أَرَتها المَآقي ما تُكِنُّ الجَوانِحُ
أَرَتها المَآقي ما تُكِنُّ الجَوانِحُ / فَبُح فالمُعَنّى بِالصَّبابَةِ بائِحُ
وَخُذ حَظَّكَ الأَوفى مِن اللَهوِ وَالصِّبا / وَغصنُكَ رَيّانٌ وَطَرفُكَ جامِحُ
وَبادِر إِلى اللَّذّاتِ مِن قَبلِ حِليَةٍ / تَصُدُّ لَها عَنكَ العُيونُ اللَوامِحُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المُهرَ زَينٌ عُرامُهُ / وَيَسمُجُ مِنهُ ذاكُمُ وَهوَ قارِحُ
فَكَم تَستُرُ الشَوقَ الَّذي خامَرَ الحَشا / وَدَمعُ المَآقي لِلمُحِبِّينَ فاضِحُ
فَيا عَرَصاتِ الدارِ مِن حَيثُ تَلتَقي / شَقائِقُ أَجزاعِ اللِّوى وَالأَباطِحُ
سَقاكُنَّ مِن نَوءِ السِّماكَينِ عارِضٌ / مِنَ المُزنِ مَحلولُ النِطاقَينِ دالحٌ
مُلِثٌّ يَظَلُّ الجَأبُ في عُنفُوانِهِ / عَلى النَّشزِ وَهوَ السَّحسَحُ المُتَمايِحُ
كَمُستَرعِفٍ أَحذى وَدَنَّحَ بَعدَما / غَدا طَلقاً وَاِستَبدَهَتهُ المَطاوِحُ
وَتُمسي الرِّعانُ القُودُ فيهِ كَأَنَّها / يَعاليلُ في آذيِّ بَحرٍ طَوافِحُ
لِتَروي مَغانيكَ الَّتي لَم تَزَل بِها / عَلَينا مِن النَعماءِ غادٍ وَرائِحُ
وَقائِلَةٍ شِبهَ المَلامِ وَراعَها / بَياضُ مَشيبٍ جَلَّلتهُ المَسائِحُ
أَبَعدَ اِشتِعالِ الرَّأسِ شَيباً تَعَرُّضٌ / لِوَصلِ الحِسانِ البيضِ أَم أَنتَ مازِحُ
فَقُلتُ أَلَيسَ الصُبحُ أَحسَنَ مَنظَراً / وَأَبهى مِن الظَلماءِ وَاللَيلُ جانِحُ
فَمالَت لِهَزلِ القَولِ ثُمَّ تَضاحَكَت / وَقالَت لِهَذا فَلتَنُحكَ النَوائِحُ
إِذا كانَ شَيبُ الرَأسِ مِمّا يَزينُهُ / فَيا حُسنَ ثَغرٍ سَوَّدَتهُ القَوادِحُ
وَما شِبتُ مِن سِنٍّ مَضَت بَل أَشابَني / صُروفُ اللَيالي وَالخُطوبُ الفَوادِحُ
لِعِشرينَ لاحَ الشَّيبُ فِيَّ وَأَوجَفَت / عَلَيَّ خُيولُ المُرزِئاتِ الضَوابِحُ
وَلاقَيتُ في أَبناءِ عَمّي وَمعشري / ذآليلَ لا يَرقى إِلَيها المُجالِحُ
وَكَم صاحِبٍ وارَيتُ في الكَشحِ وُدَّهُ / تَبَيَّنَ لي مِنهُ عَدُوٌّ مُكاشِحُ
جَزى اللَّهُ إِخوانَ اللَّيالي مَلامَةً / وَحاسَبَها حُسبانَ مَن لا يُسامِحُ
وَعاقبَ دَهراً كُلَّما قُلتُ يَرعَوِي / نَزى وَرمَتني مِنهُ رُوقٌ نَواطِحُ
خَليلَيَّ ما آضَ اِعتِزامي وَلا نضا / غَرامي وَلا ضاقَت عَلَيَّ المَنادِحُ
وَلا فَلَّ صَبري ما لَقيتُ وَإِنَّني / لَأَلوي عَلى اللّأواءِ جَلدٌ مُكافِحُ
وَلَكِنَّ إِنفاقي عَلى الصَبرِ ما بَقي / مِنَ العُمرِ خُسرانٌ بِهِ الغبنُ لائِحُ
فَقوما ففي عُرضِ البَسيطَةِ مُنتَأىً / ومُتَّدَعٌ عَن مَوضِعِ الذُلِّ نازِحُ
فَللحُرِّ عَن دارِ الهَوانِ مَراغِمٌ / وَذو سَفهٍ إِن شُجَّ بِالدارِ آنِحُ
وَما كُلُّ دارٍ شِمتُها دارُ شِقوَةٍ / يباكِرُ مَن فيها الأَذى وَيُراوِحُ
وَفي تَعَبِ الأَعضاءِ لِلقلبِ راحَةٌ / وَلا تَصلُحُ الأَعضاءُ وَالقَلبُ رازِحُ
فَإِن غاضَ في أَرضي الوَفاءُ وَقُطِّعَت / أَواصِرُ ذي القُربى وَعزَّ المُناصِحُ
فَفي شاطِئِ الزَوراءِ نُصحٌ يَمُدُّهُ / وَفاءٌ تَهاداهُ العُقودُ الصَحائِحُ
وَعَدلٌ تَساوى فيهِ سامٌ وَيافِثٌ / يَقومُ بِهِ نُورٌ مِنَ الحَقِّ واضِحُ
إِمامُ هُدىً بَطحاءُ مَكَّةَ مَولِدٌ / لآبائِهِ الشُمِّ الذُرى لا البَطائِحُ
فَتىً حَلَّ مِن عَليا لُؤَيِّ بن غالِبٍ / مَحلّاً بِهِ لا يَعلَقُ الطَرف لامِحُ
مِنَ النَفَرِ الغُرِّ الأُلى عُرِفَت لَهُم / خِفافُ المَذاكي وَالحُلومُ الرَواجِحُ
هُمُ الناسُ لا مُستَنبِطُ الخَيرِ خاسِرٌ / لَدَيهِم وَلا مُستَنبِطُ الشَرِّ رابِحُ
بِتَقديمهِم جاءَ الكِتابُ وَلَم يَكُن / يِجيءُ بِما لا تَقتَضيهِ المَصالِحُ
وَحَسبُكَ عِلمُ اللَّهِ فيهم فَإِنَّهُ / دَليلٌ على ما يَدَّعي الخَصمُ واضِحُ
أَبوهم بِهِ اِستَسقَت قُرَيشٌ فَجادَها / حَياً فَهَفَت بِالسَيلِ مِنهُ الأباطِحُ
وَيَومَ حُنَينٍ أَسلَمَتهُ وَأَمعَنَت / فِراراً عَنِ المُختارِ وَالمَوتُ كالِحُ
فَطاعَنَ بِالخَطّيِّ إِذ لا مُطاعِنٌ / وَكافحَ بِالهِندِيِّ إِذ لا مُكافِحُ
وَمَن يَكُنِ العَبّاسُ أَصلاً لِفَرعِهِ / فَما فَرعُهُ غشٌّ وَلا الظِلُّ ماصِحُ
لَنا فيهِ شِركٌ يا رَبيعَةُ وافِرٌ / بِضَحيانِنا نَسمُو بِهِ وَنُناضِحُ
وَما عامِرُ الضَحيانُ حينَ تَعُدُّهُ / رَبيعَةُ إِلّا كَبشُها إِذ تُناطِحُ
يَقولونَ لي هَلّا اِمتَدَحتَ مَعاشِراً / لَهُم أَوجُهٌ غُرٌّ وَأَيدٍ مَوائِحُ
فَقُلتُ وَقَد فاضَت مِنَ العَينِ عَبرَتي / ذَروني فَلي طَرفٌ عَنِ الناسِ طامِحُ
فَلولا أَميرُ المُؤمِنينَ وَذِكرُهُ / لَما قَطَعَت بي البِيدَ هُوجٌ مَشانِحُ
وَلا خُضتُ أَمواجَ البِحارِ كَأَنَّها / جِبالٌ تَرامى بِي جَنوبٌ وَبارِحُ
هُوَ البَحرُ وَالنّاسُ الَّذينَ تَرونَهُم / سَواقٍ طَمَت مِن فَيضِهِ وَهوَ طافِحُ
يَجودُ ذوو الإِفضالِ مِن فَيضِ جُودِهِ / فَيَعلو لَهُم شَأنٌ وَيَكثُرُ مادِحُ
أَأَترُكُ مَدَّ النِّيلِ فاضَ وَأَبتَغي / فَراشاً تُعَفّي ماءَهُنَّ البَوارِحُ
وَإِنَّ اِمرءاً شَطُّ الفُراتِ تِجاهَهُ / وَيَطلُبُ أَمواهَ الرَكايا لَقامِحُ
وَإِنّيَ إِن أَسدَيتُ مَدحاً لِغَيرِهِ / جَديرٌ بِأَن تَنسَدَّ عَنّي المَناجِحُ
هُوَ الناصِرُ بنُ المُستَضيء وَقِدحُهُ ال / مُعَلّى وَما في عُودِهِ الصُلبِ قادِحُ
سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ / وَأَكرَمُ مَن ضَمَّت مِنىً وَالأَباطِحُ
مُحَيّاهُ صُبحٌ لِلهُدى وَبَنانُهُ / بِحارٌ غِزارٌ للِنّدى لا ضَخاضخُ
إِذا الشَتوَةُ الشَهباءُ هَبَّت رياحُها / بِلَيلٍ وَلَذَّت بِالأَكُفِّ الوَحاوِحُ
وَأَلقَت عَقامٌ بَركَها وَتَتابَعَت / حُسوماً عَلى المالِ السِّنونُ الجَوائِحُ
وَأَضحى بِها المَجدوحُ قوتاً وَأَصبَحَت / سَواءً عَلى الضَيفِ القِرى والقَوارِحُ
وَلَم يَبقَ يَلقَ الطارِقينَ بِوَجهِهِ / مِنَ الضُرِّ إِلّا مُقدَحرٌّ مُكاوِحُ
فَثَمَّ لِمُمتاحي النَّدى بِفنائِهِ / مَراحٌ إِلى آمالِهِم وَمَسارِحُ
صَفوحٌ عَن الجاني فَإِن لَجَّ لَم يَكُن / بِأَسرَعَ مِمّا تَعتَليهِ الصَفائِحُ
إِمامَتهُ الحَقُّ اليَقينُ وَغَيرُها / إِذا ما اِستُبينَت تُرَّهاتٌ صَحاصِحُ
خَليفَةُ صِدقٍ مِن سُلالَةِ مَعشَرٍ / نَجا بِهِمُ نوحٌ وَهودٌ وَصالِحُ
تُرى زُمَرُ الأَملاكِ وَسطَ بُيوتِهِم / تُحيّيهمُ حيناً وَحيناً تُصافِحُ
وَمَهبِطُ وَحيِ اللَهِ فيهم وَرُسلُهُ / غَوادٍ عَلَيهم ما بَقوا وَرَوائِحُ
إِلَيكَ رَمت بي عَزمَةٌ لَم أَجد لَها / سِواكَ وَهَمٌّ لَم تَسَعهُ الجَوانِحُ
وَمَن كُنتَ يا اِبنَ المُستَضِيءِ مآلَهُ / رَجاهُ وَحاشاهُ مُحِبٌّ وَكاشِحُ
فَعِش وَاِبقَ لِلإِسلامِ ما ذَرَّ شارِقٌ / وَما سَجَعَت بِالبانِ وُرقٌ صَوادِحُ