المجموع : 17
ناحَت حمامة أَيكٍ
ناحَت حمامة أَيكٍ / فَيا حَمامةُ نوحي
قَد هاجَ شجوك شجوي / كأَنَّ روحك روحي
قَد ضقتُ ذرعاً بكتما / نك الغَرام فَبوحي
إن أَنتَ بحت بما تك / تمينه تَستَريحي
لمّا هَوى في الهَوى وَطاحا
لمّا هَوى في الهَوى وَطاحا / وَقص منه النوى جناحا
وَخافَ من أَرضه البراحا / بكى عَلى نفسه وَناحا
صبٌّ براه الهوى مصابُ / بكى عَلى غصنه الشبابُ
حَياته كلها اضطرابُ / لَو أنه ماتَ لاستراحا
قد ظنه أَولاً يَسيرا / ثم رآه صعباً عَسيرا
جد لعمري الهَوى أخيرا / وكانَ في بدئه مزاحا
أنهكه السلُّ وَالسهادُ / فودَّ لَو أنه جمادُ
حل بأحشائه فسادُ / عصى فَلا يقبل الصلاحا
لِدائِه في حشاه نحتُ / غدا بأعضاده يفتُّ
له إذا ساءلوه صمتُ / يطارح الألسن الفصاحا
نهاره لا يَكون لَيلا / إلا دعا كالثكول ويلا
لَم يبد لا لِلنَسيم ميلا / ولا إلى برده ارتياحا
آه من الحب ثم آهِ / فإنه مصدر الدواهي
لَو غمسوا الصب في المَلاهي / ما وجدت نفسه اِنشراحا
أَحبابه حمّلوه ذَنبا / لأجله ما حبوه قربا
وَذَنبه كونه محبّا / قد كتم الحب ثم باحا
رأى جمالاً سبى فَقاسى / دون وصول إليه ياسا
بنظرة كانَت اِختلاسا / أحبها كاعباً رداحا
ما زالَ صباً بها أسيراً / يحمل من حبها ثبيرا
سعى إلى قربها كثيراً / لكنه لم يجد نجاحا
تخالفا عند ما تقوَّى / هوى به يرفض السلوّا
فإنه يبتغي دُنوّا / وإنها تبتغي انتزاحا
قَد برّح الحب أَي برحِ / به وأدماه بعد قرحِ
هَذا جَزاء امرئٍ ملحِّ / غدا عَلى غيِّه وراحا
إن الصبابات أعلنتْهُ / وَعذَّبته وأَوهنتْهُ
والأعين النجل أَثخنته / بسيف أَلحاظها جراحا
يا أمَّهُ ويكِ يا أباهُ / قوما إليه وودِّعاه
فإنه لا تفارقاه / يموت في اللَيل أَو صباحا
ما الحبُّ من لبِّ ذي تروِّ / أبعد من قلب ذي عُتوِّ
وليس في الحب من سمو / ما لم يكن خالصاً صُراحا
يَقول وَالعَين ذات سكبِ / هَل أَنا وَحدي رَهين كربِ
أم هذه حال كل صبِّ / قد هَوِيَ الغيد وَالملاحا
غرامها فيَّ قد تمكن / حتى براني كذا وأوهن
إنيَ تاللَه خائف أن / يجتاحني حبها اجتياحا
وَيلاه جار الهَوى عليّا / واِنتزع البين من يديّا
من لَو عَلى البعد منه حيّا / أزال ما فيّ أَو أَراحا
قد آن سيري إلى اللحودِ / حيث بها يَمَّحي وجودي
إنِّيَ يا أعيني فَجودي / لا أَبتَغي رفقة شحاحا
يا ريح مرِّي عَلى خيامِ / فشا بمن حلها غرامي
وبلغي أَهلها سَلامي / تعطُّفاً منك أَو سماحا
من كانَ منها له جوارُ / طابَ له اللَيل وَالنَهارُ
لَها بشط الفرات دارُ / لا سمح اللَه أن تباحا
حالت عهود الحمى حُؤولا / وما تظنيت أن تحولا
فما تُلول الحمى تلولا / ولا يطاح الحمى بِطاحا
يا أم لم فارق الطَبيبُ / دمعك يا أم لي يريبُ
هَل أَنا لا تَكتمي قَريبُ / من أَجَلٍ كانَ لي متاحا
يا ملك الموت لا تعدني / إليك عني إليك عني
حتى يجيء الجواب إني / أَرسلت صبحاً لها الرياحا
نَفسي يا موت فاِمتحنها / عَزيزة أَنتَ لا تهنها
فقبل عود الرَسول عنها / لا أَبتَغي من هنا براحا
وَجيش كمثل اللَيل قد طالَ زحفه
وَجيش كمثل اللَيل قد طالَ زحفه / إذا زالَ جنح منه أعقبه جنحُ
سَيَلقون منا أُمة عَربية / تحارب حتىّ يثخنَ القتلُ وَالجرحُ
يجودون بالأرواح في حومة الوَغى / وأما بأوطان لهم فبهم شح
نقاتل حتى يبصر الموت صبرنا / وَنثبت حتى يأتي النصر وَالفتح
ماذا بضاحية الرمي
ماذا بضاحية الرمي / ثة من غطارفة جحاجحْ
ولمن أُقيمت في البيو / ت عَلى كَرامتها المناوح
ولأية ندبت من ال / لَيل الحمامات الصوادح
قوم إلى دار البوا / ر مشوا فمن غاد وَرائح
طَلَبوا مساواة الحقو / ق فطوحت بهمُ الطوائح
فزكت دماء قد أُري / قت فوق هاتيك الأباطح
قتلى الدفاع عليهم / ناحَت من الحزن النوائح
فَهي المراثي اليوم تن / شد فيهم عوض المدائح
وَلَقَد أَصابَ القوم ما / أَبكى العيون من الفوادح
إذ هاجَموا يوم الوغى / غلب المدافع بالصفائح
من فتية خاضوا عجا / جتها عَلى الشقر السوابح
وَمعرضين وجوههم / بيضاً لنيران لوافح
وَمطوحين بنفسهم / خوف المذلة في المطاوح
ترك العدى فتيانهم / صرعى عَلى طول المسارح
وكأن طياراتهم / في الجو عقبان جوارح
وإذا أَحاطَت قوة / يستسلم البطل المشايح
ما كانَ حقاً كل ما / قَضَت السوانح وَالبوارح
أقلوك من عيد به / كثرت من العرب الذبائح
إذ باد حي كامل / عَن عز بيضته يكافح
لَهفي عَلى الغر الشبا / ب مجندلين عَلى الصحاصح
وَلَقَد تَفور جروحهم / بين التَرائب وَالجوانح
انظر إِلى تلك الوجو / ه فَما تغيرت المَلامح
بعد الَّذين تجندلوا / بالأمس وجه الدهر كالح
في الروض تحكي الأقاحي
في الروض تحكي الأقاحي / ثغور غيد ملاحِ
أذكى الشقيق شموعاً / فوق الربى والبطاح
لوى البنفسج جيداً / كأَنَّه غير صاحي
وَالورد شبه عروس / جلته أيدي الرياح
رأى الهزار قريباً / وكانَ جم الصياح
فحل من فرح بال / عناق زر الوشاح
ما أَجمل الروض ترنو / أَزهاره في الصباح
كل الَّذي هو في الزه / ر ظاهر من رواء
آت من الشمس فيما / تفيضه من ضياء
يا شمس أنت ستبقي / نَ بعدما أنا أردى
وَيجعل القبر يوماً / بيني وبينك سدا
الشمس في كل وقت / جديرة بالتَباهي
فإنها أم دنيا / نا وابنة اللاتناهي
وشى الرَبيع البقيعا / إني أحب الرَبيعا
أرى العنادل فيه / مغردات جميعا
وجدتُ للشدو في فص / لِهِ مجالاً وسيعا
أُلفي البنفسج تحت ال / نسرين ملقىً صريعا
والأقحوانة سكرى / والياسمين خليعا
إني إذا ما دَعاني ال / هزار كنت سميعا
لبيك ها أَنا ذا مُن / شدٌ قريضاً بديعا
هاج الهزار شجوني / إن الهزار يهيج
حتى نشجت بشعري / والشعر منه نشيج
لَقَد سمعت هزاراً / في الروض يدعو هزارا
تجاوبا فوق غصني / نِ ساعةً ثم طارا
يا شعر إنك يا شع / رُ صورة من شعوري
وأنت للناس بالحق / قِ ترجمان ضميري
يا شعر باللَّه غنِّ / كبلبل فوق غصن
أظن فيك اقتداراً / جماً فكن عند ظني
إن لم تقم بحقوق / عني فَما أنت مني
يا شعر إنك قيثا / رتي ولحنك لحني
اشرح سروري كما كن / تَ قبل تشرح حزني
إني لكل رجائي / عليك يا شعر أبني
أحسنتَ يا شعر أحسن / تَ شادياً إيهِ زدني
يا عندليب ترنَّم / في الروض يا عندليب
إذا أطلت سكوتاً / فالروض ليس يطيب
شدو العنادل شعر / تجيده بالتَغنِّي
أَرويه للناس عنها / أنا وترويه عنِّي
أقول للناس شعراً / وَلَيسَ بالشعر كسبي
إن فاتَني رغد العي / ش اليوم فالشعر حسبي
ما إن يعبر شعري / عما يجيش بصدري
ما كل ما في فؤادي / على لسانيَ يجري
وإنَّ عذري عجزي / فليقبل القوم عذري
ما كنت آمل أَنَّ ال / أيام تجبر كسري
وأنها بلقاء ال / أصحاب تشرح صدري
بين الألى كرَّموني / وقفت أبسط شكري
فليحيَ ناسٌ كرامٌ / بهم قد ازداد قدري
لأشكرنَّ سماءً / قد أمطرتني رذاذا
ما كنت آمل منها / قبل المواسم هَذا
بكيت من فرح يو / م زال عني الشقاء
وقد يَكون لعمري / مَع السرور بكاء
يا برق إنك يا بر / ق عارف بنزوعي
فلا بتسامك هَذا / علاقة بدموعي
وقفت بين أناس / مثل الجبال الرواسي
إن قستهم بجبال / فَما يَمينُ قياسي
لهم من المجد صرح / بنوه فوق أساس
جاؤوا جماهير يطلو / ن بالنضار نحاسي
فأَلبسونيَ عزاً / والعز خير لباس
بهم رجوت حياة / للعلم بعد اندراس
وإنّ خير رجاء / ما جاء من بعد ياس
يا علم أنت سراج / يضيء ليل الحياة
وأنت يا علم أَنت ال / دليل في الظلمات
أرى النجوم فأُطري / ضياءَها وأجلُّ
كأَنَّما هي حور / من السماء تُطلُّ
يا ايُّها القمر المُس / تَنير إنك سعدي
كَم كنت تطلع قبلي / وَكَم ستطلع بعدي
يا حبذا الصحب صحباً / طابوا نجاراً وقلبا
فَلا أَرى بينهم إل / لا مسعفاً أَو محبا
قد أدرك الشعر في ظل / لهم مراداً وإربا
لَولا العنايات منهم / به قضى الشعر نحبا
دعوته ليؤدي / شكر الجميل فَلبى
يا أَيُّها الشعر إني / أَرى مجالك رحبا
أركِضْ جوادَك في حم / دِ مكرميك وخِبَّا
إنَّ الزَمان صفا سر / ر جاء بالطيبات
وَهذه حسنات / يذهبن بالسيئات
هناك ناس أمدُّوا / أولئك المصلحونا
وآخرون اِستَعدُّوا / أولئك المفلحونا
ما سر بالنفع قوماً / في الغرب إلا الوفاق
وما أَضر بقوم / في الشرق إلا الشقاق
قد علمتنا السماء / أن العداء شقاء
الناس في الدين شتَّى / وَفي الحقوق سواء
الدين فيه وفاق / وَلَيسَ فيه عداء
إن العداء لشر / تذمه العقلاء
وَما لشعب تمادى / فيه الخلاف بقاء
فليحى بين النصارى / وَالمسلمين الإخاء
كلاهما عرب عن / دما يَكون انتماء
إن العراق لبيت / لأهله أي بيت
الشعب يشرب ماء / وَيستضيء بزيت
يسر بالبذل سعياً / إلى الوفاق الجميعُ
وَلا يَكون إذا ما / شحَّ السحاب رَبيعُ
يا مُلك لا تخش يوماً / من هلكة وانقراض
فانما أَنتَ في ذم / مة السيوف المواضي
قد حف ليلي الغمامُ / واشتد فيه الظلامُ
فبت سهران فيه / والناس حولي نيامُ
إن الرقاد على من / يَشكو سقاماً حرامُ
وكنت أَرعى نجوماً / كأَنهنَّ سهامُ
وهن قبل ثغور / يَبدو عليها ابتسامُ
الحمدُ لِلَّه رَبي / إذ زالَ عني السقامُ
وَسر أَبناء قَومي / طراً وقومي كرامُ
بَغداد مهبط روحي / في أَرضها هُزَّ مهدي
رأَيت أيام نحس / بها وأَيّام سعدِ
أوطاننا هي عز / ومصدر للحياة
إن المجرَّة رمز / لدجلة والفرات
إن طبتَ طبتُ وإن هن / تَ يا عراق أهون
إِنّي على كل حال / كما تكون أَكون
قد ضقت ذرعاً بكتما
قد ضقت ذرعاً بكتما / نِك الغَرام فبوحي
فإن تبوحى بما تك / تمينه تَستَريحي
وضح الصباح وهبت الأرواحُ
وضح الصباح وهبت الأرواحُ / وَتبينت في الأوجه الأفراحُ
ما أنضر الأغصان باكرها الحيا / فجلا وجوه الزهر وهي صباح
في جنة غناء أَزهر دوحها / وانبثَّ يعبق نشرها الفياح
غنت حمائمها على أَفنانها / فأجابهن البلبل الصياح
الزهر فوق الأرض مبثوث وقد / ألقت عليه ظلها الأدواح
وَكأَنَّما الطل السقيط سلافة / وكأَنَّما أَزهارها أَقداح
إنى امرؤ بالصدق ذو ولع فما
إنى امرؤ بالصدق ذو ولع فما / أَصبو إلى جنف ولا أَرتاحُ
حر يَقول كما يظن وهل على / حر يَقول كما يظن جناح
أَمشي على وضح اليَقين بليلَتي / حسبي اليَقين وحسبي الأوضاح
للشك أشباح تَلوح لجاهل / فَيَقول ماذا تلكم الأشباح
ما مرّ بي يوم يروع ظلامه / إلا بدا صبح له وضاح
العقل يهدي المرء في إدلاجه / إِمَّا سرى فكأَنّه مصباح
وَلَقَد يعانى المصلحون مشقة / حتى يتم لأمة إصلاح
لَيسَ الحياة سوى وغى ما راضها / إلا الكمي بعزمه الجحجاح
أَظهر بمعترك الحياة شجاعة / وتقلدنَّ العلم فهو سلاح
ود الكَثير من الورى لو أنهم / محقوا الكفاح فَلا يَكون كفاح
لكنهم جهلوا الحياة وأنها / حرب بها للناهضين صلاح
إن الحياة على البسيطة كلها / حرب تدور لها رحى ملحاح
بَغداد لي وطن إذا استذكرته
بَغداد لي وطن إذا استذكرته / مرت على عيني له ألواحُ
بغداد لَم تك غير دار سلامة / حتى تغير أَهلها وأَشاحوا
في كل يوم كان لي من أرضها / مغدىً إلى أمنيةٍ ومراح
وهناك أَندية شدوت بها كَما / في الرَوض يَشدو البلبل الصيداح
بلد لبست به شبابي هاتفاً / ونزعته وإذا الهتاف نواح
وَلَقَد تبدلت الوجوه فَلَم يُتَح / ما كانَ للحر الأَديب يتاح
أَنا واحد ممن تنغص عيشهم / فمضوا يجوبون البلاد وَساحوا
وَعَلى الأديب الحر يثقل أَن يرى / أَوطانه يجتاحها المجتاح
أَنا لست من خلط المزاح بجده / فالجد جد والمزاح مزاح
كذب الَّذين قد ادعوا بجهالة / أن العراق إلى العصا يرتاح
بل إنه متألم في ظهره / مِمّا أَتاه الجالدون جراح
وَالفَرق أن لَيسَ الشكاة من الأذى / فيه تباح كَما بمصر تباح
فهنا خضمٌّ لجُّهُ متلاطمٌ / وَهناك حوض ماؤُه ضحضاح
وَلَقَد تضاهي النيل فيه دجلة / يوماً فماء الواديين قراح
أسعى لأجمعَ شملَ أهلِ مدينتي
أسعى لأجمعَ شملَ أهلِ مدينتي / يا خيبة المسعى إذا لم أنجحِ
جلل ما الم بالفلاح
جلل ما الم بالفلاح / جاءه السيل بغتة وهو طاح
انه في ليل من الهم داج / قد خلا صبحه من الاوضاح
ظل في بهرة الشقاء مقيما / ما له عنها ساعة من براح
افسدت عيشه صروف الليالي / هل لما افسدته من اصلاح
كلما ازداد الفقر في بلد قلت / من اليأس قيمة الارواح
لما التقيتم وقد كا
لما التقيتم وقد كا / نوا يحملون سلاحا
اثخنتهم انت سبا / واثخنوك جراحا
هزنا الفن في كمنجة سامي
هزنا الفن في كمنجة سامي / وهو في اميرها الجحجاح
حبذا الموسيقى وحسبك منها / لغة في غموضها افصاح
لغه ليس يفهم العقل ما يسمع / منها وتفهم الارواح
وتر جامد ورق بلا حس / فمن اين جاء هذا النواح
وكأن الاوتار تحت يديه / السن تشرح الغرام فصاح
كلما جستها الانامل منه / شملت ارواحا لنا الافراح
واذا ما اراد فالامر جدّ / واذا ما اراد فهو مزاح
اغنموا فرصة السماع اليه / فهي في كل مرة لا تتاح
ان في لحنه جمالا اليه / كل نفس حساسة ترتاح
نغمات فاضت على الجو حتى / ملأته كما يفيض الصباح
نغمات لها الخلود فلا تذ / هب في هبات بهن الرياح
هي نور للتائهين مبين / وهي ماء للظامئين قراح
انما الفن للبقاء فلا يجتاحه / مثل غيره المجتاح
خلب الفن انفس السامعيه / ايها الفن انت سحر مباح
هل علينا اذا صبونا الى السحر / كما يدّعى اناس جناح
لقد آتتهم الدنيا
لقد آتتهم الدنيا / فضاموا الناس واجتاحوا
نسوا التأريخ والتأري / خ للأعمال فضاح
لست في دنياي إلا حفنة
لست في دنياي إلا حفنة / من تراب سوف تذروها الرياح
ان امت والموت محتوم فلا / تنقص الهضب ولا تربو البطاح
كان النعي يثير في الأرواح
كان النعي يثير في الأرواح / حزنا عميقا ما له من ماح
نبأ يسوء الصادقين سماعه / حبس اللسان اسى عن الافصاح
قد كان همسا ثم ذاع فلم تكن / اذن لتسمع غير رجع نواح
حم القضاء فان فيصل مانجا / من دائه عند القضاء الساحي
فبكى عليه الشعب من كبد له / حرى بكاء الثاكل الملواح
ان الألى عرفوا خلائق فيصل / ليست عليه عيونهم بشحاح
لم تبق عين ما بكت في موته / حزنا على خلق عفا وصلاح
حتى اذا جاؤا بنعشك احشدت / امم من الانحاء ملء الساح
كانت تحييه الدموع ذوارفا / اهلا بنعش السيد الجحجاح
سر ايها الروح المجرد جائبا / عرض السماء كسيد سياح
ما انت انيّ سرت الا سيد / في عالم الارواح والاشباح
او نم بقبرك مستريحا من ونى / او هي متانة فكرك السباح
في كل ناحية عليك مناحة / فيها الدموع مراقة بسماح
ان العيون اذا الرزية صرحت / عند البكاء كثيرة الالحاح
تملي نواح في المصاب عويلها / فتجيبهن على العويل نواحي
غازي تبوأ عرش فيصل اذ قضى / فالناس في حزن وفي افراح
من بعد ليل للفجيعة مظلم / قد لاح صبح بين الاوضاح
وكأنما التاج المكلل رأسه / نجم بدا للعين فوق صباح
للملك فيصل جاء قبل مؤسسا / يبني وغازي جاء للاصلاح
غازي لهذا الشعب مصباح الهدى / اكرم به للشعب من مصباح
ملك تحدر من ملوك جمة / عرب كما يرضى العلا اقحاح
فرحى بهذا الشبل داء معادلا / حزني على ذاك الهزبر الطاحي
فرح وحزن في فؤاد واحد / هذا لهذا فيه ليس بماح
قد كان فيصل دوحة قرشية / ولأنت شعبة اكرم الادواح
لا زال فينا ظل عرشك وارفا / اشدو به كالبلبل الصداح
اوتيته ملكا فاصلح شأنه / لا خير في ملك بلا اصلاح
اصلح ولا تحذر فخلفك امة / تفديك بالاموال والارواح
واعد لنا عهد الرشيد وما به / من سؤدد ضخم ومن افراح
لك في الصدور محبة مسطورة / من ذا محبر تلكم الالواح
حسب الألى قد ملكوك قيادهم / ما يقرأون بوجهك الوضاح
الشعب مقتدر اذا جندته / ان لا يكون فريسة التمساح
واذا الامور على الاعادي ابهمت / فالسيف لا يعيا عن الايضاح
ابعد دخيلا لم يكن من فعله / يوما اليه الشعب بالمرتاح
الشعب يأبى ان تكون بلاده / مرعى لكل بهيمة نطاح
الشعب مجروح فداو جراحه / ولتبق دامية عليّ جراحي
عالج صعوبات الامور بحكمة / فهي الطريق السمح للافلاح
لا زال قبر ضم رمة فيصل / كالروض منبت نرجس واقاح
الزهر أكبر مصرع الصداح
الزهر أكبر مصرع الصداح / فبكت عليه شقائق وأقاح
في الروض للأحزان أصبح مشهدا / ما كان قبلا منه للأفراح
كم أصغت الأزهار فيه للحنه / في ليلة بيضاء ذات وشاح
طافت بكرمته الجميلة برهة / شعراء عن وجد بهم ملحاح
كانت علاقتهم به في ظلها / كعلاقة الأجساد بالأرواح
أطلعت صبحا من قريضك مسفرا / والصبح أعرفه من الأوضاح
قد كنت أول شاعر بث الهدى / للناس فيما جاء من ألواح
أما يراعك فهو معزو له / ما تم للآداب من إصلاح
يا كوكبا قد كان يمحو نوره / صدأ الدجى أحسن به من ماح
لقد انطفأت وما هنالك موجب / إلا نفاد الزيت في المصباح