أَحبّاي أَمّا الودُّ منّي فَراسخُ
أَحبّاي أَمّا الودُّ منّي فَراسخُ / وإن حالَ دوني عن لقاكم فراسخُ
كأَنَّ نَهاري بعدكم نابُ حَيَّةٍ / وَليلي إذا ما جنَّ أسودُ سالخُ
نأيتم فَلا حرُّ الفِراقِ مُفارِقٌ / فؤادي ولا جمرُ الصَبابة بائخُ
وَكَيفَ وأَنفاسي من الشَوق والجَوى / لنارِ الأَسى بين الضُلوع نَوافخُ
لئن نسخَ البينُ المشِتُّ وِصالَنا / فَما هو للحبِّ المبرِّحِ ناسِخُ
وَلَيلٍ كَيوم الحَشرِ طُولاً سَهرتُهُ / وَبين جُفوني وَالمَنام بَرازِخُ
وَكَم لَيلَةٍ مَدَّت دُجاها كأَنَّما / كواكِبُها فيها رواسٍ رواسِخُ
أَرِقتُ بها وَالصبحُ قد حالفَ الدُجى / فَما نَسرُها سارٍ ولا الديك صارخُ
كأَنَّ نجومَ الأفق غاصَةُ لُجَّةٍ / توحَّلنَ فالأَقدامُ منها سوائخُ
كأَنَّ حناديسَ الظَلام أَداهِمٌ / لَها غُدرٌ ملء الجباه شوادِخُ
كَأَنَّ سهيلاً راح قابسَ جَذوَةٍ / فَوافى وأَنضاءُ النجوم روابخُ
كأَنَّ صغارَ الشُهب في غَسَق الدُجى / فِراخُ نُسورٍ والبُروج مَفارِخُ
كأَنَّ مُعلّى القُطب فارسُ حومة / علا قِرنَه في مُلتَقى الكرِّ شامخُ
كأَنَّ رَقيقَ الأفق بُردٌ مفوَّفٌ / له مَوهنُ الظَلماء بالمسك ضامخُ
كأَنَّ ذُكا باعَت من المُشتَري اِبنها / فَلَم تَستَقِل بَيعاً ولا هو فاسِخُ
فَيا لكَ من لَيلٍ طَويلٍ كأَنَّه / على كُلِّ لَيلٍ بالتَطاول باذِخُ
وَفي القَلب أَنواعٌ من الشوق جمَّةٌ / تُدَكُّ لأدناها الجِبالُ الشوامخُ
وَلا مثلُ شَوقي لابنِ عَبدٍ فإنَّه / لِصَبري إذا حاولته عنه ماسخُ
فَيا أَيُّها الشَيخُ الَّذي أَذعَنَت له / شَبابٌ عَلى علّاتها وَمَشايخُ
لَعَمري لأَنتَ الصادقُ الودّ في الوَرى / ومَن حُبُّه في حَبَّة القَلب راسخُ
لكَ الكَلِماتُ الغرُّ وَالمَنطِقُ الَّذي / أَقرَّ له بالفضل قارٍ وَناسِخُ
عليك سَلامُ اللَه ما حَنَّ مُغرَمٌ / وما دوَّخ الأَحشاء للشَوق دايخُ