سَميّ المصطفى لا زلت تعلو
سَميّ المصطفى لا زلت تعلو / إلى أوْج يطاول كل أوج
فدُر كالشمس في فلك المعالي / وحُلّ من الكمال بكل برج
نُصرت على بني يونان نصراً / أقام الغرب في هَرْج ومَرْج
وأطلع في سماء الشرق شمساً / تُفيض عليه أنوار الترجّي
فسَرّ المخلصين كل حر / وساء الخائنين وكل سمج
وما اليونان كفؤك في نزال / وإن ملؤوا السهول وكل فَجّ
ولكن قد غلبت جيوش قوم / أذلّوُا بالبوارج كلّ لج
تركت جيوشهم من فَرط رُعب / تُعاهد للهزيمة كل نهج
إذا ذكروا سُماك ولو مَناماً / تحامَوْا ذكره بسوى التهجّي
لئلا يسمعوه فيعتريهم / ضَنى داءَين من شَلَل وفَلج
هم اليونان أْلأم كل قوم / وأخْوَف في الوغى من فرخ قَبج
أرَقَ سجية منهم وأرقى / حمير الوحش سارحةً بمَرج
فلا تَغرُرك أوجههم بياضاً / فإن طباعهم كطباع زنج
وجوه قد حكَيْن الثلج لوناً / ولكن فاتهنّ نَقاء ثلج
فيا أمضى الورى رأياً وسيفاً / وأعرَفَهم بمَصعَد كل أوج
لقد أنقذت من إزمير خَوْداً / تسام الخسف في يد كل عِلج
وقمت على البلاد مقام عيسى / على مَرضاه من عُميٍ وعُرج
فعالجت الفُتوق بحسن رَتق / ولازمت الخروق بحسن نسج
ورُحت إلى التجدُّد في المعالي / تقود الناهضين بها وتُزجي
وتخطب في الجموع بيوم حَفل / كما خطب النبيّ بيوم حَج
وتأتيك الوُفود من الأقاصي / لتسمع قول مِدْرَهِها المِثَجّ
فَقْودك للعقول بيوم سلم / كقودك للجيوش بيوم هَيج
لقد جدّدت للأوطان عهداً / تُجاري فيه أوطان الفرنج
لتبتدر الشعوب إلى المعالي / وتبلغ ما تريد وما تُرجي
وتَنهج منهج العُمران فيما / بها للناس من دَخْل وخَرج
وأنت اليوم حارسها المفدَّى / تَحُوط أُمورها من كل هَرْج
وتَبتدِر المُلِمَ إذا عراها / فتَعْرَوْري الجواد بغير سرج
إذا ذُكر الهُبوط فأنت مُعلٍ / وإن خِيف الحُبوط فأنت منج
وتشرب أنت كأس المجد صِرفاً / ويشربها سواؤك ذات مَزج