع / سعد وجد في العلاء مساعد
يوم تعثرت الخواطر هيبة / منه بذيل مدائح ومحامد
عقلت مهابته اللسان وأطلقت / في كل قلب رعدة كالراعد
واعتاقها ضعف في الجنان لعرضها / زيف الكلام على البصير الناقد
يوم حسبت الجو يهمي عبرة / من ذكره بصواعق وجلامد
لكن أمركم المطاع وفضلكم / أذنا عليكم للثناء الوافد
زفت إلى حرم الإمام عقيلة / علقت لها أيادي الثناء الشارد
هي درة لم يرض عالي قدرها / بحراً سوى كنف الإمام العاضد
وقنيصة لولا الخلافة لم تكن / أبداً لتعلق في حبال الصائد
عربية الأنساب لكن لم تقد / نيرانها بالأجرع المتفرد
زارت قصورك بنت قصر لم يزل / رحب الفناء لصادر ولوارد
لا يسند المران في جنباته / إلا بجنب مراتب ومساند
جاءتك من خيس الضراغم لبوة / تحمى بأشبال الهزبر اللابد
ضربت بنو روزيك حول خبائها / سداً أقيم من القنا بقواعد
وحموا جوانب خدرها بخوادر / يتمايدون على الوشيج المائد
يصلون سمرهم بلين معاصم / وقصار بيضهم بطول سواعد
سحبوا على البيداء ذيل سحابة / سوداء ذات بوارق ورواعد
ولرب شهب من ظبي وأسنة / رجموا بها قلب الرجيم المارد
قوم تحن إلى الرقاب سيوفهم / في كل معترك حنين الفاقد
الحاقدون على كرائم مالهم / والناقمون على العدو الحاقد
الرافدون المدح من أفعالهم / ونوالهم بالسؤدد المترافد
العامدون إلى عوائد صفحهم / في النائبات عن المسيء العامد
يهني بني رزيك أن حبالهم / وصلت بخير أواصر زمحامد
سبب يمت إلى البتول وعروة / عقدة بأوثق عروة ومعاقد
أحرزتم الشرف الذي أخباره / في كل ناد غصة للحاسد
وكسوتم الأيام رونق بهجة / خضراء تخلف رغبة للزاهد
الدهر دهركم وأنتم أهله / والكل يضرب في حديد بارد
صاهرتم من لا يزال رواقه ال / محروس قبلة راكع أو ساجد
فزتم بهاد لم تزل تهدى به / أبداً بصيرة حائر أو حائد
فزتم بمن يضحي وسدة بابه / مفتوحة لمقاصد وقصائد
فزتم بمن ضمنت محبتكم له / عز الولي وذل كل معاد
فزتم بأبلج من سلالة حيدر / ورث الإمامة راشداً عن راشد
قوم إذا جحد الفخار فما ترى / في الخافقين لفخرهم من جاحد
تغدو قريش في الإضافة نحوهم / مثل الجداول في الخضم الراكد
عن واحد هو النبي تفرعوا / وكذا الألوف تفرعت عن واحد
لم يبق في رتب الخلافة بعد ذا ال / عقد الكريم زيادة للزئد
عقد تألف بني أشرف خاطب / في هذه الدنيا وأكرم عاقد
عقد تأكد بين كاف كافل / للمسلمين وبين هاد عاضد
عقد غدا صلة لغير قطيعة / لكن كما اتصل الذراع بساعد
عقد إذا استخبرت عنه فإنه / تقريب شمل ليس بالمتباعد
عقد تنزه أن يكون تمامه / بحضور قاض أو شهادة شاهد
عقد أقيم بشارعين تفرعت / بهما أصول قواعد وعقائد
لو كانت القصص الخوالي قبلنا / مما يعود مع الزمان العائد
خلنا شعيباً والكليم تجسدت / فهما حقيقة غائب في شاهد
فاسلم أمير المؤمنين ممتعاً / بالعز في ظل البقاء الخالد
متملياً بدوام كافلك الذي / جبل الزمان على صلاح الفاسد
حان عليك وإن كرمت أبوة / في كل نائبة حنو الوالد
أسماء ملك تحتها لك مقعد
أسماء ملك تحتها لك مقعد / أم دست نسكك فوقه لك مصعد
ورواق مجد أشرقت حجراته / أم صرح عز بالنجوم ممرد
وضياء وجه العاضد بن محمد / في التاج أم نور الهدى يتوقد
القائم المخصوص بالشرف الذي / أبقى على إرثه ومحمد
أبوان أحسنت النيابة عنهما / فيما تقوم به وما تتقلد
عمت رعايتك الرعايا فاستوى / في قسط عدلك مشرك وموحد
وجمعت شمل المسلمين ببيعة / حفظت نظام الدين وهو مبدد
وسمت أمير المؤمنين خلافة / أضحت تحل براحتيك وتعقد
وورثت عن عيسى ابن عمك منصباً / جاءت ليالي المهد وهو ممهد
إنا نراك وما نراك فإنما / أفكارنا للنص فيك تقلد
حسدت جوارحنا عليك عيوننا / إن العيون على جلالك تحسد
نبأ من النبأ العظيم تجسدت / أنواره والنور لا يتجسد
شرف تساوى فيه منكم أشيب / كهل ومقتبل الشبيبة أمرد
وسريرة درج الزمان وحكمها / متنقل ما بينكم متردد
يهني المواسم أن مطلق ذكرها / أضحى يؤرخ باسمكم ويقيد
رجب من الحرم التي حرمتمو / فثلاثة سرد وهذا مفرد
لو كان ذا شخص إذاً لثم الثرى / حمداً لما أولاده جدك أحمد
أثنى على آلاته بمناقب / منها القصائد والقنا المتقصد
لولا العيان وما ترى من فضلكم / كان الكمال حكاية تستبعد
لم أختصر شرح المديح وإنما / نفد الكلام وفضلكم لا ينفد
والحمد أدنى خدمة مفروضة / لأجل من يثنى عليه ويحمد
وبقاؤكم لله أكبر نعمة / إياه فيها نستعين ونعبد
بصفات مجدك يشرف التمجيد
بصفات مجدك يشرف التمجيد / وبنور وجهك يشرق التوحيد
أمن الهدى أن يستضام وشمله / بالعاضد بن محمد معضود
نزلت ليالي الصوم عندك منزلاً / مازال يعمره التقى والجود
وترحلت من بعد ما زودتها / بر التهجد والأنام هجود
ولقيت عيد الفطر منك بغرة / أضحى ببهجتها يهنا العيد
شرفت بك الأيام حين ملكتها / فجميع أوقات الزمان عبيد
شوال عبدك إن رضيت وإنما / تصحيف عبد في الكتابة عيد
في كل شيء من علاك إشارة / تبدي الخلافة سرها وتعيد
فأفد أمير المؤمنين ولم تزل / لعبيدك المتفهمين تفيد
ما السر في عود المظلة إنه / عود صليب المتن وهو يميد
ما ذاك إلا أنه نظر الورى / وهم لوجهك ركع وسجود
فصغى ولكن المهابة والحيا / منعاه مما يشتهي ويريد
حسدت مظلتك النجوم لأنها / فلك على شمس الضحى ممدود
وبسطت في طلب السيادة عذرها / ومن العجائب أن يسود حسود
وتشرفت لما غدت ورتاجها / فوق الخلافة دائر مشدود
ما فاز بالتشريف إلا مقلة / مدت إليك لحاظها أو جيد
تومي بطرفك نحوهم فتراهم / كالزرع منه قائم وحصيد
دانوا بحب خليفة ما فوقه / في الأمر إلا الخالق المعبود
لما برزت غداة فطرك خاشعاً / وشعارك التكبير والتمجيد
وعليك من شيم النبي وحيدر / للناظرين أدلة وشهود
شخصت إليك نواظر الأمم التي / ملكتهم لك بيعة وعهود
حتى صعدت على ذؤابة منبر / لو كان عوداً ماس ذاك العود
بشرت بل أنذرت بالحكم التي / فيهن وعد صادق ووعيد
لينت قاسية القلوب بخطبة / أصغى إليها المجمع المشهود
لا منكر أن تستكين جوارح / لسماعها أو تقشعر جلود
والوحي ينطق عن لسانك بالذي / من دونه يتصدع الجلمود
يوم جلت فيه الإمامة عزها / ولها الملائكة الكرام جنود
أمنت خلافتك الخلاف وأبرمت / بكفيلها مرر لها وعقود
بالعادل بن الصالح انتظمت فهل / وصى سليماناً بها داود
أغنى عن التقليد نص إمامة / والنص يبطل عنده التقليد
لا شيء من حل وعقد في الورى / إلا إلى تدبيره مردود
ملك أغاث المسلمين وحاطهم / منه وجود في الزمان وجود
ورث الكفالة عن أب لم يفترق / في عصره نصر ولا تأييد
قسماً بمجد أبي شجاع إنه / قسم كما لا ينكرن شديد
لقد استقل أبو شجاع بالتي / أثقالها للحاملين تؤود
واختط من شرف المساعي غاية / ما فوقها للطالبين مزيد
وتدارك الإسلام حين تمايلت / بالخوف أطناب له وعمود
وأقر طائشة القلوب بعزمة / سكنت بها الأطواد وهي تميد
وأذل عز الناكثين بعسكر / لولا التزاحم لم تسعه البيد
قرعت أنابيب القنا فيه القنا / ضيقاً وصل من الحديد حديد
ورأيت فوق السرج منه أجل من / خفقت له في الخافقين بنود
والشمس قد لبست نقاب عجاجة / ضوء النهار بليلها مطرود
لولا ضياء جبينه ما ابيض من / ظلماء مفرقها ذوائب سود
رويت بهيبتها الصدور فاصميت / منها ضغائن أضمرت وحقود
حتى استقال من العناد معاند / وأقر بالفضل المبين جحود
بأس يهد الراسيات وصولة / تأتي وليس أمامها تهديد
شرفاً بني رزيك إن علوكم / أبداً على مر الجديد جديد
لا تفتل الأيام حبل مكيدة / إلا وفيه لأمركم تأكيد
إن الوزارة لا تليق بغيركم / مادام منكم واحد موجود
جانبتم الإسراف إلا في الندى / فلذاك حسن فعالكم محمود
والأمر ليس بنافذ إلا إذا / قامت بحد المرهفات حدود
والناس ليس بمصلح أحوالهم / مع ذاك إلا الرفق والتسديد
يهنى أمير المؤمنين قيامه / في ثأركم ووفاءه المعهود
لم يرض بالأمر الذي رضيت به / في الملك أطراف طغت وعبيد
فشقوا بيوم الصالح الهادي كما / شقيت بصالح النبي ثمود
وتمزقوا بيد الإمام فهالك / ذاق الردى ومصفد وطريد
رعت الخلافة حق أروع لم يزل / يحمي العداء عن عزها ويذود
شهد الملائكة الكرام بأنه / لبى نداء الله وهو شهيد
كافأته في أهله وجعلتهم / سبباً تفيد به الورى وتبيد
وبلوتهم فوجدتهم مامنهم / لعلاك إلا ناصح وودود
وغدا لهم بجميل رأيك فيهم / شرف أناف وعدة رعديد
فاشدد عليهم راحتيك فإنما / ينمى ولاؤك عندهم ويزيد
وبقيتم للمسلمين ومجدكم / أبداً بأفراد النجوم مشيد
عادت عليك أهلة الأعياد
عادت عليك أهلة الأعياد / ببلوغ آمال ونيل مراد
ورأت بك الأيام ما تختار من / عز إلى يوم المعاد معاد
يهني أمير المؤمنين مواسم / أوقاتهن إلى اللقاء صوادي
نظمت على جيد الزمان جواهراً / إن الجواهر حلية الأجياد
ما العيد إلا أن تراك نواظر / لولاك ما اكتحلت بطيب رقاد
وتنير تحت التاج غرتك التي / تجلو صدى المرتاب والمرتاد
وتزور مجلسك المقدس بالهنا / أمم تراوح لثمه وتغادي
وتلوح في ظل المظلة طالعاً / كالبدر أو كالكوكب الوقاد
وكأنها فلك ووجهك شمسه / لولا اعتماد رتاجها بعماد
حسدت بساط الأرض فيك وما درت / أن السماء لها من الحساد
نشر المدير بها عليك غمامة / ذهبية ليست بذات عهاد
فغدا الورى يتعجبون وقد بدا / من تحتها الجودي فوق جواد
قد قلت إذا علت المظلة فوق من / يعلو محل الأنجم الأفراد
لم تعل إلا خدمة وصيانة / وكذا السيوف تصان في الأغماد
والقلب أشرف والضلوع تحوطه / والعين يحجب نورها بسواد
لما برزت إلى المصلى لابساً / ثوب الخشوع وهيبة الآساد
جلت الخلافة عزها في موكب / يكسو ضياء الصبح ثوب حداد
ستر القتام جيادها فكأنها / مكنون سر في مصون فؤاد
متلاطم كالموج إلا أنه / متتابع الأمواج والأزباد
حتى إذا وافيت ساحة مجمع / متضايق العرصات بالأشهاد
قابلت محراب الصلاة وللهدى / قبس على قسمات وجهك باد
وقضيت نافلة السجود ولم تزل / لله أفضل قانت سجاد
وصعدت ذورة منبر أبقيت في / شرفاته شرفاً على الأعواد
ونطقت من فصل الخطاب بخطبة / عون الإله لها من الأمداد
ذرفت دموع الخلق عند سماعها / واستنجدت بمدامع الأكباد
ذكرت ناسية القلوب وإنما / نادى رشادك أهل ذاك النادي
ونحوت متبعاً لسنة من مضى / من سالف الآباء والأجداد
وعلى شريعة جدكم ووصيه / صلى وضحى أهل كل بلاد
وتخاير الوفد الحجيج ضيافة / أعددتموها للقرى والزاد
فاسلم وقل للمشرفية والقنا / ينحرن كل مخالف ومعاد
واحكم على جور الزمان بعادل / ورث الكفالة عن كفيل هادر
فاستوهب النصر العزيز بناصر / صلحت به الأيام بعد فساد
ملك يصرف كل صرف نازل / بأعنة الإصدار والإيراد
لولا عزائمه وشد رأسه / أضحت قوى الإسلام غير شداد
شمخت أنوف عداته واقتادها / صعب الإباء على يد المقتاد
لما تجاوز غاية الأمد الذي / فات الملوك وفت في الأعضاد
قالت مناقبه لحاسد مجده / هون عليك فلست من أضدادي
وانظر لنفسك من يليق بشكلها / واعرف إذا عاديت كيف تعادي
وامنع قناتك أن تميل فإنني / أخشى عليك مثقف المياد
واصدق فما تخفى طوية صادق / ممن أسر الجمر تحت رماد
فإذا وفى لك صاحب وغدرته / فاعلم بأن الله في المرصاد
وحذار من نهشات صل أرقط / ظام ومن بطشات ليث عاد
فبأسفل الهضبات شبل عرينة / وبملتقى العقدات حية واد
منعت بنو رزيك ساحة عزهم / إلا على الرواد والوراد
قوم تخيرت الورى فوجدتهم / أندى الملوك يداً وأكرم ناد
شرفت مناقب مجدهم فكأنني / أتلو بها القرآن بالإنشاد
من كان يسند عن سماع فضيلة / فعن العيان لفضلهم إسنادي
وأبو الشجاع إذا أردت مديحهم / بيت القصيد وقبلة القصاد
إذا لم يكن بين القلوب صدود
إذا لم يكن بين القلوب صدود / فأهون شيء أن تصد خدود
وعندي على جور الزمان وعدله / فؤاد بغير الغانيات عميد
ووجد عدمت الصبر لما وجدته / وهم على نقص الحياة يزيد
خليلي لم يبل الزمان وإنما / بلينا وصرف النائبات جديد
وما هذه الأيام إلا رواحل / تبيد بها الأعمار ثم تبيد
وأضغاث أحلام تمر فتستوي / على المرء منها يقظة وهجود
ولما رأيت الغدر في كل شيمة / وليس لموف بالعقود عقيد
عذرت المواضي كيف تنبو شفارها / وسامحت نصل الرمح كيف يحيد
وعمم فودي المشيب فلم يقل / وقاري ألا ليت الشباب يعود
وقد تتمناه نفوس غبية / وليس تمني المستحيل يفيد
وكل امرء خانته صبغة رأسه / فإن وفاء الناس منه بعيد
تلوم الليالي في عهود نقضتها / وما لمواثيق الرجال عهود
مضى الصالح الملك الكفيل ودهره / ذميم وأما سعيد فحميد
تحلت به الأيام ثم سلبنه / فعطل نحر للزمان وجيد
تسود وجه الصبح منه رزية / وشابت نواصي الليل وهو وليد
وما كنت أدري قبلها أن حظنا / شقي وحظ النائبات سعيد
ولا أن وجه الرشد والرشد واضح / يغيب ولو أن الزمان يكيد
أتسطو بأعيان الملوك عبيدها / لقد ذل أحرار وعز عبيدها
لئن كان فينا الصالح الملك صالحاً / فكم من قدار لم تلده ثمود
أبعد أبي الغارات قدس روحه / يؤمل وعد أو يخاف وعيد
ولولا أبو النجم المظفر بعده / تقلص جود واضمحل وجود
وجدناه لما أن فقدنا شقيقه / فبورك موجود وطاب فقيد
لقد شكرته دولة علوية / يدافع عن حوبائها ويذود
تداركها بالحزم والعزم أروع / له عدة من نفسه وعديد
وقام بها والمجد يخذل أختها / أتم قيام والأنام قعود
إلى أن قر العز في مستقره / وقامت بحد المشرفي حدود
وفي ضحوة الإثنين سكن جأشها / وشد قواها والبلاء شديد
وطارت نفوس الخلق من خفقاتها / وكادت جبال الخافقين تميد
فأمسكها بدر بن رزيك عندما / وهي طنب منها ومال عمود
وأطفأ نار الشر عند التهابها / وليس لها غير الرجال وقود
وساس أمور الناس بالبأس والندى / فأخصب مرتاد وذل مريد
ومد على البيداء ستر غمامة / لها البيض برق والصليل رعود
ولو شاء يوم الجمعة الفتك بالعدى / لرضت جباه منهم وخدود
ولكنه أبقى ليعلم أنه / قدير على ما يشتهي ويريد
ألم تتسرع من أوائل خيله / فوارس لم يثبت لهن حسود
ألم يعف عنهم قادراً بعدما غدوا / فريقين منهم قائم وحصيد
وكل مقامات المظفر في الوغى / لها السيف قاض والرقاب شهود
أغر إذا لاقى الخطوب فإنه / صبور على حر الجلاد جليد
ترحب بالأهوال ساحة صدره / إذا طرقتها للهموم وفود
ولا غرو إن ماتت حقود بصدره / فإن صدور القادرين لحود
خليلي بالبطحاء حيث تجمعت / محامل منها ركع وسجود
أعندكما أني تيممت حضرة / مكارمها للوافدين قيود
وزارت أبا النجم الهمام قصائدي / فأنجح قصد عنده وقصيد
وهبت لها ريح القبول بفضله / فليس لها بعد الهبوب ركود
وميزها عن بهرج الناس نقده / وعلمها بالجود كيف تجيد
وفي كل يوم لا تزال صلاته / إلى منزلي تبدي الندى وتعيد
وأعجب ما شاهدت إحسان كفه / إلي وقد عض الحديد حديد
ولم تلهه عن عادة الجود محنة / بها الرمح غار والحسام رشيد
رآني بعين لو رأت يابس الثرى / لأينع مخضراً وأورق عود
تملك شكري من طريق خفية / بها تعرف السادات كيف تسود
وأيقظ لي أجفان حظي ولم أزل / أنبهها مذ كنت وهي رقود
فأفسد بالمعروف وجه معارفي / فمالي من أهل الوداد ودود
وخاطب عني نفسه فتفضلت / بما لم أكن أستامه وأورد
وما الجود إلا فطنة وتيقظ / وما البخل إلا حيرة وجمود
وفي بعض ما أولى غناي وإنما ال / ملوك على قدر النفوس تجود
وأحسن من نعماه عندي كرامة / صديقي عليها كاشح وحسود
فأوزعني الرحمن شكر اصطناعه / فما فوق ما أسدى إلي مزيد
يا خير من نظم المديح لمجده
يا خير من نظم المديح لمجده / وتنزلت سور الكتاب بحمده
يا حجة الله التي بضيائها / هديت بصيرة حائر عن قصده
أنت الذي بلغ النهاية في العلى / عفواً ولم يبلغ بداية جهده
ورث الهداة الراشدين إمامة / أحيا معالمها بواضح رشده
إن يفتخر بنبوة ووصية / فهما تراث عن أبيه وجده
وإذا تنزل دون ذلك لم يجد / إلا ولي خليفة في عهده
ما ضركم والمصطفى لكم أب / فقدانكم لقضيبه ولبرده
مابين آلات النبي وآله / إلا كما بين الحسام وغمده
شرف غدوت أبا محمد ذروة / في تاجه وفريدة في عقده
مجد يقول إذا عددت نجومه / خل الإطالة واختصر في عده
واذكر أبا الميمون تعل بذكره / شرفاً ولا تتعد نحو معده
الحافظ المحفوظ عند مغيبه / بثلاثة ورثوا الهدى من ولده
من ظافر أو فائز أو عاضد / أضحت بنو رزيك ساعد عضده
قوم أحلهم الزمان مراتباً / أوفت على حل الزمان وعقده
الباسطون ثوابهم وعقابهم / بأتم باع في العلى وأمده
ورث الكفالة عادل في حكمه / منهم ولكن جائر في رفده
نيطت حمائلها بعاتق أروع / حمل الشدائد قبل وقت أشده
وتيقنت رتب الوزارة أنها / كانت ممهدة له من مهده
ولقد أعاض الدست بعد كفيله / أنساً كفى الأيام وحشة فقده
ملك يرد الألف إلا أنه / لا يلتقي الراجي بنبوة رده
جذلان يعتصر الندى من كفه / كرماً ويقتدح الردى من زنده
ترضي رماح الخط بسطة باعه / ومضارب الهندي قوة زنده
وتظن لامعة البوارق في الدجى / بيضاً تجردها فوارس جرده
لا تغترر ببشاشة من بشره / فالسيف يلمع والردى في حده
طارت به همم العلى وتقاصرت / همم الليالي أن تجيء بضده
مطلت عواطف حلمه بوعيده / عفواً وقارنت النجاز بوعده
ملك الجوامح فاللسان بحمده / مستخدم وكذا الفؤاد لورده
وقفت مدائحنا عليه لأنه / ما عندها إلا الذي من عنده
يا عاضداً دين الإله وقائماً / لولاه ما عرفت إقامة حده
تهنيك في العصر الشريف سلامة / عفت على خطأ الحريق وعمده
ولعت به نار الخليل فأطفئت / بسريرة ذخرت لكم من بعده
الله صان عليك مهبط وحيه / ومقر رحمته وجنة خلده
شبهت قصرك والخلائق حوله / تعنو على حر الجبين وخده
بالبيت والركن المحلق ركنه / والوافدين إلى نداك بوفده
ولو أنني وجهت شعري نحوكم / لكفيتكم حر الحريق ببرده
شعر لو أن البحر عب عبابه / وطمت على الدنيا غوارب مده
وأعانه فصل الشتاء بثلجه / ما سد في الإطفاء بعض مسده
أغليتمو بالجود قيمة شعره / ورفعتم بالجاه خامل مجده
وسددتم بالنقد خلة فقره / وسترتم كرماً معائب نقده
أمنت من الغرام على فؤادي
أمنت من الغرام على فؤادي / ومن غي يغير على رشادي
ودرجت الفؤاد على التسلي / إلى أن صار من خلقي وعادي
وقومت التجارب ميل قدحي / بتسديد إلى طرق السداد
فما تغدو المذلة وهي قيدي / ولا أعطي أناملها قيادي
ولي من فارس الإسلام طود / شديد الركن في النوب الشداد
كريم لم أزره قد إلا / وأخصب رائدي وورى زنادي
تنزه ناظري في كل يوم / وفكري في مراد أو مراد
له بشر يهش إلى المصافي / وأخلاق تصد عن المصاد
سليم الصدر لا يخفي لخل / شرار الشر من تحت الرماد
شديد معاقد العزمات صعب / ولكن في الندى سلس القياد
متى نبهت عزمته لخطب / فقد نبهت حية بطن وادي
وإن تنظره في رهج المذاكي / نظرت إلى أبي شبلين عادي
تتيه به السيوف على العوالي / إذا ضاق المجال عن الطراد
ترى أبداً رؤوس معانديه / صعوداً في الأسنة والصعاد
وأثواب الحداد على بلاد / رماها بالمهندة الحداد
وأكثر ما تشاهده ثباتاً / إذا حاد الجليد عن الجلاد
أليس بقائد الجرد المذاكي / كأن وشيجها سيل العهاد
مسومة تسوم عداه خسفاً / إذا نزلت بساحات الأعادي
يغير بها احتساباً لا اكتساباً / عليهم واجتهاداً في الجهاد
وكم طرب الهدى ما تغنت / ظباه في الكواهل والهوادي
تناط معاقد العلياء منه / بعزمة رائح في المجد غادي
طويل الباع سبط الكف تزري / أياديه على الأيدي الجعاد
يجود ثرى الأماني منه جود / يبرد لوعة الغلل الصوادي
لقد مدحته ألسنة الجماد / لجود يديه في السنة الجماد
وعلمني المديح له أياد / يضيق بهن ذرع الاعتداد
فمن عثرت به قدم فإني / بمصر قد عثرت على المراد
حللت بنيلها فوجدت نيلاً / كفاني منه الوشل الثماد
ولما زاد عندي كل نقد / وميز بهرج الناس انتقادي
جعلت إلى بني رزيك قصدي / فأولوني الجميل بلا اقتصاد
بذلت لمجدهم غر القوافي / بما بذلوه من غرر الأيادي
لهم جعلوا لساني في العطايا / خطيب نداهم في كل ناد
فأغرب حين أعرب عن معان / غريبات المحاسن والبلاد
قواف تقتفي آ ثار مجد / محاسنه تعود إلى المعاد
وكم قد بت في مدحي علاهم / أفر من الرقاد إلى السهاد
أؤلف بين أفراد المعاني / بألفاظ يؤلفها انفرادي
تبرز حين أبرزها فتمسي / تسير على المبادة والمبادي
وما أمنت ضلالة القصد إلا / ومن هادي الدعاة لهن هادي
نظمت بجيد دولته عقوداً / تولى نظمها حسن اعتقادي
أغر أفادني قصدي إليه / نفاق المدح من بعد الكساد
مطاع الأمر تقسم في يديه / على الآمال أرزاق العباد
ولولا الصالح الهادي بمصر / لما عرف الصلاح من الفساد
رفيع المجد من غسان ألوت / عواصف مجده ببني مناد
ولولا حد عزم منه ماض / إذا سلقوا بألسنة حداد
لقد رفع القواعد من عماد / لدولته بتقدمة العماد
وروى غصن دوحته بعرف / جنى من فرعه ثمر الوداد
وقلده ابن سبع سنين أمراً / تدين له الحواضر والبوادي
وليس بمنكر وأبوه بدر / إذا بلغ النهاية في المبادي
لئن سبق الكرام فغير بدع / إذا سبق الجواد بن الجواد
مل وقد ملت إلى وداده
مل وقد ملت إلى وداده / وسلط الخلف على ميعاده
أهيف يرتج النقا من تحته / إذا تثنى الغصن في أبراده
مازال حلو الوصل في اقترابه / يعقب مر الهجر في ابتعاده
أقسم بالسحر الذي في طرفه / لا عاد من شيمته وعاده
من لي بأن ينقل ما في وجهه / من رقة الخد إلى فؤاده
مكنه الحب قياد خاطري / ومكن الواشين من قياده
أصبو إلى ريح الصبا إذا جرت / أنفاسها وهناً على بلاده
لا تستقل بعدو واحد / فالألف مبني على آحاده
ولا تثق بكل من صحبته / مالم تحل عقدة اعتقاده
ولا تبت من دون جمات الغنى / ترضى بما تمتص من ثماده
أفلح من هم فنال ما ابتغى / وجاهد الأيام باجتهاده
مقسماً بين الهجير والسرى / تأويبه يعجب من إسآده
يا حادي العيس التي أعجازها / قد أنفضت من مائه وزاده
خل العراق والشآم لامرئ / يحكم الغي على إرشاده
ورد بها مشرعة النيل التي / نيل الغنى وقف على وراده
وأقصد أبا النجم الذي تمنت ال / أنجم لو أصبحن من قصاده
هنالك الجود فلا تعده / وجمرة الناس فلا تعاده
أبلج من غسان أحيا ذكره / ذكر بني جفنة من أجداده
بدر بن رزيك أغر من سعت / عزائم الأقدار في مراده
قد وقف الدهر على إصداره / في كل خطب وعلى إيراده
وعول المجد على تدبيره / واعتمد الملك على سداده
فنافر سكن من نفاره / وفاسد أصلح من فساده
ووجد الإسلام من غنائه / ما لم يكن يطمح في إيجاده
تدارك الأمر وقد تمايلت / قواعد الأركان من عماده
وأمسك الأطناب إذ تقوضت / وانفلتت منه عرى أوتاده
قد كنت للصالح في حياته / عضباً به يسطو على أضداده
وقمت بالدولة بعد موته / حتى استقر الملك في أولاده
مددت يمناك على رواقه / حتى كشفت الناس عن مرصاده
وابتسم الدست لنا عن عادل / يقدح نور العقل من زناده
أبو شجاع ملك العصر الذي / يضيق ذراع الدهر عن عناده
المستبد بالعلى وحبذا / قرة عين لك باستبداده
منفرد كالبدر فوق دسته / والمجد راض عنك بانفراده
لو كان في نقص الحياة رخصة / نقصتها حرصاً على ازدياد
ولو تمكنت إذاً أحله / طرفك في النقطة من سواده
كم فت في أعضاد قوم أضمروا / غدراً به أنك من أعضاده
من كل من قالت له علاكم / هذا زمان لست من جياده
لما غدت صعدته منآدة / ثقفتم المائل من صعاده
لما جذبتم بخزام أنفه / أذعن بالرغم إلى انقياد
وا عجباً من حمله لصارم / عاتقه يقصر عن نجاده
نادى به الحين أتيت منكراً / يا داخل الغيل على آساده
إن بني رزيك حلوا ذروة ال / عز وحل الناس في وهاده
وأسند الدهر إليهم ظهره / فعز ظهر الدهر باستناده
يا فارس الإسلام قول على خادم / على نداك جملة اعتماده
يعتد بالشكر لمولى نعمة / لا يتبع النعمة باعتداده
قد خصه وجهك بابتسامه / وعمه فضلك بافتقاده
ولم يقف جودك عن غاية / حتى شفعت الجود باستشهاده
فصل وانحر ألف عام واستمع / مدحاً يقل الند عن أنداده
يلبس عيد النحر من جواهري / قلائداً تنظم في أجياده
نوهت بالمدح وكان خاملاً / لنائل نفق من كساده
فاسلم لعصر لا يزال مدحنا / تحية القادم من أعياده
قد كثر الشعر وقل ناقد / وأنت أولى الناس بانتقاده
لو لم تبين فضل ما أقوله / مابان فضل الجمر عن رماده
يا جامع الشمل المبدد
يا جامع الشمل المبدد / ومسدد الراي المسدد
يا منعماً إحسانه / في كل حال ليس يجحد
يا موضحاً نهج الهدى / بشريعة الهادي محمد
أستر على عبد إذا / ما أشرك الكفار وحد
فعل القبيح تعمداً / فاغفر لمعترف تعمد
وأعد رضاك وعد على / هفواته فالعود أحمد
وابعث له الفرج القري / ب فصبره بالهم مبعد
يا أحسن الناس وجهاً
يا أحسن الناس وجهاً / وأكرم الناس عهداً
لكن إذا رام جوداً / أعطى قليلاً وأكدى
لئن وصلتك سهواً / لقد هجرتك عمداً
وإن هويتك غياً / لقد سلوتك رشداً
جاوزت بي حد ذنبي / وما تجاوزت حدا
عركت آذان شعري / لما طغى وتحدى
وآل رزيك أولى / من قلد الشهب عقدا
لأنهم ألحفوني / من الكرامة بردا
وخولوني ولكن / خلطت جاهاً ونقدا
وغرني كل وجه / من البشاشة يندى
وقلت أصل كريم / وجوهر ليس يصدا
فاردد علي مديحي / فلست أكره ردا
والطم به وجه ظن / قد خاب عندك قصدا
وسوف تأتيك عني / ركائب الذم تحدى
يقطعن بالقول غوراً / من البلاد ونجدا
ينشرن في كل سمع / ذماً ويطوين حمدا
قدومك أفرح قلب الهدى
قدومك أفرح قلب الهدى / وآنس وحش عراص الندى
وأبرد مني جوى لوعة / نهت نفس الليل أن يبردا
وأرخى على الدجى أبيضاً / وقد كان نور الضحى أسودا
شكت رمدة الجفن لي مقلة / قدمت فكنت لها الإثمدا
ولم لم أجد رمداً إذ نأيت / دعوت عليها بأن ترمدا
أجبت المحلة لما دعت / بكف يكف أكف العدا
ولما حللت بأرجائها / نقعت الصدى وجلوت الصدا
ولبدت منها العجاج المثار / وثرت بها أسداً ملبدا
وعاثت يد الدهر في سربها / فأصلحتها قبل أن تفسدا
تروح قلوباً بهذا أو تروق / كذا السيف جرد أو أغمدا
ستحسد من فضلك النيرات / وحق لفضلك أن يحسدا
سها شغفاً بك قلب السهى / وزاحمت في برجه الفرقدا
فدى للظهير ولا أتقي / ملامة من لام أو فندا
رجال هو المبتدا في السماح / به وهم خبر المبتدا
وجدتك أخلفهم في العقاب / وعيداً وأصدقهم موعدا
وأطهر من ضمة محفل / مغيباً وأطيبهم مشهدا
وأكرم أجدادهم منجدا / وأكرم أجوادهم محتدا
كأني بأيامه قد أتت / رواكع من ندم سجدا
خواضع تسأله أن يعود / عليها بصفح كما عودا
ينادي السماح على بابه / هلموا فهذا يحب الندى
أبا العز لو جاز أن يعبد ال / كرام لأفتيت أن تعبدا
رأيتك تسلف هذا المديح / نوالك من قبل أن تحمدا
وغيرك يسدي جميل الثنا / إليه فيذهب لغوا سدى
وكم لك في الناس من منة / أطلت على الشكر فيها المدى
ومكرمة أمرت رغبتي / وظني في الناس أن يزهدا
وبر تعود قصدي فلو / سرى في الدجى وحده لاهتدى
أجدت وعلمتني ما أقول / وينكر الشعر إن جودا
أصبت في خير أعضائي وأعضادي
أصبت في خير أعضائي وأعضادي / وخير أهلي إذا عدوا وأولادي
بأبلج الوجه من سعد العشيرة لم / يعرف بغير الندى والبشر في النادي
إن أظلم الجو في عيني فقد فجعت / بكوكب في سماء المجد أوقد
كالمشرفي ولكن غير منثلم / والسمهري ولكن غير منآد
ناش على شيمتي مجد ومكرمة / ماش على سنتي هدي وإرشادي
قد كان يسند عني ثم ساد إلى / أن صار من فضله نقلي وإسنادي
من آل أحمد بل زيدان في نسب / مقابل بين أمجاد وأنجاد
قوم يسرك في يوم الكريهة أن / تلقى ألوف الورى منهم بآحاد
تعلو الوهاد على الأطواد إن دفنوا / فيها وتسمو سمو المشرف البادي
ومن نباهتهم والأرض خاملة / أزرت نابهة أوهاد بأطواد
بكل أرض ثوى قبر يضم على / فراج معضلة طلاع أنجاد
قبر تسجى بأكناف العداية لم / تؤنسه أجداث آباء وأجداد
وفي الحصيب لعبد الله مدرجة / بالعرق تسقى بصوب الرائح الغادي
وفي القرافة ثاو لا تزال له / نار على قدر إطفائي وإيقادي
غدا محمد محموداً وخلفني / أذم هماً رثى لي منه حسادي
مررت بالربع والوادي فأوحشني / وقيل لي مات أنس الربع والوادي
وسار فوق جمال ما تعودها / وما جمال المنايا غير أعواد
تحدو به زفرات لا أقول لها / مهلاً ترفق بقلبي أيها الحادي
ترفق البر والتقوى وزودني / حزناً فشتان بين الزاد والزاد
يا من يذكرني صوت الأذان به / إذا جرى فيه ذكر المصطفى الهادي
أشكو إليك صدى قلبي وعلته / فهل تروي بوصل غلة الصادي
مالي أزورك مزوراً وتشهد لي / شواهد الحال مع قربي وإبعادي
جفوتني ولك الخلق الكريم فلم / عودتني منك خلقاً غير معتاد
من استنبت لتأنيبي إذا جمحت / خواطري عند إصداري وإيرادي
ومن أمنت على سري ليحفظه / فيما يعود بإصلاح وإفساد
بيني وبينك ميعاد تزورك بي / في بنات الردى من غير ميعاد
تضم روحك روحي عند مقدمها / وتلتقي فيه أجساد بأجساد
أما وخدود ألفن الصدودا
أما وخدود ألفن الصدودا / وبرد لمى لا يبيح الورودا
وبيض صفاح تسمى العيون / وسمر رماح تسمى القدودا
ودر كأن الطلى والنحور / أعرن المباسم منه العقود
وسرب إذا ماخلا بالأسود / رأيت الظباء يصدن الأسود
لقد شئت أن لا يزال الغرام / يجدد للقلب وجداً جديدا
وأنا لا أرى فارس المسلمين / إلا حميد المساعي سعيدا
مليك غدا شرفاً للملوك / وركناً لملك أخيه شديدا
أقام إلى عفوه نقمة / تقيم على المعتدين الحدودا
متى سار موكبه كادت ال / بلاد بساكنها أن تميدا
إذا ما المظفر قاد الجيوش / قلنا أسيلاً ترى أم جنودا
كثير التبسم في موقف / يصافح فيه الحديد الحديدا
تراه غداة الردى والندى / حساماً مبيداً غماماً مفيدا
إذا ما ادعى مدحه رتبة / كفته العلى أن يقيم الشهودا
رأيت الزحام على بابه / وقد وسع الخلق بشراً وجودا
فقلت من القوم قيل الملوك / يريدون بين يديه سجودا
فيا طالباً شاو بدر لقد / رمى بك ظنك مرمى بعيدا
ألا إن بدر بن رزيك لم / يذر مجده في علو مزيدا
أغر المحيا إذا زرته / رأيت العلى ووجدت الوجودا
تهيبته ثم عاشرته / فعاشرت فرد السجايا وحيدا
كريماً يصونك عن نقده / ولكنه لا يصون النقودا
أتتني أياديه من غير أن / أمد إليهن عيناً وجيدا
فلا زال يطوي رداء السنين / صوماً فصوماً وعيداً فعيدا
حميد المساعي التي أصبحت / بأيسرها تستحق الخلودا
ولولا مرادي حفظ الرواة / مدائحه لأطلت القصيدا
ترى عند نجم الدين علم بما عندي
ترى عند نجم الدين علم بما عندي / له من جزيل الحمد أو خالص الود
وهل عنده أني خطيب لمجده / وأني على عليائه غير معتد
ولكن وداد سره مثل جهره / فباطن ما أخفي كظاهر ما أبدي
عفا الله عني في مديح معاشر / عفا عنهم ذمي وعاتبهم حمدي
أؤلف زور القول فيهم وقد أبت / مساعيك لي أن توقع الغي بالرشد
ومدحك عندي يا مؤيد طاعة / تقربني من طاعة الله والمجد
ولم لا وفيك البأس والدين والندى / وفضلك لا يحصى بحصر ولا عد
وبيتك من عليا عقيل بن عامر / إذا عدت الأنساب واسطة العقد
ولولا حياء الشعر من جودك الذي سرى / وافداً في كل أرض إلى الوفد
لقلت سقى الرحمن أيام جودكم / فقد بعدت عني وطال بها عهدي
فلا زالت الأعياد يلقاك وفدها / وأنت علي الجد مقتبل السعد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد / بل الحمد والمغبون من ليس يحمد
أرى شرف الأخلاق وهي عطية / بها الله يشقي من يشاء ويسعد
تفرد نجم الدين منها بسيرة / يحل بها الذكر الجميل ويعقد
جمال وإجمال وبأس ونائل / وفضل وإفضال ومجد وسؤدد
وحزم وعزم واتقاء وعفة / وخلق وأخلاق وفرع ومحتد
وما ضم هذا الشمل وهو كم ترى / وتسمعه إلا الأجل المؤيد
كريم إذا كلفت دهرك مثله / فقد سميته إيجاد ما ليس يوجد
أجزت على الدار الشريفة بعده / فقلت هل الأيام لي في عود
وهل ألتقي بدر الدجى منك طالعاً / وأبناؤه في برج سعدك أسعد
فلم تمض أيام إلى أن رأيته / وعهد العلى باق كما كنت أعهد
فقلت لها يا دار يهنيكي قادم / رحابك من أنواره تتوقد
فرحت به حتى كأن قدومه / رحيل بشيب أو شباب يجدد
وهنأت حسن الظن منك بمنعم / يصلي له الخطب الجليل ويسجد
يا مالكاً صرف الزمان عبده
يا مالكاً صرف الزمان عبده / والنائبات حين تسطو جنده
إن مخض الخطب فأنت زبده / أو حسن الذكر فأنت نده
لك الجميل والندى أعتده / وفيض جود ليس يحصى عده
وبشر وجه رائق فرنده / محش حرب ليس يكبو زنده
وصارم ليس يفل حده / وذو وفاء لا يحل عقده
شيد ما أس المجير جده / وما بناه لبنيه سعده
وشاور أكرم من تعده / قحطان إن فاخرها معده
إن سليمان أتاني رفده / من قبل أن يقرع سمعي وعده
مثل سحاب غاب عنه رعده / حتى كسا الأرض قميصاً رغده
وقد أتى شعيره وقنده / تبرعاً وقمحه ونقده
تفقداً لا راع سمعي بعده / مكرمة حلق فيها مجده
فوق السماك وأسف ضده / والشعر عبدي غير أني عبده
فرض علي شكره وحمده /
يا محباً من النجوم الزبانا
يا محباً من النجوم الزبانا / ومن الأرض زبرة الحداد
وولي الزبير دنيا وتالي / معجزات الزبور في كل ناد
حبك الزب بغض الزبد عندي / والزبادي وزبية الآساد
أبني إن ذقت الردى
أبني إن ذقت الردى / فلقد أذقت أباك فقدك
ووحق عيشك لا حلا / لأبيك مر العيش بعدك
حرقة قلبي فيك لا تخمد
حرقة قلبي فيك لا تخمد / وعبرتي بعدك لا تجمد
إن غيبوا شخصك في ملحد / فأنت مني في الحشا ملحد