القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 12
الروح أشْقَتني وجُلَّ صَحابتي
الروح أشْقَتني وجُلَّ صَحابتي / ما أشقتِ الشعراءِ إّلا الروحُ
توسي الجروحُ وليس يوسي شاعرٌ / بصميم إحساساته مجروح
في القلب من أثرِ الهُموم ووَسْمِها / سِمةٌ على النَّفَسِ الحزينِ تلوح
فَنِيَتْ قوافٍ ما قرحن وإنما / خلدت بذكرى " ذى القروح " قروح
ولَكَمْ طَرِبتُ فما أجَدتُ وحسبكم / أني أُجيد الشعر حين أنوح
أما التباريحُ الحِرارُ فإنها / للنَفْس مما تشتكي ترويح
يا موطناً عَزّت به " خرطوشةٌ " / ذُلاًّ وهانَ دمٌ له مسفوح
لولا اتقاءُ رواصدٍ مبثوثةٍ / هتكتْ مُتونَ المجملات شروح
ولقد يَحسُ الشاعرون بأنهم / عبءٌ على أوطانِهِم مطروح
أحِنُّ إلى شَبَحٍ يَلْمَحُ
أحِنُّ إلى شَبَحٍ يَلْمَحُ / بِعينَيَّ أطيافُه تَمْرَحُ
أرى الشَّمْسَ تُشْرِقُ من وجهِهِ / وما بينَ أثوابِه تجنح
رضيِّ السّماتِ كأنَّ الضَّمير / على وَجْهِهِ ألِقاً يَطْفَح
كأنَّ العبيرَ بأردانهِ / على كلِّ " خاطرةٍ " يَنْفح
كأنَّ بريقَ المُنى والهنا / بعينيهِ عن كوكبٍ يقدح
كأنَّ غديراً فُويقَ الجبينِ عن / ثقةٍ في " غدٍ" يَنْضَح
كأنَّ الغُضونَ على وَجْنَتيهِ / يكنُّ بها نغمٌّ مُفرِح
كأنَّ بهامتهِ منْبعَاً / من النُور أو جمرةً تجدح
كأنَّ " فَنَاراً " على " كاهل " / يُنارُ بهِ عالَمٌ أفسح
وآخَرَ شُدَّتْ عليه يدٌ / فلا يَسْتَبينُ ! و لا تُفْتَح !
أحنُّ إليهِ بليغَ الصُمُوت / معانيهِ عَنْ نَفْسِها تُفْصِح
تَفايَضَ منهُ كموجِ الخِضمِّ / أو لحنِ ساجعةٍ تصدَح
جَمالٌ . وليسَ كهذا الجمال ! / بما بهرَجَتْ زِينةٌ يُصْلَح
كأنَّ الدُّهورَ بأطماحِها / إلى خِلقةٍ مِثْلِهِ تَطْمَح
كأنَّ الأمورَ بمقياسهِ / تُقاسُ فتؤخذُ أو تُطرح
كأنَّ الوجوهَ على ضَوئهِ / نلوحُ فتَحْسُنُ أو تَقبح
يُداعِبُني إذ تَجِدُّ الخُطوبَ / فأمْزَحُ منها كما يَمْزَح
يُشَدُّ جَناني بعَزْماتهِ / ودمعي بِبَسْماتهِ يُمْسَح
ويُبْرِدُ نَفسي بأنفاسهِ / إذا لَفَّني عاصفٌ يَلْفَح
ويَطْرقُني كلَّما راودَتْ / ضميريَ فاحشةٌ ترشَح
وكِدْتُ أُطاحُ بإِغرائِها / فأحْدو ركائبَ مَنْ طُوِّحوا
فيمشي إليَّ وثِقْلُ الشُكوك / مُنيخٌ على النَفْسِ لا يَبْرَح
وقد أوشكَ الصَّبرُ أنْ يلتوي / ويَكسِرَهُ المُبْهِضُ المُتْرِح
وحينَ تكادُ شِغافُ الفؤاد / بِسِكّينِ مُطْمِعةٍ تُجْرَح
وإذْ يُركِبُ النَفْسَ حَدَّ الرَّدى / عِنانٌ من الشرِّ لا تُكبَح
وإذْ يعْصُرُ القلبَ حُبُّ الحياة! / وكأبوسُ حِرمانها المُفْدِح
فيرفعُ وجهي إلى وَجهِه / ويقرأُ فيه ويَسْتَوضِح
فأرجفُ رُعباً كأنَّ الحشا / تَخَطَّفَهُ أجدَلٌ أجدَح
وأفْهَمُ مِنْ نظرةٍ أنَّني / لشرٍّ فكَرْتُ بهِ أصْلُح !!
وأنَّ الضَّميرَ بغيٌّ يجيء / لها " الَّليلُ " ما " الصُّبْحُ " يَستقبِح
وأنْ ليسَ ذلكَ مِنْ دَيْدَنٍ / لِمَنْ هَمّهُ عالَمٌ أصْلَح
فأنهالُ لثماً على كفّهِ / وأسألُ عفواً وأسْتَصْفِح
أحِنُّ له : وكأنَّ الحياةَ / خضراءَ مِنْ دونه صَحْصَح
أحِنُّ له : وأحبُّ الكَرَى / لسانحةٍ منهُ قد تَسْنَح
أحِنُّ له : ليسَ يَقْوَى النَّعيمُ / وكُلُّ لذاذاتهِ مُرْبِح
ولا كلُّ ما نَهَزَ الناهِزون / من المُمتِعاتِ وما استَنْزَحوا
ولا كلُّ ما أمَّلَ الآمِلون / ولا مُخْفِقٌ منهُ أو مُنْجَح
لِتَعْدلَ مِنْ ثَغْرهِ بسمةً / بها نَسْمةُ الخْلدِ تُسْتَرْوَح
فيا ليتني بعضُ أنفاسهِ / لأمْنَحَ مِنْهُنَّ ما يُمْنَح
ويا ليتني " ذرّةٌ " عندَه / لأسْبَحَ في فَلَكٍ يَسْبَح
أحنُّ إلى شبحٍ يلمحُ / بعيَنَّي أطيافُه تَمْرَح
إن يكنْ أُغْلِقَ يومٌ
إن يكنْ أُغْلِقَ يومٌ / لك فارجُ الانفِتاحْ
مثلما تنقبض الوردةُ / بعدَ الإنْشراح
فيُحيّها الصِّبا الطَّلقُ / وأنفاسُ الصباح
على مجلِسي مادمت حياً أخطُّها
على مجلِسي مادمت حياً أخطُّها / وفي مرقدي ان مِتُّ خطواُّ نصائحي
فهل غيرَ أن أقضي وعندي بَثّةٌ / نعم سوفَ اشكوها لأهل الضرائحِ
بعين الهوى لي بالفراتين وَقفة / أهاجَت كمينَ الشوقِ بين الجوانح
وقد خَفَت الليل البَهيمُ فما به / سوى هاجساتِ الفكرِ لي من مَطارح
أأبهَجُ من هذا جمالاً ومنظراً / فما بالُها سَدَّت علىّ قرائحي
اتعِرفُ امواجَ الفُراتين مُهجتي / اذا استنشدُوها عن قلُوبٍ طوائح
ابحتُ لكِ الشَكوى فهل تسمعينها / والا فبَعدَ اليوم لستُ ببائح
أقمنا بجوٍّ كلُّ ما عند أهله / مجالسُ ألهاها صفير المدائح
ألا هل يعودُ الشعر فينا كأنه / من الظهر يملى عن غيُوث رواشِح
فأحسنُ مما رَدَّدَت نبراتكم / من الكلم العاري غناءَ المراسِح !
قطعتُ ولم يبلغ بيَ العمرُ شوطه / من الشعر أشواطاً بِعادَ المطارح
فقل لسنَيحٍ الطير إن لم تتَرُق له / أهازيجُ شعرٍ أين عنه " سوانحي "
قلى لك يا عصر الشبيبة والصبا
قلى لك يا عصر الشبيبة والصبا / فإنك مغدى للأسى ومراح
صحبتك مر العيش لا الروض يانع / لدىَّ ولا الماء القراح قراح
تفيأت أطلال التصابي وإنما / نصيبي منها حسرة وبراح
حشى أفسحت فيه المنى خطواتها / فضاقت به الأرجاء وهي فساح
يقولون : محصوص الجناح هفت به / هموم وماذا يستطيع جناح
على رسلكم إن الليالي قصيرة / وما هي ألا غدوة ورواح
أأحبابنا ماذا التغير لا الهوى / بصاف ولا تلك الوجوه صباح
تحولتم عن ركب الحب واستوى / مشوب وداد عندكم وصراح
إلى م انخداعي بالمنى وهي غرة / وتركي فيها الجدَّ وهو مزاح
هموم ترى في كل حين بمظهر / سواء هديل شائق ونواح
أغاض دموعي أنهن كرائم / وأن النفوس الآبيات شحاح
وما أعربت خرس الأراك بلحنها / عن الحب إلا كي يقال فصاح
لأهل الهوى ياليل فيك سرائر / عجاب وغدر ان ينمَّ صباح
رأوا فيك مخضر الأماني فعرسّوا / بجنحك ا شاء الغرام وناحوا
نغض لمرآك الجفون وإنما / عيون الدراري في دجاك وقاح
خروق نجوم في سماء تلاوحت / كما لاح في جسم الطعين جراح
ومرضى قلوب من وعود وخلفه / ولم تهو يوماً أنهن صحاح
براها الأسى حتى استطار شرارها / فرفقاً. فما هذي النفوس قداح
خُذي مَسعاكِ مُثَخنةَ الجِراحِ
خُذي مَسعاكِ مُثَخنةَ الجِراحِ / ونامي فوقَ داميةِ الصِفاحِ
ومُدِّي بالمماتِ إلى حياةٍ / تسَرُّ وبالعَناءِ إلى ارتياح
وقَرّي فوقَ جَمرِكِ أو تُرَدِّي / من العُقبى إلى أمرٍ صُراح
وقُولي قد صَبْرتُ على اغتباقٍ / فماذا لو صَبرتُ على اصِطباح
فانَّ أمرَّ ما أدْمَى كِفاحاً / طُعونُ الخائِفينَ مِن النجاح
فكُوني في سماحِكِ بالضحايا / كعهدكِ في سماحِكِ بالأضاحي
فان الحقَّ يقطُرُ جانباه / دَماً صِنوُ المُروُءةِ والسماح
وتأريخُ الشُعوبِ إذا تَبَنّى / دمَ الأحرارِ لا يمحوهُ ماحي
فِلَسْطينٌ سَلامُ اللهِ يَسري / على تلك المشارِفِ والبطاح
رأيتُكِ مِن خِلال الفَجرِ يُلقي / على خُضْر الرُّبى أحلى وِشاح
أطَلَّ النَسرُ مُنتصِباً عليهِ / فهبَّ الديكُ يُنذِرُ بالصياح
يؤوبُ الليلُ منه إلى جَناحٍ / وتبدو الشمسُ منه على جَناح
وعَينُ الفجرِ تَذري الدمعَ طَلاًّ / وتَمسَحُه بمنديل الصباح
وأنفاسُ المُروج معطَّراتٌ / بأنفاسِ الرُعاة إلى المَراح
لَمستُ الوحيَ في لْحنِ المثاني / وشِمتُ الحُزنَ في وقْعِ المساحي
وغَنَّى " أُورْشَلَيمَ " يُعيدُ لحناً / لداود هَزارٌ بالصُّداح
وحولي مِن شبابِكِ أيُّ روضٍ / ينُمُّ حَديثُه بشذا الأقاح
وألطافٍ كأنفُسهم عِذابٍ / وأسمارٍ كأوجُهِهمْ صِباح
سلاماً للعُكُوفِ على التياحي / وشوقاً للظِماء إلى ارتياحي
وحُزناً أنْ يجُرَّ الدهرُ حُزناً / على تلك الغَطارفةِ الوضاح
أأمَّ القُدْسِ والتأريخُ دامٍ / ويومُكِ مثلُ أمسِكِ في الكفاح
ومَُهدُكِ وهو مهبِطُ كُلِّ وحيٍ / كنعشكِ وهو مُشتَجرُ الرِماح
و " وادي التِيَهِ " إنْ لم يأوِ " موسى " / فقد آوى الصليب على " صلاح "
وذكرى " بختَ نُصَّر " في الفيافي / يُجَدَّدُها " أِلنْبي " في الضواحي
فلا تَتَخبَّطى فالليلُ داجٍ / وإنْ لم يَبْقَ بُدٌّ مِن صباح
شَدَدْتِ عُرى نِطاقِكِ فاستمِري / ولا يثقُلْ عليكِ فتُستباحي
ولا تُغْنَيْ بِنا إنّا بُكاةٌ / نَمُدُّكِ بالعويل وبالصياح
ولا تُغْنَيْ بِنا فالفِعلُ جَوٌّ / مَغِيْمٌ عِندَنا والقولُ صاح
ولن تَجدي كإيانا نصيراً / يَدُقُّ من الأسى راحاً براح
ولا قوماً يَرُدُّون الدّواهي / وقد خَرِسَتْ بألسْنةٍ فِصاح
أعِيْْذُكِ مِن مَصيرٍ نحنُ فيه / لقد عُوِّذتِ مِن أَجَلٍ مُتاح
ووضعٍ أمسِ كُلُهمُ لواهٍ / به واليوم كلُهم لواحي
تَنَصَّلَ منه زُوراً صانِعوهُ / كمولودٍ تحدَّرَ مِن سِفاح
وذمُّوا أنَّهم كانوا عُكوفاً / عليهِ في الغُدُوِّ وفي الرواح
وتأريخٍ أُريدَ لنا ارتجالاً / فآبَ كما أريدَ إلى افتضاح
شَحَنَّا دفَتيهِ بمُغمَضاتٍ / " كأحداقِ المها مرضى صحاح "
وغَلَّفْنا مظاهرهُ حِساناً / مزخرفةً على صُوَرٍ قِباح
وسُقْنا الناسَ مُكْرهةً عليه / على يد ِ ناعمينَ به وَقاح
ونَصَّبْنا مرَوِّضةً غِلاظاً / على ما في الطبائِعِ منْ جِماح
وأحْلَلْناه وهو ضريحُ شعبٍ / محلَّ الوَحْيِ جاءَ من الضُّراح
نجرَّعُهُ ذُعافاً ثم نُضفي / عليهِ محاسِنَ الشَّبِم القَراح
ورُبَّةَ " صَفْقَةٍ " عُقِدَت فكانت / كتحريم الطلاقِ على نِكاح
تُدبَّرُ في العواصِم من مُرِيْبِ / خبيثِ الذكر مَطعونِ النواحي
تفوحُ الخمر منها في اختْتامٍ / ويبدُو منها في افْتتاح
ويُسْفِرُ نَصُّها المُسوَدّ خِزياً / ومَظلمةً عن الغِيد المِلاح
و" تصريحٍ " يُمِطّطه قويّ / كَلَوْحِ الطّينِ يدحوه داحي
و " حلفٍ " لستُ أدري مِن ذُهولٍ / أعن جِدٍّ يُدَبَّرُ أم مِزاح
لنا حقٌ يُرجَّى بالتماسٍ / وباطِلُهمْ يُنفَّذُّ بالسلاح
ولستُ بعارِفٍ أبداً حَليفاَ / يهدِّدُه حليفٌ باكتساح
فلسطينُ تَوَّقيْ أنْ تكوني / كما كُنَّا بمَدرجَةِ الرياح
وأنْ تضَعي أمورَكِ في نِصابٍ / يوَّفُر او يُّطَفَّفُ باجتراح
وهابِي أن تُمدَّ إليكِ مِنَّا / يدُ المتضارِبين على القِداح
فكم هاوٍ أَجَدَّ لنا جُروحاً / بدعوى أنَّه آسي جراح
وأُصدِقُكِ الحديثَ فكم " حُلولٍ " / حرامٍ لُحْنَ في زِيٍّ مُباح
"نُطَوِّفُ ما نُطَوِّفُ ثُم نأوي / الى بيتٍ " أُقيمَ على " اقتراح "
يُخرِجُ ألفَ وجه مِنْ حديثٍ / ويَخْلُقُ ألْفَ معنىً لاصطلاح
أُعِدَّ لك النَّهَجُ الواضحُ
أُعِدَّ لك النَّهَجُ الواضحُ / فسِر لا هفا طيرُك السانحُ
وحيّاك ربك من ناصح / اذا عزّنا المشفقُ الناصح
يحدث عنك بطيب الهُبوب / نسيمٌ له عبَقٌ نافح
فكل مكان ربيع يروق / وكل تراب شذىً فائح
سلام الاله على طالعٍ / يَحارُ بطلعته المادح
مَهِيب يرُدُّ سناه العيون / وان أُجْهد النظرُ الطامح
مليكَ العراق وكم جمرةٍ / يَضيق بأمثالها القادح
ينوح المغرد شجواً فلا / يَغُرَّنْكَ إن غرّد النائح
أبُثُّك أن الفؤاد الرقيقَ / يُمِضُّ به الحادث الفادح
الا لا يُقَلْ وحُبِيتَ الحياةَ / وريدُك أنت له ذابح
وإنك مستبدِل باليسَار / يميناً لها الشرف الراحج
وانك خودعتَ عن نية / فؤادُ الحسود بها طافح
فقد سار بين حُداة الركاب / حديثٌ يرِق له الكاشح
تنُمَّ الشَمال به للجَنوب / ويُنبي به الغاديَ الرائح
وحاشاك حاشاك كيف استُخِفَّ / لما بلَّغوا حِلْمُك الراجح
بودي لو مجمَلاتُ الحديث / تباح لينشُرَها شارح
لتعلمَ كيف خبايا الصُّدور / ومن هو في غيبهِ جارح
لئن سرهم أننا عزَّلٌ / فقد أخطأ المقتلَ الرامح
وفيمن تصول لرد الصَّيال / يمينٌ لها عَضُدٌ طائح
تذكَّرْ لعل ادكارَ العُهود / يُراح به نَفَسٌ رازح
غداةَ استضّمك في " كربلاء " / وإياهم المجلسُ الفاسح
هُمُ ألْقحوا الأمر حتى إذا / تَمخَّض لم يَجْنِه اللاقح
فيا جَبرَ اللهُ ذاك الكسير / ويا خَسِرَ الصفقةَ الرابح
ووالله لا الوِرْدُ عذبُ النمير / ولا العيشُ من بعدِهِمْ صالح
وأقسمُ لولا أمانٍ يُراض / بتعليلهن الحشا الجامح
لبِتنا وكلٌّ له شاغل / وكلٌّ على قربه نازح
ولولا قدومُك كان " الغري " / لفقدهم وجهُهُ كالح
وإنا لنأمُلُ نصرَ اللُّيوث / وأن يُلْقَمَ الحجرَ النابح
ودام مَقامك للوافدين / كالركن ما مِسِحِ الماسح
برِمْتُ بريَعانِ هذا الشبابِ
برِمْتُ بريَعانِ هذا الشبابِ / تخارَسَ في الفجرِ صدّاحُهُ
وجاء خِضَمَّ الحياةِ الرهيب / وكفَّ عن الجدفِ ملاَّحه
برمتُ فليتَ الرد ى عاصفٌ / بهذا الشباب فيجتاحه
أموتُ وجهدُ الحياةِ اللذيذ / تطوفُ بعينيَّ أشباحه
تُهدهِدُ روحيَ أمساؤه / وتُنعشُ نفسيَ أصباحه
أموتُ وبي ظمأ للشَّجا / تهُبُّ فتعصِفُ أرياحه
فماليْ وللعيشِ لا تُستثارُ / بنار التحرُّقِ أطماحه
وماليْ وللموتِ إن لم ترِفَّ / عليَّ من الحُزن أفراحه
سيُطربُني وقعُ زحفِ السنين / بسرِّ الحياةِ وعُمقِ القِدَمْ
وتفتحُ عينيَّ سُودُ الدياجي / يُنوِّر منها بريقُ الألم
ستُلهِبُني عاصفاتُ الرِّياح / فقد ملَّ سمعي وئيدَ النَّسم
أرى الموتَ نبعَ الحياةِ الجميلَ / إذا خَضَبته الليالي بدم
وعن وهَج الكأس كأسِ الوجود / تُترجِمُ عيناي سرَّ العدم
ألذُّ عناقَ ظِلالِ الحياةِ / تخالَطَ فيها سرورٌ بهم !
ولا أعرِفُ النومَ حتى ترِفَّ / على جانبيهِ نُسورُ الحُلُم
يُصافِقُ منها الجناحُ الجناحَ / وتُوشِكُ من زحمةٍ ترتَطِم
ولم أدر ما يقظةٌ لا تُثارُ / عواصفُها برهيب النَّغم !
خذوا كبدي قبل الفراق فإنها
خذوا كبدي قبل الفراق فإنها / معودة ألاّ تَقَرَّ على النَّزْحِ
ومن نسمات الصبح روحٌ جديدة / بعثتم بها لي قبل منَبلجِ الصبح
يذكرِّني علياكُمُ رونقُ الضحى / اذا ارتفعت شمس النهار على رمح
ونُبّئتُ أن البعد زنادكُم / فلم تعِرفوا غير الوقيعة في قدحي
هلموا انظروا قلبي فان صفاءه / يبين الذي خلَّفتمُ فيه من قَرح
محضتُ لكم رشح الوداد كعادتي / ولم تعرفوا لي غير مختلط الرشح
لئن سركم أني الى العيش كادح / لقد ساءني أني لغير العلى كدحي
فما عرفت كفي التسول للغني / ولا صافحت كفاً تُمَدُّ الى المنح
وانيَّ مذ فارقتكم ْ كان لي غنى / وشغل عن المال المجمع بالطرح
أُعيذكُمُ من كذبتين فلم يكن / ليصْدقَ في الذم المصدَّق في المدح
ونَفسٍ لاقتِ الصدماتِ عزلى
ونَفسٍ لاقتِ الصدماتِ عزلى / وكانت وهي شاكيةُ السلاحِ
وقد كانتْ سباخاً فاستثيرت / وفلَّ صميمَها وقعُ المساحي
وأفراحٍ شحيحاتٍ أديفت / بأتراحٍ جُبِلْنَ على السَّماح
أأقرَبُ ما أكونُ إلى انقباض / وأبعَدُ ما أكون عن انشراح
وَشتَّان اقتراحات الليالي / وما تَبغيه مني واقتراحي
فليتَ حوادثأً ما رفَّهَتْ لي / نطاقَ العيشِ لم تحصُصْ جناحي
وليتَ مخابراً قَبُحَت دَهَتني / مجرَّدةً عن الصُورِ القِباح
إلى ألَمٍ وعن أَلَمٍ مسيري / فما أدري غُدويَّ من رَواحي
وما أختارُ ناحيةً لأنّي / رَماني الدهرُ من كل النواحي
وملء القلبِ إذ حبست لِساني / ظروفٌ مغرماتٌ باجتياحي
جراحٌ لم تَفِضْ فملئن قَيحاً / وبعضُ الشر لو فاضت جِراحي
رأيتُ معاشرَ الشعراء قبلي / تعدُّ الخمر مَجلبةَ ارتياح
وقد أُغرِقْتُ في الأحزان حتى / سئمتُ مَنادمي وَذَممتُ راحي
وما سكرانُ يقتحِمُ البلايا / كمُقتحِمِ البليةِ وهو صاحي
بعينِ الشعرِ والشعراءِ بيتٌ / هَتَفْتُ به فطارَ مع الرياح
يَهُبُّ مع الصَبا نَفسَاً رقيقاً / ومؤتلقاً يطيرُ مع الصَباح
له من وقعهِ نَسَبٌ صريح / يمتُّ به إلى الماءِ القراح
ولو في غيرِ أوطاني لجالتْ / به نظم القلائد والوِشاح
وقائلةٍ ترى الآدابَ سَفَّت / وقد غطّى النُعابُ على الصُداح
وما نفعُ السكوتِ وقد أُضيعتْ / حقوقُ ذوي الجدارهِ بالصياح:
تقدَّمْ للقوافي واقتَحِمْها / فقد يُرجى التقدُّمُ بالكفاح
أقول لها :دعي زَندي فاني / أخافُ عليك بادرةَ اقتداحي
وكلُّ حقيقةٍ ستَبينُ يوماً / وكل تصنّعٍ فإِلى افتضاح
وما بغدادُ والآدابُ إّلا / كما انتفخت طبولٌ من رياح
تُوفّي الحُرَّ من حقٍ مُضاعٍ / ومن عِرضٍ تمزِّقُه مُباح
ولما أنْ رأيتُ الشعرَ فيها / أداةً للتشاحن والتلاحي
أنرتُ ذُبالَ مسرجتي بكفي / أفتشُ عن أديبٍ في الضواحي
فكان هناك تحتَ ستارِ بُؤسٍ / يجلِّله وفي ثوب اطراح
أقول له : ألا وجهٌ حييٌ / يقيكَ طوارقَ النّوَبِ الوِقاح؟
أما في الحيِّ معترفٌ بفضلٍ / يناشِد عن غدوِّكَ والرواح؟
فقال وأرعشتْ شفتاهُ : دعني / أقابلْ جِدَّ دهرِكَ بالمُزاح
ومثلي ضحَّت الدنيا كِثاراً / فهبني بعضَ هاتيك الأضاحي
السَّلم لا يُجدي بيوم الكفاحْ
السَّلم لا يُجدي بيوم الكفاحْ / فاستقبلِ الأيام شاكي السلاحْ
واغتنمِ العمرَ وساعاتِه / فانها تمر مرَّ الرياح
حسبُك فيما قد بقي عِبرةٌ / لا يَرُح اليومُ اذا الأمسُ راح
آهٍ على الفُرصةِ ضيعتَها / والآن إذ تطلُبها لا تُتاح
بالعزم نِلْ يا شرق ما لم يُنَلْ / فالغرب قد طار بِهذا الجَناح
لا تك مهما اسطعت رِخو الجماح / واستنزلِ الدهرَّ على الإقتراح
يكفيك ما كابدتَ من ذِلّة / الملكُ قد فُرِّق والعرش طاح
هلاّ إلى مَكْرُمةٍ خُطوةٌ / يا شرق يا ذا الخُطُوات الفِساح
يا أمةً أعمالُها طفرةٌ / بُشراك قد انتجت قبل اللِّقاح
سائمةُ الحيِّ اطمأنتْ به / مرعىً خصيبٌ ونميرٌ قراح!
أْلجِد ما تُضمر من طيّةٍ / وكل ما نُعلن عنه مزاح
نُحْتُ وغنَّيتُ ولا مِيزةٌ / قَبْلِيَ كم غنّى هزارٌ وناح
لا غرو أنْ سال قصيدي دماً / فانَّ قلبيْ مثخنٌ بالجِراح
يا ظلمةً قد طبقّتْ موطني / دومي : فشعبي لا يُريد الصّباح
الشؤم قد أوهم أوطاننا / أن ليس يُجدي المرء إلا النِّياح
ما لبلادي فظّةٌ روحُها / بعيدة عن هزةِ الارتياح
من لي بشعبٍ واثقٍ آمنٍ / غُدُوُّهُ لغايةٍ والرَّواح
قد فَوَّضَ الأمرَ لشُبانِهِ / فكُلِّلتْ أعماله بالنجاح
تَوَّجَهُ الوعيُ بألطافه / بِشراً كما تُوِّجَ زهرُ البِطاح
حيّاك ربُّك غادياً أو رائحا
حيّاك ربُّك غادياً أو رائحا / مستسهلاً نَهْجَ الهدايةِ واضحا
أمواجُ دجلةَ والفراتِ تدفَّقا / عَذباً فراتاً عاد بعدك مالحا
أيّامُنا بك كلهن سوانحٌ / ومتى تشأْ – حوشيت – كُنَّ بوارحا
لولاك ما كان العراقُ وأهلُهُ / إلا قطيعاً في فلاةٍ سارحا
سُسْتَ الحوادثَ بالروية جاهداً / وحملتَ أعباءَ الخطوبِ فوادحا
وأذْبتَ نَفْسكَ في رياضةٍ موطنٍ / لولا جهودُك كان صعباً جامحا
لُقيِّتَ أصلَح غايةٍ يامن سعى / للهِ والأوطانِ سعياً صالحا
في ذمة الوطن المفدّى أن تُرى / مُتغِّرباً وعن المواطن نازحا
عَرَفتْك أقطاب السياسةِ ساهراً / بهمومه ولخير شعبك كادحا
"باريسُ " تعرِفُ ثم " لندنُ " موقفاً / خُضْت السياسة فيه لُجاً طافحا
و " التاج" اذ نَقَمت عليه عصابةٌ / قامرتَهُمْ فيهِ فكنت الرابحا
مولايَ ثقْإن الجْوانحَ ثرّةٌ / بولاء عرشِكَ مَا بقينَ جوانحا
سر واثقاً بجهاد شعبٍ طامحٍ / ولقد يسرُّكَ أن تراه طامحا
قل إن أتيتَ من " الحليفة " دارَها / ولقيِتَ شعباً للشعوب مكافحا
" شعبي " وفي كفي نجاحُ مصيره / يرجو ويأملُ أن يرانيَ ناجحا
شعبي يُريد الرافدين لنفسه / لا أن يكونَ " الرافدان " منائحا
يشنا على العذب الفرات منافقاً / ويحب في السم الذعاف " مصارحا"
" كوني " له الخلَّ النصيحَ سريرةً / وَجهارة تجدِيهِ خلا ناصحا
كيما تصانَ مصالحٌ لك عنده / " صوني لابناء العراق مصالحا "
مولايَ : عاطفةُ الأديب وشعرُهُ / كالَّزند يوري إنْ يصادفْ قادحا
عاشت برغم " الظالمين " قريحتي / ولكم أمات " الظالمون "قرائحا
مدح الملوكَ " الشاعرون " وإنما / أفرغتُ " قلبي " للمليك مدائحا
في ظل مغناك الكريم ولطفِه / ابداً أُجيد " خواطراً " و " سوانحا "

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025