المجموع : 4
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا
أَعادَ رزءَ المُرتَضى وَجدَّدا / رزؤفتىً أَحيى الدُجى تَهجّدا
المُرتَضى عَلامَة الدَهر الَّذي / من مَصدَر العِلم تَلقى المَدَدا
وَاللَهُ جَلَّ شَأنَهُ بِرشدِه / أَيده بِروحِهِ وَسَدَّدا
فَكَم لَهُ دَقائِقٌ جِهاتها / أَبَت وَيَأبى اللَهُ أَن تَحددوا
لَم يَرو إِلّا آيَةً مُحكَمَةً / مِن الكِتابِ أَو حَديثاً مسنَدا
بالِغ في تَبليغِها وَنَفسه / أَتعَبَها في حِفظِها وَأَجهَدا
سَل اللَيالي مَن طَوى أَسحارَها / تَهجداً لِرَبِّهِ مُمَجَّدا
وَسَل أُصول الدينِ أَو فُروعِها / مَن ذا الَّذي أَحكَمَها وَشَيَّدا
فَضائِل تَعقبها مَناقِبٌ / أَعدادها لا تَتَناهى عَدَدا
كانَ بِه شَمل الهُدى مُجتَمِعاً / ثُمَّ غَدا مِن بَعدِهِ مُبَدَّدا
من لِليَتامى وَالمَساكينِ وَأَبنا / ءِ السَبيلِ بَعدَه يولي النَدى
ومن لأبناء العلوم بعده / يكون قيَّما عليهم مرشدا
ضاع الهدى من بعد فقد وجهه / من بعد فقد وجهه ضاع الهدى
قد راح ينحو مقعد الصدق الذي / أعده الله له ومهدا
وما ظننت قبل حمل نعشه / أن يحمل العود الهدى والرشدا
لو لم يكن سلمان خيرَ زاهدٍ / لقلت سلمان بزهده افتدى
من الصلاح وجهه كأنه / وجه الصباح بهجة إذا بدا
وكوكب الإيمان من غرته / كان على الكفر شهاباً رصدا
تقلبت في الساجدين نفسه / في حضرة القدس فزان المسجدا
من المعزى أحمداً بالمرتضى / بالمرتضى من المعزي أحمدا
ومن يعزي المرتضى بخير من / بعد بنيه وذويه فقدا
مضى حميداً وتعالى ربّنا / من بعده أن يترك الناس سدى
في العلماء الراشدين بعده / كفايةٌ لمن تحرَّى رشدا
وحجة الإسلام ذاك حجةٌ / بالغةٌ لمن أناب واهتدى
قد ورث العلوم من أجداده / الغرّ الميامين وحاز الرشدا
قد اصطفاه المصطفى لشرعه / والمرتضى قد ارتضاه وَلدا
ماذا أعزّي بفتىً مصابهُ / عمَّ الورى فلم يغادر أحدا
كأنما الجو درى بموته / من قبل أن يقضي فأمسى أسودا
وانتثرت نجومه وقلبه / بالكوكب المنقض قد توقدا
والناس خلف نعشه في جزعٍ / أوشك أن يقضى عليه كمدا
كأنما الصبر قضى لبينه / وما قضى حتى أباد الجلدا
والفزع الأكبر قد فاجأها / أو قيل إن موعد الحشر غدا
لا بارح الريحان روحه التي / تقدَّست والروح ذاك الجسدا
ولا عدا الغفران مثواه ولا / بارحت الرحمة ذاك المرقدا
زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد
زينبٌ بالطَف تدعو يابن أُمي يا شهيد /
يا اخي ترضى بان نهدى إلى الطاغى يزيد /
يا خليلي احبسا الركب قليلاً واسألا /
أين حيٌ من لويٍ عرَّسوا في كربلا /
سادةٌ قد طوقوا بالبذل أجياد الملا /
باذلين الزاد للعالم في الجدب الشديد /
علة الإيجاد للعالم أبناء الرسول /
قادةٌ للعلم والتقوى فروعاً وأصول /
فلكم جروا على هام السهى فخراً ذيولى /
ما محا آثار ما قد شيدوا مر الجديد /
لست أنساهم وقد صالوا علىالجيش اللهام /
ثم خاضوا بالعتاق الغر في بحر القيام /
فجلا برق مواضيهم دياجير الظلام /
والعدى من بأسهم بين قتيل وطريد /
بينهم قطب رحى الإمكان شبل المرتضى /
ملكٌ دان له دون الورى أمر القضا /
يدخل الجنة من شاء ومن شاء لظى /
فهو الحاكم في الأمرين يقضي ما يريد /
حجة الرحمن راعي خلقه والمعتمد /
لم يكن في حيز الكون له كفؤاً أحد /
وهو للسبع السماوات وللعرش عمد /
حيث لولاه لخرت وقعاً فوق الصعيد /
فليس يرقى طائر الأوهام والعقل إليه /
يخضع الروح وجبريل وميكال نديه /
وحساب الخلق يوم الحشر والنشر عليه /
فهو الأول والآخر ذو البطش الشديد /
قدوة الأشراف والسادات من آل مضر /
عنده ما أثبتت في اللوح أقلام القدر /
من له الملك فهل يخفى عليه ما غبر /
لا ولا ما هو آتٍ وعلومٌ لا تبيد /
لست أنساه فريداً في محاني كربلا /
وابن سعدٍ جيشه غص به رحب الفلا /
في يديه مرهفٌ أطرافه تبري الطلا /
وهو لا ينفك يردي كل جبارٍ عنيد /
مذ رأى أصحابه مع ولده فوق الرمال /
نسجت أكفانهم من عثير الريح الشمال /
ركب المهر وبالسيف على الأبطال صال /
فانثنى الفيلق ما بين شريدٍ وحصيد /
أروعٌ يطربه يوم الوغى وقع الصفاح /
تتمارى خيفةً من بأسه سمر الرماح /
ليتني كنت فداه إذ عن الميمون طاح /
طائعاً إذ جاء الأمر من الله الحميد /
فبكته الأنس والجن وأملاك السما /
وأسالت من أماقتها الجمادات دما /
مات عطشاناً ولكن حوله الماء طمى /
وأبوه المرتضى ساقي الورى يوم الصديد /
بأبي من أوجب الله على الخلق ولاه /
بأبي من لم يدع من فلك إلا سماه /
بأبي أفدي قتيلا رضَّت الخيل قراه /
عقرت ما وطأت إلا لقرآن مجيد /
فغدا المهر إلى نسوته مندهشاً /
فوعاهن ينادين ألا وا عطشا /
فبكى حزناً وولى راجعاً مرتعشا /
ورأى السبط كسته شمأل ثوبا جديد /
برزت حاسرة الأوجه ربات الخدور /
يتسابقن من الخوف إلى الندب الغيور /
بينها زينب تسعى عجلا وهي الوقور /
فتساقطن عليه وهو محزوز الوريد /
وتداعين من الدهشة يلطمن الخدود /
ثم يندبن على ندب قضى دون الورود /
قائلاتٍ حكمت فينا بقايا قوم هود /
عجبا تلمك سادات الورى أيدي العبيد /
وعلا منهن ندب صدع الصخر الأصم /
والتي قد فقدت مثل حسين لم تُلم /
وغدت خيل الأعادي غارة نحو الخيم /
فاستجارت خيفة الأعداء بالمولى الشهيد /
أخروهن عن السبط بضرب وهوان /
فبكى حزنا على ما نالها إنس وجان /
وإذا الرجس سنان رافعاً فوق السنان /
رأس طود الحلم والعزة ذي الرأي السديد /
فتشاكين وقد ضاف عليهن المجال /
وتصارخن من الحزن إلى رب الكمال /
أركبوهن عناداً فوق أقتاب الجمال /
وابنه السجاد قهراً كبلوه بالحديد /
سيروهن على عجف المطا في كل ناد /
فبكتهن السماوات العلى والعرش ماد /
بعد أن طاف بهن القوم في كل بلاد /
أوقفوهن ضحى في مجلس الطاغي يزيد /
فدعا لما رآهم ليت أشياخي حضور /
ينظرون الآل في ذل السبا بعد الخدور /
قد قتلنا القرم من قد كان للإسلام سور /
وتركناه بلا غسل على وجه الصعيد /
ثم جاء الشمر مع زجر بن قيس بالرؤوس /
تتجلى في سما أوج العوالي كالشموس /
فغدا يضحك منها ذلك الرجس العبوس /
ثم نادى فرحاً أن قدموا رأس الشهيد /
وغدا ينكت ظلماً شفتيه بالقضيب /
كيف لم تشلل يداه إن ذا أمر عجيب /
فعلا من آله الغر بكاء ونحيب /
ودعوه راقب الجبار فينا يا يزيد /
فلقد أبرزتنا بعد حجاب وستور /
حسراً ينظرنا فوق المطا كل كفور /
سوف تلقى في غد ناراً تلظى وتفور /
إذ تنادي ربها يا خالقي هل من مزيد /
لعن الله يزيد والدعي ابن زياد /
وابن سعد وابن هند وأولى البأس الشداد /
لعنة تبقى مدى الدهر إلى يوم المعا /
وسقاهم بعدان عذبهم ماء الصديد /
يا حمى الإسلام يابن المرتضى عالي الجناب /
علة الإيجاد منكان لعلم الله باب /
ابن كموتة يرجو منك في يوم الحساب /
محوما خط من الذنب رقيبٌ وعتيد /
يا سليل المصطفى المختار يا خير البشر /
سوف أنجو بولائي لك من حر سقر /
وعليك الله صلى ما بدا ضوء القمر /
واستدار الفلك الأعلى وماكر الجديد /
وإليكم يا بني الزهراء يا خير الأنام /
غادة من عبدكم يجلو محياها الظلام /
قلدت من مدحكم سمط جمان لا يسام /
مهرها منكم جنان الخلد والعيش الرغيد /
شيعة المختار نوحوا والبسوا ثوب الحداد
شيعة المختار نوحوا والبسوا ثوب الحداد /
لمصاب ابن علي المرتضى خير العباد /
لغريب مات عطشاناً على شط الفرات /
ووحيدٍ مفردٍ قد أحدقت فيه العداة /
وقتيلٍ جسمه عارٍ على وجه الفلاة /
وقطيعٍ رأسه ظلماً على سمر الصعاد /
نازلٌ في كربلا أرسى خياماً وخبا /
والأعادي أقبلت عدواً عليه كالدبا /
أكرمُ العالم جداً وأخاً أُماً أَبا /
علة الكونين ذرءاً وحياةً ومعاد /
ملكٌ من سادةٍ فاقوا جميع العالمين /
جده أكرم خلق الله خير المرسلين /
وأبوه سيد الخلق أمير المؤمنين /
مفردٌ يسمو فخاراً دونه السبع الشداد /
سادةٌ للملأ الأعلى هم سر الوجود /
وهمالأنوار حول العرش من قبل الوجود /
طوقوا جملة هذا الكون في منٍ وجود /
وبهم قسم باري الخلق أزراق العباد /
فهمُ داعون لله وهادون إليه /
وهمنهج رضاه والأدلاء عليه /
شهداء الله بالحق وقوام لديه /
وبهم قد فتح الله لنا باب الرشاد /
أدركت أرجاس حربٍ ثار بدر وحنين /
وتقاضت من رسول الله ديناً بالحسين /
لو علي المرتضى يخطر بين العسكرين /
ويرى السبط وحيداً والعدى ملءُ الوهاد /
ليت يا حامي الحمى تحضر في يوم الطفوف /
وحسين أحدقت فيه من القوم الحتوف /
وهم ما بينهم نهب العوالي والسيوف /
لا نصير لا محامٍ لا انعطاف لاوداد /
لو ترى أنصاره بين طعين وذبيح /
جثماً مثل الأضاحي من جديل وطريح /
والذراري حوله تبكي بحزن وتصيح /
وهو يرنو الخبا طوراً وطوراً للاعاد /
ينظر الأعداء في بحبوحة الحرب النزال /
أشرعوا سمر العوالي والمواضي والنبال /
ويرى الأصحاب صرعى صرعوا فوق الرمال /
والنسا يندبن حزناً بينها زين العباد /
هاتفاتٍ يا رسول الله للخطب الجليل /
بحنينٍ ورنينٍ وبكاءٍ وعويل /
يا له حزناً مدى الدهر وشجواً مستطيل /
وخطوباً وكروباً نارها ذات اتقاد /
يا نبي ألفٍ وحاميمٍ ودال لا يزال /
نجل كمونة فيكم بجلاد وجدال /
فمتى يظهر بدر الحق قد عمَّ الضلال /
وبقينا خاضعي الأعناق في يوم الجلاد /
وسمط متى سرحت طرفي بنظمه
وسمط متى سرحت طرفي بنظمه / توسمت دراً فاق در القلائد
ففي كل حرف منه شاهدت شاهدا / على كل معنى من معاني الشواهد