المجموع : 7
قبّل فدَيتُكَ مبسمي دَع جيدي
قبّل فدَيتُكَ مبسمي دَع جيدي / وإلى اللقاءِ صباح يوم العيد
لم لا وأهلي ويحَ أهلي وبالغوا / باللومِ والتعنيفِ والتهديدِ
لا تقتَرِب من دارِنا هم اقسموا / أن يقطعوا إن جئتَ حبلَ وريدي
يا ليتَ شعري هل أثارَ شكوكَهُم / حولي قيامي بالدجى وقعودي
وتأفّفي وتلَهّفي وتبَرّمي / بهم وهذا ديدَنُ المفؤودِ
يا للحماقةِ والرعونَةِ فرّقوا / بيني وبين الوامقِ المعمودِ
يا للتّعاسةِ من يواسيني ويسل / يني بأيّام الفراقِ السود
أكثيرةَ الشكوى حنانيكِ أهدأي / وترفّقي بالشاعر المنكودِ
الصبحُ لم يُسفِر وأهلُكِ نوّمٌ / قومي معي نحسو المدام وعودي
فترَدَّدت وتمَلمَلَت وتنهَّدَت / وبكت وطوَّقَ ساعِداها جيدي
فنظَمتُ من وحيِ الدموعِ قصيدةً / وعرائسُ الإلهامِ دمعُ الغيدِ
وسجدتُ إجلالاً وتعظيماً لها / واستعبَرَت روحي وطال سجودي
فتأوّهَت واستسلمَت واغرَورَقَت / عينايَ رغمَ تجلّدي وصمودي
قالت هلُمَّ إلى الشُوَيطيءِ قلتُ لا / فهُناكَ كل مفَنِّدٍ وحسودِ
وهنا الأمانُ وها هنا ما شئتِ من / بنتِ النخيلِ أو ابنَةِ العنقودِ
فسقَيتُها وحسَوتُها من ثغرِها / يا مَن حساها من ثغورِ الخودِ
بيضاءَ من خمرِ العراقِ تُثيرُ / روحَ العزمِ والإقدامِ بالرَعديدِ
ما أن أقولُ لها خذي معبودَتي إلا / وقالت هات يا معبودي
هاتِ اسقنيها لا تُعَكّر صفوَها / دعها بلا مزجٍ ولا تبريدِ
دعها لتَخرُجَ بي إلى دنيا المنى / من عالمِ الأطماعِ والتنكيد
واصدَع بنَشوَتِها وفَرطِ سرورِ / ها شملَ الضنى والهمّ والتسهيد
فضّيةُ أحلامُها ذهبيّةٌ / كم رفّهت عن خاطري المكدود
ولكم أثارَت غافِيَ الإحساسِ بي / وكم اعتَرَفتُ أمامها بوجودي
دعنا نفضّ معا بكارَتها على / همسِ الصبا سحراً وشدوِ العودِ
أشجاكِ منذُ هُنَيهَةٍ نوحي / وأشجاني نواحُكِ فاسمَعي تغريدي
لم لا وقد دبّ الدبيبُ وحلّقَت / روحي بأفقٍ للخيالِ بعيدِ
بأبي وأمّي من مدَدتُ لها يدي
بأبي وأمّي من مدَدتُ لها يدي / بعدَ العِشاءِ مصافحاً في الأحمدي
غيداءُ عرَّجَ بي عليها أغيدٌ / في دارها أنعِم بذاكَ الأغيدِ
لبيتُ داعيها وصافحَ قلبَها / قبلَ اللقا قلبي وقبلَ تقيّدي
ذُقتُ الهوى وكأنّني ما ذُقتُه / حتى دخَلتُ ولامست يدها يدي
ألَّفتُ بينَ جمالهِ وجمالِها / في ليلَةٍ أدمَت قلوبَ الحُسّدِ
قد كان لي رأي فلما زرتُها / أيقنت أن الحسن حسن الخرّد
أكذا الهوى ومذاقه في فجره / ما كان أحلى الحب عند المولدِ
الآن طب يا قلبُ وارقص في السما / فلقد سقتك وجنّحَتكَ وعربد
والآن يا روحي الحبيسة رفرفي / واستلهميها في السماء وأوردي
والآن يا نفس اطمئني واشهدي / أن لا حبيب سوى فتوح وأشهدي
إني أعود بحسنها وبقلبها / وبروحها من كل واشٍ مفسدِ
وألوذ من كبد الحسود بجفنها / وبقدها من شر كل مفند
شرقيةٌ تسبيك لا غربية / بجمالها الموهوب فاعشق وافتد
ملكت علي مشاعري بحديثها / وبلطفها وذكائها المتوقد
فملاحةٌ وسماحة وصراحةٌ / ورجاحةٌ بالعقل فاشكر واحمد
دنيا من الأشذاء والأضواء في / فستانها الزاهي الرقيق الأسود
أين الغزالة في الضحى من دلها / وبهائها فاخشع وكبّر واسجد
أينَ الزهور إذا الزهور تفتحت / عن لؤلؤٍ في طيبها وزمرد
أين القطا والبان إن هيَ أقبَلَت / بتمايل أو أدبرت بتأود
بمهفهف وبأتلع وبناعس / وبأشقرٍ ومقرمزٍ ومورد
أينَ الأسنّةُ والظبي من جفنِها / ذرها تصولُ على القلوبِ وتعتدي
وتثيرُ في أغوارها ميتَ الهوى / لتعيشَ في نور الإله وتهتدي
ما قيمة الأرواح إن لم ترتشف / خمر الغرام وتحترق في المعبد
فهنا السمو هنا النعيم هنا المنى / وهنا السعادة والخلود السرمدي
حسناء إن أشكو الزمان فإنه / حربٌ على الحر الأبيّ الأمجد
قد أوصد الأبواب في وجهي فكم / من مأربٍ لي لم أنله ومقصد
والنحس منذ طفولتي خدني فيا / لشقاء موتور الفؤاد المبعد
حوراء يا دنيا العرائس والرؤى / أنا في الكويت أخو الشقاء فأسعدي
اللَه في ابن الأرض يا بنت السما / قد تاه في القفر المخيف فأرشدي
قضى ربيع العمر فيه معذبا / يشكو أذى الدنيا وجور الأعبد
يستعرض الأحلام وهيَ عوابس / طوراً ويهتف بالطيوف الشرّد
وبه كبا عند السباق جواده / يا للتعاسة والعذاب المقعد
ما راع مثل الشمس تكسفُ في الضحى / والورد يسقط وهو فواحٌ ندى
فصيلهِ يا دنيا الأماني واصدعي / في قلبه شمل الشجون وبدّدي
وبحقّ مريمَ كفكفي عبراتهِ / وبحقّ عيسى علّليه وزوّدي
قالت وقد مسحت دموعي لا تنُح / ومعي اغتبق يا عندليبُ وغرّد
قد قيل لي بالأمس إنك شاعر / فاشرب على نخبي فلم أتردّد
ما كان أرخم صوتها وأرقّه / حين انتشت وشددت وقالت أنشد
فشربتُ ثانيةً وثالثةً إلى / سبعٍ فقالَت خذ وزد وبي اقتد
أنشدتُها والكأسُ في كفّي ولي / قلب يحوم على مراشفها صدي
فترنّحت طرباً وكم من كاعبٍ / طارَت بألحاني وكم من أمرد
فإذا بثالثنا يفيقُ منبّها / ومحيّياً بصبوحه صُبحَ الغد
فتَنهّدت لتنهّدي وأثار في / أعماقها ما قد أثار تنهّدي
وهناك قمنا للوداع ويا لها / من ليلة فيها صفا لي موردي
مرت مرور الريح واشوقي لها / من مسعفي إن لم تعُد من منجدي
فلِحُسنِ حظي أنني لم أنصرف / حتى ظفرت بقبلةٍ وبموعد
يا صاحبي قد كان من شاء الهوى / فإلى الكنيسة سر بنا لا المسجد
إن قيلَ جنّ فإنّ عذري واضح / أو قيل تاه ففي يديها مقودي
أو قيل ضل فلست قبل زيارتي / وتدلهي بالزاهد المتعبد
يا معشر المتعصبين رويدكم / أمن الرغام قلوبكم والجلمد
بالله هل تطوى السماء إذا هفا / وصبا لمشركة فؤاد موحد
فاليوم قادت من تحبّ لدينها / وغداً يعود بها لدين محمد
طرَقتني فجر يوم المولد
طرَقتني فجر يوم المولد / وأبوها عاكفٌ في المسجد
فالتقى الثغران رغم الحسد / وكلانا متعبُ القلب صدي
غادةٌ لم تخش إنذار أبيها / لا ولم تحفل بتهديد أخيها
حين قالت أمّها قومي أغنميها / ساعة هيا معي لا تقعدي
فارتدت ثوبَ أخيها وهو نائم / وأتت تحرسُها والجوّ غائم
بأبي هائمة زفّت لهائم / موجع القلب جريح الكبد
فشجا نفسيَ ما مرّ ببالي / حين أبكاها شحوبي وهزالي
قلتُ صونيها فإنّ الدمع غالي / أدمعاً للروح لا للجسد
ونشرنا وطوينا صفحات / وسخرنا من أراجيف الوشاة
وتصفّحنا سجل الذكريات / برهةٌ واندمل الجرح الندي
ثم قالت ورذاذ المطر / حبس الطير ولما يطر
هات بنت النخل يا ابن العسكر / لا يطاق الصحو في ذا البلد
هاتها بيضاء من خمر العراق / كم بها حلّق بالندمان ساقي
ولنعاقرها معا قبل الفراق / ثم قامت ونضَت ما ترتدي
وفضضنا ختمها والسعد باسم / وسكبناها على همس النسائم
وأدرناها وأنف الشيخ راغم / وشربناها ولم نقتصد
خمرةً تسمو بذي الخلق الكريم / بتّ منها في فراديس النعيم
قبلتي كأسي ومعبودي نديمي / ما ألذّ الخمر من تلك اليد
يد حسناءٍ تعطي الراح شاعر / ذات حسٍّ يخلبُ الألبابَ ساحر
فجبين زاهر والجفن فاتر / وفم يغري وشعر عسجدي
يا لمرآى شاعر يسقي غريره / ويناغيها بألحانٍ مثره
ولمرآى غادة نشوى صغيره / وهي تسقيه وكم قالت زد
وشفينا إذ سكرنا الغللا / وتغنّت بهوانا كيف لا
فانتشى الكون وقد أصغى إلى / صوتها العذب الحنون الغرد
واعتنقنا يا لها من لحظات / هي سر العيش بل معنى الحياة
من رآنا خالنا صرعى السبات / آه لو كان سباتا أبدي
وترشفنا حميا القبل / وتركنا النوم للغر الخلي
وتحدثنا عن المستقبل / وأزحنا الستر عن دنيا الغد
وأفقنا فإذا بالشيخ قادم / وكلانا مطمئن النفس ناعم
وافترقنا ولتقُم شتى المزاعم / فلظى مأوى الأثيم المعتدي
جاء الربيع وأنت راقد
جاء الربيع وأنت راقد / قم واشد يا ربّ القصائد
ما للبلابل حين يبتسم / الصباح وللمراقد
لك في الرياض أسرّة / لا كالأسرّة والوسائد
قم حيّه فيها وصغ / ببهائه أسنى الفرائد
غرّاء يغضي النيران / لضوئها قبل الفراقد
والدر في الأصداف قب / ل الدر في جيد الخرائد
تروي محاسنها الكواكب / للعرائس والنواهد
غرّد فكم أطربت مع / بوداً وكم جنّحت عابد
أسكر بها الوادي على / فرح الأقارب والأباعد
ودع الحداة يرقّصون بها / الدراري في الفدافد
وذر الخليج بها يعيذ / عروسه من كل حاسد
وأضف إلى الغرر الخوالد / حليةً تسبي الخوالد
من درّك الغالي وغالي / الدر يهدى للأماجد
والشاعر الحرّ الأبيّ / يصونه والسوق كاسد
والشعر ما هفت النفوس / له وبعض الشعر فاسد
والشعر ما اضطرم الشعور / به وإلّا فهو بارد
والشعر في الأشراف حيّ / خالد والمال نافد
ولآلىء الوجدان ظلم / أن تصاغ لغير ناقد
والصائغ الموهوب تلمع / في قلائده قلائد
أهلاً وسهلاً بالربيع / بمن به دنت الشوارد
ولكلّ ملتاح صفت / شتّى المناهل والموارد
أهلا بعبد اللَه / أهلا بالمفاخر والمحامد
بفتى الكويت وذخرها / وأميرها الشهم المساعد
أهلاً وسهلاً بالمنار / والمآرب والمقاصد
أهلا ويا بشرى المدارس / والمكاتب والمعاهد
بعد الشواكي والبواكبي / والسواري والقواصد
يا فرحة الشعراء في / ظلم الفوادح والشدائد
مولاي يا أمل العزيزة / وابنها الحر المجاهد
يا من برفعة قدره / بعد السها باهت عطارد
ولحبّه بقلوبنا / ونفوسنا أبقى المعابد
وبمدحه هتف الزمان / وكم أصاخ وخرّ ساجد
يا كوثراً يشفي ولا / يلتاح بعد الورد وارد
يا نعمة للَه لم / تجحد وما في الشعب جاحد
بالأمس شيّعنا الفقيد / بدمعنا وبما نكابد
واليوم بين يديك تلقي / بالأعنّة والمقاود
فخذ الزمام وسر بنا / فالسعد بسام وصاعد
سر أيّها الفذّ الهمام / فأنت فينا اليوم واحد
ولديك عزم بالمصاعب / يستخفّ وبالمكايد
ولأنت أدرى بالطريق / وبالحواجز والمصايد
ولأنت أعرف يا ابن / سالم بالسياسة والأساود
ولأنت أعلم بالحقول / وما تدرّ وبالحواصد
ولأنت أخبر من سواك / بمن علا بعض المقاعد
ما كان أغنى المقلة الكح / لاء عن تلك المراود
يا ربّ ريح طوّحت / بسفينة والبحر راكد
وحمامة للسّلم قصّ / جناحها طمع المحايد
وصريع كأس في السرير / وكلبه ريّان راقد
فإذا أفاق حسا الصبوح / وألف طرف منه ساهد
ولربّ عقد طارف / لا تشتريه بسلك تالد
والنار في المصباح غير / النار في جوف المواقد
وهوى الدراهم إن تأصّ / ل علّة كهوى الموائد
والزهد يوجد في السماء / وقد يكون الذئب زاهد
هذا وبسام اللَه كم / أحبولة نصبت لصائد
والدين من نعم السماء / وباسمه الصياد راغد
وأبو التعصب والعقوق / الجهل وهو أبو المفاسد
والعلم نبراس على / أضوائه تجنى الفوائد
فإلى الأمام إلى الأمام / بنا ولا عذر لقاعد
وإلى الصراط المستقيم / ولن ترى في القوم حائد
والنار مثوى من يحيد / ومن يشذّ عن القواعد
واللَه بالمرصاد يخزي / كل شيطان ومارد
وعلى التكاتف والتفاني / كلّنا جند يعاهد
ولك التهاني من صميم / قلوبنا يا خير قائد
ولذخرنا آل الصباح / وإنّهم نعم السواعد
ولنا بعيد جلوسك / الميمون أعياد عوائد
يا ابن الأباة وللمجال فحو / له ولك الشواهد
كلّ يطير وللبزاة / سماؤها وكذا الهداهد
مولاي لا أشكو الزمان / وكان قبل اليوم حاقد
كلا ولا أخشى المباضع / وهي تدمي والمبارد
لي فيكم عين بها / بكم ألوذُ من الحواسد
يا ابن الصباح وما ابنه / إلّا الضياء لكلّ قاصد
دم للكويت ابنها لها / برّاً وعش للشّعب والد
للشيب منّا والشباب فكلّنا / سعد وخالد
هاك اليمين على المحبّة / والولا واللَه شاهد
سباك الجيد والقدّ
سباك الجيد والقدّ / وتلك العين والخدّ
وذاك الخصر والردف / وذاك الصدر والنهد
وهاتيك الحواجب والجبي / ن وشعرها الجعد
ومبسمها بما فيه / فأين الخمر والورد
وأين الفيد من لي / لاك والآرام والمرد
وأين الشمس والبدر / وأين الطير والرند
سبتك وكم وكم من / شاعر أودى به الوجد
سبتك وأسرفت بدلالها / والأهل كم ودوا
سبتك بحسنها والحب / قتال ولا حدّ
سبتك بحسنها لتروح / مجذوبا ولا تغدو
سبتك بحسنها والحب / فيه الصاب والشهد
فجد قبله مزح / ومزح بعده الجدّ
وبعد قبله قرب / وقرب بعده البعد
فأصبحت بها كلفاً / قليل الصبر يا فهد
وأضناك الشجى المرّ / بتهيامك والصدّ
وأرمض روحك الشوق / وليس من النوى بدّ
فلم تشغلك خولة لا / ولا هند ولا دعد
وحظّك من هواها الغمّ / والتبريح والسهد
فلا رفق ولا عطف / ولا عهد ولا وعد
ألم يأن لها أن / ترحم المجنون أم بعد
لك اللَه إذا سرت الصبا / أو لعلع الرعد
وناديت بروحي أنت / يا ليلى ويا نجد
وأبكيت ابنة الدوح / بشكواك وما يبدو
وأقعدك اضطربا / النفس في الظلماء والجهد
كأنّك قلب هاتيك القط / اة وقد نأى الورد
فهل لامك في حبّك / إلّا ذلك الوغد
فدع عنك القنوط فك / ل جزر بعده مدّ
أخي حسن لي العذر / إذا ما قصّر الردّ
فقد كفّنت قيثاري / وكأسي مذ كبا الجدّ
فلا الصهباء صهباء / ولا الأوتار إذ تشدو
فأفق النفس مربد / ووجه العيش مسود
أيشقى الليث والهفى / عليه ويسعد القرد
ولا أطوي الدياجي / صارخا إنّي إذن عبد
فلا المدفع بالمجدي / إذا لم يصدق الجند
ولا الجيش بزحّاف / إذا ما اطرق البند
ولا بالبيض والعسل المصف / ى يدرك المجد
فيا أرض خذيني واب / لع العسكر يا لحد
أخي حسن لي العذر / إذا ما اضطرب الردّ
فقد أهديتني عقدا / نفيسا دونه العقد
فشكراً والسلام عليكَ / واشدُ فخدنك السعدُ
يا عيد عدت فأين الروض والعود
يا عيد عدت فأين الروض والعود / والهف نفسي وأين الراح والغيد
بل أين أحباب قلبي والمواعيد / عيد بأيّة حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد /
قلبي أسيرٌ وربّ البيت عندهم / قد حيل واحسرتا بيني وبينهم
أين المؤاسون فاض الكاس أين هم / أمّا الأحبّة فالبيداء دونهُم
فليت دونك بيداً دونها بيد /
أوّاه ضاعف أحزاني شرابكما / شتّان شتّان ما بيني وبينكما
فخبّراني بحقّ اللَه ربّكما / يا ساقييّ أخمرٌ في كؤؤسكما
أم في كؤوسكما همّ وتسهيد /
يا للتّعاسة لا الأوتار تطربني / بشدوها لا ولا الأنغام تؤنسني
فيا ندامى أمنكم من يخبّرني / أخصرةٌ أنا مالي لا تحرّكني
هذي المدام ولا تلك الأغاريد /
بالأمس كانت قطوف الوصل دانيةً / واليوم أضحت لتعس الحظّ قاصية
وضاع عمري وما حقّقت أمنيةً / إذا أردت كميت الخمر صافية
وجدتها وحبيب النفس مفقود /
يومي كأمسي وأمسي أوسد وغدي / يا دهر خفّف كفى ما ذقت لا تزد
ويا رفاقي اعذروني إن نفضت يدي / لم يترك الدهر من قلبي ومن كبدي
شيئا تتيّمه عين ولا جيد /
فكم شكوت ولكن لم أجد أحدا / يصغي فأبكي وهل تروي الدموع صدى
وعشت لا أرتجي مالاً ولا ولدا / وكنت أروح مثر خازنا ويدا
أنا الغنيّ وأموالي المواعيد /
وعشت بين أناس لا وعودهم / تشفي غليلا ولا تغني عهودهم
عميٌ وأطماعهم أمسَت تقودهم / جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود /
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري / كهدير الأمواج من بعد هجري
فألق مرساك وانتشلني بأجري / يا شراعاً وراء دجلةَ يجري
في دموعي تجنّبتك العوادي /
صدت قلبي ريم الفراتين صيدا / كدت بي بعد صيد قلبي كيدا
فهواهُنّ آهلٌ في السوَيدا / سر على الماء كالمسيح رُوَيدا
واجر في اليمّ كالشعاع الهادي /
هنّ عذّبن مهجتي تعذيبا / فحمامي أراه منّي قريبا
سر بيُمن وقيت يوما عصيبا / وأْتِ قاعاً كرفرف الخلد طيبا
أو كفردوسه بشاشة وادي /
فإذا لاح اخضرا مستطيلا / زاهراً والطيور تعلو النخيلا
بمروج تزهو تربّت قليلا / وانظر الشطّ بالملاهي أصيلا
هل من الغيد رائح أو غادي /
وإذا ما أتيت منه بقرب / لأراهنّ قبل أقضيَ نحبي
ورأيت الملاح في شكل سرب / قف تمهّل وخذ أماناً لقلبي
من عيون المها وراء السواد /
عاريات يسبحن وسط الغدير / خارجات منه لقطف الزهور
راكضات معا وراء الطيور / لابساتٌ جلابيا من حرير
بهواهنّ قد فقدت رشادي /
هنّ ذكّرتني مواقف تشفي / يوم منا الثغور تلهو برشف
نقتل الوقت بين لهو وقصف / وقيانٍ على نشيد وعزف
وشراب على طعام وزاد /
نشرب الخمر سائغا سلسبيلا / ثمّ نتلو سفر الهوى ترتيلا
إتّخذنا الخبار دوحا ظليلا / عن وشاة لقد أضلّوا السبيلا
ذاك سؤلي بل ذاك كلّ مرادي /
مع أناس ترجو العروبة منهم / عزّها والأسود تفرق إن هم
ذكروا تأخذ المسرّة عنهم / والنواسيّ والندامى أمنهم
سامرٌ يملأ الدجى أو ناد /
شعب ملك العروبة الفذّ أعني / بطل الرافدين نجل الحسين
فيصل من أقام في عشر قرن / أمّة تنشيء الحياة وتبني
كبناء الأبوّة الأمجاد /
ذاك سفر التاريخ تلقاه يشدو / بمساع حميدة لا تعدّ
قد بنى صرح سؤدد لا يهدّ / خطرت فوقه المهابة تعدو
في غبار الآباء والأجداد /
أمّة أدركت مناها بملك / وتبارت والشهب تزهو بفلك
ضحكت بعدما غدت قبل تبكي / تحت تاج من القرابة والملك
على فرق أريحي جواد /
من علا عرشه على الجوزاء / ورقى جدّه لسبع سماء
وزكا أصله من الشرفاء / ملك الشطّ والفراتين والبطحاء
أعظم بفيصل والبلاد /