علا الشيب فاستولى على الهزل جِدُّهُ
علا الشيب فاستولى على الهزل جِدُّهُ / وأقمر في داج من الغيّ رشدُهُ
وودعني البيض الأوانس والصبا / عزيز عليّ فقدهن وفقده
وفين لسود حلن بيضاً فحلن عن / هواي وهل يصبو إلى الشي ضده
أشرخ الشباب بِن حميداً فإنني / رزئتك لا أسلم النصل غمده
لقد سل منك الشيب أبيض صارما / على مفرقي يسعى بحتفي فرنده
يميناً لجهلي فيك أشهى من النهى / إليّ مع الشيب الذي جار قصده
أقبل حلول الأربعين تسرعت / طلائعه نحوي وطبّق رفده
أرى كل يوم مرّ من عمر الفتى / إذا ما تقضى أعجز المرء ردّه
وكل نعيم ناله في شبابه / يشاب إذا ما شاب بالصاب شهده
فلا يبعدن عهد الشباب إذ الهوى / عليّ أمير والغواية جنده
وإذ مركبي طرف من الجهل جامح / على الحلم في مضماره ما يصده
وإذ صارم الأفراح واللهو منتضى / على الهمّ في يمناي لم ينبُ حده
أروح وأغدو بين كأس وقينة / وخلٍ ومعشوق الدلال أوده
أمامي الهوى يدعو إلى الغي والصبا / ورائي على الزلات يُسحَب برده
سقى الله يوماً لو يحدّ إذا انقضى / سرور لقلنا ذلك اليوم حدّه
سحبنا فضول الريط فيه إلى الصبا / ندامى صفاء ما يكدر ورده
يدير علينا الكأس أهيف مخطف / إذا ما تثنى أخجل الغصن قده
حكى ما حوت يمناه بالطعم ريقه / وبالفعل عيناه وباللون خده
إذا انجاب عنا غيهب السكر فانقضى / كبهجته يوم به تمّ سعده
فبتنا نرى أن النجوم بكفه / تدا ر وأن البدر في الحسن عبده
طوى الدهر ذاك العيش إلاّ ادّكاره / وهل ذكر ما أبلى الزمان يجدّه
فدعه وعد للقول في مدح من خدى / ركابك من أقصى العراقين قصده
أبي المرهف المأمول نصر بن منقذ / الكناني مجد الدين لا زال مجده
إذا تجد الاحسان يملي ثناءه / على خاطرٍ مدح اللئام يكدّه
حقيق بعز الدولة المدح إنه / أتى فيه حقاً ليس يمكن جحده
فإن أوله مني الثناء فأهله / وإني وشعري للمقل وجهده
ليهن عقيلاتي الكرائم صونها / عن الهون نصر واحد العصر فرده
تمنّت جواداً يحمل المدح برهة / فهذا أوان أدركت ما توده
طويت بها الأحياء حتى وردته / فألفيته كالغيث للناس رفده
تفيض يداه بالسماح سجية / بها كان معروفاً أبوه وجده
فلا طرف إلاّ نحو نعماه طامح / ولا قلب إلاّ كامن فيه وده
جزى الله نصراً عن كنانة خير ما / جزى سيداً للحمد يشريه صمده
أناف بها فخرا على النجم وابتنى / لها شرفاً يبقى وذلك وكده
أقام بثغر الشام يحميه بالقنا وقد / فغرت أفواهها فيه ربده
فشاد منار الدين بالعدل والهدى / وسد الذي أعيى على الخلق سده
وساس به الله الأمور فأصبحت / شوامسها واستنفذ الهزل جدّه
فأضحى الورى في سيرة عمرية / وأضحى بحمد الله يقرن حمده
وأسفر وجه الدهر بعد قطوبه / وعزّ به الاسلام واشتد عضده
أغر كريم الصفح ينسى وعيده / حياء ولكن نصب عينيه وعده
نهاه النهى أن يحمل الضغن قلبه / له الله مأمونا على الغيظ حقده
قلى ماله المحبوب مذ عشق العلى / فليس لشيء ما خلا الحمد كدّه
أرى الشام أضحى في الممالك شامة / بسيرة سعد الملك أسعد جده
جلا بضياء العدل نصر بن منقذ / دجى الظلم عنه إذ ورى فيه زنده
ومنّعه بالبيض تعرى متونها / وبالبيض تغشى منهم الروع أسده
من آل علي بن المقلد فتية / بهم حلّه في النائبات وعقده
جسومهم شتى وأرواحهم معا / كما ضم شمل الدر في السلك عقده
علوا فكنصر والمقلد مرشد / وسلطان كل في العلى ليس ندّه
ومنهم وإن لم يبلغ الحلم شافع / ألا إن المجد كالشيب مرده
أآل علي أي عقد مكارم / لكم تفخر الدنيا بكم إذ نعدّه
وأي ثناء في الزمان وسؤدد / لكم جلّ حتى ليس يدرك حدّه
خلقتم لهذا الأمر حتى كأنما / وليدكم دست الإمالاه مهده
وأنتم سداد الثغر للدين جنة / ببأسكم الاسلام أرهف حده
لكم في ذرى العلياء أرفع منزل / فويق مناط النجم في الأفق بعده
فلا زلتم ظلاً على الخلق وارفاً / ووارى الذي يبغيكم الشرّ لحده