أُمّوا بنا نحوَ العقيقِ وأدْلِجوا
أُمّوا بنا نحوَ العقيقِ وأدْلِجوا / وقِفوا على تلكَ الرّبوعِ وعرّجوا
واثْنوا الأعنّةَ نحو سكّانِ اللّوى / واِلوُوا بأعناقِ المطيّ وعوّجوا
فإذا لكم بدتِ الرّسومُ فأمْسِكوا / أكبادَكُم حتّى يدَيكُم تنضجُ
فهُناكَ حيٌّ للعُيونِ تنزّهٌ / فيهِ وللقَلبِ الشجيّ تبَهّجُ
حيٌّ على الوادي كأنّ قِبابَه / كُثُبٌ ينوّعُها الحَيا ويُزَبْرِجُ
حرمٌ تَرى من دونِ بيضةِ خِدرِه / كم فيهِ بيضةُ خادِرٍ تتدَحْرَجُ
عذْبُ المناهِلِ غيرَ أنّ وُرودَها / نارُ المَنايا دونَه تتأجّجُ
يُمسي بأربُعهِ لنيرانِ القِرى / وفْدٌ وللبيضِ الرِّقاقِ تموُّجُ
لكواكِبِ الفِتيانِ فيه تحجّبٌ / ولأنجُمِ الفَتَياتِ فيه تبرُّجُ
أوراقُهُ تُشْجي ورَجْعُ قيانِهِ / أشْجى وأوقَعُ في النّفوسِ وأوهَجُ
كم فيهِ ظبيٌ بالحَرير مسَرْبَلٌ / وهِزَبْرُ حربٍ بالحَديدِ مدَجَّجُ
ورفيعُ مجدٍ بالنّجيعِ مخضّبٌ / وصريعُ وجدٍ بالدّموعِ مضرّجُ
ولكَمْ به شمسٌ تقلّد جيدُها / شُهُباً وبدرٌ بالهِلالِ مدَمْلَجُ
بصعيدِه تشفى العُيونُ وتنْجَلي / فكأنّ كلَّ حصىً عليه دهنَجُ
للّهِ أيّامٌ لنا سلفَتْ به / ولَيالُ وَصْلٍ صفوُها لا يُمزَجُ
أوقاتُ أنسٍ كالعرائِسِ بهجةً / يا ليتَها بالبَيْنِ لا تتزوّجُ
كالعِقْدِ كان نظامُها فتفرّقَتْ / فحكَتْ ثَنايا الغُرّ وهْو مفلَّجُ
حيّا الحَيا العَرَبَ الألى لضيوفِهِم / نسجوا به بُسْطَ الحرير ودبّجوا
وبمُهجَتي منهم عليّ أعزّةٌ / دخلوا الفؤادَ ومنه صبري أخرجوا
صُبْحُ الوجوه ترى على جبَهاتِهم / تزهو مصابيحُ الجمالِ وتُسرَجُ
أخذوا جِيادَهُمُ أهلّةَ عسْجَدٍ / وبأنْجُمِ البيضِ الحديدِ تتوّجوا
لم أنْسَ موقفَهُم وقد أرِقَ النّوى / والريحُ تُحدى للرّحيلِ وتُحدَجُ
ساروا فكم قمرٍ على فرسٍ بَدا / فيهِم وكم شمسٍ زَواها هودَجُ
ولَرُبّ سافرةٍ غَداةَ رحيلِهم / ذهلَتْ وأفزَعَها الفِراقُ المُزعِجُ
تبكي وتذري كحلَها بدمُوعِها / فيعودُ وردُ الخدِّ وهوَ بنفسَجُ
لم أدرِ قبل أرى الدموعَ بجَفنِها / أنّ اللآلي البيض قد تتنسّجُ
حتّامَ أطلبُ للنجومِ فأرتَقي / وأهِمُّ في وصلِ النجومِ فأعرُجُ
وأضلَّ في لَيلِ الغوايةِ والهوى / وبياضُ شَيبي فجرُهُ يتبلّجُ
ما كُنتُ أوّلَ مُدْنَفٍ بفؤادِه / لعِبَ الهَوى وسَباهُ طَرْفٌ أدْعَجُ
وإلامَ تُطمِعُني الحِسانُ بوصلِها / وعُهودُهنّ قضيةٌ لا تُنتَجُ
وأقولُ إنّ الدهرَ يسْمحُ باللِّقا / ونَوى الأحبّةِ كُربةٌ لا تُفرَجُ
تعِسَ الزّمانُ وليسَ فيه منظرٌ / حسنٌ إذا جرّبْتَهُ لا يسمُجُ
هل فيه للظّنِّ الجميلِ معرَّسٌ / أو للقوافي السائِراتِ معرَّجُ
همدَتْ مرابعُه فليس به سوى / مَغنى عليٍّ روضةٌ تتأرّجُ
غيثٌ إذا ما النّبْتُ صوّحَ والكَلا / أولى ووجهُ الأرضِ لا يتدجّجُ
أنّى أتيتَ ربوعَهُم فرِياضُها / خُضْرٌ ووُرْقُ المَكرُماتِ تثجّجُ
قاسَ الأنامُ به الغمامَ وما يروا / أنّ الغَمامَ بجُودِه يتسرّجُ
لو في سِباخِ الأرضِ يمطُرُ كفُّهُ / بالتِبْرِ فيها نوّرَ الفَيروزَجُ
خُلِقَ النّدى خُلُقاً له فإنِ اِدّعى / فيهِ سواهُ فأحْولٌ يتغنّجُ
أفديهِ بالمتصنّعينَ فإنّهم / ماءٌ عليهِ طُحلُبٌ يتفَلْذَجُ
يا منْ أظلَّ الرّزْقُ ملكَ بَنانِه / فيها إليه بكلِّ حظٍّ منهَجُ
جُمِعَتْ به مِيمُ الكِرامِ فأصبحَتْ / لُجَجاً بعَشْرِ بنانِه يتخلّجُ
سمْحٌ إذا ما الدّهرُ أصبحَ كالحاً / منهُ تبلّجَ فيه وجهٌ أبْلجُ
هو للعُلا زنْدٌ وللدنيا إذا / ما اِسودّتْ الأيّامُ خدٌّ أنعَجُ
دعْ عنكَ أخبارَ الكِرامِ فإنّه / هو زُبدةٌ يَكفيكَها ونَموذَجُ
عَذُبَتْ مواردُه وطاب فمَنُّه / بالمَنِّ عندَ الوِردِ لا يتأجّجُ
بصفاتِه كم ضلّ عقلٌ واِهتدى / بضيائِه في الليلِ سارٍ مُدلِجُ
قبَسٌ يهزُّ خليجَ فولاذٍ به / غَرْقى النّفوسِ الخائِناتِ تلجّجُ
يجتازُ ريحُ السُخطِ فيه فيلْتَظي / ويمرّ برْدُ العَفوِ فيه فيثلُجُ
رضعَ الرّدى حتّى ترشّح جسمُه / لبَناً فأصبح فوقَهُ يترجْرَجُ
تُمسي الأسودُ على الثّرى صرعى إذا / شهِدَتْ نِمالَ الموتِ فيه تَدْرُجُ
بطلٌ أسنّتُهُ تنضْنَضُ بالسَّنا / منهنّ ألسنةُ الرّدى وتلجْلَجُ
فيه تثقّفتِ الرّماحُ فأوشكَتْ / تنسابُ من يدِه القَناةُ فتخْلجُ
وتَشحّذَتْ بيضُ السيوفِ بعزمِه / فمضَتْ وكادَ كَهامُها يتسرّجُ
تلقى عوامِلُها الجُموعَ إذا سَطا / فكأنّها ألِفاتُ وَصْلٍ تُدْرَجُ
آباؤهُ حُجَجُ الإله وحَجّهُ / فرضٌ على ذي حاجةٍ يتحوّجُ
من عِترةٍ في جودِهم ووجودِهم / أمِنَ الوَرى نُوَبَ الزّمانِ وأبلَجوا
رهْطٌ بهِم طابَتْ وزادَتْ يثرِبٌ / شرَفاً وعزّتْ أوسُها والخزرَجُ
لو يُقسمُ الدّاعي بهم يوماً على / صُمّ الجِبالِ لأقبلَتْ تتخزلَجُ
ركبوا الخُطوبَ وألجموها بالظُّبا / فلهُم جوامحُها تُراضُ وتُسْرَجُ
قرنوا السّماحةَ بالشجاعةِ مثلَ ما / بالعفوِ قد خلطوا العَفافَ وأدمَجوا
وتفرّدوا بالحَمْدِ إلّا أنّهُمْ / شفَعوا فُرادى المَكرُماتِ وزوّجوا
يا منْ إذا حدّثْتُ عنهُ بأنّه / بحرٌ فلا أخشى ولا أتحرّجُ
إن قيلَ مِشكاةٌ فرأيُكَ نيّرٌ / أو قيلَ مرآةٌ فذِهنُك أسرَجُ
أنّى تُجارى في الكمال وإنّما / لُقمانُ في المِضمارِ خلفَك أعرَجُ
فرّجْتَ ضيقَ المُشكلاتِ بفكرةٍ / في السُّمِّ يُمكِنُها لرَضْوى تولِجُ
لا زِلْتَ خيرَ أبٍ لأبناءِ الرّجا / وطريقَ رزقٍ بابُه لا يُرتَجُ
فاِنعَم بأجرِ الصّومِ واِبقَ بنعمةٍ / تُغلي صُدورَ الحاسدينَ وتوهِجُ
واِبهَج بعيدٍ أنت أسنى غُرّة / منه وأبهى في القلوبِ وأبهَجُ
واِرْفُلْ مدى الأيّامِ في حُلَلِ الثّنا / فنَداكَ يُسديها وفِكري ينسُجُ