المجموع : 16
ما تَجْزَعُ الشَّاةُ إذا شُحِطَتْ
ما تَجْزَعُ الشَّاةُ إذا شُحِطَتْ / من ألمِ الذَّبْح ولا السَّلْخِ
ولا من التَّفْصِيلِ مَنْكُوسَةً / ولا من الشَّيِّ ولا الطَّبْخ
لكنها تجزع من خَلَّةٍ / تَقْدَحُ في الأحْشَاءِ بالمرْخِ
تُشْفِقُ أنْ يُكْتَبَ في جلدها / شِعْرُك يا ذا القَرْنِ والكَشْخِ
يقول ابنُ عمَّارٍ مقالةَ مخلِصٍ
يقول ابنُ عمَّارٍ مقالةَ مخلِصٍ / لسيد تُرْكُسْتَانَ طُرّاً وخُزْلَخِ
إليك أبا عثمان أهْدِي تحيةً / ثناءً كريحانِ الجِنَانِ المضَمَّخِ
شكرتُكَ أنْ أَوْلَيْتَنِي ومنحتني / عَوَاطِفَ نُعْمَى مَاجِدٍ منك أبْلَخِ
رَدَدْتَ ليَ الإِشْرَاعَ بعد بُطُولِهِ / فَبُؤْتُ بِعِزٍّ بَاذِخٍ كلَّ مَبْذَخِ
وأمَّنْتَ قلبي أن أُسَامَ هَضِيمَةً / فأفْرَخَ عنْهُ روْعُهُ كلَّ مُفْرَخِ
نَسَخْتَ بمُرِّ الحقُّ مظنونَ شُبْهَةٍ / أخَالَتْ ومَهْمَا ينْسِخ الحقُّ يُنْسَخِ
وقد كانَ ماتَ الحقُّ إلا حُشَاشَةً / ولكنْ نَفَخْتَ الرُّوحَ في كلِّ مَنْفَخِ
فأضْحَى يرى بين العَداءِ وبيْنَهُ / بِمَنْعكَ منه بَرْزَخاً أَيَّ برْزَخِ
ولا بِدْعَ أن دَوَّخْتَ بالحق باطلاً / فكم باطلٍ بالعدل منك مُدَوَّخِ
وكان ابنُ عمَّار يُرَجِّيكَ لِلَّتي / يقال لها عند الشدائد بَخْ بَخِ
وكنتَ الذي يحنُو على مستجِيرِهِ / بِعَارِفَةِ المولى وعائدة الأَخِ
ولو أن داري حسْبُ هَمِّك في العُلا / وفي العُرفِ أضحى صَحْنُها ألفَ فرسخِ
فكيف ترى الإِضرار بي في جناحها / أبَى ذاك مجدٌ شامخٌ كلَّ مَشْمَخِ
أقولُ لِعيْسٍ أقبلت بمُخِبِّهَا / على الأَيْنِ تَفْرِي سَرْبَخاً بعد سربخِ
عليكِ ابنُ تَكْسِينٍ فَأُمِّي جنابه / تُنَاخي إليه سهلةَ المتنوَّخِ
فتى غيرُ ما عِلْجِ الخليقة خِلْفِها / ولا خَنِثِ الإِترافِ مثْلِ المُفَنَّخِ
تقابل منه العينُ عند طلوعه / ضياءً متى يُصْبَبْ على الليل يسْلخِ
جوادٌ يرى تطهير عرضٍ وملبسٍ / وتدنيس طَبَّاخ وتسويد مَطْبَخِ
يُوَبِّخُهُ إحسانه أو يُتِمُّهُ / وإن لم يكن في فعله بالمُوَبَّخِ
إذا ما العُلا عُدَّت فأيُّ مُصَدَّرٍ / به عن أبي عثمانها ومُؤَرَّخِ
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم / بذاك أمكنني من قَفْدِ يافُوخِهْ
أقطعتُ عرضي أبا حفص وأقطعني / أن أنزِل الدهْرَ أنَّى شئتُ في كُوخِهْ
يا ابنَ حرب كسوتني طَيْلَسَاناً
يا ابنَ حرب كسوتني طَيْلَسَاناً / يُزْرع الرَّفْوُ فيه وهو سِبَاخُ
عُد مَلِيَّاً قد ناطح الدهْرَ حتى / كلُّ أركانه بهنَّ انْفِسَاخُ
مات نُسَّاجُهُ ومات بَنُوهم / وبدا الشيب في بَنيهم وشاخوا
طيلسان إذا تداعت خُرُوقٌ / بين أثنائه لهنَّ صُرَاخُ
سرَّني صوتُه وقلت لصحبي / لم يُصَوِّتْ إلاَّ وفيه طَبَاخُ
تستمرُّ الصُّدُوعُ طولاً وعرضاً / فيه حتى كأنهنَّ رِخَاخُ
نَسْرَ دهرٍ نسورُ لقمانَ والنَّسْ / رَانِ إن قِسْتَها إليه فِراخُ
بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي
بدا الشيبُ في رأسي فَجَلَّى عَمَايتي / كما كشفتْ ريح غماماً تَطَخْطَخَا
ولا بدّ للصبح الجلِيّ إذا بدت / تباشيْره أن يسلخ الليل مسلخا
وأضحت قناةُ الظَّهْر قُوِّسَ متْنُها / وقد كان معدولاً وإن عشتُ فخخا
وأحدث نقصانُ القُوىَ بين ناظري / وسمعي وبين الشخصِ والصوت بَرْزخا
وكنت إذا فَوَّقتُ للشخص لَمحَتي / طوتْ دونه سَهْباً من الأرض سَرْبَخَا
وكنتُ يناديني المنادي بعَفْوِهِ / فَيَغْتَالُ سمعي دون مَدْعَاهُ فرسخا
فحالَتْ صروفُ الدهر تنسخ جِدَّتي / وما أُمْلِيَتْ من قبلُ إلا لتُنْسَخا
وأصبحتُ عَمَّا للفتاة مُوَقَّراً / وقد كنت أيام الشباب لها أَخَا
وما عَجَبٌ أن كان ذاك فإنه / إذا المرء أشْوَتْهُ الحوادثُ شَيَّخَا
بَلَى عجبٌ أني جَزعت ولم أكن / جَزوعاً إذا ما عضَّهُ الدهرُ أَخَّخَا
عَزَاءَكَ فاذكرهُ ولا تنس مِدْحةً / لأَبْلَجَ يحكي سُنَّة البدر أبلْخَا
له سِيمِياءٌ بين عَيْنَيْ مُبَارَكٍ / إذا ما اجتلاها رَوْعُ ذي الروع أفْرَخَا
صَريخٌ لو اسْتَصْرخْتَه يا ابن طاهرٍ / على الدهر إذ أخنى عليك لأَصْرخا
من المُصْعَبيين الذين تفرَّعوا / شَمَاريخَ أطْوادٍ من المجد شُمَّخا
أُناسٌ متى ساءلت نَافَس حظَّهمْ / بأيَّامهم في الجود والبأس بَخْبَخَا
إذا ما المساعي أُجْريَتْ حلباتُها / بَدَوْا غُرراً في أَوجُه السَّبْق شُدَّخا
بِهم جُعِل المجدُ التَّليدا مُصَدَّراً / وليس بإنْسيٍّ سواهم مُؤَرَّخا
تَعَدَّ وأسرف في مديح ابن طاهرٍ / فلست على الإِسراف فيه مُوَبَّخَا
أبو أحمدٍ ليثُ البلاد وغيثها / إذا حطْمَةٌ لم تُبق في العظم منقخا
فتى لم يزل في رأس علياءَ دونها / بمَرْقَبة باضَ الأُنُوقُ وفَرَّخا
إذا راح في رَيَّا نَثَاه حسبتَه / هنالِك بالمسك الذَّكيِّ مُضَمَّخا
يُنِيخُ المَطيَّ الراغبون ببابه / ولو لم ينيخُوه إذن لَتَنَوّخا
تَظلّ متَى صافحتَ أسْرارَ كَفِّه / تَمَسُّ عيوناً من نَداهُنَّ نُضَّخَا
إذا وَعَدَ اهْتزت له الأرض نَضْرَةً / وأنبت منها كلُّ ما كان أسْبَخا
وإن أوْعَدَ ارتَجَّت فإن تمَّ سُخطهُ / تهاوت جبال الأرض في الأرض سُوَّخا
ولستَ تُلاقي عالماً ذا براعةٍ / بأبرَعَ منه في العوم وأرسخا
ولم تر ناراً أوقدت مثل ناره / لدى الحرب أشوى للأعادي وأطْبخا
كفى زمناً أدّى الأميرَ وأَهْلَه / به وبهمْ إن حاول البَذْخَ مَبْذَخَا
هو الطِّرْفُ أجرتْه الملوك ومسَّحت / قديماً له وجهاً أغرَّ مُشَمْرَخَا
إذا هو قاد المُصعبيين فاغتدَوا / جَحَاجحَةً تَهْدي غَطاريف شُرَّخا
فأيَّةَ دارٍ للعدا شاء جَاسَها / وأيةَ أرضٍ للعدا شاء دَوّخا
به أيَّدَ اللَّه الخلافة بعدما / وَهى كُلَّ وَهْيٍ رُكْنُها فتفسَّخا
هو الطَّاهر ابن الطَّاهرين الألى مَضَوْا / ولم يَلْبَسوا عرضاً مُذالاً مُطَيَّخا
ومُسْتَمْنِحِي مدحاً كمدحيه بعدما / تمكَّن إخلاصي له فَتَمَخَّخَا
فقلتُ له عني إليك فلن أرى / هواك لمثلي في رمادك مَنْفَخَا
أَحمَى علينا نَخلُكُم ذِيخَهُ
أَحمَى علينا نَخلُكُم ذِيخَهُ / فكيف ما يحملُ في ذِيخِهِ
ولم نزل نرجوه كالمُرْتجِي / طاعة عَاتٍ قبل تَدْويخه
ثم عَلِمْنَا علمَ مُسْتَيْقِنٍ / أن الثُّريّا من شَمَارِيخه
فاستيأسَتْ من خيره أنفسٌ / عَزَاؤُها في طول تَوْبِيخِهِ
يا ذا الذي ضنَّ بآزَاذِهِ
يا ذا الذي ضنَّ بآزَاذِهِ / تَعَرُّضاً منا لتوبيخِهِ
ما كنتُ أدْرِي أن آزاذكم / معتصم باللّه في ذِيخِهِ
حتى علمنا علم مستيقِنٍ / أن الثريا من شَمَاريخهِ
ألا قُلْ لسيدنا قل له
ألا قُلْ لسيدنا قل له / مقالاً إذا قيل لم يُفْسخِ
رَأَيْنَا الذي يُكتنى بالحسيْ / نِ صِنْوك ذا الشرف الأبذخِ
أتى من مديحك ما لا يحل / لُ يا ابن جبالِ العُلا الشُّمَّخِ
أليسَ القوافي بَنَاتِ الفتى / إذا صُورةُ الحق لم تمسَخِ
فلا تَقْبَلنَّ أماديحَه / حرامٌ نِكَاحُ بناتِ الأخِ
ودونك فُتْيَا أخي غيرةٍ / يغار على سيِّد أبلخ
وأنتم أناس متى تذكروا / يقل من ذكرتم له : بخ بخِ
وما الأطلسُ الثَّوب راجيكُم / لعمري ولا الأبيضُ المَطْبَخِ
أبشِرْ فما قَارَفْتَه مُسبَّخُ
أبشِرْ فما قَارَفْتَه مُسبَّخُ / عنك ونيران الصدورِ بُوَّخُ
إن العلاء للعُلا نِعْمَ الأخُ / لا يفعل السُّوءَى لرضْخٍ يُرْضَخُ
والحسناتُ عنه لا تُمَسَّخُ / تفدِي الكهولُ نفسَه والشُّرَّخُ
في كل دهرٍ يَنْبَرِي ويَنْقخُ / قد أصبحت أنْقَاؤهم تُمَخَّخُ
والرُّوحُ في الأموات منهم تُنْفخُ / مُذْ ساسهم منه أشمٌّ أبلخُ
أَغَرُّ لا تُنْكره مُشمْرخُ / آباؤه في المُلْك قِدْماً تُنَّخُ
مُصدَّرٌ بمجدهم مؤرّخُ / ذو همةٍ تسمو وحلم يرسخُ
آراؤه الحقُّ الذي لا يُنسَخُ / وعزمه الحتْم الذي لا يُفْسَخُ
فكُّل صعبٍ راضَهُ مُزَيَّخُ / وكلُّ إقليمٍ به مدوَّخُ
إذا الخطوبُ طفقت تطَخْطَخُ / فاجْتَابَها ظلت دُجاها تُسلخُ
وعند ذكرى جُوده يُبَخْبَخُ / فالمعتفي جَدواه لا يُوَبَّخُ
وعِرضُهُ العرض الذي لا يُلْطَخُ / بالطَّيخِ إذ بعضهم مُطَيَّخُ
بل هُوَ مِنْ طيب الثنا مُضَمَّخُ / كأنه بالمسك محضاً يُنضخُ
ما إن تزال قُلُصٌ تُنَوَّخُ / إليه مقطوعاً بهنّ سَرْبَخُ
قَرْمٌ ترى حسّاده تأخَّخُ / حتى كأن الهامَ منهم تُشْدَخُ
له من المجد جبالٌ شُمَّخُ / يقصر عنها المَضْرَحيُّ الأفْتَخُ
علتْ ذُرَاها والأصولُ رُسَّخُ / ما أطوع البذْخَ له لو يَبْذَخُ
وقال الشعرَ يُغْرِب فيه حتى
وقال الشعرَ يُغْرِب فيه حتى / لخيلَ من اليمامة أو أُضَاخِ
ولم تجنِ المسامعُ منه معنىً / وهل تُجْنَى الثمارُ من السِّبَاخُ
وعرَّضَ عرضَه عمداً لشعري / ليغسل عِرْضَه بعد اتِّساخِ
ولم يك غاسلاً ثوباً بنارٍ / أخو عقلٍ يُعَدُّ ولا طَبَاخِ
تسامَى الناس في دَرَج المعالي / وما سَوَّارُ إلا في مَسَاخِ
وأنِّى بالسُّموِّ لذي سَفالٍ / مَسِيخِ الطَّعم من نَفَرٍ مِسَاخِ
له أنثى تَزِيفُ إلى سواه / وتأخُذُه بِتَرْبِيةِ الفِرَاخِ
وقد شاع الحديثُ بها ولكن / إخَال النَّغْل مسدود الصِّمَاخِ
تأمَّلْتُ الرجال فلم أجده / من الشَّاهَاتِ ثَمَّ ولا الرِّخَاخِ
تُرَاحُ اليَعْمُلاَتُ إذا أنيخت / وَكَدُّ ابن المُنَاخَةِ في المُنَاخِ
يبيت إذا أنِيخ قَعُودَ عبدٍ / يَهُبُّ عليه كالفَحْلِ القُلاخِ
تُعَاهِرُ عِرْسُهُ في كل بيتٍ / وما شَبَقُ الخَبيثَةِ بالمُبَاخِ
وَلَوْ في بيتِه نِيكَتْ جِهَاراً / لكان كأنه رَجُلٌ بِخَاخِ
نعم ولظل يرفع نَائِكيها / هناك إلى الصدور عن النِّخَاخِ
وإني قائل فيه مقالاً / يُغِصُّ الحلقَ بالماء النُّقَاخِ
أبا الفياض دونك مُحْكَمَاتٍ / نُظِمْنَ على التشاكل والتَّواخي
سَوَائرَ ليس يَعْرُو منشِديها / فتورٌ في النشيد ولا تراخِي
يَطُولُ لها صُراخُك مستغيثاً / وأهْوَنُ ما تكون على الصراخِ
إذ أصبحتْ صُمّاً عن التوبيخِ
إذ أصبحتْ صُمّاً عن التوبيخِ / مشْعُوفة بالبارد المَسيخِ
أعني ابن بنت بائع الزَّرْنيخ / تلك التي تعْرفُ بالتَّكْمِيخِ
فصار بعد القَفْدِ والتَّكْلِيخِ / بالقَرْعِ أحياناً وبالبطِّيخِ
عُطَارداً يأوِي إلى مِرِّيخِ /
فأصبح من بني شَيْبا
فأصبح من بني شَيْبا / نَ ضخم الشأن بذَّاخا
وصار أبوه بِسْطاماً / وكان أبوه قَيْبَاخا
وصار يقول قُمْ عَنَّا / وكان يقول قُوهَاخَا
وشُيِّدت القصورُ له / وكانت قبلُ أكواخا
وصار أخسُّ من معه / له عشرون طبَّاخا
وكانت أمُّه كَمَّا / خَةً وأبوه كمَّاخا
عجبتُ لمن رأى هذا / بعينيه فما ساخا
إلى اللَّه الصُّراخ فهل / يُحِيرُ إليَّ إصْراخا
عدمتُ المُلْك إن له / لأَوْضَاراً وأوساخا
عَلَتْهُ وحشةٌ بهمُ / وأصبح نورهُ باخا
سأُمْجدُ من هجائي في / هِ حُفَّاظاً ونُسَّاخا
وبالبِكْر التي لم تَش
وبالبِكْر التي لم تَش / قَ بالنار ولا الطَّبخِ
رِيعَ لها الأحياءُ من هوْلها
رِيعَ لها الأحياءُ من هوْلها / وأفزع الأموات في البرزخِ
لولا دفاعُ اللَّه قد زُلزلت / بالأرض في أجبالها الشمَّخِ
قد أحسَن اللَّه بأسماعنا / إذْ سَلمتْ منها فلم تُصْمَخِ
أنْذَرْتُ من في دراه مَطْبخٌ / ضَرْطَةَ إبراهيمَ من فرسخِ
الريحُ والنارُ هُما ما هُما / فَلْتُحْذَرِ الريحُ على المطْبَخِ
أعاذَ من شرِّهما ربُّنَا / دارَ الأمير السيِّد الأبْلخِ
بخ بَخ لإبراهيم من ضارِطٍ / ذي ضَرْطة مَرْهُوبة بَخ بَخِ
يظلُّ من يسمع أهْوالها / من صارخٍ ذُعْراً ومسْتَصرخِ
قلْ لأبي إسحاق بَيِّنْ لنا / فأنت في العلم من الرُّسَّخِ
ما طَائرٌ ذو بيضةٍ ضخمةٍ / لكنَّه ليس بِمُستَفْرِخِ
ولِمْ حَكَيْتَ القردَ في قُبْحه / والقردُ ممسوخٌ ولم تُمْسَخِ
وما تشاجيك على شاعرٍ / بحشِّك الأبخر ذي البَربَخِ
لي مَنْجَنِيقٌ كنتَ في مَعْزِلٍ / عنها وعن أحْجَارها الشُّدَّخِ
فلِمْ تعرَّضتَ لها طائعاً / ولِمْ تلطَّخْتَ ولم تُلْطَخِ
عِرضي كعرضِ البَيْنِ يا ابن اسْتِهَا / ذاكَ الأرَثِّ الأنْتَنِ الأوْسَخِ
إنْ رجع الطَّرفُ متى رِبْتَنِي / وأنتَ من عِرْضك لم تُسْلخِ
فكأنَّ الحَمَامَ إذ وَرَدَتْهُ
فكأنَّ الحَمَامَ إذ وَرَدَتْهُ / من صَفَا مائه تَزُقُّ فِرَاخَا
خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّةٌ
خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّةٌ / يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ
فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده / فَقَلَّ له بحرٌ من الدمع يُثْمَدُ
ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما / تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ
شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه / فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ
وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ / صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ
رُزِئتٌ شبابي عَوْدةً بعد بَدْأةٍ / وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ
سُلِبتُ سوادَ العارضِيْن وقبلُهُ / بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ
وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه / بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّدُ
لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ / أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ
تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي / وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ
وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى / فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرمَدُ
هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي / مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ
فما لك تأسَى الآن لما رأيتها / وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ
تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها / وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ
كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به / ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ
إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها / كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ
تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما / مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ
كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ / قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ
إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته / إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ
أرى الدهرَ أجْرى ليله ونهاره / بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ
وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ / نهارُ مشيب سَرمدٌ ليس يَنْفَدُ
وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ / فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ
وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه / ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ
أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ / وهل لشباب ضلَّ بالأمس مُنْشَدُ
أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ / قناتي وأضْحَت كِدْنتي تَتَخدَّدُ
ودبَّ كَلالٌ في عظامي أدَبَّني / جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأيَّدُ
وبُورِك طرفي فالشِّخَاصُ حياله / قَرَائن من أدنى مدىً وَهْيَ فُرَّدُ
ولَذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ / سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ
وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً / فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ
لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها / يكون بكاءُ الطفل ساعةَ يُولَدُ
وإلا فما يبكيه منها وإنها / لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ
إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه / بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ
وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها / تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ
رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا / وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ
مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّةٌ / ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ
وقد اغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ / ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ
فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانُهُ / بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ
ترى كل ركَّاع على كلِّ مَرْتَعٍ / يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ
إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه / كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ
أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ / ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ
فَخَرَّ لَروْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ / يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ
كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ / أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ
وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها / على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ
يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ / يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ
بِموْلِيَّةٍ خضراء يُنْغَم وسْطَها / ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ
إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائرٌ / بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ
وَصِيفٌ وإبريقٌ رذُومٌ ومُرشقٌ / على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ
وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرةً / إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ
حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ / مُعَنَّسَةٌ مما تُعَتِّقُ صَرخَدُ
وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها / ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ
لها سُنَّةٌ كالشمس تبرز تارةً / وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ
إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها / وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ
لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه / وماليَ إلّا كفُّها مُتَوَسَّدُ
وكم مثلِها من ظبيةٍ قد تفيّأَتْ / ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ
لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي / بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ
فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا / يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ
وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَةٌ / وهاجِرَةٌ مسمومة الجو صَيْخدُ
تذيق الفتى طوْرَي رخاء وشدة / حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ
وعزَّى أناساً أن كل حديقةٍ / وإن أغْدَقَتْ أفنانُها ستخضَّدُ
ومالي عزاء عن شبابي علمتُه / سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ
وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه / وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ
على أن في المأْمول من فضل صاعدٍ / عزاءً جميلاً بل شباباً يُجدَّدُ
ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي / وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ
وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً / بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ
وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى / مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ
وهل يستوي رامٍ مرامِيه لَحْظُهُ / ورامٍ مراميه لُجَيْنٌ وعسْجَدُ
وما أملي في المَذْحجِيَّ بِمُنْتَهٍ / ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ
إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ / وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا
وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَةٌ / يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ
ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي / وَمَا لَهُمَا إلّا الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ
لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارةُ صاعد / تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ
وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ / كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤددُ
هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ / ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ
يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه / ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ
أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه / طِبَاعاً وأمضى منْ شَبَاهُ وأنجدُ
وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا / وآبى إباءً من صَفاةٍ وأجْمَدُ
وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي / تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ
وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا / إذن لم يُلِقْها طَرْفَةَ العَيْن مَرْكَدُ
طويلُ التّأَنِّي لا العَجولُ ولا الذي / إذا طرقتْه نَوْبةٌ يتبلَّدُ
له سَوْرَةٌ مكْتَنَّةٌ في سَكِينَةٍ / كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرازُ المهنَّدُ
إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا / وإن سُلَّ منها فالْفَرائصُ تُرْعَدُ
يُلاقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ / لقاءَ امْرىءٍ في اللّه يَرْضَى ويعْبَدُ
بِجَهْلٍ كجهلِ السيفِ والسيفُ مُنْتَضىً / وحلْمٍ كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ
وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى / ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ
عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى / إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ
قِرىً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى / كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ
عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىءٍ / بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ
صموتٌ بلا عيٍّ له من بلائه / نَوَاطِقُ تَسْتدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ
كَفَى الوعْدَ والإِيعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ / بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ
إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ / وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ
عزيزٌ غَدا فوْقَ التَّودُّدِ عِزُّهُ / وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ
يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه / لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيُفَ تُعَبَّدُ
ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه / هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ
إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّه / وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ
وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه / أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ
تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى / وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ
ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ / وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ
ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهي / إلى صَاعِدٍ إسنادُه حين يُسْنَدُ
كأنَّ أباه يوم سمَّاهُ صاعداً / رأى كيفَ يَرْقَى في المعالي ويَصْعدُ
جَرى وجرى الأكْفَاءُ شَأْواً ولم يزل / مُنَازِعُهُ الطُّولى يُضَامُ ويُضْهَدُ
فَلَمَّا تناهَى من يُبَارِيه في العلا / تَمادَى يُباري أمْسَهُ اليومُ والغدُ
جَوادٌ ثَنَى غَرْبَ الجِياد بغَرْبِه / وظَلَّ يُجَاري ظلَّهُ وهو أوْحدُ
وما أغْرَقَ المُدَّاحُ إلا غَلا بِهِ / وراء مَغَالي مَدْحِهِمْ فيه مَخْلدُ
وأسْلافُ صِدق من عَرَانِين مَذْحجٍ / طوَالُ المسَاعِي ليْس فيهِمْ مزنَّدُ
بَنَوْا مجدَه في هَضْبَةٍ مَذْحجيَّةٍ / ذُؤَابَتُهَا بيْن الفَرَاقد فَرْقَدُ
فَعُجْمتُهُ كِتْمَانُهُ أينَ عَهْدُهُ / وتَوْلِيدُهُ عِرْفَانُه أيْنَ يَعْمِدُ
رماهُ بِحَوْلٍ لا يُطاق وقُوَةٍ / وَلِيٌّ بكلْتَا العدَّتَيْن مُؤَيَّدُ
رأى صَيْدَه من أفْضل الصَّيْدِ كُلِّهِ / على أنَّهُ مِنْ شرِّ ما يُتَصَيَّدُ
فَبَثَّ له تِلْك الحَبائل حَازِمٌ / من القوم كَيَّادٌ قَديماً مُكيَّدُ
مُوَفَّقُ آراءٍ وزيرُ مُوَفَّقٍ / يُعَضِّدُهُ والرُّكْنُ بالركن يُعْضَدُ
إذا نَابَ عنه في الأمورِ رَأَيْتَه / كِلا مَشْهَدَيْهِ لا يُدَانيهِ مشهدُ
عُطَارِدُهُ ما أخْبَتِ الحربُ نَارَها / ومِرِّيخُهُ ما دَامَتِ الحربُ تَوقدُ
يَصُولُ على أعدائه كلَّ صَوْلة / يَضِيقُ لها مِنْهُمْ مَقَامٌ ومَقْعَدُ
فطوْراً بأَقْلاَمٍ تُجَرَّدُ لِلْحِبَا / وطوراً بأسْيافٍ حِدَادٍ تُجَرَّدُ
إذا ما اجْتَبَى مَالاً فَمَالاً أحَالَهُ / قِتَالاً وزِلْزَالاً لمن يَتَمَرَّدُ
وإنِّي على رَغْمِ الأعادي لَقائلٌ / وإن أبْرَقُوا لي بالوَعِيدِ وأرعَدُوا
لِيَشكُرْ بَنُو الإسلام نعمةَ صاعدٍ / بل النَّاسُ طُرّاً قَوْلَةً لا تُفَنَّدُ
وإنْ تكفُروا فاللَّهُ شَاكرُ سَعْيه / عَلَى الكَافِرِيهِ والنَّبيُّ محمدُ
لأطْفأ ناراً قد تعالى شُوَاظُهَا / وأوْقَدَ نُوراً كاد لولاه يَخْمَدُ
وَمَا مذْحجٌ إذْ كان منها بمَعْزِلٍ / عن الحْمدِ مَا لَمْ يَجْحَدِ الحقَّ جُحَّدُ
أَمَذْحجُ أحْسنْتِ النضالَ فأبشِري / بِشُكرِكِ عند اللّه والقَرْضُ يُشْكَدُ
لئن نصر الأنْصارُ بَدْءاً نبيَّهمْ / لقد عُدْتُم بالنصر والعودُ أحمدُ
وأنتُمْ وهُمْ فَرْعَانْ صِنْوَانِ تلتقي / مَناسِبُكُمْ في مَنْصِبٍ لا يُزَهَّدُ
يَمَانُونَ مَيْمُونو النَّقائِبِ فيكُمُ / مُنَاصَحَةٌ صِرْفٌ لمن يَتَمَعْدَدُ
تُدَبِّرُنَا منْكم نجومٌ ثَوَاقبٌ / تَبَهْرَمُ في تدبيرها وتَعَطْرَدُ
حُمَاةٌ وكُتَّابٌ تَسُوسُ أكُفُّكُم / رماحاً وأقلاماً بها الملك يُعْمَدُ
مُعرَّبَةٌ أقلامُكم نَبَتَتْ لكُمْ / بحيث الْتَقَى طَلْحٌ وضَالٌ وغَرْقَدُ
لِذلك آخَتْها الرماحُ فأصبحتْ / تَقَوَّمُ في أيْدِيكُمُ وتَأَوَّدُ
إذا ما سَلَكْتُمْ في الصُّدورِ صُدُورَهَا / تَقَصَّدُ فيها عن دماءٍ تَفَصَّدُ
فأهْوِنْ عليكم في المعالي ونَيْلِهَا / هناكَ بما يَدْمَى ومَا يَتَقَصَّدُ
ولمْ تَسْلُكُوا فيما أتْيتُمْ مَضِلَّةً / وكلنْ لكُم فيهِ طريقٌ مُعَبَّدُ
وَمَا نِلْتُمُ مانلتمُ أنْ جُدِدْتُمُ / ولكن جَدَدْتُمْ والمُضِيعُونَ سُمَّدُ
أرى منْ تعاطَى ما بلغْتُم كَرَائمٍ / مَنالَ الثريَّا وهو أكْمهُ مُقْعَدُ
وَضِدٍّ لكم لا زَالَ يَسْفُلُ جَدُّهُ / ولا بَرِحَتْ أنفَاسُه تَتَصَعّدُ
يرى زِبْرِجَ الدنيا يرفُّ عليكُمُ / ويُغْضِي عَن اسْتِحْقَاقِكُمْ فهْوَ يُفْأَدُ
وَلَوْ قَاسَ باسْتِيجَابِكُمْ ما مُنِحْتُمُ / لأطْفَأ ناراً في حَشَاه تَوَقَّدُ
ولكنَّهُ يرنُو إلى مَالبِسْتُمُ / وما تحتَه أسْنَى وأعْلى وأمْجَدُ
وآنَقُ من عِقْد العقِيلةِ جيدُهَا / وأحسنُ من سِرْبالِهَا المُتَجرّدُ
شكرتُكُم شكر امْرِىءٍ ذي حُشَاشةٍ / بِكُمْ أصبَحَتْ في جسمه تَتردّدُ
أظلَّتْ سيوفُ الموت أهلَ بِلادِهِ / فَكَشَّفْتُمُ أظْلالَها وَهْيَ رُكّدُ
وأنتُمْ وإن كنتُمْ عَمَمْتُمْ بمَنِّكُمْ / فقد خَصَّنِي من ذاك ما لسْتُ أجحدُ
وكنت امْرَءاً أوْفَى الصَّنِيعةَ شكْرَهَا / وإنْ كان غيري بالصَّنِيعَةِ يُقصدُ
أُرَانِي إذا ما فُزْتُ منها بجانبٍ / كأَنِّيَ مخْصُوصٌ بها مُتَوَحّدُ
ومن شَكَرَ النُّعمَى عُمُوماً فشْكرُهُ / إذا هيَ خَصَّتْهُ أجَمُّ وأحشَدُ
وأَوْلَى امْرئٍ أنْ تَشمَلُوهُ بفضلكم / نَقِيذُكُمُ والموتُ أسْودُ أربَدُ
ومَنْ تُنقِذُوهُ تَضْمَنُوا ما يُعِيشُهُ / وما تَغْرِسُوه لا يَزَلْ يُتعهّدُ
وإنِّي لَمُهْدٍ للمُوَفَّقِ شكْرَهُ / وشُكْرَكُمُ عنْ كلّ منْ يتشهَّدُ
فمن مُبْلِغٌ عنِّي الأميرَ الذي به / رَسَا الأُسُّ وانْتَصَّ البناءُ المسنّدُ
وعَرّى لَمَرْضَاة الإِله مَنَاصِلاً / غِضَاباً عِضَاباً ليس فيهنَّ مُعضَدُ
أبا أحْمدٍ أبْلَيْتَ أمَّةَ أحْمدٍ / بلاءً سَيَرْضَاهُ ابنُ عمِّك أحمدُ
حَقَنْتَ دِمَاءَ العَقْرِ والعُقْرِ بعْدَمَا / هُريقَتْ حَرَاماً والخَليُّون رُقّدُ
وأمَّنْتَ لَيْلَ الخائِفِين فَهَاجِدٌ / وشَاكِرُ نُعْمَى قَائِمٌ يتَهجَّدُ
بكَ ارْتُجِعَ الإِسْلامُ بعدَ ذهابِهِ / وعَادَ مَنَارُ الدِّينِ وهْوَ مُشيّدُ
قَتَلْتَ الذي اسْتَحْيَا النساء وأصْبَحتْ / وَئِيدَتُهُ في البَرَّ والبَحْرِ تُوأدُ
وَقتَّلَ أجْذَالَ العِبَادَةِ عَنْوَةً / وهُمْ رُكَّعٌ بَيْنَ السَّوَارِي وسُجَّدُ
يَنَالُ اليهودُ الفاسِقُونَ أَمَانهُ / وَيَشْقَى به قَوْمٌ إلى اللّه هُوَّدُ
حَصَرْتَ عميدَ الزَّنْج حتَّى تَخَاذَلَتْ / قُواهُ وأَوْدَى زادُهُ المُتَزَوَّدُ
فَظَلَّ ولمْ تَقْتُلْهُ يَلْفِظُ نَفْسَهُ / وظلَّ ولم تأْسِرْهُ وهْوَ مُقَيَّدُ
وَكَانَتْ نَوَاحيهِ كِثَافاً فلمْ تزل / تَحَيّفُهَا سَحْتاً كَأَنَّكَ مِبْرَدُ
تُفَرِّقُ عنْهُ بالمكائِدِ جُنْدَهُ / وَتَزْدَادُهُمُ جُنْداً وجيْشُك مُحْصَدُ
ولو كُنْتَ لمْ تَزْدَدْهُمُ وَقَتَلْتَهُمْ / لكَانَ لهُ في قَتْلهمْ مُتَبَرَّدُ
ولكنْ بَغَى حتى نُصِرْتَ فلم تَكُنْ / تُنَقِّصُهُ إلّا وأَنْتَ تَزَيَّدُ
وَلاَبِسُ سَيْفِ القِرْنِ عنْدَ اسْتِلابِهِ / أضَرُّ لَهُ مِنْ كَاسِرِيهِ وَأَكْيَدُ
نزلْتَ بِهِ تَأْبَى القِرَى غيْرَ نَفْسه / وذَاكَ قِرىً مِنْ مِثْلِهِ لَكَ مُعْتَدُ
بِأرْعَنَ لَوْ يُرْمَى بِهِ عُرْضُ يَذْبُلٍ / لأصْبَحَ مَرْسَى صَخْرِهِ وهْوَ جَدْجَدُ
إذا اجْتَازَ بَحْراً كَادَ يُنْزَحُ مَاؤُهُ / وإنْ ضَافَ بَرّاً كَادَتِ الأرْضُ تُجرَدُ
فَمَا رُمْتَهُ حتى اسْتَقَلَّ برأْسِهِ / مكانَ قَنَاةِ الظَّهْر أسْمَرُ أجْرَدُ
تَطِيرُ عَلَيْهِ لِحْيةٌ منه أصْبَحَتْ / لهُ رايةٌ يَهْدِي بها الجَيْشَ مِطْرَدُ
تَرَاهُ عُيُونُ الناظرين ودُونه / حجابٌ وبابٌ من جَهنَّمَ مُؤْصَدُ
يسيرُ لَهُ في الدُّهْم رأْسٌ مُعَطَّنٌ / وجُثْمانُهُ بالْقَاعِ شِلْوٌ مُقَدَّدُ
مَنَاكَ لَهُ مِقْدَارُهُ فكأنَّمَا / تَقَوَّضَ ثَهْلاَنٌ عليه وَصِنْدَدُ
ولَمْ تَأْلُ إنْذاراً لَهُ غَيْر أنه / رَأى أنَّ متْنَ البحر صَرْحٌ مُمَرَّدُ
حَدَوْتَ بِهِ نَحْوَ النَّجَاةِ كأنَّما / مَحَجَّتُهُا البيْضَاءُ سَحْلٌ مُمَدَّدُ
فلمَّا أبى إلا البَوَارَ شَلَلْتَهُ / إلى النَّارِ بئسَ المورِدُ المُتورَّدُ
سَكَنْتَ سكُوناً كان رَهْناً بِعَدْوَةٍ / عَمَاسٍ كذاكَ اللَّيْثُ للوَثْب يَلْبَدُ
وحَامَى أبُو العبّاسِ في كل مَوْطِنٍ / على يَوْمِهِ ثَوْبٌ من الشرِّ مُجْسَدُ
مُحَاماةَ مِقْدامٍ حَيُودٍ عن الهوى / ولكنَّهُ عن جانِبِ العار أحْيَدُ
وما شِبْلُ ذاكَ الْلَّيْث إلا شَبيهُهُ / وغَيْرُ عجيبٍ أن تَرَى الشبل يأْسَدُ
وما بِئْسَ عوْن المرْءِ كان ابنُ مَخْلدٍ / نَصِيحُكَ والأعْدَاءُ نَحْوَكَ صُمَّدُ
مَضَى لَكَ إذْ كَلَّ الحديدُ منَ الظُّبَا / وحَاطَكَ إذْ رَثَّ النَّسيجُ المسَرَّدُ
وَهَتْ كُلُّ دِرْعٍ فَانْثَنَى كُلُّ مُنْصُلٍ / سِوَى صَاعِدٍ والموتُ للموت يَنْهَدُ
فلا يَبْعد الرَّأيُ الذي اخْتَرْتَهُ بِهِ / وقَرَّبْتَهُ بَلْ مَنْ أَبَى ذاكَ يَبْعدُ
أمَا لَئن اسْتَبْطنتَهُ دُونَ مَنْ دَنَتْ / إليْكَ به القُرْبى وَهَنْبَث حُسّدُ
لَكَمْ دَاخِلٍ بينَ الخَصِيمَيْنِ مُصْلحٍ / كما انْغَلَّ بيْن العيْنِ والجِفْنِ مرْوَدُ
تَرَى العيْن والمَلْمُولَ يَبْطُنُ جَفْنَها / إذَا ما غدا إنْسَانُها وهو أَرْمَدُ
تَشَكَّى فلا يُجْدِي عَلَيْهَا لَصِيقُها / فَتُدْني الذي يُجْدِي وقُرْبَاهُ أبْعَدُ
وما زلْتَ مَفْتُوحاً عليك بِصَاعِدٍ / تَفُوزُ وتَسْتعلي وتَحْظَى وتَسعَدُ
بتَدْبيره طَوراً وطْوراً بيمْنه / ومَا قادَهُ التَّدبيرُ فاليُمْنُ أقْوَدُ
فَمنْ يُمْنِهِ إنْ غَابَ عَنْكَ مُدَيْدَةً / فَنَالَكَ دُونَ الدِّرْعِ أزْرَقُ مُصْرَدُ
فَلَمَّا أراكَ اللَّهُ غُرَّةَ وَجْهِهِ / تراءى لكَ السَّعْدُ الذي كنْت تَعْهَدُ
بَرأتَ بِهِ مِنْ كُلِّ ما أنْتَ ضَامنٌ / وأنتَ لِشَرْوى تلْكَ منْهُ مُعَوّدُ
وبُدِّلْتَ منْ قَرْحٍ بِفَتْح مُسَيَّرٍ / بأمْثَاله غاظ الحسُودَ الْمَحَسَّدُ
أَلاَ ذلكَ الفتْحُ المبين هَنَاؤه / فَتَمَّ وَلاَقَاهُ يَزِيدٌ ومَزْيَدُ
ومنْ يُمْنِهِ أن دُمِّرَ العَبْدُ وابْنُهُ / وَمَلّاحُ قُنٍّ فالثَّلاثَةُ هُمَّدُ
وأُتْبعَ أهْلُ الفِسْقِ مِنْ أَوْلِيَائه / فَوَافَاهُ والباقُونَ فَلٌّ مُشَرَّدُ
كَأنِّي بهم قدْ قيل عند بَوارِهِم / رَعَوْا ظِمْأَهُمْ حتَّى إذا تَمَّ أوْرَدُوا
زُرُوعٌ سقاها اللّه رِيّاً فَأثْمرَتْ / عُتِيّاً فأضْحَتْ وَهْيَ للنَّارِ تُحْصَدُ
يَقُولُ مَقَالِي في نَصيحِك مَنْ مَشَى / وَيقْدُمُهُمْ في ذَاكَ مَنْ يَتَبَغْدَدُ
وما قيلَ فيه مِنْ مديح فإنه / مديحُكَ والنِّيَّاتُ نَحْوَكَ عُمَّدُ
إذا ما الأعادِي حاولَتْ كَيْدَ صَاعِدٍ / غَدا يَتَعَالى والأعادِي تَوَهَّدُ
وحارَبَ عَنْ نَعْمَائِهِ رَيْبَ دَهْره / من البر والمعروف جُندٌ مُجنَّدُ
وأهْلٌ لذاك المَذْحجِيُّ ابنُ مَخْلَدٍ / مَعَ الخُلْدِ لَوْ أَنَّ ابنَ آدمَ مُخْلَدُ
حَلَفْتُ بمنْ حَلّاهُ كلَّ فَضِيلة / بأمْثَالِها سَادَ المَسُودَ المُسَوَّدُ
لقدْ نَالَ مَنْهاةَ العَلاَءِ وإنَّه / بأنَّ ابْنَهُ مِثْلَ العَلاءِ لأسْعَدُ
ألاَ ذَلِكَ الفوْز الذي لا إخاله / على غيره من سائر القوم يُحْشَدُ
فتى الدِّين والدُّنْيَا الذي أذْعَنَا له / ففي خِنْصَرٍ منْهُ لِصَعْبَيْنِ مِقْودُ
هُو التَّاجُ والإِكْلِيلُ في كلِّ مَحْفِلٍ / بل السَّيْفُ سيْفُ الدولة المُتَقَلّدُ
يَزِينُ ويَحْمِي وَهْوَ في السِّلْم زينةٌ / لمن يَرْتَدِيه وهو في الحرب مِزودُ
وليْسَ بأنْ يَلْقَى ولكِنْ بأنْ يَرَى / بآرائه اللَّاقُون والهامُ تُجْلَدُ
تراهُ عن الحرب العَوَان بِمَعزلٍ / وآثارُهُ فيها وإنْ غابَ شُهَّدُ
كما احْتَجَبَ المِقْدارُ والحُكْمُ حُكْمُهُ / على الناس طُرّاً ليس عنه مُعَرَّدُ
إذا ما نَبَا سَيْفٌ فلاَحَظَ رأْيَهُ / فَمَوْقِعُهُ مِمَّنْ تَوَخَّى مُمَهَّدُ
فتىً رُوحُهُ ضوْءٌ بَسِيطٌ كيَانُهُ / ومَسْكَنُ تلكَ الرُّوح نُورٌ مٌجَسَّدٌ
صَفَا ونَفَى عنه القَذَى فكأنَّهُ / إذا ما اسْتَشَفَّتْهُ العُقُولُ مُصَعَّدُ
فتىً هَاجَر الدُنْيَا وحرَّمَ رِيقَهَا / وَهَلْ رِيقُها إلا الرَّحيقُ الموَرَّدُ
وَلَوْ طَعِمَتْ في عطْفِه وَوِصَالِهِ / أبَاحَتْهُ منْها مَرْشفاً لا يُصَرَّدُ
أبَاهَا وقد عَنَّتْ له من بَنَاتِهَا / كَوَاعِبُ يُصْبينَ الحلِيمَ ونُهَّدُ
فَمَا حَظُّهُ ممَّا حَوَتْ غير أنه / يُؤَثِّلُ فيها الأجْر أو يَتَحمَّدُ
فتىً يَبْدَأُ العَافِينَ بالبَذْلِ مُعْفِياً / فإنْ عَادَ عَافٍ فهْوَ بالبذْلِ أعْودُ
رَجَاءُ مُرَجِّيهِ لَدَيْهِ كَوَعْدِهِ / ومَوْعِدُهُ إيَّاهُ عهْدٌ مُؤكَّدُ
فَتىً لا هُدىً إلّا مصابِيحُ رَأْيِهِ / ولاَ غوْثَ إلا فَضْلُهُ المُتَعَوَّدُ
حَكِيمُ أقاليمِ البلادِ كَريمُها / مُسِائلُهُ يُهْدَى وعَافِيهِ يُرْفَدُ
وأحْسَنُ شيءٍ حكمةٌ أخْتُ نِعْمَةٍ / وكِلْتاهُما تُبْغَى لديْهْ فَتُوجَدُ
رَآهُ رَضِيعاً كلُّ مَاضِي بَصِيرَةٍ / فقالُوا جميعاً قُنَّةٌ ستُطوَّدُ
فَصَدَّقهُمْ مِنْهُ لَعَشْرٍ كَوَامِلٍ / خَلَوْنَ لَهُ طَوْدٌ بِهِ الأرضُ تُوتَدُ
غدا المجْدُ والتَّمجِيدُ يكْتَنِفَانِهِ / جميعاً وكم من ماجدٍ لا يُمَجَّدُ
أخُو حَسَبٍ ما عدَّهُ قَطُّ فَاخِراً / على أنه في كلِّ حَيٍّ مُعَدَّدُ
فَمُطَّرِفٌ مِمَّا تَكَسَّبَ مُحْدَثٌ / وآخَرُ قُدْمُوسٌ على الدَّهْر مُلْتَدُ
وَلا خَيْرَ في البُنْيانِ غيْرَ مُشَرَّفٍ / ولا خيْرَ في تشْرِيفِهِ أوْ يُوَطَّدُ
ومَاءٍ كفَقْدِ الماءِِ أعْلاَهُ عَرْمَضٌ / وأسْفَلُهُ لِلمُستَمِيحينَ حَرْمَدُ
وسائرُهُ مِلْحٌ أُجَاجٌ مُرَنَّقٌ / خَبيثٌ كَريهٌ وِرْدُهُ حِينَ يُوَرَدُ
سَقَيْتُ به خُوصاً حَرَاجِيحَ بعْدَمَا / سقَى مَاءها التَّهْجِير خِمْسٌ عَمَرَّدُ
مَرَاسِيلُ ما فيهنَّ إلا نَجِيبَةٌ / مَطُولٌ إذا مَاطَلْتَها السَّيْرَ جَلْعَدُ
أمُونٌ على الحَاج البعيد مَرَامُهُ / وإن خان مَتْنَيْها السَّديفُ المُسَرهَدُ
مِنَ اللائي تَزْدادُ انْدماجاً ومُنَّةً / إذا هِيَ أنْضَاها السِّفَارُ العَطوَّدُ
كَمَا جُدِّلَتْ فاسْتَحْكَمَتْ عنْدَ جَدْلِها / مرائرُ في أيْدِي المُمرِّين تُمسَدُ
إذا اسْتُكْرهَتْ فهْيَ الصُّوَارُ وَرَاءهُ / مَكَاسِيبُ أمثالُ اليعاسِيبِ تُوسَدُ
وَقُفٍّ يَرُدُّ الخُفَّ يَدْمَى فَمَرْوُهُ / بِمَا عُلَّ مِنْ تِلْكَ الدِّماءِ مُجَسَّدُ
عَسَفْتُ ودَوٍّ كالسَّماءِ قَطَعْتُهُ / إذا انْجَابَ منْهُ فَدْفَدٌ عَنَّ فدْفَدُ
لألْقَى أبا عِيسى العلاء بنَ صَاعِدٍ / أَجَلَّ فتىً يُسْمَى إليه ويُوفَدُ
فَيَعذبُ لي مِلْحٌ من العيْشِ آسِنٌ / ويَسْهُلُ لي وعْرٌ من الدهر قَرْدَدٌ
بني مخَلدٍ أهْلاً بأيَّامِ دَهْركُمْ / وَبُعْداً لمن يَشْجَى بها وهو مُبْعَدُ
شَكَى طُولَهَا مُسْتَثْقلُو العُرفِ إذْ غَدَتْ / وفي كُلِّها للعرف عِيدٌ مُعَيَّدُ
بِكُمْ عَمَرَتْ أوْطَانُ كُلِّ مُرُوءةٍ / وقد جَعَلت تلك المغاني تَأبَّدُ
لَكُمْ كلُّ فيَّاضٍ يَبيْتُ لِنَارِهِ / مُنادٍ يُنادِي الحائرين ألا اهْتَدُوا
إذا ما شَتَا كادتْ أنامِلُ كَفِّهِ / تذوبُ سَمَاحاً والأنامِلُ جُمَّدُ
ومنكم أبُو عيسى الذي بَاكَرَ العُلا / ولم يُلْهِهِ عَيْشٌ رَفِيهٌ ولا دَدُ
على بَحْرِهِ يُرْوَى الظِّمَاءُ ونَحْوَهُ / يشيرُ إذا ما غُصَّ بالماء مَزْرَدُ
ألا تلكُمُ النُّعْمَى التي ليس شكرُها / سوى مِنَنٍ أضحت لكم تُتَقَلَّدُ
وحَاكَةُ شِعْرٍ أحسنوا المدح فيكُمُ / بما امْتَثَلُوا ممَّا فعلتُمْ وجوَّدُوا
فباعوه منكم بالرغائب نافقاً / لديكم هنيئاً نَقْدكُمْ لا يُنكَّدُ
ولَولا مسَاعِيكم وجُودُ أَكُفِّكُمْ / إذا ما أجادُوا أَوْ أَجَادُوا وأكْسَدُوا
فلا تَحْمَدُوا مُدَّاحَكُمْ إن تغَلْغَلوا / إلى مَمْدَحٍ فيكم بل اللّه فاحْمَدُوا
كرمْتُمْ فَجَاشَ المعْجِمُون بمدحكم / إذا رجَزُوا فيكم أَثَبْتُمْ فَقَصَّدُوا
كما أزْهَرَت جنَّات عدنٍ وأثمرتْ / فأضْحت وعُجْمُ الطير فيها تُغَرِّدُ
أذِلْهَا أبا عيسى لَبُوساً فإنها / سَتبقى ويَبْلى الأتْحَمِيُّ المعَضَّدُ
وعِشْ عيْش مَحْبُورٍ بدار إقامة / وأمثالُهَا سَيَّارةٌ فيك شُرَّدُ
وفيها لمن قدَّمْتُ ذكراه مَلْبَسٌ / تظلُّ به والطَّرفُ نَحْوك أقْوَدُ
وكلُّ مديحٍ في امرِئٍ فهو في ابنِهِ / وإن كان موسُوماً به حينَ يُنْشَدُ
إليكَ بلا زادٍ رحلتُ مؤمِّلاً / وقلتُ لنفسي والركائب وُخَّدُ
عُتِقْتِ من الأطْمَاع يوم لقائه / ورِقُّ ذوي الأطماع رقٌّ مُؤَبَّدُ
وما شافِعي إلا سَماحُك وحدَه / ولا وُصْلَتي إلا المديحُ المجوَّدُ
ومن ذا الذي يعْفُو نداك بشافِعٍ / ويصحبُهُ عند انْتِجاعِكَ مِزْوَدُ
وإنَّ امرءاً أضحى رجاؤك زادَه / وإنْ لم يُزَوَّدْ غَيْرَهُ لمُزَوَّدُ