المجموع : 3
خليلّ هل من منصت فأبثَّه
خليلّ هل من منصت فأبثَّه / شجون فتى يشكو الأليم من البَثّ
فأني سئمت العيش في عنفوانه / ويسأم مثلي كلّ محترث حرثي
أقول وليل الغرب ليس بنائم / أما لنيام القوم في الشرق من بعث
لقد جاح هذا الشرق بعد اعتزازه / جوائح أودت منه بالكرش والفَرث
فساء من الإملاق والجهل خُلقه / وصار سمين القوم يَبطِش بالغَث
وعاد هزيلاً مجده متلفّعاً / بسحقٍ دَريس من مفاقَره رَثّ
وهبَت به هوج الرياح فلم تدع / من العلم جذراً فوقه غير مُجتَثّ
أرى غثياناً في النفوس وهل ترى / نفوساً على خُبث المطاعم لا تغثي
فيا قومنا أين المساواة عندكم / فقد طال عنها في مواطنكم بحثي
وأين مواثيق الأخوة إنني / أرى حبلها في كل يوم إلى النكث
إن بصدري للقريض لفَوْرةً / يزيد بها من طول غفلتكم نفثي
أراكم فأهجو ثم أطرق ذاكراً / أوائلكم قبلاً فأندب أو أرثي
وأبكي على المجد الذي كان دونه / على رُكبتَيْه الدهر من خشية يجثي
يقولون إن الأرث في الخلق سُنّةٌ / فهل بطلت في خلقكم سنة الإرث
فهلا ورثتم ثلث ذاك الذي بنوا / من المجد لا لا بل أقلّ من الثلث
فعدتم وقاموا واستكَنْتم وفاخروا / بعزٍّ على وجه البسيطة مُنَبثّ
وما أتعبَ المستنهضيكم فإنهم / يحثّون منكم للعلا غير محتثّ
أما والعلا واهاً لها من ألِيَّةٍ / عدِمت العلا إن بِتّ منها على حنث
لاحتقرن الموت في معرك المُنى / واستُر أفق البأس بارَهَج الكث
وأركب متن الهَول دون لُبانتي / ولست أبالي بالكوارث والكَرْث
وأجري بمُستَنّ الخطوب مشمِّراً / واخبط ليل المزعجات بلا لُبْث
ولولا إبائي إن أخاطب ماجناً / كتبت هجاء الدهر بالقلم الثلث
لقد جمع الدهر المكايد كلّها
لقد جمع الدهر المكايد كلّها / بقِدرٍ كبيرٍ صيغ من معدن الخبث
وصبّ عليها من بئار صروفه / سجالاً من الكذب المموَّه والحنث
وأنقع فيها ما يعادل ثلثها / من المكر بل ما قد يزيد على الثلث
وفتّت أرطالاً من الغدر فوقها / وعالجها بالدقّ والدلك والدَعت
وأوقد ناراً للخديعة تحتها / تزيد على نار الغضى أو على الرِمث
ففارت ملياً فيه ثم تصعّدت / بخاراً بانبيق من السحر والنَفث
فصاغ طباع الإنكليز من الذي / تقاطر في الإنبيق كالمطر الدَثّ
دع اللَوم واسمع ما أقول فإنني / قتلت طباع التيمسيّين بالبحث
كأنهم والناسَ عُثّ وصوفة / وهل يستقيم الصوف في عيثة العث
فكم حرثوا في أرض مستعمراتهم / مظالم سوداً كنّ من أسوأ الحرث
وكم أيقظُوا والناس في الليل نُوَّم / بها فِتناً كالدَجن يَهمي على الوعث
وهم يأكلون الزبد من منتجاتها / ويُلقون للأهلين منهنّ بالفَرث
فيَحظَوْن منها بالنفائس دونهم / ويعطونهم منها السَقيط من الخُرثى
زُرِ الهند إن رمت العيان فكم ترى / على الأرض من غُبر هناك ومن شُعث
يقولون إنا عاملون لسعدكم / ولم يعملوا غير الكوارث والكرث
فكم بعثُوا في الشرق حرباً ذميمة / تمثّل في أهوالها ساعة البعث
وكم أرسلوا دسّاً جواسيس مكرهم / على الناس يشتدون بالنبش والنبث
وهم سلُبوا أرض العراق سمينها / ولم يتركوا للقوم منها سوى الغث
إذا ما رأيت القوم في فخّ مكرهم / رققت لهم تبكي على القوم أو ترثي
فلا تَرجُ في الدنيا وفاءً لعهدهم / فلا بدّ في الأيام للعهد من نكث
وما الحكم إلاّ عندنا كمِظَشّة / رمَوها إلينا كي يَرَوا لُعبة الطث
وفي الألعاب لم تر قط عيني
وفي الألعاب لم تر قط عيني / كمثل اللعب بالأكر الثلاث
تجول بمستطيل الشكل عال / لطيف صنعه حسن الأثاث
فبيضاوان تندفعان جرياً / إلى حمراء بادية اللهات
ينال الضرب إحداها فتجري / لضرب الأخريين بلا لباث
فتنبعث الثلاث مدحرجاتٍ / وقد حصل اصطدام بانبعاث
يدحرجهنّ أغلمة ظراف / نسيت بهم مغازلة الإناث
بأيديهم عصّي مشرعات / مهيّأة لضرب واحتثاث
فكان إذا انحنى للضرب منهم / غلام هاج شوقي وهو جاث
ورّبت ضربة لما تثنّى / ليضربها تثنّى بانخناث
وكانت توبة لي عن مجون / فعادت من هواه إلى انتكاث
فلست وقد تجدّد لي غرام / أبالي لوم ألسنة رثاث