القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : التِّهامي الكل
المجموع : 5
أَرحَت نَفسي مِن عداة الملاح
أَرحَت نَفسي مِن عداة الملاح / لِليأسِ روح مِثلِ روحِ النَجاح
وَرُبَّما حَكَّمَت في مُهجَتي / نَشوان مِن ماء الصِبا وَالمراح
وَكَيفَ لا تُدرِكُهُ نَشوَةٌ / وَاللَحظُ راحَ وَجَنى الريق راح
لَو لَم تَكُن ريقَتُهُ خَمرَةٌ / لَمّا تَثنىَّ عطفه وَهوَ صاح
يَبسِمُ عَن ذي أَشَرٍ مِثلَما / يَلتَقِط الظَبيُ بِفيه الأَقاح
تُهدي الصَبا رَيّاهُ مِن رَوضَة / تَظَلُّ أَحياناً وَحيناً تراح
أَنيقَةٍ يَجمَعُ أَرجاؤُها / بيضُ المَقاصيرِ وَبيضُ الأَداحِ
وَلَو دَرى مسرى الصَبا نَحوَها / سَد مِنَ البُخلِ مَهَبِ الرِياح
كَم مَرَّةٍ أَعجَزَنا حِلَّهُ / فَساقَهُ النَوم إِلَينا سِفاح
أَفلَتَهُ مِنّي وَقَد صِدتُهُ / بِرَقدَةٍ صَوت مُنادي الفَلاح
تُسلِبنا اليَقظة ما زَفَّهُ / لَنا الكَرى مِن كُلِّ خود رَداح
فَنَحنُ في نَومٍ وَفي يَقَظَةٍ / بَينَ دَنوٍ مِنهُمُ وانتِزاح
وَمَوقِفٌ لَولا التَقى لالتَقى / فيهِ نَجادي ونظّام الوشاح
قُلتُ لِخلي وَثغور الرُبى / مُبتَسِماتٍ وَثغور المِلاح
أَيُهُما أَحلى تَرى مَنظَراً / فَقالَ لا أَعلَم كُلُّ أَقاح
كَيفَ رَجوعي في الهَوى بَعدَما / خَلَعته خَلع رِداء فطاح
وانجاب عَن فوديَّ لَيل الصِبا / لِكُلِّ لَيلٍ مُدلَهِمٍّ صَباح
فازوَرَّت البيضُ بِأَبصارِها / مَطروفَةً عَنّي وَكانَت صِحاح
مَن كانَ يَهواكَ لِشَيءٍ مَضى / إِذا مَضى عَنكَ تَوَلّى وَراحَ
وَخَلَّهُ أَظهَرَ ما أَضمَرَت / سَيري فَقالَت أَقلىً وَاطِّراح
فانحَلَّ سِلكَ الدَمعِ في ثَغرِها / فَشَجَّت الخَمرُ بِماءٍ قراح
وَلَيسَ يُمضي عَزمَتي لَو دَرَت / مُغرٍ وَلا يَعطِفها قَولَ لاح
لَو علمَت أَن العلى في السُرى / قالَت عَلى الرَشد انحَ ما أَنتَ ناح
آلَيت استَسقي سِوى مَنصِلي / إِن الغَوادي بِمُرادي شحاح
المَجد شرب لَم يَزَل ماؤُهُ / مُرَقرِقاً فَوقَ صفاح الصفاح
لِكُلِّ مُعتادٍ ضراب العدى / مِن فَوق مُعتاد ضَريب اللِقاح
يُديرُ وَالمَوت لَهُ فاغرٌ / طَرَفاً فَوقَ طرف وَقاح
يَنصُل في الطَعنِ حراب القَنا / كَأَنَّها أَلسِنَة في الجِراح
يَعتَصِبُ المَجد عَلى نَفسِهِ / وَقَد يُبيحُ الطَعن غَيرَ المُباح
وَمجهل مُشتَبِه طرقه / كَأَنَّما هُنَّ خُطوط بِراح
يُسعِدُني فيهِ وَفي غَيرِهِ / ذو صُدورٍ كفلاة فِساح
كَأَنَّما أَشباح أَنضائنا / قِسيٌّ نَبع وَكَأنّا قداح
حَتّى اجتَلَينا بَعدَ طولِ السُرى / بغرَّة الكامِل وَجه الصَباح
فَقالَ لي صاحِبي أَبدَرُ السَما / فَقُلتُ لا بَل هوَ بَدرُ السَماح
ينبيك عَن سؤددٍ بشره / مَخائِل السُؤدَدِ خَرس فَصاح
صَعب إِباء النَفس سَهل النَدى / إِنَّ المَعالي شَدَّةٌ في سَماح
هَل يَقبَل الضَيم فَتىً حَيَّهُ / في الكُفرِ والإِسلامِ حَيُّ لِقاح
يَذكُر التيجان آباءُهُ / بِهِ وَتِلكَ القَسمات المِلاح
إِذا رَأتهُ قلقَت هَزَّةٌ / كَأَنَّما في كُلِّ تاج جناح
تَبكي لكَسرى وَتَرا آي ابنَهُ / فَيَستَحيل الأرتياع ارتِياح
فَهَل تَرى التيجان مِنهُ عَلى / بَدرٍ لِبَدرٍ التَمِّ مِنهُ افتِضاح
يَختِم ما استَفتَح آباؤهُ / وَلِلعُلى خاتِمَة وافتِتاح
قَد عدل الدَهرُ بإِعلائِهِ / وَكُلُّ ما في الدهر ظلم صِراح
واصطَلَحَ الناس عَلى فَضلِهِ / واختَلِفوا بَعدُ فَلَيسَ اصطِلاح
شَرَّفتُ نَفسي باِمتِداحي لَهُ / فَقَد تَعَجَّلَت ثَوابُ امتِداح
لَمّا أَناخ الجودَ في كَفِّهِ / نادى بِأَعلى صَوتِهِ لا بَراح
في كَفِّهِ أَحيا وَمِن كَفِّهِ / أَحشَر إِن حُمَّ القَضاءَ المُتاح
مُقَسَّم الخاطِرِ مَكدوده / في تَعب مِن مَجدِهِ لا استِراح
يَطمَح مِن عِزٍ إِلى آخَرٍ / دامَ لَهُ العِزُّ وَدامَ الطِماح
في عَسكَرٍ مِن نَقسِهِ رأيهِ / رايَتِهِ إِن عَلِم الحَربُ لاح
يَهزِم مَن زاحَمَ عَن أَنفُسٍ / مُكَلَّمات وَجُسوم صِحاح
قَد يَغلِبُ المَرءُ بِتَدبيرِهِ / أَلفاً وَلا يَغلِبهُمُ بِالسِلاحِ
وَلِلمُعادي رُتَبٌ في العِدى / الرأي ثُمَّ الكيد ثُمَّ الكِفاح
وَلَيسَ بَعدَ الحَربِ مِن غايَةٍ / هُنَّ حُظوظ مِثلَ ضَربِ القِداح
وَلا يُبالي عِندَ فَلِّ العِدى / أَهيبَة فلتهمُ أُمَ رِجاح
حامى عَن المُلكِ فَأَضحى حِمىً / مِن بَعدِ ما شارَف أَن يُستَباح
فَصارَ عَريناً لِلَيث الشَرى / وكانَ مَرعىً لِلسوام المراح
يُوَفِّر الأَمر أَلا إِنَّما / رَأسان في تاج خِلاف الصَلاح
ثُمَّ اِنثَنى إِذ كَفَروا سَعيَهُ / لكل مطواعٍ ذَلول جِماح
ذو سَحب تنبت أَعداءَهُ / وَحاسديه في جَميع النَواح
وَالفَضلُ مَحسودٌ وَقَد حازَه / فَما عَلى حاسدِهِ مِن جُناح
كَم ناقِصٍ ترجم عَن فاضِلٍ / دَلَّ عَلى بَيت كَريم نُباح
وَمَن رأى تاج المَعالي عَلى / مَفرق لَيث فَوقَ طَرَف النَجاح
قَد نالَ بِالأَقلام ما قَصَّرت / أَو قَصُرَت عَنهُ طوال الرِماح
مِثلَ الأَفاعي الرَقش أَقلامُهُ / فَهُنَّ دُرياق وَسُمٌّ ذباح
إِن لمس الطرس بِأَطرافِها / فاضَ نَوالاً وَبَياناً وَساح
وَشمت مِن أَنمله أَبحراً / لؤلؤهنَّ الكَلِمات الفِصاح
حكمة آبائك مِن فارِسٍ / كَسَوتها لَفظ قُرَيش البِطاح
يُظهِر آلأوكَ إِخفاؤها / إِنَّ النَدى مِسك إِذا صين فاح
وَالعُرف بَدر كُلَمّا اسدَفَت / لَهُ لَيالي الجحد زادَ اتِضاح
قُل لِبَني الآمال هَبوا فَقَد / هَبَّت بِكُم بابن عَلي رِياح
مَحا بِهِ الدَهر إِساءآتِهِ / تَنَصُّلاً وَالدَهر واحٍ وَماح
يا ابن علي أَعدني بِالغِنى / كَمِثلِ ما أَعديتَني بِالسَماح
طارَ إِلى العَلياء قَوم وَما / قَصَّرتُ لَكِن كَيفَ لي بِالجَناح
دونَ العُلى ملحمة صَعبَة / سِلاحُها المال وَمالي سِلاح
آن لِجادي الغَيث أَن يَجتَدي / وَمُستَميح البَحر أَن يُستَماح
فاسلم وَعِش في رفعَة نَجمها / في فلك العِز حليفَ النَجاح
وَدَم كَما أَنتَ فَما بَعد ذا / لِمَن دَرى كَيفَ المَعالي اقتِراح
في عَزِّ إِقبال وَيُمنٍ وَفي / ظِل سُعودٍ يَقتَدي بِالصَلاح
ما شَق نور الفَجر درَع الدُجى / وَما دَعا في الأَيك طَيرٌ وَناح
لَو جادَهَنَّ غَداةَ رَمَن رواحاً
لَو جادَهَنَّ غَداةَ رَمَن رواحاً / غَيث كَدَمعي ما أردن بَراحا
ماتَت لِفَقد الظاعِنينَ دِيارهم / فَكَأَنَّهُم كانوا لَها أَرواحا
وَلَقَد عَهِدتَ بِها فَهَل عوَ عائِد / مَغدىً لِمُنتَجَع الصِبا وَمَراحا
بِالنافِثاتِ النافِذاتِ نَواظِراً / وَالنافِذينَ أَسِنَّة وَصِفاحا
وَأَرى العُيونَ وَلا كَأَعيُن عامِرٍ / قَدراً مَع القَدر المُتاح مُتاحا
مُتَوارِثي مَرَض الجُفون وَإِنَّما / مَرَض الجُفونَ بِأَن يَكُنَّ صِحاحا
مَن كانَ يكلف بالأَهِلة فَليَزُر / وَلدي هِلالٍ رَغبَة وَرِباحا
لا عَيب فيهِم غَيرَ شُحِّ نِسائِهِم / وَمِن السَماحَة أَن يَكُنَّ شِحاحا
طرقته في أَثوابِها فجلَت لَهُ / وَهناً مِنَ الغُرَرِ الصِباح صَباحا
وَبَسمن عَن بَرد تَآلف نظمه / فَرَأيت ضوءَ البَرقِ مِنهُ لآحا
أَبرَزنَ مِن تِلكَ العُيون أَسِنَّة / وَهَززن مِن تِلكَ القُدود رماحا
يا حَبَّذا ذاكَ السِلاح وَحَبَّذا / وَقت يَكون الحسن فيهِ سِلاحا
بيضٌ يَلحَفها الظَلام بُجُنحِهِ / كالبَيضِ لَحَّفَها الظَليم جِناحا
ما عِندَهُنَّ العَيشُ إِلّا رَوضَة / صَنع الوَلي لِنورِها مُفتاحا
يَلثَمن فيها الأُقحُوانَ بِمثلِهِ / عَبثاً وَإِعجاباً بِهِ وَمَراحا
وَيَميلهن مِنَ الصبا أَنفاسِها / فَتَخال أَنفاس الرِياح الراحا
يَترُكنَ حَيثُ حَلَلن وَهي لَطيمَة / مِمّا نَثرنَ بِهِ العَبيرَ فَطاحا
يَهدي ثَراهُ إِلى البِلادِ وَرُبَّما / حَيَّت بِرَيّاهُ الرِياح رِياحا
عَجنا بِهِ هَلكى فاهدَت ريحَهُ / أُصُلاً إِلى أَجسادِنا الأَرواحا
أَبصَرتُ وَصل الغانِيات وَغِبَّهُ / فَرأَيتَهُنَّ وَإِن حَسُنَّ قِباحا
واعتَضتُ مِن طَرفي الجموحِ إِلى الصِبا / طَرفاً إِلى فلك العُلى طَمّاحا
أَهوى الفَتى يُعلي جِناحاً لِلعُلى / أَبَداً وَيَخفضُ لِلجَليسِ جَناحا
وَأَحبّ ذا الوَجهَينِ وَجهاً في النَدى / نَدياً وَوَجهاً في اللِقاء وَقاحا
وَفَلاً كَأعمار النسور مسحتها / بيد المَطِيَّة أَعيَت المُسّاحا
خاضَت غِمار سَرابها فَكَأَنَّها اب / ن الماءِ خاضَ لِصَيدِهِ الضَحضاحا
وَإِلى ابن عَبد الواحد القاضي اغتَدَت / بَلَداً كَساحَة صَدره فَيّاحا
شكلت مَناسِمها الطَريق بِحُمرَةٍ / نُقطاً فَأَوضَحَت الفَلا إِيضاحا
فَأَتَتهُ قَوساً فَوقَها مِن رَبِّها / قِدح إِذا كانَ الرِجال قداحا
مَغبوطَة بِهِزالِها في قَصدِهِ / وَمِن المَفاسِد ما يَعُدنَ صَلاحا
فَرأيت مِنهُ البَدرُ إِلّا أَنَّهُ / سَعد لأيام الإِمامَةِ لاحا
وَالحاكِم المَنصور أَسعَدَهُم بِهِ / عُمراً وَأَكثَرَهُم بِهِ إِنجاحا
قَد صيغ مِن كَرَمٍ فلويد باخِلٍ / لَمسته فاضَت بِالنَوال سماحا
وَكَذاكَ يَنقَلِب الظَلام بِأَسرِهِ / نوراً إِذا ما جاوَرَ المِصباحا
لَو مَسَّ مِن إِقبالِهِ حَجَراً جَرى / ماءً عَلى ظَهرِ الثَرى طَفّاحا
فازرَع رَجاءَك كله بِفنائِهِ / فَإِذا زَرَعَت فَقَد حَصَدَت نَجاحا
يَرمي الكَتيبَة بِالكِتاب إِلَيهِم / فَيَرون أَحرفه الخَميس كِفاحا
مِن نِقسِهِ دُهماً وَمِن ميماتِهِ / زَرَداً وَمِن أَلفاتِهِ أَرماحا
ساسَت أَقاليم الوَرى أَقلامه / فأَجَمَّ أَطراف القَنا وَأَراحا
يَمجُجنَ ريقاً إِن أَردت جَعلته / شُهداً وَإِن أَحبَبت كانَ ذُباحا
ما زالَ هَذا الثغر لَيلاً دامِساً / حَتّى طَلعتَ لِلَيلِهِ إِصباحا
فَجلت لَهُ الأَيام بَعد عُبوسِها / وَجهاً كَوجهِكَ مُشرِقاً وَضّاحا
وَحَكَمتَ في مَهجِ العَدُوِّ بِحكمَةٍ / قُرِنَت بِرأيك غدوَةً وَرواحا
فَسفكت ما كانَ الصَلاح بِسَفكِهِ / وَحقنتَ بَعضَ دِمائِهِ استِصلاحا
فوفود شكر المُسلمين وَغيرهم / تأتي إِلَيكَ أَعاجِماً وَفِصاحا
غادَرَت أَسَد بَني كِلاب أَكلبا / إِذ زرتهم وَزئيرهن نباحا
قبسوا غُداةَ أَبي قَبيسٍ جمرة / لِلحَرب لاحَ لَهُم بِها ما لاحا
فَنَسوا النِساءَ وَدَمَّروا ما دَمَّروا / وَرأوا بقا أَرواحِهِم أَرباحا
يَتلو هَزيمَهُمُ السِنانُ كَأَنَّهُ / حَرّان يَطلب في قِراه قراحا
وَالسُمر قَد لفتهمُ أَطرافِها / لفاً كَما اكتَنَف البنان الرّاحا
فَمُعَفِّر جَسَد الحَياة وَهارِب / جَسَد الرُفات القبر وَالصّفاحا
حَتّى إِذا اقتَنَت القنا أَرواحهم / قَتلاً وَفَرَّقَت الصفاح صفاحا
رَفعوا أَصابِعَهُم إِلَيكَ وَنَكَّسوا / أَرماحهُم فَثنين مِنكَ جِماحا
وَتَركت أَعينَهُم بصورٍ في الوَغى / صوراً وَقَد جاحَ الوَرى ما جاحا
فَغَدوت قَد طَوّقتك حمدك حامِداً / وَمُقَلِداً قلدت مِنهُ وِشاحا
شاءَ المُهَيمِن أَن تَسير مُشرِفاً / حلباً فَقيض ما جَرى وَأَتاحا
وَأَرَدتَ إِصلاح الأُمور فَأُفسِدَت / فَنهضت حَتّى استَحكَمَت إِصلاحا
كانوا يَرونكَ مُفرَداً في جَحفَلٍ / وَوَراء صور إِن نَزَلتَ بَراحا
إِنَّ النَفيس وَلَو أَبيحَ أَبى لَهُ / عِزُّ النَفاسَة أَن يَكون مُباحا
أَنّى تَروم الروم حَربُكَ بَعدَما / صَلِيَت بِحَربِكَ محرباً مِلحاحا
لَم يَرم قَطُّ بِكَ الإِمام مُراده / إِلّا جَلَوتَ عَن الفَلاح فَلاحا
وَلَقَد غَدَوتَ أَبا الحُسَين لِجَيشِهِ / لِلقَلبِ قَلباً وَالجَناح جَناحا
يا مانِح الأَعراض مانِع عَرضِهِ / نَفسي فُداؤُكَ مانِعاً مَنّاحا
وَإِذا أَتَيتَ فَضيلَة أَخفيتَها / حَتّى كَأَنَّكَ قَد أَتَيتَ جُناحا
لِلعُرف عَرف نَشرِهِ في سَيرِهِ / كالمِسكِ مَهما ازدادَ صَوناً فاحا
وَأخ دعوتك بَعدَ طولِ نُعاسِهِ / فازتاع نَحو الجَرسِ ثُمَّ ارتاحا
نازَعتُهُ فيكَ القَوافي فانتَشى / فَكَأَنَّما نازَعته الأَقداحا
مَدحاً يُصَدقه فَعالَك آنِفاً / إِنَّ الكَريمَ يُصَدِّق المدّاحا
فَلَو ارتَقى شَخص امرىءٍ كَمحلِّهِ / يَوماً لَصافَحَت النُجوم صِفاحا
لَست في بَينِها الغُداةَ بِلاحِ
لَست في بَينِها الغُداةَ بِلاحِ / ما عَلى النَفسِ في التُقى مِن جُناحِ
تَبعتها أَرواحنا فَتَوَلَّت / بِقِطارٍ يُحَدى مِنَ الأَرواحِ
وَاِستَقَلَّت يَومَ النَوى فرمتها / أَعيُنُ القَوم مِن جَميع النَواحي
طرفها سائِف اللَواحِظ رامٍ / رامح عامِلٌ بِكُلِّ السِلاحِ
أَقرَح الدَمع خَدَّها فَرَأَينا / خَمرَةً شَعشَعَت بِماءٍ قِراحِ
فترشفت ريقها فَكَأَنّي / أَرشَفُ الطَلَّ مِن رِياض الأَقاحي
ثُمَّ أَبقَ النِجادَ بِالضَمِّ مِنها / في مَجالِ الوِشاح مِثلَ الوِشاحِ
كُلَّ يَومٍ حداتها تقصد الرَو / ضَ بِرَوضٍ مِنَ الوُجوهِ الصِباح
فَتَراهن في الهَوادِج يَلمَع / نَ كَمِثلِ السُلافِ في الأَقداحِ
إِنَّما هَذِهِ العُيونَ السَقيما / ت بَلاء لِذي القُلوبِ الصِحاحِ
لا يَغُرَّنكَ لين صَعَب قِيادي / فَعَلى قَدرِهِ يَلوح جِماحي
كَم هَوىً قَد تَرَكتِهِ مِثلَ سَطرٍ / قَد مَحاه مِن الصَحيفَة ماحي
وَظَلام قَطَعتُهُ بِظَليمٍ / كَوره قائِم مَقام الجَناحِ
فاجتَلَينا بِنور وَجهِ أَبي القا / سِم وَجهَ المُنى وَوَجهَ الصَباحِ
ثُمَّ صافحت أَنمُلاً نَشأت بَي / نَ صَريرِ الأَقلامِ وَالأَرماحِ
فَكَفاني صَرفَ الزَمان بِكَفٍ / عُجِنَت مِنَ مَكارِمٍ وَسَماحِ
وُصِلَت بِالنَدى بَنان أَبي القا / سِم قَبلَ اتِّصالِها بِالراحِ
لا تَلُمهُ في الجودِ فالجود عضو / مِن يَدَيهِ فَمالَهُ مِن بَراحِ
مَرِحٌ بِالنَوالِ نَشوان مِنهُ / إِنَّ لِلجود نَشوَة كالرّاحِ
فَهوَ في سَكرَةٍ مِنَ الجودِ صَرفاً / لَيسَ مِنها إِلى القِيامَةِ صاحي
لَم يَخِب ظَنُّ آمِلٍ فيهِ إِلّا / أَن تَكونَ الظُنونَ غَيرَ النَجاحِ
لَو أَتَتهُ الرُكبانُ تَمتاحَهُ النَف / س وَحاشاهُ مِنهُ قالَ امتاحي
ما رَأَينا في الجودِ كاِبنِ عَليٍّ / أَحَداً يَشتَهي صفاح الصِفاحِ
وَيَزور الوَغى بِطَرفٍ حَييٍّ / أَن يُرى هائِباً وَوَجهَ وقاحِ
وَيَرِد الراياتِ مِن الدمِّ تَحكي / لَهَب النارِ في نَسيم الرَياحِ
ثَمَّ أَيدٍ لَهُ طُوالٍ إِذا ما / خَطَرَت بِالرِماحِ مِثلَ الرِماحِ
في قَبيل تَراهُم في مُتونِ ال / خَيلِ كَالرِيشِ في مُتونِ القِداحِ
سَبطَة سَمحة عَلى المالِ تَحكي / فَيضَها بِالسَماحِ قَبلَ السِلاحِ
فَهوَ يَختالُ بَينَ عِرضٍ مَنيع / مِن مَقال العِدى وَمالَ مُباحِ
مِن أَياديهِ رائِحات اغتَباقي / وَمِنَ الغادِيات مِنهُ اصطِباحي
مِنهُ مالي ورحلَتي وَعدادي / وَجُوداي وَحُلَّتي وَسِلاحي
وَلَهُ مُهجَتي وَشُكري وَنَشري / وَاِعتِدادي بِفَضلِهِ وَاِمتِداحي
دامَ في رفعة وَفي طيب عَيشٍ / يَسحَبُ الذَيلَ في التُقى وَالصَلاحِ
ما دَجى عَسكَر الظَلامُ وَوَلّى / يَطلُبُ الفَرَّ مِن جُيوشِ الصَباحِ
لا تَملأَنَّ قَدحي وارفِق فَقَد مُزِجَت
لا تَملأَنَّ قَدحي وارفِق فَقَد مُزِجَت / لي مِن جُفونِكَ أَقداح وَأَقداحُ
يا مَن إِذا تُثنى قدهِ خَطَفَت / لِلجِنِّ وَالإِنسِ أَرواحٌ وَأَرواحُ
زِدني ابتِساماً وَقُل لليل دَم أَبَداً / فَأَنتَ وَالكأسُ مُصباحٌ وَمُصباحُ
وَما عِشقي لَهُ وَحشاً لِأَنّي
وَما عِشقي لَهُ وَحشاً لِأَنّي / تَرَكتُ الحُسنَ واختَرتَ القَبيحا
وَلَكِن غِرتُ أَن أَهوى مَليحاً / وَكُلُّ الناسِ يَهوونَ المَليحا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025