القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 21
سَلِ الجِزْعَ أينَ المنزلُ المتنازحُ
سَلِ الجِزْعَ أينَ المنزلُ المتنازحُ / وهل سَكَنٌ غادٍ من الدّار رائحُ
وَقَد كنتُ قَبل البينِ أَكتتمُ الهوى / فباح به دمعٌ من العين سافحُ
يَجود وَإِنْ أَزرى وأنَّبَ ناصحٌ / ويهمِي وإنْ أغرى وألّبَ كاشحُ
ألا إنّ يوماً نلتُ فيه مُنى الهوى / برغم العدى يومٌ لَعَمْركَ صالحُ
ولمّا تلاقينا بشِعْبِ مُغَمِّسٍ / على شَرَفٍ فيه الوكورُ الجوارحُ
خَلَطنا نُفوساً بالنفوسِ صبابةً / وَضاق اِعتناقٌ بيننا وتصافحُ
وليلةَ أضْللنا الطّريقَ إليكُمُ / فَلم يهدِ إلّا العنبرُ المتفاوحُ
وَإلّا سَقيطُ الدرّ زعزع سِلكَهُ / غُصونٌ تثنّيها الرّياحُ النّوافحُ
فإِنْ لم يُشَافِهنا بكمْ أبطَحُ الحِمى / فلا سُقيتْ ماءَ السّحاب الأباطحُ
وإنْ لم تكنْ تلك المسارحُ مُلتقىً / لأهل الهوى فلا عَمِرْن المسارحُ
يضَنّونَ بالجدوى عليَّ وإنّني / لأمنحهُم مِن خيرِ ما أنا مانحُ
وَمن قبلُ شَاقَتنِي وَنَحنُ عَلى مِنى / حمائمُ من فرعِ الأراكِ صوادحُ
ينُحْنَ ولم يُضمِرْنَ شجواً وإنّما / شَجىً وَاِشتِياقاً ما تنوحُ النّوائحُ
فللهِ يَومُ الحُزْنِ حين تطلّعت / لنا من نواحيهِ العيونُ الملائحُ
شَبَبْن الهوى فينا وهنّ سوالِمٌ / وغادرننا مَرْضى وهنّ صحائِحُ
أمِنْ بعد أنْ دُسْتُ الثّريَّا بأَخمصي / وطأطأ عنِّي الأبلخُ المتطامحُ
تَرومين أَنْ أَغنى بِدارِ دناءَةٍ / ولِي عن مقامِ الأدنياءِ منادِحُ
وَقد عَلمتْ أحباءُ فِهْرِ بن مالكٍ / بأنِّيَ عن تلك العَضائِهِ نازحُ
وأنَّيَ لا أدنو من الرّيبةِ الّتي / تسامحُ فيها نفسُه من تسامحُ
وأنِّيَ لا أرضى بتعريضِ معشرٍ / يُذعذِعُ عِرْضِي قولُهُ وهو مازِحُ
يَحُزّ فلا يدرِي لمن هو جارحٌ / ويقدح لا يدرِي بما هو قادحُ
وما غرّنِي من مومضٍ فيَّ مِدْحَةً / وَما غَرّت الأقوامَ إلّا المَدائحُ
وَلَولا فَخارُ الملكِ ما كنتُ ثاوياً / وَرَحلي عَلى ظهرِ المطيّةِ بارحُ
وَلا طالعاً إِلّا مخارمَ لم يكنْ / ليطلعها إلّا الشّجاعُ المُشايحُ
وقلْقَلَها رُكبانُها نحو بابِه / كما طاح من أعلامِ ثَهْلانَ طائحُ
إِذا ما بَلغناه فَقل لمطيِّنا / حرامٌ على أخفافكُنَّ الصّحاصِحُ
أنِخْنَ بمنْ لا نبتغِي بَدَلاً بهِ / فما ضرّ شيئاً أنّكنَّ طَلائحُ
بحيثُ الجفانُ الغُرُّ تُفْهَقُ للقِرى / ملاءً وميزانُ العطيّةِ راجحُ
إِلى ملكٍ لا يأْلَفُ الهَزْلَ جدُّهُ / ولا تُضمرُ الفحشاءَ منه الجوانحُ
وَقورٌ وأحلامُ الأنامِ طوائشٌ / وَيبدِي اِبتِساماً والوجوه كوالحُ
سَقى اللَّه أيّاماً لَنا في ظِلالِهِ / فَهُنّ لأظلامِ الزّمانِ مصابحُ
ليالِيَ تنهَلُّ الأَمانيُّ حُفَّلاً / عَلينا كَما اِنهلّتْ غيومٌ طوافحُ
وَلَمّا تَناهبنا الثّناءَ بفضلِهِ / وجاشتْ بما تولِي يداهُ القرائحُ
ثناءً كنشرِ المندلِيِّ تعبّقتْ / بهِ في اِبتِلاجِ الصّبحِ هوجٌ بوارحُ
تَقاصر عن علياءِ مَجدك قائلٌ / وَقصّر عن إتيانِ حقّك مادحُ
وَمَن كَتم النُّعْمى عن النّاس راجياً / تناسِيَها نمّتْ عليه المنائحُ
وَقد عَلِموا لَمّا عرا الملكَ داؤهُ / وَلا مَنهجٌ يَشفِي من الدّاءِ واضحُ
بِأنّك عَن ساحاتِه الدّاءَ طاردٌ / وَأَنّك عَن أكتادِه الثِّقْلَ طارحُ
وَما شَعروا حتّى صَبَحْتَ دِيارَهُمْ / بِمَلمومَةٍ فيها القنا والصّفائحُ
وَجُردٍ تَهاوى كالقِداحِ أجالَهَا / على عَجَلٍ يبغِي الغِلابَ مُرابحُ
فَما رمْتَ حتّى الطّيرُ تعترِقُ الطُّلى / وَحتّى جَبينُ التُّربِ بالدّمِ راشحُ
وكَم لكَ من يومٍ له أَنت حاقرٌ / وَفي مثلِهِ نُجْحٌ لو اِنّك ناجحُ
أتيتَ بِهِ عَفواً مراراً ولم يَطُرْ / سِواك بهِ في عمرهِ وهوَ كادحُ
وَما أَنا إلّا من مَدَدْتَ بِضَبْعِهِ / إلى حيثُ لا ترنو العيونُ الطّوامحُ
أَروحُ وأَغدو كلّ يومٍ وليلةٍ / وظَهْرِيَ من أعباءِ سَيْبِكَ دالحُ
أَأنساك تُدنيني إلى الجانِبِ الّذي / نصيبيَ فيهِ من عطائك رابحُ
وَتوسِعُ لي في مَشهدِ القومِ موضعاً / تضيق بهِ مِنهمْ صدورٌ فسائحُ
فَما أَنا إلّا في رِياضك راتعٌ / وَلا أَنا إِلّا مِن زنادكَ قادحُ
هَنيئاً بِيَومِ المِهْرَجانِ فإنّهُ / وَكلَّ زَمانٍ نَحوَ فَخرك طامحُ
تَعِزُّ بكَ الأيّامُ وهيَ ذَليلةٌ / وَتَسخو اللّيالي منك وهْيَ شحائحُ
فَهذا أَوانٌ مِيسمُ اليُمْنِ بَيِّنٌ / عَليهِ وعُنوانُ السعادةِ لائحُ
وَلا زِلتَ تَستقرِي الزّمانَ وأهلَهُ / لَكَ الخلدُ فيهِ وَالمَدى المتطاوحُ
مَنْ رأى الأظعانَ فوق ال
مَنْ رأى الأظعانَ فوق ال / بيدِ من بُعدٍ تلوحُ
كَسفينٍ عَصفتْ في / هِنّ للنكباءِ ريحُ
أو غمامٍ هو بالما / ءِ الذي فيه دَلوُحُ
أو رِئالٍ راتِكاتٍ / ليس فيهنّ طَليحُ
رُحْنَ بالرّغمِ من الأْن / فِ وما إنْ قلتُ روحوا
ففؤادِي بعد أن بِن / نَ كما شِئْنَ قَريحُ
وغَبوقِي دمعُ عيني / يَ هَتوناً والصَّبوحُ
وَثَنايا بَينَهنَّ ال / خَمرُ والمسكُ يفوحُ
وَمَليحُ العِطْفِ لو كا / نَ له عَطْفٌ مليحُ
أَيُّ شيءٍ ضرَّ والحا / دِي بما يخشى صَدوحُ
مِن سَلامٍ لم يكنْ بال / سِرِّ من وَجْدٍ يبوحُ
إنَّ مَنْ شحَّ عن الصّدْ / يانِ بالماءِ شَحيحُ
وَلَقَدْ هاجَ اِشتِياقي / نوحُ قُمْرِيٍّ ينوحُ
غَرِدٌ مسكنُهُ الطُّب / باقُ أو لا فالطُّلوحُ
أيّها الدانِي إلينا / لا يكنْ منك النُّزوحُ
نَحنُ أجسادٌ وأنت ال / دَهْرَ في الأجسادِ روحُ
وَبِحَربٍ ثمّ في جَدْ / بٍ جَنوحٌ وَمنوحُ
وَإِذا لَم ينفحِ القو / مُ فيُمناك النَّفوحُ
وإذا الجُرمُ بذي الحِلْ / مِ هفا أنتَ الصَّفوحُ
إِنْ شَككتمْ منهُ في النَّجْ / دَةِ والشّكُّ فضوحُ
فَاِنظُروهُ في الوغى يحْ / مِلُهُ الطِّرفُ السَّبوحُ
والقنا يولِغُ من نحْ / رٍ نجيعاً والصّفيحُ
حيثُ لا يُطوى على المَيْ / تِ منَ الأرضِ ضَريحُ
لَيس إلّا ناطحٌ بال / طَعنِ قَعْصاً أو نَطيحُ
ورَكوبٌ حظُّهُ طع / نُ الكُلى فهو طريحُ
وكَرورٌ وفَرورٌ / ومُشِيحٌ ومُلِيحُ
وَمَضى البينُ فَلا عا / دَ بِعادٌ ونزوحُ
فقلوبٌ حَرِجاتٌ / هنَّ في ذا اليومِ فِيحُ
قَد رَأتْ ما كانَ يَرجو / بعضَه الطَّرفُ الطّموحُ
ورأينا ثَمَرَ الحُسْ / نى وما يجنِي القبيحُ
ومضى الصعب ولم يب / قَ لنا إلّا السَّميحُ
وَاِنقضى الضّيقُ ووافا / نا مِنَ العيش الفسيحُ
قُلْ لِمَن كانَ جَريحاً / دمِلَتْ تلك الجروحُ
لَيس إِلّا أَملٌ قد / نيل أو بيعٌ رَبيحُ
وَلَنا في الأمنِ بالدّو / وِ سُروبٌ وسُروحُ
وَخيولٌ نَحوَ ما نَه / وى مِنَ الأمرِ جُنوحُ
وقلوبٌ ساكناتٌ / وجَنانٌ مستريحُ
وَلَنا الأَعوادُ ما في / ها وصُومٌ وجُروحُ
والجلودُ المُلْسُ ما في / ها قروفٌ وقروحُ
فَاِقبَل التّوبَة مِن دهْ / رٍ خلا منه قبيحُ
غَشّ حيناً وهوَ الآ / نَ بما نهوى نَصوحُ
باسمٌ طَلْقٌ وكم با / نَ لنا منهُ الكُلوحُ
إنّما الجَدُّ لمن نا / لَ المَدى وهو مُريحُ
سَوفَ تَأتيكَ كَما تَهْ / وى فروجٌ وفتوحُ
وسعودٌ ما محاهُن / نَ دُروسٌ ومُصوحُ
وَلِما أَجملتُ تفصي / لٌ طويلٌ وشروحُ
فخذِ التّعْريضَ حتّى / يأتِيَ القولُ الصّريحُ
وَإِذا عنّ اِتّقاءٌ / عَيَّ بالقولِ الفصيحُ
لا تزل في نِعَمٍ تغ / دو عليها وتروحُ
ونأَى عن مَشيِ عِزٍّ / لَكَ أيْنٌ ورُزوحُ
وعِراصٌ لك لا أقْ / وينَ من خِصْبٍ وسوحُ
وليطِحْ عنك الّذي لمْ / ترضَهُ فيما يَطيحُ
فَالفَتى مَن كانَ مَجداً / قاصراً عنه المديحُ
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ / والقلبُ من ذكر الأحبّةِ يفرحُ
ما كانَ عِندي أنّ غُزلان النَّقا / لسوادِ طَرْفِي يومَ رامةَ تسنحُ
لمّا مَرَرْنَ بنا خطفن قلوبَنا / وقلوبُهنّ مقيمةٌ لا تبرحُ
والدّار من بعد الشّواغفِ إنّما / هيَ للجَوى والحزِن مغنىً مَطرحُ
للَّهِ زَوْرٌ زارَنا وقتَ الكرى / واللّيل جَوْنُ أديمِهِ لا يوضِحُ
وَالعيسُ مِن بعدِ الكلالِ مُناخةٌ / والرّكبُ فيما بينهنَّ مُطرَّحُ
فيما طَرقتَ وَلَيلنا مُستحلِكٌ / لَو ما طرقتَ وصبحُنا متوضَّحُ
بينا يؤلّفنا أغمٌّ مُظلمٌ / حَتّى يُفرّقنا مضيءٌ أجْلحُ
يا صاحِبيَّ على الزّمانِ تأمّلا / ما جرّه هذا الزّمانُ الأقبحُ
في كلِّ يومٍ لي خليطٌ يَنتَئِي / عنِّي ودارٌ بالمسرّةِ تنزحُ
وهمومُ صدرٍ كلّما دافعتُها / آلتْ طِوالَ الدّهرِ لا تتزحزحُ
لا أَستطيعُ لها الشكايةَ خِيفةً / والهمُّ لا يُشكى لقلبك أَجْرحُ
وإذا طلبتُ لِيَ الإخاءَ فليس لِي / مِن بَينهمْ إلّا السَّؤُولُ الأرسخُ
من كلِّ مشتهر العيوبِ وعندهُ / أَنّ العيونَ لعيبهِ لا تَلمحُ
ومجاورٍ ما كنتُ يوماً راضياً / بِجِوارهِ وَمشاورٍ لا ينصحُ
وَمعاشرٍ نَبذوا الجميلَ فما لهمْ / إِلّا بِأَوديةِ القبائحِ مَسرَحُ
وَمِنَ البَليّةِ أنّنِي حوشيتُما / أُمسِي كما يهوى العدوُّ وأُصبِحُ
في كربةٍ لا تنجلي وَشَديدةٍ / لا تنقَضِي ودُجُنَّةٍ لا تُصبِحُ
جَمْرِي تناقَلُهُ الأكفُّ ولم تجدْ / لَفْحاً له وجِمارُ غيرِيَ تلفحُ
وإذا عزمتُ على النّجاءِ فليس ما / أَنجو بِهِ إلّا الطِّلاحُ الرُّزَّحُ
قُل للّذي يَعدو بِهِ في مَهْمَهٍ / طِرْفٌ تخيّره الفوراسُ أقرحُ
بَلِّغْ بلغتَ عَميدَنا وزعيمَنا / ومشرّفاً دُنياً لنا لا يَمْصَحُ
إنّي ببُعدِك في بهيمٍ مُظلمٍ / لمّا عدانِي مَن به أستصبحُ
إنْ طاب لِي طعمُ الحياةِ أمرَّهُ / شوقٌ إليك كما علمتَ مبرِّحُ
ولقد علمتُ زمانَ تبغِي كارهاً / قربي ببعدك أنّنِي لا أربحُ
وأنا الّذي من بعدِ نأْيكَ مُبْعَدٌ / عن كلِّ ما فيه الإرادةُ منزَحُ
في أسْرِ أيدٍ بالأذى مفتوحةٍ / لكنّها عند النّدى لا تُفتحُ
ومُهوِّنٌ عندي الشدائدَ أنّها / تدنو الأنام وأنتَ عنها الأنزحُ
وإذا عَدَتْكَ سهامُ دهرٍ ترتمِي / فدعِ السِّهامَ لجِلدِ غيرك تجرحُ
ما ضرّنا وقلوبُنا مُلتفّةٌ / دَوٌّ تعرّض بيننا أو صَحْصَحُ
فَالأَبعَدونَ مع المودّة حُضَّرٌ / وَالأقربونَ بِلا المودّةِ نُزَّحُ
وَلَقدْ فضحتَ مَعاشراً لم يبلغوا / شأْواً بلغتَ وفضلُ مثلك يفضحُ
وَتَركتنا مِن بَعدِ حقٍّ كان فِي / كفّيكَ نَغبُقُ بالمُحال ونصْبَحُ
وإذا بنو عبد الرّحيم تبوّؤوا / شِعْباً فإنّي بينهمْ لا أبرحُ
المُسرِعون إلى الصّريخ فإِنْ قضَوْا / وَطَرَ الوَغى فهُمُ الجبالُ الرُّجحُ
لا أَستَطيعُ فِراقهمْ ولربّما / فارقتُ مَن بفراقهمْ لا أسمحُ
وأنا الجواد فإنْ سئلتُ تحوّلاً / عن قربكمْ فأنا البخيلُ الشّحْشَحُ
قومٌ وقَوْنِي الشَّرَّ وهو مُصمِّمٌ / وكفَوْنِيَ الضَّرَّاءَ وهي تُصَرِّحُ
إنْ ناكروا الأمرَ الذّميم تباعدوا / أو باكروا المَغْنَى الكريم ترَوَّحوا
وإذا دَعوتَهُمُ لنصرك من ردىً / جاءتْ إليك بهمْ جِيادٌ قُرَّحُ
مِثْلَ الدَّبا لَفّتْهُ فينا زَعزَعٌ / والسّيلُ ضاق به علينا الأبطحُ
والبيضُ في قللِ الكُماةِ غمودُها / والسّمرُ من ماءِ الترّائبِ تُنضحُ
فعليك منّي غائباً عن مُقلتِي / فدموعُها حتّى تراهُ تسفَحُ
تسليمةٌ لا تنقضِي وتحيّةٌ / يمضِي المدى وقليبُها لا ينزحُ
وصفحتُ عن ذنبِ الزّمانِ وإنّنِي / عَن ذَنبِه بِفراقِنا لا أصفحُ
ليس في العشقِ جُناحُ
ليس في العشقِ جُناحُ / بل هو الدّاءُ الصِّراحُ
هُوَ جِدُّ جرّه مَعْ / قَدَرِ اللَّهِ المزاحُ
وظلامٌ ما لساري / هِ مدى الدّهر صباحُ
هو سُكرٌ مثلما دَب / بتْ بأعضائك راحُ
وَسَقامٌ ما بهِ بُرْ / ءٌ ولا فيه صَلاحُ
وعذابٌ إنْ نأى عن / هُ وصالٌ وسماحُ
ويحَ أهلِ العِشْقِ فِي لُج / جٍ عزيرِ العُمقِ طاحوا
جَحَدوا الحبَّ وَلَكِنْ / كَتَموهُ ثمّ باحوا
وَلَهم ألسُنُ دمعٍ / تَرجَمتْ عنهُ فِصاحُ
لَيتَ أَهلَ العِشْقِ ماتوا / فَأَراحوا وَاِستَراحوا
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي / منذ فارقتنِي عليك جريحُ
إنَّ جَفْنِي عليك حزناً جوادٌ / وهو في كلّ من سواك شحيحُ
عَذَلونِي وما اِستَوى عِندَ أهْلِ الْ / نَصْفِ والعَدْلِ سالمٌ وجريحُ
داءُ قلبِي يُدوى وفيهِ من الأشْ / جانِ ما فيه ما يقول الصَّحيحُ
وإذا لم تكنْ مُصيخاً إلى عَذْ / لٍ فَسيّان أَعجَمٌ وَفَصيحُ
لي لسانٌ ومدمعٌ حَمَلا رُزْ / ءَك ذا كاتمٌ وذاك يبوحُ
ويراني الصّحيحَ من ليس يدري / أنّ غيرِي هو السَّليمُ الصَّحيحُ
وَبرَغْمي عَريتُ منكَ وبُوعِدْ / تَ ردىً وَاِحتَوى عَليكَ الضّريحُ
مُفردٌ وَالأنيسُ عَنكَ بَعيدٌ / لَيس إلّا جَنادلٌ وصفيحُ
وغمامٌ موكّلُ الجَفْنِ بالقَطْ / رِ ووُرْقٌ من الحمامِ ينوحُ
لَيسَ يَنجو منَ الحِمامِ مليحٌ / لا ولا صادقُ الضّرابِ مُشيحُ
وإذا أمّك الحِمامُ فما يُغْ / نِي من الطّيرِ بارحٌ وسَنيحُ
وَمِنَ اِينَ البقاءُ والجسمُ تُربٌ / يَتَلاشى وإنّما الرُّوحُ روحُ
وَإِذا غايَةُ الفتى كانتِ المو / تَ فماذا التَعميمُ والتّمليحُ
كلُّ يومٍ لنا بطُرقِ الرّزايا / طَلَبَ الغُنْمَ رازحٌ وطليحُ
رائِحٌ ما لهُ غدّوٌ وَإمّا / ذو غدوٍّ لكنّه لا يروحُ
وإذا فاتنا غَبوقُ المنايا / بِاِتّفاقِ الزّمانِ فهو الصَّبوحُ
كم لنا مودَعاً إلى ساعةِ الحش / رِ ببطنِ التّرابِ وجهٌ صبيحُ
وجليلاً معظّماً كان للآ / مالِ فيه التّرحيبُ والتَّرشيحُ
أيّها الذّاهبُ الّذي طاحَ والأح / زانُ مِنّا عليه ليس تَطيحُ
لا عرفتَ القبيح في دارك الأخ / رى فما كان منك فعلٌ قبيحُ
ليس إلّا الصّلاة والصّوم والتَّسْ / هيدُ جُنحَ الظّلامِ والتّسبيحُ
وحديثٌ تَرويهِ ما فيه إلّا / واضحٌ نيِّرٌ وحقٌّ صحيحُ
إِنّ قَوماً ما زالَ حشواً لأَضلا / عِك ودٌّ لهمْ نقِيٌّ صريحُ
لك وِرْدٌ من حوضهمْ غيرُ مطرو / قٍ وبابٌ إليهمُ مفتوحُ
وَاِلتِقاءٌ بِهم وحولَهُمُ النّا / سُ فذا خاسرٌ وذاك ربيحُ
والثّوابُ الّذي يضيق بقومٍ / هو من أجلهمْ عليك فسيحُ
لَستُ أَخشى عليكَ عُسراً ومنهمْ / لك مُعطٍ ونافحٌ ومُميحُ
فَسَقى قَبرَك الّذي أَنتَ فيهِ / مُسبِلٌ هاملُ السّحابِ سَفوحُ
كلَّما جازه غمامٌ نزيحٌ / جاءَه مُثقَلُ الرَّبابِ دَلوحُ
وإذا زاره الرّجالُ فلا زا / ل عليهم منه الذَّكاءُ يفوحُ
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي / فاللّيل يتلوه الصّباحُ الواضحُ
مَنْ أخْطَأَتْهُ وقد رمتْ قوسُ الرّدى / تبيضُّ منه مفارقٌ ومسائحُ
لو كان للّيلِ البهيمِ فضيلةٌ / لم تُدْنَ منه مقابِسٌ ومصابحُ
البيضُ لِلْعينينِ وجهٌ ضاحكُ / والسّودُ للعينين وجهٌ كالحُ
وأَشدُّ من جَذَعِ الجِيادِ إذا جرتْ / جَرْياً وأصبرُهُنَّ نَهْدٌ قارحُ
والبُزْلُ تغتالُ الطّريقَ سليمةً / وعلى الطّريقِ من البِكارِ طلائحُ
رَأَيتكَ لا تَرعى حُقوقي ولم تُصخْ
رَأَيتكَ لا تَرعى حُقوقي ولم تُصخْ / إلى القول منّي حيثما أنا ناصحُ
فجهرُك لي مُرْضٍ وسرُّك مُسخِطٌ / ووجهك بسّامٌ وقلبك كالحُ
ووُدُّكَ لي إمّا سرابٌ بِقِيعَةٍ / وإلّا فبرقٌ خُلَّبُ الوَمْضِ لائحُ
وإلّا هشيمٌ في فضاءٍ تكدُّهُ / محكّمَةٌ فيه الرّياحُ البوارحُ
وَما ليَ منكَ اليومَ إلّا أَظافرٌ / حِدادٌ وأنيابٌ بجلدِي جوارحُ
تُمزّقني عَمْداً كأنّكَ مخطئ / وَتَقذِفني جِدّاً كأنّكَ مازحُ
فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابةٍ
فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابةٍ / يصوبُ على أعلى الصّخور ويسفحُ
توزّعَهُ عَبْرُ الرّبا فكأنّهُ / مُلاءٌ رحيضٌ بالفَلاةِ مُطرّحُ
وإِنْ صافحتهُ الرّيحُ وهي ضعيفةٌ / تمرّ عليه قلتَ صُحْفٌ تُصَفَّحُ
بأعذبِ مِنْ فيها إذا ما توسّنَتْ / وهبّتْ وجلدُ اللّيلِ بالصُّبحِ يوضِحُ
وما روضةٌ باتَ الخُزامى يحفّها / ونَوْرُ الأقاحِي وسْطها يتفسّحُ
كأنّ بِمَغناها تُفضُّ لَطيمةٌ / مُجَعْجِعَةٌ أو مَنْدَلُ الهند ينفحُ
بِأَطيبَ مِنْ أَردانها حينَ أَقبلتْ / وغضُّ النَّقا في دِرْعها يترنَّحُ
وَما مُغزِلٌ أَضحتْ بدوٍّ صريمةً / تفسّح في تلك الفيافي وتسرحُ
تفِيءُ إلى ظلِّ الكِناسِ وتارةً / تَشَوَّفُ من أعلى الهضابِ وتسنحُ
بأحسنَ منها يومَ قامتْ فودّعتْ / قُبَيلَ التّنائِي والمدامع تنزحُ
وما وِرْدُ مطرودٍ عن الوِرْدِ خامسٍ / له كَبِدٌ من شهوةِ الماءِ تُقرحُ
تُسَقّى الهيامُ حولَهُ وهو ظامئٌ / فلا الوِرْدُ يُدنيهِ ولا هو يبرحُ
بأروى وأشهى من رُضابٍ تمُجُّهُ / ثناياً عِذابٌ من ثناياكِ تَمْتَحُ
وما نوحُ قُمْرِيٍّ على فرعِ أيكةٍ / يَعُنُّ له ذكرُ الفراقِ فيصدحُ
لَهُ مَدمعُ الشاكي جفوناً وقلبُهُ / لما جرّه فقدُ الأليفِ مُقَرَّحُ
بِأَشجى شَجىً مِنِّي غداةَ ذكرتُكُمْ / ووادي مِنىً بالعيس والقومِ يطفحُ
وما هزّةُ الدَّوحِ المُبِنِّ بقفرةٍ / تُزعزعُ منه الرّيحُ ما يتسمّحُ
إِذا اِنتَشرتْ فيه الشّمال عشيّةً / رأيتَ حَماماً فوقه يترجّحُ
بأظهَرَ مِنِّي هزّةً يومَ أقبلتْ / تشكّي الهوى وحْياً به لا تُصَرِّحُ
تعاوَرَها خوفُ النّوى والعِدى معاً / فلا هِيَ تَطويهِ ولا هِيَ تُفصِحُ
وما مُنْيَةٌ سِيقَتْ إلى كَلِفٍ بها / مُقيمٍ على تطْلابِها ليس يبرحُ
إذا لامَهُ اللّاحون فيها طَما بهِ / إلى نيلها شوقٌ لَجوجٌ مُبرّحُ
بِأَشهى وَأَحلى مِن لقائِكِ موهِناً / وألحاظُ مَنْ يبغِي النميمةَ نُزَّحُ
وما مُقْفَقِلُّ الكفِّ شَحْطٌ عن النّدى / له راحةٌ من ضِنّةٍ لا تَرَشَّحُ
أَتاهُ الغِنى من بَعْدِ يأْسٍ وكَبْرَةٍ / فَلَيسَ بِشيءٍ خِيفةَ الفقرِ يسمحُ
بأبخلَ منِّي يومَ ساروا بنظرةٍ / إليكِ وأحداقُ الرّفاق تُلَمِّحُ
حلفتُ بربّ الرّاقصاتِ عشيّةً / إلى عَرَفاتٍ وهْيَ حَسْري ورُزَّحُ
ومَنْ ضَمّهُ جَمْعٌ وَبينَ بِلادهمْ / إِذا اِفتَرقوا سَهْبٌ عريضٌ مطوِّحُ
وبالبُدْنِ تُهدى في مِنىً لمليكها / وتُدنى إلى أخرى الجمالُ فتُذبحُ
لأنتَ على رغمِ العدوّ مِنَ الّذي / يُضيءُ سوادَ اللّيلِ أبهى وأملحُ
ونجواكِ تَشْفِي السُّقْمَ طَوْراً وتارةً / يُعَلُّ بنجواكِ السَّليمُ المُصَحَّحُ
وأنتِ وإنْ أوقدتِ في القلبِ جمرةً / تَلَظَّى على كَرِّ اللّيالي وتَلْفَحُ
أعزُّ عليهِ موضعاً من سوادِهِ / وأعذبُ فيهِ مِنْ مُناهُ وَأَرْوَحُ
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى / أَم كَيفَ عَنّ لكَ الغزالُ السّانِحُ
كيفَ اِطّباكَ إِلى الهوى غَمْرٌ بِهِ / سُكرُ الصِّبا جَذَعاً وأنتَ القارحُ
إِنَّ الّذين عَلى مِنىً عُلِّقْتَهُمْ / راحوا وَكَم أَردَى المقيم الرّائحُ
ما ضرّهمْ طَرَحوا الحدوجَ وإنّما / أحداجُهمْ مُهَجٌ لنا وجوانِحُ
وتكلّفوا ذَبْحَ الهَدِيِّ وإنّما / ألْحاظُهُنّ لنا هناكَ ذوابحُ
أمَا سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا
أمَا سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا / غَنَّى ولمْ يدرِ أنّي بعضُ مَنْ جَرحا
لم أقترحْ منه ما غنّى الغداةَ بهِ / وربّ مَنْ نال ما يهوى وما اِقتَرحا
ولِي جفونٌ من البَلْوى مُسَهَّدَةٌ / لا تعرفُ الغَمْضَ ممّا ترقُبُ الصُّبُحا
فقلْ لممرضِ قلبي بعد صحّتِهِ / إنّ السّقيم الّذي أدويتَ ما صَلُحا
قد جدّ بِي المزحُ من صَدٍّ دُهيتُ بهِ / وطالما جدّ بالأقوامِ من مَزَحا
ماذا على القلبِ لولا طولُ شِقْوتِهِ / مِنْ نازلٍ حلَّ أو من نازِحٍ نَزَحا
يا مُثْكِلِي نومَ عينٍ فيه ساهرةٍ / جَفْنِي عليك بدمعي فيك قد قُرِحا
وفِيَّ ضدّانِ لا أسطيعُ دَفْعَهُما / نارٌ بقلبي وماءٌ بالهوى سَفَحا
وَقَد عَذلتمْ فُؤاداً بِالهَوى كَلِفاً / لو كان يقبل نُصْحاً للّذي نَصَحا
صَحا الّذي يشرب الصَّهْبَاءَ مُتْرعةً / وشاربُ الحبِّ أعيا أنْ يُقالَ صَحا
لم يبرَحِ الوجدُ قلبي بعد أنْ عَذَلوا / على صبابتِهِ لكنّه بَرِحا
وقد ثوى أمَّ رأسي للصبابةِ ما / يُغرِي بمعصيتِي مَنْ لامَنِي ولَحا
ليت الفراقَ الّذي لا بدّ أكرعُ مِنْ / كاساتِهِ الصَّبْرَ صِرْفاً لا يكون ضحا
وليت أدْمَ المَهارَى النّاهضات بما / تحوِي الهوادجُ كانت رُزَّحاً طُلُحا
طوَوْا رحيلَهُمُ عنّي فنمَّ بهِ / عَرْفُ اليَلَنْجوجِ والجادِي إذا نَفَحا
وقد طلبتُ ولكنْ ما ظَفِرتُ به / من الفراقِ الّذي أَمُّوه مُنْتَدَحا
أهوى من الحيِّ بدراً ليس يطلعُ لِي / يوماً وظَبْيَ فَلاةٍ ليتَه سَنَحا
أبَتْ ملاحَتُهُ من أنْ يجودَ لنا / فليتَه في عيونِ العِشقِ ما مَلُحا
وكان لي جَلَدٌ قبلَ الغرامِ به / فَالآن أفنَى اِصطباري وَجْدُهُ ومَحا
وزائرٍ زارَني واللّيلُ معتكرٌ / والصُّبحُ في قبضةِ الظّلْماءِ ما وَضَحا
كَأنّهُ كَلِمٌ راعتْ وليسَ لَها / مَعْنىً ولَمعةُ برقٍ خلَّبٍ لَمَحا
لو أنّه زارَني والعينُ ساهرةٌ / أعطيتُه من نصيبِ الشّكرِ ما اِقتَرحا
أَعطى إلى العَينِ مِنّي قُرّةً وأتى / قلبي فأذْهبَ عنه الهمَّ والتَّرَحا
زَوْرٌ أبِيتُ به جَذْلانَ منتفعاً / وكم من الزَّوْرِ ما طرنا به فرحا
وبات يسمحُ لِي منه بنائِلِهِ / لكنّه راجعٌ فيما بهِ سَمَحا
يا صاحبي إنْ تُرِدْ يوماً موافقتِي / فقد بلغتَ بِيَ الأوطارَ والنُّجَحا
جَنِّبْنِيَ اللّهوَ في سرٍّ وفي عَلَنٍ / وعاطِ غيرِي إذا غنّيتَه القَدَحا
ولا تُهِبْ بِي إلى ثِنْيَيْ بُلَهْنِيةٍ / وَاِجعَلْ نِداءَك لِي من فادحٍ فَدَحا
فَلَستُ أَفرحُ إلّا بالّذي مَدَحَتْ / مِنّي الرّجال فَلا تطلبْ لِيَ الفَرَحا
وَكُنْ إِذا اِصطبَح الأقوامُ في طَرَبٍ / بالمجدِ مُغتَبِقاً والحمدِ مُصْطَبِحا
مَنْ لِي بِحُرٍّ من الأقوامِ ذي أنَفٍ / ينحو طريقي الذي أنحوه حين نَحا
تَراهُ وَالدّهرُ شتّى في تقلّبِهِ / لا يَقبَلُ الذلّ كيما يقبلُ المِنَحا
وإنْ مضى لم تُعِجْهُ الدّهرَ عائجةٌ / ولا يُقادُ إلى الإقدامِ إنْ جَنَحا
حَلفتُ بِالبيتِ طافَتْ حولَه عُصَبٌ / من لاثمٍ ركنَه أو ماسحٍ مسحا
والبُدْنِ حلّتْ ثرى جَمْعٍ وقد وُدِجَتْ / وَإِنّما بَلغ الأوطارَ من رَزَحا
وَبِالحُصيّاتِ يقذَفنَ الجمارُ بها / وبالهَدِيِّ على وادي مِنى ذُبحا
وشاهِدِي عَرَفاتٍ يومَ موقِفِهمْ / يستصفحون كريماً طالما صَفَحا
لقد حللتُ من العَلياءِ أفنيةً / ما حلّها بشرٌ نحو العُلا طَمحا
وقد مُنِحتُ وضلّ الناسُ كلُّهُمُ / عنه طريقاً لطيبِ الذّكر ما فتِحا
كان الزّمان بهيماً قبل أنْ مَنَحتْ / فضائلِي جِلدَه الأوضاحَ والقُرحا
وقد رجحتُ على قومٍ وُزِنتُ بهمْ / وما عليَّ من الأقوامِ مَنْ رَجَحا
فإنْ كدَحتُ ففي عزٍّ أَضنُّ بهِ / وضلّ مَنْ في حطامٍ عمرَه كَدَحا
ما زلتُ أُسّاً وباقي النّاسِ أَبنَيةٌ / وكنتُ قُطباً وحولِي العالمون رَحا
وأيُّ ثِقْلٍ وقد أعيا الرّجالَ على / ظَهري الّذي حَمل الأثقال ما طُرِحا
وَسُدْتُ قومِيَ في عَصرِ الصِّبا حَدَثاً / وَلَم يسودوا مَشيباً لا ولا جَلَحا
فكمْ قدحتُ وأضرمتُ الورى لهَباً / وكمْ من النّاس قد أكْدى وما قَدَحا
فَقُلْ لِقَومٍ غرستُ البِرَّ عندهُمُ / فما رَبحْتُ وكم من غارسٍ رَبِحا
ليت الّذي غرّ قلبي من تجمّلكمْ / ما سال فينا له وادٍ ولا رَشَحا
وَلَيتَني لَم أَكُنْ يوماً عرفتكُمُ / وَكُنتُ مِنكُمْ بعيدَ الدّار مُنتَزِحا
قَد عادَ صدرِيَ منكمْ ضيِّقاً حَرَجاً / وكان من قبل أنْ جرّبتُ منشرِحا
فَلا تَروموا لِوُدِّي أوْبَةً لكُمُ / إنّ الجوادَ جوادَ الودِّ قد جَمَحا
طَرحتموني كَأنّي كنتُ مُطَّرحاً / ولُمْتُموني كأنّي كنتُ مُجتَرِحا
وخلتُ أنّكُمُ تجزونَنِي حَسَناً / فالآن أوْسعتمونِي منكمُ القُبَحا
فَلا تَظنّوا اِصطِلاحاً أَنْ يَكون لنا / فَلم يدع ما أَتَيتمْ بَيننا صُلُحا
وَلو جزيتُكُمُ سوءاً بسَوْءتِكُمْ / لَكُنتُ أنْبِحُ كلبَ الحيِّ إنْ نَبَحا
وَلا سَقَتكمْ منَ الأنواءِ ساقيةٌ / ولا نَشَحْتُمْ إذا ما معشرٌ نَشَحا
وَلا يَكن عَطَنٌ مِنكمْ ولا وَطَنٌ / مُتّسعاً بالّذي تَهْوَوْنَ مُنفسِحا
وَلا لَقيتمْ بضرّاءٍ لكمْ فَرَجاً / ولا أصبتم بسرّاءٍ بكمْ فَرَحا
لا قَضى اللَّه لِقَلبي
لا قَضى اللَّه لِقَلبي / في الهَوى أَن يَستَريحا
أَنا راضٍ مِن هَوى البي / ضِ بأن كان قريحا
يا ميلحَ الوَجهِ لِمْ تصْ / نعُ ما ليسَ مَليحا
إنّما يُعذِرُ في التّق / بيحِ من كان قبيحا
أنا مُشفٍ من تَجنّي / كَ وقد كنتُ صحيحا
والّذي صيّرَ من حب / بِكَ في جسمِيَ روحا
لا أطاعَ القلبُ مِنِّي / أبداً فيك نصيحا
وَما مَرحُ الفتى تَزْوَرُّ عنه
وَما مَرحُ الفتى تَزْوَرُّ عنه / حُدودُ البِيضِ بالحَدَقِ المِلاحِ
ويُصبِحُ بين إعراضٍ مُبينٍ / بلا سببٍ وهجرانٍ صَراحِ
وقالوا لا جُناحَ فقلتُ كلّا / مشيبِي وحْدَهُ فيكمْ جُناحي
أَلَيسَ الشّيبُ يُدْنِي من مماتِي / وَيُطمِعُ مَنْ قَلانِي في رواحِي
مَشيبٌ شُنَّ في شَعَرٍ سليمٍ / كشنِّ العُرِّ في الإبلِ الصّحاحِ
كأنّي بعد زَوْرَتِهِ مَهِيضٌ / أدِفّ على الوظيفِ بلا جَناحِ
أو العانِي تورّط في الأعادِي / فَسُدَّ عليه مُطَّلعُ السّراحِ
سَقى اللَّه الشّبابَ الغضّ راحاً / عتيقاً أو زلالاً مثلَ راحِ
ليالِيَ لَيسَ لِي خُلقٌ مَعِيبٌ / فلا جِدِّي يُذمُّ ولا مِزاحي
وَإِذْ أَنا من بَطالاتِ التَّصابِي / ونَشواتِ الغواني غيرُ صاحِ
وَإِذْ أسْماعهُنَّ إليَّ مِيلٌ / يُصِخْنَ إِلى اِختِياري وَاِقتِراحِي
فَدونكَها اِبنَ حَمْدٍ ناقضاتٍ / لقولِ فتىً تجلّدَ للّواحِي
فقال وليس حقّاً كلُّ قولٍ / أهذا الشّيبُ يمنعني مراحِي
وَقاني اللَّه فَقدَك من خليلٍ / ثَنَتْ مِنِّي مودّتُهُ جِماحِي
فكان على قَذى الأيّامِ صفوِي / وكان على حَنادِسها صباحِي
ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ
ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ / وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي
وللدّنيا تماطلُ بالرّزايا / مِطالَ الجُربِ للإبلِ الصِّحاحِ
تُسالمنِي ولِي فيها خَبِئ / أَغَضُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ
ويا لِمُلِمَّةٍ نَزَعتْ يميني / وَحَصَّتْ بالقوادِمِ مِنْ جَناحي
فُتِنْتَ بها ومنظرُها قبيحٌ / كما فُتِنَ المُتَيَّمُ بالملاحِ
أَلا قُلْ للأَخايرِ من قريشٍ / وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ
هَوى مِن بَينِكمْ جبلُ المعالِي / وعِرْنينُ والمكارِمِ والسَّماحِ
وَجبَّ اللَّهُ غارِبَكمْ فَكونوا / كَظالعةٍ تحيد عن المَراحِ
يُدَفِّعُها مُسوّقها المُعَنّى / وقَد شَحَطَ الكَلالُ عن البُرَاحِ
وَغضّوا اللّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ / فما لكُمُ العَشيَّة مِنْ طَماحِ
غُلِبْناهُ كَما غُلِبَ ابنُ ليلٍ / وقد سَئِمَ السُّهادَ على الصَّباحِ
فَقُلْ لِمَعاشرٍ رهبوا شَباتِي / وما تجني رماحِي أو صفاحِي
رِدُوا من حيثُما شِئتم جِمامِي / فإنّي اليومَ للأعداءِ ضاحِ
ورُومونِي وَلا تخشَوْا قِراعِي / فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ
وقودونِي فما أَنَا في يديكمْ / عَلى ما تَعهَدون من الجِماحِ
وَلا تَتنظَّروا منِّي اِرتِياحاً / فَقَد ذَهَب ابنُ موسى بِاِرتياحِي
فَللسّببِ الّذي يُشجِي اِلتِزامِي / وَلِلسّببِ الّذي يُسلِي اِطّراحي
لَوانِي ما لَوانِي عن مُرادِي / وحالَ الدّهرُ دونَ مَدَى اِقتراحِي
فلا دَوٌّ تَخُبُّ به رِكابي / ولا جَوٌّ تَهُبُّ به رِياحي
فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذّاً / يُنازعْنَ الأعنّةَ كالقِداحِ
ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نجيعاً / مِنَ الأعداءِ في يَومِ الكفاحِ
ومَنْ للحربِ يُوقِد في لَظاها / إِذا اِحتدَمَتْ أنابيبَ الرّماحِ
ومَنْ لِمُسَرْبَلٍ في القِدِّ عانٍ / على وَجَلٍ يُذادُ عن السَّراحِ
وَمَن للمالِ يَعْصِي فيه بَذْلاً / أساطيرَ العواذلِ واللّواحي
وَمَن لِمُسَوَّفٍ بالوعدِ يُلوى / وَمَطروحٍ عَنِ الجَدوى مُزاحِ
هِيَ الدّنيا تُجَمْجِمُ ثُمَّ تَأْتي / مِنَ الأمرِ المبرّحِ بالصِّراحِ
تُنيلُ عَطيّةً وتردُّ أخرى / وتَطوِي الجِدَّ في عينِ المزاحِ
فمنْ يُعدِي على أُمِّ الرّزايا / إذا جاءتْ بقاسيةِ الجِراحِ
سَلامُ اللّه تنقلُهُ اللّيالِي / ويُهديهِ الغُدوُّ إلى الرّواحِ
على جَدَثٍ تشبّث من لُؤَيٍّ / بِيَنبوعِ العِبادَةِ والصَّلاحِ
فَتىً لم يَرْوَ إلّا مِن حَلالٍ / وَلَم يكُ زادُهُ غير المُباحِ
وَلا دَنِسَتْ لَهُ أُزُرٌ بعارٍ / ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ
خَفيفُ الظّهرِ مِن حَمْلِ الخَطايا / وَعُريانُ الصّحيفةِ من جُناحِ
مَسوقٌ في الأمورِ إِلى هُداها / وَمَدْلولٌ على بابِ النّجاحِ
مِنَ القومِ الّذين لَهُمْ قلوبٌ / بِذِكرِ اللَّهِ عامرةُ النّواحي
بِأَجسامٍ منَ التّقوى مِراضٍ / لِمبصرها وأديانٍ صِحاحِ
بَنِي الآباءِ قوموا فَاِنْدُبوهُ / بِأَلِسنَةٍ بِما تُثْنِي فِصاحِ
وَإِنْ شِئتمْ لَه عَقْراً فشُلُّوا / نفوسَ ذوِي اللِّقاحِ عن اللِّقاحِ
أَصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ / وحاملُ كلِّ مُثقَلَةٍ رَداحِ
وَروّاكَ الغمامُ الجَونُ يسرِي / بطيءَ الخَطْوِ كالإبلِ الرِّزاحِ
تُرابٌ طابَ ساكنُهُ فباتتْ / تأرّجُ فيه أنفاسُ الرّياحِ
غَنِيٌّ أنْ تجاورَهُ الخُزامى / وتُوقد حوله سُرجُ الأقاحِي
لِي مِنْ رُضابِكَ ما يُغنِي عن الرّاحِ
لِي مِنْ رُضابِكَ ما يُغنِي عن الرّاحِ / ونورُ وجهكَ في الظّلماء مصباحِي
وحمرةٌ نُشِرتْ في وجْنَتيكَ بها / مَلكتَ ناصِيَتَيْ وردٍ وتفّاحِ
وقد لَحَوْني على وجْدِي فقلْ لهمُ / كَيفَ اِنثَنى خائِباً مِن طاعَتي اللّاحِي
تَلومُني وَاِلتِياعٌ ما يُفارِقُني / مِلْءَ الضّلوعِ بقلبٍ غيرِ مُرتاحِ
وَأَنتَ صاحٍ وَلاحٍ مَنْ به سُكرٌ / وَما اِستَوى في الهَوى السّكرانُ والصَّاحِي
قُمْ غَنِّنِي بِأَحاديثِ الهَوى طَرَباً / وَسَقّنِي مِن دُموعي مِلْءَ أقداحي
ولا تَمِلْ بي إلى مَن لا أُسَرُّ بهِ / ففي يَمينكَ أَحزاني وأفراحي
وقد شَجِيتُ بقُمْرِيٍّ على غُصُنٍ / باكٍ بلا أدْمُعٍ يجرين نَوّاحِ
قلْ للّذين أرادوا مثلَ مَفْخرتي / أَنّى لكمْ مثلُ غُرّاتي وأوضاحِي
وَهَلْ تَبيتونَ إِلّا في حِمى كَنَفِي / وفي خَفَارةِ أسيافي وأرماحي
مَنْ فيكم وَقَد اِشتدَّ الخصامُ له / مِنْ دونِكم مثلُ إِيضاحي وَإِفصاحي
ما زالَ رائدُكُمْ في كلِّ مَكرُمةٍ / لولايَ فيكمْ بوجهٍ غيرِ وضّاحِ
وقد بلغتُ مراماً عزّ مطلبُهُ / لَم تَبلغوهُ وَعيسى غيرُ أطلاحي
وَكَم ثَوَتْ منكُمُ الأحوالُ فاسدةً / حتّى صرفتُ إليها وجهَ إصلاحِي
لا لذّةٌ لِيَ في غير الجميلِ ولا / في غيرِ أوديةِ المعروفِ أفراحي
دفعتُ عنكم بمَا تجلو القُيونُ وقد / دفعْتُمُ الشرَّ عجزاً عنه بالرّاحِ
سيّانِ سِرِّي وجهري في ظِهارتِهِ / ومستوٍ خَمَرِي فيهِ وتَرْواحي
إنْ كان رِبْحُكُمُ مالاً يفارقُكمْ / فليس غيرَ الأيادِي البيضِ أرباحي
ورثتُ هذِي الخصالَ الغُرَّ دونكُمُ / عن كلِّ قَرْمٍ طويلِ الباعِ جَحْجاحِ
قومٌ إذا ركبوا يوماً على عَجَلٍ / ضاق الفضاءُ وسدّوا كلَّ صَحْصاحِ
ترى جيادَهُمُ في كلِّ مُعتَرَكٍ / تُلقِي من الأرضِ صُفّاحاً بصُفّاحِ
هُمُ البحورُ لمنْ يعتادُ رِفْدَهُمُ / والنَّاسُ ما بين أوْشالٍ وضَحْضاحِ
لَو طاوَلوا النّجمَ لم يطلعْ على أحدٍ / أو صاولوا النّارَ لم تظهرْ لقدّاحِ
أُولاكَ قومِي فجيئونِي بمِثِلهمُ / في منزلٍ هابطٍ أو ظاهرٍ ضاحِ
مَعالمٌ لا مرورُ الدّهرِ يُخلِقها / ولا يخاف على مَحْوٍ لها ماحِ
يا مليحَ الوجهِ لِمْ فع
يا مليحَ الوجهِ لِمْ فع / لُكَ لي غيرُ مَليحِ
إنّ مَنْ يبذلُ نفساً / في الهوى غيرُ شحيحِ
لم تَخِرْ جسمِيَ فَرْداً / لَكَ معْ حسمِيَ روحي
والهوى بَلْوى ولكنْ / لسقيمٍ بصحيحِ
كم ليالٍ سَهَرِي في / كَ غَبوقي وصَبوحِي
بِتّ أشكو غُصص الحب / بِ إلى غير مُريحِ
لو خطانِي جُرحُهُ وقْ / تاً لداويتُ جُروحي
لِي بكاءٌ من دمٍ صِرْ / فٍ من الجَفْنِ القريحِ
كُلّما اِستَبدلتُ أُبْدلْ / تُ قبيحاً بقبيحِ
وإذا طاوعتُ أمر ال / حُبِّ عاصيتُ نصيحي
سَلامٌ على العَمل الصالحِ
سَلامٌ على العَمل الصالحِ / وغادٍ من النُّسكِ أو رائحِ
سلامٌ على السَّنَنِ المستقيمِ / سلامٌ على المَتْجرِ الرّابحِ
سلامٌ على صوم يومِ الهجيرِ / وهبّةِ ذِي مدمَعٍ سافِحِ
سلامٌ على عَرصَاتٍ خَلَوْ / نَ للدّين من غابقٍ صابحِ
وفارقنا يومَ جدّ الرّحي / لُ عُريانَ مِن مِيسَمٍ فاضِحِ
فتىً كان في دارنا هذِه / بطَرْفٍ إِلى غيرها طامحِ
تراهُ إذا غَسَقَ الخابطونَ / على منهجٍ للهُدى واضحِ
محمّدُ فارقْتنا عَنْوةً / فجرحِي الرّغيبُ بلا جارحِ
وأوْدعتنِي في صميم الفؤا / دِ مِنِّيَ ما ليس بالبارحِ
وهوّن رُزْءَك أنّي أقولُ / مضيتَ إلى مُنيةِ الفارحِ
إلى نِعَمٍ ليس كالأعْطياتِ / ونافحُها ليس كالنافحِ
كنار العَراءِ بلا مُصطَلٍ / وسَجْلِ القَليبِ بلا ماتِحِ
ودارُ السّياسةِ مجفُوَّةٌ / وغدرانُهنَّ بلا نَاشِحِ
وكنتَ وقد طَرَحَتْها بَنان / كَ مُحتقِراً خيرَ ما طارحِ
فلو سُئِلَتْ عنك لاِستَعجلتْ / إلى منطقِ الشّاكر المادحِ
وكم لك في المجدِ من ثورةٍ / إلى البلد الشّاحط النازحِ
على كلّ منفرجِ الكاذَتَين / كَتُومٍ لأنفاسهِ سابحِ
تَراهُ إِذا اِسوَدّ ليلُ العَجاجِ / من الرَّوْعِ كالكوكبِ اللائحِ
وَقَد عَلِموا حينَ شبّوا الأُوارَ / مَجَسَّكَ من لاذِعٍ لافِحِ
بِأَنّك أَضربُ من حامِلٍ / لسيفٍ وأطعنُ من رامحِ
وَأَكتَم للسِّرِّ حين اِكتَوَتْ / خطوبٌ على النّاشر البائِحِ
وأنّك منتقماً إذ تكون / لِذُحْلِكَ خيرٌ من الصّافِحِ
تفِيءُ إلى الأبْلجِ المستنيرِ / من الرأْيِ في المُعضِلِ الفادِحِ
وإن عَنَّ يومُ حِباءٍ هَطَلْتَ / وفي النّاسِ مَنْ ليس بالرّاشحِ
مضيتَ خفيفاً من الموبقاتِ / وأين الخفيفُ من الدالِحِ
ولو أنصف النّاسُ تُرباً أُهيلَ / على جَسَدٍ ناصعٍ ناصحِ
لَزاروهُ وَاِستَنزلوا عندهُ / عطاءً من المانع المائحِ
فإمّا نزحتَ وراءَ الصَّفيحِ / فلستَ عن الخير بالنَّازحِ
فَللّهِ قبرٌ أراقوا بهِ / ذَنوباً من الذُّخُر الصّالحِ
تمرُّ به أرِجَ الخافقين / ملآنَ من عَبَقٍ فائِحِ
فإنْ نحن قِسنا إليه القبورَ / أَبَرَّ بميزانِهِ الرّاجحِ
ولا زالَ منهمرُ الطُّرَّتين / يَسُحُّ بماءٍ له سائحِ
عليه وإنْ كان مستغنياً / بما فيه من كرمٍ طافِحِ
تساوى الأنامُ بهذا الحِمام / فسهلُ المعاطِفِ كالجامِح
وقامتْ به حجّةُ الزّاهدين / وضاق له عُذُرُ الكادحِ
وكلٌّ مُصيخٌ وإنْ كان لا / يَحسُّ إلى هَتفةِ الصّائِحِ
وَثِقْتُ بكمْ حتّى خجلتُ وكم جَنَتْ
وَثِقْتُ بكمْ حتّى خجلتُ وكم جَنَتْ / لنا ثقةٌ من خَجْلَةٍ في الصّفائِحِ
وما كنتُ أخشى قبلها إنْ كشفتُكُم / أُكشّفكمْ عن مثلِ هذي القبائحِ
هَبونِي اِمرَءاً لا مَنَّ منه عليكُمُ / ولا كان يوماً عنكُمُ بمُنافحِ
وإنْ قادكمْ كُرْهاً إلى ربوةِ العُلا / نكصتُمْ على الأقفاءِ نكْص طَلائِحِ
ولم يسعَ فيما تبتغون ودونَهُ / حجازٌ منَ الأعداءِ ليس ببارحِ
وأدْناكُمُ عفواً إلى جانبِ الغِنى / وكلُّكُمُ ما بين ناءٍ ونازحِ
وقد صَلُحَتْ أيّامُكمْ باِجتِهادِهِ / فَلِمْ يومُهُ ما بَينكمْ غيرُ صالحِ
وَأَظْفَركمْ بالعزِّ وَالعزُّ شاهقٌ / وَأَنتُمْ بِلا طَرْفٍ إلى العزِّ طامحِ
شَحَذْتُكُمُ سيفاً أصُدُّ به العِدى / وما كان عندي أنّ سيفِيَ جارِحِي
وإنّ الّذي أغراكُمُ بقطيعتِي / وقد كنتُ وصّالاً لكمْ غيرُ نازحِ
وَإنّي لَسَمْحٌ باذلٌ بِفراقكمْ / وما كنتُ فيه برهةً بالمسامِحِ
تبدّلتُ لمّا أنْ أرَبْتُمْ ولم أُعِنْ / على رَيْبِكُمْ بيضاً بسودِ المسائحِ
وأخْرَجَ ما أبْدَعتُمُ من مساءَةٍ / هوىً لكُم قد كان بين الجوانِحِ
وَلَمّا شَرِبتُ الوُدّ منكمْ بسومِكمْ / رجعتُ بكفٍّ بيعُها غيرُ رابحِ
وَلَولايَ في مِيزانكم يومَ خبرةٍ / لَما كانَ إِلّا شائلاً غيرَ راجحِ
فَلا تَحسبوا أنّي مقيمٌ على أذىً / فإنِّيَ مَوْتورٌ كثيرُ المنادِحِ
إذا ضرّني يوماً صديقي وساءَنِي / فَما هوَ إلّا كالعدوِّ المكاشِحِ
تَقَطَّع وُدٌّ كانَ بَيني وَبينكمْ / وطاحتْ بهِ في الأرضِ إحدى الطَّوائِحِ
فَما لِي إِلى أَوطانكم من مطامِحٍ / وما لِي إلى أعطانكمْ من مَسارِحِ
وما لِيَ إِلْمامٌ بدارِ حُلولِكمْ / وَما كنتُ إلّا بينَ غادٍ ورائِحِ
وإنْ كانتِ البطحاءُ دارَ مُقامِكمْ / فما لِيَ تعريجٌ بتلك الأباطِحِ
وأيْقنتُ أنّي ثاوياً في دياركمْ / مقيمٌ على آلِ القفارِ الصّحاصِحِ
وكنتُ وما جرّبتكم كَلِفاً بكمْ / فأظفرنِي تجريبُكمْ بالفضائِحِ
لنا في تلاقينا وجوهٌ ضواحكٌ / وكم دونهنّ من قلوبٍ كوالحِ
وقد كنتُمُ صبحاً بغيرِ دُجُنَّةٍ / فقد صرتُمُ جُنْحاً بغير مصابحِ
فلا تسألونِي عن صفاءٍ عَهِدتُمُ / فقد طار في هُوجِ الرّياح البوارحِ
فَإِنْ تَشحَطوا بعدَ اِجتِماعٍ وإلْفَةٍ / ببعض الرّزايا الهاجمات الفوادِحِ
فقلبِيَ عنكمْ مُعرضٌ غيرُ مائقٍ / ودمعِي عليكمْ جامدٌ غيرُ سافِحِ
وما كلُّ ما لاقيتُ منكمْ شكوتُهُ / وأوّلُ جِدِّ المرءِ تعريضُ مازحِ
فشتّانَ لو أنصَفْتُمُ من نفوسكمْ / ولم تظلموا ما بين هاجٍ ومادحِ
وإنّ غبينَ النّاسِ مَن بات عِرْضُهُ / تعرّضُهُ السُّوءى لبعضِ القرائحِ
إنّ من يعذُلُ نُصْحاً
إنّ من يعذُلُ نُصْحاً / في الهوى غيرُ نصيحِ
ما لمنْ ينصف أنْ يُل / حى على غير القبيحِ
أيُّ ثِقْلٍ لك يا لا / حِي على القلبِ القريحِ
كلُّ ما لا يَشتهِي يَلْ / قى سليمٌ من صحيحِ
إنّما تُدخل عذلاً / بين جثمانِي وروحِي
والّذي تبغِي به الرّا / حةَ لِي غيرُ مريحِ
قلْ لمشغوفٍ بَعذْلِي
قلْ لمشغوفٍ بَعذْلِي / في مساءٍ وصباحِ
لا تلمنِي في هَوَى البي / ضِ فإنّي غيرُ صاحِ
أيُّ قلبٍ هو خِلْوُ ال / سِرِّ من عِشْقِ المِلاحِ
كُنْ كَما شِئتَ ودَعْنِي / في فسادِي ورواحِي
ما على غيريَ منّي / في فسادِي وصلاحِي
وَإِذا أَفلحتَ فَاِترُكْ / للورى غيرَ الفلاحِ
بيني وبين عواذلِي
بيني وبين عواذلِي / في الحبِّ أطرافُ الرماحِ
أنَا خارجيٌّ في الهوى / لا حُكمَ إلّا للمِلاحِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025