المجموع : 51
إذا تعاصتْ قينةٌ مرةً
إذا تعاصتْ قينةٌ مرةً / فلا تُجمِّشْها بتفَّاحَهْ
لكن بِدَسْتَنْبُويَةٍ ضخمةٍ / لقلبها في غمزها راحَهْ
فإنها تُذعن في لحظةٍ / مهتزّةً للنيك مرتاحَهْ
ولن يفكَّ القفْل عن كُعْثُبٍ / كرؤية الحسناء مفتاحَهْ
تتجمَّل الحسناءُ كلَّ تجملٍ
تتجمَّل الحسناءُ كلَّ تجملٍ / حتى إذا ما أُبرز المفتاحُ
نَسيتْ هناك حياءها وَخَلاقَها / شَبَقاً وعند الماح يُنسى الداحُ
نظرتْ في وجوه شعري وجوهٌ
نظرتْ في وجوه شعري وجوهٌ / أُوسِعت قبلَ خلقِها تقبيحا
فغدتْ وهي زاريات عليه / والذي أنكرتْه منها أُتيحا
أبصرتْ في صِقاله صُوَراً من / ه قِباحاً فأظهرت تكليحا
شهد الله أنها عند ذاكم / أعنتتْ سالماً وعرَّت صحيحا
عايَنتْ فيه قبحها فاجتوتْه / ظالماتٍ هناك ظلماً صريحا
ورأته وجوهُ قوم وِضاءٍ / فرأت وجهَه وضيئاً صبيحا
هكذا المنظر الصقيل يؤدِّي / ما يوازي به بليغاً فصيحا
والمَرايا تُري الجميل جميلاً / وكذاكم تُري القبيح قبيحا
هاكها يا سعيدُ غراءَ عذرا / ءَ تداوي بها الفؤاد القريحا
مَثلاً للعقول تضعُفُ والشعْ / رُ يُصفَّى فلا تراه قليحا
قدَّمتَ لي وعداً فأين نجاحُهُ
قدَّمتَ لي وعداً فأين نجاحُهُ / قَدْ حان يا ابنَ الأكرمينَ سَرَاحُهُ
لا يعجبنَّك حسنُ ما قدَّمتَه / فتسيءَ بعدُ إساءةً تجتاحُهُ
واعلم بأنك إن فترتَ عن الذي / أسلفت من عُرفٍ خبا مصباحُهُ
ليس الجواد بمن يجود غُدُوُّهُ / حتى يجودَ غدوُّهُ ورَواحُهُ
ويطول بين السائلين بَقاؤه / وكأن خاتم جوده مِفْتاحُهُ
لا يستحيل ولا يغيِّرُ عهدَه / إمساؤهُ أبداً ولا إصباحُهُ
ماذا أجيب به الَّتي عوّدتَها / عادات نائلك الذي تمتاحُهُ
أأقول ويحكِ حالَ بعدَك بخلُهُ / أم حال بعدك جوده وسماحُهُ
أعاذل إن شربَ الراحِ رشدٌ
أعاذل إن شربَ الراحِ رشدٌ / لأن الراحَ تأمر بالسماحِ
تقينا شُحَّ أنفسنا وذاكم / إذا ذُكِر الفلاح من الفلاحِ
لولا عبيدُ الله قلْ
لولا عبيدُ الله قلْ / ت ولم أخف رَهَق الجُناحِ
يا مادحَ القوم اللئا / م وطالباً نيل الشِّحاحِ
ما أنت في زمن المدي / ح ولا الهجاء ولا السماحِ
حَدثت أكفٌّ ليس يُن / بط ماءَها إلا المَساحي
وجلود قوم ليس تأ / لم غير أطراف الرماحِ
ما شئتَ من مالٍ حِمىً / يأوي إلى عِرْضٍ مباحِ
فاشغل قريضك بالنسي / ب وبالفكاهة والمزاحِ
يا ذا الذي لو هجاه مادحه
يا ذا الذي لو هجاه مادحه / عُوقب هَلّا يثاب بالمِدَحِ
تعتدُّه بَهْرجَ المديحَ ولا / تعتدُّه هاجياً كممتدحِ
مطَّرحُ الشعرِ في مدائحه / وفي الأهاجيِّ غير مطّرحِ
كلا ولكنها يد خُلقت / للنُّكر لا للعارفات والمِنَحِ
إذا ساء ظنٌّ بمسترفَدٍ
إذا ساء ظنٌّ بمسترفَدٍ / أطال القصيدَ له المادحُ
وقِدْماً إذا استبعِد المستقَى / أطال الرِّشاءَ له الماتحُ
لما رأيت الشعر أصبح خاملاً
لما رأيت الشعر أصبح خاملاً / نبَّهتُهُ بفتىً أغرَّ صريحِ
لم أمتدحْه لخَلَّةٍ أبصرتُها / في مجده فسددتها بمديحِ
تُفيء الأُيورُ على أهلها
تُفيء الأُيورُ على أهلها / من الغُنم ما لا تفيء الرماحُ
بعينيك فرسانُها الذائدو / ن عن بَيْضة الملك لا تُسبتاحُ
جياعاً نِياعاً ذوي فاقة / يُباع لهم بالبتات السلاحُ
وأنت ابن خلِّ وراقوده / إلى بابك المفتدى والمُرَاحُ
تأدَّبْ كي يقالَ فتى أديبٌ
تأدَّبْ كي يقالَ فتى أديبٌ / لتَحْصَر عنه ألسنةُ المديحِ
لقد حفظ الفتى ما في يديه / بغاية حيلة اللَّحِزِ الشحيحِ
لي لسانٌ ما زال يُطريك في النث
لي لسانٌ ما زال يُطريك في النث / ر وفي النظم غيرَ ما مستريحِ
وارتكابُ الديون إياي في ظِل / لِك يهجوك باللسان الفصيحِ
والعقابُ الجميل منك على ذا / ك حقيقٌ دون العقاب القبيحِ
وهو ألا يراني الناس إلا / في محلٍّ من اليسار فسيحِ
ليت شعري إن لم يزُح علتي جو / دك والحظ هل لها من مُزيحِ
إن من جورك المبرِّح بالمُن / نَةِ والصبرِ أيَّما تبريحِ
أن ترى العُرفَ عند مثليَ نكراً / وأرى المدح فيك كالتسبيحِ
إذا ما مدحتَ أبا صالح
إذا ما مدحتَ أبا صالح / فأَعدِدْ له الشتم قبل المديحِ
فإني ضمينُك عن لؤمِهِ / ببُخْلٍ عتيد وردٍّ قبيحِ
وأنَّى يجود ولا عِرْقُهُ / كريم ولا وجهُه بالصَّبيحِ
عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّةً
عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّةً / حبائس عندي قد أَتَى أن تُسرَّحا
ولم أحتَبِسها إذ حبستَ مثوبتي / لأن مديحاً لم يجد بعدُ مَمْدحا
ولا أن بيتاً في قريضي مثبَّجاً / أخاف لدى الإنشاد أن يُتصفَّحا
وما كان فيما قلت زيغٌ علمتُهُ / فأرجأتُهُ حتى يقامَ ويُصلَحا
ولكنَّ لي نفس عليك شفيقةٌ / تحاذر وِجدانَ العدا فيك مَقْدحا
إذا استشهدتْ ألحاظُهم عند مُنشَدي / شواهدَ وجدٍ إنْ تعاجمتُ أَفْصحا
فأدَّى إليهم كلَّ ما قد علمتَه / رُواءً إذا ورَّى لسانيَ صرّحا
هنالك يُنْحِي الحاسدون شِفارَهم / لِعرضٍ مُناهم أن يَرَوْا فيه مَجْرحا
فَتُلْحَى لعمري في ثوابٍ لويتَه / وأنت امرؤ في الجود يلحاك من لحَا
وكنت متى يُنشَدْ مديحٌ ظلمتَه / يكن لك أهجى كلما كان أَمْدحا
إذا أحسن المدحَ امرؤ كان حُسْنُه / للابِسِه قبحاً إذا هو أقبحا
ومبتسمٌ للمدح في ذي مروءةٍ / فلما درى أنْ لم يثوِّبه كلَّحا
رأى حسناً لاقاهُ جازٍ بسيِّئٍ / فهلّل إكباراً لذاك وسبَّحا
غششتُك إن أنشدتُ مدحِيك عاطلاً / وعرَّضْتُك اللُّوَّام مُمْسىً ومُصْبَحا
ولستُ براضٍ أن أراه مطوَّقاً / من العرف طوقاً أو أراه موشَّحا
لأبهِجَ ذا ودٍّ وأكبتَ حاسداً / مَسوءاً بما تُسدي وأُهْدي مُترَّحا
وأدفع لؤماً طالما قد دفعتُه / بجهدي فأمسى عن ذَرَاكَ مزحزحا
مودّةُ نفسٍ شُبتُها بنصيحةٍ / وأنت حقيقٌ أن تُوَدَّ وتُنْصحا
وإن كنتُ ألقى ما لديك ممَنَّعاً / ويلقاه أقوامٌ سواي ممنَّحا
فيا أيها الغيثُ الذي امتدّ ظله / رُواقاً على الدنيا وصاب فَسَحْسحا
ويا أيها المرعى الذي اهتزَّ نبتُه / وَبَكّر فيه خصبُه وتَروَّحا
عذرتُك لو كانت سماءٌ تقشَّعت / سحائبها أو كان روضٌ تَصوَّحا
ولكنها سُقْيا حُرمتُ رويَّها / وعارضُها مُلقٍ كلاكل جُنَّحا
وأكلاء معروفٍ حُمِيتُ مريعَها / وقد عاد منها السهل والحَزنُ مسْرحا
عَرضتُ لأَذوادي وبحرُك زاخرٌ / فلما أردن الوِرْدَ ألفَينَ ضَحضَحا
فلو لم تَرد أذوادُ غيري غِماره / لقلت سرابٌ بالمتان تَوضَّحا
فيا لك بحراً لم أجد فيه مشرباً / وإن كان غيري واجِداً فيه مَسْبحا
سأَفخر إذ أعطانيَ الله مَفخراً / وأبجحُ إذ أعطاني الله مَبْجَحا
مديحي عصا موسى وذلك أنني / ضربتُ به بحر الندى فتضحضحا
فيا ليت شعري إن ضربتُ به الصَّفا / أيَبعث لي منه جداولَ سُيَّحا
كتلك التي أبدت ثرى البحر يابساً / وَشَقَّت عيوناً في الحجارة سُفَّحا
سأمدح بعض الباخلين لعلَّه / إن اطّرَدَ المقياسُ أن يتَسمّحا
ملكتَ فأسجح يا أبا الصقر إنه / إذا ملك الأحرار مثلُك أسجحا
تقبّل مديحي بالندى مُتقبَّلاً / أو اطرحه بالمنع المبيَّن مطرحا
فما حقُّ من أطراك ألا تثيبه / إياساً ولا يأساً إذا كان أروحا
ألم ترني جُمَّت عليك قريحتي / وكان عجيباً أن أُجِمَّ وتنزحا
فآونةً أكسوك وَشْياً محبَّراً / وآونة أكسوك ريطاً مُسيَّحا
محضتُك مدحاً أنت أهلٌ لمحضه / وإن كان أضحى بالعتاب مُضَيَّحا
وهبنيَ لم أبلغ من المدح مَبْلغاً / رضيّاً ألمْ أكْدَح لذلك مَكْدحا
بلى واجتهادُ المرءِ يوجب حقَّه / وإن أخطأ القصدَ الذي نحوَه نحا
أتاك شفيعي واسمه قد علمتَه / لتُرجِعه يدعى به وبأفْلحا
ومونقةِ الرواد مهتزة الربا
ومونقةِ الرواد مهتزة الربا / يحاسنُها سارٍ وغاد ورائحُ
توقَّد فيها كلما تَلَّعَ الضحى / مصابيحُ تذكو حين تخبو المصابحُ
تُضاحك نُوَّاراتُها زهرَاتها / لها أرَج في نافح العطر نافحُ
إذا مدّها المهموم في صُعدائه / إلى قلبه انساحت عليه الجوانحُ
زجرتُ ثناء الناس ثم انتجعته / ولم يتخالجني سَنيح وبارحُ
غصنٌ من البان في وشاحِ
غصنٌ من البان في وشاحِ / ركَّب في مَغْرِس رَداحِ
يهتز طوعاً لغير ريح / والغصن يهتز للرياحِ
غصن ولكنه فتاة / بديعة الشكل في الملاحِ
زينتْ بوجه عليه فرع / يحكي ظلاماً على صباحِ
ينفسح الطرف حين تبدو / غُرتُه أيَّما انفساحِ
يا حسنَ خد لها رقيقٍ / يكاد يَدمى بلا جراحِ
ترنو بطرف لها مريض / بين جفون لها صحاحِ
لم يدَّكرها المحبُّ إلا / طار اشتياقاً بلا جناحِ
مثِّلْهما آخذَيْ نصيب / من الفكاهات والمزاحِ
في عض خدٍّ ولثم ثغرٍ / ورشف ريقٍ وشرب راحِ
بلا نِفارٍ ولا نقارٍ / ولا ضِرارٍ ولا تلاحي
ولا لجاَجٍ ولا ضِجاجٍ / ولا حِرانٍ ولا جماحِ
ذوِي سرورٍ ذوي حبورٍ / ذوي نشاطٍ ذوي مراحِ
بحيث لا لغو فيه إلا / غناء طيرٍ به فصاحِ
طير تغني إذا تغنَّت / مهما أرادا بلا اقتراحِ
محلُّ صدقٍ يحل فيه / أهل السعادات والفلاحِ
طاب فما يبرحان منه / ولا يريدان من بَراحِ
يا حسن قول الفتاة حِبَّى / أنجحتَ أقصى مدى النجاحِ
تفعل ما تشتهي هنيئاً / ليس على الصبِّ من جناحِ
حقُّك أن تستبيح منِّي / ما ليس منِّي بمستباحِ
ما زلت لا تستريح حتى / حللت في خير مُستراحِ
أنت الذي كان في طلابي / أخا غدو أخا رَواحِ
أنت الذي كان في طلابي / معرَّضِ النحر للرماحِ
كم من سلاح حملت حتى / سبيتَ قلبي بلا سلاحِ
نصحت أبا بكر فردَّ نصيحتي
نصحت أبا بكر فردَّ نصيحتي / وقال صهٍ وجهُ المحرِّش أقبحُ
وحدثتُه عن أخته فصَدَقته / وأمحضُ نصح الناصحين المصرَّحُ
فقال عذيري منك شَيْخاً مضلَّلاً / أنَبْخَلُ يا هذا وأختي تَسمَّحُ
لها أجرُها إن أحسنتْ فلنفسها / وميزانُها يومَ القيامة يرجَحُ
أتعجب من أنثى تُناك بحقِّها / وهأنذا شيخٌ أُكَبُّ فأُنكَحُ
فقلت له حسبي لها بك قدوةً / أَقِلْني فإني إنما كنت أمزحُ
فذلك أغراه بهجري ولن ترى / زمانَك هذا تاجرَ النصح يربحُ
أيا ابن حريثٍ لا تَهِدْك عَضيهَةٌ / فإنك بالهُون الطويل موقَّحُ
وكن آمناً سير الهجاء فإنما / يسيِّره المرءُ المهجَّى الممدَّحُ
نباهةُ أشعار الفتى وخمولُها / على حَسْبِ من تلقاه يهجو ويمدحُ
فإن قالها في نابهٍ حُمِلَتْ له / وإن قالها في خاملٍ فهي رُزَّحُ
تسير بسيْر اسم المقُولَة باسمه / فَتَسْنَحُ في الآفاق طوراً وتبرحُ
عجبت لِقيل الناس إنك أَقرنٌ / وأنت الأجَمُّ المُستضام المُنطحُ
فكيف تُبارى بالقرون وطولها / ولستَ تُرَى عن نعجة لك تَنطحُ
تعرضتَ لي جهلاً فلما عَجمتني / تكشَّف عنك الجهلُ والليل يُصْبَحُ
وما كنت إلا ثعلباً بتَنوفة / أتيحت له صقعاءُ في الجو تَلمحُ
تَصُفُّ له طوراً وتقبضُ تارةً / إذا ما أفاءت فوقه ظل يَضْبَحُ
فلمَّا تعالت في السماء فحلّقت / وأمكنَها والأرض دَرْمَاءُ صَرْدَحُ
تدلَّت عليه من مدى مُسْتَقَلّها / وبينهما خَرقٌ من اللوح أفيحُ
برِزٍّ تُصيخُ الطير منه مخافة / فهنَّ مُصِفَّاتٌ على الأرض جُنّحُ
وكم قَائلٍ لَمَّا هجوتك غيرةً / أمالك في أعراضنا مُتَنَدَّحُ
الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه
الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه / وإليه إنٍ شحطتْ نَواهُ طِمَاحُهُ
يغدو المحب لشأنه وفؤادُهُ / نحوَ الحبيب غُدُوُّهُ ورواحهُ
عندي حديثُ أخي الصبابة عن حَشَا / لي لا تزال كثيرةً أتراحُهُ
وبحيث أرْيُ النحل حَدُّ حُماتها / وبحيث لذاتُ الهوى أبراحُهُ
أصبحتُ مملوكاً لأحسن مالك / لو كان كمَّل حُسْنَهُ إسجاحُهُ
لم يَعْنه أرَقِي وفيه لقيتَهُ / حتى أضرَّ بمقلتي إلحاحُهُ
كلا ولا دمعي وفيه سفحته / حتَّى أضرَّ بوجنتي تَسْفَاحُهُ
لا مَسَّه بعقوبة من رَبِّه / إقْلاقُهُ قلبي ولا إقراحُه
لولا يُدَالُ من الحبيب مُحبُّهُ / فتُدال من أحزانِهِ أفراحُه
يا ليت شعري هل يبيتُ مُعانِقِي / ويدايَ من دون الوشاح وشاحهُ
ويُشمُّني تُفَّاحهُ أو وَرْدَهُ / ذاك الجَنِيُّ ووردُه تفاحهُ
ظَبْيٌ أُصِحَّ وأُمرضتْ ألحاظُه / والحسن حيث مِراضه وصحاحُه
يغدو فتكثر باللحاظ جراحُنا / في وجنتيه وفي القلوب جراحُه
مَنْ قائلٌ عني لمن أحبَبْتُهُ / هل يُنقَعُ اللَّوح الذي ألتاحُه
هل أنت مُنْصِفُ عاشقٍ مُتَظَلِّم / طولُ النَّحيب شَكَاتُه وصِياحُه
قَسَماً لقد خيَّمْتُ منك بِمنزلٍ / لي حَزْنُهُ ولمن سِوايَ بطاحُهُ
ما بال ثغرِك مَشْرَباً لي سُكْرُهُ / ولمن سواي فدتك نفسي راحُهُ
نفسي مُعَذَّبة بِهِ من دونِهِ / ويُبَاحُهُ دوني ولست أُباحُه
مِن دونِ ما قد سُمْتَنِي نسكَ الهوى / وغدا الصِّبا ولَبُوسه أمساحُه
ولكم أَبَيْتُ النصح فيك ولم يكن / مِثلي يَعَاف العذبَ حين يُمَاحُه
ولقد أَقول لِمن ألحَّ يلومني / وإخاله لِحياطتي إلحاحُه
ولقد أَقول لِعاذِلِي مُتَنَمِّراً / كالمسْتَغِشِّ وحقُّه استِنصاحُه
يا من يُقَبِّحُ عند نفسي حبَّها / أرِنِي لحاك الله أين قُبَاحُه
أصدوده أم دَلُّهُ أم بُخلُه / أخطأتَ تِلك مِلاحه وصِباحُه
لولا التعزُّز في الحبيب وملحه / ما حَلَّ للمستملِح استملاحُه
وجَدا الأحبةِ طيِّبٌ محظورُهُ / عند المحب ولن يطيب مباحُه
أكفأتُ لومَك كلَّه ومججتُهُ / يا لائمي فأَمِحْهُ من يمتاحُه
وعساك تنصحني وليس لعاشِق / عين تريه ما يرى نُصَّاحُه
ما كان أحْذَقَني بِصُرْمٍ معذِّبي / لولا مهَفْهَفُ خلقِهِ وَرَدَاحُه
لكنه كالعيشِ سائِغُ شُهدِهِ / يُصبى إليه وإن أغصَّ ذُباحُه
ما لي ومالَكَ هل أفوزُ بِلَذَّتي / وعليك وزر قِرافِها وجُنَاحُهُ
كلا فلا تُكْثرْ مَلامك واطّرِح / عنك الهُذَاءَ فإنني طَرَّاحُهُ
وأما لقد ظُلِمَ المعذَّل في الهوى / أَإليه مصروفُ الهوى ومُتاحُهُ
أنَّى يكون كما يشاء مُدَبَّرٌ / بِيَدَيْ سِواه سَقَامُهُ وصَحَاحُهُ
مِنِّي اللَّجاجة في الهوى وسبيله / وَمِن العَذولِ هِريره وَنباحُهُ
وَإِلى ابن إسماعيل مِنهُ مُهاجري / ومِن الزمان إذا أُلِيحَ سلاحُهُ
حَسَنٍ أخي الإحسان والخُلق الذي / يبني المكارمَ جِدُّهُ ومُزَاحُهُ
ومُسَائِلٍ لي عنه قلت فداؤه / في عصرِنا سُمحاؤه وشِحاحُهُ
ذاك امرؤ يلقاك منه فتى الندى / غِطرِيفه كَهْلُ الحجا جَحْجَاحُهُ
حَسنُ المحيّا كاسمه بَسَّامه / ضَحَّاكه لجليسه وضّاحُهُ
يُمْسي ويُصْبِحُ من وَضاءة أمرِهِ / وكأنِّما إمساؤه إصباحُهُ
عَادَاتُه في ماله اسْتِفْسَادُهُ / وسبيلُه في مجده استصلاحُهُ
يُرْجَى فيُوفِي بالمُؤَمَّلِ عنده / لا بل يَفُتٌّ وفاءه إرجاحُهُ
ومتى تعذَّر مطلب في مالِهِ / فبجاهِهِ وبيُمنِهِ استنجاحُهُ
إن ابن إسماعيلَ مَفْزَعُ هارب / قِدماً وَمَفْدَى طالِبٍ وَمَراحُهُ
دفَّاعُ جارِ حِفاظِهِ منَّاعُهُ / نَفَّاحُ ضيفِ سَمَاحِهِ منَّاحُهُ
في شِيْمَتَيْهٍ صرامة وسلامة / فهناك حَدَّا مُنْصُلٍ وصِفاحُه
والسيفُ ذو متن يَلذُّ مِسَاسُه / لكنْ له حَدٌّ يُهَاب كفاحُه
لِرجاله منه اثنتانِ تتابعتْ / بهما له وتسايرت أمداحُه
فَلِرَاهِب ألَّا يَرِيثَ أمانُهُ / ولراغب ألّا يريث نجاحُه
في ظله أمِنَ النَّخِيبُ فؤادُه / وبجوده انجبر الكسيرُ جَنَاحُهُ
هذا له إكرامُه ومقامُه / ولذاك عاجلُ رفدِه وسراحُه
فإليه ينتعل القريبُ حذاءَه / وإليه يمسح سَبْسَبَاً مُسَّاحُه
كم سائقٍ ساقَ المطيَّ يؤمُّهُ / حتى اقتدى بذلولِهِ ممْراحُه
ولقد ترانا نَنْتَحِيهِ ودونَه / للعيس أغبرُ واسعٌ قِرْواحُه
فيظل يَقْصُرُ للمسير طويلُه / ويبيت يُقْبَض للسُّرَى رحراحُه
يطوي مدى السَّفر المُيَمَّم سَفْرُهُ / حَسَناً فيقرُبُ عندهم طَمَّاحُه
وأحقُّ مطويٍّ مداه لقاطع / سَفَرٌ تلوح لتاجرٍ أَرْباحُه
ولكم كَسَتْ ظلماءُ ليلٍ وفدَه / ثوباً جديداً لم يَحِن إمحاحُه
فهدتْ عيونهم له أضواؤه / وهدت أنوفَهمُ له أرواحُه
شملَ التنوفَةَ فائحٌ من نشره / قطعَ الفضاءَ إلى الأُنوف مَفَاحُه
وَجَلا الدُّجُنَّةَ لائحٌ من نوره / كشف الغطاء عن العيون مِلاحهُ
لا تُخْطِئنَّ أبا عليٍّ إنه / بابُ الغنى وسؤاله مفْتاحُه
غيث أظلَّ فبشَّرتْك برُوقُه / وَمَرَتْ لك النفحاتِ منه رياحُه
ما زال يتبعُ بشرَهُ معروفُه / والغيثُ يتبعُ بَرْقَهُ تَنْضَاحُهُ
أصبحتُ أشكره وإن لم يُرضني / إسقاطُه شأوي ولا إرزاحُه
وأذيع شكواه وإن لم يُشكِنِي / إنزارُهُ صَفَدِي ولا إيتَاحُه
ألقى الكسوفَ على المديح وسيْبُهُ / كاسي المديح جَمَالَه فضَّاحُه
فبما اعتلاه بدا عليه كسوفُه / وبما كساه تَلألأتْ أوضاحُه
كائنْ لهُ حَزْمٌ إليَّ يروقني / حُسْناً ويَقْبُحُ عندي استقباحُه
أنشدْته مدحي فأنشد طَوْلَهُ / تَئِقُ السَّمَاح بمالِه نَفَّاحُه
صبُّ الفؤاد إلى الندى مُشْتَاقُه / طِرب الطِّباع إلى الثَّدَى مرتاحُه
بعثَ الجَدا فجرت إليَّ رِغابه / من بعد ما عَسُرتْ عليَّ وِتَاحُه
طِرْفٌ يغولُ الجهدَ منِّيَ عفوُه / بحرٌ يُغَرِّقُ لُجَّتي ضَحْضَاحُه
فكأَنَّ نائله أرادَ فَضِيحتي / مما اعتلى مَتْحِي هناك مِتَاحُه
وإذا الجدا فضح المديح فَمُقْبِحٌ / يُعْتَدُّ من إحسانه إقباحُه
يا آل حمَّاد تَقَاعَسَ أمركم / عن خَتْمِهِ وتجدَّد استفتاحُهُ
أنتم حقيقةُ كلِّ شيء فاضل / وذوو الفضائل غَيْرَكُمْ أَشباحُهُ
والعلمُ مُقْتَسَمٌ فعندَ سواكُمُ / أقْيَاضُهُ ولديكُم أَمحاحُه
أصبحتُمُ بيتَ القضاء فنحوَكُمْ / تَهْوِي بطالِب فَيْصَلٍ أطْلاحُه
وبِعَدْلِكُمْ أضحى مَراداً واسعَ ال / بُنْيان فيه سُرُوحه وسَرَاحُه
أصحابُ مالكٍ الذي لم يَعْدُهُ / من كُلِّ علم محضُه وصُراحُه
ذاك الذي ما اشتد قفْلُ قضية / إلا ومن أصحابه فُتَّاحُه
ولكم بحمَّادِ بن زيد مَمْتَحٌ / في العِلم يصدرُ بالرضا مَتَّاحُه
لا يُخْدَع المتَعلِّلُون ولا يعُمْ / في البحر إلى الحوتُ أو سُبَّاحُه
بحديث حمَّادٍ ومَقْبَسِ مالكٍ / يَشْفي الأُحَاحَ من استَحَرَّ أحَاحُه
لا يَبْعُدا من حالبَيْن كلاهما / يمْرِي الشفاء فَتَسْتَدِرُّ لِقاحُه
وكأنما هذا وذاك كلاهما / من في محمّدٍ استَقَتْ ألواحُه
ومُخَالِفٍ أضحى بكم مَغْمُودَةً / أسيافُه مَرْكُوزَةً أرماحُه
خاطبْتُمُوه بالجليَّةِ فاتَّقى / بيَدِ السَّلام وقد أظلَّ شِيَاحُه
قسماً لقد نظر الخليفةُ نَظرَةً / فرأى بنور الله أين صلاحُه
وإذا امرؤٌ وصل الفلاحَ بسعيكم / فهو الخليق لأن يَتمَّ فلاحُه
أنَّى يخيبُ ولا يفُوزُ مُسَاهِمٌ / والحاكمون الفاصلون قِداحُه
علماءُ دين محمَّدٍ فقهاؤُه / صلحاؤه صُرحاؤه أقحاحُه
والله أعلم حيث يجعل حكمه / وإن امترى شَغِبُ المراء وقَاحُه
ولئن مَحَضْتُمْ للخليفة نصحكم / ولَشرُّ ما يَقري النَّصيحَ ضَياحُه
فلقد قدحتم لابن ليث قَدْحَكُمْ / حتى توقَّد في الدجى مصباحُه
فرأت به عيناه أين خساره / ورأت به عيناه أين رَبَاحُه
لمَّا استضاء بنوركم في أمره / عَمْروٌ أضاء مساؤه وصباحُه
لولا مشورتكم لَنَاطَحَ جَدَّه / جدٌّ يُبِيرُ مُنَاطِحِيه نِطاحُه
يا ليت شعري حين يُمْدَحُ مِثْلُكُمْ / ماذا تَراه يزيده مُدَّاحُه
لكنكم كالمسك طاب لعينه / ويزيد حين تخوضه جُدَّاحُه
لا زلتُمُ من كل عيشٍ صالحٍ / أبداً بحيث دِماثُهُ وفِسَاحُه
بأبي يَدٌ لَكُمُ صَنَاعٌ أصلحت / دهري وقد أعيا يدي إصلاحُهُ
بيضاءُ وَادَعَني بها وثَّابُه / عمري وضاحكني بها مِكْلاحُهُ
تالله لا أنسى دفاع أكُفِّكُم / عنِّي البوارَ وقد هوى مِرْضَاحُه
وإذا أظلَّنيَ البلاءُ دعوتكم / فَبِكُمْ يكون زواله ورواحُه
وشريدِ مدحٍ لا يزال مبارياً / سَيّاحُ سَيْبِ أكفِّكم سيّاحُه
قد قُلْتُهُ فيكم ولم أر قائلاً / أنْبَأتَ عن غيبٍ فما إيضاحُه
والشكر مَنْتُوجٌ عليَّ نَتَاجُه / وعليكُمُ بالعارفاتِ لِقَاحُه
والعرفُ أعجمُ حين يُولَى مُفْحَماً / وبأن يُضَمَّنَ شَاعِراً إفصاحُه
أسْمَعْت يا حَسنَ المكارم فاستمعْ / واكبِتْ عدوَّك أُسْمِعَتْ أنواحُه
أرِهِ مكارمَكَ اللواتي لم تزل / منها يطول ضُغاؤُهُ وضُباحُه
خُذْهَا هديةَ شاعرٍ لك شاكرٍ / نطقت بمدحك عُجْمُهُ وفِصَاحُه
نحوَ المُعَشَّقِ من حديثك سَمْعُهُ / أبداً ونحو نسيمِكِ استِرْواحُه
أهدى إليك عقيلةً من شعره / بكْراً يَقِلُّ بمثلها إسماحُه
فَامْهَرْ كريمَتَه التي أُنْكِحْتَها / كَيْمَا يطيب لدى النِّكاحِ نِكاحُه
لا تمنعنَّ مَهيرَةً من مهْرها / إن السَّرِيَّ من الفرِيِّ سِفَاحُهُ
بَكَرَتْ عليك سلامةٌ وكرامةٌ / وعلى عدوِّك آفةٌ تجتاحُه
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ / مُقَبَّحٌ ظاهر قُبُوحُهْ
يعلوه بُغْضٌ له شديد / على قلوب الورى طُفُوحُه
بغض تَراهُ ولا يراه / ولم يُقَصِّرْ به وُضُوحُه
لولا عَمَى نَاظِرَيْهِ عنه / لَذابَ حتى يَخِفَّ رُوحُه