المجموع : 9
أشكو إلى الله من نارَيْن واحدة
أشكو إلى الله من نارَيْن واحدة / في وَجْنَتيْه وأخرى منه في كَبِدي
ومِن سَقامَيْن سُقْم قد أحلَّ دمي / من الجُفون وسُقم حَلَّ في جَسدي
ومِن نَمُومَيْن دمعي حين أذكُره / يُذيعُ سِرّي وواشٍ منه بالرَّصَد
ومن ضعيفين صَبْرِي حين أذكره / وودّه ويراه الناسُ طَوْعَ يدي
مُهَفْهفٌ رقّ حتى قلتُ من عَجَبٍ / أَخْصَرُه خِنْصَري أم جِلْدُه جَلَدي
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ
أَقْوَتْ مَغانيهم فأقوى الجسَدُ / رَبْعَانِ كلٌّ بعد سُكْنى فَدْفَدُ
أسألُ عن قلبي وعن أحبابِه / ومنهمُ كلُّ مُقِرٍّ يَجْحَدُ
وهل تُجيبُ أَعْظُمٌ بالِيةٌ / أو أَرْسُمٌ دارِسةٌ مَن يَنْشُدُ
ليس بها إلاّ بقايا مُهجَتي / وذاك إلاّ حجَرٌ أو وَتِدُ
كأنني بين الطُّلول واقِفاً / أَنْدُبُهُنَّ الأشعثُ المُقَلّدُ
كأنّما أنواؤها خَلاخِلٌ / والمُثَّلُ السُّفْعُ حَمامٌ رُكَّدُ
صاحَ الغُرابُ فكما تحمَّلوا / مَشى بها كأنه مُقَيَّدُ
يَحْجِلُ في آثارهمْ بَعْدَهُمُ / بادي السِّمات أَبْقَعٌ وأسْوَدُ
لبِئْسَ ما اعْتاضَتْ وكانتْ قبلَ ذا / تَرْتَعُ فيها ظَبَيَاتٌ خُرَّدُ
لَيْتَ المطايا للنَّوى ما خُلِقَتْ / ولا حَدا من الحُداةِ أحَدُ
رُغاؤُها وَحَدْوهم ما اجتمعا / للصَّبِّ إلاّ وَشَجَاه الكمَدُ
تقاسَموا يومَ الوداع كَبِدي / فليس لي منذ توَلَّوْا كَبِدُ
عن الجُفونِ رحلوا وفي الحَشا / تقَيَّلوا وماءَ عَيْنِي ورَدوا
فَأَدْمُعي مَسْفُوحةٌ وكَبِدي / مَقْرُوحةٌ وغُلَّتي لا تَبْرُدُ
وَصَبْوَتي دائمة ومُقلتي / دامِية وَنَوْمُها مُشَرَّدُ
أَرْعَى السُّها والفَرْقَدَيْنِ قائِلاً / ليتَ السُّها عَنَّ عليه الفَرْقَدُ
تلك بدورٌ في خُدورٍ غَرَبَتْ / لا بل شُموسٌ فالظلام سَرْمَدُ
تيَمَّني منهم غزالٌ أَغْيَدُ / يا حبّذا ذاك الغزال الأغْيَدُ
حُسامه مُجَرَّدٌ وَصَرْحُهُ / مُمَرَّدٌ وخَدُّه مُوَرَّدُ
وصُدْغه فوق احمرار خَدِّه / مُعَقْرَب مُبَلْبلٌ مُجَعَّد
كأنّما نَكْهَتُه وَريقُه / مِسكٌ وخَمرٌ والثنايا بَرَدُ
له قَوامٌ كقَضيبِ بانَةٍ / يهتزُّ نَضْرَاً ليس فيه أَوَدُ
يُقعِده عند القيام رِدفُه / وفي الحَشا منه المُقيمُ المُقعِدُ
أَيْقَنْتُ لمّا أنْ حَدا الحادي بهم / ولم أمُتْ أنَّ فؤادي جَلْمَدُ
كنتُ على القُرْبِ كئيباً مُغْرَماً / صَبّاً فما ظنُّكَ بي إنْ بَعُدوا
لولا الضَّنا جَحَدْتُ وَجْدِي بهِمُ / لكنْ نُحولي بالغَرام يَشْهَدُ
همُ توَلَّوْا بالفؤادِ والحَشا / فأين صَبْرِي بَعْدَهمْ والجلَدُ
همُ الحياة أَعْرَقوا أم أَشْأَموا / أم أَتْهَموا أم أَيْمَنوا أم أَنْجَدوا
ليَهْنِهِمْ طِيبُ الكَرى فإنّه / حظُّهمُ وحظُّ عَيْنِي السَّهَدُ
للهِ ما أَجْوَرَ حُكّامَ الهوى / ليس لمن يُظلَمُ فيهم مُسْعِدُ
ولا على المُتلِفِ غُرْماً بينهم / ولا على القاتل عَمْدَاً قَوَدُ
ولمّا رأيتُ الخال في صَحْنِ خَدِّه
ولمّا رأيتُ الخال في صَحْنِ خَدِّه / ذكرتُ احتراقَ القلبِ في نارِ صَدِّه
وعَرَّفَنا خَفْتَانُه حَيْفَ رِدفِه / وبالغ في شَكْوَاه عن ضَعْفِ قَدِّه
فحينَ أدار البَنْدَ مِن فوق خَصْرِه / رَأَيْناه في الحالَيْن لازِمَ حَدِّه
فلم يَطُلِ المَشدودُ شيئاً بحِلَّه / ولم يَقْصُرِ المَحلولُ شيئاً بشَدِّه
أَليفُ الشَّتات شَتيتُ الأَليف
أَليفُ الشَّتات شَتيتُ الأَليف / بعيدُ القَرين قَرين البِعاد
أَما لهذا البِعاد مِن أمَدِ
أَما لهذا البِعاد مِن أمَدِ / فيُطفِئَ القربُ لاعِجَ الكَمَدِ
ويجمع الدَّهر شملَ مُنفردٍ / أصبح يبكي لنأْي مُنفردِ
فوالّذي راعَني بِبَينِكُمُ / فَعيلَ صَبري وخانَني جلَدي
ما أَتّقي الموتَ عند ذِكرِكُمُ / إلاّ بوَضْعي يدي على كبِدي
وطالما بِتُّ فيكمُ قَلِقاً / أقطع ليل التَّمام بالسَّهَد
فما درى النّاسُ ما أُكاتِمُهُ / ولا شكوْتُ الهَوى إلى أَحَدِ
فأُقسِمُ أنّي ما نقضتُ عُهودي
فأُقسِمُ أنّي ما نقضتُ عُهودي / ولا حُلتُ يَوْمَاً عن وِداد وَديدي
وأَسْتَعطِف القاضي سعيداً فإنّه / به نَجَمَتْ بين الأنام سُعودي
وأجعلُ من جُودي هُجودي على النَّوى / فَمِنْ عَدَمٍ حتى اللقاء وُجودي
فيا دَوْلَةَ البُعدِ الوَخيمةَ أَقْشِعي / ويا مُدّةَ القُرب الكريمةَ عُودي
لتَبْيَضَّ آمالي وتسْوَدَّ لِمَّتي / ويخْضَرَّ من بعد الذُبولة عُودي
وَتَنْعمَ سُكْراً نفسُ كلِّ مُخالِصٍ / وَيَرْغَمَ غيظاً أَنْفُ كلِّ حسودِ
فذالَتْ كما ذالَتْ وَليدةُ مَجْلِسٍ
فذالَتْ كما ذالَتْ وَليدةُ مَجْلِسٍ / تُري ربَّها أذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
وفي حفرةٍ حَتف الأُسودِ مُوَسَّدُ
وفي حفرةٍ حَتف الأُسودِ مُوَسَّدُ / وتحتَ صَفيحٍ ذُو الصَّفيحةِ مُلْحَدُ
وأوحَدُ هذا النّاس في العلم والهُدى / وَحيدٌ وفَردُ البأْس والجودِ مُفرَدُ
فتىً خلَّدَ الذِّكْرَ الجميلَ لعلمِه / بأنَّ أخا الدُّنيا بها لا يُخلَّدُ
محاسنُ تُتلى من محاسنَ تَمَّحي / فللَّه مَيْتٌ بالبِلى يتجَدَّدُ
ولو كان ينجو ذو الكمال من الرَّدى / إذاً لنَجا منه النَّبيُّ محمَّدُ
تَباشَروا بهِلال الفِطْر حين بَدا
تَباشَروا بهِلال الفِطْر حين بَدا / وما أقام سِوى أنْ لاحَ ثم غدا
كالحِبِّ واعَدَ وَصْلاً وهو مُحتَجِبٌ / فحين بانَ تَقاضَوْهُ فقال غدا