القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 8
يا رب ما أعجب هذي البلاد
يا رب ما أعجب هذي البلاد / لا ليلَ فيها كل ليلٍ صباح
وكل وجه في حماها ضِماد / ومصر لا تنبت إلا الجراح
قد نأى عني الذي يرحمُني
قد نأى عني الذي يرحمُني / والذي يفهمُ آلامي وروحي
والذي أعبدُ منه غُرَّةً / كَنَدى الأزهار في الوجهِ الصبيح
والذي أشتَمُّ منه غادياً / عَبقَ الأنداءِ في الوادي الصدوح
آه يا هندُ جِراحي كَثُرَت / فتعالي ضَمّدِي أنتِ جروحي
يا أيها العالي الغفورُ الصفوح
يا أيها العالي الغفورُ الصفوح / هل ترحم القمَّةُ ضَعف السُّفوح
تاجُك في النور غريقٌ وفي / عرشك غَنَّى كل نجمٍ صَدُوح
وأين هاماتُ الربى نُكِّسَت / من هامةٍ فوق مُنيفِ الصُّروح
وأين أوراقٌ خريفيّةٌ / أرجحَهَا الشكُّ فما تستريح
من باسقٍ راسٍ به خضرةٌ / ثابتةُ الرأي على كل ريح
بَرِئتَ من هذى الوِهاد التي / نَغدُو على أنَّاتِها أو نَروح
وأين في مبتسماتِ الذرَى / برقُ الأماني من وميض الجروح
أصِخ لهذي الأرضِ واسمع لما / تشكو لمن غَيرك يوماً تبوح
تطفو على طوفان آلامها / وأين في آلامها فُلكُ نوح
أروَعُ شيءٍ صامتٍ في العُلى / أفصح مُفضٍ بالبيان الصّريح
يُعَيِّرُ الأرض إذا أظلمت / بما على مَفرِقِه من وضوح
هل تسخرُ الحكمةُ ممّا بنا / من نزواتٍ وعنانٍ جَموح
حَمقَى قُصارَى كلِّ غاياتنا / عزمٌ مَهيضٌ وجَناحٌ كسيح
أُعيذُ عدلَ الحقِّ من ظلمنا / فكم على القِيعان نَسرٌ جريح
ونازحٌ من قِمَمٍ في علٍ / أوطانُه كل سَموقٍ طروح
أنت له كلُّ الحِمى المُرتَجى / وكلُّ مَبغاه إليكَ النُّزوح
ما النسرُ إلا راهبٌ في العُلَى / محرابُه وجهُ السماء الصبيح
وقلبُها السَّمحُ فما حَطَّهُ / على الثَّرَى الجَهمِ الدميمِ الشحيح
على الثَّرَى حيثُ تسابيحُه / نوح الحَزَانى ونداءُ القُروح
مبتهلٌ باكٍ بدمع الأسى / على الليالي وسقيمٌ طريح
ما أتعس الأرضَ بعُبَّادها / تُبهِجُ من أخلاطِهم ما تُبيح
قد أنكرَ الهيكلُ زُوَّارَه / وأصبح الديرُ غريبَ المُسوح
لم يعرف الجسمُ خلاصاً به / من كُدرَةِ الطين ولم تَنجُ روح
يا سيِّدَ القمَّةِ أَنصِت لنا / لا يعرفُ الإِشفاقَ قلبٌ مُشيح
وانظر إلى السِّكِّين في ساحةٍ / قد زمجرت فيها دماء الذَّبيح
واسكب نَدَى الحبِّ بأفواهِنا / كم من بَكِيٍّ وظَمِيٍّ طليح
فربما يُشرقُ بعد الضَّنى / وجهٌ مليح وزمانٌ مليح
في أي روضٍ من رياضك أمرح
في أي روضٍ من رياضك أمرح / وبأيّ آلاءٍ لَدَيكِ أُسَبِّح
ثمرٌ على ثمرٍ وإن المُجتني / ليحار من عذب الجنى ما يطرح
بالشعر أم بالمقلتين معلَّقٌ / من ناظري وخواطري لا يبرح
تلك المحاسن في نُهاي جميعها / رفّافةٌ ومغرّداتٌ صُدَّحُ
فإذا غفوتُ فإِنني أُمسي بها / وعلى مغانيها الفواتن أُصبح
فيم الغدوّ غداً وأين رواحي
فيم الغدوّ غداً وأين رواحي / ويح الصباح لقد مضى بصباحي
عصفت علينا غير راحمة لنا / يا صفوة الأحباب أيّ رياح
عبثت بمعبود العيون وصيَّرت / كالورس لوناً توأم التفاح
ذهبوا به كالورد جافاه الندى / ومضوا به شبحاً من الأشباح
يا هاتفاً باسمي فديت منادياً / ردّ النداء عليه حرّ نواحي
يا آسي الآسي لممت جراحتي / وأسلت يوم نواك أيّ جراح
طأطأتُ للبين المشتت هامتي / وخفضت للقدر المغير جناحي
أيّ الليالي العاتيات سهرتها / في أيّ آلام وأيُّ كفاح
هدم الضنى العادي قويّ شكيمتي / وثنى معاندتي وردّ جماحي
وطغى على الملك الموسد بيننا / في لطف زنبقة وضعف أقاح
كيف المآب إلى مكان موحشٍ / متجهم العرصات قفر الساح
في كل ناحيةٍ خيالٌ هاتفٌ / ومذكر بجبينك الوضاح
وموسد كالطيف صاحٍ ليله / أمسيت أرعاه بجفنٍ صاح
عاد الشقي إلى قديم شقائه / ومحا من الدنيا السعادة ماحي
ويح الحياة اليوم أين جمالها / وعلامَ إخفاقي بها ونجاحي
أنت الذي وهب الحياة لميت / في الأرض منفرد بغير طماح
أشرقت في ظلمائها وغمامها / وطلعت مثل البارق اللماح
عجباً لقلبٍ هيض منكَ جناحُهُ
عجباً لقلبٍ هيض منكَ جناحُهُ / وجرى به نصلُ الندامة يذبحُ
ومضى الحمامُ يدبُّ فيه فإن جرت / ذكراك طار إليك وهو مجنَّح
لهفي على الناقوس بين جوانحي / وعلى بقية هيكل لا تصلح
لا فرق بين أنينه ورنينه / وصداه في وادي المنية أوضح
يا قلب صهباء الهوى وبساطه / وكؤوسه المتجاوبات الصُّدَّح
وقفٌ على متنقلين على الهوى / يبغون من لذّاته ما يسنح
متبدِّلين موائداً وأحبةً / ما خاب من حب فآخر يفلح
فالحبُّ آسيه وراء عليله / فيهم وبلسمه على ما يجرح
يا قلبُ ويح ثباتنا ماذا جنى / أترى شعاعاً في البقية يُلمح
يا أيها الحبُّ المقدَّسُ هيكلاً / ذاق الردى من عابديك مسبح
كثرت ضحاياه وطال قيامه / وصيامه فمتى رضاءَك تمنح
يا دوحة الأرواح يُحمد عندها / فيءٌ ويعبد زهرها المتفتح
أينال ظلك والرعايةَ عابثٌ / بجلالك البادي وآخر يمزح
ويبيت يحرمه قتيل صبابةٍ / قضّى الحياة إلى ظلالك يطمح
ليلى حببتك كالحياة وذقتُ في / ناديك كأساً بالأماني تطفح
فتكسرت قدح المنى ورجعت من / سقم الهوى وهزاله أترنح
نزل الستار على الرواية وانقضت / تلك الفصول وفُضَّ ذاك المسرح
ليلى أَبعدُكِ أم جفاؤكِ أفدحُ
ليلى أَبعدُكِ أم جفاؤكِ أفدحُ / والموتُ فيكِ أم الجنونُ الأربح
عجباً لقلبٍ هيضَ فيك جناحُه / وثوى به نَصلُ الندامةِ يذبحُ
ومضَى الحِمام يدبُّ فيه فإن جَرَت / ذكراكِ طارَ إليكِ وَهوَ مجنَّحُ
لهفي على الناقوسِ بين جوانحي / وعلى بقيةِ هيكلٍ لا تصلحُ
لا فرقَ بين أنينِه ورنينه / وصداه في وادي المنيَّةِ أوضحُ
يا قلبُ صهباءُ الهوى وبساطُه / وكؤوسُه المتجاوباتُ الصُدَّحُ
وقفٌ على متنقلينَ على الهوى / يبغون من لذَّاتِه ما يسنحُ
متبدلينَ موائداً وأحبةً / ما خابَ مِن حبٍّ فآخرُ يفلحُ
فالحب آسيه وراءَ عليله / فيهم وبلسمُه على ما يجرحُ
يا قلبُ ويحَ ثباتِنَا ماذا جنى / أترى شعاعاً في الدجنَّة يُلمَحُ
يا أيها الحبُّ المقدَّسُ هيكلاً / ذاقَ الردى من عابديك مُسَبِّحُ
كثرت ضحاياه وطال قيامُه / وصيامه فمتى رضاءَك تَمنحُ
يا دوحةَ الأرواحِ يُحمَدُ عندها / فيءٌ ويعبد زهرُهَا المتفتحُ
أينالُ ظلَّكِ والرعاية عابثٌ / بجلالكِ البادي وآخرُ يمزحُ
ويبيتُ يُحرَمهُ قتيلُ صبابةٍ / قَضَّى الحياةَ إلى ظلالِكَ يطمحُ
ليلى حببتُكِ كالحياةِ وذقت في / ناديكِ كأساً بالأماني تطفحُ
فتكسرت قدحُ المنى ورجعتُ مِن / سقمِ الهوى وهزالِه أترنَّحُ
نزل الستارُ على الروايةِ وانقضت / تلك الفصولُ وفُضَّ ذاك المسرحُ
فالآنَ يا ليلى سلامَ مودِّعٍ / بان خيالُكِ ليسَ عنه يبرحُ
يجزيكِ عن قلبٍ ذوى نبتُ المنى / فيه وفارقه الربيعُ المفرحُ
عمراً سيلبثُ رهنَ حبِّكِ كله / يُمسي على ذكراكِ فيه ويُصبحُ
فيم الغدوُّ غداً وأين رواحي
فيم الغدوُّ غداً وأين رواحي / ويحَ الصباحِ لقد مضَى بصباحي
عصفت علينا غيرَ منذرةٍ لنا / يا فرقةَ الآلافِ أيُّ رياحِ
طلعت علينا بالسقامِ وبالنوى / وهوت هويّ الغادرِ المجتاحِ
عبثت بمعبودِ العيون وصيَّرَت / كالورسِ لوناً توأمَ التفَّاحِ
ذهبوا به كالوردِ جافاه الندى / ومضوا به شبحاً من الأشباحِ
يا هاتفاً باسمي فُدِيتَ منادياً / ردَّ النداءَ عليه حَرُّ نُواحي
يا آسيَ الأسِيِّ لممتَ جراحتي / وأسلتَ عند نواكَ أيَّ جراحِ
طأطأتُ للبين المشتِّتِ هامتي / وخفضتُ للقدَرِ المغيرِ جناحي
ذَهَبَ الوفيُّ فلا ابتسامٌ مشرقٌ / لي حيثُ كنت ولا نهارٌ ضاحي
عاد الشقيُّ إلى قديم شقائه / ومحَا من الدنيا السعادةَ ماحي
ويحَ المآبِ إلى مكانٍ موحش / متجهمِ العرصات مقفرِ ساحِ
في كل ناحيةٍ خيالٌ هاتفٌ / ومُذكِّرٌ بجبينِكَ الوضاحِ
وموسَّدٌ كالطيفِ صاحٍ ليله / أمسيتُ أرعاه بجفنٍ صاحِ
أمضي أمازحُه لأنسيه الضنى / وأقولُ في تهليلةِ الأفراحِ
لا تجزعنَّ لعلةٍ رهنَ الدجى / ستزول عند تبلُّج الإصباحِ
أخفي المخاوفَ عنه وَهيَ جليلةٌ / مرسومةٌ في ناظري الفضَّاحِ
مكتشفٌ بتجلدي متكشفٌ / بتستري متكشفٌ بمزاحي
عاصيتُ فيه الداء وهو مغالِب / عاصٍ على الهادينَ والنُصَّاحِ
أيُّ الليالي العاتياتِ سهرتُهَا / في أيِّ آلامٍ وأيِّ كفاحِ
هَدَمَ الضنى العادي قَوِيَّ شكيمتي / وثنى معاندتي وردَّ جماحي
والصبرُ هاوٍ والغيوبُ خفيةٌ / وشفاؤه في قبضةِ المنَّاح
وطغى على المَلَكِ الموسَّدِ بيننا / في ضعفِ زنبقَة ولطفِ أقاحِ
يا من مضيتَ خلال أناتِ الصبا / وذهبتَ بين تناوحِ الأدواحِ
يمضي بك البرقُ المقلُّ فيختفي / عجلانَ بينَ رُبىَ وبينَ بطاحِ
ويحَ الحياةِ اليومَ أين جمالُهَا / وعلامَ إخفاقي بها ونجاحي
أنتَ الذي وَهَبَ الحياةَ لميتٍ / في الأرضِ منفردٍ بغيرِ طِمَاحِ
أشرقتَ في ظلمائها وغمامها / وطلعتَ مثل البارقِ اللمَّاحِ
فارجع إليَّ فقد تركتَ مشرداً / مستغرقاً في الدمعِ والأتراحِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025