القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ نُباتَة المِصْري الكل
المجموع : 56
لتهن عين إلى مرآك قد طمحتْ
لتهن عين إلى مرآك قد طمحتْ / ومهجةٌ فيك بالأشجان قد صلحت
يا من إذا باعت الأبصار أسودها / بحبةٍ فوق خديهِ فقد ربحت
لا أشتكِي فيكَ أشجاني وإن مكثت / ولا أكفكف أجفانِي وإن نزحت
أنا الذي كرمت أنفاس صبوته / وكلَّما مسَّ ناراً ندّها نفحت
يزيدني العذل تبريحاً ألذّ به / فليت عذَّال حبِّي فيكَ ما برحت
ويعجبُ الدمعُ حين حينَ يجرحها / وما العدَالة إلا حيثما جرحت
ما أدمعي في هواك السمح باخلة / وكيف وهي التي بالعينِ قد سمحت
سقياً لأوقاتك اللآتي إذا ذكرت / حلتْ على أنَّها بالحسنِ قد ملحت
حيث الصبا بشذَا الأزهار نافحة / في فحمة الليل والأقداح قد قدحت
وللقيان بوُرقِ الطير مشتبهٌ / هذي وتلكَ على العيدانِ قد صدحت
والزهر كالضيف أمسى وهو مبتسم / على زِقاقٍ من الصهباءِ قد ذُبحت
والرَّاح في يدِ ساقيها مشعشعة / كأنَّ وجنة ساقِيها بها نضحت
ساقٍ إذا اغْتبقت ندمان قهوتهِ / أضاء مبسمه الصبحيّ فاصطبحت
لدن المعاطف يمناه ومقلته / تسقيكَ إن حملت راحاً وإن لمحت
ذو ناظرٍ بالحيا والسحر مكتحل / فالموت إن غضت الأجفان أو فتحت
كم قابلته لكي تحكيه نرجسة / فصح أن عيون النرجس انفتحت
إذا اعتبرت معاني من كلفت به / عجبت من حسن ما دقت وما وضحت
تلك التي خلَّفت عيناي غارقة / ترعى نجوم الليالي كلما سبحت
آهاً لذكرِ ليالٍ ما فطنت لها / حتَّى أناخَ عليها الدهر فانتزحت
كم يقصد الدهر إغضابِي بقادحةٍ / في الحال لكنَّها في الصبرِ ما قدحت
إن عاب رونق ألفاظي ذوو إحَنٍ / ففي السماءِ بدور طالما نُبحت
دع الليالي إني قد غفرت لها / بالأفضل الملك ما كانت قد اجترحت
جاءت به مغرب الأوصاف مشرقها / مثال ما اقترح العليا وما اقترحت
ملك لهاهُ عن الآمال قد فصحت / وراحتاه عن الأيام قد صفحت
له خطىً جازت العليا وما فخرت / وأنمل كفت الدنيا وما بجحت
تندي حياءً غداةَ الجود طلعته / كأنما منعت كفاه ما منحت
كانت بنو الدهر غضبى مع زمانهمُ / لكن على يده الفيّاضة اصطلحت
كم منطق فصَّحته بالثناءِ وكم / نحوٍ من الجود في أهل الرجاءِ نحت
كم نعمة سبحت عن بيت سؤدده / في الخافقين وكم من مدحة سرحت
لا عيبَ في مجده العالي سوى أذُنٍ / في الجود لا تسمع العذَّال إن نصحت
أما الرعايا فقد ردَّت بدولته / لها وجوه الأماني بعد ما جمحت
كل البيوت من الأموال باسمة / إلا بيوتاً من الأموال قد كلحت
بين الصوارم والأقلام فكرته / إن دبرت أفلحت أو صاولت فلحت
سجية في بني أيوب قد نفرت / وبين آل تقيّ الدين قد رجحت
يمدُّ زنداً إلى العلياءِ واريةً / أنوارها وهي ما عيبت وما قدحت
إذا أطال كريم وعده اختصرت / وإن طوى قلب باغ غلها شرحت
يا ابن الملوك جلت أنوار غرتهم / غياهب الإفك عن طرق الهدى ومحت
لو لم يكن لك حق الملك من قدم / لكن حقك بالنفس التي طمحت
لو خط بعض اسمك العالي على علم / وقابلته حصون الأرض لافتتحت
أنت الذي قدمت أمداحه فكري / فخراً على فكرٍ من بعد قد مدحت
أنت الذي فسَّحت نعماء والده / حالي وفكرتيَ الغماء فانفسحت
وأودعتنَى جدوى كفه منناً / كأنها بعدُ من جفنيّ قد رشحت
كم مدحة لي من آثار أنعمه / سيّارة لنجوم الليل قد فضحت
بطالع السعد لا جدْيٌ ولا حملٌ / جازت مدى الشهب والغفران ما انتطحت
لله درك من ملك له شرف / ثنى قرائحنا عنه وإن كدَحت
دامت لملكك أوقات الحبور إذا / تقلدت من حُلى إقبالها اتشحت
وجاد قبرَ الشهيد الغيث ينشده / يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت
بكى الشعر أيام المنى والمنائح
بكى الشعر أيام المنى والمنائح / ففي كل بيت للثنا صوت نائح
وغاضت بحور المكرمات وطوحت / بأهل الرجا والقصد أيدي الطوائح
ولما ادلهمَّت صفحة الأفق بالأسى / علمنا بأنَّ الشهب تحت الصفائح
حيا المزن أسعدني على فقد سادة / بدمع كجدواهم على الناس طافح
أبعد بني شادٍ وقد سكنوا الثرى / قريض لشادٍ أو سرور لفارح
أبعد ملوك العلم والبأس والندى / تشب العلى نار القرى والقرائح
أما والذي أخلى حمى الملك منهمُ / وعمّر بالعليا رسوم الضرائح
لئن أوحشوا منهم بيوت مقامهم / لقد أوحشت منهم بيوت المدائح
يجرّح قلبي بعدهم صوت ساجعٍ / يذكرني عهدَ الأيادي السوافح
فيا فرخ ضعفي حيث صرت فريسة / وصار حمامُ الأيك في الطير جارحي
تلا فقد إسماعيل فقد محمد / فيا للأسى من فادح بعد فادح
وزالا فما إنسان عيني بممسكٍ / بكاءَ ولا إنسان قولٍ بكادح
كأن زناد الفضل لم يورِ منهما / سنا شيمٍ ما فيه قولٌ لقادح
كأن لم يقم بالمكرمات مطوَّق / لدى الباب يشدوا بالثنا شدو صادح
خذ الزاد يا ضيف المكارم وارتحلْ / بنوح فقد أقوت ربوع المنائح
نزحت دموعاً أو نزحت ركائباً / فلله في الحالين حسرة نازح
بروحي ديار الفضل صوَّح روضها / كأن لم يجب فيها المنى صوت صائح
بروحي غريب الدار والنعشُ عائدٌ / إلى أرضه الثكلى غريب النوائح
بروحي نظير الغصن في دوحة العلى / رماه فأوداه الزمان ببارح
رمى فروعه من بعد ما مدَّ ظله / على كل غادٍ م العفاة ورائح
وجمَّل دنيانا ببثّ جميلةٍ / وغطى على مكروهها والقبائح
وساس رعايا أرضه وأطاعه / على جانب العاصي هوى كل جامح
وأعطى عطاء السحب في حال عسرة / تقوم بأعذار النفوس الشحائح
وزاوج بين الحلم والبأس ملكه / فمن أعزل مثل السماك ورامح
ورتل من أسلافه سوَرَ العلى / خواتمها موصولة بالفواتح
وقام إلى جمع المحامد طامحاً / فوالله لم يعدل به عزم طامح
ووالله ما نقضي حقوق محمد / إذا نحن أثنينا عليه بصالح
ولو أمكن الغيث الفدى بوليّه / فدى صالحاً من آل شادٍ بطالح
ورد الرّدى عن فائض البرّ عنده / أعزّ مكان في الدنى سرح سائح
هو الموت لو يثنيه بأسٌ ونائل / ثنتهُ سجايا كفه في الجوانح
هو الموت ما يعييهِ ثاوٍ بمغفل / ولا واصل في النبذ من خطو سابح
ولا أسدٌ يرنو بأحمر أجزرٍ / تكاد به تشوى لحوم الذبائح
ولا أسد الأبراج في الشهب كاسراً / بتكرارها سرت نفوس الصحائح
كفى ببني أيوب للناس واعظاً / وإن صمتت أفواههم في الضرائح
ومرقى المنايا نحو آفاق عرشهم / وما كان يرقى نحوها طرف طامح
سلام على جنات أجداثهم ولا / سلام لنار الحزن بين الجوانح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح / بسفح النقا آهاً على زمن السفح
محجبة لا طعن فيها لعائب / على أنها تمشي فتهتز كالرمح
سقى الله ليلاً صالحت فيه باللقا / فما كان أشهى من لقاءٍ ومن صلح
أسدّ بطول اللثم فاها مخافةً / على ليلتي أن يهجم الثغر بالصبح
ويخطر في وشي الحرير قوامها / ونجم الدجى بالغيظ يعثر في منح
زمان مضى حلو المراشف والجنى / وعيش تقضى آمن السرب والسرح
ولا عيب في تلك الليالي التي خلت / سوى أنها مرت على الطرف كاللمح
تولى زمان الوصل وانقرض الصبى / فيا عجباً للدهر قرحاً على قرح
سلام على العيش الوريّ زناده / على أنه العيش البرئ من القدح
وغانية مثلَ الحياةِ أحبها / وإن كان في كدِّ بها العمر أو كدح
ومما عناني عاذلٌ متنصحٌ / وما الغش إلا ما سمعت من النصح
يطوف بسمعي لفظه وهو بارد / وفي القلب ما فيه من الوقد واللفح
وفي الخفرات اللاّءِ تغني بلفظها / عن العقد والفرع الأثيث عن الرشح
غزال رعت في الحب أخضر عيشتي / لقد أعرض الظبي الأغن عن الطلح
وقد كان لي والدهر فيه وقائع / فلما اجتمعنا آذن الدهر بالصلح
تعشقتها والخد يشبه خدها / أأعشقها والشيب ملتمع اللمح
كأن جفوني إذ تكاثر دمعها / بنان ابن فضل الله متصل المنح
وقائلة ما بال عزمك صابراً / على الفدحِ في الدنيا على أثر الفدح
فقلت رأيت السمر أقومَ ما ترى / إذا صبرت عند النفاق من اللقح
فقالت دع التقليل عنك وقم إلى / نوافجٍ فضل الله في زمن الفرح
وبادر لمحيي الدين تلق شمائلاً / مدربةً لم تدرِ ما هيئة الشحّ
فقمت ولكن بعد أن وضح الدجى / وعدت بمشهور الثنا طاهر سمح
يوري زناد الفضل بالمجد والعلى / ولكنه الفعل البريءُ من القدح
رئيسٌ رأى آمالنا وهي تشتكي / من الدهر أسقاماً فقال لها صحي
يسابق آمال العفاة بضعف ما / تمنت ويمسي في النوال كما يضحي
مغيث الرجا والخوف والذل والخطا / ببذل الندى بالأَمن بالجاه بالصفح
إذا وصف المداح بعض صفاته / فماذا بأكباد الأعادي من الشرح
وإن فتح الراوي معاني فخاره / فدع ما رواه آل خاقان للفتح
ولما علا نحو السماء ثناؤه / أتى بالنجوم الزهر والسحب السح
سحائب آلاءٍ تجول على الرجا / وأنجم آراءٍ تدل على النجح
وسعد أفاد الملك أخبية الهنا / وأنحى على أهل المكايد بالذبح
كذلك فَليحكِ النظير نظيره / بغرّ المعالي والمراشد والمنح
فيا أيها الساعي لشقة شأوه / تنح قصياً لست من ذلك الطرح
ويا أيها البسام بشرا وفضله / يعين على أعوامها الشهب الكلح
فدياً لك من لو أن ميعاد جوده / كفرعون لم يحتج لهامان في الصرح
وأنت الذي أغنيت بالرفد يمنهم / وبالغت حتى خلت أنك في مزح
تحليت في كتم الذي أتت واهب / وهيهات ما للمسك بُدّ من النفح
وكم جربت منكَ الملوكُ ميامناً / ونصحاً على فقد الميامن والنصح
وغصن يراع يستظل به الورى / ويشهد قتل المارقين بلا جرح
وأنك يا يحيى لَتُحيي ذوي الرجا / وتحمي من اللأوا وتنجي من الفدح
وأنك يا يحيى لفائض جعفر / من الوفر تزداد امتلاء على النزح
فلا زال للراجي جنابك موثلا / وضدك للِهمّ المقيم وللبرح
تسامى على المداح قدرك رتبة / فإقصارهمْ عن مدحه غاية المدح
وكدت لعرفان المكارم لم ترم / بحمد وما حمد السحاب على السفح
خلقت على مرادي واقتراحي
خلقت على مرادي واقتراحي / فذكرك حضرتي في وقت راحي
ولى من طرة لك أو جبين / شجون في المساء وفي الصباح
بروحي أنت ذو جفن كليل / وعيني منه دامية الجراح
غزاني جفنه وشكا فتوراً / فواحرباه من شاكي السلاح
وتيّاه سمحت له بدمع / يرى أن السماح من الرباح
ومالي لا أسيل أجاج دمعي / على عذب بمبسمه قراح
يحمِّر أوجه الكاسات هزؤاً / ويضحك في الرياض على الأقاحي
أقمت به على نيران برح / فما لي كابن قيس من براح
سقى صوب الحيا زمناً أقامت / عليه صبابتي ومحاه ماح
وكاسات أشد يدي عليها / مخافة أن تطير من الجماح
صفت فصفا الزمان وبشرتنا / فحلق درع بشراها النواحي
وقد كال النديم بها نضاراً / علمنا أنها داعي السماح
بكف مزركش الأصداغ تهوى / لقبلتها وجوه للملاح
عشوت لكأسه لا للثريا / ونسر الشهب خفاق الجناح
كأني قد سلبت الديك عيناً / فثار من المنام إلى الصياح
كأني قد حملت على همومي / بها رايات لهوٍ وانشراح
كأني إذ صحا بالمحل أفقي / رأيت لقا الليالي غير ماح
إذا أبصرت جدّاً من زمان / فخالطه بشيءٍ من مزاح
وليل ظلت فيه لفرط عزمي / كأن الشهب من شرر اقتداحي
وموحشة المفاوز في رُباها / طغت إبلي وسلن مع البطاح
أرشّح ذا الخمائل مشمعلاّ / بها وأحيد عن ذات الوشاح
لعزٍّ أو لوَفر أجتنيه / على وفق احتياجي واجتياحي
عليَّ بها السرى وعلى أيادي / بني الفاروق إدراك النجاح
بني فضل الإله إذا أجيلت / غداة المحل أيسار القِداح
نجوم العلم أنواء العطايا / جياد السبق آساد الكفاح
لآلي السلك في نسب نظيم / ودعنا من أنابيب الرّماح
لأحمدهم مناهي الحمد عنهم / فيا كرم اختتام وافتتاح
أخو الإغضاء عن تقصير مثن / وفي طلب العلاءِ أخو الطماح
وذو الجود الذي يروي عطاءً / لطالب راحتيه عن رباح
وذو القلم الذي إن قال أغنى / عن استسماع قعقعة السلاح
سويد القلب قلب العيش منه / وإلا فهو قادمة الجناح
فطوراً فائض العذب المهنى / وطوراً فائض السم الذُّباح
أبا العباس قد حفظت ثغورٌ / برأيك فهي باسمة النواحي
تسوَّكُ بالقنا مما حبتها / بزاتك أو تمضمض بالصفاح
وسامي الملك منك شهاب عزم / كفى المرّاد قبل الإلتماح
وذا همم إذا ضلت سيوف / تنادي الجيش حيّ على الفلاح
حللت بواديَيْ مصر وشامٍ / محلّ النيل والسحب الدّلاح
يمين مكارم أو صدر سرّ / مليّ بالمصون وبالمباح
وأغرقت ابن بحر في بيان / أطاف به على لجج فساح
بيان جوهريّ الوصف تروى / عوالي الحرب منه عن الصحاح
وأنَّ النرجس الحاكيك لفظاً / لينبي عن عيون رُباً وِقاح
وأن لراحتيك على الغوادي / فخاراً ما عليه من جناح
فؤاد البرق منه في التهابٍ / ووجه الدّجنِ منه في افتضاح
أما لِكَ رتبة العليا بلفظٍ / متينِ قوىً وأخلاقٍ سجاح
وباعث فكرتي سيما جبين / حمدت به السرى عند الصباح
عطفت عليّ في زمنٍ حرُونٍ / وجدْتَ برغم أيامٍ شحاح
وقربني جنابك بعدَ بعدٍ / ونهنهَ حاسدي بعد الجماح
ونطَّقني نداك وكنت حجلاً / فصرت اليوم أنطق من وشاح
إليك حسانَ شعر لم تعرها / ولا أحوجْتها حظّ القباح
من اللاتي زكت نسباً ورقت / عليك شمائل الخود الرداح
نزحت كلا الندى والعلم بحراً / فأخرجنا لآلي الإمتداح
ما البرق في كانونه قد قدح
ما البرق في كانونه قد قدح / والغيم في كفِّ الثريا قدح
أضوأ من ذهنك ناراً ولا / أرقّ من لفظك كأساً طفح
أورى نداك الذهن زنداً على / أنَّ امرأً في فضله ما قدح
وكأس ألفاظٍ عِذابٍ إذا / مازجها كافور ثلج نضح
وصغت ثلجاً فاكتسى برده / ذكاء ألفاظك حتى نفح
وسبح الناس بدرّيهما / حباً فيا لله من ذي السبح
وصار بالثّلج عذابُ الورى / عذباً وعاه غمه فانشرح
لم أنسه كالشيب لما أضا / في الرأس أو في الجلد لما جرح
قد غسل الليل بصابونه / وفاض في صبغ المسا فانمسح
وخاف أن يغتبق الأفق من / أندائه صدر الدجى فاصطبح
وعاد خيط الليل من لونه / أبيض كالفرق إذا ما وضح
وسيرت منه الجبال التي / رأى بها الساعة طرْفٌ طمح
ما كان ذاك الوجد حوتاً جرى / في فلك الشهب وثوراً نطح
الأمر أدهى والذي غاب من / شكوى الورى أكثر مما سنح
سلّت يد السعد على النحس من / أهل الشقا سكّينها فانذبح
وضاقت الأنفس من فرط ما / يُندف من رأس وقطنٍ قزح
وأبيض ذاك الطرف مما بكى / وأزبد العوَّاء مما نبح
وانقصف الغصن فكم طائر / ناح عليه بعد ما قد صدح
كأنما البحرُ طفا ملحه / فذرّه الأفق على ما جرح
يا مدْملَ الجرح بألفاظه / وناهياً للدّهر عما اجترح
لله ما خائية خلدت / في صفحة الدهر أجلّ الملح
أقسمت لو وازنت الشمس في الم / يزان دينار سناها رجح
سلبت عقلي بأحداقٍ وأقداح
سلبت عقلي بأحداقٍ وأقداح / يا ساجيَ الطرف أو يا ساقيَ الرَّاح
سكران من قهوة الساقي ومقلته / فاترك ملامك في السكْرين يا صاحي
واطرح بعيشك أثقالَ الملام فما / حملت وزْري ولا كلفت إصلاحي
دعني إذا صح نجمي في هوى قمري / ببيت ماليَ أنشي بيت أفراحي
بجوهر الكأس يجلو لي بها عرضاً / ظبيٌ يفدَّى بأشباحٍ وأرواح
وفارسيّ من الأتراك تكملتي / في نحو خدّيه قد صحت بإيضاح
يردي الفوارس منه ملتقى رشاءٍ / باللحظ والقدّ سياف ورماح
قلبي أبو طالبٍ منه الوصال فما / ينفكّ من نار شجو وسط ضحضاح
يا مثريَ الخدّ بالمحمر من ذهبٍ / دارِك ضرورة محتاجٍ ومجتاح
يا فاضحي في الهوى خط بعارضه / لقد نسخت على عشقي بفضّاح
ما أنس لا أنس لقيانا وقد غفلت / عينُ الهوى عن قريرِ العين طماح
قابلت شعرك بعد الوجه ملتفتاً / فأنعمَ الله إمسائي وإصباحي
حيث الرضى في جبين الصب مكتئب / أيام لم يمح أسطار الصبى ماح
وحامل الكأس تحت الدجن يعملها / كأنه مدلجٌ يمشي بمصباح
والغيم دان لكأس الراح يمزجها / يكاد يمسكه من قام بالراح
والآن كاسي دموعي والتذكر إنْ / أعي التذكر تشدو شدو مفصاح
يا عنبرَ الخال في ريحان سالفه / هل بابُ عيشيَ مسرورٌ بمفتاح
وهل إلى أرض مصر زورةٌ لشجٍ / بسائل من دموع الشوق ملحاح
وهل أباكِرُ بحرَ النيل منشرحاً / فأشرب الحلوَ من أكواب ملاح
وأشتكي النأيَ في باب العلاءِ إلى / نعم المليّ بأنجائي وإنجاحي
ذاك الذي قال شعري أي ممتدح / تدعو وقالت علاه أي مداح
أما زمان عليّ مع شذا كلمي / فقد تجانس نفاع بنفاح
أغرّ طامي بحور الفضل ناسبها / بغائص في بحور الشعر سباح
من آل يحيى كتاب الفضل متصل / فيهم بكفٍّ قويّ العزم طماح
أنأى البرية عن آمال ملتمح / تلك المعالي وأدناهم لممتاح
قام الكفاة له طوعاً ولو قعدوا / قامت عليهم نواحيهم بأنواح
ذو الرأي والقلم الهادي فواصف ذا / وذاك ما بين منصور وسفاح
مدبر الملك في سرِّ وفي علن / ومحكم الأمر من خاف ومن ضاحي
ومتبع البرّ للعافي بتهنئةٍ / وسائق الهلك للعادي بإسجاح
فيا لها من يدٍ بالجود فائضةٍ / وزَندِ رأيِ لداجي الرأي قداح
لا عيب فيه سوى علياء مخجلة / بمعرب البرّ نطق اللاّحن اللاحي
وسحر لفظ بأدنى ما ينمقه / عقاد ألسنة نفاث أرواح
وبذل جاهٍ ومالٍ مع توفرهِ / أربى وزاد فقلنا بذل مزّاح
نجل الخلائف نبه عندها عمراً / وافخر بكل عمير البيت جحجاح
المترِعين جفاناً كل داجية / والمفزعين جفوناً عند إصباح
والفاتحينَ بأقلام لهم وطناً / ممالكاً لم يحلها عزم فتاح
فإنْ حموا بيضةَ الإسلام إنهمُ / من سادةٍ في صميم العرب أمحاح
أو كلموا بمواضيهم وألسنهم / فإنهم أهل إبلاغ وإفصاح
أحييتهم يا ابن يحيى فابقَ مستبقاً / للفضل ذا غرر فيه وأوضاح
فرعاً تلافي العلى أصلاً لقد سجعت / سواجعُ الحمد فيكم بين أدْواح
يا من له القلم المنهلُّ بارقه / بوابلٍ في الوغى والسلم سحَّاح
يا ذا البلاغة أسلاكاً على حلل / فالفضل ما بين وشّاء ووشَّاح
لا غرْ وإن نشأت منشأ الرياض وفي / يمناك كلّ نمير الوَدق دلاّح
إني لأشهد منها غير ما شهدت / أفكار كل حسير الفكر لمّاح
فليت شعريَ توفي حقها مدحاً / وليت شعري متى بالقرب أرباحي
طال اطّراحي وإبعادي فهل سبب / لممسكٍ بشباك اللغو طرّاح
يا سيداً سرّ حسادي عليه فقد / تمكنوا من قصيّ الغوث ملتاح
قد كنت أروي لهم عن جابر زمناً / عنكم وها أنا أرويها لجرَّاح
وليتني عارفاً ذنبي فأجعله / باب التقاضي لسهل العفو مرْتاح
إن كنت أعرف ذنباً أستحقّ به / فراق عطفك لا فارقت أتراحي
فالعفو منك لقد سد الصدود على / ذهني مذاهب ينحو مثلها الناحي
أرويتَ أرض نبات لو عنيتَ به / كنتَ المحيّا بزهرٍ منه نفّاح
من غير سمعك يدري ما أرجعه / في الخصب من مستطاب الحمد صداح
بباهر البرّ جدّد يا عليّ قوى / شعرٍ تجدْ خيرَ عمارٍ لأمداح
وليهنك العام ساعي العامِ منشرحاً / بمجمل اليمن لم يحتج لشراح
عام حلفنا بمسطور الثلاث به / بأنه عامُ إقبال وأفراح
للملتجي لك فيه سعدُ أخبيةٍ / من الأذى ولباغي البعد ذبّاح
لا وأجفانك المراض الصحاح
لا وأجفانك المراض الصحاح / لست أدري ماذا تقول اللواحي
ليَ شغلٌ يا صاح بالنظرِ المنص / ور عنهم بالمدمع السفّاح
ما درى من يلوم حمرةَ دمعي / أن قلبي عليك دامي الجراح
يا مليحاً صدغاه قبلةُ حسن / سجدت نحوها وجوهُ الملاح
لك شعرٌ وقامةٌ إن يكونا / رايةً فهيَ راية الأفراح
وجبين إذا ذكرتُ سناه / بتّ أبكي صبابةً للصباح
خلُقٌ فيّ للهوى مثلما رُكّ / ب في ابن الأثير خُلق السماح
الرئيس الذي به نفق الشع / ر وراجت بضائع المدّاح
والجواد الذي يحدِّث راجي / سيب كفيه عن عطا بن رباح
باذل المال بالبنان الذي قد / حفظ الملك من جميع النواحي
همة تعتلي على شرف الشه / ب ورفدٌ يدنو إلى الممتاح
كم قصدنا له مشاهد فضل / فحصلنا على النجا والنجاح
وهرعنا إلى أنامل يمنا / ه ففزنا بالخمسة الأشباح
ليس ينفكّ بين عِرض مصونٍ / يترقى وبين مال مباح
فلكفّيه والثراء حروب / نحن منها في غاية الإصلاح
قال للباسم البروق نداها / طرقُ الجد غير طرْقِ المزاح
جرتِ الشهب بالعلى لعليّ / ولباغي مداه بالإفتضاح
وأقامت يد الزمان عليًّا / لقضايا قرَعنَ سنَّ الرّماح
فجلاها في الروع راياتِ رأي / ونضاها صحائفاً كالصفاح
كل محبوكة الصدور تهادَي / بين أدراعها أكفُّ الكفاح
فهي سورٌ على الممالك تحمي / ولباب الأرزاق كالمفتاح
يا ملاذ العفاة دعوة عبدٍ / مستغيثٍ من الزمان مجَاح
ذي حسانٌ من القصائد تجلى / وهي محتاجة لحظ القباح
يتشكَّى الصَّدى لنغبة جاهٍ / أصبح الناس فيه كالسُّبَّاح
فأعدنِّي على الحوادث وانْظر / لثوابي لديكَ لا لامْتداحي
جلَّ من صاغ نور بشرك في الخل / قِ وسبحان فالق الإصباح
إنسان عيني ساهر بك سافح
إنسان عيني ساهر بك سافح / يا أيُّها الإنسان إنكَ كادح
وجوانح ملئتْ عليكَ تحسراً / هذا وهنّ إلى لقاكَ جوانح
يا معرضاً قلبي عليه ومدمعي / هذا مقيم هوًى وهذا نازح
يا يوسف الحسن البديع جماله / والله ما عيشي بهجرك صالح
إن كان وجهك بدر سعد إنَّه / من لحظك الفتَّاك سعدُ الذابح
ما ضرَّ مثلك لائم إلاَّ كما / قد ضرَّ أقمار الدجنَّة نابح
ولقد يجدد فيك جرح حشاشتي / طيرٌ على البان المرنَّح صادح
يا فرط ضعفي حيث صرت فريسة / وحمام بانات الحمى لي جارح
عجباً لشخصك نافراً جرح الحشا / فهو الغزال لديَّ وهو الجارح
وتغزل الأشعار فيك كواسد / ولهنَّ في مدح الجمال منادح
وفي ابن محمود المحامد حقها / فغدت إلى علياه وهي طوامح
وزكت أحاديث الورى عن مجدِهِ / فجميع ما يحكون عنهُ مدائح
الكاتم الصدقات وهي شهيرةٌ / كالمسك يكتم وهو شيء فائح
والقائل الكلمات يقدر قدرها / سوَر الكلام كأنهنَّ فواتح
من كلِّ ساجعة السطور كأنما / همزاتها وُرْقٌ هناك صوادح
وفريدة قد أقرحت عن مثلها / فطن الورى فلذاك قيل قرائح
وَارِي الزنادِ فضائلاً وفواضلا / هذا وما فيه لعمرك قادح
يجدي ويسبح في الثناءِ فيحتوي / أمد العلى فهو الجواد السابح
ويزين رفعة بيته بجلالهِ / فكأنَّما هي في السماء مصابح
في كفِّهِ قلمٌ كأنَّ رِشاءه / للرزقِ والدرر النفيسة مائح
خافت مهابته الرماح فأذعنتْ / حتَّى تخوّفه السماكُ الرامحُ
يا مانحي غرر اللهى متبسِّماً / والعام مغبرّ الأسرَّة كالح
جرَّدتني سيفاً بمدحك قائماً / حتى تضمّ عليَّ ثرايَ صفائح
فلأشكرنَّك في القريض بسبّق / مع أنها عمَّا بلغت طلائح
ومن المكارم أن تسامح عجزها / إنَّ الكريم ابنَ الكريم مسامح
تأوَّب كالبدر في جنحه
تأوَّب كالبدر في جنحه / وأين العواصم من سفحه
خيالٌ يزور أخير الدجى / فتحسبه مبتدا صبحه
وقد ضمَّ جَفنِي بزير الكرى / فيعرب في الحال عن فتحه
هوى شارح لي حديث الغرام / فلا تسال القلب عن شرحه
تعشقته شاهر الوجنتين / بما لقى القلب من جرحه
له سيف لحظ أراق الدّماءَ / فحمرة خدَّيهِ من نضجه
كأنَّ عذاريه خط الجمال / تميل النفوس إلى لمحه
رئيسٌ له في العلى منزلٌ / تزلّ الكواكب عن صرحه
يرجَّى وإن زاد في سخطه / ويخشى وإن لان في مزحه
ترقى به محمود مرقى الهلال / فلاحظ الضدّ في نبحه
وأعدى على نائبات الزمان / فما تشتكي الناس من فدحه
براحته قلمٌ قد دعا / شكاةَ الزمان إلى صلحه
يقول الرجاء لمتاحه / طغى سيل غيثك فاستصحه
ويوضح للناس نهج الثناءِ / فنظم القصائد من منحه
له كتبٌ في ديار العدَى / غني بها الجيش عن كدحه
تثقف مثل أعالي الشآم / بما اشتعل الدهر من لفحه
لك الله من واضحٍ مجدُه / كما اتَّضح الأفق عن صبحه
وبرُّك في الفضل برٌّ رفيع / فليس المعاند من طرحه
وكم لك عنديَ من منَّةٍ / كما أسرف الغيث في سحه
ينطقني جودك المرتجَى / ويدعو اللسان إلى صدحه
فاجْلب نظمي ونثري له / وأروي الصحيحين عن مدحه
نجومٌ تراعيها جفون سوافح
نجومٌ تراعيها جفون سوافح / ولا طيفكم دانٍ ولا الليل نازح
أباخلةً عنِّي بطيف خيالها / عسى ولعلَّ الدهرَ فيك يسامح
وتاركة قلبي كليماً وناظري / ذبيحاً ولا في العيش بعدك صالح
لمحتك للبين المصادف لمحةً / فطاحت بأحشائي إليك الطوائح
وما أنت إلاَّ الظبي جيداً ومقلةً / فلا غرْوَ أن أهوت إليك الجوارح
جوانح ينمو شجوها وسقامها / عليَّ ودوني جندل وصفائح
وقلب عصى نصحي عليكِ وسلوتي / فأبعد شيء صبره والنصائح
وقلتُ جبين المالكية عذره / فقال الورى عذرٌ لعمرك واضحُ
وضاقت علينا عينها فتمنَّعت / وهيهات أن تسخو النفوس الشحائح
ولم أنس يوم البين إيماءَ طرفها / وعيس المطايا للفلاة جوانح
فليت الردى أجرى دم العيس ناحراً / فسالت بأعناق المطيّ الأباطح
وممَّا شجاني في الضحى صوت ساجع / كأني له بعد الحبيب أطارح
يساعدني نوحاً يكاد يجيبنا / بأمثاله بانُ الحمى المتناوح
فليت حمام الأيك يوماً أعارني / جناحاً إلى الركبِ الذي هو نازح
وليت النجوم الزهر تدنو قوافياً / لنا قتنقى في ابن خضر المدائح
رئيسٌ تجلَّى بشره ونواله / فلا الأفق مغبرٌّ ولا العام كالح
على المزْن من تلك البنان تشابه / وفي البدر من ذاك الجبين ملامح
وفي الأرض من أخلاقه وثنائه / سِماتٌ فنعم المزهرات الفوائح
ولله أقلام الحماسة والندى / على يده حيث السطا والمنائح
حمينَ الحمى لمَّا فتحنا بلادَه / وقد أقصرت عنها القنا والصفائح
فهنَّ على اللائي فتحن مغالقٌ / وهنَّ على اللائي غلقن مفاتح
وطوَّقنا أطواق جود فكلنا / على شبهِ الأغصان بالحمد صادح
وروَّضنَ أقطار الشآم بأحرفٍ / سقى أصلها طاف من النيل طافح
وصدر لما يلقى من السرِّ لائق / وكوكب فضلٍ في سما الملك لائح
عليَّ المدى لا بالملمَّة جازعٌ / ولا بالتي يثني لها العطف فارح
وزاكي النهى إمَّا لمعنى سيادة / وإمَّا لأكباد المعادين شارح
بليغٌ إذا نصَّ المقال وبالغ / مدى الرأي حيث النيِّرات الطوامح
وأبيض وجه العرض والوجه والتقى / إذا لفحت سفع الوجوه اللوافح
على دولة الأملاك كلّ فصوله / ربيع وفي الأعدا سعودٌ ذوابح
وللطالبي العمى غمام كأنه / لما جدّ في جودٍ وحاشاه مازح
إلى عدلهِ يشكو الزمان فإنه / خديمٌ يغادِي أمرهُ ويراوح
تعوَّدت أن تسري إليه ركائبي / فترجع وهي المثقلات الروازح
وآخذُ من قبل المديح جوائزاً / تقصر عن أدنى مداها الممادح
فلا غَرْوَ أن آتي بهنَّ مضيئة / كأنَّ المعاني في البيوت مصابح
أمولاي إن يسكت لساني صابراً / فإنَّ لسان الحال منِّي صادح
ألم ترَ أنِّي معمل الفكر في كِرى / حمار أماسي غبنه وأصابح
ركوبي على أمثاله في زمانكم / كما ركّبت في العالمين القبائح
فهل لي ببيت المال حقٌّ فيقتضى / وهل أملِي في أرذل الخيل جامح
ولي في بديع الوصف كالصخر قوة / ولكنه سيل على الأرضِ سائح
أقدم فيه الوصف قبل أوانه / على ثقة منِّي بأنَّك مانح
سقى عهدَها دانِي العهاد سفوحها
سقى عهدَها دانِي العهاد سفوحها / خياماً برغمي نأيها ونزوحها
وبلغها عنِّي أتمّ تحيَّةٍ / عليل الصبا يُروي بفيه صحيحها
معدلة في مرسلات مدامعي / ولكن قلبي المستهامَ جريحها
أسكانَ قلبٍ لا يداوى كليمه / ليهنكم من مقلتيَّ ذبيحها
ويهنِ الليالي أن فيها لواصف / جمالاً به يخفى ويعفى قبيحها
فدىً لابن ريَّانَ الكرام لأنه / فتى حيها راعي حماها صريحها
سليمان ملاَّك المعالي وإنه / بآية طوفان المكارم نوحها
أخو الدِّين للساري به يستنيره / نعم وأخو الدُّنيا لمن يستميحها
أمولايَ قد أنشرت ميت فكرتي / بأبيات نظمٍ حلَّ فيها مسيحها
فيا لكَ نظماً من نسيب سيادةٍ / حقيق له من كلِّ نفسٍ مديحها
تذكِّرني النعمى وأنت غمامها / بروضةِ ألفاظٍ وأنتَ صدوحها
بقيت مدَى الدُّنيا لمجدٍ تصونه / وأعلاق مالٍ للعفاة تبيحها
فما الدهر إلاَّ ناظر أنتَ لحظه / وما الفضل إلاَّ صورة أنت روحها
هل بعد وجهك للرجاءِ نجاح
هل بعد وجهك للرجاءِ نجاح / أو بعدَ شخصك في الحياة صلاح
يا راحلاً تجبُ القلوبُ لفقده / الصبر يمنع والبكاء يباح
لا غَرْوَ أن تذري الدموع أجاجها / ونداكَ عذبٌ في الأكُّفِ قراح
لهفي عليكَ لراحةٍ مزنيةٍ / تعيي الغيوث وغيثُها سحاح
لهفي عليكَ لهمَّةٍ علويةٍ / تغضي النجوم وطرفها طماح
لهفي عليكَ لئن خلعت شبيبةً / كانَ الزمان لحسنها يرتاح
لهفي عليكَ لئن أثرت مراثياً / كنَّا نؤمل أنَّها أمداح
ما كان سلخ العام إلاَّ طالعاً / لقلوبِنا فيه عليك جراح
آهاً لفقدك إنَّه الفقد الذي / نسخت بيوم عزائهِ الأفراح
ما كانَ يا ابن الفتح يومك بالذي / فيهِ لِباب تصبرٍ مفتاح
تبكي عليكَ يراعةٌ وبراعةٌ / وفصاحةٌ وزجاجةٌ وسماح
تبكي عليكَ من العلوم صحائفٌ / ومن الجيوش أسنَّةٌ وصفاح
تمسي إذا ذكرت يراعك بينها / ودموعها بدل السلاح سلاح
تبكيكَ للنعماءِ آل مقاصدٍ / كانت بسجلك في الندى تمتاح
تبكيك للودّ الصحيح صحابةٌ / لبكائِها نسبٌ عليكَ صراح
هذاك عوَّام بدمعِه وذا / حدّ الهموم لقلبهِ جراح
تبكي عليك منازلٌ بالرُّغم أن / هبط الترابَ هلالها الوضاح
كانَ الحمامُ بها يغرِّد فرحةً / فاليوم تغريد الحمام نواح
هل تعلم الورقاء أنِّيَ مثلها / لو كانَ لي بعد الفقيد جناح
واحسرتاه لجوهريّ فضائل / ما بعد رؤياه القلوب صحاح
أيَّام كمل فضله وتباشرت / قصَّاده فغدوا إليه وراحوا
وثناه عن عذلِ العواذِل في الندى / رأيٌ يرى أن السماح رباح
وغدا ودولة عيشه أمويةٌ / حتَّى أنتضي سيف الردى السفاح
هنَّ الليالي الضاربات على الورى / بنجومِها فكأنَّهنَّ قداح
يسطو على الآجالِ رمح سماكها / ولتسطونَّ على السماك رماح
ما أعدلَ الدُّنيا وإن جارت بنا / لم يبقَ مِجزاع ولا مِفراح
أعظم بها من حكمةٍ محجوبةٍ / ما للتعمُّق نحوها إيضاح
أمَّا الجسوم فللتراب غيابها / وإلى مقدّر خلقها الأرواح
جادت صلاح الدِّين تربك مزنةٌ / فيها لأحوال الثرى إصلاح
تبكي على خدِّ التراب غيومها / فتظلُّ باسمة ربىً وبطاح
حتَّى كأنَّ ربيعها ونسيمها / نعمى يديكَ وذكركَ الفيَّاح
بروحيَ طرس جاءني متضمِّناً
بروحيَ طرس جاءني متضمِّناً / بدائع يسري الفكر فيها ويسرح
به من غريب اللفظ والخط مجتلى / فيالك طرساً للغريبين يشرح
ولغزٌ هداني نحو معناه أنَّه / أتى وبهِ عرفٌ من الروضِ ينفح
يشفُّ على مكتوبه طيبُ ما حوَى / وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضح
ولو كنت تبغي كتم مخبره لما / بعثت بنمَّامٍ يقول ويفصح
هو الاسم لكن نصفه فعلُ كله / إذا جعلت أسرار معناه تلمح
ومقلوبة أحجية مثل لم يجد / فدونك نظماً عاجزاً ليس يصلح
أجابَ فإن قال الصواب أو الخطأ / فمثلك هديٌ أو فمثلك يفصح
مرحباً بالنظم يأتي
مرحباً بالنظم يأتي / نفحةً من بعد نفحه
من بياضٍ باكرتها / سحراً بالسفحِ سفحه
ولآلٍ نظمتها / بركات ضمن سبحه
وعروس جعلت لي / من بياض الوصل صبحه
مع أني عاجزٌ عن / ضمةٍ دَعْ ذكرَ فتحه
كنت في الشعر جوادا / يحرز السبق بلمحه
فثناني العسر والأو / لاد لا أملكُ فسحه
كلّ إبن لي وبنت / كشكال لي وشبحه
وزناد القول لا يس / مح في وجهي بقدحه
ودعائي بك عن قا / فية يغني وصدحه
خذ صفاء الود كاسا / تٍ وفيها ألف صحه
واحتملني إن تحالي / تُ وأغربتُ بمُلحَه
سيدي ما في النوى وال / قرب للمشتاق فرحه
إن تغب عني وإن تق / دم فلي بالهجر قرحه
أيها الفتح المفدّى / خفْ من العاتب فتحه
عجبتُ من طرفي وخدّ المليح
عجبتُ من طرفي وخدّ المليح / كلاهما هذا بهذا جريح
هذا دَمُ الراحِ به واقفٌ / وذا دَمُ الأدمعِ فيه يسيح
تغزّلي المنظومُ فيه وفي / سلطاننا الناصر نظم المديح
في دَعةِ الله وفي حفظه / مسراك والعود بعزمٍ نجيح
يا موعداً منه بقرب اللقا / قابلتنا اليومَ بصبحٍ صبيح
لو جازَ أنْ تسلكَ أجفاننا / إذا فرَشنا كلّ جفن قريح
لكنها بالبعدِ معتلةٌ / وأنتَ لا تسلك غيرَ الصحيح
يا إماماً في مدح علياه صدقٌ
يا إماماً في مدح علياه صدقٌ / قد محا كذب غير مدحك ماح
إنَّ أرجوزتي بدارِ حديث ال / شام تملي عواليَ الأمداح
وكتاب الصحاح أوتي فما ين / فك يروى عنكم كتاب الصحاح
لم يضعْ غير نشرها إنما غا / بت وعادت للباب ذا مفتاح
كلما أذْبلَ الزمانُ نباتي / جاءني منكمو بسحبٍ سحاح
بأيمنِ طالعٍ عقدُ سنيّ
بأيمنِ طالعٍ عقدُ سنيّ / جليّ اليمنِ متصلُ النجاح
ظفرت على قران السعد فيه / بشمسِ الحسنِ من شمسِ السماح
فنعمَ الأهلُ قد أضحتْ وماذا / يقولُ المدْحُ في أهلِ الصلاح
أحاشيكَ يا نجلَ الوزارة من أذًى
أحاشيكَ يا نجلَ الوزارة من أذًى / تمكَّن من أسرارنا والجوانح
دَفنتَ النوى والتمر فيمن تحبه / ودفنُ النوى يا ميّ إحدى الفضائح
يا سيدي وابن ساداتي الذين على
يا سيدي وابن ساداتي الذين على / أبوابهم صحّ عندي باب أفراحي
قد كنت في الباب مع ياقوت متحداً / فعوَّضوا عبدَ أبواب بمفتاحٍ
طلبت سكنى مكانٍ أو كرَاهُ عسى
طلبت سكنى مكانٍ أو كرَاهُ عسى / يسكّنُ الحالُ قلباً ظلّ مجتاحا
فقال اسكنْ إمامٌ قد درى طلبي / وكيفَ يسكنُ من لم يلقَ مفتاحا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025