المجموع : 5
أَطلب الوصلَ وأيامي تشحُّ
أَطلب الوصلَ وأيامي تشحُّ / والهوى يزدادُ والدمعُ يَسُحُّ
كم ليالٍ لو أَذُقْ فِيهَا الكَرَى / أَسهرتْني لوعةٌ فِيهَا وبَرْحُ
أَلمَحُ النجمَ متى مَا شِمْتُه / يَا ليالي الوصل هل لي منك لَمْحُ
ظُلماتٌ بالدُّجى كَم لي بِهَا / زَفَراتٌ تقطعُ الأحشا وتَلْحُو
كأسُ شوقي بالحَشى قَدْ طَفَحتْ / ليت شِعري هل لكأْسِ الوصل طَفْح
ما لنارِ الشوقِ تَذْكُو كلما / سال دمعي مَا خَباها قَطُّ نَضْح
أَغرقتْني سُحْبُ عيني بالبكا / وبقلبي من سَعير الوجدِ لَفح
ضِدانِ فِي قلبي وعيني جُمعا / كَيْفَ فِي حكم الهوى هَذَا يَصِحّ
يا لَهَا من مُزْعِجاتٍ بالحَشى / تُمرِض الجسمَ وللأسرى تَصِح
كدتُ لولا أملي أفضِي هَوىً / يَا أُهيلَ الحبِّ هل للوعد نُجْح
شاب رأسي كم أُقاسِي هل تُرَى / يَسْمحوا لي بوصالٍ أَوْ يَشحٌّوا
طال ليلي فِي سُهادٍ وبُكا / أَمسحُ الدمعَ وَمَا للسهدِ مَسْحُ
غُلِق الشرقُ عن الصبح فما / لليالي الصبِّ يَا ذا قط صبح
كم أُقاسي من هموم الدهرِ كم / لَيْسَ بَيْنَ الدهرِ والأحرار صلح
إنما الدهرُ همومٌ وهَنا / وحياةُ المرءِ فِي دنياه كَدْح
لا يطيب العيشُ إِلاَّ لفتى / قَدْ تَساوَى عنده خُسْر ورِبح
ترك الدهرَ وولّى هارباً / من بنيه مَا لهذا الدهر نُصْح
أَسكرتْني همومُ الدهرِ فيا / لَكَ دهرٌ من بَلاهُ لستُ أصحو
كم أراني زمنُ الفكرِ بِهَا / مُزعجاتٍ كلُّها للقلبِ قَرْحُ
كم أُداوي القلبَ قَلَّت حيلتي / كلما داويتُ جرحاً سال جرح
نَعتِب الدهرَ وَمَا الدهرُ أسا / أهلَ ودي مَا لهذا الدهر جُنْحُ
إنما الدهرُ صباحٌ ومساءٌ / وكلا هذين إغلاقٌ وفتحُ
ذَلِكَ السكونُ صُروفٌ وفَناً / وزوالٌ ثُمَّ ضِيقَ ثُمَّ مَسْح
نحن سَفْرٌ والليالي سُفُن / كم لَهَا فِي أَبْحُر الأَعمارِ سَبْح
عشت دهراً لَمْ أجد خِلاًّ سِوَى / مظهرِ الفحشا وبالحُسنى يَبَحّ
إنْ تَبَدَّى فسُلاف سَلْسَل / أَوْ تَناءى فَأُجاج الطعم مِلْح
إِن تَسَلْني عن بني الدهر فسَلْ / إن قلبي لعلوم القوم صَرْحُ
كم بشوشٍ وهْو صِلٌّ أَرْقَم / فِي حَشاه من زِنادِ للغِلِّ قَدْح
ضاق ذَرْعي من أُناسٍ / دَأْبهمَ دائم الدهرِ مُعاداة وقَدْح
أتعبوني كم أُدارِي إنهم / فِي فؤادي نَصَبٌ مُعْيٍ وقَدْح
أهلَ ردى إنْ تُسيئوا عِشْرَتي / إن قلبي بخلوصِ الود قُح
لستُ أَشكو ضيقَ دهرِي أبداً / إنْ يكن لي من مليك العصر فَسْح
رَحْبُ خَلْقٍ رحب خُلقٍ أروعٌ / طَودُ حلمٍ فَيْصَلُ الأحكامِ سَمْح
مَلكيٌّ ذو صفات قُدِّست / دونَ مَرْقاها لرأسِ النجمِ نَطْح
كتب الجودُ عَلَى أعتابه / ابن تُركي لسطورِ البخلِ يمحو
إن قِداحٌ للمعالي ضُرِبت / فالمُعَلَّى لأبي تيمورَ قِدْح
أو رياحُ الحربِ يوماً عَصَفت / فعِداهُ بسَموم السيفِ سَدْح
مَا استطالتْ للأَعادي شوكةٌ / مذ ثَناها من يد الأقوام كَفْح
فيَداه للمُوَالي مَرْهَمٌ / ويداه للمُعادِي الخصمِ جُرح
يسبِقُ البرقَ ذكاهُ حِدَّةً / فيُريه الفكرُ مَا يُخفيه جُنْحُ
قَيَّد المجدَ حفيظاً حارساً / وبيوتَ المالِ للعافين سَرْح
مَا أتاه وافدٌ إِلاَّ انثنى / وعليه من سحاب الجودِ سَحّ
يَا لَنفسٍ لَمْ تَجِدها طَمَحت / إن نفسَ الحرِّ لفحشاءِ كَبْح
في رِياض المجدِ نفسٌ غُرِست / فشَذاها من عَبيرِ الفضلِ نَفْح
قد زَهَت أغصانُها من كرمٍ / فجَناها كرم مَحْضٌ وصَفْح
هاجمتْني نِعَمُ القُرْبِ كما / صاهمتْني نِقَمٌ بالبين تلحو
فربُكم أهْنَى حياةً لفتى / وكذاك البعدُ للأحبابِ ذَبْحُ
عِيسُ رَجْوَى أَقلقتْنِي نجوكم / إذ حَداها كَرم منكم ومَنْح
حُثْحِثت تَسرِي برَكْبٍ ولكم / لِحِماكم ساقَها الدهرُ المُلِحّ
طالما أَوْقرتُموني كرماً / فهْي غَرْثَى مَا لذاك الحال شَرْح
ما لحصرِ المدحِ فيكم أَمَدٌ / فقُصوري عن دِراكِ المدح مدح
قُمْ بالغُدُوِّ وأترِع الأَقْداحا
قُمْ بالغُدُوِّ وأترِع الأَقْداحا / واشربْ عَلَى نَغَم الهَناءِ الرَّاحا
والثِمْ بنفسجَ ثغرِها مَشْمولةً / أَرج الهنا فلم يزل نَفّاحا
وانعشْ بكأس الراح روحَ حياتنا / أَوْ مَا ترى ساقي الهَنا مرتاحا
نشوانَ من طربِ السُّرور وهكذا / كأسُ المَسرَّة لَمْ يزل رَنّاحا
قم فاسقِنيها إِنْ تِشأْ ممزوجةً / ماءَ الحياة وإِنْ تشأ فقُراحا
نسجَ الزمانُ من السرور أَديمها / فلذاك صَفق بالهناءِ وباحا
رقصتْ لياليه فبِتْنا نَجتَلِي / وجهَ البشائر غُدوةً ورَواحا
قطفتْ يدُ الأَفراحِ زهرةَ أُنسِها / فغدتْ تفوح بنفسجاً وأَقاحا
رقَّ الزمانُ لَطافةً فكأنما / نثر السرور بصحنه أفراحا
وزهتْ عروسُ البِشْر تَحْتَ بهائها / فتُخال من فَرْطِ الدَّلالِ رَداحا
خلعتْ ليالي الدهرِ حُلةَ نَسْجِها / وتلبَّست سعدَ السعود وِشاحا
وتَرنَّمت وُرْقُ التَّهاني سُجَّعاً / ببديع نظم يسلبُ الأرواحا
وسَختْ أيادي السُّحبِ تُمطر بالحيا / فرحاً وكُنَّ بوَبْلِهِنَّ شِحاحا
واخضرَّ وجهُ الأرضِ وابتسم الحَيا / وتَرنَّح الزمنُ الطَّروف جِماحا
أنسٌ بِهِ رقَص الزمانُ ومن بِهِ / وبنَشْرِه أَرجُ البشائر ماحا
فهُرزت من طرب كَأَنَّ جوانحي / سيف الأمير إذَا أراد كفاحا
ملك سمتْ فَوْقَ السما عَزماتُه / ولَطار فِيهَا لَوْ أُعيرَ جَناحا
جاد الزمانُ وَمَا أجاد بمثله / أَتُراه يدرك بعد ذَاكَ سَماحا
قَدْ كانتِ الدنيا وَلَيْسَ بجِيدها / حُلْيٌ مقلَّدها الثنا أَوْضاحا
دِرعٌ حمى روحَ الخلافةِ وانتضى / سيفاً تقلَّده الزمانُ سلاحا
لا ضيرَ إِنْ شَحَّ السحابُ بمائه / فيداه تُمطر عَسْجداً سَحّاحا
عَلَم بنتْه المَكْرُمات وأَوقدتْ / فِي رأسه لمن اهتدى مصباحا
زانتْ بك الأيام فهْيَ عرائسٌ / مَرِض الزمانُ فعُدن منك صِحاحا
زُفَّت وَقَدْ مُلئت سروراً مذ رأت / طيرَ الهناءِ بفضلكم صَنّاحا
جاءتْ تقبِّل راحَتَيْك وهكذا / من شَفَّه مرضُ الصبابة باحا
تختال فِي مرح السرورِ كَأَنَّها / يوم الخِتان تتوَّخت أفراحا
يومٌ عَلَى فَلك السِّماكِ تطايرتْ / أَفراحُه فأزالتِ الأَتْراحا
عَمَّ البسيطة ناشِراً أعلامَه / بِشْراً فَطَمَّ مَهامِهاً وبِطاحا
يومٌ تَضَمَّخ بالفَخارِ أَديمُه / فغدا بسطح الفرقدين وراحا
فانْعَمْ نَعِمْت أبا سعيد إنما / بختانِ نجلِك قَدْ نعمتَ صباحا
رَبَّته قابلةُ الخلافةِ فانْتَشا / بَعْلاً لَهَا فلَيهنأنَّ نِكاحا
بسعيدَ قَدْ سعد الزمانُ وأهلُه / وبسعدِه نال الأنامُ فَلاحا
فَلْيَهْنَ عرشُ الملكِ بالسِّبط الَّذِي / لا زال يرجو الملكُ منه نجاحا
غضنٌ نَشا من دَوْحَةِ الشرفِ الَّتِي / أضحى الزمانُ بزَهْرها نّفّاحا
مَا أُغلِقت طُرق المكارمِ مذ غدا / مفتاحُ مجدهمُ لَهَا مفتاحا
قوم تَزاحمتْ الفضائلُ فيهمُ / حَتَّى اجتمعْنَ فلم يجدنَ سَراحا
والدهرُ أَفصحَ عن بدائعِ مجدهم / عَلَناً يُحدِّث عنهمُ إِفصاحا
حُقِنت دماءُ المجدِ لما أن غدا / سيفُ العلى بيمينهم سَفّاحا
ي أَيُّهَا الملك الَّذِي إنعامُه / أضحى بِهَا كفُّ الندى مَنّاحا
أَحْجرتَ عرشَ الملكِ حين قهرتَه / والمالُ فِي كفيك صار مُباحا
فَلأَنتَ روحُ الكونِ أنت حياتُه / لولاك كَانَ أُولو النُّهى أشباحا
كتبتْ دواوينُ المكارمِ منكمُ / صُحُفاً طُبِعن فأَعْيتِ الشُّرّاحا
فغدا لسانُ الكونِ ينطق جَهرةً / فمديحُكم قَدْ أَفْحمَ المُدّاحا
كم ذا أُشمِّر ساعِديّ فأَنثني / عجزاً فأُرهِق بالرجوع جِراحا
فأُرَدّ والأوهامُ تَعتِب فكرتي / فأرى الفتور عن المديح جُناحا
فأَتيتُ أَظلَع والمعارك ضلَّع / مَاذَا البِراز وَلَمْ أكن رَمّاحا
لكنما عجزي وذَريعَتي الَّتِي / قَدَّمتها بيد المليك صُراحا
فمشيتُ فِي حُلل الحَيا متعثراً / ويدُ الرجاءِ تُلحُّنى إِلحاحا
ثقتي بأن مدائحي مقصورةٌ / فِيهِ وَلَمْ تر فِي سواه مُراحا
فجثوتُ والركبانُ حولي جُثَّماً / وعليهِمُ مطر السَّخا نَضّاحا
فطفقتُ من جَذلٍ أَمجُّ مَدامعي / عجباً من السَّرّا أَكُنْ نَوّاحا
نَشر الزمانُ من السرورِ جَناحاً
نَشر الزمانُ من السرورِ جَناحاً / وغدا الهناءُ بِبِشْره صَدّاحا
وارتجَّتِ الأكوانُ من فرحٍ وَقَدْ / لبس الزمان من السرور وِشاحا
وافْتَرَّ ثغرُ الدهرِ يَبْسِم بالهَنا / والأرضُ من فرحٍ تَمُجّ الراحا
والطيرُ تهتف بالهَديل تَرنُّماً / طرباً وتَصْدَح غُدوةً ورواحا
والدَّوح صَفّق بالغصونِ وَقَدْ زَها / زهرُ الرياضِ بنفسجاً وأَقاحا
فرحاً بمن سَنَح الزمانُ بوصلِه / وسَخا فأَنْعَم بالوصول صباحا
ملكٌ بِهِ تزهو الحياةُ فأَنعِموا / أَهلَ الزمان وقَدِّموا الأَرواحا
ما إِن لَنَا يومٌ تَطيب نفوسُنا / فِيهِ كيوم بالمُملك لاحا
يومٌ بِهِ سَفَر الزمانُ وَضاءةً / وبنَشْرِه أَرَجُ البشَائِر فاحا
وتَرنّحت أعطافُ كلِّ أريكةٍ / شوقاً لمن ملأ الزمان سماحا
فَلْيهنَ عرشُ الملك وَلْيهنَ الدَّنا / ولْيهنَ كلُّ مهنّدٍ سَفّاحا
ولْتطمئنَّ نفوسُ أشباحِ العُلا / ولْنهتدِي بضيائِه مصباحا
بأبي سعيد قَدْ سَعِدنا فَلْيعشْ / سلكانُنا بحلاله مرتاحا
خُلقتُ جَلوداً للأمور الفَوادِحِ
خُلقتُ جَلوداً للأمور الفَوادِحِ / وَمَا كنت خِلْواً من حسودٍ وقادِحِ
فلستُ أبالي من ليالٍ كَوالِح / ولو قَص مني الدهرُ ريشُ جوانحي
فلا أَتشكَّى للعدو فيَشْمتا /
أُصابر دهرِي كلما زلَّ أَوْ عَفا / وَلَمْ أشكُ أحداثَ الزمانِ وإِن جَفا
فسِيّان عندي كدَّر الدهرُ أَوْ جفا / فلا أتشكَّى للصديق مُكاشِفا
فيبقى حزيناً لا يطيق التكلما /
لئن جمع الدهرُ الجفا وشُجونَهُ / وشَتَّت أَسباب الوفا وفُنونَهُ
وقَطَّع أَوْصالَ الصفا وشئونه / فأصبرُ صبراً يَعْجز الصبرُ دونه
إِلَى أن يصيحَ الصبرُ مني تَألُّما /
أَضْنَى الفؤادَ فمن يُرِيحُهْ
أَضْنَى الفؤادَ فمن يُرِيحُهْ / قَمَرِيُّ وجهٍ بل صَبيحه
جَلب السهادَ فمن يُزِيحه / وحَمى الرقادَ فمن يُبيحه