تكتمت لولا أن دمعي فاضحي
تكتمت لولا أن دمعي فاضحي / واعرضت لولا ما تجن جوانحي
وقلت لداعي الحب سمعاً وطاعة / فعن موقفي في العشق لست ببارح
وما أنا ممن يضعف الشيب نفسه / وان أصبحت تبيض سود مسابحي
أحسن فما رعد السحاب بمرجف / وأبكي فما دمع الرباب بسافح
يطارحني في الدوح من ليس قلبه / كقلبي ولا أوكاره كمطارحي
علوت صياصي العز وهي فوارع / ودانيت أبراج النجوم اللوامح
إذا كان كل المجد بعض مطامعي / فنيل الثريا من أقل مطامحي
وظن سماك الشهب أني أعزل / وكم أعزل يقوى على طعن رامح
عبرت له نهر المجرة ضارباً / لأسنمة الأمواج في يد سابح
تلاحظني في ضفتيه نجومه / فهل كنت في الأفلاك أول سابح
كأني من تحت النيازل حاسر / تهاوت عليه بارقات الصفايح
من السعد لو نصل الهلال يريحني / فأصبح مذبوحاً لأشرف ذابح
فكن يا ضراح الشهب موضع حفرتي / فما في ثرانا موضع للضرائح
تجاور فينا الجائرون وأسسوا / بهذا الفضا احدوثة من فضايح
قرون حديد أطلعوا من سقوفها / وقالوا لها هذي السماء فناطح
أما كان في فرعون يا قوم عبرة / تذكركم في كارثات الجوائح
فيا مصلحيها بالفساد أقمتم / من الظلم سداً في طريق المصالح
وما كفتا ميزانكم لتعادل / إذا اغتصب المرجوح كفة راجح
ربحتم بسوق الدهر يا باعة العلى / ومن خسر العلياء ليس برابح
ويابنه أحلى الطير طوقا وبزةً / وآلفها للمغرس المتفاوح
تورّين أم تورين نار صبابتي / تراكم هذا الشك فيك فصارحي
متى تحمل الآمال وهي عقائم / وتمشي بها الأيام مشي اللواقح
ويعدل هذا الدهر ما بين أهله / ويفرق فيه بين غر وقارح
ويمسي سواءً في النعيم وفي الشقا / أبو جوسق وابن الصحاري الصحاصح
فهذا يحييه النسيم بنافح / وذلك يشويه السموم بلافح
يحركني من ليس يدرك غايتي / ولم يدر ما تصبو إليه جوارحي
إلى سكن مما يخال وظيفة / البها انتهت آمال غاد ورائح
فقلت له هيهات أثلم عزتي / وانسفها بالقارعات الفوادح
وتأبى طباع الأعزب الحر غادة / يراودها عن نفسها ألف ناكح
وما العيش إلا تحت عيني باغم / فقد سئمت اذ ناي تغريد صادخ
فلا دام يا أهل المقاصير ظلكم / إذا دام تحت الشمس أهل البطايح
ولا طوت الدنيا بكم عمر ساعة / طيوركم بعد النياق الطلايح
عداك اذا كفوا الأذى عنك كافهم / وأما أبو إلا الكفاح فكافح
وإن لم تصافعهم لضعفك عنهم / وأعوزك الباع الطويل فصافح
واخمد شرار الحقد إن كنت مصلحاً / فكم أحرقت شعباً شرارة قادح
فان سراباً حين ذيدت عن الروا / مشت فوق بحر من دم الشوس طافح
رجاؤك يعلو للسحاب وتارة / يرود الروا عند العيون النواضح
ومن كان من ضر السحابة ريه / يشق عليه الحوم حول الضحاضح
أمر كريما بالمآسد رابطاً / بها الجأش شأني باجتياز المنابح
وامنع نفسي عن مقاذعة العدى / وارتق اذني دون كذب المدائح