المجموع : 3
تَنَفَّسَ الرَّوْضُ عَنْ نُوَّارِهِ الأَرِجِ
تَنَفَّسَ الرَّوْضُ عَنْ نُوَّارِهِ الأَرِجِ / وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنْ لأْلاَئِهِ البَهجِ
بُشْرى بِأَيْمَنِ مَوْلُودٍ لِغُرَّتِهِ / هَزَّتْ يَدُ الدَّهْرِ مِنَّا عِطْفَ مُبْتَهج
وافَتْ به لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ مُخْبِرَةً / بِاثْنَيْنِ جاءَ كَرِيمٌ مِنْهُمَا وَيَجِي
لَمْ يَنْظُر المَجْدُ مِنْ عَلْيَاهُ عَنْ حَوَرٍ / حَتَّى تَبَسَّمَ مِنْ مَرْآهُ عَنْ فَلَج
هِلاَلٌ سَعْدٍ يُجَلِّي كُلَّ دَاجِيَةٍ / ظَلاَمُها لَيْسَ يُمْشَى فِيه بِالسُّرُج
ونُطْفَةٌ مِنْ صَمِيمِ الْفَخْرِ ما بَرَحَتْ / تَجُولُ مِنْ مَشَجٍ زَاكٍ إلَى مَشَجِ
تَفَرَّعَتْ بَيْنَ أَصْلَيْ سُؤْدُدٍ وَعُلاً / تَقَاسَمَا طَيِّبَ الأَثْمَارِ وَالأَرَج
أَبٌ وَخَالٌ أَبَانَا مِنْ رِئَاسَتِه / ما أَحْرَزا عَنْ خُلَيْفٍ أَوْ أَبِي الْفَرَجِ
مَنَاسِبٌ كَاطِّرَادِ الْمَاءِ ما انْبَعَثَتْ / إلاَّ رَأَيْتَ بِحَارَ الأَرْضِ كَالْخُلُج
تَرَفَّعَتْ بِبَنِي سَعْدٍ ذُرَى شَرَفٍ / كما سَمَتْ بِنَدِيٍّ غايَةَ الدَّرَجِ
مَفَاخِرٌ قَدْ خُصِصْتُمْ يا جُذَامُ بِِها / فَخَاصِمُوا وثِقُوا بِالفَلْجِ في الْحُجَجِ
ما زِلْتُمُ بِمَنَارِ اليُمْنِ مِنْ يَمَنٍ / حَتَّى تَقَوَّمَ من مَيْلٍ وَمِنْ عِوَجِ
كَمْ مَسْلَكٍ بِكُمُ قَدْ عادَ مُتَّسِعاً / وكانَ مِنْ قَبْلُ ذا ضِيقٍ وَذَا حَرَجِ
وقاصِدٍ قَدْ تَلَقَّى السَّيْرَ نَحْوَكُمُ / بِحَمْدِ مُبْتَكِرٍ مِنْهُ ومُدَّلِجِ
وَبَحْرِ حَرْبٍ قَطَعْتُمْ لُجَّ زاخِرِه / بأَنْصُلٍ لُجِّجَتْ في الخَوْضِ في اللُّجَجِ
بمَعْرَك لا تَرَى منه العيونُ سِوَى / شُهْبٍ مِنَ السَّيْرِ في ليلٍ منَ الرَّهَجِ
حيثُ الدِّماءُ عُقارٌ يُسْتَحَثُّ على / ما شِئْتَ من زَجَلٍ للخَيْلِ أَو هَزَجِ
والهامُ قد أَوْسَعَتْهَا البِيضُ عَرْبَدَةً / لمَّا أّدارَتْ عليها خَمْرَةَ المُهَج
من كُلِّ ذي جَوْهَرٍ ما زالَ مُنْتَظِماً / لِلْقِرْنِ في لَبَّةٍ منه وفي وَدَجِ
وكلِّ مُنْعَطِفٍ كالنَّهْرِ مُطَّرِداً / بَيْنَ الأَباطِحِ في أَثْنَاءِ مُنْعَرَج
في كَفِّ كُلِّ كَمِيٍّ ما بَصَرْتَ به / إلاَّ تَنَزَّهْتَ في عَقْلٍ وفي هَوَجَ
أَولئك الرّايةُ العَلْياءُ من يَمَنٍ / فاركنْ إلى ظِلِّها تَأْمَنْ مِنَ الوَهَجِ
وَرَدْتَ منها بِبَحْرٍ إنْ تَهُبَّ به / رِيحُ السؤالِ على عِلاَّتِها يَهجِ
جَمِّ العوارِفِ طامٍ غير مُحْتَبِسٍ / عَذْبِ المَشَارِبِ صافٍ غَيْرِ مُمْتَزِجِ
وساكنِ الجَأْشِ ما يَنْفَكُ عزمته / يلقي الخُطوبَ بلا طَيْشٍ ولا زَعَجِ
اِهْنَأْ أَبا الحَسَن السّامي بخير فَتًى / مُحَسَّنٍ لم يَدَعْ من مَنْظَرٍ بَهَجَ
يُكْنَى أَبا الفَضْلِ وَهْوَ الفَضْلُ أَجْمَعُهُ / وتِلْكَ بُشْرَى بها الأَيَّام في لَهَجِ
ما زلْتَ في المجدِ والعلياءِ منفَرِداً / حتى كُسيتَ به أَوصافَ مُزْدَوَجِ
فاسْحَبْ على النجمِ ذَيْلَ التِّيهِ مفتخراً / فَأَنتَ بالتِّيهِ والفخرِ القديمِ حَجِ
بَقِيتُما كوثَرَيْ عُرُفٍ ومَعْرِفَةٍ / وَجَنَّتَيْ فَرَحٍ للناس أَو فَرَجِ
لَجَأْتُ إِلى عُتْبَاكَ فاسْتَبْقِ مَنْ لَجَا
لَجَأْتُ إِلى عُتْبَاكَ فاسْتَبْقِ مَنْ لَجَا / ولا تَفْتَحَنْ بابًا إِلى العَتْبِ مُرْتَجا
فإِنَّكَ لو أَنصفَت في الوُدِّ صاحبًا / جَعَلْتَ له فيما تَوَهَّمْتَ مَخْرَجَا
أُعيذُكَ أَن يقتادَكَ الظَّنُّ طَوْعَهُ / قَيَثْنِيكَ عن سُبْلِ الوفاءِ مُعَرِّجا
فقد خاطَبَتْنِي مقلتَاكَ بباطلٍ / طويتَ عليه باطنًا مُتَأَجِّجَا
أَتُوبُ من الذنبِ الذي سُؤْتَنِي له / وإِن كنتُ منه لم أَزَلْ مُتَحَرِّجا
ولو كانَ ما خَيَّلْتَ ما كَانَ بدْعَةً / هُوَ الرَّبْعُ جادَتْهُ السّحابُ فأَبْهَجا
سواك يُمِيلُ المرءُ عنه فؤادَهُ / ويُسْلِكُهُ غَيْرَ المَوَدَّةِ منهجا
أَدَرْتَ على قَلْبِي هَوَاكَ سُلافَةً / فَحَيَّاهُ روضٌ من ثَنَاكَ تَأَرَّجا
وقُمْتَ بِهِ وإِنْ جَلَّ قَدْرُهُ / حَفِيفًا على ظَهْرِ المُرُوءَةِ والحِجا
فما بالُ بحرِ الوُدِّ جاشَ تَغَيُّراً / وَعَهْدِي به يَشْجُو الأَعادِي إِذا سَجَا
وما رَاعَني إِلاَّ انبساطٌ طَوَيْتَه / مَلاَلاً كما تَطْوِي الأَنامِلُ مَدْرَجَا
ظمِئتُ وقد يَظْمَا البعيدُ مناهِلاً / وصادَفْتُ ذاكَ العَذْبَ منك تَمَرَّجا
ولاحَ هجيرُ الهَجْرِ مِنِّيَ بَهْجَةً / عَدِمْتُ لها ظِلاًّ ببابكَ سَجْسَجَا
أَتَثْنِي وِدادِي الحفيظَةُ مُرَّةٌ / لِظَنِّ دَجَا في وجهِ عُذْرٍ تَبَلَّجَا
غدا صائِغًا فيكُمْ حُلِيَّ قصائدٍ / فَطَوَّقَ أَجيادًا بِهِنَّ وَتَوَّجَا
أَقِلْ ذا ضُلوعٍ أَضْرَمَ الوجدُ نارَها / وإِنْ كانَ في بحر المُصافاةِ لَجَّجَا
فقد راحَ مسلوبَ العَزَاءِ كأَنَّه / ووُقِّيتَ مما يَضْرِبُ اللَّوْمَ أَهْوَجَا
عرضَتْ لمُعتَرضِ الصّباحِ الأبلجِ
عرضَتْ لمُعتَرضِ الصّباحِ الأبلجِ / حوراءُ في طرفِ الظلامِ الأدعجِ
فتمزّقَت شيّة الدُجى عن غُرّتَيْ / شمسَيْنِ في أفُقٍ وكِلّةِ هودجِ
ووراء أستارِ الحُمولِ لواحظٌ / غازَلْنَ معتدِلَ الوشيجِ الأعوج
من كل مبتَسِمِ السنانِ إذا جرى / دمعُ النجيعِ من الكميّ الأهوجِ
ومروّعٍ وطِئَ الحُقودَ بشفْرَتَي / متوسِّعٍ في ضيق ذاك المنهجِ
قارعْتُه وعلِمْتُ أني ناكحٌ / طَمعاً متى ألقَحْتُه لم يَنتُجِ
ولرُبّ بابٍ مرتَجٍ حاولتُه / بلطافةٍ ففتحتُه للمرتجي
ومولّعٍ بالصّدِّ هزّتْ عِطفَه / خُدَعُ الهوى فأمال جيدَ معوّجِ
وإذا الفتى تبعَ الصّبابةَ والصِّبا / وجدَ المنيّة سهلة المتولَّجِ
لا تنكِرَنّ عليّ عاديةَ الأسى / فالحبُّ كأسٌ خمرُها لم يُمزَجِ
ولئن أرادَتْني الخُطوبُ بمرّها / فالريحُ تزلَقُ عن ثنايا منعِجِ
أو رحْتُ في سمَلِ الثياب فإنني / كالعَضْبِ يَفري وهو رثُّ المنسِجِ
ولقد صحبْتُ الليلَ قلّصَ بُردَه / لعُبابِ بحرِ صباحه المتموّجِ
وكأن منتثرَ النجومِ لآلئٌ / نُظمَتْ على صرْحِ من الفيروزَجِ
وسهرْتُ أرقُبُ من سُهيلٍ خافقاً / متفرِّداً فكأنه قلبُ الشّجي
واستعبرَتْ مُقلُ الغَمام فأضحكتْ / منها ثغورَ مفوّفٍ ومدبّجِ
وفضضْتُ عن مدحِ السديدِ خِتامَها / فغَنيتُ عن زهرِ الرُبى المتأرّجِ
ودعوْتُ يا هبةَ الإلهِ فقال لي / لفظُ النّجاحِ الْهَجْ بذلك تنهجِ
هو كعبةُ الإفضالِ إلا أنها / بعُدَتْ ومن لم يسَطِعْ لم يحْجُجِ
ولقد شداني العزمُ سرْ تلقَ المُنى / فشدا له الإمكانُ دونك تمرُجِ
للهِ منه أغرُّ مزّقَ سعيُه / سدفَ العوارضِ عن أغرّ متوّجِ
دمثُ الجنابِ تمجُّ تُربةُ أرضهِ / عَرْفاً متى يلقَ الحمامةَ تهزُجِ
يقظانُ يذهبُ بين طرفَي نائلٍ / متفخّرٌ في سُؤددٍ متبرّجِ
طلْقُ الجبين أريجُ أقطارِ الثّنا / حُلوُ السجيّة مُستنيرُ المنهَجِ
متنوّعُ الأوصافِ شابَ وقارَه / طرَبٌ فجاءَ بخالصِ المتمزّج
حُرُّ الفصاحةِ لو يُساجِلُ يعرُباً / لأبان فيه لُكْنةَ المتلجْلجِ
راسي حَصاة الحِلْمِ حيثُ تحللَتْ / عُقدُ الحُبا وارتاحَ كلُّ مدجّجِ
نشرَ المكارمَ واعتلى فكأنما / طُويَتْ له العلياءُ طيّ المدْرَجِ
متقمّصٌ بالزُهدِ لو بُذِلَتْ له الد / نْيا وقيلَ ادخُلْ بها لم يخرُجِ
ومُصيبُ سهمِ الظّنّ يُشرقُ رأيُه / في حيثُ نورُ الشمسِ لم يتوهّجِ
يَهديه في سُدَفِ الأمورِ قريحةٌ / تمشي على وضَحِ الصّباحِ الأبلجِ
فلأيّ خَطْبٍ ضيّقٍ أومى بها / يوماً على عجلٍ ولم يتفرّجِ
سبقَ الأكارمَ للمكارمِ فانثنى / يعدو على الغادي بحظِّ المُدلِجِ
ومصرِّفُ الأحكامِ لم يعلَقْ بها / طيشُ الضّجورِ ولا اختلالُ المُحرَجِ
هذا هو البيتُ العتيقُ فمن يُردْ / وِرْدَ التنسّكِ والتقى فليحجُجِ
فليَهْنِهِ العيدُ الذي هو عبدُه / وبعبدِه بالحُسنِ والحُسْنى حَجي
يَقضي فربُّ التاجِ تحت قضائه / بالعدل مُنقادٌ لذات الدُمْلُجِ
لا زالَ كالبدرِ المنيرِ منقّلاً / من أبرُجٍ مسعودةٍ في أبرُجِ