المجموع : 7
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا / سَرعان ما كان ليلاً فاستنار ضُحى
للدهر لونان من نور ومن غسق / هذا يعاقب هذا كلما بَرحا
وتلك صبغته أعدى بنيه بها / إذا تراخى مجال العمر وانفسَحَا
ما ينكر المرءُ من نورِ جلا غسقاً / ما لم يكن لأماني النفس مُطَّرِحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت / بمفرقٍ فمُحيَّا العيش قد كَلَحَا
يلقى المشيبَ بإجلال وتكرِمةٍ / من قد أعدّ من الأعمال ما صَلَحَا
أمّا ومثليَ لم يبرحْ يُعلِّلُهُ / من النسيم عليلٌ كلمّا نَفَحا
والبرقُ ما لاح في الظلماء مبتسما / من جانب السفح إلا دمعَه سَفَحا
فما له برقيب الشيب من قِبَلٍ / من بعد ما لامَ في شأنِ الهوى ولَحَا
يأبَى وفائيَ أن أصغي للائمةٍ / وأن أطيع عذولي غَشَّ أو نَصَحا
يا أهل نجد سقى الوسميُّ ربعَكُمُ / غيثاً يُنيلُ غليلَ التُّربِ ما اقترحا
ما للفؤاد إذا هبَت يمانيةٌ / تُهديه أنفاسُها الأشجانَ والبُرَحا
يا حَبَذا نسمةٌ من أرضكم نَفَحت / وحَبَّذا ربربٌ من جَوُكُمُ سَنَحَا
يا جيرةً تعرفُ الأحياءُ جودَهُمُ / ما ضَرَّ من ضنَّ بالإحسان لو سمحا
ما شِمتُ بارقةً من جوٌ كاظمةٍ / إلاَّ وبتُّ لزند الشوق مُقتدحا
في ذمَّةِ الله قلبي ما أعلُلُهُ / بالقرب إلا وعادَ القربُ مُنْتَزَحا
كم ليلةٍ والدجى راعت جوانبُها / قلبَ الجبان فما ينفكُ مُطَّرَحا
سريتُها ونجومُ الأفق فيه طفَتْ / جواهراً وعبابُ الليل قد طفحا
بسابحٍ أهتدي ليلاً بغرّتِهِ / والبدر في لجة الظلماء قد سبحا
والسحبُ تنثر دُرَّ الدمع من فَرَقٍ / والجوُّ يخلعُ من برق الدّجى وُشُحا
ما طالبتُ همّتي دهري بمَعُلُوَةٍ / إلاّ بلغتُ من الأيّام مُقْتَرحا
ولا أدرتُ كؤوس العزم مُغتبقاً / إلا أدرتُ كؤوس العزِّ مُصطبحا
هذا وكل الذي قد نلت من أمل / مثلَ الخيال تراءى ثُمَّتَ انْتَزَحا
كم يكدحُ المرءُ لا يدري مَنِيَتَهُ / أليسَ كلُّ امرئ يُجزى بما كَدَحا
وا رحمتا لشبابي ضاع أطيبُهُ / فما فرحتُ به قد عاد لي تَرَحا
أليس أيّامنا اللائي سلفن لنا / منازلاً أعلمت فيها الخطا مرحا
إنّا إلى الله ما أَوْلى المتابَ بنا / لو أَنْ قلباً إلى التوفيق قد جَنَحا
الحقُّ أبلَجُ والمنجاة عن كثبِ / والأمر للهِ والعُقبى لمن صَلَحا
يا ويحَ نفس توانَت عن مراشدِها / وطرفها في عنان الغَيِّ قد جَمَحَا
ترجو الخلاص ولم تنهجُ مسالِكها / من باعَ رشداً بِغَيَّ قلّما ربحا
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ / فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
يا ربِّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به / إلا الرسولَ ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ له في دفع مُعْضِلَةٍ / إلاّ وجدتُ جَناب اللّطف مُنفسحا
ولا تضايق أمرٌ فاستجرتُ به / إلا تفرْجَ بابُ الضّيقِ وانفتحا
يا هَلْ تبلّغني مثواهُ ناجيةٌ / تطوي بيَ القفر مهما امتدّ وانْفَسَحا
حيثُ الربوعُ بنور الوحي آهلةٌ / من حلَّها احتسب الآمال مُقْتَرَحا
حيثُ الرسالةُ تجلو من عجائبها / من الجمال تنور الله مُتَّضَحا
حيثُ النبوةُ تتلو من غرائبها / ذكراً يُغادر صدر الدين مُنْشَرِحَا
حيثُ الضريحُ بما قد ضَمَّ مِن كرمٍ / قد بَذَّ في الفخر من ساد ومن نجحا
يا حَبَّذا بلدةٌ كانَ النَّبِيُّ بها / يلقى الملائك فيه أيّةً سَرَحَا
يا دارَ هجرته يا أُفْقَ مطلعهِ / لي فيك بدرٌ بغير الفكر ما لُمِحَا
من هاشم في سماء العزْ مطلعُهُ / أكرمْ بِهِ نسباً بالعزْ مُتَّشِحا
من آل عدنانَ في الأشراف من مُضَرٍ / من محتدِ تطمح العلياءُ إن طَمَحَا
من عهد آدمَ ما زالت أوامره / تُسام بالمجد من آبائه الصُّرَحَا
عناية سبقت قبل الوجود له / واللهِ لو وُزنَتْ بالكون ما رَجَحَا
يا مصطفى وكمامُ الكون ما فتقت / يا مجتبى وزناد النور ما قُدِحا
لولاكَ ما أشرقت شَمْسٌ ولا قَمَرٌ / لولاك ما راقت الأفلاكُ مُلْتَمِحا
صدعتَ بالنّور تجلو كلَّ داجيةٍ / حتى تبيَّن نهجُ الحقِّ واتضحا
يا فاتِحَ الرسل أو يا ختمها شَرفاً / بوركتَ مُخْتَتِماً قُدْسْتَ مُفْتَتِحا
دنوت للخلق بالألطاف تمنحُها / والقلبُ في العالم العُلْويِّ ما بَرحَا
كالشمس في الأُفُقِ الأعلى مَجَرَّتُها / والنُّور منها إلى الأبصار قد وَضَحَا
كم آيةٍ لرسولِ الله مُعجزةٍ / تكلُّ عن منتهاها ألْسُنُ الفُصَحَا
إن رُدَّت الشمس من بعد الغروب له / قد ظلَّلَتُهُ غمامُ الجوِّ حيث نَحا
يا نعمةً عظُمَتْ في الخلق مِنَّتُها / ورحمةً تشمُلُ الغادينَ والرَّوحَا
اللهُ أعطاكَ ما لم يُؤُتِهِ أحداً / واللهُ أكرمُ من أَعطى وَمَن منحا
حبيبُهُ مصطفاهُ مُجْتَباهُ وفي / هذا بلاغٌ لمن حلاَّك مُمْتَدَحا
أثُنى عليك كتابُ اللهِ مُمُتَدِحاً / فأَين يبلغ في علياك من مَدَحا
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي / فجهديَ اليومَ أن أُهدي لك المِدَحَا
لعلَّ رُحماك والأقدار سابقةٌ / تُدْني محبّاً بأقصى الغرب مُنْتَزحا
نفسٌ شعاعٌ وقلبٌ خان أضلُعْهُ / ممَّا يُعاني من الأشواق قد بَرَحا
إذا البروقُ أضاءتْ والغمام هَمَتْ / فزفرتي أذْكيت أو مدمعي سَفَحا
لِمْ لا أحنُّ وهذا الجِذْعُ حَنَّ لَهُ / لما تباعد عن لُقياه وانْتَزَحَا
كم ذا التعلُّلُ والأيّام تمطلُني / كأنَّها لم تجِدُ عن ذاك مُنْتَذَحا
ما أقدرَ اللهَ أن يدني على شحطٍ / وأن يُقرْبَ بعد البين من نزحا
يا سيْدَ الرسلِ يا نعمَ الشّفيعُ إذا / طالَ الوقوفُ وحرُّ الشَّمس قد لفَحَا
أنت المُشَفَّعُ والأبصارُ شاخصةٌ / أنت الغِياث وهولُ الخطب قد فَدَحا
حاشَ العُلا وجميلُ الظَّنِّ يشفعُ لي / أن يُخْفِقَ السعي مني بعدما نجحا
عساك يا خيرَ من تُرجى وسائله / تُنجي غريقاً ببحر الذَّنب قد سبحا
ما زال معترفاً بالذنب معتذراً / لعلَّ حبَّك يمحو كلَّ ما اجْتَرَحَا
عسى البشير غداة الروع يُسْمِعُني / بُشرى تعود ليَ البؤسى بها فرحا
لا تيأسَنَّ فإِنّ الله ذو كرم / وحُبُّكَ العاقِبَ الماحي الذُّنُوبَ مَحَا
صَلّى الإلهُ على المختار صفوته / ما العارض انهلَّ أو ما البارقُ التَمَحَا
وأيَّدَ اللهُ مولانا بعصمته / بأيِّ باب إلى العلياء قد فُتِحا
وهُنِّئ الدينُ والدنيا على ملك / بسعده الطائرُ الميمونُ قد سَنَحا
أنا الضمينُ لمكحولٍ بغُرته / ألاَّ ترى عينهُ بؤساً ولا تَرَحَا
مولايَ خذها كما شاءت بلاغَتُها / غَرَّاءَ لم تعدَمِ الأحْجالَ والقُزَحَا
كأنَّ سِرْبَ قوافيها إذا سَنَحَتْ / طَيْرٌ على فَنَنِ الإِحسان قد صَدَحا
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ
لك الخير يا مولاي أبشرْ بعصمةٍ / عقدتَ مع الأيّام في حفظها صُلْحَا
وعافيةٍ في صحةٍ مستَجَدَّةٍ / تجدّد للدين السعادة والنُّجْحَا
ووجه التهاني مشرق متهلل / وجو الأماني بعدما عام قد أضحى
وقد ظهرت للبرء منك علامة / علامتك العليا تقول لنا صحا
طالعتُه دون الصباح صباحاً
طالعتُه دون الصباح صباحاً / لما جَلَتْ غُرَرَ البيان صِبَاحَا
ولقد رأيتُ وما رأيت كحسنها / وجهاً أغرَّ ومبسماً وضَّاحا
عذراء أَرضعها البيان لبانَهُ / وأطال مَغدىً عندها ومَرَاحَا
فأتت كما شاءت وشاء نجيبها / تُذكي الحجى وتُنعِّم الأرواحَا
لا بَلْ كمثلِ الروضِ باكره الحَيَا / وسقى به زهر الكمام فَفَاحَا
وطوت بساط الشوق مني بعدما / نَشَرَتُ عليَّ من القبول جَناحَا
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ
يا ابن نصرٍ لك ملكٌ / ليس تعدوه الفتوحُ
دمتَ روحاً للمعاني / ما سرى في الجسم روحُ
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً
كَابْن نصرٍ تراه في الحرب ليثاً / وهو بدر الندى وغيث السماح
ذكره قد ثنى قدود الندامى / وأعاد الحياةَ في الأقداحِ
في كؤوسِ الثَّغر من ذاكَ اللَّعَسْ
في كؤوسِ الثَّغر من ذاكَ اللَّعَسْ / راحةُ الأَرْوَاحْ
وتغشَّى الروضَ مسكيُّ النَّفَسْ / عاطرَ الأرواحْ
وكَسا الأرواحَ وشياً مُذْهَبا / يبهُرُ الشَّمْسَا
عَسْجَدٌ قد حلَّ من فوق الربى / يُبْهِجُ النَّفْسَا
فَاتَّخِذْ للْهوِ فيه مَركبَا / تَلْحَقِ الأُنْسَا
مِنْبَرُ الغُصْنِ عليه قد جَلَسْ / ساجِعُ الأدْواحْ
حُلَلَ السُّنْدُسِ خُضْراً قد لَبِسْ / عِطْفُهُ المرتاحْ
قُمْ تَرى هذا الأَصيلَ شاحبَا / حُسْنُهُ قَدْ رَاقْ
ولأَذيالِ الغُصونِ ساحبَا / في حُلّى الأوراقْ
ونديمٍ قالَ لي مخاطبا / قولَ ذي إشفاقْ
عادةُ الشمس بغربٍ تُخْتَلْسْ / هاتِ شَمْسَ الراحْ
إِنْ أرانا الجَوُّ وجهاً قد عَبَسْ / أَوْقِدِ المصباحْ
ووجوه الشَّرْبِ تُغني عن شُموسْ / كُلَّما تُجْلَى
بلحاظِ أَسْكرتْنَا عنْ كُؤوسْ / خَمْرُها أَحْلَى
مظهراتٌ من خفايا في النُّفوسْ / سُوَراً تُتْلَى
ما زمانْ الأُنسِ إلاَّ مُخْتَلَسْ / فاغْتَنِم يا صاحْ
وعُيونُ الشُّهب تذكَى عن حَرَسْ / تخصم النُّصَّاحْ
مَا تَرَى ثَغْرَ الوميضِ باسِمَا / يُظْهِرُ البِشْرا
بَثْ من أزهاره دَرَاهِمَا / قائلاً بَشْرى
ركب المولى مع الظهر الفَرَسْ / وشُفِيْ وارتاحْ
بجنودِ اللهِ دَأْباً يَحْتَرِسْ / إِنْ غَدا أَوْ راحْ
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَينا والهَنَا / بَعضَنَا بَغْضَا
فَزَمَانُ السَّعْدِ وَضَّاحُ السنا / وَجْهُهُ الأَرْضَى
أَثْمَرَتْ فيهِ العَوالي بالمنى / ثَمَراً غَضّا
يَجْتَني الإِسلامُ منها ما اغْتَرَسْ / سَيْفُهُ السَّفَّاحْ
في ضمير النقع منها قد هَجَسْ / شهب تلتاحْ
يا إماماً بالحسام المُنْتَضَى / نَصَرَ الحَقَّا
ثغرك الوضاح مهما أَوْمَضَا / أَخْجَلَ البَرْقَا
وديونُ السَّعدِ منهُ تُقْتَضَى / توسع الحُقَّا
لك وجهٌ من صباح مُقْتَبَسْ / بِشرُهُ وَضَّاحْ
وجميلُ الصفحِ منهُ مُلْتَمَسْ / مُنْعِمٌ صَفّاحْ
هَاكَهَا تُمْزَجُ لُطفاً بالنسيمْ / كُلَّمَا هَبَّا
قد أَتَتْ بالبِرِّ والصنعِ الجسيمْ / تَشْكُرُ الرَّبَّا
أَخْجَلَتْ من قَالَ في الصبحِ الوسيمْ / مُغْرَماً صَبَّا
غَرَّدَ الطَيْرُ فَنَبِّهْ من نَعَسُ / يا مُديرَ الراحْ
وتعرَّى الفَجْرُ عن ثوبِ الغَلَسْ / وانْجَلّى الإِصْباحْ
الملك أصبح علينا
الملك أصبح علينا / هاذ هو صباح الأفراح
وبالتحيا قد بدينا / ونسيم الصبح قد فاح
من يرّي طلعة غدوا / إش يريد الشمس تطلع
في جمال عنه سلوا / والبدور لحسن تخضع
منذ حزن من خلوا / السعود تجين باجمع
وتقبل عد بدينا / وتحن الينا الأرواح
الشموس تغير لحسنوا / ولذا تصفر عشيّا
والصباح يخجل منّوا / منه ظلل فالثنيا
والرياض ترولن عنوا / طيب شمائل عنبريا
منها تهدي إلينا / مسكها فطيّ الأرياح
كن غفلاً فالخبيّا / وشعاع الشمس قد طل
والصبح لم يصف نيّا / ورواق الليل مسبل
فعجبنا فالقضيّا / كل احد يقول ويسئل
الملك تقول جينا / أو أحد يمشي بمصباح
قلت ماه غير غرّا / منّها تشرق الأنوار
أبرزت للكون غرّا / من سلالة فخر الأنصار
احرزت فالأرض شهرا / به تشرّف الأعصار
كم فتحت من مدينا / كن لها من سعد مفتاح
هذا يوم يوم جنا / ما لها فالفخر قسيما
لس يجد أعظم شمنا / من مجي ذات الكريما
لا ولا لا حد منا / على شكر ذا الغنيما
ولا يوجد كابن سينا / طب للأرواح والأشباح