أنُظلِمُ أن شِمنا بوارقَ لُمَّحا
أنُظلِمُ أن شِمنا بوارقَ لُمَّحا / وضحنَ لساري الليل من جنب تُوضحا
بعينك أن باتت تُحرِّقُ كُورَها / محجَّلةً غُرّاً من المُزنِ دُلَّحا
ولمّا احتضَنّ الليلَ أرهَفنَ خصرَهُ / فباتَ بأثناء الصّباح مُوشَّحا
تَحمّلَ ساريها إلينا تحِيّةً / فهيّجَ تذكاراً ووَجداً مُبرِّحا
وعارضَهُ تِلقاءَ أسماءَ عارضٌ / تَكفّى ثَبيرٌ فوقَهُ فترجّحا
ولمّا تَهادَى نكّبَ البِيدَ مُعْرِضاً / وأتْأقَ سَجْلاً للرّياض فَطفّحا
تَدلّى فخِلتُ الدُّكنَ من عَذَباتهِ / كواسِرَ فُتْخاً في حِفافيْه جُنَّحا
لِتَغْدُ غَواديهِ بمُنعَرج اللّوى / موائحَ رَقراقٍ من الرِّيّ مُتَّحا
سقَته فمجّتْ صائك المسكِ حُفَّلاً / تسُحُّ وأذرَتْ لؤلؤ النظم نُضَّحا
فلم تُبق من تلك الأجارع أجرعاً / ولم تُبقِ من تلك الأباطح أبطَحا
وللّه أظْعانٌ ببُرْقَةِ ثَهْمَدٍ / وقد كرَبتْ تلك الشموسُ لتَجنحا
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَبَّقاً / بكأس النوى صِرْفاً وإلاّ مصَبَّحا
وأبيضَ من سِرّ الخِلافَةِ واضِحٍ / تجلّى فكان الشمسَ في رونقِ الضّحى
عنيفٌ ببَذلِ الوَفرِ يَلحي عُفاتَه / على صَفَدٍ ما كان نُهزَةَ من لَحى
تَوَخّاهُمُ قبلَ السؤالِ تبرّعاً / بمعروفِ ما يُولي وسِيلَ فأنجحا
صَحا أهلُ هذا البذل ممّنْ عَلمتَه / وأمسكَ بالأموال نشوانُ ما صَحا
ذروا حاتماً عنّا وكَعباً فإنّنا / رأيناه بالدنيا على الدين أسمحا
أريكَ به نَهْجَ الخلافة مَهيَعاً / يُبين وأعلامَ الخلافة وُضَّحا
كثيرُ وجوه الحزْم أردى به العِدى / وأنحى به ليْثَ العَرينَةِ فانتحى
ولمّا اجتباه والملائكُ جُندهُ / لمَهلكهم دارت على قُطبها الرّحى
فقلّدهَا جَمَّ السياسةِ مِدرهاً / إذا شاء رام القصْدَ أو قال أفصَحا
نحاهم به أمضى من السيف وَقعُه / وأجزَلَ من أركان رَضوى وأرجحا
وقد نَصَحَتْ قُوّادُه غيرَ أنّني / رأيتُ ربيبَ المُلكِ للملكِ أنصَحا
رآه أميرُ المؤمنين كعهدِهِ / تشبُّ لَظى الهيجاء ألفَحَ ألفَحا
رَمى بك قارونَ المغاربِ عاتياً / وفرعونَها مستحيياً ومذبِّحا
ورامَ جِماحاً والكتائبُ حَولَه / فوافاكَ في ظلّ السُّرادق أجمَحا
فلمّا اطلَخَمّ الأمرُ أخفَتَ زأرَه / فمجمج تعريضاً وقد كان صرّحا
مُرَدِّدُ جأشٍ في التراقي فضَحتَه / وكانتْ له أُمُّ المنيّةِ أفضَحا
ومُطّرِحُ الآراءِ ما كَرّ طَرفَه / ولا ارتدّ حتى عادَ شِلْواً مُطرَّحا
فلم يُدْعَ إرناناً ولا اصْطفَقَتْ له / حلائلُه في مأتَمِ النَّوح نُوَّحا
وغُودِرَ في أشياعهِ نَبأً وقدْ / مَحوْتَ به رسمَ الدّلالة فامّحى
وأدركتَ سُولاً في ابن واسول عَنوةً / وَزَحزَحتَ منه يذبُلاً فتزَحزَحا
وإلا أبنْه في العُصاةِ فإنّني / أرى شارباً منهم يميل مُرَنَّحا
يموت ويَحْيا بينَ راجٍ وآيسٍ / فكانَ له الهُلْكُ المُواشكُ أرْوَحا
تضَمّنَه حَجْلٌ كلَبّة أرقَمٍ / إذا خَرِسَ الحادي ترَنّمَ مُفصِحا
أُريكَ بمرآةِ الإمَامَةِ كاسْمها / على كُورِ عَنْسِ والإمامَ المرشَّحا
وقد سَلَبَتْه الزّاعبيّةُ ما ادّعى / فأصْبحَ تِنّيناً وأمسَى ذُرَحْرَحا
فما خطبهُ شاهَتْ وجوه دُعاتهِ / وجُدّعَ من مأفون رأيٍ وقُبّحا
وكان الجذاميُّ الطويلُ نجادُه / بهيماً مَدى أعصارِهِ فتوضّحا
عَجِلتَ له بَطشاً وإنّ وراءه / لَخَرْقاً من البيد المرَوراتِ أفيحا
مُعاشِرُ حربٍ يحلب الدهرَ أشطُراً / فلم يتّرِكْ سَعْياً ولم يأتِ مَنجَحا
أقولُ له في موثَقِ الأسرِ عاتباً / تُجاذبُه الأغلالُ والقيدُ مُقْمَحا
لئن حَمَلَتْ أشياعُ بغْيكَ فادحاً / يغولُ لقد حُمّلتَ ما كان أفدحا
ولا كابنه أذكى شهاباً بمعركٍ / وأجمحَ في ثِنْي العنانِ وأطمحا
مَرَت لك في الهيجاء ماءَ شبابهِ / يدٌ فَجّرَتْ منه جداولَ سُيَّحا
وأثكَلْتَه منه القضيبَ تهَصّرَتْ / أعاليه والرّوْضُ المُفوَّفُ صُوّحا
لَعَمري لَئنْ ألحقتَهُ أهلَ ودّه / لقد كان أوحاهم إلى مأزِقِ الرّحى
وكم هاجعٍ ليلَ البَياتِ اهتَبَلتَه / فصَبّحتَه كأسَ المنيّةِ مُصْبِحا
وهدّمْتَ ما شادَ العِنادُ وقد رَسَتْ / أواخِيهِ في تلك الهَزاهزِ رُجَّحا
على حينَ ضَجّ الأفقُ من شُرفاتهِ / وأعنانِهِ حتى هَوَتْ فتَفَسّحا
وقد كان باباً مُرْتَجاً دونَ جَنّةٍ / فلمّا دَنَتْ تلك اليمينُ تَفتَّحا
ليالي حُروبٍ كُنّ شُهْباً ثَواقباً / لها شُعَلٌ كانتْ سَمائمَ لُفَّحا
رأى ابنُ أبي سفيانَ فيها رشادَه / وعَفّى على إثْرِ الفسادِ وأصْلحا
دَعاكَ إلى تأمينهِ فأجَبْتَه / ولو لم تَدارَكْه بعارفةٍ طَحا
وفي آلِ موسى قد شنَنتَ وقائعاً / أهَبْتَ لهم تلك الزّعازع لُقَّحا
فلمّا رأوا أنْ لا مفَرّ لهارِبٍ / وأبدَتْ لهم أُمُّ المنيّة مَكلَحا
وأكدى عليهم زاخرُ اليمّ مَعبراً / وضاقَ عليهم جانبُ الأرضِ مسرَحا
صَفحتَ عن الجانينَ مَنّاً ورأفةً / وكنتَ حريّاً أن تَمُنّ وتَصفحا
وقد أزمعوا عن ذلكَ السِّيفِ رِحْلَةً / فملّكْتَ أَولاهمْ عِناناً مُسرَّحا
وكان مَشيدُ الحصْنِ هَضْبَ مُتالعٍ / فغادَرْتَه سَهْباً بتَيْماءَ صَحصَحا
قضى ما قضى منه البَوارُ فلم يُقَلْ / نعمتَ ولا حُيّيتَ مُمسىً ومُصْبَحا
معالِمُ لا يُنْدَبنَ آوِنَةً ولا / تنوحُ حمامُ الأيك فيهنّ صُدَّحا
وكانوا وكانَتْ فترةٌ جَاهِليّةٌ / فقد نَهّجَ اللّهُ السبيلَ وأوضَحا
لأفلحَ منهم مَن تزكّى وقادَهُ / حوارِيُّ أملاكٍ تَزكّى وأفلحا
حلفتُ بمستَنّ البِطاحِ أليّةً / وبالركن والغادي عليه مُمسِّحا
لَرُدّوا إلى الآياتِ مُعجِزةً فلو / لمستَ الحصى فيهم بكفّيكَ سَبّحا