أَبى زَمَني مَذ شِبتُ أَلّا تَعَوُّجا
أَبى زَمَني مَذ شِبتُ أَلّا تَعَوُّجا / وَأَهل وِدادي فيهِ أَلّا تبهرُجا
كَأَن لَم يَشِب فيهِ سِوايَ وَلَم يَكُن / عِذاري وَرَأسي حالك اللَون أَدعَجا
وَلَم أَكُ كالخَطّي أَو غصن بانَةٍ / كَساها بِها فَصل الرَبيع وَدَبَّجا
بِنوّار نَورٍ يَطَّبي أَعيُن المَها / وَيَفتن ذا الأَلباب بِالشَكل وَالشَجا
سَقى مَعهَداً كُنّا بِهِ زَمَن الصِبا / مقربة سَحاً وَهاداً وَأَمرَجا
وَعَهدي بِهِ قَبلَ افتراق فَريقنا / وَأَنداؤُهُ كالبَحرِ لَمّا تَموَّجا
بِأَقيال قَحطان وَأساد عامِر / وَفُرسان كَلب كالوَشيج الموشَّجا
خَفاف إِذا اِستَصرَختُهُم عَن جِنايَة / إِلى النَقع لا يَلوون عَنها تعرجا
يَمدون بِالخُطِّ الذَوابِل أَيدياً / مَعودة طَعن الكميِّ المدجَّجا
عَلى كُلِّ خَنذيذٍ طِمَرِّ نخاله / إِذا مزعت يَوم الكَريهة أَعوَجا
يَعفُّونَ عَن أَسلاب مَن رام حربهم / وَيَقتَسِموا الأَرواح قَسماً مَلهوجا
أَسائلتي عَن مَشهَدٍ جَلَّ ذِكرِهِ / قَضى كُلَّ نَيل أَو ذِمامٍ فَأَثلَجا
أَتَتنا كِلابٌ في تَميم وَتَغلِب / وَأَحيا نميراً وَالقشيريَّ عَرفَجاء
يؤمهم عطّاف يَطلُب ثأرُهُ / فَأَوردهم وَرداً وَبيّا موهَّجا
سَقاهُم حياض المَوت بدر عَلى ظَماً / بِهندِيَّة تَفري الحَديد المنسَّجا
إِذا أَغمَدَت عَن مَعشَر عاد مِنهُما / وَإِن جرِّدَت في جَحفَل عاد منفجا
بِأَيدي كِرامٍ مِن ذَؤابة طيىء / وَبحتر مَع رَهط الوَليد وَدعلجا
يؤمهم البَدر الفَتى ابن رَبيعة / وَقَد صَمَّمَ الرمح الأَصم وَأَرهَجا
عَلى هَيكَلٍ وَردٍ كَأقطم تَلَّةٍ / سَليم الشَظا لا ذي نَساءٍ وَلا وَجا
يُنادي كِلاباً وَالقَبائِل كُلها / وَهُم سامِعوه مفصحاً ما تلجلجا
أَنا ابن الَّذي لا يَخمِد الدَهر ناره / ولا أَوقَدت إِلّا لِتَهدي إِلى النَجا
إِلى راسِيات ما تَنام طُهاتُها / وَمقراة نُبلٍ ما تَغِب المودَّجا
ملكنا جَميع الأَرض مِن بَعدِ جُرهم / وَكانَ لَنا مِن غار فيها وَهملجا
وَجاءُوا إِلَينا يَطلُبون ذِمامَنا / مِنَ الشَرقِ وَالغَربِ المُمَنَّعِ وَالنَجا
فَنَحنُ رؤوسٌ وَالخَلائِقُ كُلَّها / لَنا تبعٌ إِلّا النَبيَّ المُتَوَّجا
وَأَبناؤُهُ مِن فاطِم وَعَليّة / أَئمتنا الهادونَ أَوضَح مَنهَجا
وَكَرَّ عَلَيهِم كَرَّة حميرية / أَبادهمُ بالسَيفِ طراً فَأَزعَجا
فَكُنّا كَبازيِّ هَوى نَحوَ دَردَقٍ / مِنَ الطَير مُنقضٍ فَكُلٌ تَثَبَّجا
وَخَلَّفهم بِالقاعِ صَرعى تنوشهم / وَحوش الفَيافي ما لَهُم مِنهُ مُلتَجا
وَأَشبَع ذِئباً جائِعاً مِن جُسومِهِم / وَضَبعاً وَنِسراً قَشعَمياً وَزَمَّجا
حَكَمَت عَلَيهم بَدر أَعدَل حاكِم / بِقَتلِكَ مِن زَمَّ المَطيّ وَأَسرَجا
جَعلتَ رَحا الحَربِ العَوان عَلَيهِم / تَدور فَما في القَومِ مِن فيهِ مُرتَجى
مَلأت بروج الحَربِ مِنهُم مع الرُبى / فَلَستَ تَرى إِلّا قَتيلاً مُضَرَّجا
وَأَلحَقت مِنَ أَلفَيتَ مِنهُم نَزاهَة / كَتائِب رَوعٍ أَلحَقَتهُم بِمَن نَجا
فَمَن كانَ حلي السَيف مِنهُم مآبَهُ / كَأنّ حَليَّ السَيفَ قُلباً وَدُملجا
فَيَلبِس مَصبوغ الغَواني وَيَبتَغي / مِنَ التِبر خَلخال يَروق مدملجا
أَبا النِجمِ يا بَدِر الدُجى ابن رَبيعَة / ليهنك فَتح في الكِلابينَ أَفلَجا
فَما بَعدَ هَذا الحَرب لِلحَربِ عَودة / فَمَن عادَ عُدناهُ إِلى الحيِّ أَعرَجا
إِلَيكَ رَماها الصدق مِن قَبل مادِحٍ / غَدافية يَضحى بِها الشعر مدرجا
إِذا أَنشَدَت في نادِ قَومٍ تَضَوَّعَت / بيومهم نَدّاً وَفاحَت بنفسَجا