المجموع : 14
أرى الكونَ أضحى نورُه يتوقَّدُ
أرى الكونَ أضحى نورُه يتوقَّدُ / لأمر به نيرانُ فارِسَ تخمُدُ
وإيوان كسرى انشقَّ أعلاه مؤذناً / بأن بناءَ الدين عادَ يُشَيَّدُ
أرى أنَّ أمَّ الشِّرك أَضحت عقيمةً / فهل حان من خير النبيين مولدُ
نعم كاد يستولي الضلالُ على الورى / فأقبل يهدي العالمينَ محمدُ
نبيٌّ براهُ الله نوراً بعرشه / وما كان شيءٌ في الخليقة يوجدُ
وأودعه من بعدُ في صُلب آدمٍ / ليسترشد الضُّلاَّلُ فيه ويهتدوا
ولو لم يكن في صُلب آدمَ مُودَعاً / لما قال قِدماً للملائكة اسجدوا
له الصدر بين الأنبياء وقبلهم / على رأسه تاج النبوة يعقد
لئن سبقوه بالمجيء فإنَّما / أتوا ليبثُّوا أمره ويمهدوا
رسولٌ له قد سخَّر الكونَ ربُّه / وأيَّدَهُ فهو الرسول المؤيّد
ووحَّدَهُ بالعزِّ بين عباده / ليجروا على منهاجه ويُوَحِّدوا
وقارن ما بين اسمه واسم أحمد / فجاحده لا شكَّ لله يجحد
ومن كان بالتوحيد لله شاهداً / فذاك لِطه بالرسالة يشهد
ولولاه ما قلنا ولا قال قائل / لمالك يوم الدين إيّاك نعبدُ
ولا أصبحت أوثانهم وهِيَ التي / لها سجدوا تهوي خشوعاً وتسجد
لآمنة البشرى مدى الدهر إذ غَدت / وفي حجرها خير النبيين يولد
به بشَّرَ الإِنجيل والصُّحفُ قبلَهُ / وإن حاول الإخفاء للحقّ ملحد
بسينا دعا موسى و ساعير مبعث / لعيسى ومن فاران جاء محمد
فسل سفر شعيا ما هتافهم الذي / به أُمروا أن يهتفوا ويمجدوا
ومن وَعَدَ الرحمن موسى ببعثه / وهيهات للرحمن يُخلَفُ موعد
وسل من عنى عيسى المسيح بقوله / سأُنزله نحو الورى حين اصعد
لعمرك إن الحق أبيضُ ناصعٌ / ولكنما حظُّ المعاند أسود
أيخلدُ نحو الأرض متّبع الهوى / وعمَّا قليل في جهنّم يخلد
ولولا الهوى المُغْوي لما مال عاقل / عن الحقّ يوماً كيف والعقل مرشد
ولا كان أصناف النصارى تنصّروا / حديثاً ولا كان اليهود تهوّدوا
أبا القاسم اصدع بالرسالة منذراً / فسيفك عن هام العِدى ليس يغمدُ
ولا تخش من كيد الأعادي وبأسهم / فإن عليّاً بالحسام مُقلَّد
وهل يختشي كيدَ المضلّين من له / أبو طالب حام وحيدر مسعدُ
عليٌّ يدُ الهادي يصول بها وكم / لوالده الزاكي على أحمد يدُ
وهاجر أبا الزهراء عن أرض مكّة / وخلِّ عليّاً في فراشك يرقدُ
عليك سلام الله يا خير مرسل / إليه حديث العزّ والمجد يسندُ
حباك إله العرش منه بمعجز / تبيد الليالي وهو باقٍ مؤبّد
دعوتَ قريشاً أن يجيئوا بمثله / فما نطقوا والصمت بالعيِّ يشهدُ
وكم قد وعاه منهمُ ذو بلاغة / فأصبح مبهوتاً يقوم ويقعدُ
وجئت إلى أهل الحجى بشريعة / صفا لهمُ من مائها العذب موردُ
شريعة حق إن تقادم عهدها / فما زال فينا حُسنُها يتجدّد
عليك سلام الله ما قام عابد / بجنح الدّجى يدعو وما دام معبد
أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ
أيان تنجز لي يا دهر ما تعدُ / قد عشَّرت فيك آمالي ولا تلدُ
طال الزمان وعندي بعدُ أمنيةٌ / يأتي عليها ولا يأتي بها الأمد
تمضي الليالي ولا أقضي المرام فهب / أنّي ابن عاد فكم يبقى له لبد
علام أحبس عن غاياتها هممي / ولي هموم تفانى دونها العدد
ولا أداوي بإتلاف العدى سقمي / وكم يقيم على أسقامه الجسد
والدهر يبطش بي جهلاً فتحسبني / يغضُّ عيني عنه العجز لا الجلد
وما درى بل درى لكن تجاهل بي / إنّي مخيف الردى والضيغم الأسد
لو كان يجهل فتكي في الحروب لما / ظلت فرائصه إن صلتُ ترتعد
فيا مغذّاً علىوجناء مرتفعها / قطع الفجاج ولمع الآل ما ترد
تطوى القفار به حرفٌ عملَّسةٌ / شملالة حرة مرقالة أجد
كأنها عرش بلقيسٍ وقد علقت / بها أماني سليمان إذا أجد
جُب بالمسير هداك الله كل فلاً / عن الهدى فيه حتى للقطا رصد
جُب يبوِّئك الترحال ناحيةً / تحل من كرب اللاجي بها العقد
وبقعة ترهب الأيام سطوتها / وليس تهرب من ذؤبانها النقد
وروضة أنجم الزهراء قد حسدت / حصباءها وعليها يحمد الحسد
وأرض قدس من الأفلاك طاف بها / طوائف كلما مرُّوا بها سجدوا
فأرخص الدمع من عينين قد غلتا / على لهيب جوى في القلب يتَّقدُ
وقل ولم تدع الأشجان منك سوى / قلب الفريسة إذ ينتاشها الأسد
يا صاحب العصر أدركنا فليس لنا / وِردٌ هنيٌّ ولا عيش لنا رغد
طالت علينا ليالي الانتظار فهل / يا ابن الزكيِّ لليل الانتظارِ غد
فاكحل بطلعتك الغرَّا لنا مُقَلاً / يكاد يأتي على إنسانها الرمد
ها نحن مرمى لنَبل النائبات وهل / يغني اصطبار وهي من درعه الجَلَدُ
كم ذا يؤلفُ شمل الظالمين لكم / وشملكم بيدي أعدائكم بدد
فانهض فدتك بقايا أنفس ظفرت / بها النوائب لما خانها الجلد
هب أن جتدك معدود فجدك قد / لاقى بسبعين جيشاً ما له عدد
غداة جاهد من أعدائه نفراً / جدُّوا بإطفاء نور الله واجتهدوا
وعصبة جحدوا حقّ الحسين كما / من قبل حق أبيه المرتضى جحدوا
وعاهدوه وخانوا عهده وعلى / غير الخيانة للميثاق ما عهدوا
سمَّوا نفوسهم بالمسلمين وهم / لم يعبدوا الله بل أهواءهم عبدوا
تجمَّعت عدة منهم يضيق بها / صدر الفضا ولها أمثالها مدد
فشدَّ فيهم بأبطال إذا برقت / سيوفهم مطروا حتفاً وما رعدوا
صالوا وجالوا وأدَّوا حق سيدهم / في موقف فيه عَقَّ الوالدَ الولدُ
وشاقهم ثمر العقبى فأصبح في / صدورهم شجر الخطيِّ يختضد
وعاد ريحانة المختار منفرداً / بين العدا ما له حام ولا عضد
وِترٌ به أدركت أوتار ما فعلت / بدرٌ ولم تكفهم ثأراً لها أُحُدٌ
يكرُّ فيهم بماضيه فيهزمهم / وهم ثلاثون ألفاً وهو منفرد
لو شئت يا علة التكوين محوهمُ / ما كان يثبت منهم في الوغى أَحَدُ
لكن صبرت لأمر الله محتسباً / إياه والعيش ما بين العدا نكد
فكنت في موقف منهم بحيث على / رحيب صدرك وفَّاد القنا تفد
حتى مضيت شهيدا بينهم عميت / عيونهم شهدوا منك الذي شهدوا
يا ثاوياً في هجير الصيف كَفَّنَهُ / سافي الرياح ووارته القنا القصد
لاَ بَلَّ ذا غلة نهر قُتِلتَ به / موري الفؤاد أواماً وهو مطرد
على النبي عزيزٌ لو يراك وقد / شفى بمصرعك الأعداء بما حقدوا
وأصدروك لهيف القلب لا صدروا / وحلأّوك عن المورود لا وردوا
ولو ترى أعين الزهراء بقرتها / والنبل من فوقه كالهدب ينعقد
له على السمر راس تستضيء به / سمر القنا وعلى وجه الثرى جسد
إذاً لحنَّت وأنَّت وانهمت مقلٌ / منها وحرت بنيران الأسى كبد
عجبت للأرض ما ساخت جوانبها / وقد تضعضع منها الطود والوتد
وللسماوات لِم لا زلزلت وعلى / مَن بعد سبط رسول الله تعتمد
الله أكبر مات الدين وانطمست / أعلامه وعفى الإِيمان والرَّشَدُ
وقَوِّضَت خيم الأطهار من حرم ال / مختار لما هوى من بينها العمد
وربَّ بارزة من خدرها ولها / قلب تقاسمه الأشجان والكمد
تقول يا إخوتي لا تبعدوا أبداً / عن حيِّكم وبلى والله قد بعدوا
لم يبق لي إذ نأيتم لا فقدتكم / حامٍ فيرعى ولا راع فيفتقد
إلا فتًى صدَّه عن رعي أسرته / أسارةً ونحول الجسم والصفد
وكيف يملك دفعاً وهو مرتهنٌ / بالسير ممتهن بالأسر مضطهد
ونحن فوق النياق المصعبات بنا / يجاب حَزنُ الربى والغور والسند
في كل يوم بنا للسير مجهلة / تطوى ويبرزنا بين الورى بلد
يا آل أحمد جودوا بالشفاعة لي / في يوم لا والد يغني ولا ولدُ
لكم بقلبي حزن لا يغيره / مَرُّ الزمان ويفنى قبله الأبد
ثوب الجديدين يبلى من تقادمه / وخطبكم أبداً أثوابه جدد
بدر المسرات قد تجلَّى
بدر المسرات قد تجلَّى / فطالعي في لقاه أسعد
وفي موعدي فوافى / وحيَّى فعدت حيَّا
وبدر الملاح طافا / بشمس من الحميَّا
إذا قابل السلافا / بوجه له محيَّا
من نشوة الراح ماس دلاَّ / وبالحيا خدُّه تورَّد
بديع له معاني / بها حارت العقول
إذا لاح للعيان / ومالت به الشمول
تلجلجت في بياني / فلم أدر ما أقول
إن قلت كالبدر قال كلا / أين له شعري المجعَّد
تعدَّيت لا تقسني / إذا ما بدا جمالي
بظبيٍ ولا بغصنٍ / وبدر ولا هلال
فما للظباء حسني / وما الغصن في اعتدالي
والظبى يقلى إذا تحلَّى / والغصن يجفا إذا تجرَّد
فتفاح ورد خدي / من الخال فيه عنبر
وثغري كنظم عقدي / وريقي كطعم سُكَّر
وإن تلتفت لجعدي / تجد منه حين يُنشَر
عنقود كرم وقد تدلَّى / من وجنتي فوق وردتي خد
تطيَّب بآس شعري / وفي ظله تَقَيَّل
وإن ترم رشف ثغري / ففي وجنتي تنقل
ومنها ففز لعمري / بتفاحة تُقَبَّل
إذا سقاها الحياء طلاَّ / من مائه جنرها توقَّد
فبتنا وللأغاني / صدى بالقلوب عابث
برجع من المثاني / ونغم من المثالث
فلم ندع للهموم شملا / إلا وباللهو قد تبدَّد
بليلٍ به المجره / جرى نهرها المسلسل
ولي بالوصال نظرة / شفت قلبي المبلبل
فتمت به المسرة / ونلنا الذي يؤمل
لم يحكمه في السرور إلا / عرس عليِّ الذرى محمد
فتى قد حوى خصالاً / بها أمتاز في الأنام
روى المجد والكمالا / عن آبائه الكرام
أجل حسبه جلالا / بأن كان من إمام
فاق جميع الأنام فضلاً / فهو بكل الصفات مفرد
إمام له الزعامة / على حاضر وباد
له منصب الإمامة / له الأمر في البلاد
به تمت الكرامة / من الله للعباد
إن كان ركن الهدى ليبلى / لو لم يكن فيه قد تجدّد
له الحكم والسياسة / له الفضل والعلاء
له الحزم والفراسة / له العزّ والإِباء
له الأمر والرياسة / له المجد والبهاء
فكلما في النديِّ حلاَّ / عليه تاج البهاء يعقد
إذا ما أجلت فكرا / بما فيه من معان
يقول اللسان عذرا / فقد حرت في البيان
فكم في الطروس أجرى / منايا وكم أماني
في قلم إن جرى وصلَّى / خَرَّت جميع الملوك سُجَّد
وما يبلغُ الثناءُ / بمن أنجب التقيَّا
كريماً له سخاءُ / طوى الأكرمين طيا
فلا تبلغ السماء / مقاماً له عليّاً
بدر هدى قد سما محلاَّ / له نجوم السماء حُسَّد
فيا سعد قم وأنشد / قصيد الهنا لديه
ورجِّع بها وغرّد / واهدِ الثنا إليه
أعد لفظها وردّد / وكن ناشراً عليه
صحف مديح عليه تتلى / وزد وبارك على محمد
أخيه الفتى المهذب / أبي القاسم النبيل
هو الموئل المجرب / من الحادث الجليا
وكم للرشاد كوكبٍ / بدا من بني الخليل
داموا لأهل الزمان ظلاَّ / ما الركب غنى بهم وغرَّد
إلى ربعهم زففتُ / من الفكر أيَّ بكر
ولولاهم وقفت / ولم أهد بنت فكري
وما غيرهم عرفت / بنظمي ولا بنثري
ولم أزل منذ كنت طفلاً / ناصرهم باللسان واليد
وكنّا إن أردنا منك وصلاً
وكنّا إن أردنا منك وصلاً / أصبناه وإن نمشي رويدا
فصرنا نستعين على التلاقي / بأشراك الكرى لنصيد صيدا
كيف يطيب العيش أو ينفى الكمد
كيف يطيب العيش أو ينفى الكمد / ولاعج الأشواق في القلب اتقد
وها أنا أيدي الفراق أودعت / في بلد جسمي وقلبي في بلد
نهضت لحفظ الدين فاعتاقك الردى
نهضت لحفظ الدين فاعتاقك الردى / أحين ترجيناك تستأصل العدى
فديت نفوس المسلمين بمهجة / نفوس جميع المسلمين لها الفدا
وقمت بأمر الله لا متهيباً / من الحرب عقباها ولا مترددا
فلو أن ماء البحر سال كتائباً / أو انهار رمل الأرض جنداً مجنّدا
وأفردك الجمع الذي كان حاشداً / عليك للاقيت الكتائب مفردا
ولم أنس إذ تستنفر الناس للوغى / وتؤذن أن النفر موعده غدا
فقلت متى يطوي الظلام وينجلي / فتنجز للدين الحنيفي موعدا
ولو كنت أدري ما أرى في صباحه / تمنيت أن الليل أطبق سرمدا
فيا حافظاً دين النبي محمد / فقدنا بمثواك النبي محمدا
مضيت حثيث السير لم تشك علَّة / ولا بتَّ في فرش السقام مسهدا
ولا احتجت في وصف الدواء ممرضاً / ولا اختلف الأحباب نحوك عوَّدا
لأنك لا تنفك تطلب راحة ال / برايا ولم تبرح لنفسك مجهدا
خلائق قد عوِّدتهنَّ وإنما / لكل امرىءٍ من دهره ما تعوّدا
فهدَّ من الإسلام حصناً ممنعاً / وهدَّم للإِيمان قصراً مشيَّدا
وقمت ثقيل الخطو حتى كأنني / أجَرُّ بأغلال القيود مصفَّدا
إذا انطلقت رجلي كبوت لوجهتي / لأنّي في نعماك أمس مقيدا
ولم يدمِ قلبي يوم فقدك إنّنا / فقدنا أعزَّ الناس مجداً وسؤددا
وأحسن أهل الأرض خلقاً ومنطقاً / وأصدق من فيها وعيداً وموعدا
وأعلاهمُ كعباً وأدناهمُ ندىً / وأقربهم خطواَ وأبعدهم مدى
وأثبتهم رجلاً إذا وقفوا على / مزلٍّ وأقواهم إذا بسطوا يدا
وشخصاً بأبراد الفضائل كاسياً / إليها ملوك الأرض تدخل سُجَّدا
ولكن شجاني أن شملاً جمعته / مَعاذاَ له قد كاد أن يتبدّدا
وأن عيون الشرك قرَّت بفادح / به ناظر التوحيد أمسى مسهّدا
أحين نضاك الدين سيفاً مجرداً / تعود باطباق الصفايح مغمدا
وفي حين أعلام الضلال خوافق / تنكسك الأقدار يا علم الهدى
مضيت فكم أبكيت للعلم منبراً / وأوحشت من فقدِ العبادة مسجدا
وكم صارخ لم يلف بعدك مصرخاً / ومستنجد لم يلف بعدك منجدا
وكم حازم يبكي الفضائل والنهى / وذي عيلة يبكي السماحة والندى
أقام عليك المسلمون مآتماً / بيوم أقام المسلمين وأقعدا
ولم يندب الإسلام إلا لأنه / يخاف بأن تمسي فقيداً فيُفقدا
فيا علماء الدين هبوا لنصره / فإن قناهُ كاد أن يتقصدا
ألا نهضة ملِّيةٌ تنسف الربى / وتقذف موج البحر بالدم مزبدا
تحيل صباح الكفر بالنقع قاتماً / وتلبسه قطعاً من الليل أسودا
وتغشى الصليبيين فيها كتائب / ينادون في نقع العجاج محمد
إذا أبرقت أسيافهم سالت الدما / ولم يرهبوا صوت المدافع مرعدا
متى تتغنَّ البندقيات يسرعوا / لشرب كؤوس الحنف مثنى وموحدا
إن تُمس في ظُلَمِ اللحود موسَّدا
إن تُمس في ظُلَمِ اللحود موسَّدا / فلقد أضات بهنَّ أنوار الهدى
ولئن يفاجئك الردى فلطالما / حاولت إنقاذ العداة من الردى
هذا مدى تجري إليه فسابقٌ / في يومه أو لاحق يمضي غدا
قد كنت أهوى أنّني لك سابق / هيهات قد سبق الجواد الى المدى
فليندب التوحيد يوم مماته / سيفاً على التثليث كان مجردا
وليبك دين محمد لمجاهدٍ / أشجت رزيته النبي محمدا
وليجر أدمعه اليراع لكاتب / أجراه في جفن الهداية مرودا
وجد الهدى أرِقاً فأسهر جفنه / حرصاً على جفن الهدى أن يرقدا
أأخيَّ كم نثرت يداك من الهدى / بذراً فطب نفساً فزرعك أحصدا
إن كنت لم تعقب بنين فكل من / يهديه رشدك فهو منك تولدا
اأخيَّ إن العيش أكدر موردٍ / قل لي فهل تحلو المنية موردا
صفها فإنّي بابتهاجك واثق / لكن على نفسي أخاف من الردى
هل خولوك من الشفاعة ما به / أحظى وأحيا في الجنان مخلدا
أأخيَّ إن الموت فرَّق بيننا / أتراك تجعل للتلاقي موعدا
حال الحمام فلا تلبي داعياً / يأتي فناك ولا تحيي الوُفَّدا
واعتدت أن تجفو محباً لم يكن / أبد الزمان على جفاك معودا
إنّي لأطمع في المنام بزورة / لو لم يكن جفني عليك مسهدا
يا من هدى المسترشدين بنوره / نم هادئاً فعليك قلبي ما هدا
لا تحذر السفر البعيد فلم تزل / بالباقيات الصالحات مزودا
ذهب الزمان بساعدي ومساعدي
ذهب الزمان بساعدي ومساعدي / وبكت لما ألقاه عين الحاسد
ولربَّ قائلة تصبَّر فالبكا / والحزن لا يشفي غليل الواجد
هَب أنّه عظم الفقيد فهل ترى / يسترجع المفقودَ دمعُ الفاقد
فأجبتها والدمع يسبق منطقي / فينوب عني في بيان مقاصدي
قد كنت أصبر في النوائب كلها / لو أن عندي قلب عبد الواحد
يقولون صبراً فالنوائب لم تزل
يقولون صبراً فالنوائب لم تزل / تنوب وإن الصبر ما زال محمودا
بل هو محمود لدى الناس كلهم / ولكنه بالرغم أصبح مفقودا
زار من بعد جفوة وصدود
زار من بعد جفوة وصدود / ووفى بعد مطله بالوعود
كان عهدي بمثله يمطل العه / دَ فقد أنجز الغداة عهودي
ظبي إنسٍ يسبي الظباء بطرفٍ / ذي فتور منه ولفتة جيد
يرتعي في حشاي لا شيح نجد / وبقلبي مأواه لا بزرود
كم عميد يوم الوعى راح لما / شام خديه أيّ صبٍّ عميد
عاد منا يريق أيَّ دماءٍ / بلحاظ أمضى من البيض سودِ
كلما سلَّ لحظه رحت أدعو / كم قتيل كما قتلت شهيد
وهضيم الكشحين ما قام إلا / جذبته أردافه للقعود
شاب راسي من الصبابة مذ / شبَّ بقلبي خداه ذات الوقود
زارني في الدجى كبدر تمام / ساتراً وجهه بليل الجعود
رام أن يكتم الزيارة لكن / نمَّ منه عليه نشر البرود
طاف يسعى على الندامى بكأس / فيه طعم اللمى ولون الخدود
في رياض تغرد الورق فيها / فتزيل الهموم بالتغريد
وتجس الأغصان حين تغني / كمغنٍ يجس نبض العود
يا مرقد الطوسيِّ فيك قد انطوى
يا مرقد الطوسيِّ فيك قد انطوى / محيي العلوم فعدت أطيب مرقد
بك شيخ طائفة الدعاة الى الهدى / ومُجَمِّعُ الأحكام بعد تبدد
أودى بشهر محرم فأضافه / حزناً لفاجع رزئه المتجدد
وبكى له الشرع الشريف مؤرخاً / أبكى الهدى والدين فقد محمد
لبني الزهراء ربع مربع
لبني الزهراء ربع مربع / أبداً زوارهم تأتيه وفدا
يا بني الزهراء أرخ ربعكم / نور بانيه به الزوار تهدى
بنفسي إمام حلَّ في خير مشهد
بنفسي إمام حلَّ في خير مشهد / بقبته زهر الكواكب تهتدي
وقدست أرضاً قلت فيها مؤرخاً / يغيب بها مهدي آل محمد
حييت وأنت في الدنيا سعيد
حييت وأنت في الدنيا سعيد / ومتَّ وأنت مظلوم شهيد
وماذا ضرَّ من في الله يفنى / ويبقى بعده الذكر الحميدُ
قضيت العمر في عمل وعلمٍ / ولم تبرح تفيد وتستفيد
وفي سنِّ الصبا لازمت هدياً / شيوخ الفضل عنه لا تزيد
فلو عاش الندى لبكاك حزناً / ولكني أراه هو الفقيد
ولو مَثُلَ الهدى لغدا يحلَّي / ثراك لدمعه عقد فريد
أعيذ لجين جسمك أن أراه / نضاراً حين يقطعه الحديد
أعيذ جمال وجهك وهو بدر / منير أن يغيبه الصعي
أعيذ بني نزار وهم ملوك ال / برايا ان تحيط بها العبيد
أهوِّن نكبتي أن ليس بيني / وبين منيتي أمد بعيد
وأنك طبت في الفردوس عيشاً / وحاق بخصمك الخزي الشديد
بكى عام الفراق القلب شجواً / وأرخه مضى الحسن الشهيد