المجموع : 12
وفارقت حتى ما أُسَرُّ بمن دنا
وفارقت حتى ما أُسَرُّ بمن دنا / مخافةَ نأيٍ أو حذارَ صدوُدِ
وقد جَعَلت نفسي تقولُ لمقلَتي / وقد قَرَّبُوا خوفَ التباعُدِ جُودي
فليس قريباً مَن يخافُ بِعَادُهُ / ولا مَن يرجَّى قُربُهُ ببعيدِ
بِعَينيَ ما يُخفِي الوزيرُ وما يُبدي
بِعَينيَ ما يُخفِي الوزيرُ وما يُبدي / فنورُهما من فضلِ نعمائه عندي
سأجتهدُ أن أُفدي مواطئ نعلِه / فإن أنا لم أقبل فما لي سوى جهدي
لأَعدَي تشكيكَ البلاد وأهلها / وما خلتُ أن الشكوَ يُعدِي على البعد
ولم أدرِ بالشكوى التي عَرَضت له / ونُعمَاهُ حتى أقبَلَ المجدُ يَستَعدي
وما أحسَبُ الحُمَّى وإن جلَّ قدرُها / لتَجسُر أن تدَنو إلى مَنبَعِ المجدِ
وما هي إلا من تَلَهُّبِ ذهنِهِ / تَوَقَّد حتى فاض من شدَّةِ الوَقدِ
لِيَفدِكَ من أصبحتَ مالكَّ رقه / فَكُلُّ الوَرى بل كلُّ ذي مُهجةٍ يُفدي
وما زالتِ الأحرارُ تفدي عبيدَها / لتَكفِها ما تبقى مهجة العَبدِ
نَفورٌ عن الإخوانِ من غير رِيبةٍ / تُعَدُّ جفاءُ والوفاءُ لُهم وَكدي
غُذِيتُ به طفلاً بإن رُمتسُ هَجره / تأَبِّى وأغرَتني به أُلفَةٌ المهدِ
كما ألفت كفاكُما البَذلَ والندى / فأعياكما أن تمنعا كف مُستَجدي
على أنني أقضي الحقوق بنيَّتي / وأبلغ أقصى غايةِ القربِ في بُعدي
ويَخَدُمُهُم قلبي وَوَدِّي ومنطقي / وأبلغُ في رَعي الذِّمام لهم جَهدي
فإن أنتُما لم تقبلا لي عِذرَة / وأَلزمتُماني فيه أَكثرَ من وجدي
فقلاو لِطَبِعي يزولَ فإنَّه / يرى لكما حَقَّ الموالي على العبد
جفاؤكَ كُلَّ يَومٍ في مزيدِ
جفاؤكَ كُلَّ يَومٍ في مزيدِ / وما تَنفكُّ تُشمِتُ بي حَسُودِي
فإن يكنِ الصُّدودُ رضاك فاذهَب / فإِنِّي قد وَهَبتُكَ للصُّدُودِ
فحسبيَ منكَ أن يَهواكَ قلبي / وَحَسبُكَ أن أَزوُرَكَ كُلَّ عِيدِ
بعزم يراه السَّيف أولى بغِمدِهِ
بعزم يراه السَّيف أولى بغِمدِهِ / إذا سلَّ لم يظفر به كفّ غامد
وطالع سعد لو تحرَّى عطارد / مطالعه احتراق عطارد
فما زلتَ تَعلو والسعادةُ والعُلا / دليلاك حتى فُتَّ قدر التحاسُدِ
وحتى أتاك الحمدُ من كلِّ حاسدٍ / وحتى أتاك العُذرُ من كلِّ حامد
بعدت ولم يبعد فؤاد خَتَمتَه / برقٌ أياديك البوادي العوائد
أروح وأغدو في ذراك وإن ثوى / بحيث التقى السدَّان رحلي وقائدي
ولما دعاني الشَّوقُ لَبَّيتُ واغتدى / أمامي عزمٌ عالمٌ بالمراشدِ
يُكلِّفني الإسراعَ حتى كأنَّني / نوالُك أو حَتفُ العدوِّ المعاند
أفدَّى طريقاً أهتدي بمناره / وأرشُفُ مهجورً الثرى والجلامد
وألثم أخفافَ الَمطِيِّ لأنَّني / أرى كُلَّ ما أدنى إليك مساعدي
ولو لم يكن حَظرُ الشريعةِ لم نَسِر / نَؤُمُّك إلا بالجباه السواجد
أتيتُ بها جهد الُمقِلِّ ولا أرى / أحقَّ بحسن البَسط من عذر جاهد
ولي فيك ما لو أنصفَ الشِّعرُ لاغتدت / معانيه كُحلاً في عيونِ القصائدِ
وما أدَّعي الإحسانَ لكن أظُنُّها / ستعذُبِ في الأفواهِ عند التناشُد
وما أعجبتني قَطّ دعوى عريضةٌ / ولو قام في تصديقِها الفُ شاهدِ
ولستُ أحبُّ المدحَ تُحشَى فصولُه / بقولٍ على قدرِ العقيدةِ زائدِ
وما المدح إلا بالقلوبِ وإنَّما / يُتّمِّمُ حُسنَ القولِ حُسنُ العقائدِ
أقول لسارٍ في شمال وراقدٍ
أقول لسارٍ في شمال وراقدٍ / يُفتِّح فيه البرقُ أجفانَ سِاهِدِ
تجَمَّع من شتى ولكن تأَلَّفت / نواحيه حتى صار في شخص واحدِ
أَمَامَك أرضُ الشامِ فاسق مَعَاهداً / لأحبابنا بل عَهدُهُم بالمعَاهِدِ
بلادٌ بها قلبي فإن آتَ غَيرهَا / فإلمامُ مُرتادٍ وزورةُ وافدِ
أَذُمُّ لذكراها بلادي ومَولدي / وحيثُ تهاديني أَكُفُّ الولائدِ
وحيثُ إذا أرسلتُ لحظي رَاقَهُ / مَلاعبُ أَترابي ومَولدُ والدي
ولكنَّ لي بالشامِ عَذرَاءُ صَبوةٍ / جَعَلتُ لها عذرَ النُّهى غير راشِدِ
جزاءُ فتىً تَعَرَّضَ للبعادِ
جزاءُ فتىً تَعَرَّضَ للبعادِ / تجافي مُقلَتَيه عن الرُّقادِ
وإن يُغري به شوقٌ مُوالٍ / يغالبُهُ على صَبرٍ مُعادِ
وأجفانٌ تُرَوِّي كلَّ شيءٍ / سوى قلبٍ إلى الأخبار صادي
بذاك جزيتُ إذ فارَقتُ قوماً / لِبستُ لِبَينهم ثوبَي حِدادِ
معادنُ حكمةس وغُيوث جَدبٍ / وأنُجمُ جيرةٍ وَصُدُور نادي
نأوا عِّني وعندهم فؤادي / وِغبتُ ولم يَغِب عنهم ودادي
ولولا شِقوَتي ما فارقُوني / وكانوا بين جَفني والسَّوَادِ
فقُل في حالِ مأسورٍ ضعيفِ / يلوذُ من الأَعَادِ بالأَعَادي
تعاليتَ عن قدرِ المدائح صاعداً
تعاليتَ عن قدرِ المدائح صاعداً / فَسِيَّانَ عَفوُ القولِ عندكَ والحمدُ
وإني لا أدري أنَّ وَصفَكَ زائدٌ / على منطقي لكن على الواصف الجهدُ
وأنَّ قليل القولِ يَكثُر زيغُهُ / إذا أغرقت فيه الموالاةُ والوُدُّ
لك الله إني ما بعدت مُسَهَّدُ
لك الله إني ما بعدت مُسَهَّدُ / وإني مسلوبُ العَزاءِ مُكَدَّدُ
وإنِّي إذا نَادَيتُ صَبرِي أجابني / سوابقُ من دَمعِي تجورُ وتُقصِدُ
تصعده الأنفاسُ من كِبدي دماً / وتحدِرُه الأجفان وهو مورَّدُ
فَديتكِ ما شوقي كشوق عرفتُه / ولا ذا الهوى من جنس ما كنت أعهدُ
كأنَّ اهتزازَ الرُّمح في كبدي إذا / تكشَّفَ بَرق أو بدا منك مَعهدُ
أُحِّملُ أنفاسَ الشمالِ رسائلي / ولي زَفَراتٌ بينها تتردد
فإن هَبَّ في حيِّ سَموم فإنها / بقيةُ أنفاسي بها تتوقَّدُ
ولو كنتُ أَدري ما أُقاسي من الهَوى / لما حَكَمَت للبينِ في وَصلِنا يَدُ
فلا يُنِكر التَّخلِيدَ في النار عاقلٌ / فها أنا في نارِ الغرامِ مُخَلِّدُ
وكنتُ تولَّى الله حِفظَك سيدي
وكنتُ تولَّى الله حِفظَك سيدي / ومَن هو لي مَولى ومَن أنا عَبدُه
وبي من تباريحِ الصَّبَابِة لَوعَةٌ / يُقَرِّبُها من قلبِ عبدكِ بُعدُه
سَقَت بلدي أيديكم وتعطَّفت
سَقَت بلدي أيديكم وتعطَّفت / عليه بكم بِيضُ الغَمَامِ وسُودُه
وَملّيتُم عيشاً يروق لميسُه / ويحسُن في عينِ الزَّمان جديدهُ
حلا في فمي ذكراكم فتألَّقت / محاسنُ شِعرِ فيه يحلو نَشيدهُ
وأُقسِمُ إنّي إن تأَخَّرتُ عنكم / لقد خانَني رأى وخانَ رشيدُه
فلو أَنَّي أرَّختُ عمري افتتحتُهُ / بيومٍ تجلّى عنكم فيه عِيدهُ
يقرِّبنَ طلاب العُلا من سمائها
يقرِّبنَ طلاب العُلا من سمائها / ويُهدينَ رُوَّاد النَّدى لجوادها
فلاقَينَ مولانا وقد صَنَعَ السُّرى / بهنَّ صنيع كفه بِتَلادهَا
ولا ذنبَ للأفكارِ أنتَ تَرَكتَها / إذا احتَشدَت لم تُنتَفعَ باحِتشَادِها
سَبَقتَ بأفرادِ المعاني وأَلَّفت / خواطرُكَ الألفاظَ بعد شِرادِهَا
فإن نحن حَاوَلنا اختراعَ بديعةٍ / حَصَلنا على مَسرُوِقها ومُعَادِها
أُنُثر على خَدَّيَّ من وَردِك
أُنُثر على خَدَّيَّ من وَردِك / أو دَع فَمي يَقطُفُ من خدِّك
ارحم قضيبَ البانِ وارفُق به / قد خفتُ أن يَنقَدَّ من قَدِّك
وقل لِعَينَيكَ بِنفسي هُمَا / يُخفِّفان السُّقمَ عن عَبدِك