القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : شَرف الدّين الحِلّي الكل
المجموع : 9
قم نديمُ فاكْسُ راحي كأس راح
قم نديمُ فاكْسُ راحي كأس راح / مطلقاً من ريقك العذب سراحي
فالصَّبا قد نَبَّهَتْ وشي الرُّبا / وأذاع الليل أسرار الصباحِ
فأجب أشجار آذارٍ على / شرب صفو الراح بالماء القَرَاحِ
مِلْ بلذاتي عن الصحو وَصِلْ / بعرى اللهو غُدُوِّي ورواحي
وَاجْلُها في كأسها وردية / ينظم المزج لها عقد أَقَاحِ
حيث ترب الأرض نديِّ الندى / أَرِجُ الأرجاء مسكيُّ النواحي
وغناء الوُرْقِ فيه عجمة / تفهم المعنى بألفاظ فصاح
هات كاسات الحميّا واسقني / بسقاه إنني يا صاح صاحي
حبب الصحو إلى غيري وَصِلْ / بِعُرَى اللهو غُدُوِّي ورواحي
فلكم مالت بعطفي نشوة / لم أبع فيها رشادي بصلاحي
سكرة للهمّ منها كسرة / راح في أعقابها ملقى السلاح
من يَدَيْ أهيف مهضوم الحشا / ثمل الأعطاف مجدول الوشاح
من عذاريه ومن رِيقَتِه / بثُّ مشغولاً بريحاني وراحي
أيُّ عذر لي عن اللهو إذا / كَفَّني سعيي عن شوط مراحي
يا بني عذرة هل من ثائر / لقتيل ما به غير الملاح
ما لألحاظ دُمَاكُمْ ودمي / أشعروها أنه غير مباح
ما لصبر فرّ في معركة / لم يكن للوجد فيها من براح
نابت الأعين عن بيض الطلى / والقدود الهِيف عن سمر الرماح
هل تركتم فِيَّ من جارحة / ما بها من أثرٍ دامي الجراح
لا تظنوا أنني في حبكم / أَصرف السمع إلى واشٍ ولاح
خلق الوجد لقلبي مثلما / خلقت راحة موسى للسماح
ملك يدعو بأبناء المنى / جوده حيّ على المال المباح
شاذويّ لشذى أنفاسه / عبقة جلت عن المسك الصراح
ضيق الأعذار للراجي إذا / حل في أندية الجود الفساح
أَحْنَفِيُّ الحلم قُسِّيُّ اللَّهى / عَنْتَرِيُّ البأس كَعْبِيُّ السماح
ذو صفات نطق المدح بها / فهو يسري طوع أنفاس الرياح
لِيَّنٌ ما لم تخاشنه ففي / صفحه والبطش معنى في الصفاح
فارج منه الغيث في يوم ندى / واخش منه الليث في يوم الكفاح
أي بدر في دجى من عِثْيَرٍ / وهزبر في عرين من رماح
ما استجاش الحزم إلا ورأى / طُرُقَ الجد سوى طُرْقِ المزاح
يا بني أيوب أنتم كعبة / ما عداها وفد حمد وامتداح
تجمع السبل إلى أبوابكم / فرق العافين من كل النواحي
وإذا الجاني بكم لاذ ثوى / في قريش الحمس أصحاب البطاح
أنتم الصفوة من هذا الورى / وأولو الأمر وأسباب النجاح
قَالَهُ الحق وأعلام الهدى / وحيا الخلق وفرسان الصَّباح
وبني قفر طوى الفقر بهم / شُقَّةَ البيدا بأنضاء طلاح
أجدبوا فانتجعوا الغيث وقد / ضنَّ ذو المال بِأَلْبَانِ اللِّقَاحِ
قلت شاه ارمن موسى دونكم / فردوا صفو الغمام المستماح
يَمِّمُوا حيث الأماني ما لها / في سوى أمواله فوز قِداح
وإذا أُغْلِقَ بابٌ فثقوا / من أبي الفتح بتسهيل افتتاح
يا مليكاً صحب الدهر به / طائعاً وانقاد من بعد جماح
أنت قوضت مباني فاقتي / أنت بدلت ارتياعي بارتياح
حبّذا أنواء نعماك التي / لاح لي من أفقها برق فلاح
نوهت باسمي في الدنيا فقد / أعجز كالطائر مقصوص الجناح
قسماً لولاك أكْدَى مطلبي / ما على قائل حقٍّ من جُنَاح
لا يطل عنك اغترابي بعدها / فاقترابي منك سؤلي واقتراحي
لولا مغازلة الغزال السانح
لولا مغازلة الغزال السانح / لم أدرِ ما سببُ الهوى بجوانحي
بينا ألاحظه تلفت عاطياً / ورنا فأغرب في جراح جوارحي
يا نظرة نَثَلَتْ كِنَانة بابل / قتلت ويالك خطرة من رامح
كلفي بنشوان القوام كأنما / عطفت سوالفه سلافة صابح
سلْه أَسُودَ لواحظٍ أغرى بنا / لما رنا أم سلَّ بيض صفائح
مالي تخادعني البروق وقد أرى / سير الغرام مع النسيم البائح
أُهْدِي تحيات العُذَيْب فمرحباً / بنوافج لي من شذاه نوافح
فسقى الحيا حيا بمنعرج اللِّوى / ما بين مورق بانه المتناوح
ركزوا بأسنمة النقا سمر القنا / من حول كلّ أقبَّ سابحِ
وحموا الغصون من الحمائم إذ حكى / نفس المشوق بها ترنم صادح
وَمُرَنَّحِين من الكرا ألفوا السُّرَى / بِرَوَازِمٍ تحت الرحال روازح
حَلُّوا السّهام فهم نحاف ذبّل / من فوق عيس كالقسيِّ طلائح
حتى إذا كُومُ المطايا أصبحت / مثل الحنايا في أكف صَحَاصِح
شاموا تبسُّمَ كل برق مغرب / لمعانه عن جفن مزن سافح
ناديت رائدهم هلمّ فقد بدا / علم الندى بعد المدى المتطاوح
قف حيث تقبس نار موسى فالحيا / متدفق والسحب غير نوازح
ناراً تشب لمهتد سلكت به / آماله نهج الطريق الواضح
فالحوض يعرب عنه حرقة وارد / والروض يطرب منه عبقة نافح
حيث الأيادي المُوسَوِيَّة بيضها / تولي منى العافين غر منائح
شاه أرمن السلطان دونك فانتجع / لمغالق الأرزاق خير مفاتح
قبل أَنامله ودعها والندى / وتوقَّ فجأة ميل سيل سابح
سل حلمه إن فاض في كرم تلذ / بالطود من آذِيِّ بحر طافح
نائي المدى داني شآبيب الندى / طلق الأسرة في الزمان الكالح
كالغيث تأخذ منه أعناق الربا / حظاً كأخذ مسائل وأباطح
يا بن الأولى ملكوا العلا وتعودوا / ضرب الطُّلى في كلّ حرب لافح
أرح الجياد الجرد والملد التي / أعملتها في نحر كل مكافح
أما الملوك فقد رأوا بالأمس ما / حملته من كل عبء فادح
أخليت أرض الشرك من أبطالها / وعمرتها بنوادب ونوائح
لم تُبْقِ غير كنائس مهجورة / كانت معاطن مُعْلَمِينَ جَحَاجِح
وعطفت والروميُّ قد وافى بها / شنعاء ترمى نارها بلوافح
قطع الجبال بمثلا من جحفل / تغشى أشعته عيون اللامح
جيش يلاطم موج زاخر يَمِّهِ / بذوابل ومناصل وسوابح
فضربت يا موسى بسيف سعادة / لم يبق منه سوى ثمار ضحاضح
ونفيت ملك الروم بعد تغشرم / لا يستطيع يمد كف مصافح
وسرى يظنّ الليل سود قساطل / وغدا يخال الصبح بيض صفائح
سهلت ما قد عزّ من طلبٍ بما / ذللت من صعب الزمان الجامح
وبلغت غايات الأماني وادعاً / ورأيت كيف قصور كف الكادح
وأضفت يا خلف العلا كرماً إلى / عزّ العزيز صلاح حال الصالح
شِيَمٌ إذا ما أحدقت نحو العلا / يُغْضَى لها ويُغَضُّ طرف الكاشح
يا من يعزّ الوفد في أبوابه / وتهزّ عطف المجد فيه مدائحي
استجلها زَهْرَ الخدود كأنها / بشرى دنو من حبيب نازح
من كلّ شاردة يهيم ببثها / غادٍ فيودعها حقيبة رائح
ليست تلوذ بغير ظلك إنَّهُ / نِعْمَ المقيل من الهجير اللافح
فمتى هَمَمْتُ إلى سواك برحلة / أو رمتُ من جدواه صفقة رابح
فنأى الغنى عني ولا نلت المنى / ما عشت منك ولا دعيت براجح
أرهفت الأجفانُ بيضَ الصفاحْ
أرهفت الأجفانُ بيضَ الصفاحْ / وهزت الأعطافُ سمرَ الرِّماحْ
وقامت الحرب فما من دمٍ / في معرك التوديع إلا مباح
ملحمة لم يسط فيها سوى / جوارح أَثْخَنَّنَا بالجراحْ
فَرَّ بها صبري هزيماً فما / بال غرامي قائلاَ لا بَراحْ
فيا فؤاداً أسروه تُرَى / أُخِذت قهراً أم وضعت السلاحْ
فيالها حالة سلم دنوا / فيها لتوديعي فحالت كفاحْ
وَدَّ بها المغرم لو أنه / ذاق الردى من قبلها فاستراحْ
ضمّ جناح البين فيها دُمى / لم تخش في سفك دمي من جناحْ
فاعجب لها مرضى عيون غدت / موثقة أسر العقول الصحاحْ
وارحمة للدمع في معرك / أعلن بالذلة فيه وباحْ
ما سره لما غدا مطلقاً / والقلب لم يطلق له من سراح
ساروا به من بعد ما أقسموا / برده ألا يتم اصطلاحْ
يا أيها القلب الذي اقتاده / ذلّ الهوى من بعد عزّ الجماحْ
مزحت بالحُب فَذُقْ غبَّه / فربّ جدٍّ مبتداه مِزَاحْ
لا حبذا يوم النوى إنَّهُ / قبَّح أفعال الوجوه الملاحْ
وحبذا أغيد عذب اللمى / أجيد ملء الدرع صِفْْرُ الوشاحْ
مُحَدِّقٌ عن نرجس سافر / عن جُلَّنارٍ باسم عن أقاحْ
إذا انثنى فالغصن مالت به / ريح الصبا أوفاه فالمسك فاحْ
نادمته والأفق في حلية / من شهبه والليل وَجْفُ الجناحْ
مشمولة لم تثو قلب امرئ / إلا تنادي همه بانتزاحْ
فسهلت منه كؤوس الطِّلى / ما كان صعباً نيله وهو صاحْ
فبت من خمر ومن ريقه / أمزج مهما شئت راحاً براحْ
ورضته بالراح في روضة / تنقل رياها رواة الرياحْ
والورق في أوراق عيدانها / تعرب في عجم اللحون الفصاحْ
وعنبر الليل له عبقة / ضَوَّعَها إحراق جمر الصباحْ
فلم يبت لما انتشينا له / غير مديحي في الغياث اقتراحْ
فشاقه جوهر ما صغته / لملكه من غزل وامتداحْ
الظاهر الغازي الذي بشْرُهُ / بَشَّر عَافيه بنيل النجاحْ
ذو الجيش يشكو في الوغى حَمْلَهُ / هامُ الروابي وبطونُ البطاحْ
تعد جرد الخيل غاراته / حسرى لُغُوب لا تطيق المراحْ
قضى لها الغزو وتردادها / إلى الأعادي أنها لا تراحْ
يقدمها أروع ذو نجدة / إذا غدا في طلب المجد راحْ
أغلب مرهوب السلطا لم تزل / معاقل الشرك به تستباحْ
مُتَيَّمٌ بالجود مستهتر / بحبه لا بالكعاب الرَّدَاحْ
لو بارت السحب ندى كفه / ما سلمت من خجلة وافتضاحْ
ولو رمى كَلْكَلُ سلطانه / على ثبير أو شَمَامٍ لطاحْ
يجدي ويردي مرغباً مرهباً / يشامل الصفح وحدّ الصفاحْ
فأي ذي وجه حيي له / عند اشتجار الطعن بأس وقاحْ
كم روضة يسري بها جيشه / ما أثمرت غير الحِمَامِ المتاحْ
غدرانها الزُّغْفُ ونوارها / أسِنَّةٌ فوق غصون الرماحْ
يا ملكاً ألقت بآمالنا / إليه أنضاء الأماني الطلاحْ
سمعاً فكم من قائل ناصح / أنفع ممن هو شاكي السلاحْ
ما لجياد الخيل مربوطة / وللقنا والمرهفات اطّراحْ
وفيم لا تبعتها شُزَّباً / تسد بالنقع مهب الرياحْ
فللعوالي والظُّبا لفتة / إلى اغتباق من دم واصطباحْ
والأرض لله وأولى بها / مثلك مغرى بالتقى والصلاحْ
فاعطف على الإسلام عطفاً فقد / أصبح للدنيا إليك ارتياحْ
واثن العدا بالبأس فوق الرَّدى / تغص بالماء النمير القَراحْ
فكل ثغر آنِفٌ أن يرى / له على غير يديك افتتاحْ
واستجل يا حامي ذمار العلا / وجوه أبكار قواف فصاحْ
أنت الذي اغنيتني أن أرى / مجتدياً نيل الأكفِّ الشحاحْ
رفعت من جودك لي مُسْنَداً / لولاه أُنْسِيتُ حديث السماحْ
ضَلَلْتُ دهراً عن حديث المنى / فلاح لي عندك وجه الفلاحْ
حسنت بالإحسان حالي فيا غن / اي عن تلك الوجوه القباحْ
نوهت بي بعد خمول فقد / بدلت خسراني بعد الرباحْ
وابق لعافٍ صوت آماله / يُجَاب بالجدوى وَعَاتٍ يُتَاحْ
ألا نَبِّهْ بحيّ على الفلاح
ألا نَبِّهْ بحيّ على الفلاح / نديمك واكس راحك كأس راح
وقم فادر علينا من سناها / شموساً قبل إسفار الصباح
وروِّ بنارها منا قلوباً / بها ظمأ من الماء القراح
فروضات البنفسج قد حكتها / شقائق في عقود من أَقَاح
وشهر الصوم قد ولَّى حميداً / على وفق اقتراحك واقتراحي
وغمد الدَّجْنِ ينضو سيف برق / به الأنواء مثخنة الجراح
وها روض الربيع يجنّ طيباً / تنمّ عليه أنفاس الرياح
فماذا في ضميرك للحُمَيّا / أتصحو أم فؤادك غير صاح
أنا ابن الكأس والندمان آوي / إلى خلس اغتباقي واصطباحي
فما نفرت بحمد الله عني / ولا شيبي نهاني عن مراحي
فكم من جيش همّ رام كسري / فولى مذ رأى سكري سلاحي
بروحي جوهريّ الثغر يأبى / لقلبي أن يبيت من الصحاح
سخى دهري بزورته اتفاقاً / وقد تولِى الندى أيدي الشحاح
فبات وباتت الإخوان تُسْدي / إِليَّ يَداً خَفَضت لها جناحي
أعاطيه المدام بلا رقيب / خَلِيَّ البال من واشٍ ولاح
فإن رام القيام مشت رويداً / به النشوات مشيَ قطا البطاح
وَرَى قِدْحِي بأقداحٍ ثَنَتْه / ففازت في تصيده قِداحي
فيا لله ظبي لا الخُزَامَى / مراتعه ولا نَوْر الأَقاح
علقت به كما علقت يميني / من الغازي بن يوسف بالنجاح
من الطود الأَشم من المُلِثِّ الأع / م من الخضم المستماح
مليك ظلّه الضافي علينا / مناخ ركائب الإبل الطِّلاح
إليه جرت بنا خيل الأماني / وكانت قبل دائمة الجماح
إذا احمرَّ الندى واسودَّ نقعاً / جلاه أغرّ بالبيض الصفاح
فبدر في سماء من عجاج / وليث في عرين من رماح
مهابته إلى حتف الأعادي / تسابق جَارِيَ القدر المُتَاح
فخلّ مناقباً سارت لقوم / فما هي غير وضع واصطلاح
فما قدر السموءل في وفاء / ومن كعب بن مامة في السماح
أنا ابن البيد تُسْهِمُهُ المَوَامِي / ويسلمه الغُدُوُّ إلى الرَّواح
أَنِخْ بجناب أبلج يوسفيّ / لديه أعزّ أندية فساح
فما جوّ السماح لديه مصح / ولا هو من كؤوس الحمد صاح
له ما شاء من عِرْضٍ مصون / يضنّ به ومن عَرَضٍ مباح
فيا من لا يخف له وقار / ولا يصبو إلى خَوْدِ رداح
أَدَلْتَ من الحوادث لي فذلت / وبدلت ارتياعي بارتياحي
فما أخشى وقد أعليت قدري / وذكري من يبالغ في اطّراحي
فصحت بأنعم لك انطقتني / فقمت بمحكم الكلم الفصاح
غنيتُ فما أعرض باحتياجي / ودهري ليس يطمع في اجتياحي
فلم لا أملأ الآفاق طيباً / بما أتلو عليك من امتداح
فيا بشرى لأعياد يرينا / ضحاها صبح وجهك وهو ضاح
فدم ما هزّ غصن البان عطفاً / وغنت فوقه ذات الجناح
جَدَّ بِي الوجْد وكان مازحا
جَدَّ بِي الوجْد وكان مازحا / وقرَّب الشوقُ غراماً نازحا
وانتجعتْ دمعي بروق لمعت / بأبرق السّفح فظلّ سافحا
فَالْحَ سوى طرفي على الدمع إذا / شَامَ بأعلى الشام برقاً لامحا
ولا تَخَلْ أن لظّني صادعاً / إلا حماماً في الأراك صادحا
شدا فهز البان من أعطافه / فخلته غنّى وكان نائحا
ونسمة مجدية أنشقني / هبوبها نوافجاً نوافحا
فلم تجد في الركب إلا كاتماً / لما سرت سرّ الهوى أو بائحا
وباللوى حيٌّ عُيونُ عِينِه / لذي الهوى تَفْرِي الجوى جوانحا
عجنا به العيس خفافاً وانثنت / بالعبء من أشواقنا طلائحا
فكم بهاتيك البيوت مُسْنِداً / أخبار أهل العشق أو مطارحا
رميت ريم سر بها بمقلتي / فارتدّ سهمي لفؤادي جارحا
فليتني إذ حبس العيس بها / صَحْبِيَ ما غازلت ظبياً سانحا
وآمل بات بأنضاء المنى / يعتسف القيعان والصحاصحا
بات وأنياب الدجى قد نشرت / بأدرع العيس لهن ماسحا
والليل لما غربت نجومه / وردن للاصباح حوضاً طافحا
قلت له لا يخدعنك بارق / فترفعَ الطرف إليه طامحا
لا تخش من فوت المنى واغش هنا / برق الغنى واغش المليك الصالحا
يَمِّمْ عباب اليمِّ من مواهب / ترى البحار عندها ضحاضحا
حيث رواق الملك لا يعدم من / ركب الثناء غادياً ورائحا
لا تخش من دون نداه مانعاً / فقلَّما تلقاه إلا مانحا
إذا الملوك أغلقت أبوابها / عن طالب المعروف كان فاتحا
إذا ضرام الحرب كان جاحماً / أطفأه واقتاد صعباً جامحا
لما ارتقى هضبة شأوٍ أرتق / قصر من يبغي نداه كادحا
يا ابن الملوك المعرقين أوجهاً / غرّاً إذا كان الزمان كالحا
كم فتكوا دون العلا بمعتدٍ / وسلكوا نهجاً إليها واضحا
حلّوا من العلياء أرقى ذروة / وأسكنوا غيرهم الصَّحاصِحا
لبيت شاه أرمن موسى إذ دعا / بِعَزْمَةٍ تَسْتَصْغِر الفوادحا
طلعت يا سعد السعود طلعة / لم تعدم الأعداء منها ذابحا
جَلَبْت أسداً جعلت غاباتها / ملداً وجرداً ضمّراً سوابحا
وهو الوِقاد كم كبا زنادُه / بكف أملاك فَصِرْت القادحا
فحبذا منك رياحٍ سَجْسَجٌ / تصلى العدا منها هجيراً لافحا
فاستجلها يا ملكاً لو بعته / روحي بمرآه لكنت رابحا
أحسن من روض رقت حمامه / على فروع دوحه صوادحا
أسلكتها بحر سجاياك الذي / تأرجت بعرفه مدائحا
فإن ونى عنك ثنائي أو ثنى / عنانه فلا دعيت راجحا
فبحر عليائك كم أَغرقت في / أُذِيِّه من القوافي سابحا
لمن جرد خيل في الأعنة تمرح
لمن جرد خيل في الأعنة تمرح / وملد قنا أعطافها تترنح
لأزهر وضاح الجبين كأنما / سنى الشمس من لألائه يتوضح
لشاه أرمن السلطان موسى الذي به / إلى النُّجْح أبواب المنى تتفتح
مليك براه الله للناس رحمة / متى أفسدوا خافوا سطاه فأصلحوا
يثابون إذ يتلون آية فضله / كأنهم لله صَلَّوْا وسبَّحوا
أشدّ على الأعداء بأساً من الردى / وأندى من الأنداء كفّاً وأسمح
وأمضى من المقداد في الروع عزمة / ومن هضبات الطود في الحلم أرجح
إذا بجح الأقوام تِيهاً بملكهم / فإن به الدنيا تتيه وتبجح
هو السيف بين الصفح والحدّ مصلتٌ / به الماء يبدو دونه النار تلفح
إذا اجترم الجاني بعزّ اقتداره / رأى فيه ذلّ المستجير فيسمح
فإن حان ليل المشكلات فرأيه / ينير خفيات الأمور ويوضح
تجاوز غايات المعالي بهمة / عواطئها في صفحة البدر تجنح
وما قعد الساعون عن نهضاته / إلى المجد لولا أنهم عنه طلح
تَعَدَّى أقاصي سعيهم وهو يافع / وهم بُزَّل من حزن مسعاه قُرَّح
ولو عاين الأملاك عِظْم جلاله / لخَلَّوْا له عن ملكهم وتزحزحوا
ودانوا لفياض الأنامل بالندى / وأندى الغوادي بالحيا ليس يرشح
له المرهفات البيض تبكي جفونها / دماً حين تمشي وهي منهن تقرح
أمقبل أرض الشرك أَوْضَاعَ ضُمَّر / تمسيهم فرسانهم وتصبِّح
هجمت عرين الأسد منهم فأصبحت / لسمر القنا فيهم ثعالب تفتح
وما حكت الأشْطَان إلا وقد غدت / بها تستقي تلك النفوس وتَمْتَح
رميت الحصون الشامخات بمثلها / من الحصن في بحر من الدم تسبح
فإن عدت منصور اللواء فبعدما / أعدت مباني ملكهم وهي صَحْصَح
فقم دون ملك بعد غازي بن يوسف / سواك لما قد نابه ليس يصلح
دعا دعوة لبيتها بِجَحَاجح / بأرواحها في نصرة الحقّ تسمح
فثق بشهاب الدين طُغْرِيلَ واعتمد / على من يكد العزم منه ويكدح
لقد ضلّ من يرتاد غيرك قاصداً / ويحرك زخّارٌ وظلك أفيح
فما خائب رجوى أياديك خائب / ولا مُنْبِح في غير ناديك مُنْجِح
فلا يشرح الرحمن من صدر شاعر / يضمن مدحاً في سواك ويشرح
إذا انتجعت في ساحتيك مطيتي / فأَهْوَنُ ما عندي بِلاَلٌ وَصَيْدَح
وما مدحنا مما يزيدك رفعة / ولكن به بين الورى نَتَمَدَّح
وهل زائد في الشمس قولي إنها / من النجم أسمى أو من البدر أوضح
فشكراً لأيام لديك أقمنني / بِحُرِّ مديحي في معاليك أفصح
تجد إذا ما جاش بحرك بالندى / كأنك في إعطائك المال تمزح
فأين انتجاع الرزق عني ونيله / إذا ضاق بي في ظل ملكك مسرح
إذا لم يكن لي في أياديك مطمع / فأيّ أيادي نحوها لي مطمح
فلا زالت الأيام تهدي وفودها / إليك هناء ركبه ليس يطلح
وأنت الذي فصّحت لكنة مقولي / وما كاد لولا عاطفاتك يفصح
وعلمتني حُرَّ الكلام بنقده / فما قلت إلا وأنت المنقح
تودّ النجوم النيرات بأفقها / لديك مقامي حين أثني وأمدح
سقاكِ غوادٍ للحيا وروائح
سقاكِ غوادٍ للحيا وروائح / وجادك يا أروية السفح سافح
ولا برحت تهدي إليك نسيمها / رياض خُزامى هامع الفجر نافح
أدار الصبا بين السعيلات فالحمى / أمنك بحران البروق اللوامح
ذكرت الهوى بالجامعين وأهلها / فخف بصبري والتجلد راجح
لدن عدوة بالشام حطّت رحاله / وما بعدت منه لدينا المنائح
يمثله قلبي لطرفي صبابة / وتبصره الأشواق والربع نازح
يقر بعيني أن أرى منه بهجة / كما لمعت في كف قين صفائح
ويسرح طرفي في رياض علومه / وقد حركت عِطْفيه مني المدائح
دقيق حواشي القول طاب فكاهه / إذا سَمَّجَ اللفظَ العِييُّ المطارح
كأن ابن هاني بين اثناء برده / وقد قلّ محفوظ وغاضت قرائح
بأمجن منه والمدامة تجتلى / وأخلع والمعشوق عاص مسامح
هَزَارُ ملوك في حديث مؤانس / وهل ثم غِرِّيد سواه وصادح
له سانح السلطان في كلِّ وجهة / ومن دونه أنى توجه بارح
خليليَّ إن لم تُسْعِدَانِي بوقفة
خليليَّ إن لم تُسْعِدَانِي بوقفة / فمثلكما عندي رقيب وكاشح
ألا فانظراني نظرة ربما شفت / جوىً مُسْتَكِنّاً ضُمِّنَتْهُ الجوارح
فإن لم تَلُحْ حمر الخيام بذي الغضا / ولم تعترض منه الظباء السوانح
فلا سُلَّ سيف البرق بين هضابه / ولا طُلَّ بعدي بانه المتناوح
فلا تمنعاني نسمة فمع الصبا / نوافح من تلك الديار نوافح
ألا قاتل الله العيون فإنها / جوارح منا للقلوب جوارح
وفي القلب شوق صادع كلّما شدا / حمام على أعلى الأراكة صادح
يحنُّ فأُبْدِي ما أُجِنُّ كأنَّما / يطارحني من وجده ما أطارح
فيا عرصة السعدي مرت بك الصبا / يغازلها طرف من السحب طافح
فلو حاد عن مغناك غادٍ من الحيا / غذاك سقيط من ندا الطَّلِّ رائح
ولا برحت بالجامعين وبابل / مراتع فيها للظباء مسارح
وَرَوْض أَرِيضٍ مثل شعر ابن جعفر / إذا تليت أغزاله والمدائح
فتى راض أبكار المعاني فأذعنت / له وهي من كلٍّ سواه جوانح
يفر بعرب الشعر منه قرائح / قوارح إن الشعر جذع وقارح
نجائب نظم كالنجائب في السُّرَى / وبعض القوافي ضُلَّع وطلائح
هداه إليها سهده فسما لها / وقد ركب النهج الذي هو واضح
وما زال حبر من ربيعة ترتمي / إلى ريعه عيس وتطوى صحاصح
هم قابلوا الإقبال والنقع حالك / وهم بادلوا الأموال والعام كالح
أولئك أرباب السماحة والسطا / إذا شحَّ مناح وخاب مكافح
مضوا ولهم بالمأثرات صحائف / يترجم عن أنبائها وصفائح
ولكنهم ماتوا وأبقوا محمداً / فأنشر فضلاً ضُمِّنَتْه الصفائح
هداني منه مرسل بعد فترة / كأني لأمراض الأسى منه ماسح
وأظهر تلك المعجزات كتابه / فقلت أجد الدهر ما هو مازح
يميناً لقد أسديتها يا ابن جعفر / يداً نشرها كالعنبر الورد نافح
فإن لم تخف الحمد عني بما لها / عليَّ من النعما فما أنا راجح
أيا ملكاً قابلت إقبال وجهه
أيا ملكاً قابلت إقبال وجهه / فلاح لعيني منه برق فلاح
لك الله ما أغرى يمينك بالندى / وأكثرها حبّاً لبذل سماح
تهزك ريح الأريحية للندى / وتعظم أن تثنيك نشوة راح
لقد كان دهري خصني بصروفه / فَرُشْتَ بما تولي جناحَ جُناحي
فقيدتني في ظلّ ملكك بالغنى / وأطلقت من أسر الخطوب سراحي
قدحت زناداً منك بشر وَرْيُه / بتيسير آمالي وفوز قِدَاحي
فأنف عدوي راغمٌ كلّما رأى / غُدُوِّي إلى نيل المنى ورواحي
يلاحظني شَزْراً ويبسم صاغراً / وحشو حشاه ساميات جراح
فما ليَ لا ألقى الخطوب مصمماً / أقارع طاغيها وأنت سلاحي
فيا حبذا فقر سرى بمطالبي / إليك ويا بشرى بوجه صباح
فلا محلت أرضي وكفّك مزنتي / يروي شعابي غيثها وبطاحي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025