القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 5
قل لنجلا نجلا أبي اللمع إني
قل لنجلا نجلا أبي اللمع إني / عاشقٌ نور فجرها الوضاح
هو للعلم خير فجر تجلَى / مستنيراً بأشهرِ الأوضاع
وسرير الأقلام في الطرس منه / كصياح الديوك في الأصباح
كم تصفّحت فيه من صفحات / عطّرتني بنشرها الفياح
فكأني في النفس والطرس منها / ناظر في بنفسج وأقاحي
ثم إني قرأت فيه لأسما / كلمات بديعة الأفصاح
أيقظتنا بها إلى أن في النو / م ارتياحاً لنا وأيّ ارتياح
صدقتْ في الذي تقول ففحَوى / قولها في غِنىّ عن الإيضاح
حبّذا النوم فهو للروُح رَوْحٌ / من عناء الهموم والأتراح
وهو تجديد قوةٍ ونشاطٍ / لجسوم روازح أطلاح
حبّذا النوم ترتقي النفس فيه / عالماً فوق عالم الأشباح
تلفون به إلى الغيب نُصغي / وتلسكوبنا إلى الأرواح
حبذا النوم إنه شَركٌ يمتد / في الجسم لاصطياد ارتياح
فهو للنفس من مراقي المعالي / وهو للجسم من دواعي الصلاح
حبّذا النوم فهو كالزيت للروّ / ح به تستضيء كالمصباح
وهو معِراجنا إلى أفْق غيبٍ / لن تناهي أبعاده والنواحي
حبّذا النوم وأصلاً بين حيٍّ / ذي ثواءٍ ومّيت ذي براح
حبذا النوم جامعاً بين معشو / ق مقيم وعاشق ذي انتزاح
إن للنوم لذةً هي في الأنفس / أشهى من لذّة الأفراح
أدركتها النفوس بالفعل واستغ / نت بإدراكها عن الإيضاح
أيها القوم إن للنوم سلطا / ناً قوياً لا يُتّقى بسلاح
نافذَ الحكم والقضاء على الإنسا / ن في خزنه وفي الأفراح
وعلى الأسد وهي في الغاب تدأى / وعلى الطير وهي في الأدواح
هي عيني ودمعها نضّاح
هي عيني ودمعها نضّاح / كل حزن لمائها يمتاح
كيف لا أذرف الدموع وعزّي / بيد الذّل هالك مجتاح
قد رمتني يد الزمان بخطبٍ / جللٍ ما لليله أصباح
حيث غمّت عليّ وجهَ سمائي / ظلمات تخفى بها الأشباح
وتواري عن أعيني مضمحلاً / شرف في مواطني وضّاح
يوم أمست لا حماة تذود الضي / م عنّي ولا ظبى ورماح
فأنا اليوم كالسفينة تجري / لا شراع لها ولا ملاح
ضقت ذرعاً بمحنتي فتراءت / قيد شِبر لي الفجاج الفساح
أخرس الحزن منطقي بنحيبٍ / ألسن الدمع فيه ذلق فصاح
انحت حتى رثى العدو لحالي / واعتراني من العويل بحاح
فمياهي هي انسكاب دموعي / وخريري هو البكا والنواح
أوَ ما تُبصر اضطرابي إذا ما / خفقت في جوانبي الأرواح
ليس ذا الموج فيّ موجاً ولكن / هو منّي تنهّد وصياح
إن وجدي هو الجحيم ولولا / أدمعي أحرقتني الأتراح
لو درى منبعي بما أنا فيه / من أسىً جفّ ماؤه الضحضاح
علّه قد درى بذاك فهذا / هو باك ودمعه سفّاح
أين أهل الحِفاظ هل تركوني / نهبةً في يد العدوّ وراحوا
برحوا وادي السلام عجالا / أفجد براحهم أم مزاح
مالهم يبعدون عنّي انتزاحاً / وعزيز منهم عليّ انتزاح
فلئن يبعدوا فإن فؤادي / لا ليهم بودّه طمّاح
تركوني من الفراق أقاسي / ألماً ما تطيقه الأرواح
لو رأوني سبياً بأيدي الأعادي / لبكَوا مثلما بكَيت وناحوا
لا مسائي بعد البعاد مساء / يوم بانوا ولا الصباح صباح
أتمنّى بأن أطير إليهم / بجناح وأين مِنّي الجناح
أنا ادري بأنهم بعد هجري / لم يذوقوا غمضا ولم يرتاحوا
بل هم اليوم عازمون على الزح / ف بجيش به تغصّ البطاح
إن تأنَّوا فربضة الليث تأتي / بعدها وثبة له وكفاح
كيف يغصون عن إغاثة وادٍ / زانه من ودادهم أوضاح
فعليه من فخر عثمان تاج / وله راية الهلال وشاح
أنا باقٍ على الوفاء وإنكا / نت بقلبي ممن أحبّ جراح
فإليهم ومنهم اليوم أشكو / بلّغيهم شكايتي يا رياح
مرت تقول ألا يا ربّ خذ روحي
مرت تقول ألا يا ربّ خذ روحي / كي أستريح بموتي من تباريحي
مَهزولةَ الجسم من فقر ومن نَكَد / مصفَرّة الوجه من همّ وتتريح
باتت بغير عشاءٍ وهي طاوية / وأصبح وهي غَرثَى دون تصبيح
ضَنْكُ المعيشة أضوى جسمها فبدت / شروى خيال بطرق العين ملموح
وأذبلَتْها هموم النفس ناصبةً / فصَوَّحت وجنتيها أيَ تصويح
وَيْلُمِّها عيشةً نكداءَ يابسةً / لم تُبق من جسمها غير الألاويح
في طرفها نظر وانٍ تُرَده / لَمْحَ المريض إذا ما جاد بالروح
تَلَفّعت بدَريس منن تخرُّقه / تخال طُرَّتَه بعضَ التقازيح
فكم ترى العين خرقاً غير مرتقع / في جانبيه وفتقاً غير مَنصوح
تمشي انخزالاً بعبء الفقر مُثقَلَةً / كظالع في الطريق الوَعْر مَكسوح
خارت قواها فمارت في تخزّلها / يكاد يُسقِطها هبّ من الريح
لما دَنوت إليها كي أسائلها / والقلب في خَطَران كالأراجيح
تأوّهت آهة حمراء داميةً / تشفّ عن كبِد بالهمَ مَجروح
وأجهشت ثم أرخت من محاجرها / عِنان دمع على الخدَّين منضوح
وأعرضت وهي لم تنبِس سوى نظر / يُغني الألِبّاءَ عن نطق وتصريح
فرُحت من عجبي منها ومن جزَعي / أبكي لها بين ترجيع وتسبيح
من ليس يُبْكيه من أبناء جِلدته / فكاؤهم فهو من جنس التماسيح
ولا يقوم بعبء المجد مُضطَلِعاً / من لا يقوم إلى إِنهاض مَفدوح
وما السعادة في الدنيا بحاصلة / إلا بإسعاد أطلاح مَرازيح
إن المروءة شيءٌ لا تنَاوشُهُ / إلا سواعد أجواد مساميح
أرى كنوز المعالي مالأقْفُلِها / غير السماح لعمري من مفاتيح
والعيش غَيْهَب آمال وليس لنا / سوى التعاون فيه من مصابيح
قامت قيامة أهل الغرب فانبعثت / هزاهزٌ بينهم عمّت بني نوح
واستفحلت فتنة عمياء جائحة / تَمخّضت عن دم في الأرض مسفوح
وقامت الحرب بالَلأْواء شاملةً / كل البسيطة حتى الأبحرِ الفِيح
والأرض قد أصبحت من مكر ساكنها / محَمَّرةَ اللُوح أو مغبرًّةَ السُوح
ضاقت على الناس وانسدّت مسالكها / فعاد كل طريق غير مفتوح
والحرب أغنت أناساً غنيةً عَجَباً / وآخرين رمتهم بالمجاليح
ومعشراً أسكنَتْهم في الذُرا غُرَفاً / ومعشراً بطن ملحود ومضروح
أما التي أوجَعت قلبي بمنظرها / وأوْهنَتْه بتبضيع وتقريح
فغادة عضّت الحرب الضروس بها / عضاً بنابٍ حديدٍ غير مرضوح
أمست تكابد من فقر ألَمّ بها / آلام عيش بشيع الطعم مذروح
ترنو إلى الناس بالشكوى فتحسبها / ظمآن يشكو لآلٍ حُرقة اللُوح
لمن الديار يلحن في الصحصاح
لمن الديار يلحن في الصحصاح / لعبت بهن روامس الأرواح
عبثت بها أيدي البلى فتركنها / في العين أخفي من دريس نصاح
ولقد وقفت بها المطيّ مسائلا / شجرات واديها وهنّ ضواح
أقتاف آثاراً لهنّ دوارساً / كانت إليها غدوتي ورواحي
لما تبيّنت المعالم همّداً / هطلت مدامع طرفي السفاح
فسقاك مرتكز الغمائم صوبه / غدقاً بكلّ عشيّة وصباح
حيّ الديار وأن تحمّل أهلها / عنها وأمست موحشات بطاح
عهدي بها والعيش أخضر ناعم / والشمل تجمعه يد الأفراح
مغنىً أنيقاً للحسان وروضة / نبتت بكل عرارة وأقاح
كم قد لثمت بها المراشف آخذاً / بهضيم خصر جال تحت وشاح
ولكم لهَوت من الحسان بغادة / لمياء ترشفني شمول الراح
هل عائد زمن أتيتُ مع المها / ما شئت من لعب به ومزاح
قد بتّ فيه ضجيع كل غريرة / رَود الشباب من الخراد رداح
أيام تحضر بي بمضمار الصبا / فرس الشبيبة وهي ذات جماح
ركضوا بميدان التحاسد خيلهم / وسبَوا من الأعراض غير مباح
لبسوا النفاق لهم دروعاً وأغتدَوا / يتطاعنون من الخنى برماح
أضحَوا كماة وشاية وسعاية / ومن الضغائن هم شكاة سلاح
كالجاهليّة غير أنّ مغارهم / في نهب كلّ خطيئة وجناح
أصلاحهم أعيا العقول لأنهم خلقت / مفاسدهم لغير صلاح
من كل مرتكب الشنيع ولم يكد / يثنيه عنه إذا لحاه اللاحي
أهدى بطرق المخزيات من القطا / وأضلّ ممَن آمنوا بسجاح
فعدت بقارعة الطريق تنوح
فعدت بقارعة الطريق تنوح / والطفل يجذب ردنها ويصيح
تبكي وقد ضحك الحريق بدارها / كالبرق يضحك في الدجى ويلوح
ضحِيَت وقد قلص الظلال فوجهها / للشمس في وجناته تلويح
جرّ الحريق على الديار ذيوله / فجري لذلك دمعها المسفوح
ولقد وقفت حيالها ومدامعي / تسخو سوى أن العزاء شحيح
فغدا يلقنني الأسى من عينها / لحظٌ برقراق الدموع سيوح
يا أيّما أجرى الغداة دموعها / بيت بجائحة الحريق مجوح
لا تهلكي جزعاً فإن بيوتناً / ما للملمّ بأهلها تسريح
أعليك أنت تضيق كل ديارنا / هذي وأكثرها ديارٌ فيح
فاقني عزاءك فالحياة وإن أرت / بعض السرور فكلّها تتريح
قف بالديار فقد أناخ بها البلى / وانظر فقد قرعت بهنّ السوح
نزل الحريق بها فشتَّت شملها / فغدت عراصاً وهي قبل صروح
بكر الشواظ بها ينضنِض ألسناً / من هول مطلعها تذوب الروح
نشر الهيب على البيوت ملاءة / حمراء تصفق جانبَيها الريح
فتعبّست منه السماء وأمطرت / ناراً وقد أخذ اللهيب يسيح
وعلا الدخان على البيوت سحائباً / برق المهالك بينهن لموح
أما الشرار فكان وبلاً منبتاً / نوباً برائحة الدمار تفوح
والشمس قد كسفت بجون دخانه / وبدت عليها سفعةٌ وكلوح
يا قوم ساء مصيركم فإلى متى / لا تسمعون لما يقول نصيح
هَلا أخذتم للخطوب عتادها / كي لا يكون لها بكم تبريح
هذا الحريق وكل يوم ناره / تغدو عليكم تارةً وتروح
فالنار ما برحت تفوه بألسن / ذرب وأن كلامها لفصيح
لمَ لم تعوا ما قلن قبل مكرّراً / أو ما كفاكم ذلك التصريح
نِمتم إلى نوب الزمان فإن أتت / قمتم كما يتململ المذبوح
وأهمّكم أدنى الأمور وفاتكم / نظر إلى الأمر القصيّ طموح
كم في الحوادث من نذير قد أتى / فيكم بأسرار الزمان يبوح
أما الحريقان اللذان تقدّما / فكلاهما شقّ لكم وسطيح
قد أنراكم بالخارب وأنبًآ / أن التراخي في الأمور قبيح
عجبي إلى تلك المصائب كيف قد / نسيت ولم تبرأ لهنّ جروح
سرعان ما تنسون عظم مصابكم / ولو أن شقّة منتهاه طروح
لا تستنيموا للزمان فأخذه / خلسٌ وقوس الحادثات ضروح

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025