المجموع : 9
سَقى دِمنَتَينِ لَيسَ لي بِهِمُ عَهدُ
سَقى دِمنَتَينِ لَيسَ لي بِهِمُ عَهدُ / بِحَيثُ اِلتَقى الداراتِ وَالجُرَّعُ الكُبدُ
فَيا رَبوَةَ الرَبعَينِ حُيِّيتِ رَبوَةً / عَلى النَأيِ مِنّا وَاِستَهَلَّ بِكِ الرَعدُ
قَضَيتُ الغَواني غَيرَ أَنَّ مَوَدَّةً / لِذَلفاءَ ما قَضَّيتُ آخِرَها بَعدُ
فَرى نائِباتُ الدَهرِ بَيني وَبَينَها / وَصِرفُ اللَيالي مِثلُ ما فُرِيَ البَردُ
فَإِن تَدَعي نَجدا نَدَعهُ وَمِن بِهِ / وَإِن تَسكُني نَجدا فَيا حَبَّذا نَجدُ
فَإِن كانَ يَومُ الوَعدِ أَدنى لِقائِنا / فَلا تَعذِليني أَن أَقولَ مَتى الوَعدُ
إِذا وَرَدَ المِسواكُ رَيّانَ بِالضُحى / عَوارِضَ مِنها ظَلَّ يَخصُرُهُ البَردُ
وَأَليَنَ مَن مَسَّ الرَحى باتَ يَلتَقي / بِمارِنِهِ الجاديَّ وَالعَنبَرُ الوَردُ
أَشاقَتكَ أَطلالُ الدِيارِ كَأَنَّما
أَشاقَتكَ أَطلالُ الدِيارِ كَأَنَّما / مَعارِفُها بِالأَبرَقَينِ بُرودُ
أَلا قاتَلَ اللَهُ الهَوى ما أَشَدَّهُ / وَأَصرَعَهُ لِلمَرءِ وَهوَ جَليدُ
فَقُل لِلهَوى لا يَألُوَنِّيَ جَهدُه / فَلَيسَ عَلى ما قَد وَجَدتُ مُزيدُ
دَعاني الهَوى مِن نَحوِها فَأَجَبتُهُ / فَأَصبَحَ بي يَستَنُّ حَيثُ يُريدُ
سَقى اللَهُ عَيشاً قَد مَضى وَحَلاوَةً / لَوَ أَنَّ المُنى يُرجِعنَهُ فَيَعودُ
إِذا الحَولُ ثُمَّ الحَولُ تَمضي شُهورُهُ / عَلَينا وَلَم يَعلَم لَهُنَّ عَديدُ
وَأَبيَضَ مِثلُ السَيفِ خادِمُ رِفقَةٍ
وَأَبيَضَ مِثلُ السَيفِ خادِمُ رِفقَةٍ / أَشَمُّ تَرى سِربالَهُ قَد تَقَدَّدا
كَريمٌ عَلى غُرّاتِهِ لَو تَسُبُّهُ / لَغَداكَ رَسلاً لا تَراهُ مُرَبَّدا
يُعَجِّلُ لِلقَومِ الشِواءَ يَجُرُّهُ / بِأَقصى عَصاهُ مُنضِجاً وَمُرَمِّدا
حَلوفٌ لَقَد أَنضَجتَ وَهوَ مُلَهوَجٌ / بِنِصفَينِ لَو حَرَّكتَهُ لَتَفَصَّدا
يُجيبُ بِلَبَّيهِ إِذا ما دَعَوتَهُ / وَيَحسِبُ ما يَدعي لَهُ الدَهرُ أَرشَدا
أَلا هَل أَتى لَيلى عَلى نَأيِ دارِها / بِأَن لَم أُقاتِل يَومَ صَخرٍ مُذَوِّدا
وَأَنِّيَ أَسلَمتُ الرِكابَ فَعَقَّرَت / وَقَد كُنتُ مِقداماً بِسَيفي مُغَرِّدا
أَثَرتُ فَلَم أَسطِع قِتالاً وَلا تَرى / أَخا شيعَةٍ يَوماً كَآخِرَ أَوحَدا
فَهَل تَصرِمَنَّ الغانِياتُ مَوَدَّتي / إِذا قيلَ قَد هابَ المَنونَ فَعَرَّدا
أَيا رِفقَةً مِن أَهلِ بَصرى تَحَمَّلَت / تَؤُمُّ الحِمى لُقّيتِ مِن رِفقَةٍ رُشدا
إِذا ما بَلَغتُم سالِمينَ فَبَلِّغوا / تَحِيَّةَ مَن قَد ظَنَّ أَلّا يَرى نَجدا
وَقولا تَرَكنا الحارِثِيَّ مُكَبَّلاً / بِكَبلِ الهَوى مِن حُبِّكُم مُضمِراً وَجدا
إِذا ما الثُرَيّا في السَماءِ كَأَنَّها / جُمانٌ وَهيَ مِن سَلكَةٍ فَتَبَدَّدا
وَلَو تَراني وَأَخي عُطارِدا
وَلَو تَراني وَأَخي عُطارِدا / نَذودُ مِن حَنيفَةِ المَذاوِدا
نَذودُ مِنها سِرعانا وارِدا / مِثلَ الدُبى تَتَّبِعُ المَوارِدا
أَلا فَتى يُسقى شَراباً بارِدا / أَنشُدُ كَفّاً قُطِعَت وَساعِدا
أَنشُدُها وَلا أَراني واجِداً / أَبلِغ أَبا لَطيفَةِ المُعانِدا
المُطعِمَ السِتَّةَ مُدّاً واحِدا /
أَمسى الشَبابُ مُوَدِّعاً مَحمودا
أَمسى الشَبابُ مُوَدِّعاً مَحمودا / وَالشَيبُ مُؤتَنِفَ المَحَلِّ جَديدا
وَتُغَيِّرُ البيضُ الأَوانِسُ بَعدَما / حَمَّلتُهُنَّ مَواثِقاً وَعُهودا
يَرعَينَ عَهدَكَ في الرِضا وَيَصِنَّهُ / فَإِذا غَضِبنَ حَسَبتَهُنَّ حَديدا
يا ذا المَعارِجِ إِن قَضَيتَ فِراقُها / فَاِجعَل يَزيدَ عَلى الفِراقِ جَليدا
عَهدي بِها زَمَنُ الجَميعِ بِرامَةٍ / شَنباءَ طَيِّبَةِ اللِثامِ بَرودا
يُشفي الضَجيعَ مِنَ الصُداعِ نَسيمُها / وَهُنا إِذا لَحَفَ الوِسادَ خُدودا
وَمُدِلَّةٍ عِندَ التَبَذُّلِ يَفتَري / مِنها الوِشاحُ مُخَصَّرا أُملودا
نازَعتُها عَنَمَ الصَبا إِنَّ الصَبا / قَد كانَ مِنّي لِلكَواعِبِ عيدا
يا لِلرِجالِ وَإِنَّما يَشكو الفَتى / مَرَّ الحَوادِثِ أَو يَكونَ جَليدا
بَكَرَت نُوارُ تَجِدُّ باقِيَةَ القِوى / يَومَ الفِراقِ وَتَخلِفُ المَوعودا
قَد كُنتُ أَحسَبُني مُطيقاً صَرمَها / جَلداً فَكَلَّفَني البُعادُ صُعودا
وَرَجَعتُ بَعدَ بُعادَةٍ باعَدتُها / لا آخِذاً نِصفاً وَلا مَحمودا
وَلَرُبَّ أَمرِ هَوى يَكونَ نَدامَةً / وَسَبيلِ مُكرَهَةٍ يَكونَ رَشيدا
وَإِذا الظَلامُ تَعَرَّضَت أَهوالُهُ / وَكَسا العَجاجُ يُلامِقاً وَبُرودا
كَلَّفتُهُ قَلصاً تَرى بِدُفوفِها / ماءَ الهَواجِرِ ذائِباً وَعَقيدا
يَرقُلنَ فيهِ كَأَنَّما أَعناقُها / بيضٌ سُلِبنَ حَمائِلاً وَغُمودا
لا أَتَّقي حَسَكَ الضَغائِنِ بِالرُقى / فِعلَ الذَليلِ وَإِن بَقيتُ وَحيدا
لَكِنَّ أَجرَدَ لِلضَغائِنِ مِثلَها / حينَ تَموتُ وَلِلحُقودِ حُقودا
يا عُقبَ قَد شَذَبَ اللِحاءَ عَنِ العَصا / عَنّي وَكُنتُ مُؤَزَّراً مَحمودا
صِل لي جَناحي وَاِتَّخِذني عِدَّةً / تَرمي بِيَ المُتَعاشِيَ الصِنديدا
يا أُمَّ عَمروٍ أَنجِزي المَوعودا
يا أُمَّ عَمروٍ أَنجِزي المَوعودا / وَاِرعَي بِذاكَ أَمانَةً وَعُهودا
وَلَقَد طَرَقتُ كِلابَ أَهلِكِ بِالضُحى / حَتّى تَرَكنَ عُقورَهُنَّ رُقودا
يَضرِبنَ بِالأَذنابِ مِن فَرَحٍ بِنا / مُتَوَسِّداتٍ أَذرُعاً وَخُدودا
أَلا يا صَبا نَجدٍ لَقَد هِجتُ مِن نَجدِ
أَلا يا صَبا نَجدٍ لَقَد هِجتُ مِن نَجدِ / فَهَيَّجَ لي مَسراكَ وَجداً عَلى وَجدِ
أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ في رَونَقِ الضُحى / عَلى فَنَنٍ غَضِّ النَباتِ مِنَ الرَندِ
بَكَيتُ كَما يَبكي الحَزينُ صَبابَةً / وَذُبتُ مِنَ الحُزنِ المُبَرِّحِ وَالجَهدِ
أَلا هَل مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ مِن بُدٍّ / وَهَل لِلَيالٍ قَد تَسَلَّفنَ مِن رَدِّ
وَهَل مِثلُ أَيّامي بِنَعفِ سُوَيقَةٍ / رَواجِعُ أَيّامٍ كَما كُنَّ بِالسَعدِ
وَهَل أَخَوايَ اليَومَ إِن قُلتَ عَرِّجا / عَلى الأَثلِ مِن وِدّانَ وَالمَشرَبِ البَردِ
مُقيمانِ حَتّى يَقضِيا لي لُبانَةً / فَيَستَوجِبا أَجري وَيَستَكمِلا حَمدي
وَإِلّا فَروحا وَالسَلامُ عَلَيكُما / فَما لَكُما غِيِّي وَما لَكُما رُشدي
وَما بِيَدي اليَومَ حَبلي الَّذي / أُنازِعُ مِن إِرخائِهِ لا وَلا شَدِّ
وَلَكِن بِكَفّي أُمَّ عَمروٍ فَلَيتَها / إِذا وَلِيَت رَهناً تِلي الرَهنَ بِالقَصدِ
وَيا لَيتَ شِعري ما الَّذي تَحدِثنَ لي / نَوى غُربَةٍ بَعدَ المَشَقَّةِ وَالبُعدِ
نَوى أُمِّ عَمروٍ حَيثُ تَقتَرِبُ النَوى / بِها ثُمَّ يَخلو الكاشِحونَ بِها بَعدي
أَتَصرُمُني عِندَ الَّذينَ هُمُ العِدا / لِتُشمِتَهُم بي أَم تَدومُ عَلى الوِدِ
وَظَنّي بِها وَاللَهِ أَن لَن يَضيرَني / وُشاةٌ لَدَيها لا يَضيرونَها عِندي
وَقَد زَعَموا أَنَّ المُحِبَّ إِذا دَنا / يُمِلُّ وَأَنَّ النَأيَ يُشفي مِنَ الوَجدِ
بِكُلٍّ تَداوَينا فَلَم يُشفَ ما بِنا / عَلى أَنَّ قُربَ الدارِ خَيرٌ مِنَ البُعدِ
هَوايَ بِهَذا الغَورِ غَورِ تَهامَةٍ / وَلَيسَ بِهَذا الجَلسِ مِن مُستَوى نَجدِ
فَوَاللَهِ رَبِّ البَيتِ لا تَجِدِينَني / تَطَلَّبتُ قَطعَ الحَبلِ مِنكِ عَلى عَمدِ
وَلا أَشتَري أَمراً يَكونُ قَطيعَةٌ / لِما بَينَنا حَتّى أُغَيَّبَ في لَحدي
فَمِن حُبِّها أَحبَبتُ مَن لَيسَ عِندَهُ / يَدٌ بِيَدٍ تُجزي وَلا مِنَّةٌ عِندي
أَلا رُبَّما أَهدى لِيَ الشَوقَ وَالجَوى / عَلى النَأيِ مِنها ذِكرَةٌ قَلَّما تُجدي
تَذَكَّرتُ ذاتَ الخالِ مِن فَرطِ حُبِّها / ضُحى وَالقِلاصِ اليَعمُلاتِ بِنا تَخدي
فَما مَلَكَت عَينايَ حينَ ذَكَرتُها / دُموعَهُما حَتّى اِنحَدَرنَ عَلى خَدّي
فَأَنَّبَني صَحبي وَقالوا أَمِن هَوى / بَكَيتَ وَلَو كانوا هُمُ وَجَدوا وَجدي
وَقالوا لَقَد كُنّا نَعُدُّكَ مَرَّةً / جَليداً وَما هَذا بِفِعلِ فَتىً جَلدِ
أَلا لا تَلوماني فَلَستُ وَإِن نَأتِ / بِمُنصَرِمٍ عَنها هَوايَ وَلا وُدّي
أَلَم تَعلَما أَنَّ الرَعابيبَ لَم تَزَل / مَفاتينَ قَبلي لِلكُهولِ وَلِلمُردِ
فَإِن أَغوَ لا تَكتُب عَلَيكُم غِوايَتي / أَجَل لا وَإِن أَرشُد فَلَيسَ لَكُم رُشدي
وَإِنَّ لِذاتِ الخالِ يا صاحِ زَلفَةً / وَمَنزِلَةٌ ما نالَها أَحَدٌ عِندي
سَلي عَنِيَ النُدمانَ حينَ يَقولُ لي / أَخو الكَأسِ مانِ القَومِ في الخَيرِ أَورِدِ
تَراءَت وَأَستارٌ مِنَ البَيتِ دونَها / إِلَينا وَحانَت غَفلَةُ المُتَفَقِّدِ
بِعَينَي مَهاةٌ تَحدُرُ الدَمعَ مِنهُما / بِريمَينِ شَتّى مِن دُموعٍ وَإِثمِدِ
إذا انشَقَّ عِندَ السَابِريُّ رَأَيتَهُ
إذا انشَقَّ عِندَ السَابِريُّ رَأَيتَهُ / هَضِيمُ الحَشَا صَلتَ الجَبينِ عَمَرّدَا
مُفِيدٌ وَمِتلافٌ وطلاعُ أنجُدٍ / إذا النكسُ أعيا صَمُّه فَتَردَّدا
أّذالكَ أجزَى عَنكَ أَم ذاتُ بُرقعٍ / وَذاتُ خِضابٍ تَصبَحُ العَينَ مِرودَا
كأَنَّ أَحَمَّ المأقيين أَعارَها / بِرَمَّانَ عَينَيهِ إذا ما تَلَدَّدا
لَهُ ظِلُّ أَرطاةٍ باعوَجَ مائِلٍ / إذا شاءَ أَصغَى خَدَّهُ فَتَوَسَّدا
لَهُ أَبرَدَاها بالعَشيِّ وبالضُّحَى / يَدُورُ إلى أَييهِما كانَ أجوَدا
يا أُمَّ عَمرو أَنجِزي المَوعُودا
يا أُمَّ عَمرو أَنجِزي المَوعُودا / وارعَي بِذَاكَ أَمَانَةً وعُهُودا
وَلَقَد طَرَقتُ كِلابَ أهلِكِ بالضُّحَى / حَتَّى تَرَكتُ عَقورهُنَّ رُكُودا
يَضرِبنَ بِالأَذنَابِ مِن فَرَحٍ بِنا / مُتَوَسِّدَاتٍ أَذرُعاً وَخُدُودَا