المجموع : 23
لا غَروَ إِن قَصَّ جَناحي الرَدى
لا غَروَ إِن قَصَّ جَناحي الرَدى / فَعُذرُهُ في فِعلِهِ واضِحُ
يَضرِبُ عَن ذي النَقصِ صَفحاً وَلا / يُقَصُّ إِلّا دِرهَمُ الراجِحُ
إِذا لَم تُعِنّي في عُلاكَ المَدائِحُ
إِذا لَم تُعِنّي في عُلاكَ المَدائِحُ / فَمَن أَينَ لي عُذرٌ عَنِ البُعدِ واصِحُ
وَكَيفَ اِعتِذاري بِالقَريضِ وَإِنَّما / عَهِدتُكَ تُغضي دائِماً وَتُسامِحُ
وَإِنّي عَلى بُعدِ الدِيارِ وَقُربِها / أُطارِحُ فيكُم فِكرَتي وَتُطارِحُ
وَأَنظِمُ أَبكارَ المَعاني وَعَونَها / فَإِن لَم أَسرِ سارَت إِلَيكَ المَدائِحُ
وَإِنّي لَأَهوى حاسِديكَ لِأَنَّها / تُفاتِحُني عَن ذِكرِكُم وَأُفاتِحُ
يَسُرّونِ بِالتِذكارِ مُغرىً بِذِكرِكُم / يُبالِغُ في أَوصافِكُم وَيُناصِحُ
إِذا سَأَلوا عَن سِرِّكُم فَهوَ كاتِمٌ / وَإِن سَأَلوا عَن فَضلِكُم فَهوَ بائِحُ
سَقى أَرضَكُم سارٍ مِنَ الوَبلِ سائِحٌ / وَباكَرَها غادٍ مِنَ المُزنِ رائِحُ
فَتِلكَ عَرينٌ لِلأُسودِ وَبَينَها / مَسالِكُ فيها لِلظِباءِ مَسارِحُ
ظِباءٌ سَوانِحٌ وَوُرقٌ صَوادِحٌ / وَقُضبٌ نَوافِحٌ وَغُدرٌ طَوافِحُ
وَبَينَ قِبابِ الحَيِّ سِربُ جآذِرٍ / مِنَ التُركِ في رَوضٍ مِنَ الأَمنِ سارِحُ
إِذا هِيَ هَزَّت لِلطِعانِ قُدودَها / فَلا أَعزَلٌ إِلّا اِنثَنى وَهوَ رامِحُ
وَهَيفاءُ لَو أَهدَت إِلى المَيِّتِ نَشرَها / لَأُنشِرَ مَن ضُمَّت عَلَيهِ الصَفائِحُ
وَلَو أَنَّها نادَت عِظامي أَجابَها / فَمي لا صَدىً مِن جانِبِ القَبرِ صائِحُ
لَئِن بَخِلَت إِنَّ الخَيالَ مُسامِحٌ / وَإِن غَضِبَت فَالطَيفُ مِنها مُصالِحُ
حَبيبٌ لِإِهداءِ التَحِيَّةِ مانِعٌ / وَطَيفٌ لِلَذّاتِ التَواصُلِ مانِحُ
وَبِكرِ فَلاةٍ لَم تَخَف وَطءَ طامِثٍ / وَلا اِفتَضَّها مِن قَبلِ مُهرِيَ ناكِحُ
كَشَفتُ خِمارَ الصَونِ عَن حُرِّ وَجهِها / ضُحىً وَلِثامُ الصُبحِ في الشَرقِ طائِحُ
وَأَنكَحتُها يَقظانَ مِن نَسلٍ لاحِقٍ / فَأَمسَت بِهِ مَع عُقمِها وَهيَ لا قِحُ
مِنَ الشُهبِ في إِدراكِهِ الشُهبَ طامِعٌ / فَناظِرُهُ نَحوَ الكَواكِبِ طامِحُ
أَخوضُ بِهِ بَحرَ الدُجى وَهوَ راكِدٌ / وَأَورِدُهُ حَوضَ الضُحى وَهوَ طافِحُ
وَقائِلَةٍ لا لي أَراهُ كَدَمعِهِ / يَظَلُّ وَيُمسي وَهوَ في الأَرضِ سائِحُ
أَطالِبُ مَغنىً قُلتُ كَلّا وَلا غِنىً / وَلَستُ عَلى كَسبِ اللِذاذِ أُكافِحُ
وَلَكِنَّ لي في كُلِّ يَومٍ إِلى العُلى / حَوائِجَ لَكِن دونَهُنَّ جَوائِحُ
فَقالَت أَلا إِنَّ المَعالي عَزيزَةٌ / فَكَيفَ وَقَد قَلَّت لَديكَ المَنائِحُ
فَهَل لَكَ وَفرٌ قُلتُ إي وَهوَ ناقِصٌ / فَقالَت وَقَدرٌ قُلتُ إي وَهوَ راجِحُ
فَقالَت وَجدٌّ قُلتُ إي وَهوَ أَعزَلٌ / فَقالَت وَضِدٌّ قُلتُ إي وَهوَ رامِحُ
فَقالَت وَمَجدٌ قُلتُ إي وَهوَ مُتعِبٌ / فَقالَت وَسَعدٌ قُلتُ إي وَهوَ ذابِحُ
فَقالَت وَمُلكٌ قُلتُ إي وَهوَ فاسِدٌ / فَقالَت وَمَلكٌ قُلتُ إي وَهوَ صالِحُ
مَليكٌ شَرى كَنزَ الثَناءِ بِمالِهِ / عَلى أَنَّهُ في صَفقَةِ المَجدِ رابِحُ
تَظُنُّ بِأَيديهِ الأَنامُ أَنامِلاً / وَهُنَّ لِأَرزاقِ العِبادِ مَفاتِحُ
جَوادٌ إِذا ما الجودُ غاضَت بِحارُهُ / حَليمٌ إِذا خَفَّ الحُلومُ الرَواجِحُ
إِذا خامَرَتهُ الراحُ أَبقَت رَوِيَّةً / مِنَ الرَأيِ لا تَخفى عَليها المَصالِحُ
يَعُمُّ الأَقاصي جودُهُ وَهوَ عابِسٌ / وَتَخشى الأَداني بِشرَهُ وَهوَ مازِحُ
كَما تَهَبُ الأَنواءُ وَهيَ عَوابِسٌ / وَتَضحَكُ في وَجهِهِ القَتيلِ الصَفائِحُ
مِنَ القَومِ إِن عُدَّ الفَخارُ فَإِنَّهُم / هُمُ الروحُ فَخراً وَالأَنامُ جَوارِحُ
أَكُفُّهُمُ لِلمَكرُماتِ مَفاتِحٌ / وَذِكرُهُمُ لِاِسمِ الكِرامِ فَواتِحُ
إِذا اِحتَجَبوا نَمَّت عَلَيهِم خِلالَهُم / كَذا المِسكُ يَخفى جُرمُه وَهوَ فائِحُ
أَيا مَلِكاً أَرضى المَعالي بِسَعيِهِ / وَراضَ جِيادَ المُلكِ وَهيَ جَوامِحُ
نَهَضتَ بِأَمرٍ يُعجِزُ الشُمَّ ثِقلُهُ / فَقُمتَ بِهِ جَزعاً وَرَأيُكَ قادِحُ
وَأَلَّفتَ شَملَ المُلكِ بَعدَ شَتاتِهِ / وَقَد صاحَ فيهِ بِالتَفَرُّقِ صائِحُ
مَدَدتَ إِلى العَلياءِ كَفَّكَ وَالعُلى / تَمُدُّ أَكُفّاً ما لَهُنَّ مَصافِحُ
فَجاءَتكَ طَوعاً في الزَمامِ وَلَم تَكُن / بِمُهجَتِها إِلّا عَليكَ تُكافِحُ
وَجَمرَةِ حَربٍ أَجَّجَ الشَوسُ وَقَدها / وَبيضُ الظُبى وَالعادِياتُ الضَوابِحُ
رِجالٌ جَحاجِحٌ وَجُردٌ سَوابِحٌ / وَسُمرٌ جَوارِحٌ وَبيضَ صَفائِحُ
وَقَفتَ لَها وَالمُرهَفاتُ ضَواحِكٌ / وُجوهُ الرَدى ما بَينَهُنَّ كَوالِحُ
وَوَجهُكَ واضِحٌ وَعَضبُكَ ناضِحٌ / وَزَندُكَ قادِحٌ وَعَزمُكَ فادِحُ
فَيا مَلِكاً يُثني عَلَيهِ فَمُ العُلى / وَتَنسِبُهُ يَومَ الهِياجِ الصَفائِحُ
لَئِن بَعُدَت مِنّا الجَوانِحُ عَنكُمُ / فَفي رَبعِكُم مِنّا القُلوبُ جَوانِحُ
وَلَكِن حالِيَ في التَباعُدِ بَيِّنٌ / لَدَيكَ وَعُذرِيَ في التَأَخُّرِ واضِحُ
سَأَختِمُ أَبكارَ المَدائِحِ بِاِسمِكُم / كَما بِاِسمِكُم قِدَماً لَها أَنا فاتِحُ
أَهلاً بِبَدرِ دُجىً يَسعى بِشَمسِ ضُحىً
أَهلاً بِبَدرِ دُجىً يَسعى بِشَمسِ ضُحىً / بِنَورِهِ صِبغَةَ اللَيلِ البَهيمِ مَحا
حَيّا بِها وَالدُجى مُرخٍ غَدائِرَهُ / فَخِلتُ أَنَّ جَبينَ الصُبحِ قَد وَضَحا
راحاً إِذا مَلَأَ الساقي بِها قَدَحاً / ظَنَنتَ جُذوَةَ نارٍ في الدُجى قَدَحا
لَم يُبقِ طولُ المَدى إِلّا حُشاشَتَها / عَنَّت لَنا فَتَراءَت بَينَنا شَبَحا
يَسعى بِها ثَمِلُ الأَعطافِ يُرجِعُها / سَكرَى بِأَلفاظِهِ إِن جَدَّ أَو مَزَحا
يَجلو لَنا وَجهُهُ في اللَيلِ مُغتَبِقاً / بِها فَيُحسَبُ بِالآلاءِ مُصطَبِحَا
نادَمتُهُ وَجَناحُ النِسرِ مُنقَبِضٌ / عَنِ المَطارِ وَجِنحُ اللَيلِ قَد جَنَحا
حَتّى اِنثَنى وَالكَرى يَهوي بِجانِبِهِ / إِلى الوِسادِ فَإِن طارَحتَهُ اِنطَرَحا
وَظَلَّ مِن فَرطِ جِرمِ الكَأسِ مُنقَبِضاً / عَنِ المَطارِ وَجِنحُ اللَيلِ قَد جَنَحا
يَضُمُّهُ وَالكَرى يُرخي أَنامِلَهُ / فَكُلَّما أَوثَقتَهُ كَفُّهُ سَرَحا
حَتّى رَأَيتُ مِياهَ اللَيلِ غائِرَةً / في غَربِها وَغَديرَ الصُبحِ قَد طَفَحا
وَلِلشُعاعِ عَلى ذَيلِ الظَلامِ دَمٌ / كَأَنَّ طِفلَ الدُجى في حِجرِهِ ذُبِحا
وَقامَ يَهتِفُ مِن فَوقِ الجِدارِ بِنا / مُتَوَّجَ الرَأسِ بِالظَلماءِ مُتَّشِحا
كَأَنَّهُ شامَتٌ بِاللَيلِ عَن خَنَقٍ / فَكُلَّما صَدَعَ الصُبحُ الدُجى صَدَحا
نَبَّهتُهُ وَالكَرى يَثني مَعاطِفَهُ / وَنَشوَةُ الراحِ تَلوي جيدَهُ مَرَحا
فَهَبَّ لي وَحُمَيّا النَومِ تَصرَعُهُ / وَالشُكرُ يُطبِقُ مِن جَفنَيهِ ما فَتَحا
جَشَّمتُهُ وَهوَ يَثني جيدَهُ مَلَلاً / كَأساً إِذا بَسَمَت في وَجهِهِ كَلَحا
يُلقي سَناها عَلى تَقطيبِ حاجِبِهِ / أَشِعَّةً فَيُرينا قَوسَهُ قُزَحا
فَظَلَّ يَنزو وَريحَ الراحِ مُمتَعِضاً / وَيَستَشيطُ إِذا عاطَيتَهُ قَدَحا
حَتّى إِذا حَلَّتِ الكَأسُ النَشاطَ لَهُ / أَتبَعتُهُ بِثَلاثٍ تَبعَثُ الفَرَحا
وَنِلتُ مِن فَضلِها ما كانَ أَسأَرَهُ / بِقَعرِها مِن رُضابٍ نَشرُهُ نَفَحا
ريقاً لَوِ اِستاقَهُ الصاحي لَمالَ بِهِ / سُكراً وَلَو رَشَفَ السَكرانُ مِنهُ صَحا
فَقالَ لي وَغَوادي الدَمَعِ تَسبُقُني / مِنَ السُرورِ وَقَد يَبكي إِذا طَفَحا
قَد كُنتَ تَشكو فَسادَ العَيشِ مُعتَدِياً / أَنّي وَقَد طابَ بِاللَذّاتِ وَاِنفَسَحا
فَقُلتُ قَد كانَ صَرفُ الدَهرِ أَفسَدَهُ / لَكِنَّهُ بِالمَليكِ الصالِحِ اِنصَلَحا
مَلِكٌ إِذا ظَلَّ فِكرِيَ في مَدائِحِهِ / أَمسَت تُعَلِّمُنا أَوصافُهُ المِدَحا
فَضلٌ يَكادُ يُعيدُ الحُرسَ ناطَقَةً / تَتلو الثَناءَ وَلَفظٌ يُخرِسُ الفُصَحا
وَطَلعَةٌ كَجَبينِ الشَمسِ لَو لَمَعَت / يَوماً لِمُغتَبِقٍ بِالراحِ لَاِصطَبَحا
وُجودُها كَهِلالِ الفِطرِ مُلتَمَحاً / وَجودُها كَاِنهِلالِ القَطرِ مُنفَسِحا
يُخفي مَكارِمَهُ وَالجودُ يُظهِرُها / وَكَيفَ يَخفى أَريجُ المِسكِ إِذ نَفَحا
يَكادُ يَعقُمُ فِكري إِذ أُفارِقُهُ / عَنِ المَديحِ وَإِن وافَيتُهُ لَقِحا
فَما أَرَتنا اللَيالِيَ دونَهُ مِحَناً / إِلّا سَخا فَأَرَتنا كَفُّهُ مِنَحا
ثَبتُ الجَنانِ مَريرُ الرَأيِ صائِبُهُ / إِذا تَقاعَسَ صَرفُ الدَهرِ أَو جَمَحا
لا يَستَشيرُ سِوى نَفسٍ مُؤَيَّدَةٍ / مَن أَخطَأَ الرَأيَ لا يَستَذنِبُ النُصَحا
وَلا يُقَلِّدُ إِلّا ما تَقَلَّدَهُ / مِن حَدِّ عَضبٍ إِذا شاوَرتَهُ نَصَحا
وَلا يُذيلُ عَليهِ غَيرَ سابِغَةٍ / كَأَنَّما البَرقُ مِن ضَحضاحِها لُمِحا
مَسرودَةٍ مِثلِ جِلدِ الصِلِّ لَو نُصِبَت / قامَت وَلو صُبَّ فيها الماءُ ما نَضَحا
غَصَّت عُيونُ الرَدى وَالسَوءُ عَن مَلِكٍ / طَرفُ الزَمانِ إِلى عَليائِهِ طَمَحا
ما ضَرَّ مَن ظَلَّ في أَفناءِ مَنزِلِهِ / إِن أَغلَقَ الدَهرُ بابَ الرِزقِ أَو فَتَحا
يَوَدُّ باغي النَدى لَو نالَ بُلغَتَهُ / حَتّى إِذا حَلَّ في أَفنائِهِ اِقتَرَحا
لَمّا رَأى المالَ لا تَلوي عَلَيهِ يَدي / أَولانِيَ الوُدَّ إِذ أَولَيتُهُ المِدَحا
يا أَيُّها المَلِكُ المَحسودُ آمِلُهُ / وَالمُجتَدى جودُ عافيهِ لِما مُنِحا
لَوِ اِدَّعَت جودَكَ الأَفواهُ لَاِتُّهِمَت / وَلَو تَعاطاهُ لُجُّ البَحرِ لَاِفتَضَحا
حُزتَ العُلى فَدَعاكَ الناسُ سَيِّدَهُمُ / وَالكَأسُ لَولا الحُمَيّا سُمِّيَت قَدَحا
في وَصفِنا لَكَ بِالإِنعامِ سَوءُ ثَناً / وَالغَيثُ يُنقِصُهُ إِن قيلَ قَد سَمَحا
يا باذِلاً مِن كُنوزِ المالِ ما ذَخَروا / وَقابِضاً مِن صُيودِ الشُكرِ ما سَنَحا
وَمُلبِسي النَعَمَ اللاتي يُباعِدُني / عَنها الحَياءُ فَلا أَنفَكُّ مُنتَزِحا
لَئِن خَصَصتُكَ في عيدٍ بِتَهنِئَةٍ / فَما أَجَدتُ وَلا عُذري بِهِ وَضَحا
العيدُ نَذكُرُهُ في العامِ واحِدَةً / وَجودُ كَفِّكَ عيدٌ قَطَّ ما بَرِحا
لَكِن أُهِنّي بِكَ الدينَ الحَنيفَ فَقَد / أَتَيتَ لِلدينِ مَخلوقاً كَما اِقتَرَحا
فَاِسلَم فَما ضَرَّني ما دامَ جودُكَ لي / سِواكَ إِن مَنَعَ الإِحسانَ أَو مَنَحا
نَمَّ بِسِرِّ الرَوضِ خَفقُ الرِياح
نَمَّ بِسِرِّ الرَوضِ خَفقُ الرِياح / وَاِقتَدَحَ الشَرقُ زِنادَ الصَباح
وَأَخجَلَ الوَردُ شُعاعَ الضُحى / فَاِبتَسَمَت مِنهُ ثُغورُ الأَقاح
وَقامَ في الدَوحِ لَنَعيِ الدُجى / حَمائِمٌ تُطرِبُنا بِالصِياح
مُذ وُلِدَ الصُبحُ وَماتَ الدُجى / صاحَت فَلَم نَدرِ غِناً أَم نُواح
وَيَومَ دَجنٍ حُجِبَت شَمسُهُ / وَأَشرَقَت في لَيلِهِ شَمسُ راح
فَما ظَنَنّا الصُبحَ إِلّا دُجىً / وَلا حَسِبنا اللَيلَ إِلّا صَباح
وَقابَلَت نورَ الضُحى أَوجُهٌ / لِلغيدِ تَبغي في الصَباحِ اِصطِباح
فَظَلتُ ذا النورَينِ في مَجلِسي / مِن وَجهِ صُبحٍ وَوُجوهٍ صِباح
وَشادِنٍ إِن جالَ ماءُ الحَيا / في مُقلَتَيهِ زادَهُنَّ اِتِّقاح
يُسكِرُنا مِن خَمرِ أَلحاظِهِ / وَيَمزُجُ الجِدَّ لَنا بِالمُزاح
مِن لَحظِهِ يَسقي وَمِن لَفظِهِ / وَريقِهِ خَمراً حَلالاً مُباح
نَواظِرٌ تُعزى إِلَيها الظُبى / وَقامَةٌ تُعزى إِلَيها الرِماح
يا عاذِلي في حُسنِ أَوصافِهِ / وَمُسمِعي وَصفَ الفَتاةِ الرَداح
في حُبِّ ذي القُرطَينِ يا لائِمي / لي شاغِلٌ عَن حُبِّ ذاتِ الوِشاح
دَعني أُقَضّي العَيشَ في غِبطَةٍ / مُتَّبِعاً مَغدى الهَوى وَالمَراح
مِن قَبلِ أَن يَهتِفَ داعِ النَوى / فَلَم أَجِد عَن بَينِنا مِن بَراح
فَكُلَّ يَومٍ لي بِرُغمِ العُلى / في كُلِّ أَرضٍ غُربَةٌ وَاِنتِزاح
واضيعَةَ العُمرِ وَفَوتَ المُنى / بَينَ رِضى الكومِ وَسُخطِ المِلاح
وَرُبَّ لَيلٍ خُضتُ تَيّارَهُ / بِأَدهَمٍ يَسبُقُ جَريَ الرِياح
مُحَجَّلِ الأَربَعِ ذي غُرَّةٍ / مَيمونَةِ الطَلعَةِ ذاتِ اِتِّضاح
كَأَنَّهُ قَد شَقَّ بَحرَ الدُجى / وَبَعدَهُ خاضَ غَديرَ الصَباح
لَم تَعلَمِ الأَبصارُ في جَريِهِ / قادِمَةً خَفَّت بِهِ أَم جَناح
يَقرَأُ مِن وَحيِ ضَميري لَهُ / تَقاعُساً رُمتُ بِهِ أَم جِماح
مُذ فَسُدَ العَيشُ رَأى قَصدَهُ / لِلمَلِكِ الصالِحِ عَينَ الصَلاح
المَلِكُ النَدبُ الَّذي شُكرُهُ / صارَ اِعتِباراً لِلوَرى وَاِصطِلاح
مُمَنَّعُ المَجدِ رَفيعُ العُلى / لَم يَكُ إِلّا مالُهُ مُستَباح
يَكادُ مِن دِقَّةِ أَفكارِهِ / يُزري بِما يُجري القَضاءُ المُتاح
لَهُ يَدٌ إِن جادَ كانَت حَياً / وَهِمَّةٌ إِن جالَ كانَت سِلاح
وَرَحبُ صَدرٍ كُلَّما هيمَنَت / فيهِ نَسيمُ المَدحِ زادَ اِرتِياح
يا حامِلَ الأَثقالِ مِن بَعدِما / حَطَّ مِراراً غَيرُهُ وَاِستَراح
لَولاكَ يا وابِلُ زَرعُ النَدى / أَضحى هَشيماً وَذَرَتهُ الرِياح
يا اِبنَ الَّذي حَجَّ إِلَيهِ الوَرى / لِكونِهِ كَعبَةَ دينِ السَماح
إِن قَصُرَت مِنّي إِلَيكَ الخُطى / ما قَصُرَت مِنّي يَدُ الإِمتِداح
فَقَد جَعَلتُ الأَرضَ مِن مَدحِكُم / خَضرا وَشِعري جائِلٌ كَالوِشاح
خَفَضتُ بِالنَصبِ اِستِعاراتِهِ / كَما أُعيرَ الذُلُّ خَفضَ الجَناح
إِذا تَلاهُ الوُفدُ قالَ الوَرى / هَذا هُوَ السِحرُ الحَلالُ المُباح
ذِكرُكَ كَالمِسكِ وَلَكِنَّهُ / إِن ضَوَّعَتهُ نَسمَةُ المَدحِ فاح
أَهلاً بِشُهبٍ عِندَ إِشراقِها
أَهلاً بِشُهبٍ عِندَ إِشراقِها / يُجلى الدُجى مِن نورِها الواضِحِ
تُنضِبُ بَحرَ اللَيلِ إِذ تَغتَدي / ناهِلَةً مِن لُجِّهِ الطافِحِ
كَأَنَّما أَيمانُها عَزمَةٌ / مِن عَزَماتِ المَلِكِ الصالِحِ
مَلكٌ يَظَلُّ الدَهرُ في حُكمِهِ / مُقتَبِساً مِن رَأيِهِ القادِحِ
وَمَن غَدا سائِحُ إِنعامِهِ / يَملَأُ قَلبَ الآمَلِ السانِحِ
لا بَرِحَت رُتبَةُ سُلطانِهِ / تَسمو عَلى الأَعزَلِ وَالرامِحِ
صِفاحُ عُيونٍ لَحظُها لَيسَ يَصفَحُ
صِفاحُ عُيونٍ لَحظُها لَيسَ يَصفَحُ / وَنَبلُ جُفونٍ لِلجَوارِحِ تَجرَحُ
وَماءُ حَياءٍ لَيسَ يَنقَعُ غُلَّةً / وَنارُ خُدودٍ لِلجَوانِحِ تَلفَحُ
وَمَنظَرُ حُسنٍ في سَنا البَدرِ رَسمُهُ / إِلى القَلبِ أَحلى وَهوَ في العَينِ أَملَحُ
وَجَوهَرُ ثَغرٍ يُحزِنُ القَلبَ لَمحُهُ / وَقَد زَعَموا أَنَّ الجَواهِرَ تُفرِحُ
وَصَلتٍ وَصَلتُ السُهدَ بِالجَفنِ عِندَما / غَدا وَهوَ مِن عُذري عَنِ الصَبرِ أَوضَحُ
مَحاسِنُ قادَت نَحوَها شارِدَ الهَوى / وَظَلَّ إِلَيها ناظِرُ القَلبِ يَطمَحُ
إِذا ضَمَّ أَقسامَ الجَمالِ تَحَيِّزٌ / فَإِنَّ جَميلَ الصَبرِ بِالحُرِّ يَقبَحُ
فَلِلَّهِ صَبٌّ لا يُبَلُّ غَلَيلُهُ / وَإِنسانُ عَينٍ بِالمَدامِعِ يَسبَحُ
وَنَفسٌ أَبَت إِلّا نِزاعاً إِلى الصِبا / تَقاعَسَها وَخطُ المَشيبِ فَتَجمَحُ
وَأَشمَطُ مِن وُرقِ الحَمامِ كَأَنَّما / سَنا الصُبحِ يُصبي قَلبَهُ حينَ يُصبِحُ
يُرَجَّعُ تَكرارَ الهَديلِ مُغَرِّداً / فَيَصدَعُ قَلبي نَوحُهُ حينَ يَصدَحُ
وَما ذاكَ إِلّا أَن شَدَوتُ فَقَد غَدا / يُلَوِّحُ بِالأَحزانِ لي فَأُصَرِّحُ
وَيُذكِرُني الإِلفَ الَّذي هُوَ فاقِدٌ / وَيَعجِمُ شَكواهُ إِلَيَّ فَأُفصِحُ
وَما ضَرَّني بُعدُ الدِيارِ وَأَهلِها / بِأَرضي وَفَقدُ الطَرفِ ما كانَ يَلمِحُ
وَرِجلايَ في أَفناءِ دِجلَةَ قَد سَعَت / وَطَرفِيَ في أَفناءِ حَرزَمَ يَسرَحُ
مَنازِلُ لَم أَذكُر بِها السِقطَ وَاللِوى / وَلَم يُصبِني عَنها الدُخولُ فَتوضِحُ
وَلَم أَقرِ بِالمِقراةِ طَرفي بِمِثلِها / فَتَسرَحُ فيها العَينُ وَالصَدرُ يُشرَحُ
فَإِن أَكُ قَد فارَقتُ إِلفاً وَمَعشَراً / كِراماً إِلى عَلياهُمُ العِزُّ يَجنَحُ
فَصَبراً لِما قَد أَفسَدَتهُ يَدُ النَوى / عَسى أَنَّهُ بِالصالِحِ المَلكِ يَصلُحُ
مَليكٌ إِذا ما رُمتُ مَدحاً لِمَجدِهِ / تُعَلِّمُني أَوصافُهُ كَيفَ أَمدَحُ
لَهُ في الوَغى وَالجودِ نَفسٌ زَكِيَّةٌ / مِنَ اللَيثِ أَسطى أَو مِنَ الغَيثِ أَسمَحُ
وَأَضيَقُ مِن سُمَّ الخِياطِ اِعتِذارُهُ / وَصَدرٌ مِنَ الأَرضِ البَسيطَةِ أَفسَحُ
تَحُلُّ بِكَفَّيهِ اللُهى عُمرَ ساعَةٍ / إلى مَلِكٍ بَيني وَبَينَكَ يُصلِحُ
لَقَد ظَلَّ يُصميني الزَمانُ لِبُعدِهِ / وَيُحزِنُ قَلبي مِنهُ ما كانَ يُفرِحُ
فَقُلتُ لِصَرفِ الدَهرِ ها أَنا راحِلٌ / وَتُغلَقُ أَبوابُ السَماحِ فَيَفتَحُ
إِلى مَلِكٍ يُخفي المُلوكَ فَيَجتَلي / وَتُغلَقُ أَبوابُ السَماحِ فَيُفتَحُ
إِلى مَلِكٍ لا مَورِدُ الجودِ عِندَهُ / أُجاجٌ وَلا مَرعى السَماحِ مُصَوِّحُ
إِلى مَلِكٍ يَلقى الثَناءَ بِمِثلِهِ / وَيُنعِمُ مِن بَعدِ الثَناءِ وَيَسمَحُ
إِلى مالِكٍ لا زالَ لِلمَدحِ خاطِباً / وَزادَ إِلى أَن كادَ لِلمَدحِ يَمدَحُ
إِلى مَلِكٍ أَفنى القَريضَ مَديحُهُ / فَقَد زَجَّلَ المُدّاحُ فيهِ وَوَشَّحوا
تَقولُ لِيَ العَلياءُ إِذ زُرتُ رَبعَهُ / رُوَيدَكَ كَم في الأَرضِ تَسعى وَتَكدَحُ
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تُعَدَّ بِتاجِرٍ / هَلُمَّ فَفيهِ تاجِرُ المَدحِ يَربَحُ
فَأَنتَجتُ مِن فِكري لَهُ كُلَّ كاعِبٍ / يُزَيِّنُ عِطفَيها البَديعُ المُنَقَّحُ
وَخَلَّدتُ شِعري في الطُروسِ لِأَنَّني / أَرى الشِعرَ يَعلو قَدرُهُ حينَ يَقرَحُ
فَيا مَلِكاً قَد أَطمَعَ الناسَ حِلمُهُ / لِكَثرَةِ ما تَهفو فَيَعفو وَيَصفَحُ
أَعِد غَيرَ مَأمورٍ عَلى الضِدِّ كَيدَهُ / وَاَذكِ لَهُ النارَ الَّتي باتَ يَقدَحُ
فَقَد أَيقَنَ الأَعداءُ أَنَّكَ راحِمٌ / فَباهَوا بِأَفعالِ الخَناءِ وَثُجِّحوا
إِذا ما فَعَلتَ الخَيرَ ضوعِفَ شَرُّهُم / وَكُلُّ إِناءٍ بِالَّذي فيهِ يَنضَحُ
وَلَو تابَعوا قَولَ الإِلَهِ وَأَمرَهُ / لَقالوا بِأَنَّ الصُلحَ لِلخَلقِ أَصلَحُ
تَهَنَّ بِعيدِ النَحرِ وَاِنحَر مِنَ العِدى / فَجودُكَ عيدٌ لِلوَرى لَيسَ يَبرَحُ
وَضَحِّ بِهِم لا زِلتَ تَنحَرُ مِثلَهُم / وَمِن دونِ مَغناكَ العَقايرُ تُذبَحُ
خَليلَيَّ ما أَغبى المُغالينَ في الهَوى
خَليلَيَّ ما أَغبى المُغالينَ في الهَوى / وَأَغفَلَهُم عَن حُسنِ كُلِّ مَليحِ
يَظُنّونَ أَنَّ الحُسنَ بِالعَينِ مُدرَكٌ / وَسِرُّ الهَوى بادٍ لِكُلِّ لَموحِ
وَلَيسَ طَموحُ الناظِرَينِ بِمُبصِرٍ / إِذا كانَ لَحظُ القَلبِ غَيرَ طَموحِ
فَلَيسَ جَميلٌ في الهَوى وَكُثَيِّرٌ / وَلا عُروَةُ العُذريُّ وَاِبنُ ذَريحِ
بِأَعرَفَ مِنّي لِلمِلاحِ تَوَسُّماً / وَلا جَنَحوا لِلعِشقِ بَعضَ جَنوحي
وَأَيُّ لَبيبٍ ما سَبى الحُسنُ لُبَّهُ / فَباتَ بِقَلبٍ بِالغَرامِ قَريحِ
إِذا ما خَلا القَلبُ الصَحيحُ مِنَ الهَوى / عَلِمتُ بِأَنَّ العَقلَ غَيرُ صَحيحِ
وَنَصرانِيَّةٍ بِتنا جِواراً
وَنَصرانِيَّةٍ بِتنا جِواراً / لَها فَلَنا بِساحَتِها جُنوحُ
خَطَبنا عِندَها راحاً فَجاءَت / بِراحٍ لِلنَفوسِ بِها تُريحُ
وَأَبدَت مَنظَراً حَسَناً فَظَلنا / وَكُلٌّ مِن تَلَهُّفِهِ قَريحُ
فَلَمّا أَن دَنَت نَحوِ بِكَأسٍ / يُضاعِفُ نورَها الوَجهُ الصَبيحُ
مَسَحتُ يَدي عَلى خَدٍّ أَسيلٍ / فَعادَت فِيَّ بَعدَ المَوتِ روحُ
فَهَزَّت عِطفَها مَرَحاً وَقالَت / قَضى نَحباً فَأَحياهُ المَسيحُ
طافَ وَفي راحَتِهِ كَأسُ راح
طافَ وَفي راحَتِهِ كَأسُ راح / مُوَقَّرُ الرِدفِ سَفيهُ الوِشاح
يُجيلُ في عُشّاقِهِ أَعيُناً / نَحنُ بِها المَرضى وَهُنَّ الصِحاح
مُقَرطَقٌ مُمَنطَقٌ إِذا نَطَقَ / ظَنَنتُ عَنهُ المِسكَ وَالنِدَّ فاح
يُسكِرُنا مِن نُطقِ أَلحاظِهِ / وَأَلسُنُ الأَعيُنِ خُرسٌ فِصاح
كَأَنَّهُ وَالكَأسُ في كَفِّهِ / بَدرُ الدُجى يَحمِلُ شَمسَ الصَباح
قَد أَشرَقَ وَأَبرَقَ وَأَحرَقَ / قَلبي بِنارِ الوَجدِ وَالاِلتِياح
تَمَّت مَعاني الحُسنِ في وَجهِهِ / حَتّى غَدا يُدعى أَميرَ المِلاح
أَحوى لَهُ خَدٌّ سَقاهُ الحَيا / فَأَورَثَ الأَحداقَ مِنهُ اِتِّقاح
فَحَلَّقَ تَأَلَّقَ فَطَلَّقَ / نَومي وَراجَعتُ البُكا وَالنُواح
مُهَفهَفٌ تَحسَبُهُ أَعزَلاً / وَهوَ مِنَ الأَلحاظِ شاكِ السِلاح
مُتَرَّكُ اللَحظِ لَهُ قامَةٌ / أَلطَفُ هَزّاً مِن قُدودِ الرِماح
وَأَرشَقَ وَأَمشَقَ فَما أَعشَقَ / قَلبي لَهُ في جِدِّهِ وَالمُزاح
صاحِبَ السَيفِ الصَقيلِ المُحَلّا
صاحِبَ السَيفِ الصَقيلِ المُحَلّا / جَرِّدِ اللَحظَ وَأَلقِ السِلاحا
لَكَ يا رَبَّ العُيو / نِ القَواتِل
ما كَفى عَن حَملِ سَي / فٍ وَذابِل
أَعيُنٌ تَبدو لَدَيها / المَقاتِل
ما سَرى في جَفنِها الغَنجُ إِلّا / أَوثَقَت مِنّا القُلوبَ جِراحا
وَغَزالٍ مِن بَني ال / تُركِ أَلمى
خَدُّهُ بِاللَفظِ لا ال / لَحظِ يَدمى
فَلَّ جَيشَ اللَيلِ لَم / ما أَلَمّا
أَشرَقَت خَدّاهُ وَالراحُ تُجلى / فَتَوَهَّمتُ اِغتِباقي اِصطِباحا
زارَني وَاللَيلُ قَد / مَدَّ ذَيلا
فَأَرانا وَجهُهُ ال / شَمسَ لَيلا
كُلَّما مالَت بِهِ ال / راحُ مَيلا
وَتَبَدّى وَجهُهُ وَتَجَلّى / صَيَّرَ اللَيلَ البَهيمَ صَباحا
وَعُذولٍ باتَ لي / عَنهُ زاجِر
إِذ رَآني مِن أَذى ال / قَولِ حاذِر
قُلتُ قُل إِنّي بِرو / حي مُخاطِر
قالَ مَه لا تَعصِني قُلتُ مَهلا / لَستُ أَخشى مَع هَواهُ اِفتِضاحا
رُبَّ لَيلٍ باتَ في / هِ مُواصِل
وَخِضابُ اللَيلِ بِال / صُبحِ ناصِل
فَسَقاني الريقَ وَال / كَأسُ واصِل
قالَ أَملا الكَأسَ بِالراحِ أَم لا / قُلتُ حَسبي ريقُكَ العَذبُ راحا
قالَ لي في العَتبِ وَال / لَيلُ هادي
وَيَدي تُدنيهِ نَح / وَ وِسادي
حُلتَ ما بَيني وَبَي / نَ رُقادي
جاعِلاً يُمناكَ لِلساقِ حِجلا / وَاليَدَ اليُسرى لِخَصري وِشاحا
وَفَتاةٍ واصَلَت / هُ وَمالَت
تَبتَغي تَقبيلَهُ / حينَ زالَت
فَاِنثَنى عَنها نِفا / راً فَقالَت
عَن مَبيتِ لَيلَةٍ ما تَسمَح بِقُبلَه / لا عَدِمنا مِنكَ هَذي السَماحَه
يا قابِضَ المالِ الَّذي لَم تَزَل
يا قابِضَ المالِ الَّذي لَم تَزَل / عَيني إِلى بَهجَتِهِ تَطمَحُ
وَمَن إِذا جَرَّحَني لَحظُهُ / غَدا بِلَحظِ خَدِّهِ يَجرَحُ
تَاللَهِ لا أَنفَكُّ مُستَهتِراً / فيكَ بِأَشعاري وَلا أَبرَحُ
يَعذُبُ لي الإِحماضُ في قابِضٍ / حُلوٍ إِذا ما مَرَّ يُستَملَحُ
وَيَومٍ ضَمَّ شَملَ الصَحبِ فيهِ
وَيَومٍ ضَمَّ شَملَ الصَحبِ فيهِ / مُلِثٌّ في تَرادُفِهِ مُلِحُّ
تَكاثَفَ غَيمُهُ فَالصُبحُ لَيلٌ / وَأَومَضَ بَرقُهُ فَاللَيلُ صُبحُ
وَعاهَدنا العِهادَ بِهِ عُهوداً / فَما لِجُفونِها بِالسَحِّ شَحُّ
فَقَد حَلَفَت لَنا أَن لَيسَ تَصحو / وَأَقسَمنا لَها أَن لَيسَ نَصحو
رُبَّ يَومٍ قَد رَفَلتُ بِهِ
رُبَّ يَومٍ قَد رَفَلتُ بِهِ / في ثِيابِ اللَهوِ وَالمَرَحِ
أَشرَقَت شَمسُ المُدامِ بِهِ / وَجَبينُ الصُبحِ لَم يَلُحِ
فَظَلَلنا بَينَ مُغتَبِقٍ / بِحُمَيّاها وَمُصطَبِحِ
وَشَدَت في الدَوحِ صادِحَةٌ / بِضُروبِ السَجعِ وَالمُلَحِ
كُلَّما ناحَت عَلى شَجَنٍ / خِلتُها غَنَّت عَلى قَدَحِ
قَد أَيقَظَ الصُبحُ ذَواتِ الجَناح
قَد أَيقَظَ الصُبحُ ذَواتِ الجَناح / وَعَطَّرَ الزَهرُ جُيوبَ الرِياحِ
وَاِرتاحَتِ النَفسُ إِلى شُربِ راح / قُم هاتِها مِن كَفِّ ذاتِ الوِشاحِ
فَقَد نَعى اللَيلَ بَشيرُ الصَباحِ /
باكِر فَطَرفُ الدَهرِ في غَفلَةٍ / وَأَنتَ مِن يَومِكَ في غَفلَةٍ
فَاِعجَل فَظِلُّ العَيشِ في نُقلَةٍ / وَاِحلُل عُرى نَومِكَ عَن مُقلَةٍ
تُقِلُّ أَلحاظاً مِراضاً صِحاحِ /
فَقاطِعِ الغُمضَ وَصِل نَشوَةً / توليكَ مِن بَعدِ الصِبا صَبوَةً
وَلا تَرُم مِن سُكرِها صَحوَةً / خَلِّ الكَرى عَنكَ وَخُذ قَهوَةً
تُهدي إِلى الرَوحِ نَسيمَ الرِياحِ /
باكِر صَبوحَ الراحِ بَينَ الدُمى / مَع كُلِّ بَدرٍ فاقَ بَدرَ السَما
مِن كُلِّ حُلوِ اللَفظِ عَذبِ اللَمى / هَذا صَبوحٌ وَصَباحٌ فَما
عُذرُكَ عَن تَركِ صَبوحِ الصَباح /
إِن لَذَّةٌ وافَت فَكُن أَهلَها / مَخافَةَ أَن لا تَرى مِثلَها
وَإِن نَأَت صارِمَةً حَبلَها / بادِر إِلى اللَذّاتِ وَاِركَب لَها
سَوابِقَ اللَهوِ ذَواتِ المِراح /
أَما تَرى اللَيلَ بِنا قَد طَحا / وَالصُبحَ بِالنورِ لَهُ قَد مَحا
قُم فَاِرشُفِ الكَأسَ وَدَع مَن لَحا / مِن قَبلِ أَن تَرشُفَ شَمسُ الضُحى
ريقَ الغَوادي مِن ثُغورِ الأَقاح /
شُرِّفتَ بِالأَمسِ بِنَقلِ الخُطى
شُرِّفتَ بِالأَمسِ بِنَقلِ الخُطى / حَتّى اِنقَضَت لي لَيلَةٌ صالِحَه
فَعُد بِها حَتّى تَقولَ الوَرى / ما أَشبَهَ اللَيلَةَ بِالبارِحَه
إِن أَكُن قَد جَنَيتُ في السُكرِ ذَنباً
إِن أَكُن قَد جَنَيتُ في السُكرِ ذَنباً / فَاِعفُ عَنّي يا راحَةَ الأَرواحِ
أَيُّ عَقلٍ يَبقى هُناكَ لِمِثلي / بَينَ سُكرِ الهَوى وَسُكرِ الراحِ
إِنَّ المُلوكَ لَتَعفو عِندَ قُدرَتِها
إِنَّ المُلوكَ لَتَعفو عِندَ قُدرَتِها / لَكِنَّها عَن ثَلاثِ عَفوُها قَبُحا
ذِكرُ الحَريمِ وَكَشفُ السِرِّ مِن ثِقَةٍ / وَالقَدحُ في المُلكِ مِمَّن جَدَّ أَو مَزَحا
وَالعَبدُ لَم يُفشِ أَسرارَ المَليكِ وَلَم / يَذكُر حَريماً وَلا في مُلكِهِ قَدَحا
وَإِنَّما قالَ قَولاً كانَ غايَتَهُ / أَن صَرَّحَ العُذرَ أَو لِلحالِ قَد شَرَحا
فَكَيفَ يَسعى وَسيطُ السوءِ عَنهِ بِما / يُقصيهِ عَنكُم فَيُعطي فَوقَ ما اِقتَرَحا
عُزيتَ إِلى آلِ بَيتِ النَبِيَّ
عُزيتَ إِلى آلِ بَيتِ النَبِيَّ / وَأَنتَ بِضِدِّهِمُ في الصَلاحِ
وَإِن صَحَّ أَنَّكَ مِن نَسلِهِم / فَقَد يَنبُتُ الشَوكُ بَينَ الأَقاحِ
تَغَرَّب وَاِبغِ في الأَسفارِ رِزقاً
تَغَرَّب وَاِبغِ في الأَسفارِ رِزقاً / لَتَفتَحَ بِالتَغَرُّبِ بابَ نُجحِ
فَلَن تَجِدَ الثَراءَ بِغَيرِ سَعيٍ / وَهَل يوري الزِنادُ بِغَيرِ قَدحِ
في فَسادِ الأَحوالِ لِلَّهِ سِرٌّ
في فَسادِ الأَحوالِ لِلَّهِ سِرٌّ / وَاِلتِباسٌ في غايَةِ الإيضاحِ
فَيَقولُ الجُهّالُ قَد فَسَدَ الأَم / رُ وَذاكَ الفَسادُ عَينُ الصَلاحِ