المجموع : 15
وعفراء ود الظبي يحكي التفاتها
وعفراء ود الظبي يحكي التفاتها / وأنى يحاكي الظبي لفتة جيدها
لعينيك تبدو الشمس من ضوء خدها / كما أنها يبدو الدجى من جعودها
ألمت بنا والليل مرضى نجومه / كأجفان عينيها وقلب حسودها
فطارحتها عتباً رقيقاً كأدمعي / غداة افترقنا أو جمان عقودها
وذكرتها ما كان منها فأطرقت / على خجل من هجرها وصدودها
وقامت كمثل الغصن رنحه الصبا / تطوف بمثل النار عند وقودها
فبتنا ولم نشرب معتقة الطلى / نشاوي حميا ثغرها وخدودها
ونحن بحيث السحب ينهمل دمعها / على روضة يفتر ثغر ورودها
إذا اضطرم البرق اللموع بذي الغضا / ذكرت بذاك الشعب ماضي عهودها
وبلت جفوني مطرفي بأدمع / تصان على غير الهوى بجمودها
ولكن أعادتها علينا لييلةٌ / بدا مشرقاً في الأفق نجم سعودها
تزف بها من عصبة مضرية / مهاة كأن الظبي يعطو بجيدها
تهادى كعود البان مالت به الصبا / وهيهات لين البان من لين عودها
لأكرم مولى ينتمي لأكارم / غطارفة شم المعاطس صيدها
فتى فاق أهل الفضل في حلبة العلى / ففاق الورى من شيخها ووليدها
فهن به من عصبة المجد غلمة / على الشهب قد أربت برغم حسودها
لقد شيدت للمجد أبيات سؤدد / يطاول سامي المجد سامي عمودها
بهم تدفع الجلى إذا نزلت بمن / على الأرض من أحرارها وعبيدها
بهم شرعت للناس سنة أحمد / كما اتضحت سبل الهدى بجدودها
وهم قلدوا الدين الحنيف جواهراً / يفوق نظام الدر نظم عقودها
لقد ورثوا عن خير جد ووالد / مناقب لا أستطيع حصر عديدها
لئن فخروا يوماً ترى المجد والعلى / لهم والأيادي البيض بعض شهودها
إذا جئتهم تلقى على باب دارهم / ملوك الورى والدهر بعض وفودها
فللناس عن وكف السحاب لهم عنى / متى شح عاش الناس من فيض جودها
فلا برحوا نهب الثناء لمادح / وأبحر جود ساغ عذب ورودها
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا / وعصته سلوة مقصر فتمادى
وطغى عليه الحب وهو أميره / فأطاع جامح قلبه وانقادا
ولهان يفرح إن دنا أهل الحمى / منه ويحزن أن نأوه بعادا
بعثوا الخيال وما رقدت فيلتهم / بعثوا إلي مع الخيال رقادا
أحيي الدجى أرقاً كأن نواظري / خلقت محاجرها قذى وسهادا
قلق الوساد كأن من أهواه قد / أهدى وشاحيه إلي وسادا
قدف العيون الورد من وجناته / غرس المضاجع للمحب قتادا
يا غارساً بالجزع روضة حسنه / ومخيف رائدها ظبى وصعادا
كنيت عنك بمن سواك موريا / بهوى سعاد وما هويت سعادا
أعرضت عني وادعيت مودتي / أرأيت إعراضاً يكون ودادا
إن لم تساعف بالوصال فربما / عودت قلبي للجفا فاعتادا
ولقد أزورك بالمنى وخداعها / وأجوب في فكري إليك وهادا
أترك فؤادي جمرة لا تطفه / فالنار إن خمدت تعود رمادا
إني تعبدني الهوى لمغنجٍ / دان الجمال لعزه وانقادا
كبر الوقور إذ مشى يعتاده / حتى إذا غلب الدلال تهادى
فكأن في برديه ملكاً ظافراً / جذلان أبدى زهوه وأعادا
قاسٍ رقيق نال من زهر الربى / خدا ومن زبر الحديد فؤادا
فإذا هزرت هزت منه أراكة / وإذا سألت سألت منه جمادا
لا يستجيب ولا ينيب ولا يثيب / ولا يقيل ولا ينيل مرادا
ينأى فلا يعد الدنو فإن دنا / يوماً نوى لك فرقة بعادا
وتريبه عيني تخالس لحظه / وضنىً طلى جسدي عليه جسادا
إني لأستر خفتي بخلاعة / وأريد فيما أتنحيه مرادا
والضد قد يبدو بمظهر ضده / أو ما ترى نور العيون سودا
بذمام ذياك الغزال حشاشة / أسرت ولم يقبل فدى فتادى
أخذ الحشاشة ثم ضن بردها / وأبى البخيل بأن يكون جوادا
للَه يوم وداعه من عصبة / وقفت وقد سرت الجمال وخادا
وقفت بهم أقدامهم أن يقتفوا / أثر النياق فأركضوا الأكبادا
فوق الركائب أنجم لا تجتلي / وريضا حسن تمنع الروادا
عرب معاطف غيدهم ورماحهم / سيان كل ينثني ميادا
سلو لواحظهم فكن صوارماً / وغدت ذوائبهم لهن نجادا
فتخال كلاً في المحاسن يوسفا / وتخال من مصر له بغدادا
يا ربع لذاتي ومربع جيرتي / روى معاهدك الغمام وجادا
لا أبتغي للوصل فيك نهاية / أبداً ولا للعيش فيك نفادا
لا والَّذي سمك السموات العلى / وأقامهن وما أقام عمادا
ودحا البسيط صحارياً وصحاصحا / وسباسباً وفدافداً ووهادا
لا أرتضي غير الأكارم معشراً / يوماً ولا غير العراق بلادا
كلا ولا أنشي لغير المصطفى / وأخيه قافية تروق نشادا
الباذلين لكل ثاوٍ بلغة / والمتبعين لكل ركب زادا
والسابقين بكل حلبة مفخر / والحائزين من العلى الآمادا
سلكاً من العلياء نهج أبيهما / إن الشبول لتقتفي الآسادا
علمي هدىً قمري دجى مطري جدى / إن أرشدا أو أشرقا أو جادا
وتجاريا فتباريا وتساويا / في كل ما قد أبديا وأعادا
الكل يأبى ما أباه شقيقه / خلق الكرام ووما أراد أرادا
كالناظرين على الزمان تراهما / يتشاركان معاً كرى وسهادا
لم تغتمض عين إذا ما أختها / أرقت ولا هي تستطيع رقادا
فهما يد العلياء ساعة بطشها / أو ناظراها المبصران رشادا
من معشر ضربوا رواق بيوتهم / فوق السماك وغادروه مهادا
وإذا الفخار غدا هنالك حلبة / ركبوا مساعيهم فكن جيادا
ومن العزائم ينتضون صوارما / ومن الحفائظ يشرعون صعادا
مادت لبشرهم البسيطة بهجة / فرست حلومهم بها أطوادا
أأبا الغني وتلك أسمى كنية / تدعى بها بين الورى وتنادي
شكرت مساعيك البلاد وأهلها / وإليك قد القى الزمان قيادا
طأ فوق هام الفرقدين بأخمص / واسحب لى فرقيهما الأبرادا
إن أعرقت عيس إليك أرحتها / وكفيتها الأتهام والإنجادا
وإلى أبي الهادي انتهت جمل الثنا / وأحاط فيها طرفاً وتلادا
المخصم البلغاء والمعييهم / حججاً تسل على الخصوم حدادا
يتهلل النادي ببهجة بشره / كالروض راوحه الغمام وغادى
يبدو بمنبلج الجبين تخاله / شمس الضحى والكوكب الوقادا
تسمو لطلعته العيون تشوقا / لترود أحسن منظر مرتادا
يتباشرون إذا رأوه كأنه / برق وراء المحل زف عهادا
شرف القائل في مواقف فخرها / إذ طوقت بهباته الأجيادا
أخوي إن ضاقت بوصف علاكما / سعة القريض وما بلغت مرادا
فلي القوافي الشاردات كأنها / سمط الجمان يقلد الأجيادا
من كل معربة المتون تناسقت / مثنى فرائد درها وفرادى
لولاكما ما كنت أنظم عقدها / يوماً ولا أعطيتها الإنشادا
أخوي فلتشرق شموس علاكما / بسنا المكارم تصحب الآبادا
طلعت ألوكته عليك بأسعد
طلعت ألوكته عليك بأسعد / وأتتك تحسبها سبيبكه عسجد
وكأن أحرفها على وجناتها / آسٍ العذار يشق خدي أمرد
ولقد أتت والكتب بيض قبلها / ورديةً تجلو خدود مورد
وتبسمت تفتر عن كلماتها / كالخود تبسم عن خمار أسود
كاللؤلؤ المنثور وشي حروفها / لو لم تكن صبغت بماء زبرجد
بالشمأل الشمل استقل نسيمها / وأريجها قد ضاع بالند الندي
حتى كأنك قد كتبت سطورها / دون اليراع بمندل متوقد
فلثمتها في ناظري لا في فمي / وحملتها في صبوتي لا في يدي
وطفقت مطرفي تمايلاً / فكأنني خامرت نشوة صرخد
فكأن معناها سلافة قرقف / وكأنما يسقي السلافة منشدي
أمشرفاً قدري برائق لفظه / ومطوق جيدي به ومقلدي
قل كيف تختلس المداد مقدراً / كفٌ قد انبجست ببحر مزبد
وتشكل الكلمات في رشحاتها / وهي السحابة تستهل لمجتدي
يا ساكني الزوراء حسبكم النوى / فلقد وهى جلدي لكم وتجلدي
أمرضتموني بالبعاد وإنما / أقصى شفائي أن أراكم عودي
ألقيت إقليدي إليكم طائعاً / ولكم تقاعس عن سواكم مقودي
كثرت على النائحات صوارخا / إن لم أكثر في هواكم حسدي
موهت عنك بحاجر وبلعلع / ولأنت من تلك العبارة مقصدي
فليح بالزوراء عيشك سائغا / إني أغص بكل عيش أرغد
ولهن أعينك الرقاد فإن لي / عيناً إذا رقد الملا لم ترقد
إن أسلمتك يد الغرام فإنني / ملقى بقبضتها أورح وأغتدي
أو تنس لي العهد القديم فإنما / نسيان عهدي حين أقوى معهدي
فلو أن لي للكرخ أوبة راجع / لتخذت مغناه مقدس مشهدي
نزل الهوى بين الغميم و تهمد
نزل الهوى بين الغميم و تهمد / ونأى النوى بتصبري وتجلدي
برح الخفاء وبان مضمر خاطري / وكذا تبين النار ما لم تخمد
ينزو بي الوجد الجموح لجيرة / جاروا علي بفرقة وتبعد
ولرب لؤلؤة ترى أصدافها / كلل الهوادج لأقباب مشيد
رقصت بها أيدي النياق وأرقلت / تطوي المغاوز فدفداً في فدفد
إن أيمنت فهوى فؤادي ميمن / أو أنجدت صاح الهوى بي أنجد
يا وصلها بالكرخ ليلة قد حدا / حادي الكؤوس بصوت نغمد معبد
طوراً يمر بنا على وصف الطلى / ويمر طوراً بالحسان الخرد
أترى تعود ولو بطيف طارق / والطيف أخفى مسلكاً للعود
لو عدتني لقضيت منك مآرباً / معها يعود لي الصبا غضّاً ندي
يا ليت لا عاج السمير بذكرهم / أوليت أذني صمة جلمد
نبهت يا سمر السمير لمهجتي / من موجعات القلب ما لم يرقد
وتمثلت لي بالتذكر أوجه / تهدي إلى الأشواق من لم يهتد
من كل ممنوع المراشف عن فمي / مصاً ومرصود السوالف عن يدي
وغذا تحرشت الصبا في قده / يهتز في مرح وميل معربد
ويذب عن حرم الجمال بأعين / تدمي لواحظها القلوب ولا تدي
من لي ومن لصبابتي من أهيف / غض الصبا ثمل المعاطف أغيد
يزهو الجمال على طلاقة وجهه / للعين بين مفضض ومعسجد
وعليه تنطف أدمعي وكأنها / في صبغ وجنة خده المتورد
ومفلج ثغر الجمان رضابه
ومفلج ثغر الجمان رضابه / حم ولكن في القلوب برود
ترفٌ ترق عليه حاشية الصبا / فيميس منها قده ويميد
والجيد جيد الظبي إلا أنه / فيه جمان مدامعي معقود
لي في هواه حشا تذوب كأنها / سقر ومنها للجحيم وقود
إن الرشيد إذا رآه لرشده / يهوي فليس إذاً لديه رشيد
يا من أعاد الحسن إذ أبدى به / فلأنت فيه مبدء ومعيد
عيناك تغني عن شباك إذا رنت / فيها محاسن وتليد
تقول فتاة الحي وهي عليمة
تقول فتاة الحي وهي عليمة / بأني لا أسلو أتسلو الهوى بعدي
فقلت ولي قلب يذوب ومدمع / يصوب كمنهل القطار على خدي
أيسلو الهوى صب يؤرقه الهوى / على قرب من يهوى فكيف على البعد
أنفت أن تمس وجه الصعيد
أنفت أن تمس وجه الصعيد / فمشت في محجة من حديد
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه / لأحرقه حتى وهي وأبيدا
ولم تقو عيسي أن تنوء بحمله / وحملنه لا نهلن منه صعيدا
ألا فليطب بالكرص عيش أحبتي / فما ذقت عيشاً بالغري رغيدا
وأشرب عذب الماء رنقاً كأنما / سقاني ضريعاً صدكم وصديدا
ومن شقوتي أن يحكم البين بيننا / ويا شد ما أشقى الزمان سعيدا
كم من سهام فوقت تسديدها
كم من سهام فوقت تسديدها / أيدي المنون فأدركت مقصودها
وترى إذا أصمت فؤاداً لم يكن / آسٍ ليأسو طبه مفؤدها
فلكم قصورٌ للقياصرِ شيدت / هدمت برغم مشيدهن مشيدها
ولكم لآساد الشرى من غابةٍ / دهمت فأردت في العرين اسودها
قل لامرء قد فر خوف حمامه / يطوي الفلا أغوارها ونجودها
أين المفر من المنية بعدما / حشدت من الست الجهات حشودها
ولئن ألمت بابن داود فما / هابت سليمان ولا داودها
وأخو يمين في الندى لو لامست / صم الصخور لفجرت جلمودها
يا أيها العلم الذي بعلومه / قد كان في جمع الأنام فريدها
هل تستيطع جحود فضلك حسد / أو غرت بالفضل الغرير كبودها
عميت بصائرها وضلت رشدها / شمس الضحى من يستطيع جحودها
مها حسدت على الفضائل في الورى / فأخو الفضائل لم يزل محسودها
بك يقتدي في النائبات إذ دهت / إذ كنت بين ذوي العلوم عميدها
وسقى سحاب العفو بقعة لجة / كم قد سقت عذب النوال وفودها
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي /
وحلت عن الأنضاء أرحلها التي / تشد لعلم أو لنيل وأرفاد
بلى ما اقشعر الأفق إلا لنكبة / صوارخها عجت بندب وتعداد
ثوى واحد العصر الذي لف برده / قبائل فهر من جموع وآحاد
إذا ما روت عنهم أحادث فضلهم / مناقبه صحت لصحة إسناد
سمعنا مزاياهم حديث محدث / فكانت بمرآه عياناً لمراد
تبلج عن نور النبي جبينه / تبلج صبح قد محا ليل الحاد
وأفصح عن نهج البلاغة قيله / وأفصح منطيق يرى النطق بالضاد
وكان النجار الفاطمي نجاره / فطاب وطيب المرء من طيب البلاد
فأين محط الرحل يا أينق السرى / وأين منال الري يا غلة الصادي
وأين الحمى مخضرة جنباته / كأن عليها سندسية أبراد
وأين جماهير الرجال مغذة / تروح إليه من ملوك وأجناد
وأين ترى غوغاءها وادعاءها / تقوم في دؤوب وترداد
تأمل تجد بدراً ثوى تحت تربة / وبحراً طغى لجيه فوق أعواد
فديتك بدراً غارباً بعد طلعة / وبحراً سجت أمواجه بعد إزباد
رحلت فكانت رحلة العلم والتقى / وما سريا مسراك إلا لميعاد
ورحت وللأرواح فيك علاقة / مكذبة أن تستقر بأجساد
ورهطك كل قد لوى لك جيده / فكان شعار الحزن حلية أجياد
ألا أيها الغادي وليتك سامع / إذا ما دعا الداعي ألا أيها الغادي
بودي لو تدنو فتسمع لوعتي / عليك ولو تصغي فتسمع إنشادي
قضيت فما عهد الدموع بمنقض / ونار الجوى تشوي الضلوع بإيقاد
كأن ندى كفيك عاد لأعين / ونار قراك اليوم عادت لأكباد
هو الطود لا بل يصغر الطود عند من / ثلاث أثافيه ثلاثة أطواد
فيا عبرتي عيني جوداً ففيكما / إذا لم تساعدني لأحبة إسعادي
ويا أيها الاحي رويدك لاحيا / فإنك في واد وإني في وادي
ولو قد عرفت الحب معرفتي به / لا تهمت اتهامي وأنجدت إنجادي
ويا راكباً حرفاً كأن قتودها / يشد بطاناها على الأطلس العادي
هي البرق لكن اسمها شدقمية / تألقها للمدلجين بمرصاد
رفيعة عنق مستطيلة غارب / عميمة أعضاء سليمة أعضاد
تشق الفيافي غيهبا بعد غيهب / وتطوي الفلا طي التجار لأبراد
أنخها بحيث الدار قدسية الثرى / وحيث تلاقى رائح الوحي بالغادي
وللمصطفى الهادي أرحها معزياً / فذا الرزء كل الرزء للمصطفى الهادي
وأي أب لم تفجعه فجعة ابنه / وكم ثم من آباء صدق وأجداد
ولولا العزا عن صالح لمحمد / ضربنا وراء الصبر سبعة أسداد
فهذا السنا الوضاح من ذلك السنا / وهذا الشذى الفياح من ذلك الوادي
إذ عم معروف الفتى عم رزؤه / فمثل سرور المرء لا عجه البادي
لذا ألبس الأحياء حزن مآتم / فتى قد كسا أيامهم أنس أعياد
فحسبك عن بدر بهالة أنجم / وعن أسد ضار بأجمة آساد
سلمت لنا للملتجي خير معقل / يمد البرايا بين سيب وإمداد
ففي الجهل تعليمٍ وفي الهول منعةٍ / وفي الجدب إخصابٍ وفي الغي إرشاد
ألست أخا الذهن الذكي تلهبت / مقابسه فينا تلهب وقاد
إذا عمت الآراء في الخطب حيرةٌ / هديت لإصدار صحيح وإيراد
وكم لك من أسياف رأي تسلها / إذا كانت الأسياف أولى بإغماد
وتملي فما لابن العميد بديهة / كما لك إذ تملي ولا لابن عباد
وك لك من مرمى بعيد كأنما / بايدي الورى عن نيله قيد أصفاد
أياديكم أوتاد كل فضيلة / وهل تعقد الأوتاد إلا بأوتاد
فلا زال بيت فيكم منع جاره / معرس وفاد وكعبة قصاد
وجاد سحاب العفو مرقد صالح / لدى الذكوات البيض من أيمن الوادي
بسط الهنا بك مستهل قصيدي
بسط الهنا بك مستهل قصيدي / فطوى رثاؤك أضلعي بنشيدي
واصخت للبشرى فأوقر مسمعي / ناعيك في نوح وفي تغريد
وأرتاح مبدي البشر منبسط الرجا / لو لم يفاجئك الردى بمعيد
واستبشرت لطلوع بدرك أربعي / فاسود جانبها لبدر مودي
غادرت أيامي عليك ليالياً / هل في شموسك من شموس سود
أميمم الوادي أعاذك ربه / من رقدة إذ ليس حين رقود
قد كان لبثك في تقاصر عهده / لبث المسرة في حشا المكمود
متشعشعاً من فطنة بمصابح / متجللا من عفة ببرود
حسد الردى ما زنت من جيد العلى / فلواك مغتبطاً بحيلة جيد
لم تضف أبراد الصبا فنزعتها / ولبست وشي صفائح ولحود
أوفى شبابك ريقاً فتطلعت / لك لهجة الأيام بالتوعيد
نزعت لك الأيام قوس صورفها / فرمت مسددة بلا تسديد
قد أمل الفضلاء أنك تغتدي / لو عشت للفضلاء خير عميد
وتوسمت فيك العيون مخائلاً / قد بشرت منك العلا بعقيد
أموسداً عبث الصفيح بجنبه / فرشت لك الأحداق للتوسيد
قد كان خلقك روضتي فتحولت / أعواد نعشك سوسني ووردي
قد كنت للعيد العديل وشاهدي / أن قام بعدك مأتم للعيد
فقضت لك الأكفان آخر سنة / للعيد مستنا بلبس جديد
وكفتك عن تحنيطهن خليقة / بالطيب تأرج لا ذكي العود
فلأتركن نعاك لهجة مقولي / ومحط قبرك رامتي وزرودي
هل أنت منطلق إذا انطلق الورى / أم حار ركبك موثقا بقيود
من ذا يخادع لوعتي فيقول لي / ليس الحسين بميت ملحود
من ذا يفند من نعاه فربما / ألهى حديث النفس بالتفنيد
ورد المنون فلو تكمش صادراً / لسمحت دون وروده بورودي
نفديك بالنفس الكريمة أنفساً / لو تقتدي في طارفٍ وتليد
زلزلت حين نزحت طوداً شامخاً / ولويته بالرزء لي العود
ولهان قد غص الندي معزياً / لأجل مفتقد أعز فقيد
ما خف من دهش المصاب وربما / خف الجليد لأنت أيد جليد
قرت به تقوى الإله وعلمه / أن ليست الدنيا بدار خلود
والموت موعد من تمادي عمره / والدهر منجز وعده الموعود
ولسوف يقتطف الثريا إذ غدت / تلتام في شبه من العنقود
ويدوس سنبلة السماء وينثني / من زرع أنجمها بكل حصيد
ويعيد نسر النجم من أوكاره / بشباك مقتنص وفخ مصيد
صبراً بني العلياء يحمد فيكم / إذ كان غير الصبر حميد
نجم هوى فعلت بدور طلع / وابتز شبل في عرين أسود
أعلى الجراثيم العظام غضاضة / جري الذبول بفرعها الأملود
أنهى الزمان إليكم أحكامه / ورقى إليكم ثم بالإقليد
لم تصلح الدنيا بغير رعاية / منكم لنجدة سيد ومسود
كشف الغطاء عن البصائر جدكم / فرأت سبيل العدل والتوحيد
ورويتم الأحكام ثم رفعتم / إسنادها لأب زكي وجدود
وشأوتم الشأو البعيد مرامه / وصعدتم حيث انتهاء صعود
فإلى ثنائكم انتهت جمل الثنا / إن فصلت بقلائد وعقود
ولقد تفيأنا أظلة مجدكم / لا حان لف رواقها الممدود
وأنست يا ضمن الضريح بمرقد / جاز الضراح وزان بطن صعيد
وقفوا بتربتك الهلال فأصبحت / برجاً لطالعه قران سعود
لافبها الوسمي يعرب عن ندى / كفي أبيك فذاك بحر الجود
هل غير كرفك صارم
هل غير كرفك صارم / في الكحل قد صقلوا فرنده
كن حيث كنت فإنه / أبد الزمان يراك عنده
هو مطلق قبل الهوى / وعلقنه الأشراك بعده
هل غير خدك جمرة / تقد الجوانح وهي ورده
فانظر في قمر الدجى / يرياك طلعته وجعده
لا ومجري نطاقك المعقود
لا ومجري نطاقك المعقود / فوق مهتز قدك الأملود
لم تحل اللحاظ وهي سيوف / عقدة الوجد من حشا المعمود
ما أحيلاك ما ئساً تتثنى / بثياب من الصبا وبرودا
قصمت كأهلي محاسن طفل / قسم الحسن بين بيض وسود
هالة الحسن من سناه استنارت / فاستدارت بغيهب من جعود
لا تدر لي من صاب صدك صابا / إن طعم الصديد دون الصدود
وهو غصن النقا إذا ما تثني
وهو غصن النقا إذا ما تثني / وهلال السما إذا ما تبدى
زر برديه فوق روض جمال / تقطف العين منه زهراً مندى
فبأهلي هذا وإن عز أهلي / وبروحي أفديه وهو المفدى
اسم الذي أهواه تصحيفه
اسم الذي أهواه تصحيفه / إشارة ليس له تجدي
هامي دموعي شطره شطره / وشطره الآخر من عندي