القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُنَينِير الكل
المجموع : 19
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا / وإن قربوا أوحال دونهم البعد
صبابة قلب قد تفرّد بالأسى / بهم حين أقوى منهم العلم المفرد
أقم مأتم الأشواق إن كنت ذا هوىً / يُرنّحه بأن ويذكره رند
فقد هبّ من أرض العراق نسيمهُ / تضوّع في أرجائها المسلك والند
قفوا بالحمى التجديّ ترجي طلائحا / من الشوق يجدوها من الوجد ما يحدو
وإن رمتم وردا فها فيض عبرتي / لعيسكم إن مسها ظمأ ورد
فلي بين هاتيك القباب خريدة / يطالبني في كل وقت بها الوجد
أحنّ إليها ما تالق بارق / حنينا يرى للنار من حرة برد
ويُطربني إن قام بالدوح نائح / على عذبات البان من شجوه يشدو
سقى الله نجد أما حللتم بأرضها / فإن غبتم عنها فلا سقيت نجد
جحدت الهوى خوف الوشاة فأعربت / دموعي بما ألقى ولم ينفع الجحد
وإني وإن قامت قيامه عذّلي / على كل حال ليس لي منكم بد
أرى كبدي مصدوعة بعد بعدكم / وفي كل عضوٍ من فراقكم كيد
وما أنا بالباغي سواكم النحلّة / وإن أسعدت شعري وإن وصلت هند
وركب تداعوا للسرى ثمتّ انبرى / ليبقي القرى بعد الهدى ذلك الوفد
فقلت لهم والليل فلقٍ جرانهُ / وقد ستر الآفاق من جنحه برد
قفوا حيث انوار الهدى كامليّة / وثار الوغى والمشركون لها وقد
بحيث سواد الليل بالبيض مشرف / وحيث بياض الصبح بالنقع مسودّ
فثم ترى الاسلام يسفر وجهه / شروراً ونجم الحق في أفقه يبذو
فلولا سمي المصطفى ووليّه / وهي الدين بل كادت قوى الحق تنهدّ
فما صاحفحت بيض الصفاح ككفّه / ولا حملت ذاك الطهمة الجرد
ورى زند ذاك الدين الحنيف برأيه / وراتبه من بعد ما قد كبا الزند
وجدّد أثواب المنى فانثنى الفنى / يروح على قصاده مثل ما يغدو
تجمعّن فيه أربع نبويّة / تأثّل منها عنده الفخر والمجد
جلال سليمان وبهجة يوسف / وأخلاق داود ومن أحمد الحمد
إذا متعت أجفان ملك رقادها / عن الملك أضحى حشو أجفانه السهد
وإن وهبوا المافي طريفا وتالداً / فجودهم في بحر إحسانه ثمد
فلو جاز في الدنيا خلود لخالدٍ / على حسن ما تأتي لحق له الخلد
خصائص ايوبية عادلية / شددت بها للدين فوق الذي شدّوا
فروع زكت في الكرمات وإنما / سمت بهم الاحلام والحسب العدا
فلولاهمُ لم ينبت الخط للوغى / وشيجا ولم تطبع صوارمها الهند
فقل لملوك الخافقين إليكمُ / عن الملك أو سدوا من الأمر ما سدوا
مليك الورى أين الملوك عن الندى / قصديت فيه للعدا حينما صدوا
أيطمع أقوام بنعمة عيشة / متى عطشوا فالموت دونهم وردُ
غلام التمادي والفرنج بجمهم / على جيد ومياط كما انتظم العقد
فوالله ثم الله حلفة صادقٍ / حشاه حشايا ملؤها الغيظ والحقد
لما طاب سكنى طيبة ولقد بنا / بجنيب النبي المصطفى ذلك اللحد
وأقسم لولا طود بأسك ما علا / منار الهدى حقا ولا سعد الجد
ولا قام يبغي نصرة الحق قائم / من الناس لولا سيف عزمك والجد
أيا ملكا أجهدتُ نفسي بسعيها / إليه رجاءً أن سينفعني الجهد
قصدتك لا ألوي على الناس كلهم / سواك عسى يرعى لنا ذلك القصد
أؤمل أن أبقى بقيّة مدتي / لديك وعيشي ناعم عندكم رغم
ولست أرجي غير خدمتك التي / يتم بها بين الورى عنديَ السعدُ
تركت بلادي وارتحلت أريدكُم / فدونك فضلا حال عن جزره المد
فخذوا واستمع مدحا تمدّ لواءه / يدُ الدهر يرويه لرونقه الضد
فها أنا يا ملك الملوك وأنتم / وها بصر لكن الخصيب لكم عبد
فمن ذا يرجى بعد أن جاء نحوكم / مليكا ومن ذا يستماح له رفد
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا / فقد جاءكم عيسى وهذا محمد
فريق الهدى والله يظهر دينه / على دين من قد اشركوا وتمردّوا
فللّه ألطاف عليكم خفيّة / فإن تنجدوه من لظى النار ينجدوا
أرى الآية الكبرى من النصر قد جرى / بها الفال فالأفراحُ فيها تجدّدُ
ومما يبيد الشركين بأنّه / تجمّع للإسلام عيسى وأحمد
عسى الله أن يأتي بموسى فإنّني / أرى كبدي شوقا إليه توقّد
ليظهر أن الحق حقّ محمد / وكلّ بني بالذي قلت يشهد
فلا تجزعوا من حادثٍ حباء فادحاً / فذا الدين للحرمن في نصره يد
فشنوا الدين الكفر غارات معشرٍ / لهم في الهدى فرع زكيّ ومحتد
وشبّوا الهم نار الجهاد فإنكم / متى تتركوها آن للنار تحمد
فذا الدين ما أرسى قواعد حقّه / لدى الناس إلا ذابل ومهنّد
فحزبكُم حزب الإله وإنهم / همم الغالبون الشرك والمود أحمد
هل الدين ملبوس جميل وشبعة / ينيلكموها اليوم أو سعف الغد
وهل فرمن نار القتال أخو حجاً / ليبقى وفي نار الجحيم يخلّد
أطيعوا مليكا يشتري الحمد بالندى / ويرقد في جفن الردى وهو أرمد
له عزمات الدهر إن همّ بالعدى / وكالغيث يهمي صوبهُ وهو مرعدُ
له دوحة يسمو بها عادليّة / وللمجد منها كلّ وقتٍ مجدّد
فللحقّ منه خير ركن وملجأ / وللعدل والإسلام سيف معضّد
إذا جئته تلقى السماح مجسدا / بكفّ طوال الدهر يعطي ويرفد
وإنّ قرى العافي إذا أمّ ظلّه / جداول تجري والسديفُ المسرهد
لقد سطرت من بشره ونوالهِ / أحاديثُ ودٍ عنه تروى وتسند
فيقني ولم يسبق عطاياه موعد / ويفني ولم يسبق رواه التوعّد
ومن وهب الأموال أو قتل العدا / ليشري بذاك الشكر والحمد بحمدُ
وكان عليه أن يحوز مدى العلى / أليّة برورٍ وحلف مؤكّد
أقام عمود الدين حقّا محمّد / كما بدأ الدين الحنيف محمّد
فأشرق بدر الحق في أفقِ الهدى / وقد غالهُ قطع من الكفر أسود
نزلت وحاجاتي بباب محمّد / فأذهله عنّي زمان منكّد
وقد كان ظنّي أنّني أقطع الردى / به فهو سيف في الرزايا مجرّد
تجاوزت أقواماً عليّ أعزّةً / إليه عسى بؤسي بنعماه يفقد
فلم يك لي في ظلّه ذا عناية / فيعرف فضلي ثم يثني وبحمد
وظلم إذا ما قيل إني شاعر / وفي كلّ علم لي مقام ومشهد
ولو جاز في الدنيا خلود لفاضلٍ / لبشّرت الدنيا بأنّي مخلّد
فوا أسف ما بال حظّيَ ناقصاً / لديكم ودهري بالفضائل أحسد
فمن ذا يروم العاقل الندب في الورى / وأعظم منكم في الدناليس يوجد
أعيد ومهما عشت للناس دائما / مدى نحروا الاعداء فيه وعيّدوا
فظلّك مسدول وجودك غامر / وفعلك مشكور وبابك مقصدُ
خفّ القطين وبان الرائح الغادي
خفّ القطين وبان الرائح الغادي / عن الديار فأقوت منذ آباد
والبين إن بينهم عنّي ففي كبدي / لهم مضارب أطناب وأوتاد
يا دارهم درّ فيك الدمع إن بخلت / عنكِ الفوادي ليروى ربعك الصادى
فكم لنا فيه من عهد يذكرنا / به النسيم عدا من دونه العادي
أزمان لا أرعوي فيه لعاذلةٍ / لكن إلى اللهو إخلائي وإخلادي
إذ لا النوى بيننا يوما مفرقة / ولا المكتم من أسرارنا باد
واليوم من بعدهم لا موردي صدرُ / فيما يسرّ ولا غصني بميّاد
أشكو إلى الله دمعا غير متزجرٍ / عمّن أحبّ وقلباً غير منقادِ
يا صاحبي شتّ شعب الحيّ من إضم / فاقصد معي بعدهم يا سعد إسعادي
وإن مررت بناديهم فنادهمُ / ذاك المحبّ عليل بين عوّاد
وحملّ الريح شوقي نحو كاظمة / وأقر التحيّة عنّي بانة الوادي
وكيف يفرقُ قلبُ في محبّتهم / قد راح ما بين إيقاذٍ وإيقاد
سل عنهم كم أراقوا من دم هدرٍ / في حبّهم بعد إيعاد وإبعاد
فكم لهم من قتيل ماله قود / أودى وكم من أسير ما له فاد
كذا الفواني وإن أدنينَ مطّلبا / فشانهُم قطع أكباد وأكنادِ
ومهمهٍ فيه حاز الركبُ لو طلبوا / غيري لما وجدوا دوني لها هاد
قطعتُها بأمون فات غار بها / قاد الزمان بها في المتن والهادي
قد لوحت بي سهوبُ الأرض مرديةً / كأنما قصدت كدّي وإجهادي
حتّام لاينثني عن بطن مقفرةٍ / أو ظهر مهلكة خوضي وتردادي
وقد غدت دوني الأبواب مرتجة / والأرض تضرب في وجهي بأسداد
كأن بيني وبين الدهر من ترة / يبدي بها فرط أضغان وأحقاد
فإن عداني خطب منه عن أملي / فبالمعظّم إيجادي وإنجادي
ملك نمته إلى العلياء عن كرمٍ / أطواد عزّ عدت من فوق أطوادِ
قوم إذا أوعدوا يعفوا وإن وعدوا / يوفوا فيا خير إيعادٍ وميعادِ
بهم تهلل وجه الدهر واتّضحت / مذاهب الجود من جدوى وإرقاد
سادوا وسادهم عيسى ولا عجب / فالمسك يقلو بما في نشره البادي
ملك أقام عمود الدين عاملهُ / وسيفه بعد إقعاصٍ وإقعادِ
وأصعق الكفر حتى ذلّ جانبهُ / والأرض قد آذنت منه بإلحاد
فاللّهُ يكلأ تلكّا ظلّ مالكهُ / بمقلةٍ أصبحت منه بمرصاد
تعلّم القاصدوه والجودَ فاحتسبوا / منَ الكرام وما كانوا بأجواد
يا آل أيّوب إنّ الله شرّفكمُ / على الورى كلّهم من رائحٍ غادِ
فالعدل منسدلُ ولاجود منسبل / منكم فيا خير أنجادٍ وأمجادِ
يثني عليكم ببيض من محاسنكم / فتنعمون بكلّ جود معتاد
أحيا نبيّ العلا من ذكركُم ملحاً / تروح ما بين إعدادٍ وتعدادِ
هذا المعظم لا خلق يماثلهُ / من البرايا فمن عاد بن شدّاد
الباذل العرف والأنواء مخلفة / والمانع الجار من يلوي وأنكاد
أقام كل عوجاد من ذوي عوج / جودا فما باك حظي جد مُناد
قد أعدمتني صروف الدهر عن عرضٍ / يا مالك الرف فامشس لي بإتجاد
عساك ترغم أعدائي بلطفك بي / عطفاً وتكيب بالمعروفش حسادي
أحقّا صددت وخُنتَ الودادا
أحقّا صددت وخُنتَ الودادا / وأبدلتني بالتداني البعادا
ووكّلتَ قلبي بنار الجوى / وألزمت طرفي عليك السهادا
وغادرتني وغريي الغرام / ودمعي دما إذ تولّيتَ جادا
سلبت الرُفاد عن المقلتينِ / فلمّا تولّى سلبت الفُؤادا
وما زلت تطمعُني في الوصالِ / فما بالُ هجرك لي قد تمادى
اتذكر عهدك لي بالعقيق / سقى اللهُ عهد العقيقِ العهادا
وآليتَ ألا تضيعَ الوفاءَ / يميناً وألّا تخون الودادا
أأصغيتُ فيك إلى كاشحٍ / وهل حال عنك فؤادي وحادا
فعاقبتني فمنعتَ الضلوعَ / قراراً عليك وطرفي الرقادا
خليليَ كم لي من وقفةٍ / بربعهم ودموعي تهادى
أسوم ربيعا بواديهم / فألقى به صفرا أو جمادي
فمن منصفي من هوى ظالم / يجور ويفعل بي ما أرادا
تمنىّ من الله كلّ الجمالِ / فأعطاهُ كل مناه وزادا
فقيّد إذ قاد جيش الملا / ح طرفي ولكنّهُ ما أقادا
كسانيَ بالهجر في حبّهِ / شعارين قد أصبحا لي حدادا
فألبسَ إنسانَ عيني البياضَ / حزناً وحظّي عليه السوادا
أعان الزمانَ على جورهِ / وأبدى لنا ظلمه ما أبادا
ولكنّني لم أكن جازعاً / لفعلهما إذ أتيت العمادا
فتى عمّني فيضُ معرفهِ / فأكسبني الحمد لمّا أفادا
إذا هو أبدى جزيل النوالِ / لقصّاده بالعطايا أعادا
حباه الإله بغرّ الخلالِ / فشيّد ربع المعالي وشادا
فما هو إلا كصوب الحبا / أغاثَ العباد وأحيا البلادا
إذا جئتهُ نلت ما ترتجب / برؤيته وبلغتَ المرادا
فبشر بنبلك طيب الحياةِ / لينا وبأس يريك المعادا
فلو صال من غضب صولةً / على الطود من خشية منه مادا
وفي الروع إن جاش جيش لدي / ه ثوّبَ فيهم بدادا بدادا
يفرّق ما بين أرواحهم / وأجسامهم منك ضرب فرادى
ندى وردىً جمعت كفّهُ / فذا للموالي وذا للمعادي
وقد طهّر الله أخلاقهُ / فإن تلقهُ تلق فيه العبادا
يفيض نداد كفيض الحيا / فيشرك فيه الربى والوهادا
وآراؤه إن أنى معضل / ملم رأيت الحجا والسدادا
فدته أناس غدا لؤمهم / لباب المنى والأراجي سدادا
ولا زال بيني العلا بالندى / ويبلغُ من دهره ما أرادا
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ / دار المليك وفيها العيشة الرغد
سُرادقُ المجد مضروب على ملكٍ / لألاؤه في عراص العزّ متقد
ربع من الملك معمور وأفنية / بها العلا والندى والبأس والجلد
يا حسن دولة روح الله فدكملت / به السعادة واستعلى له الأبد
هو الغمام المرجى صوب عارضه / والصارم المنتضى والفارس النجد
عضب العزيمة ماضي الوهم مختلس / خواطر الحزم بالأراء منفرد
يحمين حوزتهُ والحربُ فاعزةٌ / في حين لا حجف يغني ولا زرد
ما حلّ أرضاً ولم ينهد إلى بلد / إلا تعمم روضا ذلك البلد
صاف وفيه على أعدائه كدر / والغيث منه يكون الماء والزبد
يا زايغ القلب إن السيف مطلّع / على القلوب فكظما للذي تجد
هذا هو الأسد الرامي براثنه / عليه من زغف ما ذيّة لبد
ألقى على أفق الدنيا كلا كله / فالقرب في خوفه سبان والبعد
الله أكبر جاء الحق يقدمه / نصر المليك فلا وان ولا جحد
يا أيها الملك المرسي بعزمته / طود الخلافة لمّاسمّه الأود
كم موقف لك ليس الله ناسيه / والدين مهتضم والملك مضطهد
جلوت وجه العلا فيه بذي شطبٍ / ماء المنية في متنيه مطرّد
يهتزّ في وجه إفريز تجلّلهُ / كأنّه حبة في متنها رُبَد
فكان مجدك موجودا لطالبهِ / والمجد في الروع موجود ومفتقد
أججتَ للكفرين من كفيك ملحمة / أضحى بها الموت في حوبائه بخد
نشرت راياتك الصفر التي وسمت / بالنصر فهو لها تحت الوغى مدد
لاقيتهم ووجوه الخيل عابسة / والبيض ضاحكة والموت محتشد
في فتية من نتاج الحرب قد ضمنت / أسيافهم للمنايا أنها ترد
حيّيتهم ببنات الخط بفرعها / زرق معرّسهُنّ القلب والكبد
من كل اسمر تستسقي المنون به / من القلوب دماما إن له قوَدُ
وقد تيقّن أن لا صبر يسعدهم / وأن صبرك لا تحصى له المددُ
خافوا بأنفاسهم مما ألمّ بهم / فهم يظنّون رعبا أنها رصد
يا أيها الملك عيسى والذي يده / تولي مواهب لا يحصى لها عدد
زفّت إليك قوافي الشعر محكمة / ولم يكن في الورى كفؤا لها أحد
فإن أنل منك ما قد جئت آملهُ / فإنّني أهل ما تولي وما تعد
حسدت حقا على فضل خصصت به / فليس لي عند ملك منكمُ سندُ
أصغيتم في تقليداً لما ذكروا / من العيوب فعيشي كله نكدُ
أضرّ بي الدهر فالايام لا جدة / حصّلتُ فيها ولا مال ولا ولد
فأين أسلك إن لم آت بابكم / وأين أقصد إن راحوا وإن قصدوا
والعاقل الندب لا يأوي إلى بلدٍ / إلا إذا فاض نفعا ذلك البلد
أما الكتابة والشعار فهيَ لنا / زاد إذا نيل منها الذعر والزوُد
ففي القصائد منها لؤلؤ نظم / وفي الرسائل منها لؤلؤ بددُ
وبحر علم إذا جاشت غواربهُ / فالدُرّ منه ولا يلغى له زبدُ
ومقلةٌ لم تنم عن كل مكرمةٍ / كأنها للمزايا في العلا رصد
فإن أقم فحقيق أو تسترني / فالبدر في الليلة الظلماء يفتقد
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد
أرأيت ما صنعت لحاظ الغيد / ما بين منعرج اللوى نزرود
سنحت فكم جرحت فؤاداً لم يكن / يصغي إلى عذل ولا تفنيد
ومرنح الأعطاف في ألحاظه / ما في الصوارم والقنا الأملود
سكران من خمر الصبا لكنما / فرقي لفتكة طرفه العربيد
أنا منه بين مفارقٍ ومواصلٍ / زورا وقال في الهوى وودود
إن شدّ فوق الخصر بند قبائه / حلّت عرىً من دمعيَ المعقودِ
أو كان ينكرني دمي في حبّه / ظلما فحمرة وجنيته شهودي
أمحملى عيب الهوى لقد اشتفى / داء الجوى من قلبيَ المعمودِ
أتروم مني في هواك زيادةً / هذا الغرام ولان حين مزيد
أتا بين جفن ليس يرقاد معه / أبدا وقلب فيك غير جليد
فرقت ما بين الفؤاد ومصبره / وجمعت بين الجفن والتسهيد
رام العواذل سلوتي ولطالما / جاء الملام من الهوى بجنود
والحبّ داء لا يرامُ لبرئه / طول الملام وكثرةُ التفنيد
فيه تطيشُ سهام كل مسددٍ / ويضِلّ راي المرء ذي التسديد
يا عيشة سلفت بجرعاء الحمى / إن عاد لي زيمن الشبيبة عودي
أيام أسري نحو أسري في الهوى / غيّا وعودي مورق بو عود
وأرى صباح الشيب أسفر عن دجى / ليل الشبيبة منذراً بوعيد
أودى الشباب فعادتي من بعده / عيد نصيبي منه في التعدير
ولي حميدا فالمدامع بعدهُ / والشقو في التصبيب والتصعيد
عمري لقد صدق الزمان وعودَهُ / عندي بجورٍ للخطوب عنيدِ
صُن ماء وجهك أن يذال بذلّة / لا خير في ذل بنيل خلود
واختر ظهور اليعملات محلّةً / حتى تبيد بها ظهور البيد
فإذا بدت لك نار موسى فاستعد / أبدا بظلّ رواقه الممدود
فهناك يهتؤك الزمان بعزةٍ / قعساء تحت لوائه المعقود
سحب المنى بيض لديه وطالما / نزجي بسحبٍ للمنيّة سودِ
ما زال يبتدعُ الندى حتى اغتدى / ونوالهُ يربي على المقصود
وإذا المكارم أرتجت أبوابها / جادت لها كفّاه بالأقليد
جازت مناقبه عن الأحصاد وال / تعداد والتكييف والتحديد
يعطي ولو سئل الحياة أو الحيا / أتيا لمن يعفوه غير بعيد
فيروقه نائي وعودٍ أنجزت / بالجود لا ناي يرُفّ بعود
يا من تلا العلماء سودد مجده / بالعلم والجهالُ بالتقليدِ
عاضت بك الأفهام بعد إياسها / عن كلّ منزور النوالِ زهيدِ
وسفينة الآمال دونك لجّجت / حتى استوت بالجود فوق الجودي
وطريدة الإسلام أنت أعدتها / من بعد طوال تشرّد وندو
أيام صافياء يقصر دونها / وصف البليغ بخطبة وقصيد
بدّدت جمع الكفر وهو مؤثّل / منهم بعزم في الأمور رشيد
ونهضت إذ عجز الانام بأرعن / ملأ الملا عدداً بغزر عديد
شاروا من الاسلام شهدا عنوة / فأعدته من حنظل وهبيد
وسقيتهم كأس المنية بعدما / شربوا بكاس النصر والتأييد
والروم راموا نصرة فجعلتهم / ما بين مقتول إلى مصفود
أغناك بأسك عن قراع كتيبة / أو نشر رايات وخفق بنود
علموا بأنك كالدجى لا مهرب / منه ويدرك شأو كلّ شهيد
فاستسلموا طوعا لأمرك بعدما / أسكنت أكثرهم بطون لحودِ
وفتحت ما افتتحوا بعزمٍ قاهرٍ / فأعذت معدوما إلى موجود
وأتيت إذ دميا بدّل ربعها / كفرا عن الإيمان والتوحيد
تلقى جيوش المشركين بعزمة / عظمت عن التكييف والتحديد
فرعون كفرهم طغى فأتاهمُ / موسى لإغراقٍ ببحر جنود
جاشت غواربه بموج مزبدٍ / متلاطم آذيّه بحديد
موسى وعيسى أرسلا لمحمد / ومحمد بالنصر والتأييد
فالله يشكر عنكم السعيّ الذي / يرضيه بين إقامة ونهودِ
يا أيّها الملك الذي أخلاقه / رصفَت وقد وصفت نظام عقودي
يا كعبة إن كان تقبل حجتي / فلها ركوعي دائما وسجودي
ما بال مثلي خاملا من بعدما / قد كان في ملّل العلاء صعودي
أيجوز لي خوض الخضمّ وأنثني / عن مائه متيمّما بصعيد
إن كان قُلّ النيل يحمد ربّه / فالمستنيل لذاك غير حميد
كانت تمنّي النفسُ ظلّك جهدا / لا ظلّ زنكيّ ولا مسعود
والأشراف المنصور أشرف همة / من أن أراني ليس يورق عودي
خذ واسمع مني نظام غريبة / جاءتك بالتعظيم والتمجيد
حلبت بمسمع كل ذي سمع فما / تنفكّ بين ترنّ ونشيد
ولئن تأخر عصرها فلطالما / هزئت بنظمي جرول ولبيد
عذبت على الأفواه حتى أطربت / بحدائها بزل المطايا القود
لله أيّ غريبة وعجيبة / في مغرب في بأسه والجود
كفل الإله له بطول بقائها / لرضى محبّ أو لكبتِ حسودِ
حيّا بكاس السُرى سا في الأغاريد
حيّا بكاس السُرى سا في الأغاريد / فعربدت طربا منها على البيد
واحتشّها السير في خرقاء داويةٍ / حتى عرى البيد منها في عرابيد
وقادها شوقها لاسوقها فغدت / تغلي الفلا بين إدخالٍ وتوخيد
عيس براها أبراها فهي موجفة / وجدّها جدّها من غير تأييد
تذكّرت بحمى الجرعاء مرتبعا / ومورداً غير ترنيق وقصر يد
فبلغتني أقصى منتهى أملي / وأنزلتني بظلّ منه ممدودِ
أدنَت مزاريَ من حبّ جويتُ به / لما رماني بتفريق وتبعيد
وكدت أورد من بعد الفراق له / في منهل حياض الموتِ مورودِ
والبعد أقتل داءً من مقاطعةٍ / تبقي وشيك مزار الأنس الغيد
كم من رسيس جوى أهدي إليّ نوىً / أغدو لها بقؤاد جد مفؤود
يا صاحبي ليس لي في الحب مزدجرٌ / ولا أصيخُ لتعنيف وتفنيد
خذ لي أمانا إذا ما رمت مصلحتي / من أعين العين أو من صائد الصيد
فلست أنفكّ فيها من بنال هوى / ترمي فتقصد قلبا غير مقصود
أو من حبائل شجور رحت محتبلاً / فيها بقلبٍ بحبل الحب مصفود
لو كنت شاهد ما ألقاه من كمدٍ / عذرت من بات خلوا غير معمود
تلجلج الدمع في الآفاق ثم جرى / لما انبرى بين تردادٍ وترديد
فشبّ جذوةَ نارٍ في الحشا ولقد / عجبتُ من لهبٍ بالماء موقود
كم لي لدى سمرات الجزع من جزعٍ / أبيت منه بتعداد وتعديد
وكم أويت من الأيام خوف ردى / منها إلى ظل عزّ الدين مسعود
القاهر الملك المرجو نائله / أزمان صوب عهاد غير معهود
أخذت منه بحبل غير منجذم / ورحت منه بقلبٍ غير مزؤودِ
أغرّ أبلج يستسقى الغمامُ به / خيرا ويؤذن منه البشر بالجود
ثبتُ المقامة لا تُثنى أغّنتهُ / عن بسط معدلة أو فيض توعيد
أرسى دعائم ملك لا انفصام لها / وشاد قاعدتي دين وتوحيد
ركن الخلافة لا ينفكّ يكلوها / بعزمة بين تشييد وتوطيد
مستمسك بحبال من حكومته / وعدله بعد تحكيم وتقليد
ما زال في فترة يبفي الهدى فلقد / أتاه خير رسول بالمقاليد
نؤرمن الله والمبعوث أرسلهُ / خير الأئمة يبغي خير مقصودِ
أهلا به وبما ضمّت مواكبهُ / من نعمة آذنت منه بتخليد
شممت منه وقد وافى بجحفله / عرف النبوة لا عرفاً من العودِ
نعمى أضاء بها ليلُ الرجاء وقد / حالت لباب الأماني بالأقاليد
طل يا مليك الورى فخرا بما بعثت / لك الخلافة من عز وتمجيد
أمطتك هام الثريا من منائحها / وتولتك عطاء غير منكود
لا غرو أن رحت تبأى الناس كلهم / بما تفردت في فضل وتسديد
حطت الحمى ورددت الفي مجتمعا / من بعدما كان فينا غير مردود
يا وارث الملك والمجد والمؤثل عن / رسلان شاه ابن مسعود بن مورود
ها أنت والدهر والدنيا مطاوعة / وها أنا ونداكم غير محدودِ
كانت سفينة آمالي ملجّجةً / حتى استوت من أياديكم على الجودي
يا ابن الملوك الألى شاد وامناقبهم / حتى اغتدت بين تقرير وتمهيد
أحرزتم الملك والذكر الجميل فقد / غدوتم بلواء منه معقود
فأيُّ روض ندىً لم يرع عندكم / وأيّ ورد نوال غير مورود
ما بال فضليَ لا يرعى ومنقبتي / لا تُبتني ومقالي غير محمود
وعندكم يا بني زنكي معرفتي / فضلا ومن أيّ عود شقّ لي عودي
ربّيت في ظلّكم طفلا فمذ يفعت / سنّي بذلت لكم نصحي ومجهودي
ماذا اجترمت وما أذنيت عندكم / حتى تبدّد شملي أيّ تبديد
وعدت من بعد عزّي واشتمال يدي / لكالذي باع موجودا بمفقود
لا تسمعوا قول حسادي وأيّ فتىً / منوّه الذكر ينفي غير محسود
أيام ملككم أيام معدلة / بل رحمة بنوال غير معدود
فدمتم ما أتي دهر بحادثة / تروى المكارم عنكم بالأسانيد
أفنيت صبري في الهوى وتجلّدي
أفنيت صبري في الهوى وتجلّدي / يا منتهى سؤلي وغاية مقصدي
وصددتني من غير جرمٍ عامدا / فانقع بوصلك غلّة القلب الصدي
أضرمت في كبدي لبعدك لوعة / حنتِ الضلوعَ على جوى متوقّد
ما مرّ يوم من بعادك ذاهباً / إلا وأرقب قرب بعدك في هدر
أغريت بي العذال حتى لذّ لي / حبّا لذكرِكَ لؤم كلّ فضني
يا صاحبي صح بي إذا برقُ الحمى / خفقت ذوائبهُ ببرقه ثهمد
وانشُد فؤاداً مذ عفا ربع اللوى / ما زال مأوىً للغزال الأغيدِ
رشأُ منَ الأتراك أتلف مهجتي / من لحظة فتكا بحدّ مهندّ
ورمى فأصمى القلبَ لما أن رمى / من جفنه حقّا بسهم مصرر
أجرى دمي ظلما ولمّا اقترف / ذنبا لديه وها يدي أن لا يدري
أسر اللحاظ وقد رنت لجماله / بلا سل من صدغه المتجعّد
قسماً بحبّك وهو غاية حلفتي / وأليّتي يا فتنة المتعبّد
لولا رجائي فيك لم يبق الهوى / والشوق فيّ بقيّة لتجلّد
فعلام تغرب في اختلاس حشاشة / فعدت لها خيل الغرام بمرصد
ماذا يضرّكَ لو تجودُ برشفةٍ / أو عطفة من عطفكَ المتأوّدِ
ولقد حفظتُ لك المودّة جاهداً / وودتّ لو ترعى حقوق تودّدي
ما أسعدتني غير عبرة مقلتي / يوم النوى إذ لم أجد من مسعد
ولكم بخلت عليّ منك بلفظةٍ / من لفظك العذب اللذيذ المورد
مهلا بني خاقان إن لظبيكم / عدوى الجاذر من ظباء بني عدي
لما رنا نحوي رمى طرفي فما / أخطا وقد أصمى بطرف أسود
ظفرت يداه بمهجتي فتكاكا / ظفرت بجود الملك زنكيّ يدي
ملك أقام الفرع منه أدلّة / قطعت شواهدها بطيب المحتد
أعطى فلو خلقَ السحابُ كجودهِ / لم يبق خلق في البريَة بجندي
جود يجدّدُ للزمان مناقباً / وندى ينادي في مكارمه ازددي
ثبتت له أطواد مجد لم يزل / متأبّدا والدهر غير مؤبّد
تنميه في قلل العلاء عصابة / أخذوا المناقب أوحد عن أوحد
فرضوا وقد فرضوا اللهى حسن الثنا / وسموا وقد وسموا جباه الورد
أموالهُ نهب العفاة وذكرهُ / رأب الرواة المتهم أو منجد
أبوابهُ ما زال في عرصاتها / عزّ الملمّ بها وذلّ العسجد
كفّ يكفّ الخطب عن قصريفه / بالمعتلي والمعتفي والمجتدي
كملت له غرّ الخلال فزانها / بين الورى بولاء آل محمّد
يا أيّها الملك الذي لولاه ما / مرف الندى والجود حقا في الندي
أجمهت جردَ الصافنات ولم تكن / معتادةً فاضرب لها بالموعد
فمتى أراها وهي في وهج الوغى / تجرى وقد حمل الجواد الجبر
والطعن يخترد النقوس من العدى / والضرب يغري راس كل بلندر
وارى لواءك بالسعادةِ عقدهُ / ولواء غيركَ ناكصاً لم يعقد
قسماً بربّ البيت إني شيّق / حتى أراك مظفّراً بالأعبد
وتكون محتسبا لنا من ظالمٍ / قد صار محتسبا على الدين الروي
وأراك تنهلنا دما من نحرهِ / عجلا فذاك لنا لذيذ الموردِ
ما زال يقصدني بكلّ أزيّةٍ / من غير ما حرم بأقبح مقصدِ
ويظلّ ينبزّني بكفرٍ دائماً / فكأنّه متعبد في مسجد
والله ثمّ الله ما لي عندهُ / ذنب سوى حبي لكم وتودّدي
كن لي فرالي غير رابك في الورى / أبداً لترعم بالعطايا حسّدي
فلأبقين مدحاً على طول المدى / فيكم تلذّ لسامع ولمنشد
وإذا عجاجُ الحرب ثارَ رأيتني / أروى العدى بمثقّفٍ ومهنّد
ولديّ أنواع الفضائلِ فاختبر / ما أدعيهِ فمثلكم لم يوجد
واستجلها بكرا ويخنيريّة / رفّت فراقت سمع كل مغرّد
ما أنشدت في مجلس إلإنسي / طرب الفريضِ بها ونغمة معبد
إن فضّلت فلأنّها ما فصّلَت / إلا عليك بلؤلؤٍ وزبرجد
وتملّ ملكك فالإ له يديمهُ / أبد الليالي في نعيم سرير
سل دار هندٍ بالكثيب الفردِ
سل دار هندٍ بالكثيب الفردِ / هل ارتوت أطلالها من بعدي
فطالما روّيتها بمدمعٍ / يخجل صوب المزف حلق يجدي
ما صاح بي يا صاحبي منها الأسى / إلا أجبتُ بضروب الوجد
أمسعد يا سعد لي أنت فكن / عن عذلي من بعدهم في بعد
لا يسمع العذل فتى ألفى النوى / في قتله مساعدا للصدّ
أعدت جفونُ العدويّ في الهوى / جسمي فقد بالفنَ في النعدي
وهيّجت وجدي بها حمامة / ساجعة في عذبات الرند
بكت لها إلفاً فأبدت لوعتي / وذكّرتني بقديم العهد
قُل للوشاة ما بكم صبابتي / كلا ولا عندكم ما عندي
قد رحت من بعد اغتراب دارهم / ما بين دمع هاطل ووقد
لا تحسبوا الخال الذي بخدّها / منسكة مسك مزجت بند
لكنها حبّة قلبي نطف / ثمّ انطفت على اخمرار الخدّ
حاجبها حاجبُها لكنّهُ / إذا أتاهُ مشتكٍ لا يعدي
والثغر منها الثغر لا يقصدهُ / مقبّل إلا حمي بالردّ
يا هند هل نحوكم لي عودة / أم هل صفا مما لديكم وردي
أشتاقكم إن غرّدت قمريّة / بالدوح أوهبّ نسيم بخد
لكم ودادي مثلما للملك ال / ظاهر شكري أبدا وحميد
غازي الغياث من نداه للورى / غياثُ كلّ واجدٍ ومكدي
فاحثث بذكراه المطيّ إنّها / تعنقُ عند ذكرهِ وتخدي
ولا تقل كالبحر هذا فائض / وذاك بين جزره والمدّ
ولا الغمام ذاك يهمي موهنا / وجود ذا جاوز حصر العدّ
ملك تعُدّ الرفدَ بخلاً نفسهُ / إن هو لا يتبعهُ برفد
لم يلف جود كفّه من الندى / نهايةً فهو بغير حد
إذا الثغور أعضلت أرواؤُها / شفى الثغور بالطول الملد
ممتطياً ظهر طمرّ سابحٍ / مقابل بين العتاق الجرد
بيض أياديه لعافيه كما / حتف معاديه ببيض الهند
إن جررّ العضب بيوم معرك / طال عليه الملتقى بالغمد
يا قائلاً مثل الغياث في الورى / جاوزت أقصى غاية التعدّي
تالله لولا أن يقال مسرف / في حبّه لقلت هذا المهدي
لو أن موسى مستض برأيه / لقومه في التيه لم يردّي
أو كان ذو القرنين ألفى عزمهُ / وحزمه لم يضطلع بالسد
يا آل أيّوبَ ورثت حبّكم / ميرا حقّ عن أبي وجد
ما زلت من جودكم في نعمة / سابغة وظلّ عيش رغد
فما أزاك دائما أحبّكم / حتى أرى موسّدا في كحدي
خذها ونيمزية فربّها / ما آنفك يصغى لك محض الود
تهنّ بالعيد فقد شقّق عن / لطيمة الجود بعرف المجد
والعيد والزمان من مجدكم / قد كسيا الهناء خير برد
والناس راعشت لهم مراسم / لا تنقضى من العلى والجدّ
فما الورى إلا إذا دمت ترى / في دولةٍ مقرونةٍ بالسعد
أمنَ الهجران غدا جسدي
أمنَ الهجران غدا جسدي / مضنى وغدت قرحى كبدي
أم من وجد بك أكتمهُ / قد وكّل جفني بالسهد
فالقلب غريم غرام في / ك يعالجه حتّى الأبد
فدموع جفوني في صبب / ولهيب فوادي في صعَدِ
يا متلف روحي ما علقت / بسوى تعذيب منك يدي
كم أغضى الجفن على مضض / وصدودك قد أوهى جلدي
هب أنّك قد واصلت أما / بالهجر قطعت قوى جسدي
قسما بوداد أخلصهُ / ما دار سلوك في خلدي
كلا ولمى اصغى سمعى / لكلام عذولٍ ذي فندِ
قالوا توديعك بعد غدٍ / فوداع فؤادي بعد غد
عيناي جنت فعلام غدا / قلبي ما خوذا بالقود
وجفونك ترشقني أبداً / بنبال تنفذ في الزرد
وبطرفك سحر صدت به / قلبي إذ ينفث في العقد
وبثغرك درّ زاد على / حسن الإغريض مع البرد
فالدمع طليق منذ نأي / ت وقلبي عندك في صفد
أصبحت فريد الحسن كمث / ل ضياء الدين المنفرد
المخجل صوب المزن فما / يوليه يفوت عن العددِ
يا مترع كأس الجود لقد / ظمأ روحي فالقلب صد
قمّصت الدهر ثياب علا / وبنيه بأثواب جدُدِ
أضحكت الجود وكان غداً / في الناس بوجه منعقد
يا نجل محمّد المبعو / ث بدينكم ذا اخلق هدي
بقضائكم نزل القرآ / ن ومدحكم لاعن سند
ولأنتم نور الله غدا / في آدم حقا حين بدي
أمناء الله وصفوتهُ / وخيار الخلق بمعتقدي
يا زيد وحبك لي دين / وعلى آرائك معتمدي
حسدوك على أنوار علا / ك واين البدر من الحسد
وعليم أنت بمن يطوي / لكم الاحشاء على ضمد
لك عرض لا يعروه قذى / ومقال قورن بالسدد
وةمقال الزور فعندهم / والمين لهم أقوى العدد
لكنك رحت لهم أسداً / وهم في النسبة كالنقد
فوحقّك دأبي هجرهم / أبدا حتى يفنى أمدي
وإليكَ العذر بهجوهم / إذ حلمك أرسى من أحد
سقاه الصبا خمر الدلال المردّد
سقاه الصبا خمر الدلال المردّد / فراح بطرفٍ في القلوب معربد
وشجّت بماء الحسن منه فأظهرت / أشقّها في خدّه المتورّد
غزال متى ما غازلتني لحاظهُ / أراقت دمي من جفنها بمهنّد
مليح المعاني ما شفاني وإنما / سقاني الهوى لكن بكاس منكّد
نضلّ بليل الشعر منه وإنما / بصبح محياه المهلل نهتدي
إذا ما ثناياه تجسّم برقُها / سُقيت سحابا من سلافة صرخد
بثغر حكى الأغريض حسنا وإنّه / لفاخر درّ في عقيق منضّد
أطاع النوى لما نوى لي غدرةً / فغادرني حلف الغرام المجدّد
أناشد رسم الدار أين ترحلّوا / وأنشد قلبي عند برقة منشد
وقفت بها أبكى وترزم ناقتي / مشوقا إليها وقفة المتبلّد
أفرّق شمل الدمع بعد فراقهم / يبدّده جفني لشاملي المبدّد
وما اعتادني منها سوى فرط لوعة / تصبّب دمعي بالزفير المصعّد
وذي عذل قد حرق القلب لومه / فقلت له قول العنيف المشدّد
أعاذل إن اللوم في الحبّ ضلّة / إذا لم يكن نفع بلوم مردّد
أترغب في إفراق من في فؤاده / كلوم بسهم للصبابة مصررِ
يجنّ إذا ما جنّ ليل ويفتدي / بجفنٍ على طول الليالي مسهّد
أقول لخفّاق النسيم إذا سرى / يروح على درا الحبيب ويغتدي
تحمّل سلامي نحو منعرج اللوى / وإيّاك تعدو حلّةً من بني عدي
فلي بين هاتيك الخيام مخيّم / غدا منتهى سؤلي وغاية مقصدي
فاست أرجّي غير طيب وصالهِ / وبذل الندى من زيد بن محمد
توقّل في هضب العلى فعلا على / بني الدهر من تشييد مجد وسؤدد
صفا جوده لما ضفا ثوب جوده / على الناس بالجدوى وعظم التودّد
إذا برقت بشرا أسرّة وجهه / همى عارض من ماله المتبدّد
هدى الناس للعلياء بالجود واهتدى / لغرّ السجايا فهو هاد ومهتدي
يطرّ به من جاء يسأل جودهُ / ولا كأغاريد الغريض ومعبد
تنكّر لي دهري المسيبء فردّه / برأي ممرّ في الملمات محصَد
ودافع عني الخطب حتى تهدمت / قواعده من ركن جود مشيد
خلائق قل الشكر عنها وإنّها / لميراثُ حقّ عن عليّ وأحمد
وماذا عسى رب القوافي يقوله / ومدحكم طيّ الكتاب المحجّد
فجدّكم بالله للخلق منذر / ووالدكم هاد لكل موحّد
إذا أغلقت أبوابُ سعي عن أمريء / فتحتم له بأبي رجاء ومقصد
وإن كذبت منه الأماني تغيّرت / بجودكم عن سوء ظن مشرّد
وإن صديت نحو الندى نفس آملٍ / سقاها بكاس الجود غير مصرّد
فخذها ضياء الدين مني قصيدة / غدا نظمها كاللؤلؤ المتسرّد
سقى روضها نوء العلوم فأظهرت / بدائع أزهار الثناء المخلّد
متى ير هارب الفصاحة والحجا / بإدراك ما فيها يهلّ ويسجد
إذا تليت راقت لدى كل سامع / فيعظمها في كل نادٍ ومشهد
ستنشر إذ أطوى ويزهي بحفظها / وانشادها في الناس كلّ مغرّد
فعش فالورى ما عشت في ظل نعمةٍ / ومهد من المعروف جدّ ممهّد
أما الفراق فإنّ موعده غد
أما الفراق فإنّ موعده غد / فإلآمَ يعذل عاذل ويفند
قد ازمعوا للبين حتى أنه / قرب البعاد وحان منه الموعد
فدموع عيني ليس ترقأ منهم / ولهيب قلبي في الهوى لا يخمد
أورثتموني بالنوى من عزكم / ذلا ومثل الذل ما يتعوّد
يا جيرة العلمين قلّ تصبّر / عن وصلكم حقا وعزّ تجلّد
أنى ذكرتكم فصبر غائر / عنكم وقلب في هواكم منجد
أوشمت بارقة الشآم فإنما / بين الأضالع زفرة تتوقّد
يا حبّذا ربع بمنبج إذ غدا / فيه يغازلني الغزال الأغيد
ربع يروح القلب فيه مروحا / والشوق نحو لقائه يتزيّد
ما لذّ لي عيش بغير ربوعه / إلا به عيش ألذّ وأرغد
يا من نأوا والشوق يدنيهم إلى / قلبي وإن بعدوا وإن لم يبعدوا
أصفيتكم في الحبّ محض مودمي / ولها وليس لكم إلّ تودّد
ولربّ لاح في هواكم لم يبت / والجفن منه للفراق مسهّد
قد زاد في عذ لي بكم فكأنّه / سيف عليّ مع الزمان مجرّد
أيروم أن أسلو وسمعي لم يصح / نحو الملام وسلوتي ما توجد
والشيب في رأسي يلوح ومفرقي / والشمل من ريب الزمان مبدّد
والنائباتُ تنوبني لكنما / لا خوف لي منها وذخري أحمد
ملك يدين له القضاء كأنّما / أمر القضاء بما يؤمّم يعقد
ملك على ايام منه سكينة / ولخفه قلب الحوادث يرعد
خفّت حلوم الناس وهو مثقف / وهفت عقول الخلق وهو مسدد
عري الأنام من الناقب فاغتدى / وله المكارم والعلى والسؤدد
نظر الأمور بجانب من طرفه / عزم يضيء وفكرة تتوقّد
اسد إذا احتدم الوغى فسيوفه / بطلى الأعادي منه حقا تغمد
فتكات أغلب في الكريهة باسل / قطعت فؤاد الخصم وهو يلندد
وعزيمة قطع الخطوب مضاؤها / من أن نلم به وراي محصد
شرفا بني مهران بالملك الذي / من دون همته السها والفرقد
الواهبُ الأموال غير مكدّر / ورد الندى فسروره إذ يرفد
فله العطايا الغرّ ليس يشويها / من ومنه أنعم لا تجحد
يهتزّ للمداح حتى أنه / طرب لنظم مديحه إذ ينشد
ثمل بإنشاد القريض كأنه / مصع يغنيه الفريض ويعبد
يا أيها الملك الذي يوجوده / وجد الورى للدهر فعلا يحمد
لو لم تكن في الناس لم يكن فيه / جود يرام ولا كريم يقصد
هنئت بالعيد الذي بكم له / عظم الهناء وللورى إذ غيّدوا
فانحروا ولا تنحر عداك فإنما / بعداوة لهم العيوب تعدّد
واسلم لتحيا في جنابك أنفس / والت وتكبت من بقائك حسّد
ليس لي من بعدهم جلد
ليس لي من بعدهم جلد / بان عنّى الصبر مذ بعدوا
وتجافاني الكرى فغدا / جفن عيني إلفه السهد
جيرني عودوا لمكتئبٍ / شفّهُ التبريح والكمد
وآرحموا من في محبتكم / قد جفاه الأهل والولد
عاذلي في من أحبّ أفق / لا تردني فوق ما أجد
إن قلبي لا يغيّرهُ / عن ودادي فيهم الأبد
متلفي روحي صدودكم / قاتلي داركم صددُ
وقتيل في محبّتكم / ماله بين الورى قودُ
يا ابنة الأتراك فيك لنا ال / حسن مجموع ومنفردُ
لك ثفر لؤلؤُ نظم / وحديث لؤلؤ بدد
ولحاظ حشوها كحل / ولها من سحرها عقد
بنت حتّى صرت من ولهٍ / لم يرق لي في الدنا أحد
كيف لي بالقرب منك وقد / جدّ في تفريقنا البعد
فلدمعي بالأسى صبب / ولناري بالجوى صعد
قد نات روحي مودّعة / سوق ينأى بعدها الجسد
يا قصارى منتهى أملي / لك منّي القلب والكبد
وضميري أنت تعرفهُ / لك لا يلوي به أحد
ليت عيني إن رأت أحدا / غيركم أودى بها الرمد
بحت بالمخفيّ منك إذا / كتم العشاق أو حجدوا
إن قلبي فيك يقلقهُ / إن تغنّى طائر عزد
لك ودّي ما أقام حرى / والبرايا أحمداً حمدوا
ملك جلى الورى كرما / في العطايا وهو متلد
فإذا ما شئت طلعته / خلت أن الشمس تنقد
فخرت أسد الشرى شرفا / واسمه بين الورى الأسد
فالظبا أعداؤُه وردت / والورى أموالهُ وردوا
يقصد الأبطال يهلكهم / من عداه والقفا قصد
لا يخى من مضاربه / يلب في الروع أمجد
بيد ليست تماثلها / في جميع المكرمات يد
فهو في النعماء ذو عجل / وهو في البأساء مقتصد
خذ عروسا ظلت أصنفها / في الدجى والناس قد هجدوا
كملت في ساعة قسماً / صادقا أو ينقص العدد
إذ يروق السمع منشدها / يترامى نحوها الحسد
وابق في عزّ وطول مدى / يرتضيك الواحد الصمد
هناءً أيها الملك السعيد
هناءً أيها الملك السعيد / توافت في إرادتك السعود
تجدّد منك أثواب المعالي / ومجدك بن مناقبه جديد
لكم من كل مكرمة طريق / وفيكم كل معروف تليد
فإعدام الفتى عدم حقيق / وجودكم لمن يعفو وجود
أأحمد إن حمدت بكل قول / ففعلك بالذي تولي حميد
بنيت على على الجوزاء حقا / له يعنو بناظره الحسود
ومن ذا يستطيع لكم مراما / إلى العليا وشأوكم بعيد
وما يحوي المدائح فيك شعر / ولا يحصي منافيك العديد
ولو جاز الخلود لنفس حي / من الدنيا لحقّ لك الخلود
وإني عبد عبدك غير شك / وكل الناس لي طرّا عبيد
وقلبي قد أحطت به اختباراً / بودٍّ لا يكدّره الصدود
أبا أسد الدنا والدين طرّاً / ومَن دانت لهيبته الأسود
إلى جدوال أضحى الناس صورا / وشخصك قبلتي ولك السجود
ولما جاء من غيري قصيد / وما وافى لكم مني قصيد
نظمت من البديهة سمط در / ولم يصلح له إلاك جبد
ولما كنت في شعري مجيدا / أنصّ لمدحني ملك مجيد
وما ألم ألم بكم فعادت / له الأيام وهي لذاك سود
ويا فرح الأنام له بعيد / ولكن السلامة منك عيد
هنيئا للبرية منك ملك / فريد جوده أبدا فريد
إذا انطقت معاليه بوصفٍ / ومكرمة له خرسَ الوفود
وإن بدأت يمين يديه جودا / فإن شماله حقا تعيد
فلا زالت عطاياكم سجاما / سجاياكم أبدا شهود
ودمت موفّقا في كل أمر / فأنت بكل ما تأتي حميد
الله أكبر هذا مربع الجود
الله أكبر هذا مربع الجود / فاحبس سراك عن المهديّة القود
واحلل ببحر نوال طاب موردهُ / وظل عدل على الأيام ممدود
هذا طلابك جود لا ترام إذن / صفاته بين تكييف وتحديد
ونور علم كأن اللّه كوّنه / بلطفه بين توفيق وتأييد
وطود حلم إذا ما الشم قست به / أربى عليها بترجيح وتسديد
ونجح راي أبي المنصور قد أخذت / في الحقّ منه يداه بالمقاليد
وللمظفّر آراء رفعن لهُ / من الحجا بلواءٍ منه معقود
قاض يظلّ به الإسلام مبتهجا / إذ لمّ شملا له من بعد تبديد
قاضي القضاة وسيف اللّه قد سفرت / أفعاله البيض في أيامنا السود
حيى الشريعة بعد الموت حين غدا / للدين ما بين تقرير وتمهيد
وغادر الخلق طرا من فواضله / يثني عليه بتمجيد وتحميد
لولاه راحت ربوع المجد مقفرة / ومشهد الحق فينا غير مشهور
وأثبتت للعلا والمكرمات إذن / محاضرُ بانعدام البذل والجود
مسدّد الراي في الأحوال يكلأها / مشرّع السمع للداعي إذا نودي
للمكرمات مجال في مسامعه / وليس يصغي إلى لوم وتقنيد
بنى مدارس علم طالما درست / فبدّلت بعد ما محّت بتجديد
وشيد العلم علم الشافعيَ وقد / غدا له بين تصويب وتصعيد
ما كنتُ في ظلّه إلا هديت به / بعد الضلال لإيمان وتوحيد
وكنت إذ جئت مداحا لسؤدده / تالي المزامير في محراب داؤد
أتيته بقريض دق صنعته / وجئته بلسان منه غريد
يا حجّة الدين يا قاضي القضاة ويا / باني المعالي بتاسيس وتشييد
يا باذل المال للإعطاء يحمله / نحو البلاد على البزل الجلاعيد
رفعت في دوجهات المجد جد علي / للشهر زوري من حمد وتمجيد
لم تفتخر بهم كلا وإن كرمت / أعراقهم بفخار غير مردود
لله بيت نماكم ما اجلكم / من معشر طيب الأعراق محمود
معادن الفضل إن عدوا وإن ذكروا / رست علاهم بتاييد وتخليد
من قاسهم بالورى طرا باجمعهم / أخطى كمن قاس معدوما بموجود
يا من يساجلهم خفض فلت لهم / كفؤاً ولست إذا عدّوا بمعدود
المجد في شهر زور طاب موردهُ / وما سواه فزور غير مورود
إلى نوالك أضحى منتهى أملى / يقودني وإلى علياك مقصودي
لما يسيّرُ بين الناس من مثل / في الجود غيرك باق غير مجدود
أنت النعيم لذي الدنيا وساكنها / والناس في كلّ وقت منك في عيد
تذوي غصون العلى إن كان غارسُها / سواك إذ أنت تجري الماء في العود
لما تعرّيت من فضل ومن أدب
لما تعرّيت من فضل ومن أدب / سمّيت نفسك فضلا ليس موجودا
وكنت سمّيت مودودا ومن سفه / إذا تسمى بغيض الخلق مودودا
صبح الجبين وليل شعرك قد غدا
صبح الجبين وليل شعرك قد غدا / تيها للناس بين الضلالة والهدى
وفيك خمر لم يذقها ذو هوىً / إلا وراح من الغرام معربدا
يا من على حبّيه أضحت أسرتي / مع ما أعاني في الهوى لي حسّدا
كم قد أطعت على هواك صبابتي / وعصيت فيك مغنّفا ومفنّدا
ما رحت من صدّ وتيهٍ متهماً / إلا ورحت من الصبابة منجدا
قد رشت من الخطات طرفك أسهما / وشهرت من بين الجفون مهنّدا
وهزَزتَ الدنا بالقوام لمهجتي / فتيقّنت أن قد أتيح لها الردى
كن كيف شئت فلا عدمتك مالكا / زني ولا فارقت فيك تجلّدا
ماذا أحاذرها فراقك والنوى / والسقم في جسدي وقد شمت العدى
ما زلت وعدل لي بوصلك في غد / فغدا الزمان ولم أجد فيه غدا
تروم قتلي في هواك تعمّدا / صدا ولم أنقع بوصلك من صدق
دعني أكابد فيك من برح الهوى / حرقاً شببت ضرامها فتوقّدا
إن كنت تجحدني دما أجريته / فسل الجفون فإنها لن تجحدا
لا تسكفنّ دمي بغير جنابة / وتروح من إثمي غدا متقلّدا
فمحلّتي تعلو السماك وهمتي / جازت علاء في المعالي الفرقدا
إنا بنوماء السماء سما بنا / سامي الذرى حسبا وطبنا مولدا
أيامنا مشهورة وحلومنا / وعلومنا وعطاؤنا يوم الندى
ولقد حلبت الدهر أشطرهُ وجر / ربت الأنام به ثنا وموحّدا
وبلوتهم طرا فما ظفرت يدي / بمحمّد حتى لقيت محمّدا
فإذا اظفرتَ به فحسبك سيّدا / وبمجدهِ العالي فدونك سوددا
نظرا لزمان فعاله فمقاله / هذا المدى من دونه قطع المدى
خلقت له في المكرمات خلائق / يهدي العفاة بها إلى سبل الهدى
اللّه عظّمه وشيّد مجدهُ / وبنى له بيت الفخار وشيّدا
ملك إذا آلتبت مذاهب سؤدد / كشفت العماية بالنوال وسدّدا
قد راح شمل المجد منه مجمدا / لما غدا شمل اللهى متبدّدا
يا أيها الملك الجواد ومن به / حادي الرفاق غدا الغداة مغرّدا
ما زال لي أملي اليك مناجياً / حتى أتيت نزال عن قلبي الصدا
قد طال عهدي بانتظاري منكمُ / فأعادهُ دهري لديك مجدّدا
خذها تحيّة مخلص في ودّه / صافي الضمير إذا الوداد تنكّدا
يرمي عداتكمُ بحدّي مقصل / ذرب غدا عند القال مجرّدا
وإذا نظمت قلائدي في وجهةٍ / راح الزمان لما أنظّم منشدا
أيّ طودٍ هوى من الأطواد
أيّ طودٍ هوى من الأطواد / أيّ هدي ولّى وأيّ رشاد
ارأيتم من غالهُ الخطب حتّى / رفعوه ميتا على الأعواد
يا لها نكبة بها عدم الري / ن سدادا منه وخير سداد
هكذا فيجلّ رزءُ وإلا / فالمنايا حيائل للعباد
إنما الرزء رزد من شمل الحز / ن به الخلق في جميع البلاد
فلننم مقلة الأعادي طويلا / مات مقتي الأعداء والحساد
كيف طالت يد المنية حتى / أنزلته من فوق سبع شداد
أم ترى كيف خصّه فادح الخط / ب على الخوف منه بالإلحاد
إن للدهر حادثات تولّت / بالبرايا من قبل طسم وعاد
فلو آن الدنيا تدوم لحيّ / منحت بالبقاء أشرف هاد
ومتى ترعوي الخطوب وقد صي / غت لفتّ القلوب والأكباد
أم ترى كيف يستدام بقاء / لقويّ كوّنت من الأضداد
ومن البين المحقّق أن ال / كون يوما مصيره للفساد
والفتى في وثاق أسر المنايا / ماله عن مصالها فيه فاد
أيّ آمنٍ للناس في هذه الدن / يا إذا كان خوفهم في المعاد
وبما يفرحُ اللبيب وقد ين / زل عن يروة الربى في الوهاد
يا فقيداً عمّ البرية منه / مثلما خصّ ساكني بغداد
كنت أعلا بني أبيك وكانوا / خير ذي عزّةٍ وفخر مشاد
فلقد هانت المصائب من بع / دك حتى توطّنت في الفؤاد
فلسن رحت ذاهبا فلقد أب / قيت جم الحسنى أو بيض الأيادي
خلفتك الآلاء بعدك والسؤ / دد تبقى أطول المدى في آدياد
كالغمام الركام يمضي ويبقي / مورداً صافيا على الوراد
قد أرحت الركبان من دأب السي / روصنت السيوف في الأغماد
ولقد عطلت صدور العوالي / مثلما عطّلت ظهور الجياد
يا مصابا قد ألبس الدين والأي / يام والناس منه ثوب حداد
علمت قبلك الخلائف بالرز / ء فسنوا لذاك ليس السواد
قلّ فيك البكاء حقّا وإن كا / ن كثيرا ما بغير نفاد
فلو أنّي قضيت حقّك بالدر / ع وصلت التأويب بالاساد
جاد قبر الإمام أحمد من بع / د دموع الورى غوادي العهاد
فإحسانه وبيض الأيادي / نوح حاد طورا ورنّة شاد
فعزاء ملك البرية عن خي / ر مام مضى بأفضل زاد
إن هوى نجمه فقد طلعت شم / س على الناس بالتقى والرشاد
بالإمام الطهر الزكي أبي تص / ر مولي الآراء نهج السداد
خير من ساس أنه واتقى الل / ه باصداره وبالإبراد
سار في الناس سيرة بدّلت في ال / خلق شرّ الإعدام بالإيجاد
وارث الهدي والدلالة والعص / مة عن أحمد به بعد اجتهاد
صاحب البرد والقضيب ومن ذل / لت لأحكامه تواصي العباد
ساهر في حباطة الدين حتى / لم يذق جفنه لذيذ الرقاد
مالك الأرض والذي فخر الخل / ق بآباته وبالأجداد
وبنفس حلّت من الشرف البا / ذخ عزّ أمن طارق ويلاد
هذه رتبة الخلافة والمع / روف والمكرمات والإحماد
رتبة الظاهر الإمام ومن را / ح لدين الإسلام خير عماد
طاب منه عيش البريّة حتى / كل يوم به من الأعياد
ويمن الملك المفطّم قد أو / تي إمام الهدى بلوغ المراد
هو سيف به يصول وبشر / للموالي وفتكة للأعادي
هو روح الملك الإمامي إذ بال / روح تم البقاء للأجساد
إن يعدّ وافخراً فيوماه في الأي / ام يوما جود ويوم جهاد
وحده ماله شريك له المل / ك مع الحمد دائما في ازدياد
لا عدت ملكه الفضائل إذ لي / س لها في زمانه من كساد
دعني أعلّل قلبا فيكَ معمودا
دعني أعلّل قلبا فيكَ معمودا / وأستكفّ غليلاً منك موقودا
فقد أعدت صدوداً كنت أحذره / طول اجتهادي وأخلقت المواعيدا
نقضت عهدي وما إن كنت مقترفا / ذنبا وما زال منك الغدر معهودا
نهرت ساتل دمعي بالنوى فجري / أمنت إن كنت عما رمت مردودا
لي من محاسنك اللاي ملكت بها / قلبي فنون بها أصبحت غرّيدا
هلا رددت سيوف اللحظ حين بدا / سكران لمّا اغتدى في القلب عربيدا
لو لم ترم قتلتي ما كنت ممتشقا / سيف الجفون ولا قومّت أملودا
إن انكرت قتلتي عيناك او جحدت / أدت شهادتها الخدان توريدا
فيا له من دم ما إن له قود / ما طل إلا اغتدى في الناس مجحودا
ومن عجائب حبّي أن يروح به / جفني وقلبيَ مفصوداً ومصفودا
ألقى بحبك ما لم يلق ذو كمد / يوما وأضحي على جيك تحسودا
حللت عقد اصطباري في هواك وقد / شددت بذلك فوق الخصر معقودا
أيضعف الخصر عن بند القباء وقد / غدا بأعباء قتلي اليوم مجهودا
يا من توغّل في ظلمي أما عجب / أن راح قلبي له صمّاء صيخودا
كن كيف شئت فما أبغي سواك لوم / اسمع على فرط حبّي فيك تفنيدا
أوليتك القلب فاحكم ما تشاء كما / أوليت مدحي عماد الدين داودا
الطاهر الأصل من أحيي بسودده / ميت العلى بعدما قد كان ملحودا
سنّ الندى فندى من لم يكن أبدا / يجود حتّى أعاد الجودة موجودا
من معشر عوّدوا الحسنى فناشئهم / تلقاه للمكرمات الفرّ مقصودا
قوم إذا ما أفادوا الناس جودهُم / لم يتبعد واجودهم منا وتنكيدا
أبوهم لم يزل يبري الطلى وكذا / ما زال يبني العلى مذ كان مولودا
وخير هذا الورى من كان أولّه / خير الأوائل موجودا ومفقودا
راي كمنبلج الأصباح خوّلهُ / ربّ السماوات توفيقا وتأييدا
وعزمة دونها في كل نازلةٍ / سمّ الشناخيب تميينا وتسديدا
يا ابن الألى غادوا في كل ملحمة / بيض الوجوه إذا ما حاربوا سودا
قد أضجروا الضوء والظلماء من رهجٍ / قد كسّر البيض والسمر الأماليدا
بنيتم للعلى بيتا دعائمه / فوق السماكين توطيداً وتشييدا
فأيّ مملكة كنتم بها ووهت / وأيّ بذلها ما راح معقودا
وقد رأيت فعال الأكرمين وما / رأيت مثلك لا بذلا ولا جودا
لا انفكّ رأيك من مجد يؤثّلهُ / ولا يرحت قرير العين محمودا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025