القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمّد سَعيد الحَبّوبي الكل
المجموع : 15
وعفراء ود الظبي يحكي التفاتها
وعفراء ود الظبي يحكي التفاتها / وأنى يحاكي الظبي لفتة جيدها
لعينيك تبدو الشمس من ضوء خدها / كما أنها يبدو الدجى من جعودها
ألمت بنا والليل مرضى نجومه / كأجفان عينيها وقلب حسودها
فطارحتها عتباً رقيقاً كأدمعي / غداة افترقنا أو جمان عقودها
وذكرتها ما كان منها فأطرقت / على خجل من هجرها وصدودها
وقامت كمثل الغصن رنحه الصبا / تطوف بمثل النار عند وقودها
فبتنا ولم نشرب معتقة الطلى / نشاوي حميا ثغرها وخدودها
ونحن بحيث السحب ينهمل دمعها / على روضة يفتر ثغر ورودها
إذا اضطرم البرق اللموع بذي الغضا / ذكرت بذاك الشعب ماضي عهودها
وبلت جفوني مطرفي بأدمع / تصان على غير الهوى بجمودها
ولكن أعادتها علينا لييلةٌ / بدا مشرقاً في الأفق نجم سعودها
تزف بها من عصبة مضرية / مهاة كأن الظبي يعطو بجيدها
تهادى كعود البان مالت به الصبا / وهيهات لين البان من لين عودها
لأكرم مولى ينتمي لأكارم / غطارفة شم المعاطس صيدها
فتى فاق أهل الفضل في حلبة العلى / ففاق الورى من شيخها ووليدها
فهن به من عصبة المجد غلمة / على الشهب قد أربت برغم حسودها
لقد شيدت للمجد أبيات سؤدد / يطاول سامي المجد سامي عمودها
بهم تدفع الجلى إذا نزلت بمن / على الأرض من أحرارها وعبيدها
بهم شرعت للناس سنة أحمد / كما اتضحت سبل الهدى بجدودها
وهم قلدوا الدين الحنيف جواهراً / يفوق نظام الدر نظم عقودها
لقد ورثوا عن خير جد ووالد / مناقب لا أستطيع حصر عديدها
لئن فخروا يوماً ترى المجد والعلى / لهم والأيادي البيض بعض شهودها
إذا جئتهم تلقى على باب دارهم / ملوك الورى والدهر بعض وفودها
فللناس عن وكف السحاب لهم عنى / متى شح عاش الناس من فيض جودها
فلا برحوا نهب الثناء لمادح / وأبحر جود ساغ عذب ورودها
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا
منح الصبابة أضلعاً وفؤادا / وعصته سلوة مقصر فتمادى
وطغى عليه الحب وهو أميره / فأطاع جامح قلبه وانقادا
ولهان يفرح إن دنا أهل الحمى / منه ويحزن أن نأوه بعادا
بعثوا الخيال وما رقدت فيلتهم / بعثوا إلي مع الخيال رقادا
أحيي الدجى أرقاً كأن نواظري / خلقت محاجرها قذى وسهادا
قلق الوساد كأن من أهواه قد / أهدى وشاحيه إلي وسادا
قدف العيون الورد من وجناته / غرس المضاجع للمحب قتادا
يا غارساً بالجزع روضة حسنه / ومخيف رائدها ظبى وصعادا
كنيت عنك بمن سواك موريا / بهوى سعاد وما هويت سعادا
أعرضت عني وادعيت مودتي / أرأيت إعراضاً يكون ودادا
إن لم تساعف بالوصال فربما / عودت قلبي للجفا فاعتادا
ولقد أزورك بالمنى وخداعها / وأجوب في فكري إليك وهادا
أترك فؤادي جمرة لا تطفه / فالنار إن خمدت تعود رمادا
إني تعبدني الهوى لمغنجٍ / دان الجمال لعزه وانقادا
كبر الوقور إذ مشى يعتاده / حتى إذا غلب الدلال تهادى
فكأن في برديه ملكاً ظافراً / جذلان أبدى زهوه وأعادا
قاسٍ رقيق نال من زهر الربى / خدا ومن زبر الحديد فؤادا
فإذا هزرت هزت منه أراكة / وإذا سألت سألت منه جمادا
لا يستجيب ولا ينيب ولا يثيب / ولا يقيل ولا ينيل مرادا
ينأى فلا يعد الدنو فإن دنا / يوماً نوى لك فرقة بعادا
وتريبه عيني تخالس لحظه / وضنىً طلى جسدي عليه جسادا
إني لأستر خفتي بخلاعة / وأريد فيما أتنحيه مرادا
والضد قد يبدو بمظهر ضده / أو ما ترى نور العيون سودا
بذمام ذياك الغزال حشاشة / أسرت ولم يقبل فدى فتادى
أخذ الحشاشة ثم ضن بردها / وأبى البخيل بأن يكون جوادا
للَه يوم وداعه من عصبة / وقفت وقد سرت الجمال وخادا
وقفت بهم أقدامهم أن يقتفوا / أثر النياق فأركضوا الأكبادا
فوق الركائب أنجم لا تجتلي / وريضا حسن تمنع الروادا
عرب معاطف غيدهم ورماحهم / سيان كل ينثني ميادا
سلو لواحظهم فكن صوارماً / وغدت ذوائبهم لهن نجادا
فتخال كلاً في المحاسن يوسفا / وتخال من مصر له بغدادا
يا ربع لذاتي ومربع جيرتي / روى معاهدك الغمام وجادا
لا أبتغي للوصل فيك نهاية / أبداً ولا للعيش فيك نفادا
لا والَّذي سمك السموات العلى / وأقامهن وما أقام عمادا
ودحا البسيط صحارياً وصحاصحا / وسباسباً وفدافداً ووهادا
لا أرتضي غير الأكارم معشراً / يوماً ولا غير العراق بلادا
كلا ولا أنشي لغير المصطفى / وأخيه قافية تروق نشادا
الباذلين لكل ثاوٍ بلغة / والمتبعين لكل ركب زادا
والسابقين بكل حلبة مفخر / والحائزين من العلى الآمادا
سلكاً من العلياء نهج أبيهما / إن الشبول لتقتفي الآسادا
علمي هدىً قمري دجى مطري جدى / إن أرشدا أو أشرقا أو جادا
وتجاريا فتباريا وتساويا / في كل ما قد أبديا وأعادا
الكل يأبى ما أباه شقيقه / خلق الكرام ووما أراد أرادا
كالناظرين على الزمان تراهما / يتشاركان معاً كرى وسهادا
لم تغتمض عين إذا ما أختها / أرقت ولا هي تستطيع رقادا
فهما يد العلياء ساعة بطشها / أو ناظراها المبصران رشادا
من معشر ضربوا رواق بيوتهم / فوق السماك وغادروه مهادا
وإذا الفخار غدا هنالك حلبة / ركبوا مساعيهم فكن جيادا
ومن العزائم ينتضون صوارما / ومن الحفائظ يشرعون صعادا
مادت لبشرهم البسيطة بهجة / فرست حلومهم بها أطوادا
أأبا الغني وتلك أسمى كنية / تدعى بها بين الورى وتنادي
شكرت مساعيك البلاد وأهلها / وإليك قد القى الزمان قيادا
طأ فوق هام الفرقدين بأخمص / واسحب لى فرقيهما الأبرادا
إن أعرقت عيس إليك أرحتها / وكفيتها الأتهام والإنجادا
وإلى أبي الهادي انتهت جمل الثنا / وأحاط فيها طرفاً وتلادا
المخصم البلغاء والمعييهم / حججاً تسل على الخصوم حدادا
يتهلل النادي ببهجة بشره / كالروض راوحه الغمام وغادى
يبدو بمنبلج الجبين تخاله / شمس الضحى والكوكب الوقادا
تسمو لطلعته العيون تشوقا / لترود أحسن منظر مرتادا
يتباشرون إذا رأوه كأنه / برق وراء المحل زف عهادا
شرف القائل في مواقف فخرها / إذ طوقت بهباته الأجيادا
أخوي إن ضاقت بوصف علاكما / سعة القريض وما بلغت مرادا
فلي القوافي الشاردات كأنها / سمط الجمان يقلد الأجيادا
من كل معربة المتون تناسقت / مثنى فرائد درها وفرادى
لولاكما ما كنت أنظم عقدها / يوماً ولا أعطيتها الإنشادا
أخوي فلتشرق شموس علاكما / بسنا المكارم تصحب الآبادا
طلعت ألوكته عليك بأسعد
طلعت ألوكته عليك بأسعد / وأتتك تحسبها سبيبكه عسجد
وكأن أحرفها على وجناتها / آسٍ العذار يشق خدي أمرد
ولقد أتت والكتب بيض قبلها / ورديةً تجلو خدود مورد
وتبسمت تفتر عن كلماتها / كالخود تبسم عن خمار أسود
كاللؤلؤ المنثور وشي حروفها / لو لم تكن صبغت بماء زبرجد
بالشمأل الشمل استقل نسيمها / وأريجها قد ضاع بالند الندي
حتى كأنك قد كتبت سطورها / دون اليراع بمندل متوقد
فلثمتها في ناظري لا في فمي / وحملتها في صبوتي لا في يدي
وطفقت مطرفي تمايلاً / فكأنني خامرت نشوة صرخد
فكأن معناها سلافة قرقف / وكأنما يسقي السلافة منشدي
أمشرفاً قدري برائق لفظه / ومطوق جيدي به ومقلدي
قل كيف تختلس المداد مقدراً / كفٌ قد انبجست ببحر مزبد
وتشكل الكلمات في رشحاتها / وهي السحابة تستهل لمجتدي
يا ساكني الزوراء حسبكم النوى / فلقد وهى جلدي لكم وتجلدي
أمرضتموني بالبعاد وإنما / أقصى شفائي أن أراكم عودي
ألقيت إقليدي إليكم طائعاً / ولكم تقاعس عن سواكم مقودي
كثرت على النائحات صوارخا / إن لم أكثر في هواكم حسدي
موهت عنك بحاجر وبلعلع / ولأنت من تلك العبارة مقصدي
فليح بالزوراء عيشك سائغا / إني أغص بكل عيش أرغد
ولهن أعينك الرقاد فإن لي / عيناً إذا رقد الملا لم ترقد
إن أسلمتك يد الغرام فإنني / ملقى بقبضتها أورح وأغتدي
أو تنس لي العهد القديم فإنما / نسيان عهدي حين أقوى معهدي
فلو أن لي للكرخ أوبة راجع / لتخذت مغناه مقدس مشهدي
نزل الهوى بين الغميم و تهمد
نزل الهوى بين الغميم و تهمد / ونأى النوى بتصبري وتجلدي
برح الخفاء وبان مضمر خاطري / وكذا تبين النار ما لم تخمد
ينزو بي الوجد الجموح لجيرة / جاروا علي بفرقة وتبعد
ولرب لؤلؤة ترى أصدافها / كلل الهوادج لأقباب مشيد
رقصت بها أيدي النياق وأرقلت / تطوي المغاوز فدفداً في فدفد
إن أيمنت فهوى فؤادي ميمن / أو أنجدت صاح الهوى بي أنجد
يا وصلها بالكرخ ليلة قد حدا / حادي الكؤوس بصوت نغمد معبد
طوراً يمر بنا على وصف الطلى / ويمر طوراً بالحسان الخرد
أترى تعود ولو بطيف طارق / والطيف أخفى مسلكاً للعود
لو عدتني لقضيت منك مآرباً / معها يعود لي الصبا غضّاً ندي
يا ليت لا عاج السمير بذكرهم / أوليت أذني صمة جلمد
نبهت يا سمر السمير لمهجتي / من موجعات القلب ما لم يرقد
وتمثلت لي بالتذكر أوجه / تهدي إلى الأشواق من لم يهتد
من كل ممنوع المراشف عن فمي / مصاً ومرصود السوالف عن يدي
وغذا تحرشت الصبا في قده / يهتز في مرح وميل معربد
ويذب عن حرم الجمال بأعين / تدمي لواحظها القلوب ولا تدي
من لي ومن لصبابتي من أهيف / غض الصبا ثمل المعاطف أغيد
يزهو الجمال على طلاقة وجهه / للعين بين مفضض ومعسجد
وعليه تنطف أدمعي وكأنها / في صبغ وجنة خده المتورد
ومفلج ثغر الجمان رضابه
ومفلج ثغر الجمان رضابه / حم ولكن في القلوب برود
ترفٌ ترق عليه حاشية الصبا / فيميس منها قده ويميد
والجيد جيد الظبي إلا أنه / فيه جمان مدامعي معقود
لي في هواه حشا تذوب كأنها / سقر ومنها للجحيم وقود
إن الرشيد إذا رآه لرشده / يهوي فليس إذاً لديه رشيد
يا من أعاد الحسن إذ أبدى به / فلأنت فيه مبدء ومعيد
عيناك تغني عن شباك إذا رنت / فيها محاسن وتليد
تقول فتاة الحي وهي عليمة
تقول فتاة الحي وهي عليمة / بأني لا أسلو أتسلو الهوى بعدي
فقلت ولي قلب يذوب ومدمع / يصوب كمنهل القطار على خدي
أيسلو الهوى صب يؤرقه الهوى / على قرب من يهوى فكيف على البعد
أنفت أن تمس وجه الصعيد
أنفت أن تمس وجه الصعيد / فمشت في محجة من حديد
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه
ولو أنني فاوضت ذا الطرس بعضه / لأحرقه حتى وهي وأبيدا
ولم تقو عيسي أن تنوء بحمله / وحملنه لا نهلن منه صعيدا
ألا فليطب بالكرص عيش أحبتي / فما ذقت عيشاً بالغري رغيدا
وأشرب عذب الماء رنقاً كأنما / سقاني ضريعاً صدكم وصديدا
ومن شقوتي أن يحكم البين بيننا / ويا شد ما أشقى الزمان سعيدا
كم من سهام فوقت تسديدها
كم من سهام فوقت تسديدها / أيدي المنون فأدركت مقصودها
وترى إذا أصمت فؤاداً لم يكن / آسٍ ليأسو طبه مفؤدها
فلكم قصورٌ للقياصرِ شيدت / هدمت برغم مشيدهن مشيدها
ولكم لآساد الشرى من غابةٍ / دهمت فأردت في العرين اسودها
قل لامرء قد فر خوف حمامه / يطوي الفلا أغوارها ونجودها
أين المفر من المنية بعدما / حشدت من الست الجهات حشودها
ولئن ألمت بابن داود فما / هابت سليمان ولا داودها
وأخو يمين في الندى لو لامست / صم الصخور لفجرت جلمودها
يا أيها العلم الذي بعلومه / قد كان في جمع الأنام فريدها
هل تستيطع جحود فضلك حسد / أو غرت بالفضل الغرير كبودها
عميت بصائرها وضلت رشدها / شمس الضحى من يستطيع جحودها
مها حسدت على الفضائل في الورى / فأخو الفضائل لم يزل محسودها
بك يقتدي في النائبات إذ دهت / إذ كنت بين ذوي العلوم عميدها
وسقى سحاب العفو بقعة لجة / كم قد سقت عذب النوال وفودها
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي
لفقد الهدى أو قل لفقد أبي الهادي /
وحلت عن الأنضاء أرحلها التي / تشد لعلم أو لنيل وأرفاد
بلى ما اقشعر الأفق إلا لنكبة / صوارخها عجت بندب وتعداد
ثوى واحد العصر الذي لف برده / قبائل فهر من جموع وآحاد
إذا ما روت عنهم أحادث فضلهم / مناقبه صحت لصحة إسناد
سمعنا مزاياهم حديث محدث / فكانت بمرآه عياناً لمراد
تبلج عن نور النبي جبينه / تبلج صبح قد محا ليل الحاد
وأفصح عن نهج البلاغة قيله / وأفصح منطيق يرى النطق بالضاد
وكان النجار الفاطمي نجاره / فطاب وطيب المرء من طيب البلاد
فأين محط الرحل يا أينق السرى / وأين منال الري يا غلة الصادي
وأين الحمى مخضرة جنباته / كأن عليها سندسية أبراد
وأين جماهير الرجال مغذة / تروح إليه من ملوك وأجناد
وأين ترى غوغاءها وادعاءها / تقوم في دؤوب وترداد
تأمل تجد بدراً ثوى تحت تربة / وبحراً طغى لجيه فوق أعواد
فديتك بدراً غارباً بعد طلعة / وبحراً سجت أمواجه بعد إزباد
رحلت فكانت رحلة العلم والتقى / وما سريا مسراك إلا لميعاد
ورحت وللأرواح فيك علاقة / مكذبة أن تستقر بأجساد
ورهطك كل قد لوى لك جيده / فكان شعار الحزن حلية أجياد
ألا أيها الغادي وليتك سامع / إذا ما دعا الداعي ألا أيها الغادي
بودي لو تدنو فتسمع لوعتي / عليك ولو تصغي فتسمع إنشادي
قضيت فما عهد الدموع بمنقض / ونار الجوى تشوي الضلوع بإيقاد
كأن ندى كفيك عاد لأعين / ونار قراك اليوم عادت لأكباد
هو الطود لا بل يصغر الطود عند من / ثلاث أثافيه ثلاثة أطواد
فيا عبرتي عيني جوداً ففيكما / إذا لم تساعدني لأحبة إسعادي
ويا أيها الاحي رويدك لاحيا / فإنك في واد وإني في وادي
ولو قد عرفت الحب معرفتي به / لا تهمت اتهامي وأنجدت إنجادي
ويا راكباً حرفاً كأن قتودها / يشد بطاناها على الأطلس العادي
هي البرق لكن اسمها شدقمية / تألقها للمدلجين بمرصاد
رفيعة عنق مستطيلة غارب / عميمة أعضاء سليمة أعضاد
تشق الفيافي غيهبا بعد غيهب / وتطوي الفلا طي التجار لأبراد
أنخها بحيث الدار قدسية الثرى / وحيث تلاقى رائح الوحي بالغادي
وللمصطفى الهادي أرحها معزياً / فذا الرزء كل الرزء للمصطفى الهادي
وأي أب لم تفجعه فجعة ابنه / وكم ثم من آباء صدق وأجداد
ولولا العزا عن صالح لمحمد / ضربنا وراء الصبر سبعة أسداد
فهذا السنا الوضاح من ذلك السنا / وهذا الشذى الفياح من ذلك الوادي
إذ عم معروف الفتى عم رزؤه / فمثل سرور المرء لا عجه البادي
لذا ألبس الأحياء حزن مآتم / فتى قد كسا أيامهم أنس أعياد
فحسبك عن بدر بهالة أنجم / وعن أسد ضار بأجمة آساد
سلمت لنا للملتجي خير معقل / يمد البرايا بين سيب وإمداد
ففي الجهل تعليمٍ وفي الهول منعةٍ / وفي الجدب إخصابٍ وفي الغي إرشاد
ألست أخا الذهن الذكي تلهبت / مقابسه فينا تلهب وقاد
إذا عمت الآراء في الخطب حيرةٌ / هديت لإصدار صحيح وإيراد
وكم لك من أسياف رأي تسلها / إذا كانت الأسياف أولى بإغماد
وتملي فما لابن العميد بديهة / كما لك إذ تملي ولا لابن عباد
وك لك من مرمى بعيد كأنما / بايدي الورى عن نيله قيد أصفاد
أياديكم أوتاد كل فضيلة / وهل تعقد الأوتاد إلا بأوتاد
فلا زال بيت فيكم منع جاره / معرس وفاد وكعبة قصاد
وجاد سحاب العفو مرقد صالح / لدى الذكوات البيض من أيمن الوادي
بسط الهنا بك مستهل قصيدي
بسط الهنا بك مستهل قصيدي / فطوى رثاؤك أضلعي بنشيدي
واصخت للبشرى فأوقر مسمعي / ناعيك في نوح وفي تغريد
وأرتاح مبدي البشر منبسط الرجا / لو لم يفاجئك الردى بمعيد
واستبشرت لطلوع بدرك أربعي / فاسود جانبها لبدر مودي
غادرت أيامي عليك ليالياً / هل في شموسك من شموس سود
أميمم الوادي أعاذك ربه / من رقدة إذ ليس حين رقود
قد كان لبثك في تقاصر عهده / لبث المسرة في حشا المكمود
متشعشعاً من فطنة بمصابح / متجللا من عفة ببرود
حسد الردى ما زنت من جيد العلى / فلواك مغتبطاً بحيلة جيد
لم تضف أبراد الصبا فنزعتها / ولبست وشي صفائح ولحود
أوفى شبابك ريقاً فتطلعت / لك لهجة الأيام بالتوعيد
نزعت لك الأيام قوس صورفها / فرمت مسددة بلا تسديد
قد أمل الفضلاء أنك تغتدي / لو عشت للفضلاء خير عميد
وتوسمت فيك العيون مخائلاً / قد بشرت منك العلا بعقيد
أموسداً عبث الصفيح بجنبه / فرشت لك الأحداق للتوسيد
قد كان خلقك روضتي فتحولت / أعواد نعشك سوسني ووردي
قد كنت للعيد العديل وشاهدي / أن قام بعدك مأتم للعيد
فقضت لك الأكفان آخر سنة / للعيد مستنا بلبس جديد
وكفتك عن تحنيطهن خليقة / بالطيب تأرج لا ذكي العود
فلأتركن نعاك لهجة مقولي / ومحط قبرك رامتي وزرودي
هل أنت منطلق إذا انطلق الورى / أم حار ركبك موثقا بقيود
من ذا يخادع لوعتي فيقول لي / ليس الحسين بميت ملحود
من ذا يفند من نعاه فربما / ألهى حديث النفس بالتفنيد
ورد المنون فلو تكمش صادراً / لسمحت دون وروده بورودي
نفديك بالنفس الكريمة أنفساً / لو تقتدي في طارفٍ وتليد
زلزلت حين نزحت طوداً شامخاً / ولويته بالرزء لي العود
ولهان قد غص الندي معزياً / لأجل مفتقد أعز فقيد
ما خف من دهش المصاب وربما / خف الجليد لأنت أيد جليد
قرت به تقوى الإله وعلمه / أن ليست الدنيا بدار خلود
والموت موعد من تمادي عمره / والدهر منجز وعده الموعود
ولسوف يقتطف الثريا إذ غدت / تلتام في شبه من العنقود
ويدوس سنبلة السماء وينثني / من زرع أنجمها بكل حصيد
ويعيد نسر النجم من أوكاره / بشباك مقتنص وفخ مصيد
صبراً بني العلياء يحمد فيكم / إذ كان غير الصبر حميد
نجم هوى فعلت بدور طلع / وابتز شبل في عرين أسود
أعلى الجراثيم العظام غضاضة / جري الذبول بفرعها الأملود
أنهى الزمان إليكم أحكامه / ورقى إليكم ثم بالإقليد
لم تصلح الدنيا بغير رعاية / منكم لنجدة سيد ومسود
كشف الغطاء عن البصائر جدكم / فرأت سبيل العدل والتوحيد
ورويتم الأحكام ثم رفعتم / إسنادها لأب زكي وجدود
وشأوتم الشأو البعيد مرامه / وصعدتم حيث انتهاء صعود
فإلى ثنائكم انتهت جمل الثنا / إن فصلت بقلائد وعقود
ولقد تفيأنا أظلة مجدكم / لا حان لف رواقها الممدود
وأنست يا ضمن الضريح بمرقد / جاز الضراح وزان بطن صعيد
وقفوا بتربتك الهلال فأصبحت / برجاً لطالعه قران سعود
لافبها الوسمي يعرب عن ندى / كفي أبيك فذاك بحر الجود
هل غير كرفك صارم
هل غير كرفك صارم / في الكحل قد صقلوا فرنده
كن حيث كنت فإنه / أبد الزمان يراك عنده
هو مطلق قبل الهوى / وعلقنه الأشراك بعده
هل غير خدك جمرة / تقد الجوانح وهي ورده
فانظر في قمر الدجى / يرياك طلعته وجعده
لا ومجري نطاقك المعقود
لا ومجري نطاقك المعقود / فوق مهتز قدك الأملود
لم تحل اللحاظ وهي سيوف / عقدة الوجد من حشا المعمود
ما أحيلاك ما ئساً تتثنى / بثياب من الصبا وبرودا
قصمت كأهلي محاسن طفل / قسم الحسن بين بيض وسود
هالة الحسن من سناه استنارت / فاستدارت بغيهب من جعود
لا تدر لي من صاب صدك صابا / إن طعم الصديد دون الصدود
وهو غصن النقا إذا ما تثني
وهو غصن النقا إذا ما تثني / وهلال السما إذا ما تبدى
زر برديه فوق روض جمال / تقطف العين منه زهراً مندى
فبأهلي هذا وإن عز أهلي / وبروحي أفديه وهو المفدى
اسم الذي أهواه تصحيفه
اسم الذي أهواه تصحيفه / إشارة ليس له تجدي
هامي دموعي شطره شطره / وشطره الآخر من عندي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025